
دور الإعلام في عصر الخوارزميّات
في هذا العالم، لم نعد مجرد متابعين أو متلقين للمعلومات؛ بل أصبحنا مجتمعات متصلة تجمعها أهداف مشتركة، ويمتلك كل منا القدرة على أن يكون مُحفزاً للتغيير، وصاحب تأثير حقيقي وسط أكثر من خمسة مليارات مستخدِم نشط على وسائل التواصل الاجتماعي، يمثلون نحو 64.7% من سكان العالم، ويتواصلون عبر أكثر من 400 منصة. كما ينضم مستخدمون جدد كل يوم إلى هذا الحوار العالمي المتنامي، فقد شهد العام الماضي فقط زيادة قدرها 241 مليون مستخدم، أي ما يقارب 660 ألف مستخدم جديد يومياً، وهو ما يؤكد أننا نعيش تحولاً جذرياً يعيد تشكيل علاقتنا بأنفسنا وتواصلنا مع الآخر، حيث أصبحت المجتمعات الرقمية واقعاً موازياً يزاحم الواقع الفعلي في تشكيل الهوية وتكوين العلاقات وصناعة القرار، ولم يعد الصوت الأعلى هو صوت الإعلام التقليدي، بل صوت الفرد الذي أتقن أدواته الرقمية، وأحسن استخدامها، لتُحدث القصص التي يرويها انتشاراً كبيراً وأثراً عميقاً.
ولطالما قدّم السرد القصصي على مر العصور روايات شكّلت هويتنا كأفراد ومجتمعات، أما اليوم، فقد تجاوز تأثير هذه القصص جدران المنازل وأفق المدن والحدود الجغرافية بين البلدان. فطالبٌ في بريطانيا يتحدث عن تجربته ليتردّد صداها في مصر وأستراليا. ومُشجّعٌ في هولندا يتابع لاعبه المفضل في البرازيل ويشعر باتصال معه أكثر من جيرانه في الحي نفسه. وشاب عاشق لـ«الأنمي» في الإمارات يُشارك خبراته مع مجموعة من الأصدقاء في طوكيو حيث يجمعهم الشغف نفسه؛ وبهذا تتحوّل المنصات الرقمية من أدوات تواصل إلى مساحات للانتماء والنقاش والمشاركة والبوح والتأثير، مُشكِّلةً بذلك مجتمعات رقمية قائمة على الأفكار والتوافق والاهتمامات المشتركة. هذه المنصات أصبحت اليوم ملتقيات عالمية تفتح آفاقاً للتواصل والولاء والإبداع، تتجاوز ما كان مألوفاً في الماضي.
وكفرد من أفراد المجتمع، وعضو في هذه المجتمعات الرقمية، ومُسهم في تشكيل المشهد الثقافي والإبداعي في دبي، أرى في هذه المساحات فرصاً واعدة يجب أن نتعامل معها بوعي وذكاء. لذا، فإننا نحتاج في هذا المرحلة إلى إعلام لا يكتفي بنقل الخبر، بل يقود صناعة المحتوى من جديد بعمق ثقافي وإنساني، ليتحوّل إلى حامل للهوية، وحارس للحقيقة، وإلى بوصلة موثوقة في عصر ازدحام المعلومات.
علينا أن نُسخّر وعينا الإنساني في قيادة هذا التحوّل، أن نقوده بإنسانية لنُبدع.. وبهذا نُحدِث الأثر والتأثير.
وسواء كنتَ صانع محتوى، أو صحافياً، أو إعلامياً، فإن عملك يسهم في نقل ثقافتنا وقيمنا العربية وإرثنا الأصيل للأجيال القادمة، لذا، فأنت لا تُمثّل نفسك فقط، بل جيلاً كاملاً من الشباب الطامح الباحث عن الإلهام والقدوة.. وتقع على عاتقك مسؤولية الارتقاء بالفكر، والإسهام في التغيير إلى الأفضل عبر محتواك الهادف والمسؤول.
مهمة العاملين في قطاع الإعلام ليست منافسة المؤثرين، بل تفسير الحقائق وترجمة المفاهيم، وإعادة بناء الثقة. لذا، دعونا نعمل معاً لتقديم محتوى إبداعي يواكب ثراء ثقافتنا وأصالتها، ويُعبّر بصدق عن طموحات شبابنا، ويمتاز بالشفافية والأصالة والانفتاح.
ولنتذكر دائماً أن الخوارزميات والذكاء الاصطناعي ما هي إلا أدوات صنعناها نحن، مفاتيحها بأيدينا، ونحن من يمنحها الحياة، ويضع لها الضوابط والمعايير، ويجب أن ننظر إليها على أنها فرص حقيقية لصناعة المستقبل. ومن الضروري أن نتعامل معها بوعي مسؤول، فنحن أصحاب العقول، ونحن المبتكرون، ونحن من يحدد الهدف ويوّجه المسار.
#محتواك_أثرك هي دعوة للتأمل والتفكير وتحمّل المسؤولية، ورسالة تذكير بأن كل ما ننشره أو نشاركه يمكن أن يُغيّر فكراً، أو يُحدِث أثراً، أو يُلهم شخصاً، أو يُسهم في بناء مستقبل أفضل، وبهذا نُشكّل مجتمعات رقمية تعكس جوهرنا الإنساني، وانتماءنا الوجداني وفكرنا الخلّاق.
وبينما نتطلع إلى الغد، فإننا نؤكد على قوة الكلمة وتأثيرها العميق، ما يدعونا لترك بصمة رقمية تعكس هويّتنا، وتُجسّد قيمنا، فلنكن صُناعاً للأمل، وأصواتاً مُلهمة، وقادة على قدر المسؤولية.
فلنبدأ من هنا، الآن
#محتواك_أثرك
سموّ الشيخة لطيفة بنت محمد بن راشد آل مكتوم
رئيسة هيئة الثقافة والفنون في دبي

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


سكاي نيوز عربية
منذ 3 ساعات
- سكاي نيوز عربية
مهرجان "الزمن الجميل" يكرّم رموز الفن
نسخة جديدة من مهرجان "الزمن الجميل"، الذي يهدف إلى تكريم كبار الأسماء الفنية التي تركت بصمتها في عالم الفن.


البيان
منذ 4 ساعات
- البيان
عادل إمام وشائعات وفاته
يحدث هذا على الرغم من النفي المتكرر من قبل أسرته، والتحذير الدائم من ترويج مثل هذه الأخبار. وقد سهلت منصات السوشيال ميديا وتقنيات الذكاء الاصطناعي، انتشار مثل هذه الشائعات وغيرها، وتداول الصور المفبركة بحق أهل الفن، ممن أدخلوا البهجة إلى حياتنا بأعمالهم الجميلة، وفي مقدمهم، بطبيعة الحال، فنان الكوميديا الأول في مصر والعالم العربي، عادل إمام، الذي بلغ في مايو المنصرم عامه الخامس والثمانين (من مواليد المنصورة في 17 مايو 1940). ثم راح يقترب من أدوار البطولة خلال عقد السبعينيات، كما في أفلام «البحث عن فضيحة»، و«البعض يذهب للمأذون مرتين»، و«إحنا بتوع الأوتوبيس»، و«رجب فوق صفيح ساخن». وفي عقد الثمانينيات عرف طريقه نحو البطولة المطلقة، من خلال أفلام مثل: «شعبان تحت الصفر»، و«الإنسان يعيش مرة واحدة»، و«المشبوه» و«المتسول»، و«الحريف»، و«حب في الزنزانة»، و«الغول»، و«حتى لا يطير الدخان»، و«الأفوكاتو»، و«الهلفوت»، و«سلام يا صاحبي»، و«النمر والأنثى»، أما في عقد التسعينيات وما بعده، فقد رسخ الرجل موقعه في خانة النجوم الكبار من ذوي الجماهيرية الطاغية، وذلك بتقديم أفلام مثل: «شمس الزناتي»، و«اللعب مع الكبار»، و«مسجل خطر»، و«الإرهاب والكباب»، «المنسي»، و«بخيت وعديلة»، و«طيور الظلام»، و«النوم في العسل»، و«الواد محروس بتاع الوزير»، و«عريس من جهة أمنية»، و«عمارة يعقوبيان»، و«مرجان أحمد مرجان»، و«زهايمر»، و«السفارة في العمارة»، وغيرها.. هو في كل الأحوال ينتمي بدرجات إلى مدرسة ستانسلافسكي (أسطورة المسرح الروسي)، التي بدأت في المسرح، ووصلت إلى السينما العالمية. لا تشعر أبداً أنه يقوم بدور أمامك، بل هو والدور واحد، ولا يمنع هذا أن يضع بصمته الكوميدية وسط الدراما، بنظرة ساخرة من عينه وسط الجد، أو تنويع في لفظ الكلمات وغير ذلك». ويختتم بقوله: «الاحتفال بعادل إمام، هو احتفال بالسينما المصرية والفن المصري.. هو إقامة متحف من الجمال والآمال من جديد. كل سنة وفناننا الكبير بخير».


صحيفة الخليج
منذ 8 ساعات
- صحيفة الخليج
مهرجان الأراجوز المصري يهدي دورته الرابعة لأطفال غزة
القاهرة: «الخليج» يواصل مهرجان الأراجوز المصري فعاليات دورته الرابعة بسلسلة من العروض في عدد من البيوت الأثرية في مصر، وسط إقبال كبير يؤشر لاستعادة مكانة فن الأراجوز، وتقديمه كأداة فعالة للتعليم والتثقيف والمتعة. وأهدى القائمون على المهرجان دورته الرابعة إلى أطفال غزة، الذين يواجهون بأجسادهم النحيلة جيشاً مدججاً بالسلاح، داعياً ضمير العالم إلى وقف تلك الإبادة. وافتتح المهرجان، الثلاثاء، وسط حضور كبير من المهتمين بالتراث والفنون الشعبية، وعدد من الأكاديميين والفنانين، بعرض تمثيلي غنائي احتفي بروح فن الأراجوز ومكانته في الوجدان الشعبي، إلى جانب عدد من الندوات الفكرية، شارك فيها نخبة من الباحثين والخبراء، ناقشت سبل تحويل التراث الشعبي من موروث ثقافي هامشي إلى مورد اقتصادي فاعل يساهم في التنمية المستدامة. ودعا خبراء ومتخصصون خلال الندوات إلى ضرورة الاهتمام بالفنون الشعبية، وعلى رأسها فن الأراجوز، وعودتها إلى المجال العام بوصفها أدوات تواصل جماهيري، لا تزال قادرة على التأثير في الكبار والصغار على حد سواء، مشيرين إلى عدد من التجارب الدولية في هذا المجال، ومن بينها الآسيوية في توظيف التراث، خصوصاً في دول جنوب شرق آسيا، التي استطاعت تحويل عناصرها الثقافية إلى علامات تجارية وسلع قابلة للتصدير، ودمج تراثها في منظومة التنمية من خلال التوثيق والترويج والتعليم الجامعي.