
رمزي الغزوي : كيف صارت شاشاتنا ساحات حرب؟
هل ما زالت تُسمى وسائل تواصل؟ لقد تحولت منصاتنا الرقمية إلى ساحات حرب سريعة ومباغتة، تُخاض فيها معارك كسر العظم دون خسائر مرئية، لكنها تترك رمادا يتطاير في الأرواح والعقول. ننسى بسرعة، نعم، لكننا نحرص، بوعي أو دون وعي، على ترك ثغرات مفتوحة لاندلاع معارك جديدة، وكأننا نستلذ اللهيب أكثر من دفء التفاهم.
تغيرنا كثيرا. صرنا أكثر قسوة على الآخرين وعلى أنفسنا. لم نعد نمتلك تلك الروح الطيبة الدافئة في الحوار، ولا تلك الليونة الجميلة في إدارة الخلاف. وهذا مؤلم وصادم. بل إن الأكثر إيلاما أننا لم نعد نعرف كيف وصلنا إلى هذه الحالة من اللا تسامح. كيف سمحنا لنيران الغضب أن تتأجج فينا عند أتفه سبب؟ وكيف تراجعنا عن احترام الاختلاف، وتخلينا عن تقبل الرأي الآخر؟
صرنا نلغي بعضنا البعض لأبسط اختلاف. نرى في الآخر خصما بدلا من أن نراه شريكا في الحياة. صرنا نركز على العيوب وننسى كل ما هو جميل. نتعامل مع الزلات كأنها خطايا لا تغتفر، وننفعل بانفعال عجيب مع كل مصيبة، بينما نمر مرور الكرام على مظاهر الجمال والحق والفضيلة.
ربما يحق للبعض أن يسمي هذه المنصات وسائل تفاشل اجتماعي. فهي، بدلا من أن تكون جسرا للرفعة والتقارب، صارت محرقة تؤجج خصامنا وتستنزف طاقتنا. كل أسبوع تقريبا نعيش حربا كلامية جديدة لا تخمد إلا لتندلع أخرى بعدها. لقد تغيرنا، تصلبنا، وانكمشنا على ذواتنا إلى درجة مرعبة.
ورغم أن هذه الحروب رقمية، سريعة وخاطفة، ولا تحمل ذاكرة طويلة، إلا أنها تؤثر فينا بشكل عميق. تجعلنا أقل تسامحا، أكثر انتقاما، وأشد قسوة. صرنا معبئين بالغضب، لا نغفر، ولا نتصالح حتى مع أنفسنا. ننتظر الفرصة للانقضاض على شيء ما، حتى لو كان هذا الشيء أرواحنا المتعبة.
نحن محتقنون حتى النخاع، وهذه حقيقة لا يمكن إنكارها. الاحتقان بات يغمرنا ويتغلغل إلى أعماقنا. صرنا مشدودين كزنبركات مضغوطة، متحفزين مثل بارود محمص يتقدح بشرر في كل لحظة. منذ أزمة كورونا والعالم يكشر عن أنيابه، ومعه فقدنا الكثير من الاتزان والهدوء.
أصبحنا نبالغ في ردود أفعالنا ونقاتل ذباب أنوفنا إن استدعى الأمر، أو حتى إن لم يستدعِ. نتصرف كأننا في معركة حياة أو موت. فهل هذا السخط سيعدل حياتنا؟ أم سيحرق ما تبقى من بيادرنا؟ وهل سنستفيق قبل أن نتحول جميعا إلى جمرات تتوهج في الفراغ؟
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة

الدستور
منذ 15 دقائق
- الدستور
اغلاق حدائق الحسين أمام الزوار يومي 9 و 10 تموز
عمان-الدستور اعلنت أمانة عمان الكبرى اليوم الأحد، عن اغلاق حدائق الحسين أمام الزوار يومي الأربعاء والخميس الموافقين 9 و 10 تموز وذلك استعداداً لمهرجان صيف عمّان 2025 . ويأتي هذا الإجراء استعداداً لانطلاق فعاليات مهرجان صيف عمّان 2025 الذي ستبدأ فعالياته اعتباراً من يوم الجمعة الموافق 11 تموز ولغاية 18 تموز 2025.

السوسنة
منذ 25 دقائق
- السوسنة
الدفاع المدني يتعامل مع 1587 حالة طارئة
السوسنة - تعاملت مديرية الدفاع المدني خلال الـ 24 ساعة الماضية مع (1365) حالة إسعافية، بمتوسط زمن استجابة بلغ (7 دقائق و35 ثانية). كما تعاملت مع (109) حوادث إنقاذ، بمتوسط زمن استجابة قدره (7 دقائق و36 ثانية)، بالإضافة إلى (113) حادث إطفاء، سجل فيها متوسط زمن استجابة بلغ (7 دقائق و34 ثانية). أقرأ أيضًا:


الانباط اليومية
منذ 28 دقائق
- الانباط اليومية
تربية لواء ناعور تواصل متابعتها اليومية لسير امتحانات الثانوية العامة
الأنباط - تربية لواء ناعور تواصل متابعتها اليومية لسير امتحانات الثانوية العامة واصلت مديرية التربية والتعليم للواء ناعور اليوم، متابعتها الميدانية لسير امتحانات الثانوية العامة، من خلال جولات نفذتها مدير التربية والتعليم د.هيفاء الخريشا، على عدد من القاعات الامتحانيّة في اللواء. وأكدت الخريشا خلال جولتها، أن الجهود الجماعية التي تبذلها كوادر المديرية بالتنسيق مع الجهات ذات العلاقة، ساهمت في توفير بيئة امتحانية آمنة ومنضبطة، مكّنت الطلبة من أداء امتحاناتهم بهدوء وتركيز. وأشارت إلى أن المديرية تتابع تفاصيل كل جلسة، سواء على مستوى التجهيزات داخل القاعات أو آليّة التعامل التربوي مع الطلبة بما يضمن الالتزام بتعليمات الوزارة ويحافظ على جودة العملية الامتحانية. وثمّنت مديرية تربية لواء ناعور تعاون المجتمع المحلي وأولياء الأمور، وحرصهم على توفير أجواء داعمة لأبنائهم خلال فترة الامتحانات، مؤكدةً استمرار المتابعة اليومية حتى انتهاء الامتحانات بجميع فروعها الأكاديمية والمهنية.