logo
"هآرتس": نتنياهو يقترح ضمّ قطاع غزة للإبقاء على حكومته

"هآرتس": نتنياهو يقترح ضمّ قطاع غزة للإبقاء على حكومته

العربي الجديدمنذ 5 أيام
من المتوقع أن يقترح رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على المجلس الوزاري للشؤون السياسية والأمنية (الكابنيت) خطة لضمّ مناطق في قطاع غزة، في محاولة للإبقاء على وزير المالية
بتسلئيل سموتريتش
ضمن حكومته.
ووفقاً للخطة التي أشارت إليها صحيفة هآرتس العبرية، مساء الاثنين، ستعلن إسرائيل أنها تمنح حركة حماس أياماً عدّة للموافقة على وقف إطلاق النار، وإن لم يحدث ذلك، ستباشر بضمّ أراضي القطاع. وسيجري عرض هذه الخطوة على أعضاء الكابنيت في أعقاب قرار نتنياهو السماح بزيادة المساعدات الإنسانية المقدّمة للقطاع، الذي اتُّخذ رغم معارضة حزب الصهيونية الدينية، برئاسة سموتريتش، في ظل الضغط الدولي على دولة الاحتلال التي تواصل حرب الإبادة والتجويع.
وبحسب الخطة التي يُتوقع أن يعرضها نتنياهو، ستُضم أولاً مناطق في المنطقة العازلة، وبعد ذلك تُضم مناطق في شمال القطاع المحاذية لمدينتَي سديروت وعسقلان. وسيتواصل هذا المسار تدريجياً حتى ضمّ القطاع بأكمله. ووفق التفاصيل التي قدّمها نتنياهو خلال محادثاته مع وزراء، فإن الخطة حصلت على الضوء الأخضر من إدارة ترامب.
تقارير دولية
التحديثات الحية
هل تمهد تصريحات ترامب الغامضة لاحتلال إسرائيل لغزة؟
وبحسب مصادر سياسية لم تسمّها الصحيفة، قال سموتريتش لنتنياهو في الأيام الأخيرة إنه "سيحكم على الأمور بحسب الأفعال"، وأضاف أنه إذا جرى تنفيذ خطة الضم، "فسيبقى في الحكومة في الوقت الراهن". وسبق أن أوضح سموتريتش، الذي لم يُعلّق بعد علناً على زيادة المساعدات المقدّمة لسكان غزة، سبب عدم اتخاذه خطوات تصعيدية قائلاً: "نحن نُعزّز خطوة استراتيجية جيّدة لا ينبغي التوسّع في الحديث عنها الآن. خلال وقت قصير سنعرف إن كانت ناجحة وإلى أين نتجه"، وأضاف: "في وقت الحرب ليس من الصواب الانشغال بالاعتبارات السياسية. سنُقيّم الأمور بناءً على النتيجة، الحسم ضدّ حماس".
ولفتت الصحيفة إلى أن التهديد بضم أراضٍ في قطاع غزة، بالتوازي مع تصريحات العديد من وزراء الحكومة بشأن الحاجة لإقامة مستوطنات في غزة، سيدفع إسرائيل نحو مسار تصادم مباشر مع المجتمع الدولي، باستثناء الولايات المتحدة. ومن المحتمل أن مثل هذا الإعلان سيؤدي أيضاً إلى انجراف دول أخرى خلف فرنسا في الاعتراف بدولة فلسطينية وفرض عقوبات على إسرائيل.
وتابعت بأن نتنياهو لم يكن متحمّساً في السابق لضمّ الأراضي، لكنه مستعد الآن لمحاولة دفع مثل هذه الخطة، في مسعى لإنقاذ حكومته. وفي محادثات مع وزرائه، قال نتنياهو إن وزير الشؤون الاستراتيجية رون ديرمر، قد عرض الخطة على وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو، وقد حظيت بدعم البيت الأبيض، فيما لم يكن الرئيس الأميركي دونالد ترامب، الذي يزور هذه الأيام اسكتلندا، حاضراً في الاجتماع.
وصرّح سموتريتش الأسبوع الماضي، أن رئيس أركان جيش الاحتلال إيال زامير قال له إنّه "من الضروري ضمّ الجزء الشمالي من القطاع لأسباب أمنية". وفي مؤتمر عُقد في الكنيست تحت عنوان "الريفيرا الخاصة بغزة"، قال الوزير: "يمكن البدء بالمنطقة الشمالية العازلة وإنشاء ثلاث مستوطنات هناك"، كما أشار إلى أن "الحديث جارٍ بالفعل حول هذا الأمر"، وأضاف: "هناك من يطلق عليه اسم الضم الأمني، إذا كان ذلك يساعد البعض على الشعور بالارتياح تجاهه".
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

بين تونس وواشنطن
بين تونس وواشنطن

العربي الجديد

timeمنذ 3 ساعات

  • العربي الجديد

بين تونس وواشنطن

ليست العلاقات التونسية الأميركية جيّدة، خلافاً لما تسوّقه البيانات الرسمية للمسؤولين في البلدَين، فزيارة المستشار الخاص للرئيس ترامب لشؤون أفريقيا، مسعد بولس، تونس أخيراً، ضمن جولة مغاربية، لم تقرّب الشقّة بين الطرفَين، رغم تغيّر أولويات السياسة الخارجية الأميركية. عندما استولى الرئيس قيس سعيّد على مؤسّسات الدولة، وغيّر صلاحياتها، انتقدت إدارة الرئيس جو بايدن معظم الإجراءات التي أقدم عليها، من دون أن تصف ما حصل بـ"الانقلاب". ودار يومها خلافٌ بين الطرفَين في مسألة الحريات وتعطلّ مسار الانتقال الديمقراطي. وحاولت واشنطن أن تضغط على السلطات التونسية من دون القطع معها، وهو ما دفع النظام نحو تسريع الخطى في اتجاه التقارب مع محور روسيا – الصين - إيران، وهو المحور الذي اتسعت خلافاته مع الغرب، حتى بلغت درجة إعلان الحرب المفتوحة. تغيّرت الإدارة الأميركية ولم تتغيّر سياسات سعيّد. فاجأه الرئيس سعيّد مبعوث ترامب، عند استقباله، بصور أطفال غزّة المهدّدين جوعاً، وهي حركة رمزية لم يستسغها الضيف، ورأى فيها "خرقا للأعراف الدبلوماسية"، حسب مجلة "جون أفريك". كانت تلك رسالة صريحة من الرئيس التونسي أراد منها التعبير عن رفضه السياسة الوحشية المتبعة من الكيان الصهيوني، والمدعومة أميركيا. وهي في الوقت نفسه رفض ضمني لأحد أهداف الزيارة التي منها توسيع دائرة الدول العربية المنخرطة في اتفاقيات أبراهام المؤدّية إلى التطبيع الكامل مع إسرائيل، والتي تعتبر من ثوابت السياسة الخارجية للرئيس ترامب. الورقة الثانية التي يمكن لواشنطن أن تمارس من خلاها الضغط على بلاد ضعيفة مثل تونس، التعاون الاقتصادي والعسكري. في هذا المفصل الحسّاس، لم يتردّد سعيّد في التأكيد في المحادثات على أن تونس اختارت مبدأ تعدّد الشراكات، والبحث عن شركاء اقتصاديين من شأنهم تخفيف الضغط عليها وتمكينها من مجال أوسع يحرّرها من الضغوط عليها، وأن تتم هذه الشراكة بعيداً من الرغبة في الهيمنة والابتزاز. هكذا يتبين أن زيارة مسعد بولس الاستطلاعية تونس لم تحقّق أهدافها من وجهة نظر واشنطن، على الرغم من أن المحادثات لم تتطرّق إلى المسائل الحرجة التي يرفض قيس سعيّد الخوض فيها، ويعتبرها شأنا داخلياً لا يحقّ لأيّ جهة أجنبية التحدّث في شأنها. وهي تمسّ ملفّ حقوق الإنسان والمساجين السياسيين واستقلالية القضاء والحريات والصحافة، فهذه المسائل لم تعد من أوليات الرئيس الأميركي الحالي. من جانب آخر، تشير المصادر إلى رفض واشنطن مجمل المساعدات التي طلبها الطرف التونسي، بحجّة أن سياسة البيت الأبيض تجاه العلاقة بأفريقيا قائمة على "التجارة لا المعونة"، وهي سياسة تضرّرت منها (ولا تزال) تونس التي تمرّ بأوضاع اقتصادية ومالية صعبة ومعقّدة، فالقرار الذي أصدره ترامب، وتُفرَض بموجبه رسومٌ جمركيةٌ بنسبة 25% على السلع التونسية بداية من أول أغسطس/ آب 2025، من شأنه أن يزيد من نسبة الضغط على الأوضاع المالية في البلاد، رغم أن هذا القرار لا يستهدف تونس بالذات بقدر ما يشمل مختلف الدول، في ظلّ الحرب التجارية المتواصلة التي تخوضها واشنطن حالياً. وفي الآن نفسه، دليل على أن تونس لم يعد ينظر إليها بلداً صديقاً ومدللاً لأميركا. المؤكّد أن العلاقات بين البلدَين أصبحت فاترةً، وأن السياسة الأميركية الراهنة لم تترك مجالاً للرهان عليها، خصوصاً في ظلّ تراجع الدبلوماسية التونسية. فما يتّخذه ترامب (وما يعلنه) من مواقف يجعل السلطة والمعارضة تسحبان ثقتهما من الإدارة الأميركية، وتتجنّبان التعامل معها، ولا تراهنان عليها. حتى أطراف المعارضة التي كانت من قبل توظّف لصالحها المواقف الرسمية الأميركية الناقدة للسلطة في مجال حقوق الإنسان، أصبحت اليوم تعتمد على نفسها في صراعها مع النظام القائم في تونس. لم يبقَ من أميركا سوى الوجه القبيح لإدارتها.

الجميلة والوحش... وإخوة يوسف
الجميلة والوحش... وإخوة يوسف

العربي الجديد

timeمنذ 3 ساعات

  • العربي الجديد

الجميلة والوحش... وإخوة يوسف

لو حاولنا رواية ما يحدث في غزّة بعيداً من التحليلَيْن، السياسي والقانوني، سنخلص إلى وحشٍ يقود حرب إبادة ضدّ شعب كامل، بأحدث الأسلحة، ولا يكتفي، بل يستعمل التجويع لإنزال الموت البطيء من خلال فرض حصار مُحكَم، ثمّ يأتي العالم ويتوسّل إليه بأن يسمح بتمرير فتات الطعام إلى ضحاياه، ويقبل شروطه، ويتصرّف وكأنّ هناك قحطاً أو كارثة طبيعيّة في منطقةٍ نائيةٍ يصعب الوصول إليها، فيما نُغفِل القاتل ونطلب رضاه. وأهل غزّة هم أفضل من يكتب روايتهم، ولكنّني أحاول أن أكتب عارَنا ولن أنجح؛ هو عارٌ لن نستطيع غسله، بل نتابع ونشاهد كيف يأتي مزوّد أسلحة الوحش، ويُتحفنا بفيلم نزوله في غزّة على ظهر مقاتلةٍ حربيةٍ يتحقّق من المصيدة التي نصبها سيّده في البيت الأبيض، تحت مسمّى "مراكز إعانة وتوزيع" بكلّ برود، ليطمئننا بأنهم سيزيدون حجم الفتات. لكن ستيف ويتكوف لا يقبل (ولا يريد) أن يضمن توقّف عمليات القنص والقصف أو التجويع. مشهد لا يمكن أن يتخيّله أيّ كاتب فيلم ذعر في هوليوود، مع أنّ المقتلة مصوّرة حركةً وصوتاً، وتصل إلى مختلف أرجاء المعمورة. ويتكوف رسول الموت، الذي يلوم الضحية ويغذّي الوحش لينهش لحم الجميلة غزّة، ويجول في العواصم العربية بحرّية، ونحن مجرّد مشاهدين شلّنا العجز، وشلّ حكوماتنا الخوف على ضياع السلطة. لكن المشهد أقبح من ذلك. قبل ذلك يلتقي المجتمع الدولي والدول الكبرى في نيويورك للاعتراف بـ"دولة فلسطينية"، فيما الشعب الذي تُراد له الدولة يذوي، والوحش يقرض أراضيه في سلسلة من إرهاب الجيش الإسرائيلي في غزّة، وإرهاب المستوطنين في الضفة الغربية والقدس المحتلّتَين. تلتقي دول في نيويورك للاعتراف بـ"دولة فلسطينية"، فيما الشعب الذي تراد له الدولة يذوي، والوحش الإسرائيلي يقرض أراضيه طبعاً، راعي الوحش (يزوّده بطعام ويشحذ أظافره وأنيابه) يرفض (ويلعن) إعلان نيويورك، لأن الوحش الإسرائيلي وحده المخوّل بتقرير مصير الشعب الفلسطيني، فهو ملْك له، ينهشه متى يرغب، ويرميه متى يشاء. هي صورة قاتمة، لكن هناك نقطة ضوء، أو نقاط تضيء وتخفت، وسيّد البيت الأبيض يزداد جنوناً في سعيه لطمس أيّ بقعة منها، من تغيّر في الموقف الأوروبي (وإنْ جاء متأخّراً جدّاً) إلى (وهي الأهم) قوة موجة الشعوب التي تنتصر لفلسطين، ولا تكتفي بالتضامن معها فقط. أصبحت فلسطين قضيتها وليست قضيةً بعيدةً لشعب بعيد، بل هي ردّة روح في إنسانيتها وإرادتها التي أغشت بصيرتها أكاذيب الإعلام ولغة القوة. الموجة الإنسانية التي يتوسّع هديرها هي مصدر الضوء الأقوى، الذي نحاول أن يبقى وينير لنا الطريق، لأن آهات الجوع وصرخات الموت تقبض على نفوسنا، وتحيلها كتلة حزنٍ وإحباطٍ وخوفٍ من استمرار المقتلة، كيف لا والدول الشقيقة والقريبة تتسابق على التطبيع مع الوحش، أي القبول بالوحش، والاعتراف بشرعية زجّه الشعب الفلسطيني في معسكر اعتقال في أرضهم، وتدخل معه لعبة إسقاط رزمات الطعام من الجو بدلاً من فتح بوابات السجن الكبير. لن أزاود... ولن أدّعي أن أيّ مساعدة تصل إلى غزّة غير مفيدة؛ لكنّ نقاط الموت ينتجها الاستسلام لإملاءات الوحش، ويجعلنا شركاء في الجريمة، مهما كانت نيّاتنا أو أوهامنا، إذ إننا نأخذ الطريق الأسهل، فتبدأ الدول القريبة والشقيقة ببناء أحلامها بمستقبل مزدهر، وتنسى ألّا مستقبل يمرّ فوق أجساد أطفال غزّة. ما تقدّم ليس إنشاءً، فلستُ بارعة في هذا اللون، ولكنّه حقيقةَ واقعِنا، ولا هروب من ذلك، إلا إذا أصبحنا فاعلين، فحين ينزل مئات الألوف في شوارع عشرات العواصم والمدن الأوروبية واللاتينية، وحتى في قلب أميركا نفسها، وتنشد "ليفا بالستينا" و"دمّي فلسطيني"، تُمنع المظاهرات، ويُمنع رفع علم فلسطين في بعض العواصم العربية، ويكاد يختفي من المهرجانات الغنائية والثقافية، وأصبح هناك ثمن يدفعه الفنان حين يتوشّح بالعلم الفلسطيني أو الحديث عن فلسطين بكلمة، فيما يرفع الفنّانون والجمهور العلم الفلسطيني في مهرجانات الموسيقى والسينما في العالم. تساهم دولنا في خفت الضوء، لخوفها من اشتعال شعلة التغيير، مع أنه ليس هناك معارضة قوية في دولة عربية تحاول الانقلاب عليها (أو تستطيع)، لكنّها ترى شرعيتها من الخارج، وليس من الداخل، فواشنطن أهم من الشعوب بأكملها. لكنّ الخلل ليس في الدول فقط، يبعث أهل غزّة العزّة رسائل لتحويل أموال يسدّون بها حاجاتهم، بينما تتراكم الثروات في وطنه الأكبر، فيكتشف أهل غزّة أن لا وطن أكبر لهم، وأن "بلاد العُرب...". سيحاسبوننا يوماً، وجميعنا يستحقّ المحاسبة، وبالأخص من يخاف أن يفلت قرشاً من ثروته لشفاء جريح وإنقاذ حياة طفل غزّي، ومن لهث ويلهث ليثبت للعالم أنه حضاري "ويعشق إسرائيل"، بل وضع لائحة من الأعذار والحجج التي تفكّر فيها إسرائيل لتبرير جرائمها ووحشيتها. تبني الدول القريبة والشقيقة أحلامها بمستقبل مزدهر، وتنسى ألّا مستقبل يمرّ فوق أجساد أطفال غزّة هناك تغيير في العالم، وهذا المقال ليس دعوةً إلى التشاؤم، بل لمواجهة أنفسنا لئلا نبدّد هذا التحوّل، فالسكون هو استهتار بحياة كلّ فلسطيني، فإذا احتاج بعض الإعلاميين والسياسيين إلى 60 ألف شهيد فلسطيني للاستيقاظ، فإلى كم نحتاج نحن؟ طبعاً يأتيك السؤال ماذا نفعل؟... الخيارات صعبة، ولكن الشرط هو عدم اليأس، وهناك من يفعل كثيراً، فلننضمّ إليهم. أعترف أن ليس لدي الإجابات الأكثر نجاعةً، لكن المشاركة في حركة المقاطعة هي إحدى الإجابات، وإحدى الوسائل المهمة، بل مهمّة جدّاً. المشاركة في بعث التبرّعات، وفي نشر الوعي، فمن أصعب ما نواجهه يومياً هو شباب وشابّات لا يعرفون عن فلسطين شيئاً، ولا عن أوطانهم وقضاياهم العربية، ولا يفهمون ما يجري، ولا يستلهمون شباب العالم الذي أصبح خبيراً ومدافعاً بليغاً عن القضية الفلسطينية. في المقابل؛ بزغ جيل ناشط لا يقبل الهوان ولا الاستسلام، ويتحدّث بقوة وشجاعة وفهم وعلم. صحيح أن طريقنا طويل، لكن واجبنا بثّ روح الأمل، لأنّ الهزيمة هي فقدان الأمل والثقة بالنفس، وليس لدينا رفاهية الاستسلام إذ يُرسَم مصيرنا. فما تفعله أميركا وإسرائيل واضح، ولا تخفيانه، تقولان لنا إننا منطقة نفوذ إسرائيلية، وليس لنا إلا السكوت على الجريمة، وأن نكون إخوة يوسف، وبذلك يكون خلاصنا الجمعي بخضوعنا وخنوعنا. غير أننا بذلك لا نفعل إلا أن نزيد شهية الوحش، الذي يرى وجوده واستمراره بإلغاء كينونتنا.

انقلاب السردية الإسرائيلية... كيف خسر الاحتلال هيمنته الإعلامية؟
انقلاب السردية الإسرائيلية... كيف خسر الاحتلال هيمنته الإعلامية؟

العربي الجديد

timeمنذ 3 ساعات

  • العربي الجديد

انقلاب السردية الإسرائيلية... كيف خسر الاحتلال هيمنته الإعلامية؟

لطالما كانت إسرائيل (وما زالت) معنيّةً بالصورة الإعلامية، وباستخدام كلّ الوسائل الممكنة لفرض الهيمنة لسرديّتها؛ فقد حرصت الصهيونية، حتى قبل تأسيس الكيان، على التأثير في "هوليوود"، عبر امتلاك الاستوديوهات الكبرى في صناعة السينما الناشئة، ثمّ امتلاك شبكات البثّ الإعلامية وكبريات الصحف العالمية، التي تمكّنت من إقناع غالبية الجمهور الغربي عموماً، والأميركي على وجه الخصوص، بالرواية الصهيونية. ولم يكن الإعلام، منذ تأسّست دولة الاحتلال، مجرّد أداة للترويج، بل اعتُبر سلاحاً متقدّماً في ترسانة الدولة، وفهم مصطلح "الهسبارا" (الإعلام) دبلوماسيةً إعلاميةً في مستويات مختلفة، وتوزّع أعبائها بين أكثر وزارات الدولة ومؤسّساتها أهميةً، وصولاً إلى جماعات الضغط اليهودية في الخارج. وأصبح يروّج أن "كسب معركة الرأي العام الدولي، لا يقل أهمية عن أيّ معركة جوية أو برّية"، حسبما كتب آلان ديرشوفيتس، مؤلف كتاب "The Case for Israel" (2003). غير أن الحرب الدائرة في العامين الأخيرين، وعمليات الحصار والتجويع والمجازر اليومية التي ترتكبها إسرائيل، وميل قطاعات واسعة من الشباب على وجه الخصوص إلى الإعلام غير التقليدي، جعلت ما كان ينظُر الإسرائيليون إليه شرعيةً دوليةً مكتسبةً، ووسيلةً للردع المعنوي للخصوم، يتحوّل جبهة قتال تهدّد أمن إسرائيل القومي، ما أدّى، في النهاية، إلى كسر الاحتكار الصهيوني للرواية، وفوجئ العالم بأن ما تكرّر على مسامعه طوال العقود الماضية عن "تحضّر" الإسرائيليين، وعن الفلسطيني "الإرهابي"، والعربي "البدوي"، ما هو إلا محض افتراءات ودعاية صهيونية كاذبة. وخلال العقود الماضية، اعتمدت إسرائيل على ثلاث ركائز إعلامية؛ فحرصت دائماً على تقديم نفسها ضحيةً دائمةً للعداء العربي والإسلامي، وربط أيّ هجوم عليها بالإرهاب ومعاداة السامية، واحتكار تعريف العنف والمظلومية. وهي ثلاثية ضمنت لها تدفّق الدعم الرسمي الغربي، وتأييد شرائح واسعة لكيانٍ جرى تقديمه امتداداً للديمقراطية الغربية، وسط محيطٍ قمعيٍّ متخلّف، ولأرضٍ جرى تصويرها "أرض ميعاد لشعب مُضطهَد". صحيحٌ أن غالبية الدعم الرسمي الغربي لم يتوقّف، لكنّ التأييد الشعبي تآكل مع قصف الجيش الصهيوني المستشفيات والمدارس وتدمير مقوّمات الحياة في غزّة، والتجويع الممنهج حتى الموت؛ الذي بدأ منذ الأيام الأولى للعدوان الصهيوني، ووصل إلى ذروته في الأشهر الماضية. يتغيّر المشهد، وتنقلب الرواية، وتتحوّل إسرائيل من دولة مُحاصِرة، إلى دولة مُحاصَرة أخلاقياً ويمكن القول إن خسائر إسرائيل في هذه الحرب تركّزت في ثلاثة اتجاهات: أولها، الأزمات المجتمعية التي فاقمت الحرب، والمجتمع الذي تعمّقت أزماته وتفكّكه. وثانيها، الجيش الذي فقد قوة ردعه، والقدرة على الانتصار وتحقيق أهداف الحرب التي وضعها في الأيام الأولى من القتال. أمّا الخسارة الكبرى فتكمن في انقلاب الرواية ضدّ إسرائيل على المستوى الشعبي العالمي، وخصوصاً في أوساط الشباب. لا ينكر أحد بالطبع أن طول أمد الحرب يمثّل عامل ضغط كبير على المقاومة وحاضنتها في غزّة، خصوصاً في ظلّ سياسة الحصار الخانق والقتل بالتجويع، لكن الواضح أن هذا الضغط الذي تستخدمه إسرائيل، رغبةً منها في دفع المقاومة إلى اللجوء إلى أيّ اتفاق يلبّي كلّ احتياجات إسرائيل، أو إلى الاستسلام الكامل، حسب لفظ الرئيس الأميركي ترامب ومعه القيادة الإسرائيلية... طول أمد الحرب، نقول، سلاح ذو حدّين؛ فمن ناحية يبدو السيناريو المستخدم حالياً ورقةً أخيرةً بعد أن عجزت إسرائيل وحلفاؤها عن تحقيق هدفَي الحرب الأساسيَّين (استعادة الأسرى وهزيمة المقاومة) بكلّ وسائل الضغط العسكري والاجتماعي الممكنة، وفي ظلّ حالة إعياءٍ وإرهاقٍ شاملة لجيشها يؤكّدها كلّ الخبراء العسكريين الإسرائيليين، لكنّه، في الوقت نفسه، يدفع الشعوب التي تشاهد تصرّفات الجيش الصهيوني، التي فاقت النازية، وبموافقة كاملة من الإدارة الأميركية، إلى كراهية إسرائيل، وهو ما تثبته استطلاعات الرأي، ويمثّل خطراً استراتيجياً على الكيان الصهيوني، لأن استمرار الصراع، كما تذكر دراسة نشرها معهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي، بعنوان "أمن إسرائيل القومي... المبادئ الموجّهة للعقيدة والسياسات لعامي 2025-2026"، يعطي الشرعية للسردية الفلسطينية، ويسبّب ضغوطاً كبيرةً على إسرائيل وحلفائها ومؤيّديها، ما قد يقيّد حرّيتها في التصرّف، ويعرّضها للإدانة والعزلة في الساحة العالمية، وربّما يقلّص الاهتمام الدولي باحتياجاتها الأمنية مستقبلاً. وهو أمرٌ أصبح ملموساً بوضوح في تحوّلات مواقف إعلاميين ومشاهير عالميين، وانتقادهم النازية الصهيونية، بعد تأييدهم في أول الحرب إسرائيل، علاوة على اضطرار قادة دول للتهديد بالاعتراف بفلسطين. هذه المواقف إمّا محاولةً لعدم خسارة هؤلاء الإعلاميين والنجوم شعبيّتهم وجماهيرهم، أو أنها صحوة ضمير مفاجئة، في كلّ حال، وبغض النظرّ عن حقيقة أن الدولة الفلسطينية التي تهدّد دولٌ غربيةٌ بالاعتراف بها هي فاقدة لأيّ مقومات الدولة الحقيقية، ولا تعدو نيّة الاعتراف بها التهديد، فإن هذه المؤشّرات هي دليل تراجع واضح وخسارة كبيرة للسردية الصهيونية. وقد كشفت استطلاعات رأي أوروبية، نشرتها صحيفة ذا غارديان في يونيو/ حزيران الماضي، أن الدعم الشعبي لإسرائيل في دول غرب أوروبا وصل إلى أدنى مستوى له على الإطلاق، ناهيك بالطبع عن العالم الإسلامي وأميركا اللاتينية وأفريقيا ودول شرق آسيا، وأن المقارنة بين هذا الدعم قبل الحرب وبعدها يكشف كارثةً استراتيجيةً لإسرائيل؛ فالرؤية السالبة تجاه الكيان تتصاعد على المستوى الشعبي الغربي، حتى تدنّت نسبة من لديه رؤية إيجابية عن الكيان، لتنحصر بين 13% - 21% من إجمالي الأوروبيين الغربيين، مقابل ارتفاع نسبة من لديه رؤية سالبة عن الكيان بين 63 - 70% مع استمرار ارتفاعها، وهي نسب تختلف من دولة أوروبية إلى أخرى؛ إذ تصل إلى 75% في إسبانيا والسويد، وترتفع إلى 78% في هولندا، بل إن هذه النظرة السالبة ارتفعت أيضاً بين مواطني دول شرق أوروبية؛ مثل بولندا (62%)، والمجر (53%)، رغم التأييد الحكومي المُعلَن للخطاب الصهيوني، على عكس حكومات غرب أوروبا، التي يضطرها الرأي العام إلى انتقاد الحكومة الإسرائيلية أحياناً، من دون أن يؤثّر ذلك في وقف دعمها العيني والعسكري لإسرائيل. ولا تقتصر هذه الآراء على أوروبا وحدها، فقد أظهر استطلاع أجراه مركز بيو (إبريل/ نيسان الماضي) أن آراء الأميركيين تجاه إسرائيل ازدادت سلبيةً؛ فأعرب 53% عن رأي سالب تجاهها، وهي نسبة مستمرّة في الارتفاع. ولم تكن هذه الاستطلاعات إلا انعكاساً لموجة رفض شعبي أوروبي لاستقبال الإسرائيليين في الفنادق والمنتجعات والمطاعم، وبثّ مشاهد مصوّرة في مواقع التواصل الاجتماعي تظهر حجم الرفض تجاه الكيان الصهيوني، وتزيد من حدّته. وهي مظاهر انعكست حتى في تقييم الإسرائيليين لمدى شعورهم بهذه الأزمة، وأصبح أكثر من 58% منهم، حسب استطلاع أجري في يونيو الماضي، يشعرون بأنهم غير مرحّب بهم في أيّ مكان في العالم، وهي نسبة زادت أكثر لاحقاً لتصل إلى 62%، حسب ما نشرته "يديعوت أحرونوت" في الشهر الماضي (يوليو/ تموز)، وأصبح التعبير السائد لدى الإسرائيليين "العالم بات ضدنا"، مع اعتقادٍ جازم بأن الحكومة الإسرائيلية فشلت في المعركة الإعلامية. أظهر استطلاع مركز بيو أن 53% من الأميركيين عبّروا عن رأي سالب تجاه إسرائيل ثمّة مشكلة يغفل عنها الإسرائيليون؛ حين يردّ بعضهم أسباب الفشل الإعلامي إلى عدم استغلال الموارد التي توفّرها الدولة لكسب معركة الرواية. في هذا السياق، ترى الصحافية في "يسرائيل هيوم"، شيريت كوهين، في مقال نشر في يونيو الماضي، أن وزارة الخارجية لم تستغلّ أكثر من نصف مليار شيكل (135 مليون دولار) مخصّصة للدعاية والإعلام، ونتيجة ذلك تلاشت صور "7 أكتوبر" (2023)، ولم يبقَ سوى الحرب الوحشية التي ينفّذها الكيان في غزّة، وهو ما يكلّف إسرائيل، ليس فقدان التعاطف فحسب، بل تعرّضها لسياسات عدائية من دول قريبة أو بعيدة. وتنبع الأزمة هنا، في حالة العمى الإستراتيجي التي تسيطر على الحكومة الإسرائيلية ومؤيّديها، منذ هجوم 7 أكتوبر، فلم يعد هؤلاء يدركون أن سقوط السردية الإسرائيلية لا يرتبط في الحقيقة بتقصير الخارجية الإسرائيلية أو إهمالها، خصوصاً حين يظهر للعيان أن الإدارة الأميركية ومسؤوليها، علاوة على مسؤولين وقادة دول أوروبية، يتبنون جميعاً الرواية ذاتها التي يروّجها الكيان الصهيوني. وبالتالي فإن خسارة السردية الإسرائيلية المعركة لا ترتبط بالتقصير أو بحجم الإنفاق، خصوصاً أن موارد أصحاب الرواية الأخرى لا يمكن أن تقارن مطلقاً بموارد إسرائيل وحلفائها. وهذا يعني أن مصداقية الرواية الفلسطينية المدعومة بالصورة المباشرة والشهادات الحيّة، وبالدم، وبالأشلاء الممزّقة، تمكّنت وحدها، ومن دون موارد تذكر، أن تحطّم زيف أيّ أكاذيب إسرائيلية. السردية إذاً ليست ترفاً إعلامياً، بل هي جزء من العقيدة الأمنية الإسرائيلية. ويدرك أكثر الباحثين الإسرائيليين المهتمّين بالاستراتيجية، وغالبية المعارضين أن خسارة هذا السلاح في ظلّ استمرار الحرب، وارتكاب المذابح اليومية، والقتل بالتجويع، تمثل خطراً استراتيجياً على قدرة الكيان المستقبلية في الحفاظ على الدعم الغربي أو تبرير سياساته... وهكذا يتغيّر المشهد، وتنقلب الرواية، وتتحوّل إسرائيل من دولة مُحاصِرة إلى دولة مُحاصَرة أخلاقياً. وتلك معركة لا يمكن خوضها بالدبابات ولا بأقوى سلاح جوي في الشرق الأوسط، بل بالصور والكلمات والدم والضمير الشعبي العالمي.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store