logo
#

أحدث الأخبار مع #جوزيانالحاجموسى

الدولة على وشك تكرار سيناريو الانهيار
الدولة على وشك تكرار سيناريو الانهيار

IM Lebanon

timeمنذ 2 أيام

  • أعمال
  • IM Lebanon

الدولة على وشك تكرار سيناريو الانهيار

كتبت جوزيان الحاج موسى في 'نداء الوطن': في وقتٍ يغرق فيه لبنان في مستنقع أزماته المتشابكة، تمضي السلطة في إعادة إنتاج سياسات الإنفاق العشوائي والتمويل بالدَّين، في تجاهل سافر لمتطلبات الإصلاح البنيوي، متعمّدة القفز فوق كل المحاذير المالية، وراكنة مجددًا إلى منطق الصفقات والمقايضات، وكأنها لم تتعلّم شيئًا من تجربة الانهيار. تمضي السلطة في هذه الأيام، في سياسة فرض النفقات الإضافية من خارج الموازنة بمئات ملايين الدولارات، وقروض تُمرَّر تدريجيًا في مجلس النواب بلا شفافية أو رقابة. وقد بدأت تتكشّف ملامح عودة مقلقة إلى نهج مالي مدمّر ساهم تاريخيًا في مفاقمة الدين العام، وتفكيك ما تبقّى من أعمدة الاستقرار الاقتصادي. 220 مليون دولار خارج الموازنة من المنتظر أن يناقش مجلس النواب في جلسته بعد غد الإثنين زيادة في النفقات العامة تُقدّر بحوإلى 220 مليون دولار، ستُضاف إلى الخزينة من خارج موازنة العام 2025. وتوزّعت هذه المبالغ على الشكل التالي: • 178 مليون دولار منح للعسكريين. • 22 مليون دولار للقضاة. • 15 مليون دولار مخصصة للجامعة اللبنانية. مطالب محقة، وإنما تندرج في إطار الفوضى المالية، وأعباؤها المالية تشكّل ضغطًا إضافيًا على الخزينة العامة من دون توضيح كيفية تمويلها. ويزيد الطين بلّة استعجال اقتراح قانون لإعفاءات ضريبية للمتضررين جراء الحرب، من دون تحديد كلفته على الإيرادات، ما ينذر بانخفاض إضافي في الواردات. السؤال البديهي الذي يطرح نفسه: من أين ستؤمّن الدولة تمويل هذه النفقات؟ هل سيتحمّل المواطن عبء تمويلها من خلال ضرائب ورسوم جديدة؟ أم هل ستتجه الدولة أخيرًا إلى تحصيل الجمارك، ضبط التهريب، جباية الضرائب وفرض رسوم على الأملاك العامة البحرية والنهرية، وهي مصادر عائدات لا تزال غير مُفعّلة بفعالية حتى الساعة؟ قروض جديدة… والديون تتراكم تتجه الحكومة في موازاة ذلك إلى تثبيت سياسة الاستدانة من جديد، وهذه المرة بفوائد تصل إلى 8 % عبر البنك الدولي، من خلال مشاريع تُعرض على مجلس النواب بشكل منفصل 'بالقطعة'، من دون ربطها بخطة إصلاحية شاملة. جلسة الإثنين ستشهد طرح مشروعين أساسيين: • 200 مليون دولار لما يُعرف بـ 'قرض التحول الأخضر' لدعم الزراعة • 250 مليون دولار لقرض مخصص للطاقة المتجددة إلا أن سداد هذه القروض، بحسب التزامات الحكومة تجاه صندوق النقد، سيأخذ أولوية على أي مساهمة مستقبلية للدولة في إعادة أموال المودعين. قائمة ديون بين 1.3 إلى 1.5 مليار دولار هذان القرضان ليسا سوى جزء من سلسلة قروض إضافية يُبحث إقرارها وتصل إلى نحو 1.3 إلى 1.5 مليار دولار، من دون احتساب 750 مليون دولار أخرى لإعادة إعمار البنى التحتية. ومن بين المشاريع المطروحة: • 200 مليون دولار للشؤون الاجتماعية • 256 مليون دولار لاستجرار مياه الأولي • 150 مليون دولار للتحول الرقمي • 250 مليون دولار لتطوير شبكة الكهرباء • 250 مليون دولار لإعادة إعمار البنى التحتية • 100 مليون دولار لقروض متفرقة مرتبطة بوزارة المالية إلى جانب ذلك، تبرز التزامات مالية سابقة، على غرار تسديد مستحقات الفيول العراقي، ( حوإلى 1,2 مليار دولار) ما يزيد الضغط على خزينة الدولة. سيناريو انهيار مُكرّر في مشهد يعيد إلى الأذهان ما شهدته البلاد بين عامي 2011 و2019، يبدو أن السلطة السياسية تعيد إنتاج الأخطاء نفسها التي ساهمت في الانهيار المالي. آنذاك، أُقرّت نفقات وتم تقديم تسهيلات تمويلية من جهات دولية، أبرزها البنك الدولي، في غياب أي تنفيذ فعلي للإصلاحات المطلوبة. اليوم، السيناريو ذاته يتكرّر: قوانين مالية تمرّر على عجل، مشاريع قروض تُدرج دون رقابة، ونفقات تُضاف خارج الموازنة من دون واردات مقابلة، ما ينذر بكارثة اقتصادية جديدة. في ظل قبول الحكومة بإضافة أعباء مالية من دون تأمين مصادر إيرادات مقابلة، يُطرح تساؤل جوهري: هل هناك نية حقيقية للإصلاح المالي، أم أننا أمام إدارة مرتجلة للفوضى بانتظار الانفجار الآتي؟ التجربة السابقة أثبتت أن غياب التخطيط وتغليب المنطق الشعبوي على المصلحة العامة، كما حصل مع سلسلة الرتب والرواتب، كلّف الخزينة أثمانًا باهظة. فبدلًا من إصلاح جذري، اختارت الحكومات المتعاقبة اللجوء إلى تمويل قصير الأمد عبر 'هندسات مالية' أطلقها مصرف لبنان لضخ السيولة، ما أدى إلى استنزاف الاحتياطات ووضع البلاد على سكة الانهيار. نفقات من دون موارد في موازنة 2025، يطالب صندوق تعاضد القضاة بزيادة قدرها 22 مليون دولار، كما تطالب الجامعة اللبنانية بـ 15 مليون دولار، في ظل غياب أي تدقيق في أسباب العجز المستمر في صندوق القضاة أو آليات صرف تلك الأموال. ومع أن أي مصروف يجب أن يُقابله دخل، تستمر الدولة في الإنفاق غير المدروس من دون أي خطة لتحصيل واردات أو فرض ضرائب عادلة، أو حتى تحسين التحصيل من المرافئ والأملاك العامة. أسئلة مشروعة تُطرح حول كيفية مقاربة المشاريع المالية المطروحة: هل سيتم تمريرها في جلسة واحدة تحت ضغط الوقت؟ وهل ستُقر في الهيئة العامة تحت عناوينها 'الشعبية'، من دون دراسة دقيقة لتداعياتها المالية والاجتماعية؟ الأدهى أن المواطن نفسه، الذي يُراد استرضاؤه بـ 'منح استثنائية'، سيُجبر لاحقًا على تمويل هذه النفقات من جيبه عبر ضرائب جديدة ورسوم إضافية. تكرار الأخطاء الحكومة تمضي في مشروع اقتراض جديد من البنك الدولي، وتتجه إلى تمرير رزمة مشاريع تمويلية، كالقروض الزراعية والخدمات الاجتماعية، واستجرار مياه نهر الأولي في إطار مشروع سد بسري السابق. هذا النهج، إن استمر، سيُثقل كاهل الدولة اللبنانية بدين إضافي يتراوح بين 1.4 و2.2 مليار دولار، ما يعني أعباء مالية وفوائد مستقبلية ستُقتطع من حقوق المودعين والطبقة الوسطى تحديدًا. مقايضات سياسية ما يحصل في مجلس الوزراء هو تمرير قوانين وفق معادلات سياسية ومقايضات، لا وفق رؤية إصلاحية. القرارات تُفرض تحت ضغط الشارع والمؤسسات الأمنية، دون توضيحات شفافة حول كيفية تأمين الأموال اللازمة. والمفارقة أن الجلسة التشريعية المرتقبة الإثنين المقبل، والتي سيترأسها الرئيس نبيه بري، مرشحة لتمرير كل هذه القوانين دفعة واحدة، من دون تدقيق أو نقاش جدي، في غياب واضح للرقابة البرلمانية والشفافية المالية. حتى اللحظة، لم تقدّم الحكومة أي تفسير واضح حول مصادر الإيرادات أو ما إذا تحقق أي فائض. كما لا تزال الحسابات المالية غائبة، مما يدفع بعض النواب إلى القول، أن لا فرق جوهريًا بين أداء وزارة المال الحالية وسابقاتها. كل الإجراءات تُنفّذ بمعزل عن القطوعات الحسابية، ما يُفقد المواطن القدرة على تقييم الأداء المالي. لا إصلاح ولا مساءلة في غياب الشفافية، واستمرار منطق الصفقات، ورفض الإصلاح الجذري، تبدو الدولة اللبنانية على وشك تكرار انهيارها السابق، لكن هذه المرة من دون 'الصدمة' التي تدفع نحو التغيير. أما القروض التي تُمرر اليوم تحت عنوان 'الإنقاذ'، فقد تتحول إلى عبء مالي دائم، تساهم في تعميق الأزمة بدلًا من حلّها. الرهان على الوعي الشعبي والضغط الإعلامي لم يعد كافيًا. المطلوب مساءلة جدية، ورقابة تشريعية صارمة، وخطة مالية واضحة تحمي الدولة من الإفلاس مجددًا… قبل أن يفوت الأوان.

هل يصمد اتفاق الفيول العراقي أمام زلزال مضيق هرمز؟
هل يصمد اتفاق الفيول العراقي أمام زلزال مضيق هرمز؟

صوت لبنان

time١٧-٠٦-٢٠٢٥

  • أعمال
  • صوت لبنان

هل يصمد اتفاق الفيول العراقي أمام زلزال مضيق هرمز؟

جوزيان الحاج موسى - نداء الوطن في لحظة حاسمة من التصعيد الإقليمي، يواجه لبنان خطر انقطاع شامل في التيار الكهربائي وسط اضطراب سوق الطاقة العالمية وتهديد إيراني جدي بإغلاق مضيق هرمز. ومع اعتماد البلاد شبه الكامل على الفيول العراقي، يصبح أي خلل في الإمدادات تهديداً مباشراً لأمنه الطاقوي واستقراره الاجتماعي. التهديد الإيراني، الذي عاد إلى الواجهة من جديد، لم يعد مجرّد ورقة إعلامية بل تحوّل إلى أداة ضغط جيوسياسية تستعملها طهران في وجه التصعيد الإسرائيلي المتواصل، وسط تضييق الخيارات السياسية أمامها. يقف لبنان، المستورد بالكامل للمحروقات، في موقع بالغ الهشاشة. أي تعطيل جزئي في حركة الملاحة النفطية قد يدفعه إلى أزمة طاقة كارثية، في ظل اتفاق نفطي هشّ مع بغداد وغياب أي مخزون استراتيجي فعّال. والسؤال المطروح: هل يمتلك لبنان خطط طوارئ حقيقية؟ وهل بإمكانه الصمود في وجه عاصفة نفطية قد تُغلق كل قنوات الإمداد؟ مضيق هرمز يمرّ عبر مضيق هرمز يومياً ما بين 17 و20 مليون برميل من النفط الخام، أي ما يقارب 20 % من الإمدادات العالمية، بالإضافة إلى ربع تجارة الغاز المسال في العالم. هذا الممر البحري الحيوي الذي لا يتعدى عرضه 33 كيلومتراً في أضيق نقاطه، يشكّل نقطة ارتكاز استراتيجية لأسواق الطاقة الدولية. إيران، من خلال النائب إسماعيل كوثري، أعلنت أنها "تدرس جدياً" خيار الإغلاق، في رد مباشر على الهجمات الإسرائيلية الأخيرة. وقد تسبب هذا التهديد بارتفاع فوري في سعر برميل برنت إلى ما فوق 90 دولاراً، فيما تُقدّر مؤسسات متخصصة أن أي تعطيل جزئي قد يدفع الأسعار إلى 130 دولاراً، أما الإغلاق الكامل فقد يتجاوز سعر البرميل عتبة الـ 200 دولار. فيول العراق... اتفاق هشّ يعتمد لبنان على اتفاقية مقايضة حكومية مع العراق، تتيح تزويده بكميات شهرية من الفيول الثقيل مقابل خدمات لبغداد، ويتم تجديد هذه الآلية كل ستة أشهر، وقد مُدّد العمل بها في آذار 2025. لكن هذا الاتفاق، رغم ضرورته، يقف اليوم أمام تحديات متفاقمة، أبرزها: • احتمال تعديل بغداد لشروط الاتفاق في حال تجاوز الأسعار سقفاً معيّناً؛ • تعقيدات الشحن نتيجة التوتر في مضيق هرمز؛ • تجربة صيف 2024، حين تأخرت الشحنات لأكثر من أسبوعين، وأدخلت البلاد في عتمة شاملة؛ • انعدام المخزون الطارئ، ما يجعل لبنان مكشوفاً بالكامل لأي خلل بحري أو سياسي. العتمة تقترب؟ أي خلل في تسليم شحنات الفيول، يهدّد لبنان بعواقب فورية وخطيرة، منها: • ارتفاع كبير في أسعار المحروقات محلياً، مع انعكاسات مباشرة على النقل والتوزيع والإنتاج؛ • تفاقم عجز مؤسسة كهرباء لبنان، في ظل تآكل احتياطياتها الدولارية؛ • انفجار اجتماعي محتمل نتيجة تصاعد كلفة تشغيل المولدات وارتفاع الفاتورة الطاقوية للمواطنين والمؤسسات. العاصفة بدأت من جهتها، حذّرت خبيرة النفط والطاقة كريستينا أبي حيدر من أن إغلاق مضيق هرمز، وقالت لـ "نداء الوطن"، إذا نُفّذ التهديد بإغلاق المضيق، لن يصيب فقط الأسواق العالمية، بل سينعكس مباشرة على إيران نفسها، إذ إن جزءاً كبيراً من صادراتها النفطية إلى الصين والهند يمرّ عبر هذا الممر. هذا النوع من التصعيد، وإن استُخدم سابقاً كأداة ضغط، إلا أنه في حال تنفيذه سيحمل تكلفة اقتصادية باهظة على طهران قبل غيرها. تسارع التطورات، وتغيّر نبرة بعض العواصم الدولية، ومؤشرات ميدانية متراكمة، تُنذر – وفق تقييمها – باحتمال اندلاع مواجهة واسعة قد تشمل أطرافاً دولية وإقليمية، ما يعني دخول ملف الطاقة في صلب المعركة. وتُحذّر التقديرات من قفزة في أسعار النفط قد تتجاوز 150، وربما 200 دولار للبرميل، ما سيؤثر ليس فقط على المحروقات، بل على الاقتصاد العالمي، الغذاء، النقل، وسلاسل التوريد. في لبنان، تبدو الصورة أكثر قتامة. لا بدائل حقيقية للفيول العراقي، ولا بنية تخزين قادرة على امتصاص أي تأخير. العقود الحالية لا تمر جميعها عبر الأطر الدستورية، وبعضها لا يتمتع بحماية قانونية كافية. في حال تعثّرت أي شحنة، يعود لبنان مباشرة إلى العتمة، كما حصل عام 2024. مؤسسة كهرباء لبنان، بحسب أبي حيدر، تُدير الوضع بأسلوب يومي ارتجالي. لا خطة بديلة، لا جدول واضح للاستيراد، والتمويل يتم من خلال حسابات دولارية تُستنزف تباعاً من دون رؤية مستدامة. التهديد لم يعد نظرياً. أزمة الطاقة في لبنان باتت مرهونة بتوازنات إقليمية تفوق قدرته على التأثير فيها، لكنه سيكون من أوائل الدول المتضرّرة إذا تعطّل أي جزء من منظومة الإمداد. الوقت لم يعد في صالح لبنان أمام هذا المشهد المقلق، يجد لبنان نفسه على مفترق طرق حاسم في ملف الطاقة، حيث لم يعد بالإمكان التعويل على الحلول الظرفية أو التعايش مع الأزمات المتكررة. فالتهديدات الإقليمية المتسارعة، وهشاشة الاتفاقات النفطية القائمة، وانعدام المخزون الطارئ، كلها مؤشرات تنذر بانزلاق في أية لحظة، قد يقود إلى انقطاع شامل في التيار الكهربائي، وما يحمله ذلك من تداعيات اقتصادية واجتماعية خطيرة. ورغم تعويل اللبناني على الحلول البديلة التي تدخل المولدات الخاصة من ضمنها، إلا أن ذلك لا يغني عن ضرورة إيجاد حل جذري لهذا الملف. وإذا كان وزير الطاقة جو الصدي يعمل بطريقة منهجية لزيادة الإنتاج من خلال إنشاء معامل جديدة، وتطبيق قانون الطاقة الذي لم يُطبّق خلال سنوات طويلة، إلا أن الوصول إلى النتائج المرجوة تحتاج إلى مزيد من الوقت. وحتى تأتي الخطط ثمارها، سيبقى وضع الكهرباء في لبنان هشّاً ومعرّضاً في كل لحظة لانتكاسة أو أكثر.

هل يصمد اتفاق الفيول العراقي أمام زلزال مضيق هرمز؟
هل يصمد اتفاق الفيول العراقي أمام زلزال مضيق هرمز؟

IM Lebanon

time١٧-٠٦-٢٠٢٥

  • أعمال
  • IM Lebanon

هل يصمد اتفاق الفيول العراقي أمام زلزال مضيق هرمز؟

كتبت جوزيان الحاج موسى في 'نداء الوطن': في لحظة حاسمة من التصعيد الإقليمي، يواجه لبنان خطر انقطاع شامل في التيار الكهربائي وسط اضطراب سوق الطاقة العالمية وتهديد إيراني جدي بإغلاق مضيق هرمز. ومع اعتماد البلاد شبه الكامل على الفيول العراقي، يصبح أي خلل في الإمدادات تهديداً مباشراً لأمنه الطاقوي واستقراره الاجتماعي. التهديد الإيراني، الذي عاد إلى الواجهة من جديد، لم يعد مجرّد ورقة إعلامية بل تحوّل إلى أداة ضغط جيوسياسية تستعملها طهران في وجه التصعيد الإسرائيلي المتواصل، وسط تضييق الخيارات السياسية أمامها. يقف لبنان، المستورد بالكامل للمحروقات، في موقع بالغ الهشاشة. أي تعطيل جزئي في حركة الملاحة النفطية قد يدفعه إلى أزمة طاقة كارثية، في ظل اتفاق نفطي هشّ مع بغداد وغياب أي مخزون استراتيجي فعّال. والسؤال المطروح: هل يمتلك لبنان خطط طوارئ حقيقية؟ وهل بإمكانه الصمود في وجه عاصفة نفطية قد تُغلق كل قنوات الإمداد؟ مضيق هرمز يمرّ عبر مضيق هرمز يومياً ما بين 17 و20 مليون برميل من النفط الخام، أي ما يقارب 20 % من الإمدادات العالمية، بالإضافة إلى ربع تجارة الغاز المسال في العالم. هذا الممر البحري الحيوي الذي لا يتعدى عرضه 33 كيلومتراً في أضيق نقاطه، يشكّل نقطة ارتكاز استراتيجية لأسواق الطاقة الدولية. إيران، من خلال النائب إسماعيل كوثري، أعلنت أنها 'تدرس جدياً' خيار الإغلاق، في رد مباشر على الهجمات الإسرائيلية الأخيرة. وقد تسبب هذا التهديد بارتفاع فوري في سعر برميل برنت إلى ما فوق 90 دولاراً، فيما تُقدّر مؤسسات متخصصة أن أي تعطيل جزئي قد يدفع الأسعار إلى 130 دولاراً، أما الإغلاق الكامل فقد يتجاوز سعر البرميل عتبة الـ 200 دولار. فيول العراق… اتفاق هشّ يعتمد لبنان على اتفاقية مقايضة حكومية مع العراق، تتيح تزويده بكميات شهرية من الفيول الثقيل مقابل خدمات لبغداد، ويتم تجديد هذه الآلية كل ستة أشهر، وقد مُدّد العمل بها في آذار 2025. لكن هذا الاتفاق، رغم ضرورته، يقف اليوم أمام تحديات متفاقمة، أبرزها: احتمال تعديل بغداد لشروط الاتفاق في حال تجاوز الأسعار سقفاً معيّناً؛ تعقيدات الشحن نتيجة التوتر في مضيق هرمز؛ تجربة صيف 2024، حين تأخرت الشحنات لأكثر من أسبوعين، وأدخلت البلاد في عتمة شاملة؛ انعدام المخزون الطارئ، ما يجعل لبنان مكشوفاً بالكامل لأي خلل بحري أو سياسي. العتمة تقترب؟ أي خلل في تسليم شحنات الفيول، يهدّد لبنان بعواقب فورية وخطيرة، منها: ارتفاع كبير في أسعار المحروقات محلياً، مع انعكاسات مباشرة على النقل والتوزيع والإنتاج؛ تفاقم عجز مؤسسة كهرباء لبنان، في ظل تآكل احتياطياتها الدولارية؛ انفجار اجتماعي محتمل نتيجة تصاعد كلفة تشغيل المولدات وارتفاع الفاتورة الطاقوية للمواطنين والمؤسسات. العاصفة بدأت من جهتها، حذّرت خبيرة النفط والطاقة كريستينا أبي حيدر من أن إغلاق مضيق هرمز، وقالت لـ 'نداء الوطن'، إذا نُفّذ التهديد بإغلاق المضيق، لن يصيب فقط الأسواق العالمية، بل سينعكس مباشرة على إيران نفسها، إذ إن جزءاً كبيراً من صادراتها النفطية إلى الصين والهند يمرّ عبر هذا الممر. هذا النوع من التصعيد، وإن استُخدم سابقاً كأداة ضغط، إلا أنه في حال تنفيذه سيحمل تكلفة اقتصادية باهظة على طهران قبل غيرها. تسارع التطورات، وتغيّر نبرة بعض العواصم الدولية، ومؤشرات ميدانية متراكمة، تُنذر – وفق تقييمها – باحتمال اندلاع مواجهة واسعة قد تشمل أطرافاً دولية وإقليمية، ما يعني دخول ملف الطاقة في صلب المعركة. وتُحذّر التقديرات من قفزة في أسعار النفط قد تتجاوز 150، وربما 200 دولار للبرميل، ما سيؤثر ليس فقط على المحروقات، بل على الاقتصاد العالمي، الغذاء، النقل، وسلاسل التوريد. في لبنان، تبدو الصورة أكثر قتامة. لا بدائل حقيقية للفيول العراقي، ولا بنية تخزين قادرة على امتصاص أي تأخير. العقود الحالية لا تمر جميعها عبر الأطر الدستورية، وبعضها لا يتمتع بحماية قانونية كافية. في حال تعثّرت أي شحنة، يعود لبنان مباشرة إلى العتمة، كما حصل عام 2024. مؤسسة كهرباء لبنان، بحسب أبي حيدر، تُدير الوضع بأسلوب يومي ارتجالي. لا خطة بديلة، لا جدول واضح للاستيراد، والتمويل يتم من خلال حسابات دولارية تُستنزف تباعاً من دون رؤية مستدامة. التهديد لم يعد نظرياً. أزمة الطاقة في لبنان باتت مرهونة بتوازنات إقليمية تفوق قدرته على التأثير فيها، لكنه سيكون من أوائل الدول المتضرّرة إذا تعطّل أي جزء من منظومة الإمداد. الوقت لم يعد في صالح لبنان أمام هذا المشهد المقلق، يجد لبنان نفسه على مفترق طرق حاسم في ملف الطاقة، حيث لم يعد بالإمكان التعويل على الحلول الظرفية أو التعايش مع الأزمات المتكررة. فالتهديدات الإقليمية المتسارعة، وهشاشة الاتفاقات النفطية القائمة، وانعدام المخزون الطارئ، كلها مؤشرات تنذر بانزلاق في أية لحظة، قد يقود إلى انقطاع شامل في التيار الكهربائي، وما يحمله ذلك من تداعيات اقتصادية واجتماعية خطيرة. ورغم تعويل اللبناني على الحلول البديلة التي تدخل المولدات الخاصة من ضمنها، إلا أن ذلك لا يغني عن ضرورة إيجاد حل جذري لهذا الملف. وإذا كان وزير الطاقة جو الصدي يعمل بطريقة منهجية لزيادة الإنتاج من خلال إنشاء معامل جديدة، وتطبيق قانون الطاقة الذي لم يُطبّق خلال سنوات طويلة، إلا أن الوصول إلى النتائج المرجوة تحتاج إلى مزيد من الوقت. وحتى تأتي الخطط ثمارها، سيبقى وضع الكهرباء في لبنان هشّاً ومعرّضاً في كل لحظة لانتكاسة أو أكثر.

فضيحة الدواء المزوّر تنفجر من قلب الضاحية إلى المطار
فضيحة الدواء المزوّر تنفجر من قلب الضاحية إلى المطار

IM Lebanon

time١٢-٠٦-٢٠٢٥

  • IM Lebanon

فضيحة الدواء المزوّر تنفجر من قلب الضاحية إلى المطار

كتبت جوزيان الحاج موسى في 'نداء الوطن': لم تعد فضيحة الأدوية المهرّبة والمزوّرة مجرّد أزمة صحيّة أو ملفّاً جزائيّاً عابراً، بل تحوّلت إلى مرآة ساطعة لانهيار المنظومة الرقابية والإدارية في لبنان، في ظلّ تواطؤ شبكات سياسية وأمنية وفّرت الغطاء لتجّار الموت تحت مظلّة الإفلات من العقاب. في خضمّ الانهيار المتسارع للقطاعين الصحّي والاقتصاديّ، تفجّر أحد أخطر الملفّات المتعلّقة بالأمن الدوائيّ، بعدما أطاحت التحقيقات بشبكة منظّمة لتوزيع مستحضرات مهرّبة ومزوّرة، تورّط فيها مقرّبون من شخصيات سياسية نافذة، أبرزهم محمد خليل، شقيق وزير المال السابق والنائب الحالي علي حسن خليل. هذا الملفّ الذي ظلّ لسنوات مجرّد همس في الكواليس، خرج إلى العلن كقضيّة قضائيّة مفتوحة تتقاطع فيها شبكات التهريب مع نفوذ سياسي وأمنيّ، من المطار إلى الصيدليات، ومن الوزارات إلى المعابر. ومع أنّ التحقيقات لا تزال في بدايتها، إلّا أنّ المؤشرات تدلّ على أننا أمام منظومة متكاملة لتشريع الموت بغطاء رسميّ. وفي قلب هذه الفضيحة، تعود إلى الواجهة ملفّات التعيينات المشبوهة، أبرزها إدخال محمد خليل نفسه إلى قوى الأمن الداخلي بمرسوم خاص، دون خضوعه لأيّ مباراة رسمية، في عهد الرئيس ميشال عون، ضمن تعيينات استنسابية خضعت للمحاصصة الطائفية والسياسية، وسمحت بتغلغل الفساد داخل أجهزة يفترض أنها حامية للصحة العامة. أدوية سرطان مزوّرة… وشهادات صادمة من الضحايا تُظهر وثائق التحقيق أنّ المستحضرات المهرّبة لم تكن محصورة بأدوية بسيطة، بل شملت أدوية خطيرة مخصّصة لعلاج السرطان، بيعت في السوق السوداء بأسعار باهظة رغم أنها غير مطابقة للمواصفات أو لا تحتوي على مواد فعّالة. وقد أدلت المريضة فاديا المكاوي بشهادة موثقة عن شرائها دواءً لعلاج سرطان الثدي مقابل 900 دولار، ليتبيّن لاحقاً أنه غير صالح للاستخدام. وتكرّرت شكاوى مشابهة من مرضى أُجبروا على شراء علاجات مزوّرة، ما أدّى إلى تدهور حالتهم الصحيّة، وسط صمت رسميّ مريب وتراخٍ في المحاسبة. رضا الموسوي لـ 'نداء الوطن': سنتقدّم بادّعاء رسميّ وفي حديث لـ 'نداء الوطن'، أكّد مستشار وزير الصحة، رضا الموسوي، أنّ الوزارة 'تتابع الملفّ قضائياً بكلّ دقة'، وأضاف: 'الوزير اتّخذ قراراً باتّخاذ صفة الادّعاء ضدّ كلّ من يثبت تورّطه في تعريض صحة اللبنانيين للخطر، سواء في ملفات الدواء أم الاستشفاء، ونحن ننتظر صدور النتائج القضائية النهائية للتحرّك على هذا الأساس'. الموسوي شدّد على أنّ الوزارة 'لن تتهاون مع أي صيدلية أو جهة تتاجر بصحة الناس، والرقابة ستشتدّ خلال الفترة المقبلة'. جو سلّوم لـ 'نداء الوطن': فوضى ممنهجة تدمّر قطاع الدواء… والمرضى أولى الضحايا القطاع الدوائيّ في لبنان على شفير الانهيار، بفعل فوضى ممنهجة بدأت بتهريب الأدوية المدعومة، وتوسّعت إلى إدخال مستحضرات مهرّبة ومزوّرة، بعضها سُوّق تحت غطاء 'الاستيراد الطارئ' بتواقيع وزارية، من دون رقابة فعلية أو مطابقة للمواصفات. يرى نقيب الصيادلة جو سلّوم أنّ النقابة قرعت جرس الإنذار منذ أكثر من ثلاث سنوات، محذّرة من كارثة تطول مرضى السرطان والأمراض المزمنة، وتُفرغ الصيدليات الشرعية من الأدوية، ما دفع المرضى إلى السوق السوداء، وأدّى إلى تفشّي مراكز بيع دواء غير شرعية وظهور مستودعات مخالفة ومنصّات توزيع عبر الإنترنت. غياب تطبيق مراسيم الوكالة الوطنية للدواء، رغم إقرارها منذ العام 2021، ساهم في تعميق الأزمة. هذه الوكالة يُفترض أن تكون الجهة الناظمة لتسجيل الأدوية وضبط أسعارها وجودتها، إلّا أن المشروع بقي في الأدراج، ما أبقى السوق مفتوحة على التلاعب. ملفّ الأدوية المستوردة من دول مثل إيران يثير تساؤلات مهنية لا سياسية. جزء من هذه المستحضرات لا يملك شهادات مطابقة للمعايير الدولية، ويُوزّع اليوم على مرضى السرطان من دون ضمانات. نقابة الصيادلة تطالب بإطلاق مراسيم الوكالة فوراً، وتفعيل الهيئات الرقابية، وإجراء مراجعة شاملة لكل الأدوية والمتمّمات التي دخلت السوق في السنوات العشر الأخيرة، خصوصاً تلك المرتبطة بمناقصات وزارة الصحة. ما يجري، وفق سلّوم، ليس فوضى عابرة، بل منظومة فساد محمية سياسياً وأمنياً، تشرعن التهريب والتزوير، وتعرض حياة اللبنانيين للخطر، في ظلّ غياب كامل للمحاسبة. ثلث السوق خارج الرقابة… وشبكات محميّة تهدّد صحّة اللبنانيين يُقدَّر حجم سوق الأدوية المهرّبة والمزوّرة في لبنان بما بين 150 و 200 مليون دولار سنوياً، أي نحو ثلث السوق المحلية، وفق ما تكشفه نقابة مستوردي الأدوية. هذه الأرقام تعكس اختراقاً خطيراً على المستوى الصحي والاقتصادي والقانوني، وسط انتشار شبكات تهريب وتواطؤ صيدليات مخالفة لا تزال تعمل رغم مخالفات موثّقة بحقها. من أبرز هذه الشبكات ما يُعرف بـ 'شبكة برمينا'، التي تضمّ أكثر من 70 صيدلية متورّطة في تسويق مستحضرات مغشوشة، بعضها مخصّص لعلاج السرطان. أحد التحقيقات كشف أنّ دواءً يُسوّق لعلاج الأورام لم يكن سوى محلول ملحيّ. كما أن سوء التخزين أفقد العديد من الأدوية فعاليّتها، ما يعرّض حياة المرضى للخطر. المحاسبة غائبة. عدد من الملفّات كُشف ولم تُتابَع قضائياً، وسط تقاعس رسميّ لافت، ما يفاقم الأزمة ويُفقد الناس ثقتهم بالقطاع. الجهد المطلوب يتوزّع على مستويين: أولاً، ضبط المعابر الحدودية والمطار عبر الجمارك والأجهزة الأمنية؛ وثانياً، تحرّك سريع من وزارة الصحة لإحالة الملفات إلى النيابة العامة بالتنسيق مع وزارة العدل. الرقابة التقنية بدورها غير مكتملة. لا تزال بعض الصيدليات خارج نظام 'MediTrack'، ما يترك ثغرات واسعة. النقابة تعمل على تعميم الترميز التسلسلي لكل عبوة، وتطوير تطبيق إلكتروني يتيح للمواطنين التحقّق من شرعية الدواء مباشرة من المصدر. المسؤولية لا تقع على النقابات وحدها. رئاسة الجمهورية ولجنة الصحة النيابية برئاسة النائب بلال عبد الله أطلقتا تحركاً تنسيقياً مع الوزارات والأجهزة المعنية، لكن التنفيذ ما زال غائباً. الرهان اليوم على إرادة سياسية حازمة، تضع حداً للفوضى قبل أن تتحوّل إلى قاعدة دائمة تُشرعن التزوير وتُهدّد ما تبقّى من منظومة الرعاية الصحية في لبنان. هيلين شماس: الاستيراد الطارئ شرّع الفوضى وفي حديث موسّع لـ 'نداء الوطن'، أكدت الباحثة في السياسة الدوائية د. هيلين شماس أنّ الفوضى الحالية تعود إلى تراكمات سابقة، وقرارات سياسية خارجة عن المعايير. وأشارت إلى أن دعم الأدوية طُبّق دون ضوابط، ما سمح بتهريب المستحضرات المدعومة، مقابل إدخال أدوية غير فعّالة ومنتهية الصلاحية. كما كشفت عن تسجيل أدوية إيرانية في عهد الوزير جميل جبق خلال فترة لا تتعدّى الشهرين، في تجاوز واضح للمعايير الدولية، ما أثّر على جودة السوق وثقة المواطنين. كما انتقدت قرار 'الاستيراد الطارئ' في عهد وزير الصحة الأسبق حمد حسن، حيث خُفّضت المعايير تحت ذريعة النقص، فدخلت أدوية من دول لا تملك أيّ اعتماد دولي. ولفتت إلى أن هذه الفوضى شجّعت على المحسوبيات، إذ مُنحت الموافقات فقط للمقرّبين، بينما حُرمت منها شركات محترمة. وعن نظام 'MediTrack'، قالت شماس إن التطبيق شابه العديد من الثغرات، أبرزها الاستنسابية في توزيع الأدوية، وعدم وضوح المعايير التي تحدّد المستفيدين.

تسلل القمح الأوكراني المسروق إلى لبنان يثير ضجّة
تسلل القمح الأوكراني المسروق إلى لبنان يثير ضجّة

صوت لبنان

time١٠-٠٦-٢٠٢٥

  • سياسة
  • صوت لبنان

تسلل القمح الأوكراني المسروق إلى لبنان يثير ضجّة

جوزيان الحاج موسى - نداء الوطن في لحظة إقليمية شديدة الحساسية، وبينما يرزح لبنان تحت وطأة أزمات اقتصادية، سياسية وسيادية متراكمة، تجد الدولة نفسها أمام اختبار جديد يتقاطع مع الجغرافيا السياسية العالمية. ففي أيار 2025، مُنعت السفينة الروسية «نيكولاي ليونوف» من دخول المياه اللبنانية وعلى متنها شحنة قمح تبلغ نحو 5,000 طن، بعد أن أعلنت السفارة الأوكرانية في بيروت أن هذه الشحنة «مسروقة من الأراضي الأوكرانية المحتلة». هذا التطور لم يكن تفصيلاً تقنياً فحسب، بل فتح الباب على مصراعيه أمام تساؤلات تتعلق بشرعية الاستيراد، الالتزام بالقانون الدولي، وشفافية الإجراءات اللبنانية في مرفأ بيروت، وسط تصاعد التجاذبات بين الغرب وروسيا، وانعكاساتها على دول الجوار. السفارة الأوكرانية لـ «نداء الوطن»: «الشحنة نُهبت من برديانسك وتم تزوير منشأها»أكدت السفارة الأوكرانية في بيروت، في بيان رسمي، أن الشحنة تم تحميلها من ميناء برديانسك الأوكراني الواقع تحت الاحتلال الروسي، واعتبرت أن في ذلك «خرقاً فاضحاً للقانون الدولي واستغلالاً غير مشروع لموارد مستخرجة من أراضٍ محتلة». وفي تصريح خاص لـ «نداء الوطن»، أوضحت السفارة أن «السفينة دخلت بين 4 و6 أيار 2025 إلى ميناء تيمريوك الروسي حيث تم إصدار مستندات مزورة تفيد بأن منشأ الحبوب هو روسيا، وأنها حُمّلت من ميناء روسي، وذلك بهدف إخفاء مصدرها الحقيقي». شحنة مزورة وتحقيق ميدانيفي مقابلة خاصة مع «نداء الوطن»، كشفت الصحافية كاترينا ياريسكو، المتحدثة باسم مركز «ميروتفوريتس» الأوكراني، أن السفينة الروسية «Nikolai Leonov» حُمّلت فعلياً في ميناء برديانسك وليس في تيمريوك كما تزعم الوثائق الرسمية. وأكدت أن المركز أجرى تحقيقاً ميدانياً بالتعاون مع منظمة KibOrg، تبيّن من خلاله أن السفينة أطفأت جهاز التتبع (AIS) أثناء وجودها في برديانسك، ما يدل على محاولة لإخفاء مسارها الحقيقي. كما أظهر تحليل صور الأقمار الصناعية بتاريخ 2 أيار 2025 تطابقاً واضحاً بين السفينة الراسية في برديانسك و«نيكولاي ليونوف». وبحسب التحقيق، أصدرت السلطات الروسية مجموعتين من الوثائق: إحداهما تُظهر برديانسك كميناء تحميل، والثانية تذكر تيمريوك، ما يوضح نية التزوير. واحتفظ المركز بمحضر رسمي لإغلاق عنابر السفينة موقّع بخط يد القبطان فاليري بولديريف، يؤكد فيه أن التحميل تم في برديانسك. رسائل قانونية وتحذيرات إلى لبنانتساءلت ياريسكو في حديثها: «إذا كانت روسيا صادقة في زعمها، فلماذا أُصدرت مستندات تشير إلى ميناء أوكراني؟ ولماذا لم تُعرض هذه الحقيقة على السلطات اللبنانية؟». وأضافت أن محاولة «غسيل المنشأ» فشلت بعد موجة تشكيك إعلامية في لبنان، أدت إلى منع السفينة من الرسو وتفريغ حمولتها، وإجبارها على التوجه نحو قبرص، حيث أغلقت جهاز التتبع مجدداً قبل أن تُرصد قرب ميناء الإسكندرية. وتوافق هذه النتائج ما كشفه الصحافي ماكسيم دودتشينكو من منظمة KibOrg، الذي أكّد أن السفينة نقلت الشحنة عبر تزوير ممنهج للوثائق والمواعيد، في أسلوب اعتادت روسيا استخدامه منذ العام 2014 لنقل الحبوب من أراضٍ محتلة. مسارات مشبوهة تتكررأعادت ياريسكو التذكير بحادثة سفينة «Laodicea» التي وصلت إلى مرفأ طرابلس اللبناني في تموز 2022، محمّلة بشحنة من ميناء فيودوسيا في القرم، والتي أثارت احتجاجاً رسمياً من السفارة الأوكرانية آنذاك، قبل أن يؤكد مشروع «SeaKrime» التابع لـ «ميروتفوريتس» أن مصدرها منطقة محتلة. وأضافت: «منذ تلك الحادثة، لم يعد لبنان محطة مفضّلة للمهربين، وتحولت المسارات نحو طرطوس واللاذقية في سوريا، ثم إلى موانئ في مصر، إيران، واليمن». … والمحاسبة مستمرةرغم الحرب، أكدت ياريسكو أن أوكرانيا تواصل زراعة وتصدير الحبوب بدعم مباشر من قواتها المسلحة، مع تحرّك قضائي متواصل بحق القباطنة المتورطين في نقل البضائع المنهوبة، مشيرة إلى توقيف قبطان السفينة USKO MFU في تموز 2024، وتوجيه تهم رسمية إليه. كما استشهدت بقرار المنظمة البحرية الدولية رقم 1183 (كانون الأول 2023) الذي دعا الدول الأعضاء إلى الامتناع عن التعامل مع موانئ تحت الاحتلال. تحذير للمستوردين اللبنانيينوجهت ياريسكو رسالة تحذيرية إلى المستوردين اللبنانيين، قائلة: «التعامل مع سلع منهوبة يعرّضهم للمساءلة الدولية، ويضرّ بسمعتهم التجارية، وهي ليست أقل أهمية من الأرباح.» وأكدت أن السفينة «نيكولاي ليونوف» لا تزال راسية قبالة ميناء الإسكندرية، في انتظار مصير شحنة لم يُحسم بعد. يوسف دحدوح» «تخلّيت عن الشحنة قانونياً»من جهته، أكد يوسف دحدوح، صاحب الشركة اللبنانية المستوردة، في مقابلة مع «نداء الوطن»، أن شحنة القمح تم استيرادها بشكل قانوني من روسيا، موضحاً: «نستورد القمح منذ ثلاث سنوات، وهذه أول مرة نواجه فيها مشكلة مماثلة. دوري ينتهي عند تسليم المستندات للوكيل البحري، والتحويل المالي لا يتم إلا بعد عبور السفينة مضيق البوسفور، ضماناً للسلامة». وأشار إلى أن نتائج الفحوصات الروسية سُلّمت إلى الزبائن اللبنانيين مثل شركة E.S، نافياً أي نية للتزوير أو التلاعب بالمنشأ. جهة قانونية روسية معارضة: «لدينا الأدلة»في موازاة ذلك، أفادت جهة قانونية وحقوقية روسية معارضة، فضّلت عدم الكشف عن هويتها، لـ«نداء الوطن» بأنها تملك وثائق تؤكد استيلاء روسيا على كميات ضخمة من القمح الأوكراني، تتجاوز قيمتها نصف مليار دولار، جرى نهبها من مناطق محتلة أبرزها ميليتوبول. وبحسب الجهة، جرى نقل هذه الشحنات من ميناء فيودوسيا، وأُعيدت تعبئتها في عرض البحر لتضليل أنظمة التتبع، قبل أن تُشحَن عبر سفن، بينها «Nikolai Leonov» و«Laodicea»، مستخدمة أوراقاً مزوّرة. مرفأ بيروت صامتحاولت «نداء الوطن» التواصل مع «الشركة المساهمة - الشركة التجارية الأولى»، المالكة للسفينة أو المرتبطة بشحنة القمح، لكنها امتنعت عن تقديم أي تعليق رسمي حتى لحظة إعداد هذا التقرير. كما حاولنا التواصل مع مسؤولين في مرفأ بيروت، لكنهم رفضوا بدورهم الإدلاء بأي تصريح. أي طريق يسلكه لبنان؟تكشف قضية «نيكولاي ليونوف» ليس فقط عن شبهات قانونية مرتبطة بشحنة واحدة، بل عن مسار خطير يتقاطع فيه تهريب الموارد المنهوبة مع اختراقات ممنهجة للأسواق الدولية عبر أدوات التزوير والتضليل. في ظل تصاعد الضغوط الدولية على روسيا، وعودة ملف أوكرانيا إلى واجهة المواجهة بين موسكو والغرب، يجد لبنان نفسه أمام امتحان لا يمكن تجاهله. فبين التزامه بالاتفاقات الدولية من جهة، وضغوط تجارية وأزمات معيشية داخلية من جهة ثانية، يبقى القرار الحقيقي بيد الدولة اللبنانية، إما أن تختار الشفافية والاحترام الكامل للقانون الدولي، أو تُترك مرافئها ساحة مفتوحة للخرق والمساءلة. وفي ظل تعقيدات المشهد الإقليمي، لا مكان للمواقف الرمادية.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store