
خليفة باول في الفيدرالي؟ هذه أبرز خيارات ومعوقات ترمب
وبحسب تقرير نشرته "وول ستريت جورنال"، يفكر ترمب في الكشف عن اسم المرشح الجديد لرئاسة الفيدرالي الأمريكي بحلول سبتمبر أو أكتوبر، وربما قبل ذلك، في خطوة ستكون أبكر بكثير من فترة الانتقال التقليدية التي تستمر عادةً بين ثلاثة وأربعة أشهر.
وفي هذا الإطار، قال محللان لـ"الشرق"، إن الالتزام باستقلالية الفيدرالي هي المعيار الأهم، فالمركزي الأمريكي لا يتحرك بدافع من ضغوط الرئيس وإنما وفق البيانات والمؤشرات الاقتصادية.
كان ترمب، الذي عين باول في المنصب عام 2017، قد انتقده مراراً بسبب تردده في خفض كلفة الاقتراض، وضغط عليه خلال اجتماع عُقد في البيت الأبيض الشهر الماضي للإسراع بخفض الفائدة.
في المقابل، برر مجلس الاحتياطي الفيدرالي هذا النهج الحذر بأن تبني سياسة صبورة يعد ملائماً في ضوء حالة عدم اليقين الاقتصادي الناجمة عن استخدام الرسوم الجمركية الموسعة.
بعد تصريح للمستشار الاقتصادي للبيت الأبيض كيفن هاسيت في أبريل الماضي عن دراسة ترمب وأعضاء فريقه مسألة إقالة باول، أكد الرئيس الأمريكي أنه لا يعتزم إقالة باول قبل انتهاء ولايته، لكن الإعلان المبكر عن خليفته قد يوجه إشارات قوية إلى الأسواق بشأن مستقبل السياسة النقدية في الولايات المتحدة.
في هذا التقرير نستعرض موقف باول من الانتقادات المتكررة الموجهة إليه والمرشحين الأبرز لخلافته، ومعايير اختيار رئيس أهم مؤسسة نقدية بالعالم أو عزله، والتأثير المحتمل لتوجه المرشح للمنصب على الأسواق.
1) من المرشحون لتولي رئاسة الفيدرالي خلفاً لباول؟
يدرس ترمب قائمة مختصرة تضم عدداً من الشخصيات الاقتصادية البارزة، التي تختلف توجهاتها بين الالتزام بالانضباط النقدي والدعوة لتيسير السياسات النقدية بشكل ملحوظ، بحسب تقرير لصحيفة "وول ستريت جورنال".
فيما يلي نستعرض أبرز المرشحين:
كيفن وورش
: محافظ سابق في مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي (2006 – 2011)، برز أثناء الأزمة المالية العالمية بصفته صوتاً مؤيداً للسياسات النقدية المرنة. يعتبر وورش شخصية محافظة مالياً، وسبق أن انتقد السياسات التيسيرية المفرطة للفيدرالي. يحظى بتقدير دونالد ترمب الذي التقى به سابقاً لبحث احتمال ترشيحه. اسمه عاد للواجهة بقوة مع تكثيف ترمب هجومه على باول، وتأكيده أن السياسات النقدية الحالية "مفرطة التقييد".
كريستوفر والر
: عضو حالي في مجلس محافظي الاحتياطي الفيدرالي منذ 2020. يُعرف بمواقفه التي تميل لتيسير السياسة النقدية وخفض أسعار الفائدة حينما تقتضي الحاجة، وسبق أن أيد تأخير رفع الفائدة في حال تباطأ التضخم. وينتمي والر إلى تيار يعتبر أن تشديد السياسات النقدية مفرط وقد يعرّض النمو الاقتصادي للخطر. ووجوده ضمن الأسماء المطروحة يعكس رغبة ترمب المحتملة في دفع سياسة نقدية أكثر مرونة.
كيفن هاسيت
: رئيس مجلس المستشارين الاقتصاديين في البيت الأبيض، وهو اقتصادي معروف بميوله المحافظة وتأييده لخفض الضرائب والسياسات الداعمة للنمو. هاسيت يمتلك خبرة أكاديمية واسعة، وعلاقة عمل مباشرة مع ترمب، ما يجعله من المرشحين المفضلين للرئيس في حال سعى لإعادة تشكيل توجه الفيدرالي جذرياً.
سكوت بيسنت:
وزير الخزانة الأمريكي الحالي منذ بداية 2025. عمل سابقاً مديراً للاستثمارات في صندوق تابع لرجل الأعمال الأمريكي، جورج سوروس، ويمتلك خبرة طويلة في الأسواق المالية العالمية. في مقابلات حديثة، صرّح بيسنت أنه مستعد لتولي منصب رئيس الاحتياطي الفيدرالي إذا طلب منه ترمب ذلك حرفياً.
ديفيد مالباس
: اقتصادي أميركي معروف، شغل منصب رئيس البنك الدولي حتى 2023، وقبل ذلك تولّى مواقع قيادية في وزارة الخزانة. مالباس يتمتع بخبرة واسعة في القضايا النقدية الدولية وشؤون تمويل التنمية. اسمه مطروح ضمن الخيارات، وإن كان بدرجة أقل وضوحاً مقارنةً بمرشحين آخرين.
2) ما المعايير والقواعد القانونية لتعيين رئيس للفيدرالي أو عزله؟
يعدّ منصب رئيس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي من أكثر المناصب تأثيراً في السياسة الاقتصادية العالمية. ورغم أن رئيس الفيدرالي يتمتع باستقلالية كبيرة، فإن تعيينه يتم وفق قواعد قانونية واضحة حددها قانون الاحتياطي الفيدرالي الصادر عام 1913 وتعديلاته اللاحقة.
بحسب القانون، يرشح رئيس الولايات المتحدة شخصية لهذا المنصب، ثم تُعرض التسمية على مجلس الشيوخ الذي يصادق عليها بأغلبية بسيطة. مدة الولاية أربع سنوات قابلة للتجديد من دون حد أقصى طالما جدد الرئيس التسمية ونال المصادقة. لا يشترط القانون مؤهلات محددة مثل شهادة جامعية بعينها، لكن العرف السياسي والاقتصادي يقتضي اختيار شخصية ذات خبرة مصرفية أو اقتصادية واسعة، بحسب المعلومات الرسمية المنشورة على موقع مجلس الاحتياطي الفيدرالي.
ينص قانون الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي على أن رئيس المجلس وأعضائه يتمتعون بحصانة نسبية ضد العزل، إذ يجوز للرئيس الأمريكي إقالتهم فقط "لسبب وجيه". ويشمل هذا المفهوم القانوني إخلالاً جوهرياً بالواجبات الوظيفية، مثل الامتناع المستمر عن أداء المهام، أو ارتكاب مخالفات جنائية أو سلوكيات غير أخلاقية، أو العجز الدائم عن مزاولة العمل، وفق تقرير خدمة الأبحاث في الكونغرس الأمريكي.
في المقابل، لا يُعد الاختلاف السياسي أو رفض الاستجابة لضغوط الإدارة التنفيذية سبباً مشروعاً للعزل، وفق ما أكدت الممارسة الدستورية وتقارير خدمة الأبحاث في الكونغرس. وتُبرز هذه القاعدة استقلالية مجلس الاحتياطي الفيدرالي كجهة نقدية لا تخضع لتغييرات المزاج السياسي، وهو ما جعل محاولات الضغط على رؤساء الفيدرالي عبر التاريخ تقتصر على النقد العلني دون اتخاذ خطوات قانونية فعلية.
3) في حال اختار ترمب إقالة باول... ما المعرقلات التي تقف في طريقه؟
مع أن الرئيس ترمب يملك سلطة الترشيح أو عدم التجديد، فإن إقالة جيروم باول قبل نهاية ولايته يواجه عقبات قانونية كبيرة، وسيحتاج إثبات 'سبب وجيه' بمستوى يمكن الدفاع عنه قضائياً وسياسياً. لا يوجد تعريف محدد لهذا المصطلح في القانون، لكن السوابق القضائية والتفسيرات القانونية المستقرة تعتبر أن الخلاف السياسي أو النقدي، مثل عدم خفض أسعار الفائدة، لا يرقى إلى 'سبب وجيه'.
جيروم باول، رئيس الاحتياطي الفيدرالي. - المصدر: بلومبرغ
كما يجب إثبات إخلال جسيم بالواجبات أو ارتكاب مخالفات قانونية أو العجز التام عن أداء الوظيفة، وهي شروط يصعب تحققها في حالة باول. وإضافة إلى ذلك، أي محاولة عزل على أساس سياسي ستكون عرضة للطعن أمام القضاء الفيدرالي، ما قد يؤدي إلى نزاع دستوري واسع. وتطرح هذه الخطوة أيضاً مخاطر سياسية ومالية كبيرة، أبرزها زعزعة الثقة في استقلالية الفيدرالي وتهديد استقرار الأسواق الأمريكية والدولية، فضلاً عن احتمالات رفض واسع من الكونغرس والمؤسسات الاقتصادية.
4) هل هناك سوابق تاريخية لعزل رئيسٍ للفيدرالي في أمريكا؟
رغم تعرض رؤساء الاحتياطي الفيدرالي لضغوط سياسية متكررة، لم تسجل الولايات المتحدة أي حالة عزل رسمي لرئيس الفيدرالي قبل انتهاء ولايته القانونية. جميع الحالات المعروفة اقتصرت على محاولات الضغط أو الامتناع عن التجديد.
خلال فترة ولاية الرئيس ريتشارد نيكسون، مارس البيت الأبيض ضغوطاً غير مسبوقة على رئيس الاحتياطي الفيدرالي آنذاك، آرثر بيرنز، لحمله على انتهاج سياسة نقدية توسعية تدعم النمو قبيل الانتخابات الرئاسية. وشهدت اجتماعات متكررة بين نيكسون وبيرنز نقاشات حادة بشأن أسعار الفائدة وضخ السيولة في الاقتصاد. ورغم الضغط السياسي الهائل، لم يتم عزل بيرنز رسمياً، بل استمر في منصبه حتى نهاية ولايته تقريباً، وفق موقع تاريخ الاحتياطي الفيدرالي التابع للبنك الاحتياطي الفيدرالي في سانت لويس.
في مطلع الثمانينيات، واجه رئيس الفيدرالي بول فولكر انتقادات شديدة من إدارة الرئيس رونالد ريغان بسبب سياساته الصارمة لمكافحة التضخم، والتي رفعت أسعار الفائدة إلى مستويات قياسية.
سعت الإدارة إلى ممارسة نفوذ سياسي لحث الفيدرالي على التراجع عن نهج التشديد النقدي، لكن فولكر تمسّك بموقفه حتى نهاية ولايته الأولى. وفي نهاية المطاف، اختار ريغان عدم تجديد ولايته الثانية دون اللجوء إلى آلية العزل القانوني.
وبين عامي 1951 و1965، أظهر رئيس الفيدرالي ويليام مكنيس مارتن مقاومة لضغوط من إدارة جون كينيدي لخفض الفائدة بشكل مفرط لدعم النمو الاقتصادي، إلا أنه أكمل ولايته دون أي محاولة لعزله.
5) ما الأثر المحتمل لاستبدال باول المناصر للتشديد النقدي برئيس آخر من الحمائم على الاقتصاد والأسواق؟
بالنسبة للاقتصاد، يرى خبراء أن استبدال باول بشخصية تميل إلى التيسير النقدي -والمعروفون باسم "الحمائم"- قد يشكل انعطافة كبيرة في سياسة الفيدرالي، ويعكس تفضيلاً لتحفيز النمو على حساب تشديد السياسة النقدية. ويرى مراقبون أن هذا التحول يعني الانتقال من أولوية كبح التضخم إلى أولوية دعم الاقتصاد، بما ينطوي على ذلك من مخاطر على استقرار الأسعار وسمعة البنك المركزي، بحسب تقرير نشرته صحيفة "وول ستريت جورنال".
وبالنسبة للأسواق، فإن أول الخاسرين هو الدولار، ويرجع ذلك في المقام الأول إلى أن خفض الفائدة يقلل العائد على أدوات الدين الأمريكية، مثل السندات قصيرة الأجل، ما يقلل جاذبية العملة الأمريكية مقارنةً بعملات أخرى توفر عوائد أعلى للمستثمرين.
أبقى الفيدرالي أسعار الفائدة دون تغيير للاجتماع الرابع على التوالي، بعد خفضها 3 مرات متتالية. - الشرق
ويرافق السياسات التيسيرية عادةً ضخ مزيدا من السيولة النقدية في الأسواق، وهو ما يؤدي إلى تراجع القوة الشرائية للدولار. كما ترتبط هذه التوجهات بارتفاع توقعات التضخم مستقبلاً، وهو عامل إضافي يضغط على قيمة العملة على المدى المتوسط.
وتاريخياً، شهدت الفترة بين 2008 و2015 تطبيق سياسات نقدية توسعية غير مسبوقة، إذ خفض الفيدرالي أسعار الفائدة إلى مستويات صفرية وأطلق برامج التيسير الكمي، ما انعكس على تراجع مؤشر الدولار بشكل واضح مقابل سلة العملات الرئيسية. في المقابل، عندما بدأ الفيدرالي رفع الفائدة تدريجياً اعتباراً من عام 2015، استعاد الدولار جانباً كبيراً من قوته في الأسواق الدولية.
قال بريندن فاغن، استراتيجي العملات الأجنبية المقيم في نيويورك، لوكالة "بلومبرغ": "يبدو أن الدولار الأمريكي يتجه نحو مزيد من الخسائر، بعد أن انزلق إلى أدنى مستوى له في عدة سنوات، في ظل تسعير الأسواق لتوجّه متساهل من الفيدرالي، وبيانات اقتصادية ضعيفة، وارتفاع درجة عدم اليقين في السياسات".
بينما يخسر الدولار، قد يربح النفط لأن أسعاره المقوّمة بالعملة الخضراء تجعله أقل تكلفة للمشترين في الأسواق العالمية، وبالتالي يزداد الطلب عليه.
كما أن خفض أسعار الفائدة يجعل الاقتراض أرخص، مما يشجع الشركات والمستثمرين على زيادة الإنفاق والاستثمارات، وهو ما يؤدي بدوره إلى ارتفاع الطلب على الطاقة والنفط لتلبية احتياجات الإنتاج والتوسع.
وفي الوقت نفسه، يعتبر المستثمرون النفط وسيلة لحماية قيمة أموالهم إذا ارتفعت الأسعار نتيجة زيادة السيولة النقدية. هذا التوجه ساهم مراراً في صعود أسعار النفط عندما اتجه الاحتياطي الفيدرالي إلى سياسات نقدية توسعية، خاصة خلال فترات تعافي الاقتصاد، بحسب تقرير لوكالة "رويترز".
أما الذهب، فيدعمه تعيين رئيس للاحتياطي الفيدرالي الأمريكي يفضّل التيسير النقدي إذ أن خفض أسعار الفائدة عادةً يضغط على الدولار الأمريكي ويجعل المعدن النفيس أقل تكلفة لحائزي العملات الأخرى، ما يعزز الطلب العالمي عليه.
أسعار الذهب ترتفع 200 دولار للأونصة في أبريل - المصدر: بلومبرغ
إضافة إلى ذلك، يقلل انخفاض الفائدة العائد على السندات الأمريكية، وهو ما يرفع جاذبية الذهب كأداة لحفظ القيمة، نظراً لأنه لا يدر عائدا ثابتا. ومع تزايد السيولة النقدية الناتجة عن السياسات التيسيرية، ترتفع توقعات التضخم، وهو ما يدفع مزيد من المستثمرين إلى شراء الذهب للتحوط من تآكل القوة الشرائية للعملة.
كتب المحلل في "كومنولث بنك أوف أستراليا"، فيفيك دهار، في مذكرة بحثية: "رغم خسائر الذهب الأخيرة، لا يزال المعدن يتمتع بأكبر قدر من الزخم لتحقيق مكاسب على المدى القصير إذا واصل الدولار الهبوط"، حسبما نقل تقرير لوكالة أنباء "بلومبرغ" نشر بتاريخ 1 يوليو الجاري.
تندرج الأسهم ضمن قائمة الرابحين حال اختيار رئيس للفيدرالي مناصراً للتيسير النقدي، فعادةً ما يقلص خفض أسعار الفائدة تكلفة الاقتراض بالنسبة للشركات والمستهلكين، وهو ما يعزز الاستثمار والإنفاق ويدعم ربحية الشركات. كما تزيد السيولة النقدية في النظام المالي من شهية المستثمرين تجاه الأصول ذات المخاطر الأعلى، ومنها الأسهم.
يرى استراتيجيو "مورغان ستانلي" بقيادة مايكل ويلسون، أن الأسهم الأمريكية ستستفيد من سياسة التيسير النقدي طالما لم ترتفع البطالة بشكل ملحوظ.
وتبرز أيضاً العملات المشفرة بين الرابحين إذ أن خفض الفائدة يقلل العائد على السندات، مما يشجع المستثمرين على التحول نحو الأصول ذات المخاطر كالعملات المشفرة وأبرزها بتكوين وإيثريوم. كما أن ضعف الدولار يدعم شهية المستثمرين للكريبتو كوسيلة للتحوّط والتنويع.
6) ما موقف جيروم باول من هجوم ترمب المتكرر؟ وخططه المستقبلية؟
رغم الانتقادات المتكررة والهجمات العلنية من الرئيس دونالد ترمب، ظل جيروم باول محافظاً على هدوئه وتجنب الانخراط في سجالات سياسية. كثيراً ما امتنع عن الرد على الأسئلة ذات الطابع السياسي المرتبطة بترمب.
وعندما سُئل هذا الأسبوع عن هجمات ترمب، قال: "أنا أركز بالكامل على القيام بعملي فحسب.. المهم هو استخدام أدواتنا لتحقيق الأهداف التي كلفنا بها الكونغرس ".
رفض رئيس الفيدرالي مراراً وتكراراً الإفصاح عما إذا كان سيتنحى عندما تنتهي فترة ولايته كرئيس التي امتدت أربع سنوات في مايو، أم سيبقى عضواً في مجلس الفيدرالي، وهو أمر بمقدوره فعلياً حتى انتهاء فترته كحاكم في يناير 2028.
وعندما سُئل باول عن فترة ولايته، خلال جلسة نقاش مع مصرفيين مركزيين من مختلف أنحاء العالم، قال: "ليس لدي ما أقوله لكم بهذا الشأن".
هذا التكتم على نواياه يمنحه ورقة ضغط إضافية، إذ يدرك أن بقائه قد يحدّ بشكل ملموس من قدرة ترمب على إعادة تشكيل مجلس الاحتياطي الفيدرالي خصوصاً أن هذا السيناريو لن يترك لترمب سوى مقعد واحد شاغر لتعيين عضو جديد وهو مقعد الحاكمة أدريانا كوغلر، التي تنتهي ولايتها في يناير المقبل، ولن يتسنى له مقاعد أخرى قبل السنة الأخيرة من فترته في الرئاسة.
في حال قرر باول البقاء كعضو في مجلس الاحتياطي الفيدرالي، فسيحتفظ بقدر كبير من النفوذ داخل لجنة السوق المفتوحة الفيدرالية المسؤولة عن تحديد أسعار الفائدة، لا سيما أنه يتمتع بثقة وولاء عدد كبير من الحكام والموظفين الذين عمل معهم لسنوات.
كما أن استمرار باول في المجلس قد يثير مزيدا من الجدل، خصوصا إذا اختار ترمب شخصية معروفة بولائها الكامل له. ففي هذه الحالة، قد يُنظر للرئيس الجديد للاحتياطي الفيدرالي على أنه تابع سياسي، مما يهدد استقلالية المؤسسة ويجعل أي محاولة لخفض أسعار الفائدة مثار انتقادات واسعة في الأسواق والمؤسسات الأمريكية.
باختصار، صمت باول وتمسكه بالتحفظ في الرد على هجمات ترمب يعقّدان مهمة الرئيس في اختيار بديل يدعم توجهاته الاقتصادية، ويجعلان مستقبل قيادة البنك المركزي الأمريكي أكثر توتراً وحساسية مما كان عليه في أي وقت مضى.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الشرق الأوسط
منذ 8 دقائق
- الشرق الأوسط
«وول ستريت» تفتتح تعاملاتها على انخفاض مع اقتراب مهلة الرسوم
افتتحت «وول ستريت» تعاملاتها على انخفاض يوم الاثنين، مع اقتراب الموعد النهائي الذي حدده الرئيس الأميركي دونالد ترمب لفرض رسوم جمركية جديدة، ما زاد من الضغوط على الشركاء التجاريين لتوقيع اتفاقات قبل يوم الأربعاء. وتراجع مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» بنسبة 0.3 في المائة مع استئناف التداول بعد عطلة نهاية أسبوع قصيرة، لكنه بقي قريباً من أعلى مستوى تاريخي له الذي سجّله الأسبوع الماضي. كما انخفض مؤشر «داو جونز الصناعي» بنحو 96 نقطة، أو ما يعادل 0.2 في المائة، في حين تراجع مؤشر «ناسداك المركب» بنسبة 0.5 في المائة، وفق «وكالة أسوشييتد برس». وفي أسواق السندات، سجّلت العوائد تحركات متباينة، حيث ارتفع العائد على سندات الخزانة الأميركية لأجل 10 سنوات إلى 4.37 في المائة مقارنة بـ4.34 في المائة في نهاية تعاملات الخميس. أما أسهم «تسلا»، فقد هوت بنسبة 7.9 في المائة، لتسجّل أكبر خسارة بين أسهم مؤشر «ستاندرد آند بورز 500»، وسط تجدّد الخلاف بين الرئيس التنفيذي إيلون ماسك والرئيس ترمب خلال عطلة نهاية الأسبوع. وكان ماسك، أحد الداعمين البارزين لترمب سابقاً، قد أعلن عزمه تشكيل حزب سياسي ثالث احتجاجاً على مشروع قانون الإنفاق الجمهوري الذي أُقر الأسبوع الماضي. وبحسب الخطة المعلنة، من المقرر أن تبدأ إدارة ترمب في إرسال رسائل تحذيرية في وقت مبكر من الاثنين، تُنذر الدول التي لم تُبرم اتفاقات تجارية باحتمال فرض رسوم جمركية أعلى بدءاً من الأول من أغسطس (آب). ومع ذلك، أشار الرئيس ترمب ومستشاروه التجاريون إلى إمكانية تمديد المهلة إذا أبدت الدول استعداداً لتقديم تنازلات والتفاوض بحسن نية. ووفقاً لمحللين في «نومورا»، فإن التوقعات قصيرة الأجل للأسواق ستعتمد إلى حد كبير على طبيعة الرسائل الأميركية، بما في ذلك نطاق الشركاء التجاريين المشمولين، ومعدلات الرسوم الجديدة، وتوقيت تنفيذها. وسجّلت معظم قطاعات مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» تراجعاً، بقيادة أسهم التكنولوجيا والسلع الاستهلاكية. فقد انخفض سهم «أوراكل» بنسبة 2.5 في المائة، وسهم «تشيبوتلي مكسيكان غريل» بنسبة 2.2 في المائة. كما تراجع سهم «مولينا هيلث كير» بنسبة 6 في المائة بعد أن خفّضت الشركة توقعاتها للأرباح بسبب الارتفاع السريع في التكاليف، في حين كانت «يونايتد هيلث» قد أعلنت في وقت سابق عن قفزة حادة في التكاليف دفعتها إلى تقليص توقعاتها، ما أدى إلى هبوط حاد في سهمها خلال أبريل (نيسان). ويأتي هذا التراجع في مستهل الأسبوع بعد أداء قوي للأسواق؛ إذ وصلت المؤشرات الأميركية إلى مستويات قياسية الأسبوع الماضي بدعم من تقرير وظائف فاق التوقعات. وفي الأسواق العالمية، سادت المكاسب المؤشرات الأوروبية، بينما أنهت معظم الأسواق الآسيوية جلساتها على انخفاض.


الشرق الأوسط
منذ 8 دقائق
- الشرق الأوسط
ضوابط تصدير المعادن النادرة في الصين تُربك السوق العالمية والمحلية
في الوقت الذي تسعى فيه الصين لتعزيز أوراقها التفاوضية في وجه السياسات التجارية الأميركية، اتخذت بكين خطوة صارمة بفرض ضوابط على تصدير المعادن الأرضية النادرة، وهي خطوة كان لها أثر فوري على سلسلة التوريد العالمية، خصوصاً في قطاع السيارات الكهربائية. وبينما لقيت هذه الخطوة ترحيباً استراتيجياً من دوائر صنع القرار في بكين، كانت نتائجها داخل الصين أكثر تعقيداً؛ إذ انعكست سلباً على الشركات المحلية المصنعة للمغناطيسات التي تعتمد على الأسواق الخارجية لتحقيق جزء كبير من عائداتها. وفرضت الصين قيوداً على تصدير المعادن النادرة في أبريل (نيسان) الماضي، بوصفها رد فعل مباشراً على الرسوم الجمركية الأميركية الجديدة. وقد أدت هذه القيود إلى انخفاض صادرات المعادن النادرة بنسبة 75 في المائة خلال شهرَيْن فقط، مما أجبر شركات سيارات عالمية على تعليق خطوط إنتاج، في حين عانت شركات صينية من ارتفاع المخزون وصعوبة في التصريف المحلي. وفي منشور لبورصة باوتو لمنتجات المعادن النادرة -المدعومة من الدولة- على منصة «وي تشات» الصينية، أُشير إلى أن الاتفاق الذي أُعلن بين الصين والولايات المتحدة في 27 يونيو (حزيران) لاستئناف تصدير المعادن النادرة «سيستغرق وقتاً لتطبيقه»، في ضوء تراكم المخزون في المستودعات وضرورة انتظار التراخيص الرسمية، حسب «رويترز». وحسب بيانات السوق، تعتمد كبرى شركات إنتاج المغناطيسات المدرجة في البورصة على الصادرات بما يتراوح بين 18 و50 في المائة من إجمالي إيراداتها لعام 2024. لكن مع تراجع الطلب المحلي وضعف السوق الداخلية -خصوصاً في ظل حرب الأسعار بين شركات السيارات الكهربائية- وجدت هذه الشركات نفسها في وضع حرج، مع تقلص هوامش الربح وازدياد التكاليف التشغيلية. وقالت رئيسة قسم تسعير المعادن في شركة «أرغوس»، إيلي ساكلاتفالا، إن «مبيعات الشركات الصينية تتعرّض للضغط من كلا الجانبين؛ فالتصدير متعطل والطلب الداخلي المتراجع»، مضيفةً أن «جزءاً مهماً من قاعدة العملاء الخارجية قد فُقد مؤقتاً دون وضوح بشأن توقيت استعادته». وعلى الرغم من بعض التفاؤل في أسواق الأسهم مع انتعاش طفيف لأسهم شركات المغناطيسات المدرجة، يشير خبراء إلى أن هذا الارتفاع لا يستند إلى أساس واقعي. ووفقاً لرئيس قسم أبحاث المعادن الحرجة في شركة «تريفيوم تشاينا»، كوري كومبس، فإن التوقعات المستقبلية للسوق لا تُظهر أي مؤشرات على تعافٍ سريع أو مستدام، لا سيما مع استمرار الضبابية في السياسات التجارية والتراخيص التنظيمية. وتُضاف إلى ذلك الطبيعة التخصيصية لمنتجات المغناطيس، التي تُصعّب من إعادة بيعها محلياً، ما يجبر الشركات على تخزين الشحنات في انتظار الموافقات الرسمية، وفقاً لأربعة مصادر صناعية رفضوا الكشف عن هوياتهم. في ظل هذه البيئة الضاغطة، خفّض بعض المصنعين الصغار والمتوسطين إنتاجهم بنسبة 15 في المائة خلال شهري أبريل (نيسان) ومايو (أيار). وبدأت بعض الشركات بإشارات إلى إعادة هيكلة، فقد أشارت شركة «باوتو تيانه ماغنتكس تكنولوجي»، المدرجة في بورصة لندن، إلى احتمال انخفاض صادراتها إذا استمر الوضع الدولي في التدهور. أما شركة «يانتاي تشنغهاي ماغنتكس» فأعلنت أنها حصلت على تراخيص تصدير، مؤكدة أن الإنتاج يسير بصورة طبيعية، لكنها أحالت المستثمرين إلى إفصاحاتها المالية المقبلة لمزيد من التفاصيل. ويرى مراقبون أن استمرار هذه الضغوط قد يؤدي إلى موجة اندماج في قطاع المغناطيسات، الذي يضم مئات المصنعين. ويقول الأستاذ المشارك في جامعة ولاية بويز، ديفيد أبراهام، إن «متطلبات التراخيص الجديدة تُعد تحولاً دائماً في هيكل الصناعة، مع ما تسببه من تأخيرات وتكاليف إضافية». من منظور استراتيجي، قد لا تنظر الحكومة الصينية إلى هذا الاتجاه بقلق. إذ إن اندماج الشركات يُمكن أن يمنح السلطات رقابة أكبر على سلسلة التوريد، ويسهل إدارة الموارد النادرة وتوجيهها نحو الصناعات الحيوية. ويقول أبراهام: «لا أظن أن بكين ترى ذلك أمراً سلبياً؛ فالمزيد من الاندماج يساعد على التحكم في مصادر المواد وفهم مساراتها». وتشكل ضوابط تصدير المعادن النادرة سلاحاً ذا حدَيْن بالنسبة إلى الصين. فعلى المستوى الجيوسياسي، تمنحها ورقة ضغط قوية في المفاوضات مع الغرب، لكنها داخلياً تضع عبئاً ثقيلاً على الشركات الصناعية التي تواجه بالفعل تباطؤاً اقتصادياً وتراجعاً في الطلب المحلي. والأسابيع المقبلة ستكون حاسمة في تقييم ما إذا كانت هذه الاستراتيجية تحقق التوازن المطلوب بين المصالح الوطنية والمكاسب التجارية، أم أنها ستؤدي إلى إعادة رسم خريطة قطاع صناعي يُعد أحد أعمدة القوة التكنولوجية في الصين.


الشرق الأوسط
منذ 9 دقائق
- الشرق الأوسط
قلق صيني من ضعف الدولار
في خطوة تعكس تصاعد قلق السلطات الصينية من التقلبات الأخيرة في أسواق العملات العالمية، استفسر بنك الشعب الصيني (البنك المركزي) عدداً من المؤسسات المالية المحلية عن آرائها بشأن الضعف المتواصل في سعر صرف الدولار، بحسب ما نقلته مصادر مطلعة لوكالة «رويترز». تضمن الاستطلاع، الذي أجري الأسبوع الماضي، أسئلة حول تحركات الدولار، وأسباب انخفاضه في الأشهر الأخيرة، والتوقعات المستقبلية لسعر صرف اليوان الصيني. وبينما لم يكشف البنك المركزي رسمياً عن الهدف من هذا الاستطلاع، فسّره بعض المشاركين على أنه يعكس قلقاً حكومياً من الارتفاع السريع في قيمة اليوان مقابل الدولار المتراجع. وخلال النصف الأول من العام، شهد الدولار أسوأ أداء له منذ عام 1973، حيث تراجع مؤشره بنحو 11 في المائة، وانخفض بنسبة 6.6 في المائة منذ بداية أبريل (نيسان) وحده. وتزامن ذلك مع استقرار نسبي في سعر صرف اليوان، الذي ارتفع بنسبة 1.3 في المائة فقط منذ فرض الرئيس الأميركي دونالد ترمب رسوماً جمركية في الثاني من أبريل فيما أطلق عليه «يوم التحرير». ويرى بعض المحللين أن هذا التحرك الاستقصائي من جانب بنك الشعب الصيني يندرج ضمن محاولة لفهم تداعيات انخفاض الدولار على الاستقرار المالي في الصين، خصوصاً أن قيمة اليوان المرتفعة قد تضر بالتنافسية التصديرية الصينية، وتزيد من الضغط على الاقتصاد المحلي الذي يواجه تحديات في قطاع العقارات والتجارة. بالتزامن مع هذا التوجه، واصل البنك المركزي الصيني تعزيز احتياطياته من الذهب للشهر الثامن على التوالي. فقد بلغت احتياطيات الصين من الذهب بنهاية يونيو (حزيران) الماضي 73.90 مليون أونصة نقية، مقارنة بـ73.83 مليون أونصة في مايو (أيار). وارتفعت قيمتها إلى 242.93 مليار دولار، مقابل 241.99 مليار دولار في الشهر السابق. ويُنظر إلى هذا التوجه نحو الذهب بوصفه وسيلة استراتيجية للتحوط ضد تقلبات الدولار وتقليص الاعتماد على العملة الأميركية في الاحتياطيات الرسمية، في وقت يتنامى فيه التوتر الاقتصادي بين بكين وواشنطن، لا سيما في ظل استمرار العقوبات والرسوم الجمركية. وفي السياق نفسه، أظهرت بيانات رسمية أن احتياطيات النقد الأجنبي الصينية ارتفعت بأكثر من المتوقع في يونيو، لتصل إلى 3.317 تريليون دولار، بزيادة 32.2 مليار دولار عن مايو، متجاوزة توقعات «رويترز» البالغة 3.300 تريليون دولار. ويُعزى هذا النمو إلى ضعف الدولار أمام العملات الرئيسية الأخرى وارتفاع قيمة الأصول المحتفظ بها ضمن الاحتياطيات. فقد ارتفع اليوان بنسبة 0.45 في المائة مقابل الدولار خلال يونيو، فيما تراجع الدولار بنسبة 2.7 في المائة أمام سلة من العملات الكبرى. الاستطلاع الذي أجراه بنك الشعب الصيني جاء قبل أيام من انتهاء مهلة الـ90 يوماً التي فرضها الرئيس الأميركي دونالد ترمب لتعليق الرسوم الجمركية على واردات من عشرات الدول، وقبل شهر من انتهاء الإعفاء المؤقت على رسوم جمركية ثلاثية الأرقام على الصين. وفي هذا السياق، يبدو أن السلطات الصينية تستعد لاحتمال عودة التوترات التجارية مع الولايات المتحدة، وتحاول عبر أدواتها المالية الحفاظ على استقرار اليوان ومنع موجات مضاربة أو تدفقات رأسمالية خارجة قد تؤثر على السوق. من جانب آخر، فإن الصعود الحاد للذهب وارتفاع احتياطيات النقد الأجنبي يعكسان استراتيجية واضحة من بكين لتنويع احتياطياتها وتعزيز قدرتها على مواجهة تقلبات الأسواق العالمية، لا سيما في ظل بيئة اقتصادية عالمية غير مستقرة ووسط مخاوف من ركود اقتصادي عالمي محتمل. وتشير تحركات البنك المركزي الصيني الأخيرة، سواء من خلال الاستبانات الموجهة إلى القطاع المالي أو عبر تكثيف شراء الذهب ورفع احتياطيات النقد الأجنبي، إلى سعي واضح لفهم وإدارة آثار ضعف الدولار على الاقتصاد الصيني. وفي ظل التقلبات التجارية والجيوسياسية المستمرة، تستعد بكين لتحصين اقتصادها بأدوات متعددة، تبدأ من إدارة سعر الصرف، ولا تنتهي عند تعزيز المخزون الاستراتيجي من الأصول. ويبقى السؤال مطروحاً: هل سيكون اليوان قادراً على الحفاظ على استقراره في مواجهة ضغوط الدولار المتراجع؟ الإجابة ستعتمد على تطورات الأسابيع المقبلة، خصوصاً فيما يتعلق بالقرارات الأميركية المرتقبة بشأن الرسوم الجمركية، وتوجهات السياسة النقدية في البلدين.