
الكشف عن أقدم جينوم مصري في التاريخ
ويُعد هذا الاكتشاف هو الأقدم من نوعه في التاريخ المصري القديم، ويفتح نافذة جديدة لفهم أصول المصريين القدماء، والعلاقات الجينية بينهم وبين شعوب الجوار.
وتشير نتائج التحليل الجيني إلى أن حوالي 77.6% من الحمض النووي لهذا الرجل تعود أصوله إلى سكان شمال إفريقيا في العصر النيوليتي، تحديداً من منطقة المغرب الأوسط، بينما تُظهر نسبة الـ22.4% المتبقية ارتباطاً بسكان بلاد الرافدين القدماء، أي المنطقة التي تضم العراق الحديث وأجزاء من سوريا وإيران، والتي شهدت نشأة أقدم حضارات العالم.
اتصال بشري فعلي بين مصر وبلاد الرافدين
اللافت في هذه النتائج أنها تمثل أول دليل جيني مباشر على وجود اتصال بشري فعلي بين مصر وبلاد الرافدين في عصور مبكرة، يتجاوز التبادل المادي المعروف من قبل، كالنباتات المستأنسة، والكتابة، وأدوات الفخار، إلى تمازج سكاني حقيقي.
وتكشف الدراسة المنشورة في دورية "نيتشر" (Nature) العلمية أن الرجل عاش بين عامي 2855، و2570 قبل الميلاد، وهي فترة مفصلية في تاريخ مصر القديم، تقع بين توحيد البلاد على يد الملك مينا، وبدايات بناء الدولة القديمة، ورغم أن جثته لم تُحنط، إلا أنها دُفنت في جرة فخارية كبيرة داخل قبر صخري، ما ساعد على حفظ الحمض النووي لعظامه بشكل استثنائي.
وكانت مصلحة الآثار المصرية قد تبرعت بالمومياء بين عامي 1902، و1904 لأعضاء لجنة تنقيب بني حسن، والذين قاموا بدورهم بالتبرع بها لمعهد الآثار بجامعة ليفربول.
تشير التحاليل الأثرية إلى أن هذا الرجل كان بالغاً في العمر عند وفاته، ربما بين 44 و64 عاماً، وهو عمر متقدم نسبياً في ذلك الزمن.
كما أظهرت العظام تآكلاً شديداً في المفاصل والأسنان، في دليل على حياة شاقة وعمل بدني مرهق، ويُرجح الباحثون أنه كان يعمل كخزّاف أو حرفي، نظراً لأنماط التلف في ركبتيه ويديه التي تشبه أوضاع الجلوس الطويلة أمام عجلة الفخار.
رغم طبيعة عمله المتواضعة، فإن نمط دفنه الفاخر يثير تساؤلات عن مكانته الاجتماعية، إذ كان من النادر أن يُدفن الحرفيون في جرار فخارية داخل مقابر منحوتة، ويرى بعض العلماء أن مهارته أو مكانته ضمن مجتمعه ربما منحتْه احتراماً استثنائياً.
لم تكن النتائج الوراثية وحدها المثيرة للاهتمام، بل أيضاً الأساليب المستخدمة في الدراسة، فقد نجح الفريق في استخراج الحمض النووي من سبعة أسنان، رغم التحديات المناخية التي عادةً ما تُتلف المادة الوراثية في البيئات الحارة مثل مصر.
واستخدمت التقنيات الحديثة في التعقيم والاستخلاص والتحليل، وجرى ربط النتائج بجينومات أكثر من 4000 شخص من الحاضر والماضي.
وعبر تقنيات تحليل المقارنة الجينية، وجد الباحثون أن الجينوم الخاص بالرجل يتطابق جزئياً مع سكان شمال إفريقيا النيوليتيين، وخاصة من المغرب الأوسط، الذين عُرف عنهم أنهم يحملون تركيبة جينية مختلطة تضم عناصر من السكان المحليين وسكان الشرق الأدنى، أما الجزء المتبقي من الجينوم، فكان مطابقاً بدرجة كبيرة لعينات جينية من بلاد ما بين النهرين تعود لفترة ما بين 9000، و8000 قبل الميلاد.
وتنفي هذه النتائج الفرضية القديمة التي كانت تعتبر مصر القديمة حضارة مغلقة جينياً، إذ تُظهر الدراسة أن المصريين القدماء- على الأقل في تلك الفترة- كانوا جزءاً من شبكة بشرية أوسع تشمل شمال إفريقيا، وغرب آسيا.
الهوية المصرية القديمة
الباحثون أكدوا أن نتائجهم تستند إلى جينوم واحد فقط، ما يحد من القدرة على تعميم الاستنتاجات، لكنهم يأملون أن تُجرى تحليلات مماثلة على مزيد من الرفات البشرية من فترات ومواقع مختلفة في مصر، لرسم خريطة أدق للتاريخ الجيني للمصريين القدماء.
وتُعيد هذه الدراسة صياغة أسئلة جوهرية حول طبيعة الهوية المصرية القديمة، وتُبرز الدور الحاسم الذي لعبته الهجرات المبكرة والتفاعلات الإقليمية في تشكيل الحضارة الفرعونية، ليس فقط في أدواتها وكتابتها، بل في جينات أبنائها أيضاً.
وقالت الباحثة الرئيسية في الدراسة أديلين موريز جاكوبس: "نأمل أن تساعد هذه الاكتشافات في تتبع متى وكيف بدأت هذه الحركات السكانية نحو مصر، وإنشاء قاعدة بيانات وراثية أوسع لفهم أصول سكان وادي النيل".
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


عكاظ
منذ 13 ساعات
- عكاظ
الشارقة تسجل إنجازاً تاريخياً بإدراج «الفاية» على قائمة التراث العالمي لعام 2025
أدرجت لجنة التراث العالمي في اليونسكو موقع «الفاية» الأثري بإمارة الشارقة على قائمة التراث العالمي، ليكون الموقع العربي الوحيد الذي ينال هذا الاعتراف الدولي في العام 2025. ويعود تاريخ الموقع إلى أكثر من 210 آلاف عام، ويعد من أقدم الأدلة على التكيف البشري في البيئات الصحراوية القاسية. ويمثل «الفاية» ثاني موقع في دولة الإمارات يُدرج على القائمة بعد مواقع العين الثقافية (2011)، ويُصنف ضمن «المناظر الثقافية»، ما يعزز مكانته كمحطة رئيسية في دراسة تطور الإنسان في البيئات الجافة، ويؤكد الدور المحوري لشبه الجزيرة العربية في مسارات الهجرة البشرية. تقييم دقيق وملف ترشيح استثنائي خضع موقع «الفاية» لتقييم صارم من قبل اليونسكو، استند إلى معايير دقيقة لا تُمنح إلا للمواقع ذات القيمة العالمية الفريدة. وقد أعدّت الشارقة ملف الترشيح الرسمي على مدى 12 عاماً من العمل المتواصل، اعتمدت خلاله على أكثر من ثلاثة عقود من البحث الأثري والدراسات البيئية وخطط الصون الشاملة. وأعربت الشيخة بدور بنت سلطان القاسمي، سفيرة ملف الترشيح، عن شكرها لليونسكو، مؤكدة أن قصة «الفاية» تشكّل جزءاً من الحكاية الإنسانية المشتركة، وتجسّد إسهام الشارقة في فهم تاريخ البشرية. من جانبه، أكد عيسى يوسف، مدير عام هيئة الشارقة للآثار، أن «الفاية» لا تخص الشارقة فقط بل تنتمي للبشرية جمعاء، مشيراً إلى أن هذا الإنجاز هو ثمرة عمل علمي وثقافي ودبلوماسي استمر لسنوات، وأسفر عن اكتشاف 18 طبقة أثرية متعاقبة تعيد رسم خريطة الهجرات البشرية المبكرة. ويعد هذا الاعتراف تتويجاً لجهود دولة الإمارات وإمارة الشارقة في حماية التراث الإنساني المشترك، بفضل رؤية صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، والتزامه الدائم بصون التاريخ وتوثيق إرث الإنسان في المنطقة. أخبار ذات صلة


الشرق الأوسط
منذ 15 ساعات
- الشرق الأوسط
مخطوطة نادرة عن «هرم ونيس» في سقارة تكشفها أسرة سليم حسن
بمخطوطات ووثائق ومواد لم تُنشر من قبل، تبدأ مكتبة الإسكندرية إطلاق مشروع للأرشفة الرقمية لتراث عالم المصريات الشهير سليم حسن، ومن بين الأعمال التي يضمها الأرشيف مخطوطة لسليم حسن مرتبطة بنشر حفائره لكشفه عن الطريق الصاعد لهرم ونيس (ونّاس) بسقارة. ويُعدّ سليم حسن أحد فرسان الجيل الأول من المصريين الذين عملوا في علم المصريات والحفائر، وهو تلميذ عالم المصريات أحمد باشا كمال، وأول مدرس في جامعة فؤاد الأول (القاهرة حالياً) يدرس علم المصريات، ويرجع إليه الفضل في وضع أسس علم الحفائر وإدارة المواقع التراثية. وقد جاء مشروع أرشفة تراث سليم حسن ضمن سلسلة ندوات «نعتز بتراثنا» التي تنظّمها مكتبة الإسكندرية على هامش معرضها الدولي للكتاب، راهناً، وقد حضر الندوة السفير عمر أحمد سليم حسن، والدكتور إسماعيل أحمد سليم حسن، وقدّمها مدير مركز توثيق التراث الحضاري والطبيعي في مكتبة الإسكندرية الدكتور أيمن سليمان، الذي أكد أن المركز أطلق سلسلة «نعتز بتراثنا»؛ تعبيراً عن الاعتزاز بتراث مصر الفريد، وقال إن إطلاق مشروع أرشيف سليم بك حسن رائد علم المصريات، يمثّل تجربة إنسانية فريدة، استغرق العمل عليه نحو عشر سنوات، موجهاً الشكر إلى أسرة سليم بك حسن التي تعاونت مع مكتبة الإسكندرية بشكل كبير لتقديم كل الصور والوثائق لتنفيذ المشروع، وفق بيان لمكتبة الإسكندرية. إطلاق مشروع رقمنة أرشيف سليم حسن في مكتبة الإسكندرية (مكتبة الإسكندرية) ووُلد سليم حسن في محافظة الدقهلية (شمال القاهرة) عام 1886، وتخرج في مدرسة المعلمين، وعمل مدرساً للتاريخ، قبل أن يلتحق بالعمل في المتحف المصري الذي كان العمل فيه حكراً على الأجانب وقتها، ثم سافر إلى فرنسا في عشرينات القرن الماضي، ولدى عودته عمل في اكتشاف الآثار، وبين عامي 1928 و1939 اكتشف نحو مائتي مقبرة؛ أشهرها كان في منطقة الأهرامات. كما قدم الكثير من الكتب والدراسات والترجمات في التاريخ المصري القديم، أهمها وأشهرها موسوعة مصر القديمة، وتُوفي عام 1961. وأبدى حفيد عالم المصريات، السفير عمر أحمد سليم حسن، سعادته، وعبّر عن شكره وامتنانه لمكتبة الإسكندرية لإطلاق هذا المشروع لحفظ ورقمنة أرشيف جده سليم حسن، وقال: «في زمن لم تكن فيه وسائل التكنولوجيا، كما نعرفها الآن، استطاع سليم حسن أن يعتمد على عقله وحواسه، وجاب ربوع مصر كلها في ظروف مناخية وميدانية شديدة القسوة؛ ليعيد الحياة إلى قصص وتاريخ الوطن». وأوضح أن سليم حسن له إنجازات واكتشافات عديدة، وقدّم علماً موثقاً أبرزه إنجازه الأكاديمي الأعظم؛ موسوعة «مصر القديمة» التي جاءت في 18 جزءاً، وهي منارة معرفية شاملة، وتُعد المرجع الأول والأساسي لكل باحث وطالب وشغوف بتاريخ مصر. كما أكد أن دور سليم حسن لم يتوقف على الاكتشاف والتوثيق فقط، وإنما امتد لحماية ما تم اكتشافه، فهو أول من دق ناقوس الخطر فيما يخص آثار النوبة، وفي عام 1954 قدم إلى «اليونيسكو» تقريراً مهماً استندت إليه في عملية إنقاذ آثار النوبة. أحد أعمال سليم حسن المنشورة (مكتبة الإسكندرية) ويُعدّ «إطلاق الأرشيف الرقمي الكامل لأعمال سليم بك حسن حلماً طموحاً يتحقق اليوم بأيادٍ مخلصة وجهود مركز توثيق التراث الحضاري والطبيعي»، وفق الحفيد. ويتكوّن الأرشيف الخاص بسليم حسن من 3140 وثيقة متنوعة من مخطوطات كُتبت بخط يد الدكتور سليم حسن بالعربية والإنجليزية والفرنسية، وصور فوتوغرافية، وخرائط، وفق مديرة المشروعات بمركز توثيق التراث الحضاري والطبيعي، أميرة صديق، موضحة أن «مشروع الأرشيف استغرق نحو عشر سنوات»، وأكدت أن «جزءاً كبيراً منه تضمّن عمليات تدريب لطلبة الآثار والآداب والتاريخ، حيث عملوا على مدار 4 سنوات لتصنيف الوثائق». ويتضمّن الموقع الذي يضم الأرشيف أبواباً مختلفة، حسب بيان المكتبة، تتناول الموضوعات الرئيسية؛ منها حفائره في هضبة الجيزة من عام 1929-1939 ولمدة عشر مواسم، كشف خلالها عما يزيد على 100 مصطبة في الجبانة الشرقية بالجيزة، من بينها الباب الوهمي لباسششت، وهي طبيبة من الدولة القديمة، والمجموعة الجنائزية للملكة خنتكاوس، وحفائره في سقارة خلال موسم حفائر 1937-1938.


مجلة سيدتي
منذ يوم واحد
- مجلة سيدتي
لأول مرة منذ 100 عام.. مصر تتعرض لكسوف الشمس لمدة 6 دقائق
يبدو أن مصر "الأقصر تحديدًا" على موعد مع ظاهرة فلكية استثنائية تغيب فيها الشمس لمدة 6 دقائق، تسمى ظاهرة الكسوف الكلي للشمس ، والتي تحدث عندما يحجب القمر الشمس تمامًا في مكان ما على الأرض كل 18 شهرًا، ما يميز الحدث الذي تنتظره جمهورية مصر العربية أن هذا الكسوف سيكون ثاني أطول كسوف كلي في القرن الحادي والعشرين، وسيشاهد من الأقصر موطن معبدي الكرنك والأقصر المهيبين، وعلى الضفة الأخرى من وادي الملوك على نهر النيل. كسوف كلي للشمس بالأقصر حسب التقرير الصادر عن موقع Elcabildo، فإن جمهورية مصر العربية على موعد مع ظاهرة مميزة في 2 أغسطس 2027، حيث يظلم كسوف الشمس الكلي النادر سماء منتصف النهار، ويأسر الملايين في العديد من القارات، وذلك لمدة 6 دقائق و23 ثانية مذهلة، ستكون الشمس مخفية تماما. المدهش أن هذه الظاهرة ستزين سماء الأقصر نتيجة لوجود الأرض في أبعد نقطة لها عن الشمس، تحديدا في أوفيليون، بالتالي ستبدو الشمس أصغر، وبالنسبة للقمر سيكون في الحضيض، أقرب نقطة له إلى الأرض، لذلك سيبدو أكبر في السماء، وسيأخذ ظل القمر مسارا بالقرب من خط الاستواء، ويتحرك أبطأ ويطيل مدة المجموع. اكتشاف أرض فائقة غنية بالماء اكتشف فريق من علماء الفلك كوكب نجمي يدور حول نجم قزم أحمر قريب يبعد 154 سنة ضوئية فقط من الأرض، خارج نظامنا الشمسي، تم تصنيفه كـ"أرض فائقة"، وفي علم الفلك تعرف الأرض الفائقة بأنها كوكب خارج المجموعة الشمسية أكبر من الأرض وأصغر من نبتون وليس بالضرورة صالحاً للحياة، حسب ما أوضح المهندس ماجد أبوزاهرة، رئيس الجمعية الفلكية بجدة. وأوضح "أبوزاهرة" أن الكوكب الجديد الذي أطلق عليه اسم TOI-1846 b يعد من الأهداف الواعدة لفهم نشأة الكواكب وتطور غلافها الجوي. وقد تم رصد الكوكب لأول مرة باستخدام بيانات من القمر الصناعي تيسس التابع لوكالة الفضاء ناسا، والمختص بمسح السماء للبحث عن كواكب تمر أمام نجومها "طريقة العبور" وبعد تحليل البيانات، أكدت وجود الكوكب عبر مشاهدات أرضية عالية الدقة باستخدام تلسكوبات متقدمة مما عزز مصداقية الاكتشاف. وجاء في وصف الكوكب TOI-1846 b، بأنه عالم غريب يبلغ قطر الكوكب نحو 1.8 ضعف قطر الأرض وكتلته تعادل كتلته 4.4 أضعاف كتلة الأرض، وكثافته تبلغ حوالي 4.2 جرام/سم³ وهي أقل من كثافة الأرض ما يشير إلى احتمال احتوائه على نسب عالية من الماء أو الجليد. ويدور حول نجمه مرة كل 3.93 يوم فقط على مسافة قريبة جداً، تبلغ 0.036 وحدة فلكية، وتقدر درجة حرارته295 درجة مئوية تقريباً مما يجعله عالماً حاراً وغير قابل للحياة كما نعرفها لكن غني بالفرص العلمية، ووفقًا لتحليل الكثافة والحجم الذي أجراه العلماء، فإن هناك اعتقاد بأن الكوكب قد يحتوي على كميات كبيرة من الماء ما يجعله مثالاً على "الأراضي المائية" وهي كواكب مغطاة بالمحيطات أو الجليد تحت ضغط عالٍ. تجدر الإشارة إلى أن العلماء يخططون الآن لإجراء دراسات إضافية باستخدام قياسات السرعة الشعاعية لتحديد كتلته بدقة أكبر وفهم بنيته الداخلية.