
عن الفقد.. بين أحبتنا وأحلام لم تكتمل
الحزن ليس لحظة واحدة تنتهي، بل هو موجة تأتي على شكل ذكرى، كلمة، أو حتى أغنية عابرة تجعلنا نعيش الرحيل من جديد. الفقد يعلّمنا أن الزمن ليس دائماً كافيًا ليجبر القلوب، لكنه يعلّمنا كيف نتعايش مع الألم ونحوّله إلى مساحة حب صامتة داخلنا.
ومن منظور الدراسات في علم النفس، فإن مشاعر الفقد طبيعية جداً، بل هي جزء أساسي من تجربة الإنسان مع الحب والارتباط. ووفقًا لنظرية كوبلر-روس (Kübler-Ross) حول مراحل الحزن الخمس، يمر الإنسان عند مواجهة الفقد بمراحل تبدأ بالإنكار، وكأن العقل يحاول حماية القلب من الصدمة، ثم يتحول الغضب إلى أسئلة عن "لماذا أنا؟ ولماذا الآن؟"، تليها محاولة المساومة مع النفس والذكريات، قبل أن نغرق في مرحلة الحزن العميق، التي تكون أقسى اللحظات وأكثرها وضوحاً. ومع الوقت، يأتي القبول، ليس لأنه سهل، بل لأنه السبيل الوحيد للعيش من جديد.
ومثلما نفقد أشخاصاً أعزاء، نفقد أحياناً أحلاماً وأماكن تركت فينا الأثر ذاته. قد نفقد حلماً عشنا سنوات نحلم بتحقيقه، أو فرصة كانت تعني لنا الكثير ولم تأتِ، أو حتى نفقد الأماكن التي حملت ضحكاتنا ودموعنا وأحلامنا الأولى. وهناك فقدٌ أشد صمتاً لكنه عميق، مثل أن نفقد نسخة قديمة من أنفسنا، تلك النسخة التي كانت مليئة بالبراءة والشغف، لكن الحياة دفعتها إلى الزوايا البعيدة. ومع كل هذا، ندرك أن القيمة ليست فيما فقدناه، بل في القوة التي اكتسبناها ونحن نحاول المضي رغم الغياب.
هذه الأنواع من الفقد لا تكون واضحة للآخرين مثل فقد شخص، لكنها تعيش فينا. قد نشعر أحياناً أننا تغيرنا بشكل لم نعد نتعرف فيه على أنفسنا، أو أن الطريق الذي كنا نسير فيه لم يعد موجوداً. لكن حتى هذا الفقد يعلّمنا أن الحياة لا تُقاس بما نتركه وراءنا، بل بما نصنعه من جديد.
نحن نؤمن أن كل ما نفقده لم يكن ليبقى، وأن الأرزاق والمشاعر والأشخاص بيد الله وحده، يعطيها حين يشاء ويستردها حين يشاء. وربما يكون الفقد رحمة لا نراها الآن، لكنه يحمل حكمة مخفية، قد لا نفهمها إلا حين نرى الصورة كاملة. الإيمان بأن ما عند الله لا يضيع، وأن كل لقاء مؤجل سيكتمل في الآخرة، يمنح القلب طمأنينة وسط هذا الضجيج، ويعلّمنا الرضا بما كان وما سيكون. ومع كل هذا، يبقى الألم جزءاً من إنسانيتنا، لكنه يهدأ حين نؤمن أن ما كُتب لنا لم يكن ليُخطئنا، وأن كل فقد يفتح لنا باباً لننظر إلى الحياة بعين مختلفة، أكثر قرباً من المعنى، وأكثر امتناناً لكل لحظة نعيشها.
الفقد ليس فقط نهاية لما رحل، بل بداية لما يتشكل داخلنا من قوة وصبر وحكمة، سواء فقدنا أشخاصاً أحببناهم أو أحلاماً كبرنا معها. الفقد مهما كان ثقيلاً لا يُسقطنا، بل يعيد بناءنا بطريقة مختلفة، ربما أجمل. والذين رحلوا تركوا فينا أثراً لا يُمحى، والأحلام التي غابت همست لنا أن الحياة ما زالت تحمل ما يستحق أن نكمل لأجله.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


عكاظ
منذ 6 ساعات
- عكاظ
«أشرار» تجمع دنيا سمير غانم وأحمد سعد.. ما علاقة «روكي الغلابة»؟
طرحت الشركة المنتجة لفيلم «روكي الغلابة» الأغنية الدعائية بعنوان «أشرار»، التي يقدمها كل من المطرب المصري أحمد سعد والفنانة المصرية دنيا سمير غانم. والفيلم مقرر طرحه في دور العرض يوم 30 يوليو الجاري. أغنية «أشرار» من تقديم دنيا سمير غانم وأحمد سعد، وكلمات منة القيعي وفلبينو، وألحان أحمد طارق يحيى. وظهرت دنيا سمير غانم أخيراً خلال البرومو الرسمي بشخصية فتاة فلاحة تمارس الملاكمة وهي «البودي جارد» الخاص بمحمد ممدوح، الذي يعمل طبيباً ويستعين بها لتعلمه الملاكمة لأنه يتلقي تهديدات من عدة أشخاص، ومن ثم تتوالى الأحداث. يُشار إلى أن فيلم «روكي الغلابة» بطولة دنيا سمير غانم وعدد من النجوم، أبرزهم محمد ممدوح، محمد ثروت، محمد رضوان، وسلوى عثمان، إلى جانب ظهور مميز لعدد من ضيوف الشرف، من بينهم أحمد سعد وأوس أوس. الفيلم من تأليف كريم يوسف، وأحمد الجندي، وندى عزت، ومن إنتاج محمد أحمد السبكي، وإخراج أحمد الجندي. ويشهد فيلم «روكي الغلابة»، مشاركة مجموعة من ضيوف الشرف منهم أحمد الفيشاوي، وإيمي سمير غانم، وكايلا رامي رضوان ابنه دنيا سمير غانم، وأحمد سعد، وأوس أوس. وعلى جانب الأعمال الدرامية، شاركت دنيا سمير غانم في موسم دراما رمضان الماضى بمسلسل «عايشة الدور»، وضم العمل كلاً من نور محمود، فدوى عابد، ليلى عز العرب أميرة أديب وغيرهم، والعمل من إخراج وتأليف أحمد الجندي. أخبار ذات صلة


عكاظ
منذ 6 ساعات
- عكاظ
5 نصائح عند الجلوس على مائدة الطعام
آداب المائدة تعكس الذوق الاجتماعي واللباقة الشخصية، وتؤثر في الانطباع العام لدى الآخرين. من الضروري احترام الآخرين، وتجنّب التصرفات المزعجة أو العشوائية أثناء الطعام، وينصح بالتالي: ضع هاتفك جانباً تماماً لا تتحدث وفمك ممتلئ اجلس بظهر مستقيم بهدوء تجنّب التركيز على صنف دون الآخر أشكر من أعدّ الطعام بلباقة أخبار ذات صلة


الرياض
منذ 6 ساعات
- الرياض
«العدسة الذهبية»يدشن أنشطته السينمائية
دشن نادي "العدسة الذهبية" التابع لمنصة هاوي، ضمن برنامج جودة الحياة فعالياته وأنشطته القادمة لهذا العام في حفل أقيم في مدينة جدة احتفالاً بتسجيل النادي رسميًا ضمن منصة هاوي. وقد اشتمل الحفل على العديد من الفقرات التي تم فيها استعراض أهداف النادي الذي يهتم بصناعة الأفلام السينمائية والبرامج الإعلامية، كما بدأ أنشطته من خلال مجموعة من التدريبات وتجارب الأداء لاكتشاف المواهب الجديدة من الشباب والفتيات واستقطاب المواهب القوية المتميزة للمشاركة في مختلف أنشطة النادي. كما تم عرض أبرز الأفلام والبرامج القادمة التي يعمل عليها النادي لهذا العام بالإضافة إلى أبرز البرامج التدريبية، ويسعى النادي لتدريب عدد أكبر من المواهب الشابة في مجالات عدة منها التمثيل، والتعبير بلغة الجسد، والأداء الصوتي، والفنون، وصناعة الأفلام، ليصبح النادي فعالاً ومثمرًا وذا رسالة تنموية فاعلة في المجتمع، حيث تسعى إدارة النادي من خلال هذا الحفل إلى استقطاب الداعمين من الشركات والأفراد لدعم الأندية الشبابية والعمل على تقديم محتوى إعلامي وسينمائي. كما أكد مدير النادي عماد سمان، أهمية دعم "منصة هاوي" تكمن في تقديم كافة التسهيلات للأندية الشبابية لتفعيل هواياتهم في مختلف الأنشطة، حيث تتوفر مساحات مهنية لتنمية المواهب الشابة في المملكة.