
من السماء إلى المصانع.. كيف استنسخ السوفيات القاذفة بي-29؟
كانت هذه الطائرة نسخة شبه مطابقة للقاذفة الأمريكية الأسطورية بوينغ بي-29 سوبرفورترس، التي لعبت دورًا حاسمًا في الحرب العالمية الثانية، خاصة في عمليات القصف ضد اليابان، بما في ذلك إلقاء القنابل الذرية على هيروشيما وناغازاكي.
خلفية تاريخية من العداء والتوتر
رغم التحالف الأمريكي-السوفياتي خلال الحرب العالمية الثانية، كانت جذور العداء تعود إلى ثورة 1917. فقد دعمت واشنطن القوات المناهضة للبلاشفة خلال الحرب الأهلية الروسية، وشنّت حملات قمع ضد الشيوعيين داخل أمريكا ("مداهمات بالمر").
وحتى بعد تحالف الطرفين ضد هتلر، ظلت العلاقة أشبه بـ "زواج مصلحة" هشٍّ، حيث وصف مؤرخون النهج السوفياتي بأنه "طفيلية تكنولوجية".
سرقة الطائرة الأمريكية بي-29 حرفيًا
في عام 1944، اضطرت أربع قاذفات أمريكية من طراز بي-29 للهبوط اضطراريًا في الأراضي السوفياتية بعد تنفيذها غارات على منشآت يابانية في منشوريا.
وبدلًا من إعادة الطائرات إلى الولايات المتحدة، احتفظ بها السوفييت واعتبروها فرصة ذهبية لتطوير برنامجهم الخاص للقاذفات بعيدة المدى.
أصدر جوزيف ستالين أوامره إلى مكتب تصميم توبوليف، بقيادة أندريه توبوليف، بإنتاج نسخ من الطائرة الأمريكية بدقة متناهية.
كان مشروعتو-4 تحديًا ضخمًا للهندسة السوفياتية. فكان بدن الطائرة مصنوعًا من سبائك الألمنيوم خفيفة الوزن، ما تطلّب تقنيات تصنيع دقيقة لم تكن مألوفة في الصناعة السوفياتية آنذاك.
كما أن المحركات الأميركية من طراز رايت آر-3350 لم يكن لها نظير سوفياتي. لذلك، قام السوفييت بتطوير محرك شفيتسوف آش-73 ليحاكي أداء المحرك الأمريكي، إذ يولد قوة 2400 حصان لكل محرك.
أما نظم الطائرة الإلكترونية، فقد تم تطوير بدائل سوفياتية لها، لكنها كانت أقل تطورًا من نظيرتها الأمريكية، خاصة فيما يتعلق بأنظمة التحكم الناري وأجهزة الرصد والتوجيه.
كذلك، اضطر المهندسون السوفيات إلى التعامل مع مشكلة تحويل القياسات الأمريكية (بالبوصة) إلى النظام المتري، ما اضطرهم في أحيان كثيرة إلى الاحتفاظ بالوحدات الأصلية لضمان دقة النسخ.
وقد جُند آلاف المهندسين والفنيين والعمال من مختلف مكاتب التصميم والمصانع السوفياتية لإنجاز المشروع. وحتى أدق التفاصيل كألوان طلاء قمرة القيادة، وشكل المسامير على الأجنحة، تم نسخها.
دخول الخدمة وتأثيرها الاستراتيجي
أقلعت أول طائرة تو-4 في مايو/ أيار 1947، بعد عامين فقط من بدء المشروع، وخلال الفترة بين عامي 1947 و1952 تم إنتاج نحو 850 طائرة.
وبلغت سرعة الطائرة القصوى حوالي 357 ميلًا في الساعة، مع القدرة على التحليق على ارتفاع يصل إلى 36,000 قدم، ومدى يصل إلى 5400 ميل، وحمولة قنابل تصل إلى 20,000 رطل، بما في ذلك القنابل النووية التي طورها الاتحاد السوفياتي لاحقًا.
كان دخول تو-4 الخدمة علامة فارقة في التوازن الاستراتيجي العالمي، خاصة مع نجاح الاتحاد السوفياتي في إجراء أول تجربة نووية عام 1949. وقد أجبرت هذه التطورات الولايات المتحدة على تعزيز دفاعاتها الجوية وتسريع تطوير مقاتلات الاعتراض مثل إف-86 سابر.
واليوم، لم يتبقَ من طائرات تو-4 سوى عدد محدود محفوظ في المتاحف الروسية، كشاهد على حقبة كانت فيها سرقة التكنولوجيا والتجسس أدوات حاسمة في النزاعات الدولية.
aXA6IDkyLjExMy4yMzMuMTI5IA==
جزيرة ام اند امز
ES
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


العين الإخبارية
منذ 4 ساعات
- العين الإخبارية
«أزمة سلام» تهدد الائتلاف الحاكم في ألمانيا
أشعل التوجه نحو إعادة التسلح أزمة داخل الائتلاف الحاكم وهو ما سلط الضوء على الصراع الداخلي طويل الأمد. وشكلت جهود نحو 100 شخص مما يُعرف بـ"دوائر السلام" داخل الحزب الاشتراكي الديمقراطي تحديًا صارخًا لحمى الحرب التي أججها قادة الحزب المشارك في الائتلاف الحاكم إلى جانب حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي وحزب الاتحاد الاجتماعي المسيحي المحافظ بقيادة المستشار فريدريك ميرتس. وعلى الرغم من أن بيان "دوائر السلام" لا يحظى بدعم واسع في الحزب الاشتراكي الديمقراطي، إلا أن زعيم الحزب، نائب المستشار ووزير المالية لارس كلينغبيل، لم يحصل إلا على 64% من التأييد في مؤتمر الحزب الذي عُقد يومي 28 و29 يونيو/حزيران الماضي، وهو تأييد أضعف بكثير مما كان متوقعًا ويمكن إرجاعه بشكل جزئي إلى آراء معسكر السلام. ويُمثل البيان تحديًا لقيادة الحزب، وقد يُضعف الائتلاف الحاكم فعلى الرغم من أن استطلاعات الرأي تشير إلى أن الحزب الاشتراكي الديمقراطي لا يحظى إلا بنحو 15% من التأييد الشعبي إلا أن الحزب عنصر أساسي في الحكومة وذلك وفقا لما ذكره موقع "ريسبونسيبل ستايت كرافت". وتسعى القيادة الجديدة للحزب الاشتراكي الديمقراطي إلى طي صفحة عهد المستشار السابق أولاف شولتز، وترى في دورها في حكومة ميرز فرصةً لإعادة بناء حظوظها الانتخابية بعد نتائجها الضعيفة التي بلغت 16% في انتخابات فبراير/شباط الماضي. وحتى الآن، لم يُسهم توافق حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي والاتحاد الاجتماعي المسيحي في مجموعة من القضايا في تعزيز مكانة الحزب الاشتراكي الديمقراطي لدى الناخبين ولسوء حظ ميرز، فإن تمسكه بالسلطة يتطلب من الحزب الاشتراكي الديمقراطي ألا يخسر المزيد من الأرض. وبعد الهزيمة الساحقة التي مُني بها أولاف شولتز، ارتقى كلينغبيل، الأصغر سنًا، إلى قيادة الحزب الاشتراكي الديمقراطي وبصفته نائبًا للمستشار ووزيرًا للمالية يدعم كلينغبيل موقف ميرز بشأن أوكرانيا وتعزيز الدفاع وهو الموقف الذي يحظى أيضا بدعم وزير الدفاع بوريس بيستوريوس، من الحزب الاشتراكي الديمقراطي. وتتمسك أقلية من سياسيي الحزب الاشتراكي الديمقراطي، بتفضيل المصالحة على المواجهة في حل الأزمات الدولية، وهو نهج متأصل في الثقافة الاستراتيجية لألمانيا ما بعد الحرب العالمية الثانية. وقد يكون القلق بشأن الموقف السائد تجاه أوكرانيا جزءًا من ضعف دعم الناخبين للحزب الاشتراكي الديمقراطي خاصة وأن ميرز روج لفكرة التهديد الروسي لدول حلف شمال الأطلسي (ناتو) بحلول عام 2029 في حال هزيمة أوكرانيا كما أنه بنى دعمًا شعبيًا كبيرًا لإعادة التسلح بناءً على هذه التوقعات. ويجمع هذا الموقف المتشدد تجاه الحرب في أوكرانيا الأغلبية البرلمانية التي يتمتع بها حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي وحزب الاشتراكي الديمقراطي بالإضافة إلى حزب الخضر، بينما تتكون المعارضة البرلمانية من حزب البديل لألمانيا وحزب اليسار (Linke) وكلاهما يشكك في استمرار الدعم لأوكرانيا في غياب أي مبادرة دبلوماسية. ويبدو أن السياسة الألمانية تجاه أوكرانيا ترتكز على الأمل في أن يُؤدي الصراع الطويل إلى إجبار روسيا في النهاية على التراجع عن أهدافها الحربية وقبول تسوية مقبولة من كييف. ويمثل بيان معسكر السلام إحياءً لمسار السياسة الخارجية التقليدي الذي رسمه ويلي براندت بدءًا من أواخر الستينيات، والذي يُنسب إليه في أذهان العديد من أعضاء الحزب الاشتراكي الديمقراطي وغيرهم من الألمان الفضل في تفكك الاتحاد السوفيتي سلميًا وإعادة توحيد ألمانيا. ويقود "معسكر السلام" رولف موتزينيش، الزعيم السابق لكتلة الحزب في البرلمان الألماني (بوندستاغ) ورالف شتيجنر، الذي كان حتى وقت قريب عضو اللجنة التنفيذية للحزب الاشتراكي الديمقراطي. ومن بين الموقعين المائة على البيان رئيسٌ سابق للحزب، وعددٌ من الوزراء السابقين، والمؤرخ بيتر براندت، نجل المستشار السابق. ويتهم البيان الحزب والائتلاف الحاكم بالسعي إلى السلام والأمن من خلال الاستعداد للحرب، بدلاً من السعي لتحقيق نفس الأهداف مع روسيا، وليس ضدها، ورغم إقرار الموقعين بأنه ينبغي على ألمانيا تعزيز جاهزيتها الدفاعية لكنهم يستشهدون بمفهوم الأمن الجماعي الوارد في وثيقة هلسنكي الختامية، والذي يقولون إنه أثمر عن اتفاقيات قيّمة للحد من الأسلحة ومكّنت من إعادة توحيد ألمانيا. كما دعا البيان إلى خفض التصعيد وبناء الثقة المتبادلة، بالتزامن مع إعادة تسليح مُعدّة بعناية، في إطار دفاعي بحت، ودعم التنمية الصناعية الألمانية والأوروبية كما أيّد استراتيجية دبلوماسية أوروبية لإنهاء حرب أوكرانيا، وعارض نشر صواريخ أمريكية متوسطة المدى في ألمانيا. من جانبه، اتهم وزير الدفاع بوريس بيستوريوس، وهو السياسي الأكثر شعبية في الحزب، الموقعين على البيان بالفشل في مواجهة الواقع واستغلال رغبة الجمهور في السلام. aXA6IDE0Mi4xNDcuMjQzLjQ2IA== جزيرة ام اند امز US


العين الإخبارية
منذ 10 ساعات
- العين الإخبارية
على طريقة ترامب.. كيف يخطط أقصى اليمين لحكم ألمانيا؟
يملك حزب البديل من أجل ألمانيا (أقصى اليمين) خطة بسيطة للوصول إلى السلطة: استخدام أقصى اليسار كوسيلة لتعميق الانقسامات الحزبية. استراتيجية يبدو أنها مستوحاة من نهج دونالد ترامب الناجح انتخابيًا في الولايات المتحدة، وفق مجلة بوليتيكو الأمريكية. وجاء في ورقة داخلية للحزب إن: 'هدفنا هو خلق وضع لا يعود فيه الانقسام السياسي بين حزب البديل من أجل ألمانيا والتيارات السياسية الأخرى، بل وضع يتواجه فيه معسكر برجوازي محافظ ومعسكر يساري متطرف، على غرار الوضع في الولايات المتحدة'. والهدف، وفقًا للاستراتيجية، هو خلق 'مبارزة بين معسكرين متعارضين بشكل لا يمكن التوفيق بينهما'. يعد حزب البديل من أجل ألمانيا الآن أكبر حزب معارض في البرلمان بعد أن حقق أفضل مركز له على الإطلاق، حيث احتل المركز الثاني في الانتخابات التشريعية التي جرت في فبراير/شباط. جدار الحماية ولكن على الرغم من شعبيته المتزايدة، لا يزال الحزب بعيدًا عن مقاليد السلطة الحقيقية لأن الكتل البرلمانية الأخرى، بما في ذلك المحافظون بزعامة المستشار الألماني فريدريش ميرتس، ترفض الحكم في ائتلاف معه، متمسكة بحائط صد ما بعد الحرب العالمية الثانية أو ما يعرف بجدار الحماية ضد أقصى اليمين. ويتمثل الهدف السياسي الأكثر إلحاحًا لحزب البديل من أجل ألمانيا في إيجاد طريقة لهدم جدار الحماية من خلال التخلص من وضع الحزب المحظور وإقناع المحافظين والناخبين الآخرين بأنه لا ينبغي منع سياسيي حزب البديل من أجل ألمانيا من دخول أروقة السلطة. وكلف حزب البديل من أجل ألمانيا النائبة البارزة بياتريكس فون ستورش بوضع استراتيجية لكسر جدار الحماية ورسم طريق لدخول الحكومة في ائتلاف مع المحافظين الألمان. وليس من المستغرب أن يلتمس الإلهام من الولايات المتحدة، حيث أشاد سياسيو حزب البديل من أجل ألمانيا بوصف نائب الرئيس الأمريكي جيه دي فانس لجدار الحماية في خطاب ألقاه في ميونيخ في وقت سابق من هذا العام، بأنه "معادٍ للديمقراطية". وحافظت فون ستورش على اتصالاتها مع حلفاء إدارة ترامب، إذ حضرت هي وزوجها حفل تنصيب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب والتقت بستيف بانون، وهو حليف قديم لترامب وشخصية بارزة في حركة 'MAGA'. ويبدو أن استراتيجية ستورش تجد إلهامها في أساليب ترامب، الذي غالبًا ما يصور خصوم يسار الوسط على أنهم 'مجانين يساريين متطرفين'. لذلك، يعمل الحزب على استخدام حزب أقصى اليسار الذي تزايدت شعبيته مؤخرا، في إضعاف أحزاب يسار الوسط وتفتيت أصواتها وبالتالي دفعها إلى تبني مواقف يسارية أكثر تطرفا. هذا السيناريو، سيجعل التحالفات الحاكمة في منطقة الوسط السياسي، أكثر صعوبة، وبالتالي سيضيق الخناق أمام المحافظين الذين لن يجدون تحالفا جيدا من حيث التكلفة السياسية. وفي النهاية، يلجأ المحافظون لحزب البديل كحليف ويكسرون جدار الحماية. جذب الناخبين وعلى الرغم من بقاء جدار الحماية سليمًا، وإن كان متضررًا، إلا أن حزب البديل من أجل ألمانيا يريد أن يجعل الأمر صعبًا بشكل متزايد على ميرتس والمحافظين الآخرين للحفاظ عليه. ووفقًا للورقة، فإن حزب البديل من أجل ألمانيا 'سيطلق مقترحات ومبادرات ستلقى استحسانًا كبيرًا' من ناخبي يمين الوسط، وخاصة أولئك الذين خاب أملهم من تحالف ميرتس مع الحزب الاشتراكي الديمقراطي. والهدف، في البداية، ليس بالضرورة كسب جميع هؤلاء الناخبين، ولكن جعل جدار الحماية لا يحظى بشعبية متزايدة بينهم، وهو ما سيجبر بدوره القادة المحافظين على التخلي عن معارضتهم للحكم في ائتلاف مع حزب البديل من أجل ألمانيا. في الوقت نفسه، تقول الورقة الاستراتيجية لحزب البديل من أجل ألمانيا إن الحزب سيحاول كسب دعم جديد داخل بعض الكتل التصويتية التي يكون فيها أضعف، بما في ذلك بين النساء والناخبين الأكبر سنًا وسكان المدن. aXA6IDgyLjI3LjIyNC4yMjQg جزيرة ام اند امز CA


العين الإخبارية
منذ 18 ساعات
- العين الإخبارية
من السماء إلى المصانع.. كيف استنسخ السوفيات القاذفة بي-29؟
دخلت القاذفة الاستراتيجية السوفياتية توبوليف تو-4 الخدمة عام 1949، لتصبح واحدة من أبرز الأمثلة على سرقة الملكية الفكرية في تاريخ الطيران العسكري. كانت هذه الطائرة نسخة شبه مطابقة للقاذفة الأمريكية الأسطورية بوينغ بي-29 سوبرفورترس، التي لعبت دورًا حاسمًا في الحرب العالمية الثانية، خاصة في عمليات القصف ضد اليابان، بما في ذلك إلقاء القنابل الذرية على هيروشيما وناغازاكي. خلفية تاريخية من العداء والتوتر رغم التحالف الأمريكي-السوفياتي خلال الحرب العالمية الثانية، كانت جذور العداء تعود إلى ثورة 1917. فقد دعمت واشنطن القوات المناهضة للبلاشفة خلال الحرب الأهلية الروسية، وشنّت حملات قمع ضد الشيوعيين داخل أمريكا ("مداهمات بالمر"). وحتى بعد تحالف الطرفين ضد هتلر، ظلت العلاقة أشبه بـ "زواج مصلحة" هشٍّ، حيث وصف مؤرخون النهج السوفياتي بأنه "طفيلية تكنولوجية". سرقة الطائرة الأمريكية بي-29 حرفيًا في عام 1944، اضطرت أربع قاذفات أمريكية من طراز بي-29 للهبوط اضطراريًا في الأراضي السوفياتية بعد تنفيذها غارات على منشآت يابانية في منشوريا. وبدلًا من إعادة الطائرات إلى الولايات المتحدة، احتفظ بها السوفييت واعتبروها فرصة ذهبية لتطوير برنامجهم الخاص للقاذفات بعيدة المدى. أصدر جوزيف ستالين أوامره إلى مكتب تصميم توبوليف، بقيادة أندريه توبوليف، بإنتاج نسخ من الطائرة الأمريكية بدقة متناهية. كان مشروعتو-4 تحديًا ضخمًا للهندسة السوفياتية. فكان بدن الطائرة مصنوعًا من سبائك الألمنيوم خفيفة الوزن، ما تطلّب تقنيات تصنيع دقيقة لم تكن مألوفة في الصناعة السوفياتية آنذاك. كما أن المحركات الأميركية من طراز رايت آر-3350 لم يكن لها نظير سوفياتي. لذلك، قام السوفييت بتطوير محرك شفيتسوف آش-73 ليحاكي أداء المحرك الأمريكي، إذ يولد قوة 2400 حصان لكل محرك. أما نظم الطائرة الإلكترونية، فقد تم تطوير بدائل سوفياتية لها، لكنها كانت أقل تطورًا من نظيرتها الأمريكية، خاصة فيما يتعلق بأنظمة التحكم الناري وأجهزة الرصد والتوجيه. كذلك، اضطر المهندسون السوفيات إلى التعامل مع مشكلة تحويل القياسات الأمريكية (بالبوصة) إلى النظام المتري، ما اضطرهم في أحيان كثيرة إلى الاحتفاظ بالوحدات الأصلية لضمان دقة النسخ. وقد جُند آلاف المهندسين والفنيين والعمال من مختلف مكاتب التصميم والمصانع السوفياتية لإنجاز المشروع. وحتى أدق التفاصيل كألوان طلاء قمرة القيادة، وشكل المسامير على الأجنحة، تم نسخها. دخول الخدمة وتأثيرها الاستراتيجي أقلعت أول طائرة تو-4 في مايو/ أيار 1947، بعد عامين فقط من بدء المشروع، وخلال الفترة بين عامي 1947 و1952 تم إنتاج نحو 850 طائرة. وبلغت سرعة الطائرة القصوى حوالي 357 ميلًا في الساعة، مع القدرة على التحليق على ارتفاع يصل إلى 36,000 قدم، ومدى يصل إلى 5400 ميل، وحمولة قنابل تصل إلى 20,000 رطل، بما في ذلك القنابل النووية التي طورها الاتحاد السوفياتي لاحقًا. كان دخول تو-4 الخدمة علامة فارقة في التوازن الاستراتيجي العالمي، خاصة مع نجاح الاتحاد السوفياتي في إجراء أول تجربة نووية عام 1949. وقد أجبرت هذه التطورات الولايات المتحدة على تعزيز دفاعاتها الجوية وتسريع تطوير مقاتلات الاعتراض مثل إف-86 سابر. واليوم، لم يتبقَ من طائرات تو-4 سوى عدد محدود محفوظ في المتاحف الروسية، كشاهد على حقبة كانت فيها سرقة التكنولوجيا والتجسس أدوات حاسمة في النزاعات الدولية. aXA6IDkyLjExMy4yMzMuMTI5IA== جزيرة ام اند امز ES