
حين ينكسر الزمن.. اكتشاف علمي يربك الفيزياء ويعيد رسم قوانين الكون
أخبارنا :
في لحظة قد تسجّل في تاريخ العلم كنقطة تحوّل، أعلن فريق من الفيزيائيين في إنجلترا عن اكتشاف مذهل يقلب مفاهيمنا الراسخة عن الزمن رأساً على عقب. ففي دراسة حديثة، كشف العلماء عن وجود "سهمين متعاكسين للزمن" داخل الأنظمة الكمومية المفتوحة، في ظاهرة لم تكن تخطر على بال حتى أكثر العقول جرأة في الفيزياء النظرية.
لطالما اعتُبر الزمن نهراً لا يعود، يتدفق في اتجاه واحد من الماضي إلى المستقبل. لكن ماذا لو لم يكن الأمر كذلك؟ ماذا لو كان الزمن، في أعماق العالم الكمومي، يسير في اتجاهين متعاكسين في آنٍ واحد؟
لغز سهم الزمن
سهم الزمن، ذلك المفهوم الذي يرمز إلى اتجاه تدفق الزمن، ظل لغزاً يؤرق العلماء والفلاسفة على حد سواء. ففي حين أن قوانين الفيزياء الكلاسيكية لا تميز بين الأمام والخلف في الزمن، فإن واقعنا اليومي يخبرنا بعكس ذلك: البيض لا يعود إلى قشرته، والشموع لا تعود لتشتعل من رمادها.
لكن فريق البحث البريطاني، وبعد عامين من التجارب والنماذج الرياضية، توصّل إلى نتيجة مذهلة: في الأنظمة الكمومية المفتوحة -أي تلك التي تتفاعل مع بيئتها- يمكن أن يظهر سهمان للزمن، يسيران في اتجاهين متعاكسين، دون أن يتناقضا مع قوانين الديناميكا الحرارية.
الأنظمة الكمومية المفتوحة: نافذة على الزمن المزدوج
في هذه الأنظمة، حيث لا يكون النظام معزولاً بل يتبادل الطاقة والمعلومات مع محيطه، يصبح الزمن أكثر مرونة. فالطاقة التي تتبدد (أو ما يُعرف بالإنتروبيا) تُستخدم كمؤشر على اتجاه الزمن. لكن المفاجأة كانت أن هذه الأنظمة تسمح بوجود مسارين زمنيين متعاكسين، كلاهما ممكن رياضياً.
تقول المعادلات إن الزمن قد يسير إلى الأمام... أو إلى الخلف. وكأننا أمام طريقين متوازيين، لا نعرف أيهما تسلكه الطبيعة فعلاً.
انعكاسات مذهلة على الفيزياء والكون
هذا الاكتشاف لا يغيّر فقط فهمنا للزمن، بل يفتح أبواباً جديدة في مجالات الديناميكا الحرارية، والفيزياء الكونية، وحتى في تفسير نشأة الكون. فحتى مع وجود سهمين للزمن، تظل الإنتروبيا تتزايد، مما يعني أن "الفوضى" تظل تتصاعد بغض النظر عن اتجاه الزمن.
ويصف البروفيسور أندريا روكّو، المشرف على الدراسة، الأمر بأنه "دعوة لإعادة التفكير في كل ما كنا نظنه بديهياً عن الزمن". ورغم أن الدراسة لا تؤكد نظريات مثل "الكونين التوأمين" الناتجين عن الانفجار العظيم، إلا أنها تمنح هذه الأفكار أرضية علمية جديدة.
الزمن كشبكة طرق... ولكن بلا إشارات
يشبّه روكّو الزمن بشبكة من الطرق: يمكنك رؤية المسارات، لكنك لا تعرف اتجاه السير. هذا التشبيه يلخص ببراعة مدى تعقيد الزمن في العالم الكمومي، ويثير تساؤلات عميقة: هل نحن نسير في الاتجاه الصحيح؟ وهل هناك من يسير في الاتجاه المعاكس في كونٍ موازٍ؟
في النهاية، لا يتعلق هذا الاكتشاف بإمكانية السفر عبر الزمن أو بناء آلات زمنية، بل بتوسيع أفقنا لفهم الزمن ذاته. إنه تذكير بأن الكون لا يزال يحتفظ بأسراره، وأن الزمن، الذي نظنه مفهوماً بسيطاً، قد يكون أعقد مما تخيلنا.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


أخبارنا
منذ 16 ساعات
- أخبارنا
حين ينكسر الزمن.. اكتشاف علمي يربك الفيزياء ويعيد رسم قوانين الكون
أخبارنا : في لحظة قد تسجّل في تاريخ العلم كنقطة تحوّل، أعلن فريق من الفيزيائيين في إنجلترا عن اكتشاف مذهل يقلب مفاهيمنا الراسخة عن الزمن رأساً على عقب. ففي دراسة حديثة، كشف العلماء عن وجود "سهمين متعاكسين للزمن" داخل الأنظمة الكمومية المفتوحة، في ظاهرة لم تكن تخطر على بال حتى أكثر العقول جرأة في الفيزياء النظرية. لطالما اعتُبر الزمن نهراً لا يعود، يتدفق في اتجاه واحد من الماضي إلى المستقبل. لكن ماذا لو لم يكن الأمر كذلك؟ ماذا لو كان الزمن، في أعماق العالم الكمومي، يسير في اتجاهين متعاكسين في آنٍ واحد؟ لغز سهم الزمن سهم الزمن، ذلك المفهوم الذي يرمز إلى اتجاه تدفق الزمن، ظل لغزاً يؤرق العلماء والفلاسفة على حد سواء. ففي حين أن قوانين الفيزياء الكلاسيكية لا تميز بين الأمام والخلف في الزمن، فإن واقعنا اليومي يخبرنا بعكس ذلك: البيض لا يعود إلى قشرته، والشموع لا تعود لتشتعل من رمادها. لكن فريق البحث البريطاني، وبعد عامين من التجارب والنماذج الرياضية، توصّل إلى نتيجة مذهلة: في الأنظمة الكمومية المفتوحة -أي تلك التي تتفاعل مع بيئتها- يمكن أن يظهر سهمان للزمن، يسيران في اتجاهين متعاكسين، دون أن يتناقضا مع قوانين الديناميكا الحرارية. الأنظمة الكمومية المفتوحة: نافذة على الزمن المزدوج في هذه الأنظمة، حيث لا يكون النظام معزولاً بل يتبادل الطاقة والمعلومات مع محيطه، يصبح الزمن أكثر مرونة. فالطاقة التي تتبدد (أو ما يُعرف بالإنتروبيا) تُستخدم كمؤشر على اتجاه الزمن. لكن المفاجأة كانت أن هذه الأنظمة تسمح بوجود مسارين زمنيين متعاكسين، كلاهما ممكن رياضياً. تقول المعادلات إن الزمن قد يسير إلى الأمام... أو إلى الخلف. وكأننا أمام طريقين متوازيين، لا نعرف أيهما تسلكه الطبيعة فعلاً. انعكاسات مذهلة على الفيزياء والكون هذا الاكتشاف لا يغيّر فقط فهمنا للزمن، بل يفتح أبواباً جديدة في مجالات الديناميكا الحرارية، والفيزياء الكونية، وحتى في تفسير نشأة الكون. فحتى مع وجود سهمين للزمن، تظل الإنتروبيا تتزايد، مما يعني أن "الفوضى" تظل تتصاعد بغض النظر عن اتجاه الزمن. ويصف البروفيسور أندريا روكّو، المشرف على الدراسة، الأمر بأنه "دعوة لإعادة التفكير في كل ما كنا نظنه بديهياً عن الزمن". ورغم أن الدراسة لا تؤكد نظريات مثل "الكونين التوأمين" الناتجين عن الانفجار العظيم، إلا أنها تمنح هذه الأفكار أرضية علمية جديدة. الزمن كشبكة طرق... ولكن بلا إشارات يشبّه روكّو الزمن بشبكة من الطرق: يمكنك رؤية المسارات، لكنك لا تعرف اتجاه السير. هذا التشبيه يلخص ببراعة مدى تعقيد الزمن في العالم الكمومي، ويثير تساؤلات عميقة: هل نحن نسير في الاتجاه الصحيح؟ وهل هناك من يسير في الاتجاه المعاكس في كونٍ موازٍ؟ في النهاية، لا يتعلق هذا الاكتشاف بإمكانية السفر عبر الزمن أو بناء آلات زمنية، بل بتوسيع أفقنا لفهم الزمن ذاته. إنه تذكير بأن الكون لا يزال يحتفظ بأسراره، وأن الزمن، الذي نظنه مفهوماً بسيطاً، قد يكون أعقد مما تخيلنا.


سواليف احمد الزعبي
منذ 5 أيام
- سواليف احمد الزعبي
أجسام فضائية غير مرئية قد تخترق عالمنا وتمر عبر أجسادنا دون أن نشعر!
#سواليف تعد الثقوب السوداء من أكثر #الأجسام عنفا وغموضا في #الكون، وقد تبدو الفكرة مرعبة، إلا أن آلافا من هذه #الفراغات الكونية قد تمر من خلال منزلك في هذه اللحظة ذاتها. ويعتقد #العلماء أن الكون قد يكون ممتلئا بأجسام تعرف باسم 'الثقوب السوداء البدائية'، وهي كيانات صغيرة جدا يُعتقد أنها تجوب الكون منذ لحظاته الأولى، وربما تشكّل جزءا كبيرا من 'المادة المظلمة' التي حيّرت العلماء لعقود. ورغم أن الثقوب السوداء تُعرف عادة بأجسامها العملاقة التي تبتلع النجوم وتشوّه نسيج الزمكان، إلا أن الثقوب السوداء البدائية تختلف تماما، فهي مجهرية الحجم، وقد لا يتجاوز قطرها قطر ذرة هيدروجين، لكن كتلتها قد تتراوح بين كتلة بكتيريا واحدة وكويكب متوسط الحجم. وتشير بعض النظريات العلمية إلى أن هذه الثقوب تشكّلت بعد #الانفجار_العظيم مباشرة، في وقت لم تكن فيه النجوم قد وُجدت بعد. حينها كانت كثافة الطاقة ودرجات #الحرارة في الكون عالية للغاية، ما أدى إلى انهيار جيوب دقيقة من المادة وتحولها إلى ثقوب سوداء فائقة الصغر. ويقول الدكتور دي تشانغ داي، الباحث في جامعة يانغتشو بالصين: ' #الثقوب_السوداء البدائية تشكّلت في فترة مبكرة جدا من عمر الكون، عندما كانت طاقته عالية بما يكفي لضغط كميات ضئيلة من المادة وتحويلها إلى ثقوب سوداء صغيرة للغاية'. وبحسب هذه الفرضية، فإن بعض هذه الثقوب تبخر مع مرور الزمن عبر ما يُعرف بـ'إشعاع هوكينغ'، إلا أن بعضها لا يزال قائما، ربما على شكل بقايا صغيرة جدا تُعرف بـ'بقايا كتلة بلانك'، تبلغ كتلتها نحو 10 ميكروغرامات فقط. وإذا كانت هذه الثقوب السوداء البدائية تشكّل المادة المظلمة — وهي الكتلة 'المفقودة' التي يُعتقد أنها تشكّل نحو 27% من كتلة الكون — فإنها يجب أن تكون منتشرة في كل مكان، بما في ذلك داخل نظامنا الشمسي بل وحتى حول منازلنا. وتشير بعض الحسابات إلى أن نحو 1000 ثقب أسود قد يمر عبر كل متر مربع من الأرض كل عام. وهذا يعني أن منزلك، وجسمك، قد يتعرض لاختراق هذه الأجسام من دون أن تشعر أو تلحظ. هل علينا أن نقلق؟ ليس بالضرورة. فالثقوب السوداء البدائية، رغم اسمها المهيب، قد لا تشكّل أي خطر فعلي إذا كانت كتلتها صغيرة كما يرجّح بعض العلماء. ويقول البروفيسور ديجان ستويكوفيتش من جامعة بافالو: 'إذا كانت الكتلة لا تتجاوز بضعة ميكروغرامات، فإن مرور آلاف منها عبر أجسامنا سنويا لن يُحدث أي أثر ملموس، بل قد تمر من خلال خلايانا دون أن نلاحظ شيئا'. ولكن بعض النماذج تشير إلى احتمالية وجود ثقوب سوداء بدائية بكتلة تقارب كويكبا صغيرا، تتحرك بسرعات عالية تصل إلى 300 كيلومتر في الثانية. وفي هذه الحالة، ورغم صغر حجمها، فإنها تحمل طاقة حركة هائلة وقد تتسبب بأضرار حقيقية عند الاصطدام. وتقول الدكتورة سارة غيلر، الفيزيائية النظرية من جامعة كاليفورنيا: 'لو مرّ أحد هذه الثقوب السوداء الأكبر عبر جسم إنسان، فقد يسبب أضرارا جسيمة رغم أن الثقب نفسه لا يترك سوى فتحة صغيرة للغاية، إلا أن الطاقة الناتجة قد تكون كفيلة بتمزيق الأنسجة'. وتشير بعض التقديرات إلى أن ثقبا أسودا بكتلة 7 تريليونات طن سيحمل طاقة تصادم تعادل طلقة من بندقية عيار 22 — كافية لإحداث أذى خطير. لكن الخبر السار أن احتمال التعرض لمثل هذا الاصطدام يكاد يكون معدوما. وتقول غيلر: 'فرصة اصطدامك بثقب أسود من هذا النوع تشبه احتمالية إسقاط حبة فول سوداني من طائرة لتصيب شفرة عشب معينة في حقل بحجم مليون ملعب كرة قدم'. لماذا كل هذا الاهتمام الآن؟ يعود السبب الرئيسي إلى ارتباط هذه الثقوب بالمادة المظلمة — أكبر ألغاز الفيزياء الحديثة. فحتى الآن، فشلت كل محاولات الكشف المباشر أو غير المباشر عن هذه المادة الغامضة، ما دفع بعض العلماء للبحث عن حلول خارج التوقعات التقليدية. ويبدو أن الثقوب السوداء البدائية، رغم غرابتها، قد تكون أحد أكثر التفسيرات منطقية.


جفرا نيوز
منذ 7 أيام
- جفرا نيوز
فلكي أردني يكشف عن أهمية الفيزياء النووية
جفرا نيوز - في وقت تتسارع فيه الابتكارات التكنولوجية وتتفاقم فيه التوترات الجيوسياسية على المستويات كافة، تبرز الفيزياء النووية كواحدة من أكثر فروع العلم حساسية وتأثيرا في حاضر البشرية ومستقبلها، وفق ما يؤكده عمار السكجي، الفيزيائي النظري ورئيس الجمعية الفلكية الأردنية. ويصف السكجي الفيزياء النووية بأنها علم يقف عند مفترق طرق حاسم بين الأمل والخطر؛ فهي من جهة تكشف عن قدرة العلم على تقديم حلول مذهلة لمشكلات الطاقة حول العالم، ومن جهة أخرى تسلّط الضوء على هشاشة التوازن الدولي في ظل التهديدات النووية المتزايدة. ويوضح أن الطاقة النووية، من خلال التفاعلات المعقدة في أعماق الذرة، تُعد اليوم من أقوى مصادر الطاقة على الإطلاق، ويمكن أن تشكّل ركيزة مستقبلية للتنمية المستدامة إذا ما وُضعت في إطار الاستخدام السلمي المنضبط. لكن الوجه الآخر لهذه القوة يكمن في قدرتها على إحداث دمار هائل يتجاوز الوصف، كما أثبت التاريخ في هيروشيما وناجازاكي، وكما تهدد به السياسات النووية الحديثة في أكثر من ساحة إقليمية ودولية. ويؤكد السكجي أن هذا التناقض الجوهري في جوهر الفيزياء النووية بين البناء والتدمير، يفرض الحاجة إلى رفع مستوى الوعي العام بمخاطر هذه التقنية ومنافعها، إلى جانب ضرورة ترسيخ مبادئ الشفافية العلمية، وتفعيل الرقابة الدولية الرشيدة والعادلة، وتعزيز التعاون بين الأمم، من أجل ضمان مستقبل آمن ومزدهر للبشرية. أوضح السكجي أن الفيزياء النووية هي فرع من الفيزياء يهتم بدراسة نواة الذرة وتفاعلاتها، وتتضمن مفاهيم محورية، مثل الانشطار النووي، وهي عملية انقسام نواة ثقيلة (مثل يورانيوم-235 أو بلوتونيوم-239) إلى نواتين أصغر مع انبعاث طاقة هائلة. أما الاندماج النووي، فهي اندماج نواتين خفيفتين (مثل الديوتيريوم والتريتيوم) لتكوين نواة أثقل، وهي التفاعلات التي تحدث في الشمس. ويعرف النشاط الإشعاعي بأنه تفكك تلقائي لنوى غير مستقرة مع انبعاث جسيمات (ألفا، بيتا) أو أشعة غاما، فيما يقصد بـ "الإشعاع المؤين" بأنه إشعاع قادر على إزالة إلكترونات من الذرات، ويشمل النيوترونات، وأشعة غاما، وجسيمات ألفا وبيتا. الأصول الكمومية للنظرية النووية تمتد جذور الفيزياء النووية الحديثة إلى أعماق ميكانيكا الكم، حيث تمثل النواة نظامًا معقدًا تحكمه القوانين الكمومية أكثر من الكلاسيكية. لفهم سلوك الأنوية الذرية والجسيمات دون الذرية، تعتمد الفيزياء النووية على مجموعة معادلات ونماذج رياضية، من أبرزها: معادلة شرودنجر: تشكّل العمود الفقري لنمذجة النظام النووي غير النسبي، وتُستخدم لحساب مستويات الطاقة في النواة والاحتمالات الكمومية لتواجد الجسيمات، وتمثل الأساس لفهم سلوك الجسيمات داخل وخارج النواة. معادلة ديراك: تدخل في توصيف الأنوية ذات الطاقات العالية، وتدمج بين ميكانيكا الكم والنسبية الخاصة، وقد سمحت بالتنبؤ بوجود نظير الإلكترون (البوزيترون). مخططات فاينمان: أداة رسومية لحساب العمليات النووية مثل التحلل الإشعاعي، والتفاعلين القوي والضعيف، وتفاعلات الاندماج والانشطار، وتُستخدم ضمن نظرية الحقل الكمومي لتسهيل تمثيل المعادلات التداخلية. الديناميكا اللونية (QCD): النظرية الأساسية التي تصف التفاعل النووي القوي بين الكواركات داخل البروتونات والنيوترونات، وتفسر سبب احتجاز الكواركات داخل الجسيمات المركبة، وتوضح كيف تتولد معظم كتلة النواة من طاقة الربط بين الكواركات وليس من كتلها الفردية. وتشكل هذه النظريات إطارًا لفهم البنية الدقيقة للنواة، وآليات إنتاج الطاقة النووية، وتفاعلات التحول بين الجسيمات، كما تُسهم في تطوير نماذج المحاكاة الرقمية للمفاعلات النووية وأبحاث الاندماج، مما يجعل الفيزياء النووية في قلب الثورة العلمية الحديثة. يمثل تطور البرامج النووية العالمية انعكاسًا مباشرًا لتقاطع العلم بالسياسة، حيث لعبت الفيزياء النووية دورًا محوريًا في التوازنات الدولية منذ منتصف القرن العشرين. ويمكن تتبع التسلسل الزمني لهذا التحول الجيوسياسي عبر أهم المحطات: 1942–1945: انطلاق مشروع مانهاتن الأميركي، أول برنامج نووي عسكري، أدى إلى تصنيع أول قنبلتين ذريتين أُلقيتا على هيروشيما وناجازاكي عام 1945، ما تسبب بمقتل أكثر من 200,000 شخص. 1949: الاتحاد السوفييتي يفاجئ العالم بإجراء أول تجربة نووية ناجحة، ويطلق سباق تسلح نووي محموم. 1952–1960: المملكة المتحدة (1952)، فرنسا (1960)، ثم الصين (1964) تنضم إلى النادي النووي، معززةً مفهوم الردع النووي المتعدد الأقطاب. 1968: توقيع معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية (NPT)، التي سعت للحد من الانتشار مقابل ضمان حق الاستخدام السلمي. 1974: الهند تُجري أول تجربة نووية تحت شعار "تفجير سلمي"، ما أثار مخاوف من تفشي التقنية خارج الدول الخمس المعترف بها. 1998: باكستان ترد بتجارب نووية بعد تجارب هندية جديدة، لتصبح شبه القارة الهندية واحدة من أخطر بؤر التوتر النووي. 1986: كارثة تشيرنوبيل تعيد رسم أولويات الأمن النووي عالميًا. 2003–2006: تصاعد القلق الدولي من البرنامج النووي الإيراني، مع تعثّر المفاوضات حول شفافيته وأهدافه. 2015: توقيع الاتفاق النووي الإيراني (JCPOA) مع القوى الكبرى، يقيّد تخصيب اليورانيوم مقابل رفع العقوبات. 2018–2022: انسحاب واشنطن من الاتفاق وعودة العقوبات، تليها زيادة في نسبة التخصيب الإيرانية لتتجاوز 60%، ما يقرّبها تقنيًا من حدود التسليح. 2024–2025: تتواتر التهديدات الإسرائيلية والأميركية باستهداف منشآت نووية إيرانية، ما يعيد إشعال المخاوف من اندلاع صراع نووي إقليمي في الشرق الأوسط. وفي خضم هذه المحطات، أجرت كوريا الشمالية تجارب نووية منذ عام 2006 رغم العقوبات، ويُشتبه بامتلاك إسرائيل ترسانة نووية غير معلنة، فيما يواصل المجتمع الدولي محاولاته للحد من الانتشار النووي عبر الدبلوماسية، والردع، والتقنيات الرقابية. المنشآت في الشرق الأوسط شهد الشرق الأوسط خلال العقود الماضية تصاعدًا ملحوظًا في النشاط النووي، سواء للأغراض السلمية أو ذات الطابع العسكري، مما جعله واحدًا من أكثر المناطق حساسية على المستوى النووي عالميًا: ديمونا (إسرائيل): يقع في صحراء النقب، ويُعتقد أنه نشط منذ الستينيات. تشير تقارير غير رسمية إلى استخدامه لإنتاج البلوتونيوم لصنع الأسلحة النووية. إسرائيل لم توقّع على معاهدة NPT، وترفض السماح بتفتيش منشآتها، ما يعزز الاعتقاد بامتلاكها ترسانة سرية تُقدّر بـ 80 إلى 200 رأس نووي. بوشهر (إيران): أول محطة طاقة نووية إيرانية، بُنيت بدعم روسي وتخضع لتفتيش وكالة الطاقة الذرية. رغم طابعها المدني، إلا أن قربها من مواقع تخصيب ومفاعل آراك جعلها في قلب النزاع. نطنز وفوردو (إيران): منشآت تخصيب تحت الأرض تحتوي على أجهزة طرد مركزي متقدمة، وتعرضت لهجمات سيبرانية وعسكرية إسرائيلية وأميركية مؤخرًا. أنشاص (مصر): مفاعل بحثي من أقدم المفاعلات في المنطقة، يُستخدم لأغراض علمية ويخضع لتفتيش دوري. السعودية: رغم عدم امتلاك مفاعل نشط، أعلنت نيتها بناء مفاعلات سلمية، مع تقارير عن مشاريع بحثية واستخلاص محلي لليورانيوم. الإمارات: دشّنت محطة "براكة"، أول مشروع نووي عربي لإنتاج الكهرباء تجاريًا، وتخضع لإشراف صارم من الوكالة الدولية للطاقة الذرية. كما توجد منشآت أخرى دُمّرت أو خرجت من الخدمة. ومع غياب معاهدة إقليمية لنزع السلاح النووي، تبقى المنطقة مرشحة للتصعيد، خاصة في حال حدوث خلل في توازن الردع أو استهدافات غير تقليدية للمنشآت الحساسة. الانشطار أم الاندماج؟ يُستخدم الانشطار النووي حاليًا في المفاعلات والأسلحة، لكنه ينتج نفايات مشعة طويلة الأمد، فيما الاندماج النووي لا يُنتج نفايات طويلة العمر، لكنه يتطلب حرارة وضغطًا هائلين. ومن الأبحاث الواعدة؛ ITER (فرنسا) وهو مشروع دولي لتجريب اندماج الديوتيريوم والتريتيوم، إضافة إلى مشروع NIF (الولايات المتحدة)، الذي أعلن عام 2022 عن نجاح أول تفاعل اندماجي بطاقة موجبة، ومشروع HL-2M (الصين)؛ الذي حقق حرارة تفوق 150 مليون درجة مئوية. وتتنوع استخدامات الفيزيا النووية السلمية؛ إلى الطب النووي ويتضمن التشخيص والعلاج باستخدام نظائر مثل Tc-99m، في الزراعة لتعقيم الحشرات وتتبع المياه الجوفية، في الصناعة لفحص اللحام وقياس الكثافة، وفي تحلية المياه من خلال استخدام حرارة المفاعلات النووية. ومن المخاطر الإشعاعية؛ فإن التعرض الحاد يسبب التهابات، تلف الحمض النووي، وموت الخلايا، أما التعرض المزمن يسبب السرطان، العقم، والتشوهات الخلقية، وبعض النظائر تبقى مشعة لآلاف السنين. وحول العالم أكثر من 13,000 رأس نووي تملكها 9 دول، فيما تواجه معاهدات مثل NPT وSTART ضغوطًا سياسية متزايدة، أما السلاح النووي، فهو أداة ردع فعالة، لكنه خطر دائم على البشرية. تخصيب اليورانيوم: سلميا وعسكريا يعرف تخصيب اليورانيوم بأنه عملية لزيادة نسبة اليورانيوم-235 القابل للانشطار، من نسبته الطبيعية البالغة 0.7%، ويُستخدم في 3–5% لتوليد الكهرباء في مفاعلات مدنية، 20–60% في مفاعلات الأبحاث، وأكثر من 90% لصناعة الأسلحة النووية أو غواصات الدفع النووي. وتخضع منشآت التخصيب لرقابة صارمة من الوكالة الدولية للطاقة الذرية (IAEA)، وغالبًا ما يُعد تجاوز التخصيب 20% مؤشرًا تقنيًا للاقتراب من مستوى الاستخدام العسكري. وفي ظل التوترات الإقليمية والمخاوف من تسرب إشعاعي عابر للحدود، أعلنت هيئة الطاقة الذرية الأردنية جاهزيتها الكاملة للتعامل مع أي طارئ نووي قد يؤثر على البلاد. وتتضمن الخطة الوطنية توزيع أقراص يوديد البوتاسيوم (KI) على المواطنين إذا تجاوزت مستويات الإشعاع الحدود المسموح بها. وتعمل هذه الأقراص على حماية الغدة الدرقية من امتصاص اليود المشع، أحد أخطر النظائر الناتجة عن التسربات النووية، وتُعد إجراءً فعالًا لحماية الأطفال والنساء الحوامل. وأكد السكجي أن هذا الاستعداد يعكس وعي الأردن بأهمية الأمن النووي الإقليمي، والتزامه بالبروتوكولات الدولية لحماية السكان والتخطيط للطوارئ.