
حنان البلخي

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الجزيرة
منذ 13 ساعات
- الجزيرة
حنان البلخي
فكيف يمكن لمن يتجاهل الحقائق أن يكون شاهدًا على الحق؟ هذا الإنكار العلني ليس فقط طعنة في جراح الضحايا، بل هو محاولة لتحويل المجرم إلى ضحية، وإعادة إنتاج الدعاية التي لطالما استخدمها النظام.


الجزيرة
منذ 4 أيام
- الجزيرة
لماذا نستمتع بمشاهدة برامج الجرائم الواقعية؟
ما بين البودكاست والمسلسلات التلفزيونية وسلاسل الأفلام والبرامج الواقعية، اكتسبت أعمال الجريمة الواقعية شعبية متزايدة خلال العقود الأخيرة، وبحسب خبراء علم النفس والصحة العقلية، فإن استهلاك هذا النوع من المحتوى بصورة مستمرة قد يُعد من المؤشرات المقلقة التي تنذر بأنك تعاني من مشكلات نفسية عميقة. لماذا نحب أعمال الجريمة الواقعية؟ تُعد أعمال الجرائم الواقعية من أكثر الأعمال مشاهدة واستهلاكا حول العالم، وقد يكون هوسنا بهذا المحتوى مرتبطا بعدة عوامل، منها مثلا أنها تُثير حاجتنا الفطرية لفهم العالم، خاصة فيما يتعلق بفهم التهديدات المحتملة في بيئاتنا. كما أنها تمنحنا الفرصة لمعالجة مخاوفنا في بيئة آمنة. وفي النهاية، نحن نريد أن نرى الأشرار يُقدَّمون للعدالة، لذا نهتم بالنتيجة ومشاهدة هذا النوع من الأعمال دون مقاطعة. وتشير الطبيبة النفسية الأميركية جين كيم إلى أن الناس قد يتابعون محتوى الجرائم الواقعية لأنه يُذكرهم بحظوظهم الجيدة وحياتهم الآمنة مقارنة بالضحايا، الأمر الذي يساعدهم على الشعور بالوعي الكافي لتجنب مواقف الجرائم المماثلة، ويُذكرهم بأخلاقهم وقِيَمهم الذاتية، ويجعلهم يشعرون بالتعاطف مع الضحايا، بل ويجعلهم يستمتعون بالفضول والرغبة في حل اللغز. وبحسب الإحصائيات، فإن النساء يملن إلى الاهتمام بمحتوى الجرائم الحقيقية أكثر من الرجال. وتُظهر الأبحاث أن الجرائم التي تحظى بأكبر قدر من الاهتمام هي تلك التي تتضمن قاتلا ذكرا لضحايا إناث، وأن النساء ينجذبن أكثر إلى الحالات التي تكون فيها الضحية مشابهة لهن. الاستنتاج في علم النفس للهوس بمتابعة قصة جريمة حقيقية قد يكون وسيلة للنساء للشعور ب الخوف والقلق المرتبط بهذا التهديد ولكن في بيئة آمنة. فهن عندما يقرأن أو يشاهدن هذه القصص، يشعرن بتدفق الأدرينالين ويتخيلن أنهن في الموقف ذاته. وعندما تختبر النساء هذا التفاعل الفسيولوجي وهن على يقين أنهن بأمان، تُتاح لهن فرصة معالجة تلك المخاوف العميقة لا شعوريا، ما يعزز من إحساسهن بالسيطرة. تأثيرات طويلة المدى على رؤيتنا للعالم من ناحية أخرى، تقول الدكتورة تشيفونا تشايلدز، الأخصائية النفسية الأميركية، إن نظرتنا للعالم يمكن أن تتغير بسهولة إذا كنا نتابع باستمرار قصص جرائم القتل المروعة. ويرجع ذلك إلى أن الإفراط في مشاهدة هذا المحتوى العنيف قد يؤدي إلى الشعور بالحذر المفرط تجاه الآخرين – وحتى الأشخاص الذين نعرفهم ونثق بهم منذ زمن طويل، ونبدأ في تغيير سلوكياتنا ومفاهيمنا وقناعاتنا عن العالم من حولنا. ومن خلال تتبع هذه القصص ومشاهدتها باستمرار، يمنحنا هذا التعرُّض المتواصل شعورًا مبالغًا فيه بمدى شيوع الجرائم العنيفة، واحتمالية الوقوع ضحية لها. وبالتالي، قد يصبح خوفنا غير متناسب مع المخاطر التي نتعرض لها. ويخلص خبراء الصحة النفسية والعقلية إلى أن التعرض المفرط لهذه القصص يمكن أن يسبب التوتر والقلق والكوابيس والارتياب، إذ يتلقى متخصصو حل الجرائم والمحققون تدريبات دورية في الصحة النفسية لتجنب هذه المشكلات، ومع ذلك يواجهونها في كثير من الأحيان بالرغم من خبراتهم. وتدريجيا، من الممكن ل مشاعر القلق المتزايدة تلك أن تؤدي إلى العزلة والاكتئاب، وهو أمر مضر بصحتنا النفسية بشكل عام وقد يؤثر بصورة طويلة المدى على جودة الحياة. مدخل للمعاناة من القلق والاكتئاب في دراسة بعنوان "العلاقة بين الخوف من الجريمة والصحة النفسية والأداء البدني"، وجد باحثون في المعهد الدولي للمجتمع والصحة بقسم علم الأوبئة والصحة العامة في كلية لندن الجامعية أن الخوف من الجريمة يرتبط بتدهور الصحة النفسية، وتراجع الأداء البدني، وتراجع جودة الحياة بشكل عام، وهو ما يمكن ربطه بشكل مباشر بالمتابعة الكثيفة لأعمال تجسيد الجرائم الواقعية. كما وجدت الدراسة أن الخوف من الجريمة قد يؤدي إلى تغيرات عاطفية وسلوكية، مثل تجنب الأنشطة الاجتماعية والأماكن الخارجية، وانعدام الثقة بالآخرين، والقلق، وجنون الارتياب وغيرها، وصولاً للاكتئاب الحاد. معايشة التجارب الصادمة لا تتوقف المؤشرات المقلقة لميل الكثيرين لاستهلاك أعمال الجرائم الواقعية عند هذا الحد، بل يمكنها أن تكون مؤشرا على صدمات نفسية وعقلية عميقة متجذرة في الماضي ولم يتم علاجها بعد. وحول ذلك، تقول الدكتورة إليزابيث جيجليتش، أستاذة في كلية جون جاي للعدالة الجنائية، عن سبب انجذاب الناجين من الصدمات النفسية إلى قصص الجرائم الحقيقية إلى الرغبة في فهم أنفسهم وشفائها. وأضافت "قد يستمتع الأشخاص الذين لديهم تاريخ من الصدمات النفسية" بالجرائم الحقيقية حتى يتمكنوا من "إعادة تجربة تلك المواقف المؤلمة في بيئة آمنة حيث تكون لديهم سيطرة أكبر وقدرة في الحصول على العدالة والنهاية المرجوّة". وبالرغم من كون هذه المحاولات بمثابة خطوات بسيطة للتعافي ، فإن متابعة الجرائم الواقعية لا يكفي لكي يتم المضي قدما بالحياة بشكل فعال، خاصة إذا كانت التجارب السابقة قاسية ومؤلمة وتتضمن الكثير من العنف أو المعاناة، إذ قد تسبب استحضارا قاسيا للذكريات والخبرات المؤلمة، وتدفع الأشخاص لمزيد من المعاناة. وختاما، ينصح خبراء الصحة النفسية والعقلية بالاعتدال في كل شيء، والانتباه للمؤشرات التي تدل على أنك بحاجة للاستراحة والانقطاع عن متابعة أعمال العنف والجرائم ، مثل المعاناة من الخوف والقلق المتزايد، أو عدم الإحساس بالأمان وتخيل سيناريوهات التعرض لحوادث مماثلة، حينها قد يكون من الأنسب اختيار أحد الأعمال الكوميدية في أمسيتك الترفيهية المقبلة.


الجزيرة
منذ 4 أيام
- الجزيرة
الحرب وأخلاقيات العفو والعدالة!
يظل سؤال العدالة والتعافي المجتمعي من أكبر التحديات في خاطرة الأمم التي ابتُليت بالحروب والعنف، وبدأت تتلمس طريقها نحو طي صفحة الماضي. وهذا طريق مليء بالدموع والألم بقدر ما فيه من الأمل، ويرى كثيرون أنه لا بد أن يمر بتضحية مجتمعية تضع حداً لجرحٍ غائر ما له من سبيل للتعافي بدونها. وهذه في أغلب الأحيان عملية شائكة وشاقة، ومن الصعب إخضاعها لمعايير الخطأ والصواب؛ لاختلاف الناس حول هذه المعايير ابتداءً، وللقدر العالي من الشحن العاطفي ذي الطبيعة المركبة الذي يحيط بها، سواء من الضحايا وذويهم من جهة، ومن مرتكبي الجرائم من جهة أخرى. لذا، فإن من المألوف عودة هذه القضايا إلى السطح بعد مضي عشرات السنين على ما اعتُبر في حينه نقطة وسطية، تحقق مبدأ عدم الإفلات من العقاب، وتأخذ للضحية حقه (أو جزء منه)، وتتيح في نفس الوقت إعادة بناء اللحمة الوطنية والمجتمعية. ولا شك أن العفو قيمة إنسانية لها جوانبها الإيجابية في كثير من الأحوال، فهو يتيح التعلم من الأخطاء بصورة بنّاءة، والمضي إلى الأمام من خلال تحقيق السلم بين مكونات المجتمع، ولكن يبرز السؤال عما إن كان العفو عن الجرائم الخطيرة المتعلقة بالمظالم الفردية أو المجتمعية لا مكان له مقابل الفظاعات المرتكبة، وربما يمثل فعلاً غير أخلاقي في حد ذاته؛ لما يرتبط به من قفز فوق القيم التي تحقق التوازن والتمدن المجتمعي، وهي قيم تقوم في الأساس على ربط وثيق بين ارتكاب الجرم والفظائع، وبين ما يترتب على ذلك من الشعور باللوم والعار، والرهبة من تحقيق العدالة، والخوف من رغبة الضحية أو المجتمع في الانتقام. الضحايا والجناة بين مفهوم متحرك للعدالة يمثل اختلاف مفهوم العدالة عند الأطراف ذات الصلة (الضحايا، مرتكبي الجرائم، ناشطي المجتمع المدني والسلطتين السياسية والقانونية) أحد التعقيدات الملحوظة في ملفات المجتمعات التي خرجت لتوها من أتون النزاعات والحروب؛ ما يحتم وجود حوار بنّاء بين هذه الأطراف، والاتفاق على التعريفات المطلوبة، قبل انطلاق أي فعل يدخل في نطاق تحقيق العدالة والمصالحة. هذا المفهوم للعدالة لا يعني بالضرورة العفو أو العقاب والقصاص وفق ما تفصله القوانين، ولكن قد يكون مزيجاً بين العقاب المناسب وإعادة التأهيل. وبغض النظر عن تعريف العدالة في هذه الظروف الخاصة، يتفق كثيرون أن السلام لا بد أن يمر من بوابة تحقيقها، وإيجاد تعريفات لها تتكيف مع الحالة المعينة، وتتفاعل إيجابياً مع الجذور التاريخية التي أدت إلى اندلاع العنف. وهذا جهد معرفي وفكري مطلوب، يتيح للجميع الخروج من سجن كبير بلا جدران، تمثل فيه الكراهية والغضب وحب الانتقام أرضيات تبدو بلا حدود، ولا سبيل للخروج منها سوى الاستعداد لتنفس مشاعر مختلفة، تمثل مزيجاً من الاعتراف بالظلم وتقبل العقاب والتأهيل من جانب، والاستعداد لإعلاء فضيلة العفو والعفو المشروط من الجانب الآخر. الحوار الصعب وضرورته في تحقيق السلم تحتم ضروريات تحقيق السلم عدم النظر إلى تحقيق العدالة والعفو على أنهما طرفان في معادلة صفرية، بل مفهومان متكاملان؛ وربما يتفق كثيرون على أنهما يتطلبان حواراً مكشوفاً بين الضحايا ومن ساهم في إيقاع الأذى بهم. عند كثيرين، خاصة من مروا بتجارب مشابهة، تتيح هذه الحوارات رؤية الجوانب الخفيَّة لكل طرف، أي رؤية المعاناة والألم من جانب، ورؤية ذلك الجانب المظلم الذي طغى على الخير الإنساني من الجانب الآخر، وهذا بدوره يتيح الإتيان بمعالجات ناجحة، تكون من أصل المشكلة وليست استنساخاً شائهاً من نزاعات أخرى لا تحمل نفس الخلفيات والمآلات. ومن الأهمية بمكان تعريف هذا الفعل بالعبارات المطلوبة، فهو قطعاً ليس بعملية تنطلق فيها نبرات التشفي غير المحدود، أو غسولاً من الجرائم بلا ثمن، أو عفواً من جانب الضحايا (وإن كانت قلة منهم قد تختار ذلك)! ولكن ربما يُفضَّل النظر إليه كمحاولة وجهد دؤوبين لتجنب الوقوع في مصيدة التشفّي والانتقام، والعمل على إيجاد الأرضيات المشتركة (كالوطن الواحد) واللغة الحوارية المناسبة، التي تمكن من إنجاز نوع من العدالة التصالحية والعقاب المناسب مع الجرم. وفي الوقت نفسه، يستشرق هذا الجهد مستقبلاً مختلفاً، يطوي صفحة الكراهية والإقصاء وتسفيه الآخر والتعالي عليه. وهذه جراحة مجتمعية تتجاوز الأفراد المعنيين إلى كونها طريقاً يتقطر دمعاً وألماً، ولا يتأتّي بدون مكاشفة مجتمعية بإشراف مؤسسات السلطة والمجتمع المدني، سواء في سبيل لحمة وطنية ومجتمعية تتيح المضي إلى الأمام، وتعطي إضاءة للمجتمع وقيادته عن الأسباب التي تقود بعض المجموعات والأفراد لارتكاب أنواعٍ غير مسبوقة من العنف، لا يمكن تفسيرها دون الاستماع لمرتكبيها، ما يشكل ضمانة لديمومة أي مقاربات للحلول. نقطة التوازن بين شأن الفرد والمجتمع والدولة بما أنه ليس بالضرورة أن تكون العدالة والعفو قيمتين تلغي إحداهما الأخرى، بل إن الاثنتين معاً ضروريتان لتحقيق السلم، لذا يبدو من غير المعقول تقبل فكرة العفو المطلق والمضي إلى الأمام بدون الاعتراف بالمظالم، واستعداد مرتكبيها لصِيَغ متفق عليها من العقاب. وأيضاً يبدو من المناسب اعتبار العفو فضيلة فردية قد تناسب البعض باعتبارها مخرجاً أخلاقياً يأخذ في الاعتبار الحالة النفسية للضحية، ويعلي من أهمية عدم الارتهان سايكولوجياً لقيم الكراهية وحب الانتقام. وفي المقابل، فإن تحقيق العدالة هو من شأن الدولة والمجتمع. جانب آخر من تشابكات العفو وتحقيق العدالة يتمحور حول المؤسسات المنوط بها منع حدوث الجرائم، وهي دائماً مؤسسات ذات طبيعة أمنية وعسكرية وقانونية، من صميم مهامها منع حدوث الجرائم وحماية المجتمعات. من المفيد أن تقوم هذه المؤسسات بالمراجعات اللازمة التي تتيح المحاسبة الداخلية وتحديد المسؤوليات، الفردي منها والمؤسسي. هناك نزاعات كثيرة تركت أثراً غائراً على مجتمعات بكاملها، وفي بعضها امتد ذلك الأثر لأكثر من جيل. هذه المجتمعات دائماً تجد صعوبة في تقبل أي مقاربات وسطية في سبيل المضي قدماً إلى الأمام وعدم النظر إلى الماضي وذكرياته الأليمة. تحتج هذه المجتمعات دائماً بأن المقاربات الوسطية لا تحقق السلم والتعافي، ودائماً ما تترك أثراً في غاية السلبية، خاصة إذا كانت مجتمعات الضحايا ومرتكبي الجرائم ما زالت تعيش بعضها إلى جانب بعض. وهو ما يتطلب تدخلاً على مستوى السلطة؛ لإيجاد مقاربات تتيح إعادة هندسة هذه المجتمعات حتى لا تعيد الأزمة إنتاج نفسها، لا في الأجل القريب ولا في الأجل البعيد. بالرغم من الفظاعات المرتكبة خلال هذه النزاعات، وجدت مجتمعات عديدة طريقها نحو السلم المجتمعي، والانطلاق لما فيه مصلحة الجميع في عملية بناء هرمي، تتحسس الخير الإنساني كقاسم مشترك عند الجميع، وتهدف إلى إعادة بناء المجتمع ختاماً.. تتمظهر شعورياً ولاشعورياً حالة تمثل مزيجاً من الأحاسيس في مجتمعات ما بعد الحروب والعنف، وتتبدَّى كطيف من الحزن والأسى والآلام النفسية والغضب والبحث عن العدالة والرغبة في الانتقام، ولربما عجزت مخيلة البعض عن الإتيان بأحرف تصف ما وراء تعابير الأوجه المثقلة بالألم والأعين المثخنة بالجراح. وبالرغم من الفظاعات المرتكبة خلال هذه النزاعات، وجدت مجتمعات عديدة طريقها نحو السلم المجتمعي، والانطلاق لما فيه مصلحة الجميع في عملية بناء هرمي، تتحسس الخير الإنساني كقاسم مشترك عند الجميع، وتهدف إلى إعادة بناء المجتمع، وتقودها معاني تمثل وقودها الذاتي، كالاعتراف بالجرائم والاعتذار الشخصي والمؤسسي وتبني مبدأ العقاب من جانب، وتأخذ في ثناياها في الجانب الآخر الرغبة في العدالة والجنوح للعفو وإثبات بشرية الجاني، وربما التعامل معه كضحية يقف على الجانب الآخر من المعادلة.