
دمج الصفوف وتقليص خدمات "أونروا" يثيران قلق اللاجئين الفلسطينيين في صور
وعلى الرغم من الكثافة السكانية العالية للاجئين الفلسطينيين في هذه المنطقة، فإنها تعاني من تهميش واضح في خدمات وكالة "أونروا"، خاصة في مجالي التعليم والصحة، بحسب ما يشتكي اللاجئون الفلسطينيون.
ومع بدء تنفيذ "أونروا" لخطة دمج الصفوف الدراسية، ودمج المدارس لاحقاً، ارتفعت أصوات الأهالي والناشطين محذّرة من التبعات الخطيرة لهذه الخطوة، والتي رفعت أعداد الطلاب في الصف الواحد إلى نحو 45 طالباً، وسط غياب خطط واضحة تراعي الواقع التربوي والنفسي للطلاب، ما أثار حالة من القلق والتوتر في أوساط الأهالي.
دمج الصفوف.. هذا ليس تعليماً بل تدمير ممنهج
يحذر أحمد أبو الذهب، عضو قيادة جبهة التحرير العربية في منطقة صور، من أن اللاجئين الفلسطينيين في مناطق الشتات الخمس يتعرضون لـ"حملة ممنهجة لإنهاء خدمات الأونروا، بهدف شطبها كشاهد أساسي على نكبة اللاجئين الفلسطينيين".
ويوضح أبو الذهب لبوابة اللاجئين الفلسطينيين أن خطة دمج الصفوف التي بدأت هذا العام شملت مدارس مثل "ثانوية الأقصى" ومدارس ابتدائية ومتوسطة في مخيمات برج الشمالي، البص، الشبريحة، المعشوق وأبو الأسود، دون أي خطة مدروسة، ما أدى إلى احتجاجات من قبل الأهالي، وتساءل "كيف يمكن أن يتم التعليم بوجود 45 طالباً في الصف الواحد؟ هذا ليس تعليمًا، بل تدمير ممنهج".
كما اتهم "أونروا" بممارسة "قمع مباشر" بحق موظفيها، في إشارة إلى فصل أربعة أساتذة بسبب مشاركتهم في مظاهرات مؤيدة لفلسطين، ما يضع، بحسب قوله، جميع الموظفين تحت ضغط سياسي ونفسي كبير.
وأضاف أبو الذهب: أن خدمات وكالة "أونروا" الأخرى أيضاً تشهد تراجعاً واضحاً، حيث انخفضت المساعدة المالية من 50 دولاراً إلى 30، ثم إلى حصة غذائية لا تتجاوز قيمتها 10 دولارات، وهو ما يربطه بمحاولات تقليص تدريجية لدور الوكالة في حياة اللاجئين.
ودعا الدول العربية والإسلامية إلى تحمّل مسؤولياتها تجاه اللاجئين الفلسطينيين، محذراً من "سياسات التهجير القسري إلى أوروبا" نتيجة انعدام فرص العمل والتضييق الاقتصادي.
ما يحصل ليس أزمة تمويل بل حرب سياسية
من جهته، شدد الناشط المجتمعي حسين الشراري من مخيم الرشيدية على أن خطة دمج الصفوف "غير رسمية حتى الآن"، لكنها تنفذ فعلياً في عدد من المخيمات، حيث تم تقليص عدد المدارس من خمس إلى ثلاث في بعض المناطق، ما انعكس سلباً على جودة التعليم.
وقال الشراري إن ما يحصل ليس مجرد أزمة تمويل، بل حرب قانونية واقتصادية تهدف لإلغاء "أونروا" ونقل ملف اللاجئين إلى جهات دولية أخرى مثل المفوضية السامية لشؤون اللاجئين (UNHCR) وأضاف: "الضغط السياسي واضح، ويتم تقليص رواتب المعلمين وفصل البعض منهم لوضعهم تحت التهديد".
وعبّر أن ما يجري هو جزء من مخطط أشمل "لإضعاف التعليم كسلاح أساسي بيد اللاجئ الفلسطيني"، داعياً إلى توحيد الصفوف وتجاوز الخلافات، ومشدداً على أن منظمة التحرير الفلسطينية هي المرجعية السياسية التي يجب الالتفاف حولها في هذه المرحلة.
سياسة الحياد التي تتبعها (أونروا) تُمهّد لتسليم مؤسساتها لمنظمات دولية أخرى
كما علت اصوات اللاجئين ضد سياسات الوكالة ولا سيما التعليمية، وقال اللاجئ محمود من مخيم برج الشمالي لبوابة اللاجئين الفلسطينيين: "نحن نعيش واقعاً صعباً بسبب تقليص الخدمات، خصوصاً في التعليم والطبابة. التعليم هو الأهم، وبدونه سنتحول إلى مجتمع جاهل". وتساءل: "إذا أُغلقت مدارس الأونروا، من يستطيع تحمّل نفقات المدارس الخاصة؟ نحن بالكاد نعيش!"
وأشار إلى أن بعض التعديلات التي طالت المناهج التعليمية بعد الدمج جاءت "بشكل اختصاري" يضعف المحتوى، واعتبر أن ذلك ليس صدفة، بل "جزء من خطة ممنهجة لإنهاء دور الأونروا".
وأضاف اللاجئ: "سياسة الحياد التي تتبعها الأونروا اليوم تُمهّد لتسليم مؤسساتها لمنظمات دولية أخرى، ونحن نرفض تسليم ملفنا لأي جهة أخرى".
أما الأخصائية الاجتماعية مريم من مخيم البص فترى أن النظام التعليمي والصحي في "أونروا" بحاجة إلى "إعادة تقييم جذري"، ولفتت إلى غياب أبسط التجهيزات في الصفوف من تدفئة وتبريد، ووجود عدد كبير من الطلاب يعانون من مشاكل نفسية وصعوبات تعليمية لا تتم معالجتها بالشكل المناسب.
وأضافت لموقعنا: "بعض الصفوف فيها فقط كتاب وأستاذ، وهناك أساتذة يعملون بضمير، وآخرون يعتبرونها مجرد وظيفة".
وشددت على أن دمج الصفوف بهذا الشكل، دون الرجوع للمجتمع المحلي، خطوة غير منصفة للتلاميذ، وقد تُعمق مشاكلهم النفسية والتعليمية، وطالبت بحقوق الأطفال في بيئة تعليمية آمنة، دافئة في الشتاء، ومكيفة في الصيف، وبمناهج تراعي قدراتهم، إضافة إلى ضرورة إنشاء مدارس متخصصة لذوي الاحتياجات الخاصة في كل مخيم.
من تجمع الشبريحا، تحدث محمد محمد، سكرتير الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين في المنطقة، عن قرار دمج "مدرسة قيساريا" مع "مدرسة المعشوق" في مخيم البص، والتي تبعد نصف ساعة عن مكان سكنه، مؤكداً أنه غير قادر على تحمّل تكاليف نقل أطفاله الثلاثة يومياً.
وأضاف أن أبناءه باتوا بحاجة إلى دروس خصوصية بتكلفة 40 دولاراً شهرياً بسبب اكتظاظ الصفوف.
واعتبر أن قرارات "أونروا" المجحفة بحق الأساتذة والطلاب "جزء من سياسة ممنهجة لتهميش اللاجئين"، مشيراً إلى أن التجمع الذي يسكن فيه لا يضم سوى عيادة صحية واحدة، ولا وجود لأي خدمات تعليمية أو اجتماعية أخرى..
وفي ظل الظروف الاقتصادية المتدهورة وغياب البدائل، يخشى اللاجئون من فقدان حق أبنائهم في التعليم، وسط تساؤلات متزايدة: هل تحاول الأونروا فعلاً تجريد اللاجئ الفلسطيني من "سلاحه الأخير" المتمثل في التعليم؟ أم أن هذه الإجراءات تمثل بداية قمع منظم لخنق المخيمات وحقوقها المشروعة؟
بوابة اللاجئين الفلسطينيين

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


بوابة اللاجئين
منذ 10 ساعات
- بوابة اللاجئين
تقرير يوضح هزالة التمويل العربي لوكالة "أونروا" ويخلص الى توصيات لإنقاذها
تواجه وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" تحديات مالية متزايدة تهدد قدرتها على تقديم الخدمات الأساسية لأكثر من 5.9 مليون لاجئ فلسطيني، وفقاً لتقرير صادر عن "الهيئة العربية للدفاع عن الأونروا" والذي بيّن هزالة التمويل العربي للوكالة وتحديات ذلك التمويل، وخلص التقرير إلى توصيات لإنقاذ الوكالة الدولية من الانهيار، ترتكز على تعزيز الدعم العربي لها. وعلى الرغم من التعهدات العربية بالمساهمة بنسبة 7.8% من ميزانية "أونروا" السنوية، إلا أن المساهمات الفعلية من الدول العربية كانت متدنية، حيث بلغت حوالي 142.13 مليون دولار بين عامي 2022 و2024، أي أقل من 3% من الميزانية الكلية للوكالة، ويتركز 95% من الدعم العربي في أربع دول فقط: السعودية، قطر، الإمارات، والكويت. وبيّن التقرير، ارتفاع احتياجات الميزانية بالنسبة للوكالة منذ تأسيسها في عام 1949 لتلبية احتياجات حوالي 750 ألف لاجئ فلسطيني، إلا أنّ تزايد عدد اللاجئين المسجلين لديها على مدى العقود ليصل إلى 5.9 مليون في عام 2024، زادت ميزانية الوكالة بشكل كبير. وأوضح التقرير في جدول مخصص، تطور ميزانية "أونروا" واحتياجاتها عبر السنوات، مشيراً إلى أنّه بين عامي 1949 و 1950 بلغت ميزانية الوكالة أقل من مليون دولار فيما كان عدد اللاجئين ~0.75 مليون. أما بين العامين 2024 و 2025، فأشار التقرير الى أنّ ميزانية الوكالة حوالي 1.6 مليار دولار، بينما عدد اللاجئين اليوم 5.9 مليون. كما استعرض تطورات اثرت على ارتفاع الاحتياجات كالنكسة وحرب لبنان واجتياحه، وحروب غزة و وازمة سوريا وسواها، خلال تلك العقود. وأكّد التقرير ضعف التمويل العربي للوكالة وأرجعه إلى عدة تحديات، أبرزها: غياب آلية تمويل عربية مشتركة تجعل الدعم متذبذبًا وغير مستقر، والأزمات الاقتصادية والسياسية في بعض الدول العربية تؤثر على قدرة التبرع المنتظم، إضافة إلى ضعف التنسيق العربي والتنافس السياسي بين بعض الدول. وحّذر التقرير من ضعف الدعم العربي، كما حذر من أن تقليص خدمات "أونروا" أو إنهائها سيؤدي إلى تداعيات خطيرة على الأصعدة الأمنية والاقتصادية والاجتماعية والسياسية، ليس فقط على اللاجئين الفلسطينيين بل على الدول العربية المضيفة والمجتمع الدولي ككل. وقدّم التقرير عدداً من التوصيات للدول العربية لتعزيز دعمها للوكالة وضمان استدامة خدماتها، بما في ذلك: تشكيل صندوق عربي مشترك للتمويل لضمان مساهمة منتظمة ومستدامة، وتعزيز الالتزام المالي العربي ليتناسب مع الأهمية السياسية والإنسانية للقضية الفلسطينية، وتنسيق الجهود بين الدول العربية لتحسين فعالية الدعم وتجنيب الوكالة أي صراع سياسي عربي أو دولي، واستخدام المنصات الدبلوماسية والسياسية العربية للضغط على المجتمع الدولي لضمان استمرار الدعم وعدم التأثر بالتقلبات السياسية، إضافة إلى تعزيز الشفافية والمساءلة في إدارة التمويل العربي لضمان وصول الدعم الكامل إلى مستحقيه. ودعا التقرير الدول العربية إلى إدراك أن دعم "أونروا" ليس مجرد عمل إنساني، بل هو استثمار في الاستقرار الإقليمي وحماية حقوق اللاجئين الفلسطينيين. اقرأ/ي التقرير كاملاً: واقع التمويل العربي لوكالة الاونروا وتحديات الاستدامة (صادر عن الهيئة العربية للدفاع عن الاونروا) بوابة اللاجئين الفلسطينيين


بوابة اللاجئين
منذ 2 أيام
- بوابة اللاجئين
دمج الصفوف وتقليص خدمات "أونروا" يثيران قلق اللاجئين الفلسطينيين في صور
في منطقة صور جنوبي لبنان، التي تضم أكبر المخيمات والتجمعات الفلسطينية ، يعيش آلاف اللاجئين الفلسطينيين داخل ثلاثة مخيمات رئيسية هي: الرشيدية، البص، وبرج الشمالي، إضافة إلى تجمعات سكنية كالشبريحة والمعشوق وأبو الأسود وجل البحر وغيرها. وعلى الرغم من الكثافة السكانية العالية للاجئين الفلسطينيين في هذه المنطقة، فإنها تعاني من تهميش واضح في خدمات وكالة "أونروا"، خاصة في مجالي التعليم والصحة، بحسب ما يشتكي اللاجئون الفلسطينيون. ومع بدء تنفيذ "أونروا" لخطة دمج الصفوف الدراسية، ودمج المدارس لاحقاً، ارتفعت أصوات الأهالي والناشطين محذّرة من التبعات الخطيرة لهذه الخطوة، والتي رفعت أعداد الطلاب في الصف الواحد إلى نحو 45 طالباً، وسط غياب خطط واضحة تراعي الواقع التربوي والنفسي للطلاب، ما أثار حالة من القلق والتوتر في أوساط الأهالي. دمج الصفوف.. هذا ليس تعليماً بل تدمير ممنهج يحذر أحمد أبو الذهب، عضو قيادة جبهة التحرير العربية في منطقة صور، من أن اللاجئين الفلسطينيين في مناطق الشتات الخمس يتعرضون لـ"حملة ممنهجة لإنهاء خدمات الأونروا، بهدف شطبها كشاهد أساسي على نكبة اللاجئين الفلسطينيين". ويوضح أبو الذهب لبوابة اللاجئين الفلسطينيين أن خطة دمج الصفوف التي بدأت هذا العام شملت مدارس مثل "ثانوية الأقصى" ومدارس ابتدائية ومتوسطة في مخيمات برج الشمالي، البص، الشبريحة، المعشوق وأبو الأسود، دون أي خطة مدروسة، ما أدى إلى احتجاجات من قبل الأهالي، وتساءل "كيف يمكن أن يتم التعليم بوجود 45 طالباً في الصف الواحد؟ هذا ليس تعليمًا، بل تدمير ممنهج". كما اتهم "أونروا" بممارسة "قمع مباشر" بحق موظفيها، في إشارة إلى فصل أربعة أساتذة بسبب مشاركتهم في مظاهرات مؤيدة لفلسطين، ما يضع، بحسب قوله، جميع الموظفين تحت ضغط سياسي ونفسي كبير. وأضاف أبو الذهب: أن خدمات وكالة "أونروا" الأخرى أيضاً تشهد تراجعاً واضحاً، حيث انخفضت المساعدة المالية من 50 دولاراً إلى 30، ثم إلى حصة غذائية لا تتجاوز قيمتها 10 دولارات، وهو ما يربطه بمحاولات تقليص تدريجية لدور الوكالة في حياة اللاجئين. ودعا الدول العربية والإسلامية إلى تحمّل مسؤولياتها تجاه اللاجئين الفلسطينيين، محذراً من "سياسات التهجير القسري إلى أوروبا" نتيجة انعدام فرص العمل والتضييق الاقتصادي. ما يحصل ليس أزمة تمويل بل حرب سياسية من جهته، شدد الناشط المجتمعي حسين الشراري من مخيم الرشيدية على أن خطة دمج الصفوف "غير رسمية حتى الآن"، لكنها تنفذ فعلياً في عدد من المخيمات، حيث تم تقليص عدد المدارس من خمس إلى ثلاث في بعض المناطق، ما انعكس سلباً على جودة التعليم. وقال الشراري إن ما يحصل ليس مجرد أزمة تمويل، بل حرب قانونية واقتصادية تهدف لإلغاء "أونروا" ونقل ملف اللاجئين إلى جهات دولية أخرى مثل المفوضية السامية لشؤون اللاجئين (UNHCR) وأضاف: "الضغط السياسي واضح، ويتم تقليص رواتب المعلمين وفصل البعض منهم لوضعهم تحت التهديد". وعبّر أن ما يجري هو جزء من مخطط أشمل "لإضعاف التعليم كسلاح أساسي بيد اللاجئ الفلسطيني"، داعياً إلى توحيد الصفوف وتجاوز الخلافات، ومشدداً على أن منظمة التحرير الفلسطينية هي المرجعية السياسية التي يجب الالتفاف حولها في هذه المرحلة. سياسة الحياد التي تتبعها (أونروا) تُمهّد لتسليم مؤسساتها لمنظمات دولية أخرى كما علت اصوات اللاجئين ضد سياسات الوكالة ولا سيما التعليمية، وقال اللاجئ محمود من مخيم برج الشمالي لبوابة اللاجئين الفلسطينيين: "نحن نعيش واقعاً صعباً بسبب تقليص الخدمات، خصوصاً في التعليم والطبابة. التعليم هو الأهم، وبدونه سنتحول إلى مجتمع جاهل". وتساءل: "إذا أُغلقت مدارس الأونروا، من يستطيع تحمّل نفقات المدارس الخاصة؟ نحن بالكاد نعيش!" وأشار إلى أن بعض التعديلات التي طالت المناهج التعليمية بعد الدمج جاءت "بشكل اختصاري" يضعف المحتوى، واعتبر أن ذلك ليس صدفة، بل "جزء من خطة ممنهجة لإنهاء دور الأونروا". وأضاف اللاجئ: "سياسة الحياد التي تتبعها الأونروا اليوم تُمهّد لتسليم مؤسساتها لمنظمات دولية أخرى، ونحن نرفض تسليم ملفنا لأي جهة أخرى". أما الأخصائية الاجتماعية مريم من مخيم البص فترى أن النظام التعليمي والصحي في "أونروا" بحاجة إلى "إعادة تقييم جذري"، ولفتت إلى غياب أبسط التجهيزات في الصفوف من تدفئة وتبريد، ووجود عدد كبير من الطلاب يعانون من مشاكل نفسية وصعوبات تعليمية لا تتم معالجتها بالشكل المناسب. وأضافت لموقعنا: "بعض الصفوف فيها فقط كتاب وأستاذ، وهناك أساتذة يعملون بضمير، وآخرون يعتبرونها مجرد وظيفة". وشددت على أن دمج الصفوف بهذا الشكل، دون الرجوع للمجتمع المحلي، خطوة غير منصفة للتلاميذ، وقد تُعمق مشاكلهم النفسية والتعليمية، وطالبت بحقوق الأطفال في بيئة تعليمية آمنة، دافئة في الشتاء، ومكيفة في الصيف، وبمناهج تراعي قدراتهم، إضافة إلى ضرورة إنشاء مدارس متخصصة لذوي الاحتياجات الخاصة في كل مخيم. من تجمع الشبريحا، تحدث محمد محمد، سكرتير الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين في المنطقة، عن قرار دمج "مدرسة قيساريا" مع "مدرسة المعشوق" في مخيم البص، والتي تبعد نصف ساعة عن مكان سكنه، مؤكداً أنه غير قادر على تحمّل تكاليف نقل أطفاله الثلاثة يومياً. وأضاف أن أبناءه باتوا بحاجة إلى دروس خصوصية بتكلفة 40 دولاراً شهرياً بسبب اكتظاظ الصفوف. واعتبر أن قرارات "أونروا" المجحفة بحق الأساتذة والطلاب "جزء من سياسة ممنهجة لتهميش اللاجئين"، مشيراً إلى أن التجمع الذي يسكن فيه لا يضم سوى عيادة صحية واحدة، ولا وجود لأي خدمات تعليمية أو اجتماعية أخرى.. وفي ظل الظروف الاقتصادية المتدهورة وغياب البدائل، يخشى اللاجئون من فقدان حق أبنائهم في التعليم، وسط تساؤلات متزايدة: هل تحاول الأونروا فعلاً تجريد اللاجئ الفلسطيني من "سلاحه الأخير" المتمثل في التعليم؟ أم أن هذه الإجراءات تمثل بداية قمع منظم لخنق المخيمات وحقوقها المشروعة؟ بوابة اللاجئين الفلسطينيين


النهار
منذ 2 أيام
- النهار
اتفاق النّفط بين بغداد وأربيل: تسوية موقتة بحسابات سياسيّة
توصلت أربيل وبغداد إلى اتفاق مبدئي بشأن تصدير النفط المستخرج من حقول إقليم كردستان، ما يمهّد الطريق أمام إعادة إرسال رواتب موظفي الإقليم، بعد أسابيع من قرار وزارة المالية الاتحادية العراقية وقفها. ويُعد هذا التوافق، بحسب أوساط سياسية، ذا بُعد سياسي يتعلق بالوقائع المرتقبة في المشهد العراقي، خصوصاً مع اقتراب موعد الانتخابات المقبلة. وبحسب الاتفاق الجديد، ستُستأنف أعمال الشركات النفطية في حقول إقليم كردستان، على أن تتقاضى 16 دولاراً أميركياً كتكلفة استخراج للبرميل الواحد، وذلك لمدة شهرين مبدئياً. وخلال هذه الفترة، ستُجري شركة "وود ماكنزي" البريطانية تقييماً فنياً لتحديد التكلفة الحقيقية لاستخراج النفط في الإقليم، وهي النقطة التي كانت موضع خلاف طويل بين حكومتي الإقليم والمركز. فالشركات كانت تطالب دائماً بتكلفة ثابتة، مع اعتراف رسمي بعقودها المبرمة، ودفع مستحقاتها المتأخرة، والتي بلغت قرابة مليار دولار. لكن هذا التفصيل لا يزال واحداً من ثلاثة ملفات عالقة لم يتمكن الطرفان من حسمها حتى الآن. فالحكومة الاتحادية تطالب الإقليم بتسليم 400 ألف برميل يومياً إلى شركة "سومو" الوطنية لتصدير النفط، فيما تؤكد حكومة الإقليم أن 120 ألف برميل من هذه الكمية تُستهلك في السوق المحلية، وهو ما تطالب بغداد بأن يكون تحت إشراف "سومو" أيضاً. وتُشكك بغداد كذلك في شفافية الإقليم بشأن تسليم "نصف الإيرادات المحلية غير النفطية"، كما ينص قانون الموازنة، مثل الضرائب والعوائد الجمركية من المعابر، بينما تطالب حكومة الإقليم بتشكيل لجان رقابة وتدقيق مشتركة للتأكد من دقة الأرقام. ويعود أصل النزاع إلى أوائل عام 2023، حين أصدرت "محكمة غرفة التجارة العالمية" قراراً يمنع الإقليم من تصدير نفطه مستقلاً. ومنذ ذلك الوقت، تتصاعد الخلافات بين الحكومتين بشأن آلية تصدير النفط وتمويل رواتب الإقليم، خصوصاً مع عدم إقرار قانون النفط والغاز الذي تعهّدت به الحكومة الحالية، والتي وعدت بتمويل الرواتب موقتاً إلى حين إقراره في البرلمان، وهو ما لم يحدث حتى الآن. ويؤكد مصدر سياسي، في حديث لـ"النهار"، ضرورة التوافق الراهن بين الطرفين، قائلاً: "تعلم الحكومة الاتحادية أنها لا تستطيع تحمّل أي اضطرابات شعبية قد تندلع في الإقليم، لأنها ستدفع أحزابه نحو مزيد من التصعيد، وهو ما لا يتناسب مع الوضع السياسي الحرج الراهن. كما أن الحكومة تسعى إلى إظهار نفسها أمام قاعدتها الشعبية كحكومة استقرار اقتصادي وشعبي، ولأول مرة منذ 2003". ويضيف المصدر أن رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، ومعه أحزاب "الإطار التنسيقي"، يُدركون أنهم سيحتاجون إلى توافق مع القوى الكردية خلال الشهور المقبلة لتشكيل السلطات الجديدة، بالإضافة إلى وجود ضغوط أميركية واضحة بهذا الاتجاه. ويتحدث الباحث في شؤون النفط هيمن محمود، لـ"النهار"، عن التسلسل الطبيعي لتفكيك الخلاف، فيرى أن "حكومة السوداني مرتبطة بسلسلة مترابطة من الخطوات المنطقية لتمويل رواتب موظفي الإقليم، وهي جوهر المشكلة. فالإقليم مطالب بتسليم النفط، وهذا يحتاج إلى توافق مع الشركات الأجنبية، ولا يمكن تحقيق هذا التوافق من دون وجود قانون ينظم العلاقة، وهو ما يتطلب إجماعاً سياسياً في البرلمان". غير أن القوى السياسية المركزية تريد هذا القانون مقابل تنازلات سياسية من الإقليم، وهو ما ترفضه أربيل حتى الآن.