logo
ديمقراطية الموت والدمار بين غزة وتل أبيب

ديمقراطية الموت والدمار بين غزة وتل أبيب

أكادير 24١٦-٠٦-٢٠٢٥
agadir24 – أكادير24
في سابقة هي الأولى من نوعها، وفي تحدٍّ صارخ للقانون الدولي، قامت إسرائيل بهجوم مباغت على دولة ذات سيادة وعضو في الأمم المتحدة.
في ليلة واحدة قامت إسرائيل باغتيال العديد من القادة العسكريين وعلماء التكنولوجيا النووية ومدنيين بما فيهم الأطفال. من منظور القانون الدولي، هذا الهجوم هو جريمة حرب مكتملة الأركان. لكننا في المقابل، لم نشهد أي تنديد من الدول الغربية، بل إن الرئيس الأمريكي وصف الهجوم بأنه 'ممتاز'. وأعلنت فرنسا على لسان رئيسها، أن دولته ستساند إسرائيل إذا قامت إيران بالرد عليها.
الدول العربية التي كان عليها التمسك بالقانون الدولي والمطالبة بتطبيق بنوده على كل مخالف، تأرجحت مواقفها بين الصمت والإدانة المحتشمة. وكان موقف كل من المملكة العربية السعودية وباكستان، هو الأبرز من بين جميع ردود الفعل. كانت إدانة السعودية وباكستان قوية في إدانة العدوان الإسرائيلي، وكانت التصريحات واضحة في هذا المجال، ومتمسكة بضرورة التقيد بالقانون الدولي.
الضربة الكبيرة التي تلقتها إيران في العدوان، لم تكن هي مفاجأة هذه الحرب. فالكل يعلم الدعم الأمريكي لإسرائيل استخباراتيا وعسكريا. كما يعلم الجميع أن عشرة دولة غربية تقف إلى جانب إسرائيل في مخالفتها بل وتحديها للقانون الدولي، على رأسها بريطانيا وفرنسا.
مفاجأة هذه الحرب، هي القدرة الكبيرة التي تمتلكها إيران في تدمير عقر كيان الاحتلال، وضرب قلب تل أبيب. ظلت إسرائيل ومعها أمريكا والدول الغربية، تُروج إلى ما تملكه دولة الاحتلال من منظومات مضادة للصواريخ، تتشكل من ثلاثة مستويات: مضادات للصواريخ القصيرة المدى وللطائرات بدون طيار أو ما يُعرف بالقبة الحديدية، مضادات للصواريخ المتوسطة المدى وأخيرا مضادات للصواريخ العابرة للقارات. هذا يعني أن أي دولة، مهما امتلكت من قوة صاروخية، لا يمكنها إلحاق الدمار بإسرائيل.
لكن جواب إيران على الاعتداء الإسرائيلي، أثبت أن الجمهورية الإسلامية تملك صواريخ متطورة قادرة على اختراق كل تلك المضادات بما فيهم القبة الحديدية. علما أن إيران تنهج حرب الضربات التصعيدية. فكل يوم تزداد حدة الضربات الإيرانية في عقر كيان الاحتلال، كان آخرها صواريخ 'فرط صوت' (suer sonic) التي تصل أهدافها بدقة. علما أن إيران لم تستخدم بعدُ صواريخها الحديثة.
قُدرة الصواريخ الإيرانية على تدمير المنشآت الاستراتيجية على رأسها معهد 'وايزمان' رمز التكنولوجيا العسكرية الإسرائيلية في المجال النووي، والعقل العلمي للجيش، جعلنا نتتبع عبر وسائل الإعلام العالمية، مشاهد القتل والدمار داخل إسرائيل وكأننا نرى الدمار الذي قام به كيان الاحتلال في قطاع غزة.
ما قام به كيان الاحتلال من تقتيل ودمار في غزة، ها هو اليوم يتذوق مرارته بفعل الصواريخ الإيرانية. صور القتل والدمار داخل إسرائيل التي نشاهدها هذه الأيام مباشرة على القنوات العالمية، جعلتنا لا نميز بينها وبين ما اعتدنا على مشاهدته في قطاع غزة.
إنها الديمقراطية في توزيع آلام الموت والدمار بين غزة وتل أبيب.
سعيد الغماز-كاتب وباحث
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

بنسعيد يوقع بجنيف مذكرة تفاهم مع المنظمة العالمية للملكية الفكرية
بنسعيد يوقع بجنيف مذكرة تفاهم مع المنظمة العالمية للملكية الفكرية

جريدة الصباح

timeمنذ 2 ساعات

  • جريدة الصباح

بنسعيد يوقع بجنيف مذكرة تفاهم مع المنظمة العالمية للملكية الفكرية

شارك المغرب، ممثلا بوزير الشباب والثقافة والتواصل، محمد المهدي بنسعيد، اليوم الثلاثاء في الدورة الـ66 لاجتماعات جمعيات الدول الأعضاء في المنظمة العالمية للملكية الفكرية (الويبو – WIPO)، المنعقدة بجنيف السويسرية خلال الفترة ما بين 8 و17 يوليوز 2025. وضم الوفد المغربي كلا من عمر زنيبر، السفير الممثل الدائم للمملكة لدى مكتب الأمم المتحدة بجنيف، وعبد العزيز بابقيقي، المدير العام للمكتب المغربي للملكية الصناعية والتجارية (OMPIC)، إلى جانب دلال محمدي علوي، مديرة المكتب المغربي لحقوق المؤلف والحقوق المجاورة. وفي كلمته خلال الجلسة، أكد الوزير بنسعيد التزام المغرب، تحت القيادة الملكية السامية، بتعزيز التعددية كإطار للتشاور والتضامن الدولي وبناء حلول مستدامة. وشدد على الدور الاستراتيجي للملكية الفكرية كأداة للتحول الاقتصادي والاجتماعي والثقافي والتكنولوجي، مبرزاً أن المغرب يدعم إقامة نظام عالمي عادل ومتوازن للملكية الفكرية يخدم التنمية المستدامة. كما أشاد الوزير باعتماد المنظمة لاتفاقيتين دوليتين جديدتين في عام 2024، واعتبر أن هذا الإنجاز يعكس مرونة العمل متعدد الأطراف، رغم التعقيدات التي يعرفها السياق الدولي. وفي هذا السياق، دعا المغرب إلى فتح نقاش دولي معمق حول التحديات القانونية والأخلاقية التي تطرحها التقنيات الناشئة، وخاصة الذكاء الاصطناعي، واقترح أن تضطلع منظمة الويبو بدور قيادي في هذا المجال، بما يضمن الإنصاف والسيادة الرقمية. وفي سياق متصل، جدد المغرب تأكيد قناعته بأن التعاون بين دول الجنوب والتعاون الإقليمي يشكلان رافعة أساسية لتمكين الدول النامية من الاستفادة الكاملة من نظام الملكية الفكرية العالمي، في إطار رؤية ملكية تؤمن بقوة التعاون والشراكة. وقد شهد اللقاء توقيع مذكرة تفاهم جديدة بين المغرب والمنظمة العالمية للملكية الفكرية، بهدف تعزيز الإبداع، وتقوية القدرات الوطنية، ودعم السياسات العامة في هذا المجال. كما جرى تسليط الضوء على عدد من المشاريع النموذجية مثل مشروع WIPO-CONNECT، ومبادرة تثمين خشب العرعر في الصويرة، وبرنامج السياحة الذوقية، والتي تعكس عمق التعاون بين الطرفين. وأكد بنسعيد في كلمته أن الملكية الفكرية تعد محفزا رئيسيا للابتكار والتنمية المستدامة، موضحا أن المغرب يعمل على تنفيذ استراتيجية وطنية طموحة في هذا المجال من خلال خارطة طريق 2022-2026، يقودها OMPIC، وتتماشى مع أهداف التنمية المستدامة. وسجل الوزير أن عام 2024 شكل نقطة تحول في مجال الملكية الفكرية بالمغرب، حيث ارتقى المغرب إلى المرتبة الأولى عالمياً في عدد التصاميم والنماذج الصناعية حسب الناتج المحلي، إلى جانب تحقيق نمو لافت في الإيداعات: +14% للعلامات التجارية، +26% للتصاميم والنماذج، و+4% للبراءات، وهو ما يعزى إلى التحول الرقمي الكبير لخدمات OMPIC، والتوعية الواسعة، وإنشاء مساحات للملكية الفكرية في الجامعات. كما أشار الوزير إلى دينامية متقدمة في مجال المؤلف والحقوق المجاورة، مع استمرار تحديث الإطار القانوني وتفعيل المراسيم التطبيقية، وتطوير أداء المكتب المغربي لحقوق المؤلف بشراكة مع الويبو، مما يكرس التزام المملكة بتعزيز حماية الإبداع والمبدعين. ويؤكد حضور المغرب الفاعل في اجتماعات المنظمة العالمية للملكية الفكرية حرصه على أن يكون شريكا أساسيا في صياغة السياسات العالمية المرتبطة بالابتكار والملكية الفكرية، بما يخدم مصالحه الوطنية ويعزز موقعه كبلد رائد في المنطقة في هذا المجال الحيوي.

ترامب يفرض رسوما جمركية جديدة على تونس
ترامب يفرض رسوما جمركية جديدة على تونس

الأيام

timeمنذ 4 ساعات

  • الأيام

ترامب يفرض رسوما جمركية جديدة على تونس

أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، أن الولايات المتحدة ستفرض رسوما جمركية جديدة على تونس بقيمة 25 بالمئة، مع بداية شهر غشت المقبل. وقال ترامب، في رسالة وجهها للرئيس التونسي قيس سعيد، ونشرتها الخارجية الأمريكية: 'يشرفني أن أبعث إليكم بهذه الرسالة، فهي تُبرز متانة علاقاتنا التجارية والتزامنا بها، وموافقة الولايات المتحدة الأمريكية على مواصلة العمل مع تونس، رغم وجود عجز تجاري كبير مع بلدكم العظيم. ومع ذلك، فقد قررنا المضي قدمًا معكم، ولكن بتجارة أكثر توازنًا وعدالة. لذلك، ندعوكم للمشاركة في الاقتصاد الاستثنائي للولايات المتحدة، السوق الأولى في العالم بلا منازع'. وأكد أن القرار جاء بعد نقاش طويل للعلاقات التجارية مع تونس، مضيفا: 'خلصنا إلى ضرورة تجاوز هذا العجز التجاري طويل الأمد والمستمر الناتج عن سياسات تونس الجمركية وغير الجمركية والحواجز التجارية'. وبلغت قيمة الصادرات التونسية إلى الولايات المتحدة أكثر من مليار دولار العام الماضي، وفق منصة الأمم المتحدة للتجارة، وتشمل أساسا زيت الزيتون والتمور والنسيج. وأوضح ترامب في رسالته لسعيد، أن القرار هو 'أقل بكثير مما هو مطلوب للقضاء على التفاوت في العجز التجاري لدينا مع بلدكم'، لكنه أكد في المقابل، أنه لن يتم فرض رسوم على الشركات التونسية التي تفكر في العمل داخل الولايات المتحدة. وأضاف أن 'هذه الرسوم ضرورية لتصحيح سياسات تونس الجمركية وغير الجمركية والحواجز التجارية المستمرة منذ سنوات طويلة، والتي تسببت في عجز تجاري مع الولايات المتحدة، وهذا العجز يُشكل تهديدًا كبيرًا لاقتصادنا، بل ولأمننا القومي'. وأكد أنه في حال قررت تونس زيارة رسومها الجمركية على المنتجات الأمريكية (والتي تبلغ 55 بالمئة)، فستقوم الولايات المتحدة بإضافة نفس نسبة الزيادة الجديدة على الرسوم التي تم فرضها على المنتجات التونسية. وختم ترامب بقوله: 'نتطلع إلى العمل معكم كشريك تجاري لسنوات عديدة قادمة. إذا رغبتم في فتح أسواقكم التجارية المغلقة حتى الآن أمام الولايات المتحدة، وإلغاء سياساتكم الجمركية وغير الجمركية والحواجز التجارية، فربما ندرس تعديل هذه الرسوم'. يذكر أن ترامب توجه برسائل مماثلة إلى كل من اليابان وكوريا الجنوبية، واللذين يعتبران من أهم شركاء أمريكا التجاريين، حيث سيواجهان رسوما جمركية مماثلة، فضلا عن ماليزيا وكازاخستان وجنوب إفريقيا وميانمار ولاوس، والتي تواجه رسوما جمركية تصل إلى 40 بالمئة. Letter from President Donald J. Trump to Kais Saied President of the Republic of Tunisia — U.S. State Dept – Near Eastern Affairs (@StateDept_NEA)

افتحوا عيونكم إننا وسط حرب عالمية ثالثة !
افتحوا عيونكم إننا وسط حرب عالمية ثالثة !

بديل

timeمنذ 15 ساعات

  • بديل

افتحوا عيونكم إننا وسط حرب عالمية ثالثة !

هل وضعت الحرب أوزارها؟ وهل جنحت الأطراف إلى السلم بعد مغامرة نتنياهو وترامب في جبال إيران؟ (وإن جنحوا للسلم فاجنح لها) أبدًا… لا يزال هذا الأمل بعيدًا، وما زالت في عقول ونفوس المتحاربين ذخائر مشتعلة، وقدرة رهيبة على إشعال كل أنواع الحروب: الكلاسيكية، الحديثة، والهجينة. في غزة، ما زالت الحرب في أوجها رغم مرور 21 شهرًا. الفلسطينيون لا يزالون يعددون قتلاهم، ويحصون جثث أطفالهم. ونتنياهو يتلذذ بالإبادة الجماعية وجرائم ضد الإنسانية، دون أن يردعه أحد. بل إن هروبه من أزماته الداخلية جعله يفكر في توسيع رقعة معاركه، وكأنه 'نابليون العصر'. امتدّت طائراته إلى إيران لضرب مشروعها النووي، ولأنه عاجز عن إتمام المهمة بمفرده، أخذ بيده رئيس أقوى دولة في العالم، ترامب الأرعن، الذي أغراه 'بيبي' بنصر خاطف من الجو ضد المفاعلات النووية الإيرانية… وهكذا فعل. زين السامري الجديد لترامب عبادة القوة والعجل معًا، فهاجم إيران ثم دعاها للسلام! سلام القتلة الذين يخوضون حروبهم بلا أي غطاء قانوني أو شرعي… وها هو الآن يعرض عليها صفقة قيمتها 30 مليار دولار مقابل التخلي عن النووي، كما أوردت قناة CNN. في هذه الساعة، التي أكتب فيها هذه الكلمات، كم حربًا مشتعلة حرفيًا حول العالم؟ * حرب أوكرانيا، التي دخلت سنتها الثالثة، ولا حلّ يلوح في الأفق. * حرب غزة، التي دخلت شهرها الـ21، ولا يزال عدّاد الشهداء يدقّ كل لحظة. * حرب إيران، التي اشتعلت لاثني عشر يومًا، والآن تُخاض حرب باردة في الكواليس لكسر الإرادة. * حرب لبنان، حيث صار البلد مستباحًا، وإسرائيل تضرب وتقتل متى شاءت. * حرب اليمن، التي لا تزال قنبلة موقوتة مرشحة للاشتعال في أي لحظة، تجاه أمريكا أو تجاه إسرائيل. * حرب سوريا، حيث تواصل إسرائيل قصفها، وتحتل قرى بكاملها بذريعة تصفية ما تبقى من ترسانة الأسد. * حرب السودان، حيث 'الإخوة الأعداء' ما زالوا يخربون بلادهم بأيديهم، تحت رعاية إماراتية معلَنة. ثم هناك باكستان والهند، حيث الحرب دائمًا على الأبواب، تشعلها ثارات الماضي وحسابات المستقبل، ومعها أخطر ترسانة نووية في آسيا. أما الصين، فتراقب جزيرة تايوان مثل قرش يطوف حول فريسته، وتايوان تحتمي بالأسطول الأمريكي، والحرب حاضرة دائمًا في جدول أعمال بكين. كوريا الشمالية تواصل تجاربها الصاروخية، وبين تجربة وأخرى، تطلق تهديدات لجارتها الجنوبية وحلفاء أمريكا. هل انتهينا؟ لا، فهناك حروب أخرى بلا نيران، لكنها أشد شراسة: * حرب المصالح والاقتصادات. * حرب أمن المعلومات والبنية الرقمية. * حرب التجارة العالمية، حيث تُستخدم الرسوم الجمركية كقنابل وصواريخ. * حرب التجسس، التي تمهد لحروب قادمة. وهناك أيضًا سباق تسلّح عالمي، تعكسه ميزانيات الدفاع المتصاعدة في العالم؛ آخرها كان في اجتماع الناتو، حيث جاء ترامب ليقرع حلفاءه مطالبًا برفع الإنفاق العسكري من 2% إلى 5% من الناتج القومي، مرحّبًا بسباق التسلح الجديد. وهناك سباق محموم نحو التسلح النووي باعتباره 'بوليصة التأمين' الوحيدة للدول الصغرى ضد القوى الكبرى؛ إيران ماضية في الطريق، وربما تلحق بها السعودية ودول أخرى. النووي صار اليوم حامي الأنظمة وضامن بقائها. وهناك أيضًا حرب على القانون الدولي، ومؤسسات الأمم المتحدة، وكل المعاهدات التي وُلدت بعد الحرب العالمية الثانية؛ ترامب يدفن القانون الدولي يومًا بعد يوم، ويفتح الباب للفوضى العارمة. النظام الدولي يتهاوى أمام أعيننا، وأمريكا بقيادة ترامب تساهم في هدمه يوميًا، فلم تعد هناك مرجعية تحسم السلم أو الحرب، وصارت واشنطن نفسها طرفًا في الحروب بدل أن تكون صانعة سلام. وهكذا يبدو المشهد: كل ما نحتاجه هو عنوان لهذه المرحلة… والعنوان هو: نحن في قلب الحرب العالمية الثالثة… هذا ليس حماسًا زائدًا، ولا نبوءة متشائمة، ولا قراءة في فنجان أسود… بل هي فرضية علمية واستراتيجية صلبة. قبل أن نحكم إن كنا نعيش في قلب حرب عالمية ثالثة أو لا، دعونا نبدأ من الأصل: تعريف الحرب. ومن أفضل لتعريف الحرب من جنرال ومفكر عسكري ألماني قاتل في حروب نابليون، وخدم في الجيش البروسي، قبل أن يتفرغ لدراسة الحرب والتنظير لها، ألف كتابًا صار من مراجع الفكر العسكري إلى اليوم: 'عن الحرب – On War'… إنه كارل فون كلاوزفيتز (1780-1831). تعريفه الشهير للحرب يقول: 'الحرب استمرار للسياسة بوسائل أخرى.' لكن ماذا لو قلبنا هذا التعريف؟ ماذا لو صارت السياسة اليوم هي استمرار للحرب بوسائل أخرى؟ يقول كلاوزفيتز أيضًا: 'الحرب ليست فعلاً منعزلًا، بل أداة سياسية هدفها فرض إرادة دولة على أخرى لتحقيق أهداف معقدة: مصالح اقتصادية، نفوذ ترابي، هيمنة إقليمية، والتحكم في سيادة الآخر.' كل عناصر هذا التعريف حاضرة اليوم، بقوة، على طاولة العالم. نحن نعيش في قلب حرب هجينة: * فيها الجيوش والأسلحة والطائرات والصواريخ تتصادم في السماء والأرض، * وفيها أيضًا حروب على الحدود الجمركية، وفي الفضاء السيبراني، وفي أعماق الفضاء الخارجي وأقماره الصناعية، * وفيها معارك داخل الذكاء الاصطناعي وخوارزمياته الغامضة. من يختزل الحرب فقط في تحرك الجيوش، وطوابير الدبابات، ومنصات الصواريخ، لم يفهم بعد طبيعة العالم الجديد. الحرب حرباء… هكذا قال كلاوزفيتز: 'لا تستقر الحرب على حال، ولا تأخذ لونًا ثابتًا، بل تغيّر شكلها في كل مرة.' وإذا كان هذا صحيحًا في القرن التاسع عشر، فكيف لا يكون صحيحًا اليوم، بعدما تطورت أدوات الحرب وتعقّدت مصالحها وتشابكت مصالح الدول إلى حد الجنون؟ نحن أمام حرب هجينة، معارك بلا قوانين، ولا قواعد، ولا مواثيق: * فيها مزيج من الحرب التقليدية والحرب الجديدة. * فيها القتال داخل المعابر الجمركية، وفي وسائل الإعلام والتواصل، للتأثير على الرأي العام وتوجيهه في الأنظمة الديمقراطية ونصف الديمقراطية . * فيها قتال داخل مصانع الرقائق الإلكترونية في تايوان وحول العالم . * فيها صراع على المعادن النفيسة والمواد النادرة لصناعة البطاريات والتكنولوجيا الحديثة، من أوكرانيا إلى الكونغو، حيث تتصارع أمريكا والصين وأوروبا في الظلّ. حرب من نوع آخر: حين يصرّح ترامب بأنه طامع في ضمّ غرينلاند وكندا، فهذه ليست أحلام يقظة، بل تعبير صريح عن واقع جديد؛ حيث السيادة الوطنية لم تعد مقدسة في صراع الكبار. مثلما ضمّ بوتين القرم وربع أوكرانيا، يحلم ترامب بضمّ أراضٍ غنية بالمعادن والنفط لتحقيق انتصارات في مواجهة الصين. اليوم، عندما تتفوق شركة صينية مثل BYD على Tesla، وتصبح الأولى عالميًا في سوق السيارات الكهربائية خلال 4 سنوات فقط، فهذه ليست مجرد منافسة تجارية… إنها معركة حقيقية: * معركة تكنولوجية، لا تقل شراسة عن أي حرب عسكرية. * حرب شرسة، تُدار بعقلية الجيوش لا بعقلية الأسواق. والأخطر؟ أن هذه الحروب الاقتصادية والسيبرانية قد تجرّ إلى حروب عسكرية، والعكس أيضًا صحيح. نعم، نحن داخل حرب عالمية ثالثة، ولكن بأدوات وأشكال وآليات وأسلحة جديدة: * معارك بلا خطوط واضحة. * لاعبين غامضين. * جيوش نظامية تتداخل مع ميليشيات، وشركات أمن خاص، وذئاب منفردة، وعناصر غير دولتية (non étatique). فرانك هوفمان، المحلل الاستراتيجي الأمريكي، ومُنظّر مفهوم 'الحرب الهجينة'، وصف هذا النوع من الحروب بأنه: 'الجيل الجديد من الحروب، الذي يُربك الجيوش الكلاسيكية التي لا تزال تتهيأ لحروب قديمة.''الجيل الجديد من الحروب، الذي يُربك الجيوش الكلاسيكية التي لا تزال تتهيأ لحروب قديمة.' افتحوا أعينكم… نحن داخل حرب عالمية جديدة بأشكال جديدة وأسلحة جديدة وخطوط تماس جديدة سكريبت الحلقة الماضية من بودكاست كلام في السياسة الرابط في اول تعليق افتحوا أعينكم… نحن داخل المعركة.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store