logo
تساؤلات وألغام مــا بعد حربَي غزة وإيران

تساؤلات وألغام مــا بعد حربَي غزة وإيران

جريدة الاياممنذ يوم واحد
عند مفترق طرق تحوطه حقول ألغام تطرح التساؤلات الحرجة نفسها على الإقليم كله، لا غزة وإيران وحدهما، عن طبيعة وحدود التغييرات الجوهرية على خرائط الإقليم وحسابات القوة والنفوذ فيه.
في اللقاء المزمع بالبيت الأبيض بين الرئيس الأميركي دونالد ترامب، ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، يتقرر المسار العام لنوع التسويات المحتملة في ملفَي غزة وإيران دون أن يكون هناك دور عربي يُؤخذ في الاعتبار. هذا أسوأ استنتاج ممكن، لكنه ماثل بحقائقه في المشهد الإقليمي المأزوم.
نحن أمام رجلين، كل منهما يرى في الآخر حليفاً موثوقاً، يتوافقان على الخيارات الإستراتيجية ويختلفان في الأولويات.
حسب الإشارات والتسريبات المتواترة، فإن أولوية ترامب وقف إطلاق النار في غزة لإثبات قدرته على الحسم قبل العودة بكل قوته إلى الملف الإيراني، الذي تحكمه إرادات متعارضة يصعب تجاوزها بيسر.
«أريد أن أرى أهل غزة في أمان، بعد أن مروا بالجحيم». كانت تلك عبارة لافتة، وغير معتادة في خطابه، لكنها لا تتسق مع الوقائع على الأرض، حيث أعطت إدارته تفويضاً مفتوحاً للجيش الإسرائيلي في تقتيل وتجويع القطاع المحاصر دون اعتراض.
وفق التقارير الدولية المتواترة، فإن الطريقة، التي يجري بها توزيع المساعدات الإنسانية تحت رعاية واشنطن، تحولت إلى كمائن للموت وإزهاق أرواح الجوعى الفلسطينيين بوحشية لا مثيل لها في التاريخ الإنساني الحديث.
حسب إشارات وتسريبات أخرى لا يمانع نتنياهو في صفقة ما، الآن وبلا إرجاء جديد، لاستثمار أوضاع ما بعد الحرب على إيران في التوصل إلى ما يسميه «النصر المطلق» من خلال الوسائل السياسية بعد أن فشلت وسائله العسكرية في استعادة الأسرى والرهائن ونزع سلاح المقاومة الفلسطينية، لا «حماس» وحدها.
«إنها لحظة نادرة». هكذا قال بالنص. المعنى إنه إذا لم يحدث استثمار سياسي في غزة لما يسميها «الإنجازات» في الحرب على إيران، فإن تلك اللحظة لن تتاح مرة أخرى.
كان هناك نوع من التسرع في الأحكام والاستخلاصات، لم يقوض المشروع النووي الإيراني رغم ما لحقه من أضرار فادحة، ولا تضرر مشروعها الصاروخي الباليستي ولا سقط نظامها.
أدق تعبير ممكن لوصف نتائج الحرب: «اللانصر واللاهزيمة».
العودة المحتملة للمفاوضات بين الولايات المتحدة وإيران اعتراف عملي بأن المشروع النووي لا يزال حاضراً.
إنه نوع من الفشل، الذي قد يستدعي الحرب مرة أخرى.
أولوية نتنياهو في مباحثات البيت الأبيض الحرب مجدداً على إيران بشراكة أميركية كاملة هذه المرة. ترامب قد يصل إلى هذه النقطة، لكن ليس الآن، ولا قبل حسم ملف غزة.
«سوف أكون حازماً جداً مع نتنياهو في التوصل لاتفاق وقف إطلاق نار في غزة والانتهاء من هذه المسألة».
نتنياهو يحاول أن يبتز ترامب إلى أبعد حد ممكن لمقتضى مصالحه وحروبه التي لا تنتهي.. وترامب يريد صفقة الآن في الملفين معاً، إحداهما إثر الأخرى، حتى يبدو أمام العالم كرجل سلام يستحق جائزة نوبل، وأن يثبت بالوقت نفسه أنه يختلف تماماً ونهائياً عن سلفه جو بايدن، الذي يستدعي اسمه بمناسبة وبغير مناسبة كعقدة مستحكمة للسخرية من قدراته المحدودة وعجزه عن فعل ما يفعله هو الآن.
رغم أي إشارات توحي باستعداد نتنياهو للتوصل لاتفاق وقف إطلاق نار في غزة هو نتنياهو نفسه، حتى لو كان الاتفاق مؤقتاً لستين يوماً.
بضمان أميركي مراوغ، فإن المفاوضات قد تتمدد لفترات أخرى إذا ما كانت جدية.
من الذي يحكم إذا ما كانت المفاوضات جدية أو غير جدية؟
نظرياً: الولايات المتحدة ولا أحد غيرها.
عملياً: نتنياهو سوف يكون هو الحكم بالوكالة.
تتبدى هنا احتمالات العودة مجدداً إلى الحرب على غزة، رغم أن المؤسسة العسكرية الإسرائيلية ضجرت من حرب بلا أهداف سياسية محددة وممكنة، وتطلب - كما بات منشوراً وذائعاً - إيقافها في غضون أسبوعين أو ثلاثة بذريعة أن العمليات العسكرية استنفدت أهدافها، وخشية أن يفضي توسيع القتال إلى تعريض حياة الرهائن للخطر.
كان نجاح المقاومة الفلسطينية في إلحاق أضرار فادحة بالجيش الإسرائيلي داعياً للتساؤل بإلحاح: لماذا نحارب؟!
مساحات المناورة أمام نتنياهو تضيق بين أغلبية في الرأي العام تطلب وقف الحرب فوراً وعودة كل الرهائن مرة واحدة، وضغوط اليمين المتطرف للمضي فيها وتوسيع نطاقها إلى أقصى حد حتى لو قتل جميع الرهائن.
هذا يفسر إلى حد كبير دعوات ترامب لإغلاق ملف محاكمة نتنياهو بحجة أنها تعيق التقدم بالمفاوضات مع إيران و»حماس».
قبل أن يلوّح، كما لم يحدث من قبل، بوقف المساعدات لإسرائيل إذا لم يلبِ طلبه!
الولايات المتحدة لن تتسامح مع مواصلة محاكمة نتنياهو.
إنه بطل قومي يستحق الإنصاف لا الإدانة.
يبدو الطلب بذاته نوعاً من التورط في حماية الفساد والتحايل والرشى. أميركا أنقذت إسرائيل.. والآن ستنقذ نتنياهو.
إلى هذا الحد وصلت مساعيه لإنقاذ حليفه دون اعتبار لصورة إسرائيل، التي جرى تسويقها، على مدى أكثر من سبعة عقود، كدولة قانون وواحة للديمقراطية في الشرق الأوسط.
إنه إنقاذ لمجرم حرب لا يسعى من أجل السلام!
كان ذلك داعياً لانقسامات داخل إسرائيل نفسها، كأنها تطل على الحقيقة في المرآة، فلا هي قوة إقليمية عظمى على ما يقول نتنياهو، ولا هي دولة طبيعية بوسعها أن تفرض كلمتها على الشرق الأوسط كله.
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

انتهاء اللقاء الثاني بين ترامب ونتنياهو دون تصريحات للصحفيين
انتهاء اللقاء الثاني بين ترامب ونتنياهو دون تصريحات للصحفيين

معا الاخبارية

timeمنذ 2 ساعات

  • معا الاخبارية

انتهاء اللقاء الثاني بين ترامب ونتنياهو دون تصريحات للصحفيين

واشنطن- معا- انتهى اللقاء الثاني بين الريس الأمريكي دونالد ترامب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في البيت الأبيض، والذي استمر ساعة ونصف دون الإدلاء بتصريحات للصحفيين. ولم يتم الكشف عن تفاصيل حول محتوى الاجتماع الذي حضره نائب الرئيس الأميركي، جي دي فانس. وقال نتنياهو ردا على سؤال من قناة "كان" العبرية: "نحن مستعدون أيضا لإنهاء الحرب بشروط لن تسمح لحماس بالعمل بعد الآن، هناك خطة". وفي تصريح لوسائل الإعلام في الكونغرس الأمريكي بواشنطن قبيل لقائه الثاني بترامب قال نتنياهو: "هذه أيام تاريخية. قاتل جنود إسرائيل كالأسود. لقد غيّر ذلك المنطقة، وهناك فرص للسلام نعتزم استغلالها. ما زلنا بحاجة إلى إنهاء العمل في غزة والقضاء على حماس". وبحسب نتنياهو، "يجب أن يكون لغزة مستقبل مختلف، وقد أناقش هذه القضية مع الرئيس ترامب. وآمل أن نتجاوز الخط الأحمر للتوصل إلى اتفاق".

معاريف: ترامب بدأ اجتماعا ثانيا مع نتنياهو بـ"الضغط الشديد" عليه
معاريف: ترامب بدأ اجتماعا ثانيا مع نتنياهو بـ"الضغط الشديد" عليه

معا الاخبارية

timeمنذ 4 ساعات

  • معا الاخبارية

معاريف: ترامب بدأ اجتماعا ثانيا مع نتنياهو بـ"الضغط الشديد" عليه

تل أبيب- معا- ذكرت صحيفة "معاريف"، أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، التقى مجددا، ليل الثلاثاء الأربعاء، رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، بعد اجتماعهما الاثنين، مبينة أن ترامب سيمارس "ضغطا شديدا" على نتنياهو. وذكرت الصحيفة الإسرائيلية أنه بالتزامن مع الاجتماع، تجرى المحادثات في الدوحة حول صفقة الأسرى، ووقف إطلاق النار في غزة. وأشارت الصحيفة الإسرائيلية إلى أن الاجتماع الثاني من المتوقع أن يستمر حوالي ساعتين، سيمارس فيه ترامب "ضغطًا شديدًا" على نتنياهو لإنهاء الحرب في غزة. ونقلت عن مصدر أمريكي قوله، إن "الضغط الأمريكي على إسرائيل قد بدأ، وسيكون الليلة شديد". من جهتها، ذكرت "رويترز"، الثلاثاء، أن هناك اختلافا في الرؤى بين الرئيس الأمريكي ورئيس الوزراء الإسرائيلي حول أهدافهما النهائية في إيران وغزة والشرق الأوسط ككل. وأشاد الزعيمان، خلال لقائهما الاثنين، بنجاح الغارات التي استهدفت البنية التحتية النووية لإيران الشهر الماضي، وأكدا أنهما أعاقا برنامجا يقولان إنه كان يهدف إلى صنع قنبلة نووية. ويقول دبلوماسيان إنه مع تقييمات المخابرات التي تشير إلى أن إيران تحتفظ بمخزون مخبأ من اليورانيوم المخصب والقدرة التقنية على إعادة البناء، يدرك كل من ترامب ونتنياهو أن انتصارهما قصير المدى وليس انتصارا استراتيجيا. وفي وقت سابق، صرح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أنه سيجتمع مع رئيس الوزراء الإسرائيلي مجددا في وقت لاحق لمناقشة الوضع في غزة. والتقى ترامب مع نتنياهو على مأدبة عشاء الاثنين في البيت الأبيض. وأكد ترامب أن إدارته تعمل "على حل النزاع في غزة حلا نهائيا"، واصفا الوضع في القطاع الفلسطيني بـ"المأساوي". من جهته، أعلن بنيامين نتنياهو في تصريحات لوسائل الإعلام في مبنى الكابيتول بواشنطن، اجتماعه مجددا بالرئيس ترامب الليلة، مؤكدا أن "إسرائيل قبلت اقتراح الوسطاء"، معتبرا أن المقترح كان جيدا.

جامعة خضوري تستضيف معتز العزايزة
جامعة خضوري تستضيف معتز العزايزة

جريدة الايام

timeمنذ 6 ساعات

  • جريدة الايام

جامعة خضوري تستضيف معتز العزايزة

في خطوة شجاعة ومسؤولة قررت جامعة خضوري استضافة الصحافي الفلسطيني معتز العزايزة لتقديم محاضرة.. ولكن لماذا استضافة صحافي فلسطيني في جامعة فلسطينية خطوة شجاعة؟ السبب أن من تستضيفه يتعرض لحملة تشويه ممنهجة منذ أزيد من سنة! معتز شاب من غزة، اشتهر في الأشهر الأولى من عمر الحرب، حيث قام بتغطية متميزة لأهوالها وأخبارها، ملتقطاً صوراً فريدة بينت حجم الكارثة الفلسطينية، وفضحت مستوى الإجرام الذي مارسه جيش الاحتلال، وقد بذل جهوداً خارقة وعرّض نفسه لخطر الموت من أجل نقل الحقيقة للعالم. وفي لحظة ما قرر مغادرة القطاع، بعد أن رأى الموت عشرات المرات، وصرح بأنَّ «حياتي مهمة»، غادر حقول الموت ليكمل رسالته الوطنيّة حول العالم، فاكتسب شهرة عالمية، وقد تجاوز عدد معجبيه 12 مليوناً، استضافته كبرى الجامعات المرموقة في العالم، والعديد من المؤسسات الإعلامية، اعتبرته مجلة التايم من الشخصيات الأكثر تأثيراً، رُشح لنيل جائزة نوبل للسلام، وبات شخصاً ملهماً ومؤثراً لملايين الشبان. على المستوى الداخلي، بعد أن كان صحافياً وطنياً ينقل الحقيقة، فجأة تحول إلى «مطبل»، و»متخاذل»، و»عدو للمقاومة»، وأُلصقت به أقذع الأوصاف وأكثرها انحطاطاً! في عمّان خرجت مظاهرة حاشدة خصيصاً لشتمه، فقَدَ عدة ملايين من متابعيه مرة واحدة.. كيف حدث ذلك، ولماذا؟ حين كان داخل غزة كان موضع إجماع باستثناء أصوات قليلة شككت به، وبمجرد مغادرته القطاع انقسم الرأي العام حوله باستقطاب حاد، بين من يراه ممثلاً للحقيقة ونموذجاً رائعاً للفلسطيني الذي نريد، وبين من يراه انتهازياً وجباناً. ومن الواضح أن من وراء حملة تشويهه هم جماعة الإخوان، وأنصار حماس، وجمهور قناة الجزيرة عموماً.. والسبب أنه بقوله «حياتي مهمة» أحدث صدمة لدى الجماهير المخدرة لأنه كسر رواية «المقاومة»، ورواية الجزيرة، وأعلن بكل «وقاحة» أن حياة الفلسطيني مهمة.. كيف تكون حياة الفلسطيني مهمة، وبالذات الغزاوي؟ هؤلاء منذورون للموت، وقرابين، والموت أسمى أمانيهم.. كيف فجأة تصبح حياتهم مهمة؟! معقول! مش عيب هالحكي؟ الفلسطيني (وبالذات الغزاوي) شخص واحد له طبيعة واحدة: متشدد، عنيف، مسلح، لا يؤمن بالسلام، غير مستعد لأي تسوية، لا يؤمن بالمجتمع الدولي ولا بالقانون الإنساني، لا يعرف سوى المقاومة المسلحة والصواريخ وتدمير تل أبيب.. معتز يقدم صورة مغايرة وغير معهودة.. بكل «وقاحة» يطالب بوقف الحرب ويدعو للسلام العادل. صورة الغزاوي النمطية: شخص متدين وملتحٍ، متباكٍ، متسول، معفر الثياب، يشتم الأنظمة العربية، مستعد للتضحية بأبنائه كرمى للمقاومة، يتحمل الجوع والعطش ويستمد طاقته بالتمثيل الكلوروفيلي.. معتز يرتدي بدلة أنيقة وربطة عنق، وسيم، يتكلم الإنجليزية بطلاقة، ويتحدث العربية بهدوء ومنطق ودون شعارات، يطرح رأيه بجرأة وموضوعية، لا يتسول، وعندما يجمع تبرعات يعلن عن بياناتها بكل شفافية.. يعني معتز خرّب الصورة المعهودة عن أهل غزة. وفوق ذلك، التقى بالرئيس محمود عباس والتقط صورة معه.. عباس خذل غزة وباعها، ومعتز ابن غزة وقادم من وسط الميدان يتصافحان! مثل هكذا صورة تخلخل وتهز السردية الإخوانية حول السلطة والمنظمة، وبالتالي يجب أن يكون معتز قد خذل غزة وباعها! أهل غزة مجبرون على تحمل كل ما يتعرضون له من قصف وتقتيل وتدمير، أهل غزة هم فقط حاضنة للمقاومة، أهل غزة أبطال خارقون، صمودهم أسطوري، لا يشتكون، لا يتألمون أو يتألمون بصمت.. هذا دورهم الوظيفي.. معتز خرج وانتقد وتكلم واشتكى.. وبالتالي نقل صورة مختلفة عن الصمود الأسطوري والبطولات الخارقة.. عائلات كاملة استشهد جميع أفرادها، ومسحوا من السجل المدني، عائلة معتز قدمت عشرات الشهداء فقط، وللأسف نجا هو من الموت، وكان يجب أن يلتحق بركب الشهداء، حتى نكتب فيه قصيدة رثاء، الآن نحن مجبرون على الرد على أقواله وتفنيد تصريحاته، مجبرون على التفكير واستخدام عقولنا. تاريخياً، في كل حرب يظهر: إعلاميون انتهازيون، ومحللون شعبويون، ومثققون مأجورون، ومصورون يبحثون عن لقطة يبيعونها، وطبعاً «أثرياء الحرب».. معتز كسر هذه الحلقة، وغرد عكسها، وهذا لعب بالمحظور. الفلسطينيون يبحثون دوماً عن وجه يمثلهم، ويختزل قصتهم ويقدمها للعالم بصورة جاذبة، لأنها قصة معقدة ومركّبة ومملّة، في الآونة الأخيرة ظهرت وجوه متميزة عبرت عن حكاية فلسطين بصورة مكثفة: عهد التميمي، محمد الكرد، أبو الرعد، معتز العزايزة، وغيرهم.. وبعد أن لاقت قصصهم صعوداً سريعاً اختفت سريعاً، ليس لخطأ في شخوصهم أو مصداقيتهم؛ بل لأنهم تعرضوا لحملات تشويه؛ لأنهم قدموا صورة مغايرة للسردية الجاهزة والمتداولة، ولأن قصصهم بقيت فردية دون رعاية جماعية تفتح أمامهم طريقاً طويلاً يحوّلها من قصص شخصية الى رواية وطنية، وبدلاً من تحويلهم إلى أيقونات ملهمة ومحرضة حولناها إلى حملات تشويه. معتز واحد من بين عشرات ومئات الكتّاب والصحافيين الفلسطينيين الذين يبذلون جهوداً حقيقية ومخلصة لنقل الحقيقة، ولتقديم صورة حضارية عن الفلسطيني، وعرض القضية الفلسطينية بطريقة واقعية واعية.. بمجرد أن ينتقد حماس، أو لا يمدحها يتعرض للتشويه، هذا حدث مع الزميل الإعلامي المتميز عصمت منصور، ومع تيسير عبد الله.. وسيحدث مع كل من يتجرأ على نقل الحقيقة، وتوجيه النقد، وحث الجمهور على التفكير واستخدام عقولهم، والانحياز لإنسانيتهم ولشعبهم في غزة الذي يُذبح بصمت وبكل وحشية. قد أتفهم دوافع الإخوان و»الجزيرة»، لأنها جهات منظمة لديها أجندات سياسية وأيديولوجية حزبية.. وقد أتفهم دوافع الجمهور العريض ممن هم خارج فلسطين، لأنهم تشربوا دعاية الجزيرة وغُسلت أدمغتهم ولا يعرفون حقيقة الواقع الذي تعيشه غزة، وهم مستمتعون بأخبار التفجيرات وبطولات المقاومين، لأنها تعوض عجزهم وخواءهم، وتمنحهم شعوراً بالعزة والكرامة، وتشفي غليلهم.. هذا كله مفهوم وتحدثنا عنه كثيراً.. ولكن من غير المستوعب أن يشترك في حملات التشويه ضد الأصوات المعارضة والمنتقدة من يقيمون في الضفة الغربية.. فإذا كانوا مقتنعين بمنهج مقاومة حماس، ويرونها ممثلاً حصرياً للمقاومة، فما الذي يؤخرهم عن الانضمام للمعركة! كيف تريد للغزاوي أن يضحي بنفسه وعائلته وبلده ومستقبله.. بينما تمتنع عن تقديم أبسط أشكال المقاومة، وتكتفي بالمزايدة والاتهام؟ هذه ليست مزاودة وحسب، ولا مجرد تناقضٍ وانفصامٍ في الشخصية، ولا تَعامٍ عن رؤية الواقع، هي أكثر من نفاق ومن تفكير أناني؛ إنها عطب في المنظومة الأخلاقية والإنسانية.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store