logo
أوهام الإخوان تنهار على أسوار دمشق

أوهام الإخوان تنهار على أسوار دمشق

عكاظمنذ 4 أيام
منذ سقوط نظام بشار الأسد وصعود أحمد الشرع إلى سُدة الحكم في سوريا، بدت جماعة الإخوان المسلمين وكأنها وجدت فرصة تاريخية لاستعادة موطئ قدم طالما حلمت به داخل الدولة السورية. استقبلت الجماعة لحظة التغيير بحفاوة ظاهرية، وأعلنت ترحيبها بالسلطة الجديدة، وسعت منذ اللحظة الأولى إلى فرض خطابها وتوجهاتها على الساحة السياسية والدينية، حتى إنها حاولت استغلال الرمزية الكبيرة للمسجد الأموي لتوجيه رسائل سياسية عبر بعض رموزها الذين لم يترددوا في مهاجمة الدول العربية من ساحات هذا الجامع، وكأنهم يعتقدون أن لحظة الفوضى المؤقتة يمكن أن تتحول إلى استيلاء فكري دائم. لكن ما لم تدركه جماعة الإخوان هو أن الإدارة السورية الجديدة، بقيادة أحمد الشرع، لم تكن في وارد السماح لأي طرف -مهما كانت نواياه أو ادعاءاته- باختطاف القرار الوطني أو توجيه مسار الدولة وفق أجندات خارجية أو فكرية ضيقة. فسرعان ما قامت السلطة في دمشق باتخاذ إجراءات حازمة أدّت إلى استبعاد تلك الشخصيات التي حاولت فرض وصايتها، وأعلنت بشكل واضح أن سوريا الجديدة ليست ملعباً لأحلام الجماعات العقائدية، ولا بوابة خلفية لإعادة إنتاج تجارب فشلت في كل مكان دخلته، من مصر إلى السودان مروراً بتونس وغيرها. الإدارة الحالية اختارت بوعي وهدوء أن تكون سوريا جزءاً من الفضاء العربي، منفتحةً على جيرانها، راغبةً في بناء علاقات قائمة على الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة، لا على التهديد الأيديولوجي أو التورط في صراعات عقيمة. هذا الخيار الواضح، المبني على «صفر مشاكل» مع المحيط العربي، لم يرق لجماعة الإخوان المسلمين التي اكتشفت فجأة أن مشروعها لم يعد مرحّباً به، لا من قبل السلطة الجديدة ولا من قبل الشارع السوري، ولا من قبل العواصم العربية التي سئمت من التجارب العبثية للإسلام السياسي. ومع تزايد المؤشرات على تمايز موقف دمشق عن طهران، خصوصاً في ظل الحرب الإسرائيلية الأخيرة على إيران، وجدت جماعة الإخوان نفسها في مأزق مزدوج: فهي من جهة غير قادرة على التماهي مع السلطة السورية، ومن جهة أخرى وجدت نفسها متموضعة في خندق إيران. فبدلاً من قراءة المشهد بتعقُّل ومسؤولية، اختارت الجماعة التصعيد، وبدأت تهاجم الرئيس الشرع بشكل مباشر أو غير مباشر، وتشكك في نواياه وخياراته، رغم أنها كانت قد أظهرت الدعم له في بداية وصوله. هذا الانقلاب في الخطاب ليس إلا تعبيراً عن خيبة أمل دفينة، وعن قناعة متزايدة داخل الجماعة بأن مشروعها بات مرفوضاً بالكامل. إن المحاولات الأخيرة لجماعة الإخوان لا تنبع من حرص على الديمقراطية أو استقلال القرار السوري، بل من رغبة يائسة في إعادة تدوير نفسها في مشهد لم يعد يقبلها. فالسوريون، الذين دفعوا ثمناً باهظاً لحروب الإقصاء والتطرف، لا يريدون أن يروا بلادهم أسيرة لأيديولوجيا ثبت فشلها، وأثبتت كل التجارب أنها لا تقود إلا إلى الفوضى والانقسام. سوريا الجديدة، بقيادة أحمد الشرع، لا تبحث عن شركاء في الانقسام، بل عن شركاء في البناء. وهي، بكل وضوح، لا تقبل الوصاية من جماعة ثبت تاريخياً أنها لا ترى في الدولة إلا وسيلة لتحقيق سلطتها، ولا في الديمقراطية إلا مرحلة مؤقتة نحو الاستبداد العقائدي. لذلك فإن الهجوم الحالي من قبل الإخوان على الإدارة السورية ليس إلا تأكيداً جديداً على أن هذه الجماعة لا تطيق رؤية دولة مستقلة ذات قرار حر وموقع عربي متوازن؛ لأن مثل هذه الدولة ببساطة لا تخدم مشروعها ولا تحتمل خطابها.
أخبار ذات صلة
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

"أ ف ب": لقاء مباشر عُقد بين مسؤول سوري وآخر إسرائيلي في باكو
"أ ف ب": لقاء مباشر عُقد بين مسؤول سوري وآخر إسرائيلي في باكو

العربية

timeمنذ 39 دقائق

  • العربية

"أ ف ب": لقاء مباشر عُقد بين مسؤول سوري وآخر إسرائيلي في باكو

نقلت وكالة الأنباء الفرنسية عن مصدر دبلوماسي قوله، إن لقاء مباشراً عُقد، السبت، في العاصمة الأذربيجانية باكو بين مسؤول سوري وآخر إسرائيلي، وذلك على هامش زيارة أجراها الرئيس السوري أحمد الشرع لأذربيجان. وأكد المصدر الذي قالت الوكالة إنه مطّلع على المحادثات والذي فضّل عدم الكشف عن هويته، أن "لقاء عقد بين مسؤول سوري ومسؤول إسرائيلي على هامش الزيارة التي يجريها الشرع إلى باكو"، مشيراً إلى أن الشرع لم يشارك في هذه المحادثات. وكان المصدر نفسه قد أفاد في وقت سابق بأن المحادثات تتمحور حول "الوجود الإسرائيلي العسكري المستحدث في سوريا" في إشارة إلى مناطق توغّلت فيها القوات الإسرائيلية في جنوب سوريا بعد سقوط حكم بشار الأسد قبل أكثر من سبعة أشهر. وفي حين لم تعلن دمشق رسمياً عن محادثات مباشرة، فإن السلطات السورية أقرّت منذ وصلت إلى الحكم في ديسمبر (كانون الأول) الماضي بحصول مفاوضات غير مباشرة مع إسرائيل، تؤكد أن هدفها احتواء التصعيد، بعدما شنّت تل أبيب مئات الغارات على الترسانة العسكرية السورية وتوغلت قواتها في جنوب البلاد عقب الإطاحة بالأسد من الرئاسة. وتربط دمشق هدف المفاوضات غير المباشرة مع إسرائيل بالعودة إلى تطبيق اتفاقية فض الاشتباك لعام 1974، لناحية وقف الأعمال القتالية وإشراف قوة من الأمم المتحدة على المنطقة المنزوعة السلاح الفاصلة بين الطرفين. وأعلنت سوريا في وقت سابق في يوليو (تموز) عن استعدادها التعاون مع واشنطن للعودة إلى اتفاق فضّ الاشتباك. سوريا سوريا والشرع وكانت إسرائيل أعربت عن اهتمامها بتطبيع العلاقات مع كل من سوريا ولبنان في تصريحات لوزير الخارجية جدعون ساعر، لكن دمشق وصفت التصريحات عن توقيع اتفاق سلام مع إسرائيل بأنها "سابقة لأوانها"، بحسب ما نقل التلفزيون السوري الرسمي عن مصدر رسمي. وخلال زيارة للبنان في 7 يوليو (تموز)، قال المبعوث الأميركي الخاص إلى سوريا توماس برّاك، إن "الحوار بين سوريا وإسرائيل قد بدأ". ومنذ وصوله الى الحكم، أكد الشرع أن سوريا لا ترغب في تصعيد أو صراع مع جيرانها. ودعا لاحقاً المجتمع الدولي للضغط على إسرائيل من أجل وقف هجماتها. ولا تزال سوريا واسرائيل رسمياً في حالة حرب منذ العام 1948. وأجرى الشرع، السبت، زيارة رسمية لباكو، حيث التقى الرئيس الأذربيجاني إلهام علييف، كما أعلن البلدان. وأعلنت أذربيجان أنها ستبدأ بتصدير الغاز إلى سوريا عبر تركيا، بحسب ما جاء في بيان للرئاسة الأذربيجانية.

نائب أمير الرياض يؤدي صلاة الميت على عبدالرحمن الشثري
نائب أمير الرياض يؤدي صلاة الميت على عبدالرحمن الشثري

عكاظ

timeمنذ ساعة واحدة

  • عكاظ

نائب أمير الرياض يؤدي صلاة الميت على عبدالرحمن الشثري

أدى نائب أمير الرياض الأمير محمد بن عبدالرحمن بن عبدالعزيز، عقب صلاة العصر اليوم (السبت)، صلاة الميت على عبدالرحمن بن صالح بن محمد الشثري (رحمه الله)، بجامع الملك خالد في مدينة الرياض. وأدى الصلاة معه الأمير محمد بن سعود بن نايف بن عبدالعزيز، والمستشار الخاص لخادم الحرمين الشريفين نائب وزير الداخلية المكلف الأمير الدكتور عبدالعزيز بن محمد بن عياف، والأمير خالد بن عبدالعزيز بن عياف. كما أدى الصلاة عدد من أصحاب الفضيلة والوزراء والمسؤولين وجمع من المواطنين. وعقب الصلاة قدم العزاء لأبناء الفقيد، سائلاً الله العلي القدير أن يتغمده بواسع رحمته، ويسكنه فسيح جناته، وأن يلهمهم الصبر والسلوان. أخبار ذات صلة

اللحظة الأمريكية !
اللحظة الأمريكية !

العربية

timeمنذ 2 ساعات

  • العربية

اللحظة الأمريكية !

قبل سنوات، وفى مطلع إدارة الرئيس بايدن، جاء مشهد الخروج الأمريكى من أفغانستان مخزيا، ومؤذنا بحالة من الطلاق الدائم لواشنطن من الشرق الأوسط ومصائبه الكثيرة. لم يكن فى ذلك غير الاتفاق الضمنى ما بين الحزبين - الجمهورى والديمقراطى - على أن الوجود فى المنطقة يحتوى على لعنة أبدية بالإرهاب والفوضى والسير فى ركاب حروب لا تنتهى إلا بالعودة إلى نقطة البداية. حربا أفغانستان والعراق والتدخل الأمريكى فى كليهما أدى إلى عودة طالبان إلى السلطة كما لم تتركها قط فقد عادت بنفس السلوكيات السالفة تجاه الغرب والنساء والتمييز القبائلى. لم تصل الديمقراطية إلى العراق بعد الاحتلال الأمريكى وزوال حكم صدام حسين، وقام بدلا منها الإرهاب حتى أقام دولة «الخلافة الإسلامية» التى احتاجت تحالفا دوليا لكى يمكن التخلص منها. فى بقية المنطقة فشلت دول عديدة، وفى سوريا استخدمت الأسلحة الكيماوية ضد الخصوم؛ وبدأت إيران فى نشر توابعها للدفاع المتقدم فى أربع عواصم عربية - بغداد ودمشق وبيروت وصنعاء - مضافا لها برنامج نووى نشط. كان الصراع الفلسطينى الإسرائيلى على حاله، اللهم إلا أن القيادة باتت مصطفاة من جماعات دينية راديكالية وفاشية. وسط لحظة الفراق هذه، وعبر أكثر من إدارة أمريكية فإن العيون ذهبت إلى شرق آسيا حيث باتت الصين خصما يستدعى بناء تحالفات «الإندو باسفيك»، وجاءت الحرب الأوكرانية لكى تشتت الانتباه الأمريكى إلى القارة الأوروبية. ولكن الشرق الأوسط لا يتوقف عن القيام بما قام به لجذب الاهتمام الأمريكى حتى جاء رئيس جديد - دونالد ترامب - متأهبا للخروج والخصام مع بقية العالم. المدهش أنه حتى قبل أن يصل إلى البيت الأبيض بات متورطا فى مفاوضات وقف إطلاق النار، ولم يمض مائة يوم حتى بات متورطا فى حرب غزة، متحالفا مع إسرائيل حتى الأعناق، وبعدها بقليل أضاف إلى معونات الحرب لإسرائيل شن الحرب فى البحر الأحمر وفى إيران؛ بينما يشارك ويشرف على محادثات وقف إطلاق النار. يتبع.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store