logo
تهدئة على نار التهجير.. غزة بين مطرقة ترامب وسندان الإعمار

تهدئة على نار التهجير.. غزة بين مطرقة ترامب وسندان الإعمار

سكاي نيوز عربيةمنذ 17 ساعات
ورغم المؤشرات الإيجابية التي حملتها زيارة الوفد الإسرائيلي إلى الدوحة ، إلا أن حقيقة الخلافات العميقة بين الأطراف، وصيغة الحلول المطروحة، تجعل المشهد مفتوحًا على جميع الاحتمالات، بما فيها إعادة إنتاج واقع جديد في غزة ، قد يُفهم على أنه نكبة متجددة تحت غطاء إنساني.
المفاوضات في الدوحة.. تفاؤل حذر وتضييق للفجوات
وصل الوفد الإسرائيلي إلى العاصمة القطرية في مهمة حساسة، هدفها بحث التوصل إلى تهدئة شاملة، وسط ما وصفته مصادر مطلعة بتضييق في الفجوات بين الطرفين.
ورغم عدم تفويض الوفد بصلاحيات تفاوضية كاملة، فإن إيفاده بحد ذاته يُعد مؤشرا على وجود نية سياسية لدى نتنياهو بعدم إغضاب الرئيس دونالد ترامب ، لاسيما في ظل زيارته المرتقبة إلى واشنطن.
مصادر إسرائيلية أكدت أن المقترح الأميركي المعدل حظي بتجاوب نسبي من حركة حماس ، التي قدمت تعديلات محدودة، أبرزها الانسحاب الإسرائيلي إلى خطوط 2 مارس. إلا أن إسرائيل، بحسب صحيفة "معاريف"، لا تزال ترفض التنازل عن مطالبها الأمنية، حتى وإن تسبب ذلك في تأخير إتمام الصفقة.
من جهة أخرى، كشفت وسائل إعلام إسرائيلية أن نتنياهو تعهد لوزراء بارزين بعدم إنهاء الحرب إلا بعد ضمان نزع السلاح من غزة ، وهو ما يُعد جوهر الخلاف مع حماس، ويعكس إصرارًا حكوميًا يمينيًا على إنهاء الحرب بشروط إسرائيلية خالصة.
ترامب ومشروع التهجير.. إعادة إحياء لسياسات قديمة
في تطور لافت، كشفت صحيفة "إسرائيل هيوم" أن ترامب لا يزال متمسكًا بخطة تهجير سكان غزة كمدخل لإعادة إعمار القطاع.
وذكرت أن ثلاث دول أبدت موافقة مبدئية على استقبال لاجئين فلسطينيين من غزة، بينما تدرس ثلاث دول أخرى الأمر، في مؤشر على وجود تحركات موازية للدبلوماسية التقليدية.
فكرة التهجير، التي عادت للواجهة، أثارت ردود فعل فلسطينية غاضبة، إذ رأى فيها الكثيرون محاولة جديدة لإفراغ القطاع من سكانه الأصليين، وفرض وقائع ديمغرافية تتجاوز حتى حدود الصراع السياسي.
ضمن الرؤية الإسرائيلية لمرحلة ما بعد الحرب، يجري إعداد خطة لإقامة منطقة إنسانية جنوب القطاع، تمتد بين محوري موراج و فيلادلفيا ، وتكون خاضعة لسيطرة الجيش الإسرائيلي. الهدف المعلن، بحسب مصادر إعلامية، هو تجميع السكان وتقديم مساعدات إنسانية، بعيدًا عن سيطرة حماس.
لكن مراقبين يرون أن هذه الخطوة، رغم تسويقها على أنها إنسانية، قد تمهد لتكريس واقع سياسي جديد، من خلال إعادة تموضع السكان تحت إشراف عسكري مباشر، وخلق بيئة قابلة للتوجيه السياسي والأمني، تُقصي حركة حماس وتُعبد الطريق لترتيبات جديدة تشمل دورًا عربيًا مبدئيًا، وربما لاحقًا السلطة الفلسطينية.
إسرائيل أمام فرصة استراتيجية
وصف الباحث في معهد الأمن القومي يوحنان تسوريف الموقف الإسرائيلي بالتحول الاستراتيجي، معتبرًا أن الحكومة ترى أن الوقت بات مناسبا لإنهاء الحرب، بعد تحقيقها عدة أهداف عسكرية وسياسية، أبرزها تفكيك معظم منظومة المقاومة، والحصول على دعم أميركي غير مسبوق.
تسوريف أكد في مقابلة مع سكاي نيوز عربية أن حماس في وضع صعب، وقد قبلت بمرحلة تهدئة أولى لمدة 60 يومًا، تحت ضمانات أميركية - مصرية - قطرية.
كما أشار إلى أن إسرائيل تريد الحفاظ على حقها في العودة إلى العمليات العسكرية إذا فشلت المفاوضات اللاحقة، والتي ستُعنى بمستقبل غزة، ودور حماس فيها.
وأوضح تسوريف أن أي ذكر لحماس كقوة عسكرية داخل غزة لم يعد مقبولًا إسرائيليًا، وأن نتنياهو يحظى بدعم شعبي في هذا الموقف، خاصة في ظل الضغوط السياسية من اليمين المتطرف.
كما اعتبر أن أي تنازل للفلسطينيين قد يؤدي إلى انهيار الائتلاف الحكومي، ما يجعل نتنياهو بحاجة إلى دعم ترامب لتبرير خطواته أمام اليمين.
مؤشرات خطيرة على نوايا التهجير
من جهته، حذّر أستاذ العلوم السياسية بجامعة الأزهر في غزة، الدكتور مخيمر أبو سعدة، خلال حديثه إلى غرفة الأخبار من أن المقترح الإسرائيلي لا يهدف فقط إلى التهدئة ، بل يُعد جزءًا من خطة أكبر لإعادة تموضع سكان غزة، وربما تهجيرهم لاحقًا.
وقال أبو سعدة إن إرسال الوفد الإسرائيلي إلى الدوحة مؤشر إيجابي، لكنه أشار إلى أن الوفد لا يمتلك صلاحيات تفاوضية واسعة، مما يقلل من فرص تحقيق اختراق حقيقي.
كما لفت إلى أن أحد أبرز التعديلات التي طرحتها حماس هو الانسحاب الإسرائيلي إلى حدود 2 مارس، وهي نقطة حساسة قد تعرقل التفاهم.
وحذر أبو سعدة من تحويل المناطق الجنوبية إلى ما يُسمى بـ"المنطقة الإنسانية"، مشيرًا إلى أن هذه المنطقة مدمرة بالكامل، ولا تصلح لإقامة مراكز إيواء. كما شكّك في قدرة الجيش الإسرائيلي على إدارة هذه المنطقة، خصوصًا مع التوتر الحاصل بين نتنياهو ورئيس الأركان حول دور الجيش في توزيع المساعدات.
يرى أبو سعدة أن خطة التهجير ليست وليدة اللحظة، بل بدأت فعليًا منذ الأسبوع الأول من هجوم 7 أكتوبر، حين أُجبر السكان على مغادرة شمال غزة نحو الجنوب.
ويضيف أن تصريحات ترامب في فبراير حول التهجير أعادت إحياء الفكرة، مما أعطى دفعة لليمين الإسرائيلي لتبنيها بشكل علني.
وأشار إلى أن مئات الآلاف من الفلسطينيين لا يزالون في شمال غزة ويرفضون مغادرة مناطقهم، رغم التجويع والقصف.
كما لفت إلى أن بعض العائلات قد تضطر للانتقال إلى المنطقة الإنسانية تحت وطأة الحاجة، مما يعزز المخاوف من تحول هذه المناطق إلى مراكز عزل طويلة الأمد.
مخاطر المواجهة الداخلية
كشف أبو سعدة عن صدور بيان من الغرفة المشتركة لفصائل المقاومة يهدد من يتعاون مع إسرائيل في توزيع المساعدات.
واعتبر أن هذه المعطيات تنذر بمواجهات داخلية مستقبلية، سواء مع الجيش الإسرائيلي أو مع جهات فلسطينية قد تُتهم بالعمالة.
السيناريوهات المحتملة: ما بعد الستين يومًا؟
بحسب مجمل التصريحات والتحليلات، فإن المرحلة المقبلة من التفاوض ستتوقف على مدى الالتزام بتطبيق المرحلة الأولى من التهدئة. لكن الأهم يبقى مصير غزة بعد هذه المرحلة.
هل سيتمكن الفلسطينيون من استعادة حكمهم الذاتي عبر السلطة الفلسطينية؟ هل تُكرّس المنطقة الإنسانية كحل دائم؟ وهل تكون هذه بداية لصفقة أكبر تشمل تهجيرًا ممنهجًا؟.
تشير بعض الأوساط الإسرائيلية إلى أن عودة السلطة الفلسطينية تبقى خيارًا مطروحًا، ولكن بشرط تنفيذ إصلاحات داخلية كبيرة، وهو ما ربطه تسوريف بقدرة فتح على إعادة إنتاج نفسها ككيان سياسي قادر على الإدارة.
تهدئة مشروطة أم بداية واقع جديد؟
بين المساعي الأميركية - الإسرائيلية - القطرية - المصرية للتوصل إلى تهدئة، والتباينات بين المكونات الفلسطينية، تبقى غزة أمام مفترق طرق حاسم. أي تسوية لا تراعي الحقوق الفلسطينية الكاملة، وتستند إلى خطط إنسانية ظاهرية تخفي مشاريع تهجير أو إعادة هندسة ديمغرافية، لن تكون سوى وقودًا لتوترات قادمة.
إن التساؤل المحوري اليوم لم يعد فقط: "هل تتوقف الحرب؟"، بل أصبح: "أي سلام سيُفرض على غزة؟ وبأي ثمن إنساني وسياسي؟". وإلى حين بلورة الإجابات، يبقى المدنيون في غزة أسرى لحرب بلا نهاية واضحة، ولصفقات تتفاوض على مستقبلهم وهم خارج طاولة القرار.
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

ترامب: حماس تريد وقف إطلاق النار.. ولدينا فرصة لـ"صفقة سلام"
ترامب: حماس تريد وقف إطلاق النار.. ولدينا فرصة لـ"صفقة سلام"

سكاي نيوز عربية

timeمنذ 42 دقائق

  • سكاي نيوز عربية

ترامب: حماس تريد وقف إطلاق النار.. ولدينا فرصة لـ"صفقة سلام"

وردا على سؤال عما إذا كانت المعارك الدائرة في القطاع بين إسرائيل والحركة الفلسطينية ستؤدّي إلى تعطيل المحادثات الجارية بين الطرفين للتوصّل إلى هدنة، قال ترامب للصحافيين في البيت الأبيض "إنهم (حماس) يريدون اللقاء ويريدون وقف إطلاق النار هذا". وعلّق ترامب عن خطط نقل الفلسطينيين من قطاع غزة قائلا: "حصلت على تعاون كبير من الدول المجاورة لإسرائيل". وأضاف: "نريد الوصول لوقف إطلاق النار بغزة وأمامنا فرصة للتوصل إلى صفقة سلام". وفيما إذا كان حل الدولتين في الشرق الأوسط ممكنا، ردّ ترامب بالقول "لا أعرف". من جانبه، قال نتنياهو إن إسرائيل "ستصنع السلام مع جيرانها الفلسطينيين الذين لا يريدون تدميرها" ولكن "القوة السيادية للأمن تبقى دائما في أيدينا". وأكد نتنياهو أنه "في الإمكان تحقيق سلام في الشرق الأوسط"، مضيفا: "نعمل مع أميركا على إيجاد دول تمنح الفلسطينيين مستقبلا أفضل". وتابع رئيس الوزراء الإسرائيلي قائلا: "قريبون من التوصل إلى اتفاق في غزة". واندلعت الحرب على غزة بعدما هاجمت حماس جنوب إسرائيل في أكتوبر 2023، مما أسفر عن مقتل نحو 1200 شخص واحتجاز 251 رهينة. ولا يزال نحو 50 رهينة في غزة، يعتقد أن 20 منهم على قيد الحياة. وأسفرت الحرب الإسرائيلية اللاحقة على القطاع عن مقتل أكثر من57 ألف فلسطيني، بحسب وزارة الصحة في غزة. ونزح معظم سكان القطاع بسبب الحرب، وخلصت تقديرات الأمم المتحدة إلى أن ما يقرب من نصف مليون شخص سيواجهون خطر المجاعة خلال أشهر.

على أنقاض رفح.. خطة لكاتس لإقامة مخيم يؤوي 600 ألف فلسطيني
على أنقاض رفح.. خطة لكاتس لإقامة مخيم يؤوي 600 ألف فلسطيني

سكاي نيوز عربية

timeمنذ 42 دقائق

  • سكاي نيوز عربية

على أنقاض رفح.. خطة لكاتس لإقامة مخيم يؤوي 600 ألف فلسطيني

وقال كاتس إن هذه الخطوة تهدف إلى إضعاف سيطرة حركة حماس على السكان في القطاع الساحلي المحاصر. وأضاف الوزير أن هناك خططا يتم تطويرها لإنشاء "مدينة إنسانية" على أنقاض مدينة رفح ، التي دُمرت إلى حد كبير خلال الحرب المستمرة، حسبما ذكر موقع "تايمز أوف إسرائيل". ومن المقرر أن يتم نقل مئات الآلاف من الفلسطينيين الذين يعيشون حاليا في خيام بمنطقة المواصي إلى المخيم الجديد. وأوضح كاتس أن المخيم سيتم بناؤه خلال وقف إطلاق النار الذي يجري التفاوض عليه حاليا بين إسرائيل وحماس، والمقرر أن يستمر لمدة 60 يوما. وسيتولى "شركاء دوليون" غير محددين إدارة المنطقة، بينما ستوفر القوات الإسرائيلية الأمن فقط. وسيخضع القادمون إلى المخيم لفحوصات أمنية بهدف منع تسلل مقاتلي حماس إلى المنطقة. وأشار كاتس أيضا إلى أن المخيم سيسهم في خطط ترحيل السكان الفلسطينيين من غزة، وهي الخطط التي يعتبرها منتقدون بمثابة تهجير قسري. وأعلنت الحكومة الإسرائيلية مرارا نيتها الدفع باتجاه "الهجرة الطوعية" لجزء كبير من سكان القطاع. ويعيش في غزة ما يزيد قليلا عن مليوني شخص، معظمهم فقدوا مساكنهم خلال الصراع. ولم تعلن أي دولة في العالم حتى الآن استعدادها لاستقبال الفلسطينيين. وناقشت قوى متطرفة في إسرائيل، بما في ذلك بعض الوزراء اليمينيين المتشددين في حكومة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ، بشكل علني الترحيل القسري لسكان غزة، وإنشاء مستوطنات في المنطقة.

«صانع السلام».. نتنياهو يرشح ترامب لجائزة نوبل
«صانع السلام».. نتنياهو يرشح ترامب لجائزة نوبل

العين الإخبارية

timeمنذ 42 دقائق

  • العين الإخبارية

«صانع السلام».. نتنياهو يرشح ترامب لجائزة نوبل

تم تحديثه الثلاثاء 2025/7/8 04:28 ص بتوقيت أبوظبي أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، مساء الإثنين، أنه رشّح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لنيل جائزة نوبل للسلام. وقدم نتنياهو لترامب، خلال عشاء خاص جمعهما في البيت الأبيض، نسخة عن رسالة الترشيح الرسمية التي بعث بها إلى لجنة نوبل، قائلاً: "الرئيس ترامب يصنع السلام في هذه الأثناء، في بلد تلو الآخر، وفي منطقة تلو الأخرى". وعلّق عليها ترامب قائلًا: «لفتة مؤثرة». ويأتي هذا الترشيح في وقت يتوسط فيه ترامب لوقف إطلاق النار بين إسرائيل وحركة حماس في قطاع غزة، ويسعى أيضًا لإعادة إطلاق مفاوضات دولية متعثرة، من ضمنها الملف النووي الإيراني وأزمات أخرى في المنطقة. وتلقّى ترامب في السابق عدة ترشيحات من مشرعين ومؤيدين له لنيل الجائزة المرموقة، إلا أنه لم يُمنحها قط، وهو ما عبّر مرارًا عن انزعاجه منه، خاصة على خلفية ما يصفه بدوره في: حلّ النزاعات بين الهند وباكستان، وصربيا وكوسوفو. تسهيل اتفاقيات السلام بين إسرائيل وعدة دول عربية ضمن ما عُرف بـ"الاتفاقيات الإبراهيمية". تهدئة التوترات بين مصر وإثيوبيا بشأن سد النهضة. ورغم عودة ترامب إلى البيت الأبيض قبل أكثر من 5 أشهر، فإن الحرب في أوكرانيا والقتال المستمر في قطاع غزة لا يزالان دون انفراج حقيقي، في وقت تسعى فيه إدارته لإحراز تقدم دبلوماسي يعزز صورته كـ"صانع سلام"، وهي الرسالة التي يعتمد عليها في حملته الانتخابية المقبلة. aXA6IDgyLjI0LjIyNi4xMTYg جزيرة ام اند امز PL

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store