
المواطنة الرقمية.. المادة الغائبة عن مدارسنا في زمن الاقتصاد المفتوح
هذا عصر لا تعيش فيه المجتمعات على الأرض فقط، بل تقيم وجودها أيضًا على الشبكة العنكبوتية، كل تفاصيل الحياة مرهونة بها: من العلاقات إلى القرارات، ومن التعلّم إلى التفاعل الاجتماعي. ومع ذلك، لم تُدرَّس المواطنة الرقمية في المدارس كما ينبغي. ما زالت تُعامل كفكرة هامشية، أو كإضافة عابرة، رغم أنها باتت جزءًا أصيلًا من تكوين الإنسان المعاصر
المواطنة الرقمية لا تعني فقط السلوك المهذب على الإنترنت، بل تتجاوز ذلك إلى إدراك الحدود الأخلاقية، والحقوق الفردية، والواجبات الجماعية. إنها وعي يتعلّق بالخصوصية، واحترام الرأي، والتثبت من المعلومة، والتفكير النقدي، والتمثيل المسؤول للذات. أن يكون الحضور الرقمي انعكاسًا للوعي، لا مجرّد تكرار لما يطلبه 'الترند'.
وكما تحكم القوانين السلوك في الميادين العامة، فإن المبادئ ذاتها يجب أن ترافق الإنسان في الميادين الرقمية، لأن الوطن لا يغيب حين تُغلق الأبواب، ولا حين يُغلق التطبيق.
وما نُعلّمه في الصف عن الصدق والأمانة، يجب أن يجد امتداده في تغريدة أو تعليق أو مشاركة.
كما قيل: السلوك هو المعيار الوحيد للفهم، سواء في الطريق أو في التايملاين.
يتّضح البعد الأهم حين يُنظر إلى هذه المسألة من زاوية اقتصادية. فالعالم يعيش تحوّلات متسارعة نحو الاقتصاد الرقمي، وقد أصبحت البيانات والسلوك الرقمي والمحتوى منصات استثمار كبرى. ومع ذلك، ما زال جزء من الأجيال الجديدة يتعامل مع الفضاء الرقمي كملعب عبثي، لا كمساحة للتأثير أو الإنتاج. في عالم تتسارع فيه التفاعلات وتتشابك فيه الاهتمامات، يزداد أثر الكلمة العابرة، وتتّسع دائرة النتائج غير المقصودة. وفي الوقت الذي تزداد فيه المنصات الوطنية والمشاريع السعودية في الاقتصاد الرقمي، تتعاظم الحاجة إلى جيل يُحسن تمثيل نفسه ضمن هذه المنظومة
من هنا، تبدو فكرة 'تدريس المواطنة الرقمية' في المدارس أمرًا يستحق التفكير، ولا سيما في سياق دور وزارة التعليم في مواكبة التحولات المجتمعية والتقنية. ليس من باب التخصص أو الاهتمام، بل من زاوية عامة تمليها طبيعة المرحلة. مادة أو مسار يتكامل مع جهود التعليم لبناء وعي رقمي متزن، لا يكتفي بالتقنية كأداة، بل يتعامل معها كمجال حياة ومصدر دخل، ومكان لتمثيل القيم لا استهلاكها فقط.
ومع توسع الذكاء الاصطناعي والمهن الرقمية المستحدثة، لن يكون من كماليات التعليم أن نُعلّم التعامل مع التقنية، بل من ضروراته، حتى يتمكّن الجيل من المساهمة في وظائف لم تُولد بعد، وتحديات لم تظهر بعد.
فمنذ السنوات الأولى، يبدأ التشكّل الرقمي للطفل، ولو دون وعي، ولهذا يجب أن تسبق التربية التقنية أول نقرة.
الجيل القادم لا يحتاج من يُملي عليه كيف يتفاعل، بل من يمنحه أدوات التفكير الحر والتمثيل الواعي.
وقد بدأت دول مثل كوريا الجنوبية وسنغافورة إدراج المواطنة الرقمية في مناهجها مبكرًا، إدراكًا لأثر التقنية على سلوك الأفراد وبُنية الاقتصاد.
وقد أكدت رؤية السعودية 2030 على تطوير المهارات الرقمية وتعزيز المحتوى المحلي، كجزء من بناء اقتصاد معرفي تنافسي، مما يجعل هذا المسار التعليمي خطوة طبيعية ضمن هذا التوجه الوطني.
ختام القول.. إن بناء مجتمع رقمي لا يبدأ من التقنية بل من الإنسان، ولا يزدهر بالمنصات الرقمية وحدها بل بالوعي الذي يُحسن استخدامها. وفي زمن لم تعد فيه الحدود مرئية، ولم تعد القيم محفوظة داخل الجدران، فإن التعليم يظل هو الجدار الأول والأخير. المواطنة الرقمية ليست خيارًا مستقبليًا، بل ضرورة آنية، وإذا كانت رؤية السعودية 2030 قد رهنت مستقبل الاقتصاد بالتحول الرقمي، فإن مستقبل هذا التحول مرهون ببناء جيل يعرف من هو، حتى حين لا يراه أحد.
وربما كانت أعظم المواطنة.. أن يعرف الإنسان كيف يمثل بلاده حين لا يراقبه أحد.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الشرق الأوسط
منذ يوم واحد
- الشرق الأوسط
كيف نستفيد من الذكاء الاصطناعي في مجال اللغات والترجمة؟
شهد مجال اللغات والترجمة تطورات ثورية في السنوات الأخيرة بفضل تقنيات الذكاء الاصطناعي. فقد أصبح بإمكان الأجهزة الإلكترونية والتطبيقات ترجمة النصوص بين عشرات اللغات بدقة متزايدة، بل وتجاوز ذلك إلى ترجمة الكلام مباشرة بين لغات مختلفة بشكل يكاد يكون آنياً. كما دخل الذكاء الاصطناعي ميادين تعليم اللغات، فبات بمقدور المتعلمين الاستفادة من تطبيقات وخوارزميات ذكية لتسريع وتيرة اكتسابهم للغة جديدة. لم تعد الترجمة الآلية مقتصرة على النصوص المكتوبة، بل امتدت لتشمل الترجمة الصوتية الفورية بين اللغات. تطوّرت خوارزميات الترجمة بالذكاء الاصطناعي لتقترب من حلم «المترجم الشامل» الذي ينقل الكلام بين أي لغتين بشكل لحظي. على سبيل المثال، كشفت شركة «ميتا» (Meta) عن نموذج ذكاء اصطناعي جديد قادر على ترجمة الكلام شفهياً بين أكثر من 100 لغة بشكل مباشر. يمثل هذا النموذج خطوة باتجاه الترجمة اللحظية (أو الآنية) حيث تُترجم الكلمات لحظة نطقها تقريباً، ما يتيح حواراً شبه آني بين متحدثين بلغات مختلفة، بحسب موقع «سي دي أو تايمز» المتخصص في الشؤون الرقمية. ورغم أن النماذج السابقة كانت تعتمد عدة مراحل (تحويل الكلام إلى نص ثم ترجمته ثم توليد كلام جديد)، باتت النماذج الأحدث تُنجز الترجمة من صوت إلى صوت بصورة أكثر مباشرة وكفاءة. كشفت شركة «ميتا» (Meta) عن نموذج ذكاء اصطناعي جديد قادر على ترجمة الكلام شفهياً بين أكثر من 100 لغة بشكل مباشر (رويترز) هذه التقنيات خرجت من نطاق المختبر إلى تطبيقات يستخدمها الناس يومياً. فعلى سبيل المثال، طوّرت شركة «ديب إل» DeepL خدمة ترجمة صوتية فورية تحمل اسم «ديب إل فويس» DeepL Voice تتيح للمستخدم الاستماع إلى شخص يتحدث بلغة ما والحصول فوراً على ترجمة نصية إلى لغة أخرى، وفق منصة «تك كرانش» Techcrunch الأميركية التي تغطي أخبار الشركات الناشئة والتقنيات الحديثة. يمكن استخدام خاصية «ديب إل فويس» في المحادثات المباشرة أو اجتماعات الفيديو، حيث يظهر النص المترجَم على الشاشة كلما تكلّم الطرف الآخر بلغة مختلفة. وقد بدأت بالفعل منصات اجتماعات رقمية شهيرة مثل خدمة «غوغل مِيت» Google Meet بإضافة ترجمة فورية للنصوص المنطوقة أثناء مكالمات الفيديو، ما يسمح للمشاركين من جنسيات مختلفة بفهم بعضهم في اللحظة نفسها. وإلى جانب عمالقة التقنية، هناك العديد من الشركات الناشئة التي تتنافس في تطوير أجهزة وتطبيقات للترجمة الصوتية اللحظية بالذكاء الاصطناعي، بعضها يستخدم أصواتاً اصطناعية شبيهة بصوت البشر لنقل الترجمة بطريقة طبيعية. بفضل هذه التطورات، أصبح حلم كسر حاجز اللغة أقرب إلى الواقع، حيث يمكن للسائح اليوم استعمال تطبيق على هاتفه لترجمة محادثته فوراً مع سكان بلد أجنبي، كما يمكن للشركات العالمية عقد اجتماعات متعددة اللغات دون الحاجة دائماً إلى مترجم بشري مرافق. ومع ذلك، ورغم الإنجازات المذهلة في مجال الترجمة الآلية الفورية، يبرز سؤال مهم، وهو إذا ما كان بالإمكان الاعتماد على الذكاء الاصطناعي وحده كترجمة دقيقة وموثوقة. ظهرت العديد من الشركات الناشئة التي تتنافس في تطوير أجهزة وتطبيقات للترجمة الصوتية اللحظية بالذكاء الاصطناعي (رويترز) على الرغم من القفزات الهائلة التي حققتها الترجمة الآلية بالذكاء الاصطناعي، فإنها لا تخلو من العيوب والثغرات التي تمنعها من أن تكون بديلاً كاملاً للمترجم البشري. من أبرز التحديات التي تواجهها برامج الترجمة بالذكاء الاصطناعي هي التعامل مع الفوارق الدقيقة في اللغة واللهجات والسياقات الثقافية. على سبيل المثال، قد تفشل الأنظمة أحياناً في فهم لهجات مختلفة للغة نفسها. حدث ذلك مع أحد طالبي اللجوء في الولايات المتحدة الذي كان يتحدث البرتغالية بلكنة محلية؛ استخدمت السلطات أداة ترجمة صوتية تعمل بالذكاء الاصطناعي للتواصل معه، لكن النظام لم يستطع تمييز لهجته المناطقية ولم يفهم كلامه، مما جعله غير قادر على التواصل لستة أشهر داخل مركز الاحتجاز، حسبما أفادت صحيفة «الغارديان» البريطانية. مثل هذه الحالة تظهر أن الآلة قد لا تلتقط دائماً فروق النطق واللهجة التي يتكلّمها الإنسان. إلى جانب مشكلة اللهجات، قد تقع الترجمة الآلية في أخطاء تغيّر تماماً المعنى المقصود. فعلى سبيل المثال، تُرجم تعبير إنجليزي مثل «not mandatory» (أي «غير إلزامي») بشكل خاطئ إلى جملة تعني «غير ضروري» باللغة الإسبانية في ترجمة آلية لوثيقة صحية، ما قلب تماماً المقصود في سياق يتعلق بلقاح كورونا، وفق ما نقله موقع «سي دي أو تايمز». ومثال آخر فاضح حصل عندما قام نظام ترجمة آلي بترجمة اسم مدينة «Belo Horizonte» (وهي مدينة بالبرازيل) ترجمة حرفية إلى عبارة «Beautiful Horizon» بمعنى «الأفق الجميل»، بدلاً من إدراك أنه اسم علم لمدينة، حسب صحيفة «الغارديان». أخطاء كهذه في فهم الأسماء أو الاصطلاحات يمكن أن تؤدي إلى تراكيب غير مفهومة أو تغيير في المعلومات، خاصة إذا استُخدمت الترجمة الآلية في وثائق رسمية أو إجراءات قانونية. بسبب هذه التحديات، يُجمع الخبراء على ضرورة وجود تدخّل بشري لمراجعة وتصحيح الترجمة التي ينتجها الذكاء الاصطناعي، خصوصاً في السياقات الحساسة أو عالية المخاطر. يؤكد باحثون في مجال اللغة أن المترجمين البشر يظلون عنصراً لا غنى عنه لضمان نقل المعنى الدقيق وروح النص بين اللغات، نظراً لفهمهم السياق الثقافي واللغوي الذي تعجز الآلة حالياً عن استيعابه بالكامل. وقد حذّر أحد الخبراء العاملين في مجال الترجمة الإنسانية من مغبة الاعتماد الكامل على الترجمة الآلية بقوله إن «أدوات الترجمة بالذكاء الاصطناعي لا يجوز أبداً استخدامها من دون إشراف بشري، ولا ينبغي أن تحلّ محلّ المترجمين الفوريين في المواقف الحساسة أو عالية الأهمية»، وفق «الغارديان». بكلمات أخرى، يجب النظر إلى الترجمة بالذكاء الاصطناعي على أنها أداة مساعدة تسرّع العمل وتنجزه بكلفة أقل، لكنها ليست عصاً سحرية معصومة من الخطأ. وفي الحالات التي قد يترتب على الترجمة الخطأ عواقب جسيمة - كالمعاملات القانونية أو النصائح الطبية - ينبغي أن تمر الترجمة بمراجعة إنسانية للتأكد من صحتها ودقتها. لم يقتصر تأثير الذكاء الاصطناعي على كسر حواجز اللغة بين الشعوب فحسب، بل امتد أيضاً إلى تعلّم اللغات نفسها. ظهرت في السنوات الأخيرة تطبيقات ومنصات تعليمية تستخدم خوارزميات ذكية لتوفير تجربة تعلم تفاعلية وشخصية تساعد الأفراد على اكتساب اللغة الجديدة بسرعة وكفاءة أكبر. تعتمد هذه التطبيقات على تقنيات متنوعة مثل معالجة اللغة الطبيعية والتعلّم الآلي لتقديم تمارين ودروس تتكيف مع مستوى المتعلم، بالإضافة إلى توفير ملاحظات فورية وتدريبات تفاعلية تحاكي استخدام اللغة في الحياة الواقعية. من الأمثلة البارزة على ذلك تطبيق «ديولينغو» Duolingo الشهير لتعليم اللغات، الذي أطلق مؤخراً خدمة مدفوعة تسمى «ديولينغو ماكس» Duolingo Max مدعومة بتقنية الذكاء الاصطناعي «شات جي بي تي» GPT-4. تتيح إحدى ميزات هذه الخدمة، المسماة «رولبلاي» Roleplay، للمتعلمين إجراء محادثة تفاعلية مع روبوت دردشة ذكي يتقمص شخصيات افتراضية داخل التطبيق من أجل ممارسة اللغة بشكل عملي. على سبيل المثال، يمكن للمستخدم أن يتدرب على طلب القهوة بالفرنسية في مقهى بباريس أو التخطيط لرحلة مع شخصية وهمية، فيقوم الروبوت بالرد عليه كما لو كان شخصاً حقيقياً ويتجاوب مع مدخلاته بذكاء، وفق موقع «تك كرانش». ظهرت في السنوات الأخيرة تطبيقات ومنصات تعليمية تستخدم خوارزميات ذكية لتوفير تجربة تعلم تفاعلية (د.ب.أ) بعد انتهاء الحوار، يقدّم التطبيق تغذية راجعة فورية للمستخدم تشمل تقييم دقة إجاباته ومدى صحتها لغوياً، مع نصائح لتحسين المحادثة المستقبلية وتصحيح الأخطاء. ليس هذا فحسب، بل يوفر الذكاء الاصطناعي في التطبيق أيضاً خاصية تشرح للمتعلم لماذا كانت إجابته خاطئة أو صحيحة في التمارين اللغوية («Explain My Answer») مما يساعده على فهم القواعد بشكل أعمق وتفادي تكرار الأخطاء. ميزة أخرى مهمة للذكاء الاصطناعي في تعلّم اللغات هي قدرته على تقديم تدريب شخصي وفوري لكل متعلم. تستخدم التطبيقات الذكية خوارزميات لتحليل أداء المتعلم وتحديد نقاط ضعفه وقوته، ثم تكييف المحتوى التعليمي ليناسب مستواه واحتياجاته الخاصة. على سبيل المثال، يمكن لتطبيق مدعوم بالذكاء الاصطناعي أن يرصد أن لديك مشكلة في قواعد الزمن الماضي باللغة الإنجليزية، فيكثّف لك التمارين والتدريبات على هذه القاعدة حتى تتقنها. كذلك أصبحت تقنية التعرف على الكلام بالذكاء الاصطناعي مكوّناً أساسياً في كثير من تطبيقات اللغة، حيث يقوم التطبيق بالاستماع لنطق المتعلم وتصحيح النطق له على الفور. توفر هذه التقنيات للمتعلّم تغذية راجعة لحظية حول نطقه للكلمات ونحو الجمل ومفرداتها، مما يُمكّنه من ملاحظة أخطائه وتصحيحها فوراً بدل الانتظار، وبالتالي يُسرّع عملية التعلم، حسبما أفادت مدوّنة «بيرسون» Pearson للتعليم. فبدلاً من أن ينتظر الطالب حصة دراسية أو تصحيح المعلم، بات يستطيع الحصول على تصحيح فوري لنطقه أو كتابته عبر التطبيق الذكي. هذا التسارع في دورة التغذية الراجعة يتيح للمتعلّم وقتاً أطول للممارسة ويحسّن من استيعابه للغة بشكل أسرع. ويفتح الذكاء الاصطناعي آفاقاً جديدة لتعزيز التفاعل والمتعة في تعلم اللغات. فبعض المنصات بدأت تستفيد من تقنيات الواقع الافتراضي والواقع المعزز مدعومة بالذكاء الاصطناعي لخلق بيئات افتراضية يستطيع المتعلم من خلالها الانغماس في مواقف شبيهة بالحياة الواقعية للتدريب على اللغة. لا شك أن الذكاء الاصطناعي أصبح حليفاً قوياً في مجال اللغات والترجمة. فهو يُسخَّر اليوم لترجمة المحادثات فوراً بين مختلف اللغات، ويُستخدم كمدرّس خصوصي ذكي يُسرّع من تعلمنا للغة جديدة. تتطلّب الاستفادة القصوى من هذه التقنيات فهماً لحدودها أيضاً: فالآلة مهما بلغت دقتها ما زالت تحتاج إلى عين الإنسان الخبيرة لضبط المعنى في الترجمة، والمتعلّم رغم اعتماده على التطبيق الذكي يحتاج إلى ممارسة وتواصل حقيقي لا غنى فيه عن البشر.


الشرق الأوسط
منذ يوم واحد
- الشرق الأوسط
ما أهم موجهات الذكاء الاصطناعي (برومبتس) للحصول على أفضل الإجابات؟
تعد الموجهات أو (Prompts) طريقة التفاعل بين الذكاء البشري والذكاء الاصطناعي، وتؤدي صياغة الموجهات بطريقة جيدة إلى حصولك على النتيجة التي ترجوها من نماذج الذكاء الاصطناعي، ورغم أن الممارسات في مجال الذكاء الاصطناعي تتطور باستمرار مع تطور التكنولوجيا، فإن هناك عناصر أساسية من المهم تضمينها في الموجهات. فما المقصود بالموجهات في الذكاء الاصطناعي؟ وما هي عناصر البرومبت الجيد الذي ينتج إجابات دقيقة؟ يشير توجيه الذكاء الاصطناعي إلى عملية التفاعل مع نظام ذكاء اصطناعي من خلال تقديم تعليمات أو استفسارات محددة لتحقيق النتيجة المرجوة. ويتضمن توجيه الذكاء الاصطناعي التواصل مع النموذج لإنشاء شيفرة برمجية أو محتوى أو ردود بناءً على مدخلات المستخدم. تخيّل توجيه الذكاء الاصطناعي كأنه إجراء محادثة، باستخدام لغة بسيطة وواضحة، وتوفير سياق كما تفعل مع مساعد. ويمكن تقسيم فن وعلم توجيه الذكاء الاصطناعي إلى ثلاث خطوات بسيطة، هي: (إخبار النموذج بما تحتاجه، وتضمين الموجهات بالعناصر الصحيحة، وتزويده بالسياق). تخيّل توجيه الذكاء الاصطناعي كأنه إجراء محادثة باستخدام لغة بسيطة وواضحة (رويترز) تتطور الممارسات في هذا مجال الذكاء الاصطناعي باستمرار، مع تطور التكنولوجيا، ووفق الشريك المؤسس لشركة «OpenAI»، غريغ بروكمان، فإن العناصر اللازمة لـ«البرومبت» الجيد هي: ما الذي ترغب أن تُنتجه لك أداة الذكاء الاصطناعي تحديداً؟ هذه الخطوة الأولى بديهية، وقد تحصل على ما تريده من أداة الذكاء الاصطناعي إذا حددتَ مُسبقاً ما تبحث عنه بالضبط. على سبيل المثال الذي ذكره بروكمان: إذا كان هدفك هو الحصول على «قائمة بأفضل رحلات المشي لمسافات طويلة» من مدينة ما، فيجب استخدام كلمات مثل: «متوسط المسافة ضمن حدود الساعتين»، وأن تكون الرحلة «مغامرة رائعة وفريدة من نوعها» و«غير معروفة على نطاق واسع»، إذا كان ذلك ضمن أهدافك. هل تريد قائمة خيارات بسيطة؟ أم استشهادات أكاديمية؟ أم عناوين ويب؟ أم إحداثيات نظام تحديد المواقع العالمي (GPS)؟ أدوات الذكاء الاصطناعي قادرة على هيكلة النتائج والمحادثات بطرق لا حصر لها تقريباً بناءً على تفضيلات المستخدم، لذلك كُن محدداً. تتطور أدوات الذكاء الاصطناعي، لكنها لا تزال قادرة على اختلاق المعلومات. إذا كنت تبحث عن معلومات واقعية دقيقة، فأخبره بذلك. وينطبق الأمر نفسه إذا كان هناك قيد تريد من الذكاء الاصطناعي مراعاته ليتجنبه في إجابته. بالعودة لمثال الرحلة، إذا كنت لا ترغب في الذهاب لمكان فتكتشف لاحقاً أنه مجرد هلوسة من الذكاء الاصطناعي أو على بعد عدة كيلومترات من الطريق الممهد، فيجب أن تُحذّر الذكاء الاصطناعي قائلاً: «احرص على التأكد من صحة المسار، وأنه موجود بالفعل، وأن المسافة دقيقة». تتطور أدوات الذكاء الاصطناعي لكنها لا تزال قادرة على اختلاق المعلومات (رويترز) هذا شق واسع ومتنوع ومهم في الموجهات، حيث يمكنك ذكر أي شيء فرعي تعتقد أنه قد يساعد الذكاء الاصطناعي على فهم وضعك واحتياجاتك الخاصة. لا داعي للتفكير المفرط أو استخدام لغة خاصة. أخبر الذكاء الاصطناعي بأي شيء يخطر ببالك كما لو كنت تخبر أي شخص آخر. بالتطبيق على مثال الرحلة، يمكنك أن تخبر الذكاء الاصطناعي أنك من المتنزهين الدائمين، وأنك قد سلكت جميع المسارات المعروفة، مع الإشارة إلى المسارات التي أعجبتك بشكل خاص وسبب هذا الإعجاب، كل ذلك سيساعد نموذج الذكاء الاصطناعي على إعطائك إجابة مناسبة لك. ضع في اعتبارك أن النتائج التي توفرها نماذج الذكاء الاصطناعي هي عملية تتحسن باستمرار مع تكرار المحاولة، لذلك لا تتوقع نتائج مثالية من المحاولة الأولى. لكن، اختبر إجاباتك، وحلل النتائج، وحسّن البرومبتات بناءً على ما تعلمته. وإذا كان لديك تنسيق محدد تضعه في اعتبارك، فقدم أمثلة لتوجيه الذكاء الاصطناعي. وشجع الذكاء الاصطناعي على طرح أسئلة توضيحية لجمع المزيد من المعلومات.


الشرق الأوسط
منذ يوم واحد
- الشرق الأوسط
تقرير جديد: الأمان لا يُؤخذ بجدية كافية في 61 % من تطبيقات الهواتف
لم تعد تطبيقات الهواتف الجوالة مجرد أدوات رقمية مريحة، بل أصبحت مكونات أساسية في هوية العلامات التجارية، وتوليد الإيرادات والحياة اليومية. ورغم هذه الأهمية المتزايدة، لا يزال أمان تطبيقات الأجهزة الجوالة يشكل ثغرة واضحة، خصوصاً في المراحل المبكرة من التطوير. بحث جديد صادر عن شركة «غارد سكوير» (Guardsquare) المختصة في مجال حماية تطبيقات الأجهزة الجوالة يكشف عن اتجاه مقلق. يشير إلى أنه لا يزال يُنظر إلى الأمان على أنه أمر ثانوي، رغم تصاعد التهديدات من حيث التعقيد والتكرار. ومع سعي الشركات إلى إطلاق التطبيقات بسرعة أكبر، غالباً ما تتأخر ميزات الأمان، وأحياناً يتم تجاهلها تماماً. وفقاً للتقرير، صرّح 96 في المائة من المطورين بأنهم يدركون أهمية أمان التطبيقات الجوالة. ومع ذلك، يشعر فقط 52 في المائة بالثقة في أن نهجهم الحالي فعّال. والأسوأ من ذلك، أن 61 في المائة أقرّوا بأنهم لا يفكرون في الأمان إلا بعد بدء عملية التطوير. ويعد هذا خطأ قد يؤدي إلى ترسيخ الثغرات بعمق داخل الشيفرة البرمجية. وعندما سُئل المطورون عن سبب عدم إعطاء الأولوية للأمان منذ البداية، أشار كثيرون إلى المهل الزمنية الضيقة، وقلة الموارد، حيث قال 53 في المائة إن فرقهم تكافح لموازنة الأمان مع تسليم الميزات. في كثير من الحالات تفوز الوظائف بالأولوية، بينما يتم تأجيل الأمان إلى «مرحلة لاحقة» غالباً لا تتحقق أبداً. توصي «غارد سكوير» بدمج الأمان مبكراً وتفعيل النمذجة والاختبارات المؤتمتة مع مراقبة مستمرة وتعاون وثيق بين فرق التطوير والأمان (غيتي) يسلط التقرير الضوء على أبرز المخاوف الأمنية التي تواجهها تطبيقات الأجهزة الجوالة من وجهة نظر المطورين، حيث تأتي الهندسة العكسية في مقدمة هذه التهديدات بنسبة 43 في المائة، تليها هجمات إعادة التغليف التي بلغت نسبتها 41 في المائة، ثم سرقة الملكية الفكرية بنسبة 38 في المائة. كما أبدى المطورون قلقاً واضحاً من الهجمات التي تحدث أثناء وقت التشغيل بنسبة 35 في المائة، بالإضافة إلى مخاطر فك الحماية (Rooting أو Jailbreaking) التي جاءت بنسبة 30 في المائة. وتشير هذه الأرقام إلى طبيعة التهديدات المتعددة والمعقدة التي تواجه التطبيقات، والتي قد تؤدي إلى خسائر مالية وانتهاكات تنظيمية ما لم يتم التصدي لها بأدوات واستراتيجيات أمان متقدمة، ومبكرة. لا تقتصر آثار هذه التهديدات على الخسائر المالية، أو تضرر السمعة، بل يمكن أن تؤدي أيضاً إلى خرق قوانين حماية البيانات، مثل «GDPR»، أو «HIPAA». وبالنسبة لقطاعات مثل التمويل والرعاية الصحية والتجارة الإلكترونية، تكون المخاطر أعلى بكثير. والمقلق أن العديد من هذه التهديدات يمكن الوقاية منها باستخدام تقنيات أمان معروفة إذا تم تنفيذها في وقت مبكر، وبشكل منتظم. أحد الاستنتاجات الرئيسة من تقرير «Guardsquare» هو أن أمان تطبيقات الأجهزة الجوالة لا يزال يتبع نهجاً تفاعلياً أكثر منه استباقياً. فعلى سبيل المثال، تقوم 31 في المائة فقط من الفرق بإجراء نمذجة للتهديدات قبل بدء التطوير. في المقابل، 46 في المائة ينتظرون حتى تكشف اختبارات الأمان عن ثغرة ليبدأوا بالتصرف. هذا النهج التفاعلي يخلق حلقة خطيرة. يتم اكتشاف الثغرات في وقت متأخر، وتطبيق الإصلاحات على عجل، أو بشكل غير مكتمل، وتأجيل التحسينات طويلة المدى لصالح تصحيحات قصيرة المدى. والمقلق أيضاً أن 32 في المائة من المشاركين أقرّوا بأنهم يفتقرون إلى أدوات فعالة لمراقبة التطبيقات بعد إطلاقها، ما يعني أنهم قد لا يكتشفون الاستغلال الفعلي إلا بعد حدوث الضرر. تظهر نتائج البحث أن أبرز التهديدات تشمل الهندسة العكسية وإعادة التغليف وسرقة الملكية الفكرية وهجمات وقت التشغيل وفك الحماية (شاترستوك) ما الحل إذن؟ بحسب «Guardsquare» يجب دمج الأمان مبكراً في عملية التطوير، ويفضل من اليوم الأول. يتطلب هذا التحول تغييراً ثقافياً، وتعاوناً أوضح، وأدوات أفضل. من الناحية الثقافية، يعتبر تدريب المطورين مفتاحاً. قال 48 في المائة من المشاركين إنهم سيشعرون بثقة أكبر في تأمين التطبيقات إذا حصلوا على مزيد من التدريب، أو التوجيه. يمكن سد هذه الفجوة من خلال ورش عمل، وكتيبات إرشادية، ودعم عملي من فرق الأمان. أما من ناحية الأدوات، فإن التركيز ينصب على الأتمتة. تتبنى العديد من المؤسسات الآن منصات «DevSecOps» تدمج اختبارات الأمان، والتشويش (Obfuscation)، واكتشاف التهديدات ضمن أنظمة «CI/CD». ويشير التقرير إلى أن 51 في المائة من المشاركين يستخدمون أدوات أمان مؤتمتة، وهي علامة إيجابية، وإن كانت لا تزال بعيدة عن الشمولية. في النهاية، يرسم البحث صورة لصناعة على مفترق طرق. المطورون يدركون المخاطر، لكنهم يواجهون عقبات في دمج الأمان ضمن سير العمل السريع. على القيادة الاستثمار في سد هذه الفجوة، ليس فقط من خلال الأدوات، بل من خلال تحمّل المسؤولية المشتركة، واستراتيجية طويلة الأمد. باعتبار أنه خط أساس، توصي شركة «Guardsquare» باعتماد نهج أمني متكامل يبدأ منذ المراحل الأولى لتطوير التطبيقات، حيث تؤكد على أهمية البدء بالتخطيط الأمني قبل كتابة الشيفرة البرمجية لضمان دمج الحماية في صميم البنية التقنية. يلي ذلك ضرورة إجراء نمذجة للتهديدات خلال مرحلة التصميم بهدف استباق المخاطر، وتحليلها قبل أن تتحول إلى ثغرات حقيقية. كما تشدد على ضرورة أتمتة اختبارات الأمان ضمن عمليات التكامل والتسليم المستمر (CI/CD)، مما يسمح بالكشف المبكر عن الثغرات دون إبطاء وتيرة التطوير. وبمجرد إطلاق التطبيق، تدعو «غارد سكوير» إلى استخدام أدوات مراقبة فورية لمتابعة الأداء، والكشف عن أي استغلال محتمل في بيئة الإنتاج. وأخيراً، تبرز أهمية تعزيز التعاون بين المطورين وخبراء الأمان لضمان فهم مشترك للمخاطر، وتوزيع واضح للمسؤوليات ضمن الفريق التقني. بالانتقال من مجرد الوعي إلى اتخاذ الإجراءات، يمكن للمؤسسات ضمان أن تطبيقاتها ليست فقط غنية بالميزات وسريعة، بل أيضاً آمنة، وموثوقة، وقابلة للصمود. فمع تحوّل تطبيقات الأجهزة الجوالة إلى ضرورة في الأعمال والحياة الشخصية، يجب أن يتطور الأمان من كونه نقطة فحص إلى عنصر أساسي في التصميم.