logo
"Unherd": عودة ترامب إلى السياسة الشكسبيرية.. يتفاوض كملك إقطاعي

"Unherd": عودة ترامب إلى السياسة الشكسبيرية.. يتفاوض كملك إقطاعي

الميادينمنذ 8 ساعات

موقع "Unherd" البريطاني ينشر مقالاً يتناول مسألة التحول الجذري في مفهوم السلطة والسيادة في الولايات المتحدة والعالم، من خلال تتبّع كيف أصبح التفاوض بشأن قضايا الحرب والسلم، مثل الهجوم على إيران، يتم علناً عبر منصات التواصل الاجتماعي، وبصورة شخصية من قادة مثل دونالد ترامب، بعيداً من مؤسسات الدولة التقليدية.
أدناه نص المقال منقولاً إلى العربية:
كان التفاوض بشأن الهجوم الإسرائيلي على إيران في العلن عبر منصّتي "إكس" و"تروث سوشل"، لكن لا يمكن تفسير هذا الأمر فقط من خلال أسلوب الرئيس ترامب الشخصي أو رغبته في تجاهل المتعارف عليه، بل من خلال التحوّلات التاريخية التي تتطوّر ببطء في تمظهرات السلطة والتعبير عن نفسها، حيث يتدرّج قادة العالم في التصرّف بعلنية وطبيعية.
لقد أظهر إعلان ترامب عن وقف إطلاق النار "مبروك للجميع"، ثمّ موجة اتّهاماته بـخرق "إسرائيل" للاتفاق: "لا تسقطي هذه القنابل"، أنّه يستخدم وسائل التواصل الاجتماعي للعمل خارج إطار أنظمة الدولة المؤسسية الخفيّة التي قيدت العمل الرئاسي منذ عهد الرئيس ترومان على الأقل. كما يمكن استنتاج أنّ ترامب ينشر بصفته ترامب، وليس بصفته إدارة ترامب، وينشر بصفته صاحب السيادة، بتناقضٍ كامل للغاية مع نهج سلفه جو بايدن.
باعتقادي، ما جعل من كلّ ذلك ممكناً لا يقتصر على نهج ترامب وحده، بل هي الأدوات الجديدة والتحوّلات في تراكم رأس المال نحو التكنولوجيا والعملات المشفّرة. لقد تعطّلت احتكارات الدولة للمال والمعلومات، ولم يبقَ سوى احتكار العنف. وبينما في ظلّ الأشكال القديمة لسيادة الدولة، تظهر أشكال جديدة من السيادة والسلطة، حيث الأفراد يستغلّون مختلف أنواع المنصّات، سواء كانت مالية أم تكنولوجية أم إعلامية، ويمارسون من خلالها نفوذاً شبيهاً بنفوذ الدولة.
كذلك، يمكن للمسؤولين المنتخبين، على عكس وكالات الاستخبارات والبيروقراطية والمشرّعين، أن يتجاوزوا حدود الحكومة لإقناع تكتّلات السلطة وعزلها وتفكيكها. وهذا يحصل حين يُنتخب شعبوي مرتبط برأس المال والتكنولوجيا مثل ترامب، حيث يصل هذا النوع من الاضطراب إلى ذروته.
يتصرّف الرئيس، من ناحية، كجهة غير حكومية تعمل داخل الدولة، ومن ناحية أخرى، كتجسيد للدولة. وإذا بدا هذا مُربكاً، فهو كذلك بالفعل. فمن الواضح أنّ ترامب يستخدم منشوراته في منصّات التواصل لتعزيز نفوذه وتغيير مسار المفاوضات، ليس فقط بين "إسرائيل" وإيران، بل ربما مع جيشه ومسؤولي إدارته كذلك. كما أنّ المفاوضات التي تجري حالياً معقّدة ومتعدّدة الأبعاد.
لقد زادت القدرة على نشر البيانات العالمية فوراً من صلاحيات الرئيس الأميركي في التأثير في الأحداث حول العالم. عندما غرّد ترامب مطالباً مواطني طهران بإخلاء المدينة، ازدحمت جميع الطرق السريعة المؤدّية إليها في دقائق. أسلاف ترامب مثل جو بايدن وباراك أوباما وجورج دبليو بوش، لم يستغلّوا صلاحيات الرئاسة بهذه الطريقة. اليوم 11:45
27 حزيران 09:12
من الأهمية بمكان أنّ هذه الأشكال الجديدة من السيادة وسياسات القوة لا تظهر فقط داخل إطار الدول، بل خارجها أيضاً، ما يوحي بأشكال جديدة خفيّة من القوّة. عندما يغرّد ملياردير مثل بيل أكمان داعماً لـ"إسرائيل"، فهو لا يشارك رأياً فحسب، بل يوضّح إلى أيّ جهة سيتدفّق رأس ماله. وبالمثل، لا تقتصر معارك ترامب مع جامعة هارفرد على مضايقة الليبراليين رمزياً، بل على صدّ مصادر القوة الناعمة المضادّة له، وقد فكّك ترامب الوكالة الأميركية للتنمية الدولية لأسباب مماثلة.
ولعلّ أبرز مؤشّر على التحوّل الجذري في آلية عمل السلطة كان الحرب الكلامية المشتعلة في مواقع التواصل الاجتماعي بين الرئيس ترامب وإيلون ماسك. فعلى مدار 24 ساعة، استحوذ هذا الخلاف على كامل اهتمام الساحة الخطابية، وبدلاً من العمل من خلال ممثليهما أو خلف الأبواب المغلقة، انخرط أغنى رجل في العالم وأقوى رجل في العالم في مواجهة علنية، من دون الاعتقاد أنّهما يفعلان ذلك للتسلية، بل لاختبار حدود نفوذهما.
لقد بدأ الخلاف بين ترامب وماسك وكأنّه قطيعة واضحة مع نبرة وأسلوب وديناميكية الليبرالية الإدارية، والتي كانت القاعدة الأميركية خلال القرن الماضي. وبلغة شكسبيرية كلاسيكية، انتقد الملك الذي ساعد على تنصيبه، إذ نشر ماسك: "بدوني، كان ترامب سيخسر الانتخابات".
ذكّرتني هذه الديناميكية بالسير الإنكليزي هنري بيرسي، الذي أسهم بعزم في عزل الملك ريتشارد الثاني لمصلحة هنري بولينغبروك، ولكنّه لم يُكافأ بالقدر الكافي، فتمرّد على الملك الجديد باعتباره يدين بعرشه لعشيرة بيرسي، التي من دونها لم يكن هنري بمقدوره اقتلاع ريتشارد الضعيف. ضمنياً، ماسك يهدّد ترامب بأنّه يمكن إطاحته تماماً كما ساعده على إطاحة سلفه. لكن، بعد أن ردّ ترامب، انخفضت القيمة السوقية لشركة تيسلا بمقدار 150 مليار دولار، كأولى الخسائر في ساحة المعركة.
ومثل فرار جيش بيرسي من ساحة المعركة، ظهر ماسك أيضاً حين ألمح إلى قرار محتمل بإيقاف تشغيل مركبة الفضاء "دراغون" التابعة لشركة "سبيس إكس" من الخدمة، كمن يرفض إرسال حاشيته للانضمام إلى الحملة العسكرية للملك.
هذه أمثلة على الإقطاع، وليست على سلطة الدولة المركزية أو الحديثة. يبدو أنّ السلطة أصبحت، بشكل متزايد، مشتركة وموزّعة على نحو غير متماثل، وهي مطلقة فقط في دوائر ضيّقة، وهذه الدوائر متداخلة.
تستحضر هذه التبادلات بين ترامب وماسك، أو ترامب وخامنئي، أوصاف يوهان هويزينغا في كتابه أفول العصور الوسطى، عن زمن كانت فيه الخصومات والثارات "النقطة المحورية للسياسة"، حيث كانت الشعوب تتجمّع خلف شخصيات أرستقراطية تطالب بـ"الانتقام". والمفارقة أنّ هذه الشخصية هي من يضمن الاستقرار السياسي العامّ، فيما ينبئ عدم استقرارها الشخصي بالفوضى السياسية، حيث الكبرياء يدفع ثمنه الشأن العام.
الأرستقراطيون التكنولوجيون مثل ماسك وبيزوس وزوكربيرغ يمتلكون بالفعل ثروات بمستوى ما تمتلكه الدول، مع قوة عملية. وترامب، في ولايته، يصمّم نفسه على غرار شركة تكنولوجية باتت تشبه الحكومات بشكل متزايد. والآن، أصبح بإمكان ترامب التفاوض على وقف إطلاق النار، أو تعطيل حركة المرور في طهران، بتغريدة، وأصبح بإمكان ماسك التهديد بسحب البنية التحتية الفضائية بسبب خلافات شخصية. لقد عدنا إلى عالمٍ تكون فيه الشخصية الفردية هي المهمة، أكثر من المؤسّسات والنظام والقانون.
قبل 20 عاماً، كان هذا أمراً لا يمكن تصوّره. في ذلك الوقت، كان النظام قويّاً. كان الرؤساء قادة فكريين يساعدون على توجيه السفينة، لكنّهم لم يكونوا مسؤولين عنها بمفردهم. أمّا الآن، فيبدو النظام ضعيفاً متشظّياً، وأصبح الاستعراض والعاطفة يبعثان فينا نوعاً غريباً من الطمأنينة: شخصٌ واحدٌ يتولّى القيادة، في عودة إلى الإقطاع الشكسبيري الذي يوحي بالوعد والخطر في آنٍ واحد. والمقصود أنّ "الخطر محدق بإيران".
نقله إلى العربية: حسين قطايا.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

ترامب: نقل مخزون اليورانيوم خطير جدا .. وإيران لم تعلم بضرباتنا
ترامب: نقل مخزون اليورانيوم خطير جدا .. وإيران لم تعلم بضرباتنا

صدى البلد

timeمنذ ساعة واحدة

  • صدى البلد

ترامب: نقل مخزون اليورانيوم خطير جدا .. وإيران لم تعلم بضرباتنا

قال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لشبكة فوكس نيوز، إن نقل مخزون اليورانيوم خطير جدا، مشددًا، على أنّ إيران لم تكن على علم بالضربات الأمريكية، حسبما أفادت قناة القاهرة الإخبارية في خبر عاجل. وذكر ترامب لفوكس نيوز، أنه لا يعتقد أن إيران نقلت مخزون اليورانيوم قبل الضربات الأمريكية.

فرنسا تبدي استعدادها للمساهمة في "توزيع الغذاء بشكل آمن" في غزة
فرنسا تبدي استعدادها للمساهمة في "توزيع الغذاء بشكل آمن" في غزة

LBCI

timeمنذ ساعة واحدة

  • LBCI

فرنسا تبدي استعدادها للمساهمة في "توزيع الغذاء بشكل آمن" في غزة

أعلن وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو أن بلاده "مستعدة، وأوروبا كذلك، للمساهمة في ضمان توزيع الغذاء بشكل آمن" في قطاع غزة الذي يعاني أزمة إنسانية. وجاء تصريح بارو في ظل تزايد الانتقادات لإسرائيل مع سقوط شهداء أثناء انتظارهم تلقي مساعدات من "مؤسسة غزة الإنسانية"، وهي منظمة ذات مصادر تمويل غامضة مدعومة من إسرائيل والولايات المتحدة. وفرضت إسرائيل مطلع آذار حصارا مطبقا على قطاع غزة منعت بوجبه دخول المساعدات الإنسانية، ما أدى إلى شح كبير في المواد الغذائية والأدوية وغيرها من السلع الأساسية. وخفّفت إسرائيل بشكل محدود حصارها في أواخر أيار حين بدأت "مؤسسة غزة الإنسانية" عمليات توزيع المساعدات.

عراقجي: إيران مستعدة لاستئناف المحادثات النووية مع أميركا
عراقجي: إيران مستعدة لاستئناف المحادثات النووية مع أميركا

OTV

timeمنذ ساعة واحدة

  • OTV

عراقجي: إيران مستعدة لاستئناف المحادثات النووية مع أميركا

Post Views: 91 أعرب وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي عن استعداد بلاده بشكل أساسي لاستئناف المفاوضات النووية مع الولايات المتحدة، على الرغم من أنه دعا الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى تخفيف لهجته. وقال عراقجي في منشور، على منصة إكس للتواصل الاجتماعي: 'إذا كان الرئيس ترامب صادقا في رغبته في التوصل إلى اتفاق، فيتعين عليه أن يضع جانبا النبرة غير المحترمة وغير المقبولة تجاه المرشد علي خامنئي وأن يتوقف عن إيذاء ملايين من أتباعه المخلصين'. وذكر ترامب في قمة أخيرة أنه سيتم إجراء محادثات جديدة مع إيران الأسبوع المقبل، لكنه لم يقدم أي تفاصيل. وكان قد تم إلغاء جولة سادسة مقررة من المحادثات الأميركية – الإيرانية في عمان يوم 15 يونيو الجاري بعد أن شنت القوات الإسرائيلية ضربات على أهداف إيرانية قبل ذلك بيومين. ووسط تبادل الهجمات بين إيران وإسرائيل، قصفت القوات الأميركية مواقع نووية إيرانية رئيسية. وفي تصريحات للتلفزيون الرسمي الإيراني، أكد عراقجي لأول مرة أن الهجمات تسببت في أضرار 'كبيرة' للبنية التحتية النووية الإيرانية.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store