
في اليوم العالمي لمكافحة التصحر والجفاف:جهود سعودية عالمية لتعزيز الغطاء النباتي وتحقيق الاستدامة البيئية
وبمناسبة اليوم العالمي لمكافحة التصحر والجفاف ، التقت "سيدتي" آلاء محمد لبني، مديرة الإدارة العامة للتوعية البيئية وتعزيز القدرات بوزارة البيئة والمياه والزراعة؛ لتسليط الضوء على جهود السعودية ومبادراتها العالمية للحد من التصحر وزيادة الغطاء النباتي.
جهود السعودية للحد من التصحر
بمناسبة اليوم العالمي لمكافحة التصحر والجفاف، حدثينا عن جهود السعودية للحد من التصحر وزيادة الغطاء النباتي؟
يُعَدُّ التصحر من أخطر المشكلات البيئية التي تهدد النظم البيئية والحياة البشرية على سطح الأرض، حيث يتسبب في تدهور الأراضي وفقدان التنوع الحيوي، الأمر الذي يؤثر سلباً على الإنتاج الزراعي و الأمن الغذائي والاقتصاد والمجتمع، وتزداد حدة هذه الظاهرة نتيجة التغيرات المناخية والأنشطة البشرية غير المستدامة، مما يستدعي وعياً بيئياً وجهوداً مشتركة لمواجهتها والحد من آثارها السلبية.
مع حلول اليوم العالمي لمكافحة التصحر والجفاف، في 17 يونيو من كل عام، تتجدد الدعوات العالمية لمواجهة هذه الظاهرة التي تهدد الأمن الغذائي، والتنوع البيولوجي، وسبل عيش ملايين البشر. تُعدّ المملكة العربية السعودية من الدول الرائدة والطموحة في مكافحة التصحر وتعزيز الغطاء النباتي ، وقد أطلقت في هذا الإطار العديد من المبادرات والجهود الرامية إلى الحد من هذه الظاهرة؛ انطلاقاً من رؤيتها البيئية ومسؤوليتها الإقليمية والدولية.
إن هذه اللوائح ليست مجرد نصوص قانونية، بل هي خريطة طريق؛ لضمان استدامة مواردنا الطبيعية، وتحديداً الغطاء النباتي، الذي يُعد خط الدفاع الأول ضد زحف الرمال وتدهور الأراضي. تهدف هذه التحديثات إلى تعزيز الرقابة، وتطبيق العقوبات على المخالفين، وتشجيع الممارسات المستدامة، والمحافظة على الأراضي والغطاء النباتي.
مبادرات التشجير وحماية الغطاء النباتي
ما أبرز الإستراتيجيات والمبادرات التي تبنتها المملكة العربية السعودية لحماية الغطاء النباتي؟
أطلقت المملكة العديد من المبادرات والمشروعات الوطنية الطموحة لحماية الغطاء النباتي، ودعم مبادرات التشجير الواسعة التي تتبناها، ضمن رؤيتها الطموحة لمستقبل أخضر ومزدهر، ولمكافحة تدهور الأراضي، ومن أبرز هذه الجهود: مبادرة السعودية الخضراء، ومبادرات التشجير الواسعة، التي تهدف إلى زراعة ملايين الأشجار، بالإضافة إلى دعم الدراسات المتخصصة والبرنامج الوطني للتشجير، تحت مظلة المركز الوطني للغطاء النباتي ومكافحة التصحر، وأيضاً المبادرات التوعوية لتحقيق استدامة بيئية للأجيال القادمة، ومن هذه الجهود تنفيذ العديد من المشاريع والأنشطة في مجالات مختلفة، ومنها على سبيل المثال لا الحصر:
الحد من تدهور الأراضي وزحف الرمال، من خلال مشاريع تثبيت الكثبان الرملية.
تحسين واستزراع المراعي والغابات، وتسييج أو تبتير العديد من المواقع.
تطوير نظم الري الحديثة، والعمل على تحسين الممارسات الزراعية؛ ضماناً لترشيد استخدام المياه، وتفادي تدهور الأراضي وتلوثها وتصحرها.
تحديد الغابات لحمايتها من التعديات.
تأهيل العديد من المواقع المتدهورة بالغابات والمتنزهات الوطنية؛ من خلال زراعة الأشجار، خاصة المحلية، وتطبيق تقنيات حصاد المياه وتقليم الأشجار.
تطوير نظم الحراسة لأراضي الغابات والمراعي.
كما أن زيادة مساحات المناطق المحمية في المملكة، بهدف استعادة عافية الأراضي والتنوع البيولوجي، ووجود المحميات الملكية، تُعد من أبرز التوجهات البيئية ضمن خريطة الطريق الوطني للبيئة. وقد ارتفعت مساحة المناطق المحمية بأكثر من 400%، حيث كانت تُقدّر بـ 4% من مساحة المملكة في عام 2016، لتصل إلى 18.0% من المساحة البرية و6.49% من المساحة البحرية، وذلك في إطار السعي إلى تحقيق هدف رفع نسبة المناطق المحمية البرية والبحرية إلى 30% بحلول عام 2030.
مبادرة الشرق الأوسط الأخضر
في ظل تنامي التحديات البيئية التي تجتاح مناطق مترامية حول العالم، حدثينا عن مبادرة "الشرق الأوسط الأخضر" التي أطلقتها المملكة كأضخم برنامج تشجير على مستوى العالم؟
مبادرة الشرق الأوسط الأخضر هي شراكة إقليمية ودولية من أجل كوكبٍ أكثر اخضراراً، تهدف إلى إعادة الحياة إلى المنطقة، عبر زراعة 50 مليار شجرة، ليتنفس الشرق الأوسط من جديد.
يُعدّ تدهور الأراضي والجفاف من أبرز التحديات البيئية العالمية، وقد أسفرا عن خسائر جسيمة، من أبرزها:
تدهور نحو 40% من أراضي العالم.
تأثر 3.2 مليار شخص حول العالم بتدهور الأراضي.
خسائر بيئية كبيرة، وموجات مجاعة، ونزوح وهجرة، وصراعات، وفقدان أرواح بشرية.
ولمواجهة هذه التحديات، أُطلقت مبادرة "الشرق الأوسط الأخضر" في أكتوبر 2021، بحضور أكثر من 35 دولة ومنظمة دولية، لتشكّل خطوة إستراتيجية نحو مستقبل بيئي مستدام للمنطقة والعالم.
أهداف المبادرة
• زراعة 50 مليار شجرة.
• استعادة 200 مليون هكتار من الأراضي المتدهورة.
• تحقيق التنمية المستدامة.
• استعادة التنوع الإحيائي في المنطقة.
• الحد من تدهور الأراضي واستعادة الأراضي.
• تنمية الغطاء النباتي، والحفاظ على الغابات والمراعي والأراضي الزراعية وغيرها.
• التخفيف من ظاهرة التغير المناخي.
النطاق الجغرافي للمبادرة
ستقدم المبادرة الدعم للدول الأعضاء من الإقليم:
وسط، وغرب، وجنوب آسيا.
شمال إفريقيا.
إفريقيا، جنوب الصحراء.
ميثاق المبادرة
وافقت 20 دولة على ميثاق مبادرة "الشرق الأوسط الأخضر" في 26 أكتوبر 2022.
حدد الميثاق أهداف المبادرة ونطاقها الجغرافي.
حدد الميثاق نموذج حوكمة المبادرة وعضوية وأدوار ومسؤوليات الهيئات الإدارية للمبادرة.
حدد الميثاق منهجية إنشاء وتفعيل المبادرة والأساس لمشاريع وأنشطة المبادرة.
مساهمات ميثاق المبادرة
ومن أهم المساهمات المتاحة للدول الإقليمية الأعضاء على المستويين الوطني والإقليمي:
مواءمة السياسة مع أهداف المبادرة.
تقديم مقترحات للمشاريع إلى الأمانة العامة للمبادرة.
تقديم مساهمات مالية إلى صندوق المبادرة بشكل طوعي.
تشجيع المؤسسات المالية الوطنية وشركات القطاع الخاص على المساهمة في صندوق المبادرة.
دعم مراقبة المشاريع في دول المبادرة.
تشجيع المؤسسات الوطنية وشركات القطاع الخاص على دعم المشاريع التي تستضيفها الدول الأعضاء الإقليمية للمبادرة.
بناء القدرات وتبادل المعرفة.
تعزيز الوعي العام والمشاركة.
ومن مخرجات القمة الثانية لمبادرة الشرق الأوسط الأخضر:
تخصيص المملكة لدعم المبادرة وتغطية ميزانيتها التشغيلية لمدّة 10 سنوات.
استضافة الأمانة العامة للمبادرة في الرياض.
استضافة السعودية لمؤتمر الأطراف "كوب 16" في الرياض، إلى أي مدى يعكس التزام السعودية الراسخ بدعم الجهود العالمية لمكافحة التصحر وتغير المناخ؟
المملكة تلتزم بشكل راسخ بمواجهة التصحر عالمياً، وتُعد المملكة لاعباً رئيسياً في الجهود العالمية لمكافحة التصحر، وهو تحدٍ بيئي يتجاوز الحدود ويؤثر على الأمن الغذائي والمائي، ويزيد من الفقر، ويهدد التنوع البيولوجي. يعكس التزام المملكة الراسخ بهذه القضية استضافتها لمؤتمر الأطراف السادس عشر (COP16) لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر في الرياض عام 2024. هذه الاستضافة تؤكد دور السعودية القيادي في صياغة الحلول للتحديات البيئية العالمية، وتعزيز التعاون الدولي.
من أبرز مخرجات استضافة المملكة لمؤتمر COP16؛ تفعيل "شراكة الرياض العالمية للصمود في مواجهة الجفاف (RGDRP)". تُعد هذه المبادرة الأولى من نوعها دولياً، وتهدف إلى دعم 80 دولة من الدول الأكثر تأثراً بالجفاف.
تركز الشراكة على عدة محاور رئيسية:
التحول من النهج التفاعلي إلى الاستباقي: تمكين الدول من تبني إستراتيجيات استباقية؛ للتكيف مع الجفاف بدلاً من الاستجابة لآثاره بعد وقوعها.
تعزيز التعاون متعدد الأطراف: دعم التعاون بين الجهات المانحة والمؤسسات المنفذة؛ لضمان تنسيق الجهود الدولية وتوجيه التمويل بفعالية.
تعزيز المعرفة والبيانات: دعم البحث العلمي وتوفير البيانات الدقيقة لدعم صناعة القرار في مجال مكافحة الجفاف والتصحر.
إنشاء نموذج عالمي للتعاون: بناء إطار عمل للتعاون الدولي يكون مثالاً يحتذى به في مواجهة التحديات البيئية.
لم تعد ظاهرة التصحر مجرد قضية بيئية منعزلة، بل أصبحت ترتبط ارتباطاً وثيقاً بالأمن الغذائي والمائي العالمي. ومن هذا المنطلق، تؤكد المملكة العربية السعودية أهمية تضافر الجهود الوطنية والدولية، وتقود المبادرات الرامية لمواجهتها من منظور شامل.
نشر الوعي البيئي
ما نصيحتك للمجتمع لتوفير بيئة صحية ومستدامة صالحة للعيش للأجيال الحالية والقادمة؟
إن توفير بيئة صحية ومستدامة للأجيال الحالية والقادمة لم يعد خياراً، بل ضرورة حتمية، ويتطلب ذلك تحقيق توازن دقيق بين تلبية احتياجاتنا المعاصرة وتحمّل مسؤوليتنا تجاه كوكب الأرض. ولتحقيق ذلك؛ يجب تضافر الجهود والتكامل الأدوار بين الأفراد والقطاعات الحكومية الخاصة، وغير الربحية، إلى جانب تبني نهج شامل ومتكامل يعيد تشكيل علاقتنا بالموارد الطبيعية، ويرتكز على تطبيق فعّال للأنظمة والقوانين المعنية بحماية البيئة.
وأخيراً، تُعدّ التوعية البيئية ونشر الوعي المجتمعي من أهم المحركات للتغيير السلوكي الإيجابي. فعندما يدرك جميع أفراد المجتمع، من الأطفال إلى الكبار، أهمية الحفاظ على البيئة ومخاطر التصحر، يتحول الوعي إلى مشاركة فعالة، ويصبح الجميع شركاء في حماية كوكبنا، وصون مواردنا الطبيعية في وطننا الغالي، والمساهمة في بناء مستقبل مزدهر وبيئة صحية لنا وللأجيال القادمة.
:
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الرياض
منذ ساعة واحدة
- الرياض
المملكة تؤكد دعمها للجهود الرامية لتعزيز التعاون الدولي في الفضاء السيبراني
شاركت المملكة العربية السعودية ممثلة بالهيئة الوطنية للأمن السيبراني والوفد الدائم للمملكة لدى الأمم المتحدة بنيويورك في أعمال الدورة الموضوعية الحادية عشرة والختامية للفريق العامل مفتوح العضوية المعني بأمن تكنولوجيات المعلومات والاتصالات وأمن استخدامها للفترة التي عقدت من 7 وحتى 11 يوليو 2025م، في مقر الأمم المتحدة في نيويورك. وجرى خلال أعمال الدورة مناقشة عدد من الموضوعات ذات الصلة بالأمن السيبراني في سياق الأمن الدولي ومن ذلك التهديدات الحالية والمستقبلية، وقواعد ومبادئ ومعايير السلوك المسؤول للدول في الفضاء السيبراني. كما تم مناقشة التدابير اللازمة لبناء الثقة في الفضاء السيبراني، وأهمية مواصلة الجهود الرامية لبناء القدرات بما يسهم في استدامة الجهود لمواجهة التهديدات السيبرانية، ومواصلة مناقشة المسائل الملحة في الفضاء السيبراني وأثرها على الأمن الدولي. وتناولت المملكة في مشاركتها أهمية الموضوعات التي يتم مناقشتها ضمن أعمال الفريق، وضرورة أن يتم البناء على ما تحقق من تقدم ومكتسبات لمأسسة حوار منتظم تحت مظلة الأمم المتحدة حول مسائل الأمن السيبراني في سياق الأمن الدولي. وأشارت المملكة إلى أهمية تعزيز العمل الدولي المشترك للتصدي للتهديدات السيبرانية، وحرصها على الإسهام في تطوير منصات إقليمية وعالمية تناقش موضوعات الأمن السيبراني على نحوٍ شمولي يسهم في تعزيز الجهود الدولية في الفضاء السيبراني؛ ومن ذلك إطلاق المملكة مؤسسة المنتدى الدولي للأمن السيبراني التي ترعى عددًا من المبادرات الدولية التي تستثمر في رخاء الإنسان وازدهار المجتمعات في الفضاء السيبراني. كما تم تسليط الضوء على مبادرة المملكة بتأسيس مجلس وزراء الأمن السيبراني العرب الذي رحب قادة الدول العربية بإنشائه، واتخاذ مدينة الرياض مقرًا دائمًا له في اجتماع مجلس جامعة الدول العربية على مستوى القمة (33) المنعقد في مدينة المنامة بمملكة البحرين في 16 مايو 2024م. وخلص المجتمعون في أعمال هذه الدورة إلى الاتفاق على آلية دولية لتعزيز السلوك المسؤول للدول في الفضاء السيبراني تحت مظلة اللجنة الأولى المعنية بنزع السلاح والأمن الدولي التابعة للجمعية العامة للأمم المتحدة، والتي تناقش مسائل نزع السلاح والأمن الدولي، وتسعى إلى إيجاد حلول للتحديات القائمة في إطار منظومة الأمن الدولي. المملكة تؤكد دعمها للجهود الرامية لتعزيز التعاون الدولي في الفضاء السيبراني وتأتي مشاركة الهيئة في أعمال هذه الدورة في إطار جهودها الرامية لتعزيز التعاون الدولي في مجال الأمن السيبراني وذلك بصفتها الجهة المختصة بالأمن السيبراني في المملكة، والمرجع الوطني في شؤونه، وتهدف إلى تعزيزه حمايةً للمصالح الحيوية للدولة وأمنها الوطني، وتختص بتمثيل المملكة في المنظمات والهيئات واللجان والمجموعات الثنائية والإقليمية والدولية ذات الصلة، ومتابعة تنفيذ التزامات المملكة الدولية الخاصة بالأمن السيبراني.


الشرق الأوسط
منذ 2 ساعات
- الشرق الأوسط
«السعودية الخضراء» تسجل تقدماً متسارعاً في أرقام «الاستدامة البيئية»
كشفت أرقام جديدة من «مبادرة السعودية الخضراء» عن تقدّم متسارع شهدته البلاد مؤخّراً في مجال الاستدامة البيئية، وجهودها في تنمية الغطاء النباتي، وإعادة تأهيل الحياة الفطرية. وبدأت المساعي المبذولة في أنحاء المملكة، تؤتي ثمارها وفقاً للمبادرة، وجاء ذلك عبر نجاح زراعة أكثر من 100 مليون شجرة منذ عام 2021، إلى جانب وصول مساحة الأراضي التي تم استصلاحها منذ عام 2021 إلى 118 ألف هكتار، فضلاً عن أكثر من 1150 مسحاً ميدانياً تم تنفيذها في مختلف أنحاء البلاد كجزء من الدراسة الخاصة بزراعة 10 مليارات شجرة، ونتيجةً لتلك الجهود وتنمية الغطاء النباتي، وصل الانخفاض المتوقع في درجات الحرارة بمراكز المدن إلى 2.2 درجة مئوية. وفي الفترة الأخيرة تسارعت وتيرة التشجير في المنطقة الشرقية من السعودية بقيادة «المركز الوطني لتنمية الغطاء النباتي ومكافحة التصحر»، نحو بيئة أكثر استدامة، وتحقيق مستهدفات مبادرة «السعودية الخضراء»، في حين تتميز المنطقة بالتنوع الطبيعي والموقع الاستراتيجي، كما تعد أحد النماذج الرائدة في تنفيذ المشاريع النوعية لزراعة الأشجار وتعزيز الغطاء النباتي، وأسفرت جهود التشجير التي يقودها المركز عن زراعة أكثر من 31.2 مليون شجرة، بالتعاون مع 51 جهة حكومية وخاصة وغير ربحية. مساهمة مجتمعية في زراعة 31 مليون شجرة بالمنطقة الشرقية في السعودية (واس) وعن جهوده في المنطقة الشرقية، أشار المركز إلى أنه يعمل على تنفيذ خطط طموحة لتنمية الغطاء النباتي عبر تنفيذ 40 مبادرة بحلول عام 2100، موزعة على 4 نطاقات رئيسة للتشجير، لتحقيق التنمية المستدامة، ما سيؤدي إلى زراعة نحو 1.5 مليار شجرة، وإعادة تأهيل أكثر من 7.9 مليون هكتار من الأراضي، إضافة إلى تخصيص ما يزيد على 121 ألف هكتار من الأراضي القابلة للتشجير، منها 75 ألف هكتار ضمن نطاق محطات المعالجة، و71 ألف هكتار ضمن نطاق برنامج الاستدامة. هذا إلى جانب ما أظهرته المؤشرات البيئية في المنطقة الشرقية من تحسن ملحوظ في الغطاء النباتي خلال السنوات الأخيرة، الأمر الذي يعكس أثر المشاريع الجارية وفاعلية النهج المتكامل الذي يتبناه المركز، المبني على دراسات علمية ومسوحات ميدانية شاملة لتطوير خطة رئيسة للتشجير، تتضمن تحليلاً دقيقاً لتحديد المواقع المناسبة، وتشمل النطاق البيئي، والزراعي، والحضري، والمواصلات، مما يسهم في زيادة الغطاء النباتي وتعزيز الاستدامة البيئية. إعادة توطين أكثر من 1100 حيوان تنتمي إلى 6 أنواع مختلفة ضمن محمية «نيوم» (واس) وفي جانب الاستدامة البيئية أيضاً، تشهد «نيوم» عودة أنواع متعددة من الحيوانات المحلية إلى مواطنها الأصلية، بعد غياب استمر لعشرات السنين، ففي إطار استراتيجيتها الطموحة لإعادة تأهيل الحياة البرية، نجحت نيوم، الشهر الماضي، في إعادة توطين أكثر من 1100 حيوان تنتمي إلى 6 أنواع مختلفة ضمن محميتها الطبيعية الواسعة، ويُعدُّ هذا الإنجاز خطوة بارزة نحو استعادة التوازن البيئي في المنطقة، حيث خصصت نيوم 95 في المائة من أراضيها للحفاظ على الطبيعة، مؤسِّسَة بذلك منظومة بيئية مستدامة، تقوم على إعادة تأهيل الموائل الطبيعية، واستعادة التنوع الحيوي، وتوظيف أحدث تقنيات الرصد البيئي لحماية هذا التراث الطبيعي الثمين. وأسهمت جهود «نيوم» في زيادة أعداد «المها العربي» بشكل ملحوظ خلال السنوات الأخيرة، بعدما أعيد توطينه لأول مرة بالمحمية في ديسمبر (كانون الأول) 2022، حيث يعيش اليوم أكثر من 208 من المها العربي في نيوم. كما باتت المحمية تحتضن أكثر من 530 من غزلان الرمال العربية، و223 من غزلان الجبال العربية، كما تتكيف 27 من فراخ النعام ذات الرقبة الحمراء جيداً مع مناخ المنطقة، الأمر الذي يأتي بالتزامن مع الاستفادة من الغطاء النباتي الطبيعي الذي عاد إلى المنطقة بعد الحد من الرعي الجائر، واستمرار مبادرة نيوم لإعادة التشجير، التي تم خلالها زراعة 4.7 مليون شجرة وشجيرة وعشبة حتى الآن. وفي إطار جهود الاستدامة ذاتها، واصلت «محمية الإمام تركي بن عبد الله الملكية» تنفيذ برامج تأهيل واسعة النطاق على كامل مساحتها التي تتجاوز 91.500 كيلومتر مربع، وذلك من خلال زراعة مئات الآلاف من الأشجار، بما في ذلك أشجار الطلح، وأكّدت المحمية أن جهود التشجير من شأنها الحد من التصحر، وتعزيز التنوع البيولوجي والحياة الفطرية، وتحسين جودة التربة وإنتاج العسل بما يتماشى مع الأهداف الوطنية والمبادرات البيئية للسعودية. وتسعى «مبادرة السعودية الخضراء» عبر نهج استباقي لمعالجة تأثيرات التغير المناخي، وزيادة الغطاء النباتي والمساعدة في مكافحة التصحر من خلال مبادرات تشجير مدروسة بعناية في جميع أنحاء المملكة، تتضمّن زراعة 10 مليارات شجرة في جميع أنحاء البلاد، وهو ما يعادل إعادة تأهيل 74 مليون هكتار من الأراضي. وستسهم هذه المبادرة التي تشمل جميع فئات المجتمع في استعادة الوظائف البيئية الحيوية، وتحسين جودة الهواء، والحد من العواصف الغبارية والرملية، وغير ذلك وفقاً للمبادرة.


الشرق الأوسط
منذ 2 ساعات
- الشرق الأوسط
«جبال السروات» سجل تاريخي وثقافي حيّ
تمتد السلسلة الجبلية بمحاذاة الساحل الشرقي للبحر الأحمر وكانت مسرحاً لنهضة العديد من المجتمعات التاريخية التي أبقت لها أثراً شاهداً على حياتها بين القمم والصخور. من الغابات، إلى القمم المطيرة، مروراً بالقرى التراثية العتيقة، والمزارع السخيّة، وقصور الحضارات الشاهقة، والنقوش التاريخية، تتشكل حكايات سلسلة جبال السروات، التي تمثل سجلاً تاريخياً وثقافياً حيّاً، ومتحفاً شاهداً على حكاية تكيّف الإنسان مع الظروف والبيئة والتحديات. وتمتدّ السلسلة الجبلية بمحاذاة الساحل الشرقي للبحر الأحمر، وتشمل جبال فيفاء، وعسير، والطائف، والحجاز، في الجزء الغربي من شبه الجزيرة العربية، وتكوّن بامتدادها الطولي الذي يبلغ 1550 كيلومتراً تقريباً داخل السعودية، وعرضها الذي يتراوح بين بضعة كيلومترات و140 كيلومتراً، مسرحاً لنهضة كثير من المجتمعات التاريخية التي أبقت لها أثراً شاهداً على حياتها بين القمم والصخور. السحب البيضاء تغلّف جبال السروات في هدا الطائف (واس) يقول أحمد بن إبراهيم، الذي عمل لنحو عقدين في تتبع المظاهر الطبيعية والبيئية في القطاع الجنوبي من سلسلة جبال السروات، إنها بيئة حيوية سخيّة بالتفاصيل، لا تكاد تبلغ الوسع في الإلمام بجزء مما احتفظت به الجبال في سفحها وتهامتها، إلا ناولتك آفاقاً جديدة للمعرفة والاكتشاف، التي تعكس حكاية تكيُّف إنسان المكان مع بيئته وظروفه وتحدياته، مضيفاً: «ما نجده من أشكال البناء، وإبداع أشكال المزارع، والأدوات التقليدية التي طورها الإنسان مع الوقت لأداء وظائفه اليومية بكفاءة تشكّل لنا صورة شِبه مكتملة عن طبيعة هذا التكيُّف، وهي تعبير عن تطلعات وتوقعات الإنسان من نفسه وبيئته». ويشير بن إبراهيم إلى القرى التراثية الحجرية والحصون، التي شُيّدت في الأودية، وفي سفوح الجبال، وعلى القمم. وقد زار أغلب تلك القرى في المرتفعات الجنوبية للسروات، ويقول إن الخصائص الجغرافية الفريدة والمناخ المميز، وفّرت بيئة آمنة ومزدهرة للاستقرار والزراعة ومحطات للتجارة المحصنة عبر التاريخ. ويضيف: «المظاهر الطبيعية والثقافية التي نلمس آثارها اليوم، هي ثمرة تكامل وتفاعل بين العناصر الطبيعية والبشرية، التي وظّفت بعبقرية ووعي، كل الفرص التي توفرها التضاريس المحلية والموارد الطبيعية على أكمل وجه». وعلى مرّ الأجيال، طوّرت المجتمعات البشرية، المدعومة ببرودة الطقس وغزارة الأمطار، نظاماً زراعياً رائعاً، سمح بتنمية البساتين والحدائق على قمم الجبال والوديان شديدة الانحدار، ووجّهت المياه، وبنت مخازن حبوب أبراجية وخلايا نحل ضخمة مبنية من الحجر، شكّلت المشهد الطبيعي وتركت آثاراً مهمة، لا سيما في قرى، مثل ذي عين بمنطقة الباحة، التي يعود تاريخها إلى نهاية القرن العاشر الهجري، وقرية رجال ألمع، ويعود تاريخها إلى نحو 900 عام. مقاري النحل الأثرية في قرى ميسان بني الحارث مصممة بطريقة هندسية متقنة (واس) كما تزخر جبال السروات بكثير من النقوش والرسوم الصخرية التي تعود إلى عصور تاريخية مختلفة، مما يجعلها منطقة ذات أهمية أثرية وتراثية كبيرة. ومن أهم النقوش والرسوم التي رصدها الباحثون في جبال السروات، النقوش الثمودية والنبطية، والرسوم الصخرية القديمة، بما في ذلك نقوش لحيوانات، مثل الأبقار والثيران. وقد شوهدت النقوش والرموز والعلامات المحفورة على الجبال، بالإضافة إلى الكهوف ومسارات الأودية التي تنتشر في المنطقة. وتضم المرتفعات الغربية والجنوبية وسهولها وتهامتها عدداً من الأودية التي هيَّأت لانتشار مجموعات من النباتات والغابات والأشجار المثمرة، التي تعتمد على مياه الأمطار التي تهطل عليها في مواسم عدة خلال العام، بينما تضمّ جبالها مخزوناً من المعادن والصخور الصلبة الثمينة، وتتزين بالتكوينات الطبوغرافية المتنوعة والظواهر الجغرافية الغنيّة، التي يعود تكوينها لمئات الملايين من السنين، ومثلت حالة من التميُّز والتفرُّد للتشكيل الجمالي والتنوع الحيوي النباتي والحيواني العالي من حيث الكثافة والندرة. ويزيد عدد الأنواع النباتية المسجَّلة في بعض المناطق المحمية على امتداد السروات، على 500 نوع من الأشجار والشجيرات والحشائش والنباتات الحولية والمعمرة. من أهمها أشجار العرعر والعتم والإبراه واللثب والعدن الصومل والظهيان والتمر الهندي، بالإضافة إلى مجموعة من النباتات الطبية والعطرية، مثل شجر الشث والبرك والريحان والعثرب. بأحجار السروات... مشروع الأمير محمد بن سلمان لتطوير المساجد يُجدّد مسجداً عمره 13 قرناً في الباحة (واس) عبر التاريخ، انعكس تنوُّع المناطق الجبلية والمناظر الطبيعية الثقافية الريفية لجبال السروات، في تقاليد معمارية غنية ومتعددة الأوجه، ووظَّف أبناء تلك المناطق بمهارة وكفاءة وذكاء مواد البناء المحلية (الخشب والحجر والطين) لبناء هوية عمرانية فريدة. وأدى المناخ المتميز بالصيف الحار، والشتاء البارد، والأمطار الموسمية، إلى تطور عِمَارَة تكيفت مع الطبيعة الجبلية وعكست توازناً اختاره الإنسان سبيلاً للتعايش والاستقرار. حصون وقلاع شامخة شاهدة على أهمية ما قدمه الآباء والأجداد (واس) وحسب «خريطة العمارة السعودية»، التي أطلقها الأمير محمد بن سلمان، والتي تشمل 19 طرازاً معمارياً مستوحى من الخصائص الجغرافية والثقافية للمناطق السعودية، فإن العمارة في جبال السروات تتسم بالمباني التقليدية المتضامة وذات الهيكل الهندسي من الحجر بأنماطه المميزة، حيث يتم استخدام الأحجار المحلية بألوانها المتعددة التي تتفاوت بين الأسود والبني إلى درجات البني والرمادي والأبيض. وتتميز النوافذ بصغر حجمها مقارنةً بمساحة الجدران الكلية، وتكون غالباً عبارة عن فتحات صغيرة ذات إطار حجري أبيض، تضفي إحساساً بالمتانة والخصوصية. وعلى الرغم من أن البناء التقليدي في المناطق الجبلية يتخذ دوره الوظيفي، أساساً، لتلبية احتياجات السكان المحليين والتعامل مع الظروف المحيطة، فإنه لم يخلُ من البُعد الفني في رص الأحجار واختيار الأشكال، الأمر الذي ترك تراثاً عمرانياً مزدهراً وشاهداً على ثقافة إنسان المكان.