
مؤسسة غزة الإنسانية:قصة الموت وحكاية الذل (1)!مصطفى يوسف اللداوي
قصة الموت وحكاية الذل (1)
بقلم د. مصطفى يوسف اللداوي
سأروي باختصارٍ وبساطةٍ سهلةٍ، في حلقاتٍ متسلسلةٍ قصيرة، أحرص فيها على بعض التفاصيل الدقيقة، والشواهد والاعترافات، والملاحظات والانتقادات، وبطريقة قانونية وحقوقية، وتأصيلية ومنهجية، قصة الموت التي حملتها مؤسسة غزة الإنسانية، وحكاية القتل اليومي الذي تنفذه ضد جياع قطاع غزة وفقرائها، وضد عامة سكانها وجميع أهلها، وكأن القتل الذي تمارسه بانتظامٍ برنامجٌ يومي تلتزم به وتحرص عليه، التزامها بعدد أكياس الطحين التي توزعها، وكأنها المهمة الحقيقية التي أنشأت من أجلها، وهناك من يحاسبها كل يومٍ على عملها وحصيلة القتلى وعدد الجرحى والمصابين.
فما من يومٍ يمر على عمل هذه المؤسسة التي تشبه الثكنة العسكرية، المدججة بكل أنواع السلاح، والمزودة بكل وسائل الحماية والدفاع، والمحاطة بعدة أسوارٍ من الأسلاك الشائكة، والمرسومة مسالكها بدقةٍ عاليةٍ، وكأنها أقفاص منظمة، ومعابر محددة المسارات ومحكومة الخطوات، إلا ويسقط على مسافةٍ بعيدةٍ منها وقريبة برصاص الجنود والقناصة، وأحياناً بقذائف الدبابات وصواريخ الطائرات، عددٌ غير قليلٍ من الفلسطينيين، جلهم من الصبية واليافعين، من طالبي المساعدات، إلى جانب عددٍ آخر من الرجال والشيوخ والنساء، عدا عن مئات الجرحى والمصابين، الذين يتعرضون لإطلاق نارٍ مباشرٍ من جنود العدو الإسرائيلي، ومن حراس المؤسسة المكلفين بالقنص والقتل، وتوصف حالة أغلب المصابين بأنها حرجة جداً، وأنها أدت إلى بتر أطراف بعضهم، وجعلت العديد منهم أصحاب عاهاتٍ دائمةٍ.
فما هي قصة هذه المؤسسة المسماة 'إنسانية' التي هي أبعد ما تكون عن الإنسانية، ولا تتصف بها ولا تنتمي إليها، ولا تقوم بأي أعمالٍ إنسانية ولا تؤدي خدماتٍ خيرية، وإن وزعت بعض الدقيق والقليل من الغذاء، فهي لا تقوم بما تقوم به من الجانب الإنساني، بقدر ما تنفذ برامج أمنية وخطط سياسية لصالح استراتيجية الاحتلال الذي يخطط لها ويأمرها، ويرسم لها ويشرف معه على تنفيذها.
كيف تأسست هذه المؤسسة ومتى، وأين نطاق عملها، ومن الذي ترأسها وأشرف على إدارة أعمالها، ومن هي الجهات التي تشرف عليها وتمولها، وتلك التي تشغلها وتنفذ برامجها، وما هو موقف الأمم المتحدة والهيئات والمؤسسات الأممية الإنسانية منها، وهل تعترف بها وتشرع عملها، وتوافق على ممارساتها وتدعو لتسهيل عملها وتمويل برامجها.
أم أنها ضدها وتعارضها، وتخالف مشروعها، وتتهم إدارتها، وتدعو إلى تفكيكها واعتماد غيرها، وترى أنها لا تراعي العدالة والمساواة، ولا تتوخى النزاهة والإنصاف، ولا تتبنى المعايير الإنسانية ولا تحافظ على كرامة الفلسطينيين، وتصر على أنها صادرت حقوق المؤسسات الإنسانية والخيرية والغوثية الأخرى، المشهود لها بالخبرة والتجربة، والنزاهة والمصداقية، والتي سبق لها العمل في هذا المجال، وسجلت نجاحاتٍ لافتة، واسترعت انتباه المواطنين الفلسطينيين، وحظيت على رضاهم، واستحقت منهم الشكر والتقدير، ومن قبل الثقة والطمأنينة والأمان.
سأحاول تباعاً الدخول إلى دهاليز هذه المؤسسة المظلمة، وسبر أغوارها المبهمة، والتعرف على أسرارها، وإظهار حقيقتها والكشف عن نواياها، وإبراز هويتها وتحديد ماهيتها، إنسانية أم أمنية، خدماتية أم عملياتية، وسأترك للقارئ الكريم الحكم عليها، وأصحاب الرأي والخبرة، وصناع القرار والمؤثرين في الشأن العام، بيان موقفهم منها، وفقاً لمعطياتٍ حقيقية وبياناتٍ دقيقة، وشهاداتٍ رسمية، وصور ووثائق قطعية، يصب نفيها أو التشكيك فيها.
يتبع …..
moustafa.leddawi@gmail.com
بيروت في 2/7/2025

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


ساحة التحرير
منذ 8 ساعات
- ساحة التحرير
الطوفان: من النهوض الرمزي إلى خطر التآكل؟ خالد عطيه
الطوفان: من النهوض الرمزي إلى خطر التآكل؟ قراءة في التحول الرمزي والاستعماري بعد 7 أكتوبر تحليل استراتيجي حتى يوليو 2025 خالد عطيه في السابع من أكتوبر 2023، لم تكن عملية 'طوفان الأقصى' مجرّد هجوم عسكري خاطف، بل لحظة زلزالية كسرت مركز الثقل الرمزي الذي راكمته إسرائيل على مدى سبعة عقود. كانت العملية بمثابة صدمة وجودية للمشروع الصهيوني، وهزّة فكرية وأخلاقية للعالم بأسره، لكنّها أيضًا فتحت على الفلسطينيين أبوابًا من الدم والخذلان والتعرية، تُعاد فيها صياغة النكبة بأدوات حديثة، على وقع سُعار إبادي غير مسبوق. لم تكن المفاجأة فقط في ما أنجزه المقاتلون على الأرض، بل في ما كشفته ردود الفعل: عن هشاشة ردع إسرائيل، وسقوط قناع القيم الغربية، وعمق العزلة التي تعيشها القضية الفلسطينية في النظام الإقليمي الرسمي، وافتقار الفعل المقاوم نفسه إلى مشروع سياسي يحمي من استنزاف الانتصار. سقطت أسطورة 'الأمن المطلق' التي قامت عليها إسرائيل، لكنّ الانكشاف المقابل كان أشدّ وقعًا: أن الفلسطيني، رغم صلابته، يقف في مواجهة عالم لا يكترث بالعدالة ما لم تخدم مصالحه. لقد صعد الفلسطيني فجأة إلى واجهة التاريخ، لكن دون أن يحمل معه سردية جامعة، أو ظهيرًا إقليميًا، أو مؤسسة قادرة على إدارة تداعيات لحظة بهذا الحجم. والنتيجة: تحوّل الحدث من إنجاز رمزي كبير إلى مأزق استراتيجي مفتوح على احتمالات التآكل أو التوظيف المعاكس. ما بعد 7 أكتوبر، لا يمكن اختزاله في 'ردّة الفعل الإسرائيلية'، بل يكشف عن استمرار منهجي لطبيعة المشروع الصهيوني ذاته؛ مشروع لم يكن يومًا استعمارًا قابلًا للتفاوض، بل استعمارًا إحلاليًا إباديًا، يبدأ من دير ياسين ولا يتوقف عند غزة. ما نراه اليوم ليس انحرافًا عن المسار، بل ذروة نسقية له، تُعلن فيها إسرائيل صراحة أن 'الحل' يكمن في المحو، والتقويض، وإنهاء الشتات، وتصفية الذاكرة . لقد تجاوزت إسرائيل منطق الردع، واعتنقت منطق الإبادة. بحلول يوليو 2025، سجّلت وزارة الصحة في غزة، بالتعاون مع منظمات أممية، استشهاد أكثر من 57,000 فلسطيني، أغلبيتهم من النساء والأطفال، منذ بدء العدوان في 7 أكتوبر 2023، فيما تُشير تقديرات أكاديمية مستقلة (مثل دراسة نشرتها مجلة The Lancet ومراجعات لجامعة لندن) إلى أن العدد الحقيقي للضحايا قد يتجاوز 80,000 وقد يصل إلى 109,000، نظرًا لحجم الدمار وتدهور البنية الصحية ووجود آلاف الجثث العالقة تحت الأنقاض. هذا إلى جانب أكثر من 600 حالة قتل موثقة عند نقاط توزيع المساعدات الإنسانية، حيث تحوّلت طوابير الانتظار للحصول على الخبز أو المياه إلى ساحات قتل جماعي، حسب تقارير منظمة OCHA ووكالات كـ AP وReuters. كذلك، تؤكد بيانات الأمم المتحدة وفاة ما لا يقل عن 66 طفلًا جوعًا بسبب الحصار، فيما يواجه ربع مليون فلسطيني في غزة ظروف مجاعة كارثية. البنية التحتية الصحية شبه منهارة، مع تدمير نحو 85% من المستشفيات والمنشآت الطبية، وتحوّل مستشفى ناصر إلى 'جناح طوارئ مفتوح' دائم، في ظل نقص فادح في المعدات والأدوية والكوادر. وفي الضفة الغربية، تجاوز عدد المعتقلين الفلسطينيين 12,000 شخص منذ بدء الحرب، في سياق متصاعد من الاجتياحات، والاغتيالات، ومحو الأفق السياسي. هذه الأرقام ليست مجرد معطيات إحصائية، بل توثيق حي لسياسة إبادة متواصلة تُدار بغطاء دولي صامت، وبأدوات عسكرية وتجويعية متزامنة، في لحظة تُعيد فيها إسرائيل تعريف الردع بوصفه استئصالًا، والمساعدات بوصفها مصيدة قتل جماعي. لكن غزة لم تكن وحدها في عين العاصفة. ما يجري هو مشروع نكبة متجددة، تستهدف الضفة الغربية عبر الاجتياحات والاغتيالات اليومية ورفع وتيرة الاستيطان والتهويد، وتستهدف اللاجئ في الشتات عبر التجفيف المتسارع لوكالة الأونروا وتصفية المخيمات سياسيًا وإداريًا، كما تستهدف الوجود الفلسطيني في القدس عبر إحلال سكاني صامت يتمدد دون مقاومة تُذكر من النظام العربي. النكبة لم تعد حدثًا من الماضي، بل آلية اشتغال حاضرة، تمتد ببطء ومنهجية إلى الشتات: مخيمات تُجفَّف إداريًا، أطفال يولدون بلا أوراق أو حق في الإقامة، لاجئون تُعرض عليهم الجنسية مقابل نفي التاريخ، وبيروقراطيات دولية تعيد تعريف الفلسطيني كـ'عبء إنساني' لا كحالة تحرر. إنه محو ناعم، لا بالرصاص فقط، بل بالتشريع والتجويع والتهجين الرمزي. وما يزيد من فداحة المشهد أن السلطة الفلسطينية، بمؤسساتها المهترئة وبنيتها المنهارة شرعيًا، لم تعد تمثل إلا فراغًا وظيفيًا تُملؤه قوات الاحتلال متى شاءت، أو تل أبيب السياسية متى قررت منح التسهيلات أو سحبها. وفي موازاة ذلك، لم تنجح أي قوة مقاومة، رغم بسالتها، في ترجمة اللحظة إلى مكسب استراتيجي دائم، بسبب غياب القيادة الجامعة، وغياب الرؤية التحررية الشاملة، والانفصال المزمن بين السلاح والمشروع السياسي. أما في الفضاء الدولي، فقد تكشّفت أزمة القيم الليبرالية في الغرب، لا كأزمة خطاب، بل كأزمة بنيوية. ففي أعرق الجامعات والمؤسسات الفكرية والإعلامية، خضع كل من تضامن مع غزة للملاحقة أو الفصل أو الإسكات القسري. وبينما كانت عيون العالم تتابع حفلات قطع التمويل والطرد الأكاديمي، سقط وهم الحياد الليبرالي، وانكشفت المنظومة الغربية بوصفها متورطة عضوياً في تأمين الغطاء الأخلاقي للاستعمار، حتى ولو بأقنعة القانون. هذه ليست مجرد انكشافات نظرية، بل مؤشرات على أن المعركة لم تعد فقط على الأرض، بل على معنى فلسطين، ومكانتها في الوعي العالمي، ووظيفة الحركات التحررية ذاتها في زمن يُعاد فيه تعريف الضحية وفقًا للونها وعرقها وموقعها الجيوسياسي. ولم تكن التحولات الرمزية التي فجّرها الطوفان بمعزل عن السياق العربي الرسمي، حيث برز التناقض الصارخ بين الشارع المنتفض من الرباط حتى كيب تاون، وبين أنظمة لم تُوقف مسار التطبيع بل عزّزته بخطابات باردة تدّعي 'الواقعية السياسية'. لم يُفشل الطوفان مشروع التطبيع، لكنه نزع عنه آخر أقنعته الأخلاقية، وكشف هشاشته بوصفه شراكة مع القاتل لا مع السلام. لقد أُجبرت أنظمة على خنق شعوبها حتى لا تهتف لغزة، وكُشفت عواصم ما تزال تفاخر بشراكتها الأمنية مع تل أبيب في لحظة تُقصف فيها المدارس والمستشفيات. التحوّل الرمزي الكبير الذي صنعته عملية الطوفان، حين كسرت صورة إسرائيل التي لا تُقهر، لم يتحول إلى نصر سياسي، لأنه لم يُصنَع على أرضية مشروع تحرري شامل. بل ظلّ مُعلّقًا، وبدأ يتآكل مع عجز الفصائل عن فرض شروطها، وتفكك الشارع العربي تحت وطأة القمع أو التخدير الإعلامي، ودخول إسرائيل في مرحلة 'إعادة تموضع هجومي' لتفرض شروط ما بعد الحرب كأنها لم تتلقّ ضربة. ما تحقق يوم 7 أكتوبر يُشبه البرق في ليلة حالكة: لحظة نور مكثف كشفت كل شيء، لكنها سرعان ما تبعتها عتمة كثيفة حاول الجميع إخفاءها أو إطفاء أثرها. ورغم كل هذا، فإن 'الطوفان' أثبت أن المشروع الصهيوني ليس محصّنًا، وأنه يمكن زلزلة الوعي العالمي بلحظة واحدة إن توفّرت الجرأة، لكنّه أثبت أيضًا أن الجرأة وحدها لا تصنع التغيير، ما لم تقترن برؤية، ومؤسسة، وتحالف، وخيال سياسي قادر على المراكمة لا التفريغ. الطوفان لن يُكتب في التاريخ كانتصار نهائي، ولا هزيمة. بل كلحظة مفصلية كشفت هشاشة الجميع: هشاشة العدو حين يُضرب، وهشاشة المقاومة حين تُترك وحيدة، وهشاشة النظام الدولي حين يُطلب منه العدالة. والمسألة اليوم لم تعد: 'ماذا حققنا؟' بل 'كيف نمنع أن يتحول ما حققناه إلى نكسة؟' قد لا تملك غزة جيشًا نظاميًا، ولا المقاومة ظهرًا سياسيًا حقيقيًا، لكنها تملك ما لا تملكه إسرائيل: تاريخ لا يُمكن شطبه، وحقّ لا يمكن قتله، وشعب بات العالم يعرف أنه لم يعد مجرد ضحية… بل فاعلٌ يعرف إلى أين يوجّه صرخته. إن لم يُترجم هذا الوعي إلى مشروع تحرري جذري يعيد تعريف فلسطين لا كملف، بل كجذر لكل معركة ضد الاستعمار في هذا العالم المختل، فإن الطوفان، بكل رمزيته، سيظل لحظة عظيمة… على حافة النسيان. 2025-07-05


شفق نيوز
منذ 13 ساعات
- شفق نيوز
بوتين ربما يهزأ بواشنطن بشأن كييف، لكنَّ ترامب لن يفعل شيئا
عادت أنظار الأوروبيين تتجه من جديد نحو أوكرانيا، التي نطالع عنها مقالاً في عرض الصحف السبت، يسلط الضوء على تأثير تعليق الإمدادات العسكرية الأمريكية المرسلة إليها، كما نستعرض تجربة سيدة قررت الابتعاد عن مواقع التواصل لمدة عام ونصف، وأخيراً مقالاً يصف تشات جي بي تي بأنه "آخر الرومانسيين العظماء". نبدأ جولتنا في الصحف البريطانية من الإندبندنت، ومقال بعنوان "بوتين ربما يسخر من ترامب بشأن أوكرانيا، لكن الرئيس الأمريكي لن يفعل شيئاً حيال ذلك"؛ حيث يسلط المقال الضوء على مطالبات قادة الدول الأوروبية للولايات المتحدة بإعادة إمدادات الأسلحة إلى أوكرانيا قبل فوات الأوان. في هذا المقال، يلفت سام كيلي، محرر الشؤون العالمية بالإندبندنت، النظر إلى ما يراه القادة الأوروبيون تجاهلاً من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لكون نظيره الروسي "يهزأ" من واشنطن فيما يتعلق بكييف. وأشار المقال إلى تصريح لوزير خارجية بولندا ينتقد فيه جهود ترامب غير المثمرة لتأمين وقف إطلاق النار، قائلاً: "سيد ترامب، بوتين يهزأ بجهودك السلمية". وتكمن خطورة اللحظة بعد أن أعلنت أوكرانيا أنها تعرضت لأكبر هجوم جوي ليلي منذ اندلاع الحرب الشاملة، بأسراب من 500 طائرة مُسيرة وصاروخ، بهدف القضاء على دفاعاتها الجوية المنهكة أصلاً. وقد صعدت موسكو "تدريجياً" جهودها ضد كييف، بحسب المقال، مع تركيز الولايات المتحدة مؤخراً على هجماتها ضد إيران دعماً لإسرائيل؛ مضيفاً أن الرئيس الأوكراني، حذر مذ أسابيع من أن بلاده تواجه نقصاً حاداً في الأسلحة الدفاعية. ومن هنا، فإن إعلان الولايات المتحدة تعليق الأسلحة الموعودة، كصواريخ باتريوت للدفاع الجوي، "سيُرسّخ حتماً الاعتقاد الراسخ بأن ترامب قد انحاز إلى جانب بوتين، وأن الولايات المتحدة لم تعد حليفاً حقيقياً في الدفاع عن أوروبا" بحسب كيلي. أوكرانيا تحذر من أن وقف شحنات الأسلحة الأمريكية لها "سيشجع روسيا على مواصلة الحرب" وكان المسؤولون في البنتاغون قد أشاروا إلى أن هذا التعليق "توقف مؤقت" كجزء من مراجعة الإمدادات الأمريكية في جميع أنحاء العالم، "لكن الولايات المتحدة لم تُعلن عن توقف الإمدادات لأي دولة أخرى". وسلط كيلي الضوء على إسرائيل باعتبارها "أكبر متلقٍّ للمساعدات العسكرية الأمريكية بلا منازع"، والتي شهدت مؤخراً زيادةً في إمدادات القنابل والصواريخ، "حتى في ظل اتهامات الأمم المتحدة لها بالتطهير العرقي، واتهامات المحكمة الجنائية الدولية لرئيس وزرائها بارتكاب جرائم حرب". وينتقد الكاتب عدم توجيه ترامب أي تهديد بعقوبات على الرئيس الروسي أو محاولة الضغط عليه، على الرغم من أنه عبر عن إحباطه من بوتين، الذي أبدى عدم اهتمامه بوقف إطلاق النار في الحرب بين روسيا وأوكرانيا. بل إن روسيا تواصل "هجومها الشرس"، قائلة إنها بسطت سيطرتها الكاملة على مقاطعة لوهانسك، في الوقت الذي يطالب فيه بوتين بالاحتفاظ بمقاطعات لوهانسك، والقرم، وخيرسون، ودونيتسك، وزابوريجيا على الأقل، كشرط مسبق لأي وقف لإطلاق النار. في المقابل، تواجه كييف، بحسب كيلي، انقطاع المعلومات الاستخباراتية الأمريكية خلال الهجمات الروسية المضادة لاستعادة كورسك، كما تواجه تعليق المساعدات العسكرية، وعدم تلقيها أي وعود جديدة بالدعم، ناهيك عن "إجبارها" على إبرام صفقة معادن تُقايض فيها الأسلحة الأمريكية المستقبلية بأرباح التعدين. وأضاف المقال أن واشنطن تصر على أنه في أي اتفاق سلام طويل الأمد، تُمنع أوكرانيا من الانضمام إلى حلف الناتو، ولن تحصل على ضمانات أمنية من الولايات المتحدة للدفاع عن حدودها المستقبلية. ونتيجة لذلك، يحاول أعضاء الناتو الأوروبيون والكنديون "ملء الفراغ الأمريكي المتزايد" فيما يتعلق بالإمدادات العسكرية، في ظل امتناع ترامب عن تزويد أوكرانيا بالأسلحة الضرورية في وقت هي في أمس الحاجة إليها. بعد إنستغرام "فقدتُ عالمي بأسره" وننتقل إلى صحيفة "أوبزيرفر"، ومقال لأوليفيا أوفندن، عن صعوبة الانفصال عن شخصيتها "الافتراضية" على مواقع التواصل بعد طلاقها، حيث لم تكن ترغب في إعلان الأمر أو حتى محو ذكرياتها السابقة. وبعد انسحابها التدريجي من عالم "إنستغرام"، شعرت أوليفيا بأنها "فقدت عالمها بأسره"، من أصدقاء ومطاعم وأماكن تسوق للملابس، ناهيك عن اختفاء الكثير من أصدقائها القُدامى في الواقع الحقيقي، لا الافتراضي. وتصف الكاتبة هذه اللحظة بأنها أصعب من محاولة الجسم التأقلم عن تناول السكر أو التبغ، فكانت تشعر بالعزلة وفقدان المتعة بعيداً عن الإنترنت بشكل لم تكن تتخيله من قبل. وتقول "كان لدي شعور دائم بأنني قد أضعت نفسي أيضاً، كما لو أنني تركت نسختي الكاملة الملونة على الإنترنت". وتشرح حقيقة الأمر بأن منشوراتها على إنستغرام كانت "وسيلةً لحفظ أفضل لحظات كل عام"، لكنها بعد فترة، أصبحت هذه الصور هي ذكرياتها "الوحيدة" التي خزنها عقلها كبديل لفوضى الحياة الطبيعية، وكان تصفحها يجعلها ترى حياتها "كما أرادتها أن تبدو". واستعانت الكاتبة بما قالته طبيبة نفسية متخصصة في الإدمان، عن أن وسائل التواصل ما هي إلا "مخدرات رقمية" تشبه إدمان الكحول والمخدرات. وتستفيض الكاتبة بأن الطبيبة النفسية لاحظت لدى من يقلعون عن وسائل التواصل آثار انسحاب لا تتوقف عند الشعور العاطفي كالقلق والانفعال والأرق والاكتئاب، بل تتخطاها إلى الأعراض الجسدية كالغثيان، والصداع، والتعرق البارد، وانعدام الاستقرار بشكل لاإرادي. وتشرح الطبيبة أن ذلك يعود إلى أن وسائل التواصل الاجتماعي تعرضنا لجرعات مستمرة من الدوبامين؛ بحيث يكون المرء في حاجة مستمرة إلى المزيد من المكافآت وتجربة أي نوع من المتعة. "ففي سعينا وراء هذه النشوة، اعتدنا رؤية أنفسنا كما قد يرانا الغرباء، وتحليل تجاربنا عن بُعد؛ وتقييم قدرتها على التأثير" بحسب الكاتبة التي ترى أنها بعد 18 شهراً من الانقطاع، لا يزال جزء منها يتطلع إلى صورة لها على مواقع التواصل مع رابط المقالة التي تقرأها الآن. ومع مرور الوقت، أدركت أوليفيا أنها لم تكن وحيدة لأنها تفتقد تواصل إنستغرام، بل لأن حياتها الواقعية كانت "أكثر قتامة" في ظل انشغال الجميع على الإنترنت. وتسلط الكاتبة الضوء على ضرورة وجود ما يملأ فراغ حياتنا حال قرارنا الانفصال عن مواقع التواصل، مستعينة برأي كاتب في هذا المضمار، يقول إن "المنصات تلبي حاجة إنسانية عميقة، وإذا أزلناها ولم نُغير شيئاً آخر، فستبقى هذه الاحتياجات دون إشباع"، مضيفاً "علينا أن نعيد البناء من الصفر". ويرى هذا الكاتب الذي استعانت به أوليفيا أن العزلة التي نشعر بها في غياب العالم الافتراضي، "أساسية" لمنح أدمغتنا استراحة من معالجة المعلومات، ولفهم أنفسنا وما نواجهه في العالم. أما الكاتبة ذاتها، فقد توصلت أخيراً إلى أن ترك وسائل التواصل الاجتماعي يعني تقبّل الملل وعدم الراحة، وأن ذاتك الحقيقية ليست تلك الموجودة على الإنترنت. تشات جي بي تي .. آخر الرومانسيين العظماء ونختتم جولتنا بصحيفة الفاينانشال تايمز، ومقال لجو إليسون، تتحدث فيه عن استخدام "تشات جي بي تي" في كتابة رسائل الانفصال بين الأحباء والأزواج. وأشارت الكاتبة إلى صديقة لها كانت شاهدة على رسالة يكتبها شخص يجلس بجوارها في مترو الأنفاق، باستخدام روبوت الدردشة، الذي اقترح عليه أن يكتب لحبيبته السابقة بالنص "لقد تعلمت الكثير منك" بدلاً من أن يعبر عن أن وقتهما معاً كان مضيعة للوقت كما هو معتاد في حالات كهذه. وكانت دهشة صديقة الكاتبة لكون الجالس إلى جوارها كان يبحث مع "تشات جي بي تي" فكرة استخدام نبرة إنسانية "أكثر تعاطفاً"، وقد استجاب الروبوت لطلبه وصقل رسالة نصية ليتمكن من إرسالها إلى حبيبته التي ينفصل عنها. ويشير المقال إلى أن عدد مستخدمي تشات جي بي تي بحسب الشركة المصنعة يصل إلى 400 مليون مستخدم أسبوعياً، 45 في المئة منهم دون سن الـ 25 عاماً. وعلى الرغم من تعدد استخدام الروبوت في أمور أخرى كتلخيص أطروحة علمية أو تنظيم اجتماعات أو إخراج نصوص أفلام، إلا أن انبهار الكاتبة ينبع من استخدامه في الأمور العاطفية. ففي عصر الهاتف المحمول، تحولت رسائل الانفصال التي كانت تحمل الكثير من الشجن والعواطف، إلى رسائل مقتضبة. لكن، مع تشات جي بي تي، ربما ندخل الآن حقبة جديدة من رسائل الانفصال بأسلوب أدبي. وتقول أوليفيا إن هذه التقنية ربما جاءت "لإنقاذنا، ولإعادة تثقيفنا وإصلاح قلوبنا المتحجرة". فعلى الرغم من أن تلك التقنية ليست مساوية للإبداع البشري الذي يفكر نقدياً ويقدم تفسيرات منطقية، إلا أن معدل الذكاء العاطفي لديها أعلى من "شخص أحمق في مترو الأنفاق يحاول التخلص من شعوره بالذنب".


شفق نيوز
منذ يوم واحد
- شفق نيوز
ترامب يرحب بـ"الرد الإيجابي" لحماس وإسرائيل تجتمع بشأنه
شفق نيوز – الشرق الأوسط علق الرئيس الأميركي دونالد ترامب، على رد حركة حماس بشأن مقترح وقف إطلاق النار في غزة، قائلاً "حسناً، هذا جيد"، مشيراً إلى أنه لم يتلقَّ إفادة رسمية حوله حتى الآن، لكنه أبدى تفاؤله قائلاً "قد يكون هناك اتفاق خلال أيام". وفي تصريحات له، قال ترامب إن "من الجيد أن حماس قالت إنها ردت بروح إيجابية على المقترح"، معرباً عن أمله في التوصل لاتفاق هذا الأسبوع، رغم عدم اطلاعه على الوضع الحالي للمفاوضات، مضيفاً: "يتعين علينا فعل شيء ما بخصوص غزة، ونحن نرسل الكثير من المال والكثير من المساعدات". وأكد ترامب نيته مناقشة ملف إيران مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عند زيارته المرتقبة للبيت الأبيض يوم الاثنين المقبل. وفي سياق متصل، يجتمع مجلس الوزراء الإسرائيلي مساء اليوم السبت لمناقشة المفاوضات المتعلقة بصفقة غزة، وذلك بعد رد حماس على المقترح الأخير لوقف إطلاق النار، وفق ما نقلته هيئة البث الإسرائيلية عن "مصادر مطلعة". وأفادت الهيئة بأن حماس اقترحت "تعديلات" على الصفقة، وأوضحت أن "هذه التعديلات ستشكل تحدياً لصانعي القرار الإسرائيلي". وبينما لم يصدر تعليق رسمي من الحكومة الإسرائيلية حتى الآن، كشفت مصادر إسرائيلية، مساء أمس الجمعة، أن تل أبيب تسلمت رد الحركة وتدرس تفاصيله، فيما ذكرت القناة 13 أن إسرائيل ستُجري تقييماً دقيقاً لمطالب حماس وتبلور موقفها، مع ترجيحات بإرسال وفد إلى الوسطاء بعد ذلك. وكانت حماس قد أعلنت، مساء أمس الجمعة، أنها أكملت مشاوراتها الداخلية ومع الفصائل الفلسطينية بشأن مقترح الوسطاء الأخير لوقف إطلاق النار، وسلمت ردها "الإيجابي" للوسطاء، مؤكدة جاهزيتها للدخول الفوري في مفاوضات حول آلية تنفيذ الاتفاق. وقال مسؤول فلسطيني مطلع إن "رد حماس إيجابي وسيساعد في التوصل لاتفاق"، دون كشف تفاصيل إضافية. وفي وقت سابق، نشرت هيئة البث الإسرائيلية النص الكامل للمقترح المصري القطري الذي يتضمن هدنة مدتها 60 يوماً، بضمان من الرئيس ترمب لالتزام إسرائيل بها. ويتضمن المقترح الإفراج عن رهائن وفق جدول زمني يمتد من اليوم الأول وحتى اليوم الستين، بالإضافة إلى إدخال مساعدات إنسانية مكثفة إلى غزة بالتنسيق مع الأمم المتحدة والهلال الأحمر، ووفق اتفاق 19 يناير 2025.