
سلام وضع حجر الأساس لمجمع البقاع الإسلامي: لا استقرار من دون انسحاب إسرائيل الكامل وحصر السلاح بيد الدولة وحدها
وألقى النائب حسن مراد كلمة أكد فيها أن 'المشروع ليس مجرد صرح ديني بل منصة للعلم والتربية والاعتدال، ويجسد الشراكة الوطنية ويعزز الهوية والانتماء'، مستذكراً 'حلم المفتي الراحل الدكتور خليل الميس في بناء هذا الصرح الذي يكرّس قيم الإسلام الحق ويدعو إلى العيش المشترك'. وأشار إلى أن 'لبنان يواجه أزمات اقتصادية وأمنية وحصارًا خارجيًا متصاعدًا'، وأثنى على 'صمود أهل البقاع الذين يواصلون البناء والعمل رغم التحديات'.
وفي رسالة دعم واضحة للدولة، قال مراد: 'نضع يدنا بيدكم، دولة الرئيس، لدعم النهوض بالوطن وإعادة الإعمار وخدمة المواطنين بصدق وإخلاص'.
ودعا إلى 'التعالي عن الخلافات السياسية، والتمسك بوحدة لبنان وعروبته الأصيلة'، مؤكدًا 'ضرورة الالتزام الكامل باتفاق الطائف ومقررات القمم العربية الأخيرة لتحقيق الاستقرار والخلاص الوطني'، ومشدّدًا على 'أهمية دولة المؤسسات، والقضاء المستقل، والشفافية والحوكمة الرشيدة لتحقيق التنمية والسلام'.
وأهدى المشروع إلى روح شقيقه حسين عبد الرحيم مراد، معربًا عن عزيمته لمتابعة تنفيذ مشاريع تنموية في كافة المناطق اللبنانية.
وختم: 'هذا المركز بداية لمسيرة وطنية تمتد من البقاع إلى كل لبنان، لتعزيز الأمل والعمل المشترك'.
دريان
وفي المناسبة، قال مفتي الجمهورية: 'إنه يوم جامع ومبارك أن نلتقي في رحاب البقاع الأشم'.
وتوجه دريان للوزير السابق عبد الرحيم مراد قائلًا: 'واكبناك في مسيرتك البناءة والطويلة واليوم نشهد إنجاز مبادرة كبيرة، شكرا باسم أهل البقاع واللبنانيين جميعا لكل ما أنجزته وجزاك الله كل خير يا أبا حسين'.
وأكد أن 'مساجدنا منارة للهداية والعلم'، آملا أن 'نبعد السياسة عن العبادة وهكذا تكون العبادة خالصة لله تعالى'. وقال: 'عندما حضر الأستاذ حسن مراد ودعاني لحضور الاحتفال لم أناقشه بأي أمر لأن البقاع عزيز على قلبي، البقاع غني بأهله وقاماته وشخصياته'.
أضاف: 'أعتقد بأن الأستاذ عبد الرحيم مراد والنائب حسن مراد سيسلمانه إلى دائرة أوقاف البقاع عندما ينتهي بناؤه، وهذه رغبة النائب حسن مراد منذ البداية. آمل أن يتم الإسراع بهذا المشروع الرائد ليكون منارة من منارات أهل السنة في البقاع'.
وعن زيارته إلى دمشق، قال: 'ذهبنا لأنها بوابة العبور إلى عمقنا العربي. نريد أطيب العلاقات مع سوريا وهذه العلاقات تبنى بين دولة ودولة'.
وكشف أن 'وزير خارجية سوريا سيزور رئيس الحكومة نواف سلام قريبا لبحث العلاقات بين البلدين'.
وفي الختام، شدد على أن 'لبنان عربي الهوية والانتماء ولا خلاص لنا كلبنانيين إلا بوحدتنا الوطنية، وبوحدتنا ننتصر على العدو الصهيوني'.
سلام
وكانت كلمة لرئيس مجلس الوزراء قال فيها: 'يشرفني أن أكون بينكم اليوم في هذه المناسبة الطيبة التي تحمل بين طياتها معانٍ كثيرة، لا تتوقف عند أهمية ودلالات المشاركة مع سماحة مفتي الجمهورية، وبدعوة كريمة من الاخ النائب الأستاذ حسن مراد، في وضع حجر الأساس لمُجمّع البقاع الإسلامي. فالبقاع منطقة بقيت، رغم كل العواصف، نموذجاً يحتذى في العيش المشترك والتنوع المتكامل. والبقاع، بتاريخه السياسي وعمقه العربي، من أكثر المناطق اللبنانية التصاقاً بفكرة الدولة، وأشدّها تمسكاً بخيار السلم الأهلي. لم يشهد حروباً أهلية مدمّرة كما غيره، ولم ينزلق إلى الفوضى أو التقسيم، بل بقي مساحة للتفاعل الإيجابي بين جميع مكوّنات البلاد التي اختارت أن تكون شريكاً لا خصماً، وجاراً لا عدوّاً. ورغم الحضور الكبير لمختلف القوى السياسية والجماعات الطائفية، بقي التوازن فيه قائماً، والمشاركة متقدمة على المغالبة. لكن عليَّ، ومن موقع المسؤولية، ان أُقرّ ان البقاع عانى طويلا من الإهمال الرسمي والتقصير الإنمائي الذي طال كل القطاعات الحيوية، من البنى التحتية، إلى التعليم والصحة والزراعة، وهي عصب الحياة الاقتصادية والاجتماعية في هذه البقعة الغنية بمواردها، الفقيرة بخدماتها. فواقع البقاع المميّز، بدل أن يكون محفزاً للدولة لدعم المنطقة وتثبيت حضورها فيها، تحوّل ـ ويا للأسف ـ إلى حجة للتغاضي عنها، وكأنّ 'الهدوء' الذي نعم به صار عذراً للإهمال، لا دافعاً للتنمية'.
أضاف: 'فعلى مدى عقود، وخصوصاً بعد الحرب الأهلية، لم تنل المنطقة ما تستحقه من المشاريع، وظلت محرومة من فرص الإنماء المتوازن، ما خلق حالة من الإحباط لدى العديد من أهلها، خصوصاً الشباب، الذين وجدوا أنفسهم أمام خيارين أحلاهما مرّ: الهجرة أو البطالة. وانا أقول مع الأخوة نواب المنطقة أن البقاع لا يطلب الصدقة من أحد، بل يريد فقط أن يأخذ حقه الطبيعي من التنمية، على قاعدة تكافؤ الفرص، فهذه المنطقة تمتلك كل مقومات النجاح: أرض خصبة، موقع استراتيجي في وسط الوطن، كثافة سكانية منتجة، وموارد مائية وزراعية، فضلاً عن غنى تراثي وتنوع طبيعي يمكن أن يشكّل قاعدة للسياحة الثقافية والبيئية والدينية، بقدر ما يكون رافعة للاقتصاد الزراعي والصناعي، إذا ما أُحسن التخطيط، وأُبعدت المشاريع فيه عن دائرة المحاصصة الطائفية والسياسية'.
وتابع: 'صحيح أن الدولة ليست مجرد سلطة مركزية فقط، بقدر ما هي عقد اجتماعي بين المواطنين ومؤسساتهم. ولكن الأصح أيضاً أن لا دولة بلا سيادة. ومعنى السيادة ان تكون الدولة قادرة أن تفرض سلطتها على كامل أراضي الوطن بقواها الذاتية حصراً، كما نصّ عليه اتفاق الطائف. وكذلك تقتضي السيادة ان يكون قرار الحرب والسلم بيد الدولة وحدها. لقد أثبتت التجارب المريرة أن الدولة هي الملاذ الأول والأخير للبنانيين، لكل اللبنانيين، بكل ألوانهم الطائفية والسياسية والحزبية، وأن إتفاق الطائف الذي أنهى الحرب المدمرة، ووضع أسس دولة المؤسسات والقانون، يعتبر أمانة وطنية يجب إيصالها للأجيال الصاعدة حتى تنعم بدولة المواطنة القائمة على المساواة والكفاءة، بعيداً عن الحسابات المذهبية، ونفوذ الزبائنية السياسية. من هنا، يأتي وضع حجر الأساس لهذا المُجمّع الإسلامي كرسالة بالغة الدلالة، في توقيتها ومضمونها. فهو يشكل مساحة روحية ووطنية لأنه يحتضن فكر الاعتدال والانفتاح، وهو ما جعل أن اهل السنة في لبنان هم في طليعة المتمسكين بخيار الدولة، وانهم بقوا على ثباتهم الأصيل في التطلع إلى إقامة الدولة القوية والعادلة. وهذه الدولة لا يمكن ان تكون الا دولة المواطنة الجامعة والمؤسسات الفاعلة، أي الدولة التي ترتكز في بنيانها على الدستور، وعلى اتفاق الطائف الذي كرّس هوية لبنان وانتمائه العربيين، والذي علينا كي تستقيم حياتنا الوطنية ان نستكمل تطبيقه، وان نصحح ما طبق منه خلافاً لنصه او روحه، وان نعالج ما اظهرته الممارسة من ثغرات فيه، وان نسعى الى تطويره كلّما تبين لنا ان تغيّر أحوال الزمن يتطلب ذلك'.
وقال: 'تعمل حكومتنا اليوم، على تنفيذ خطوات واضحة لإعادة بناء الدولة، بتفعيل الإدارة، ومحاربة الفساد، والحد من الزبائنية من خلال وضع آلية جديدة للتعيينات الإدارية تقوم على الشفافية والتنافسية والكفاءة. كما عملت على تعزيز استقلال القضاء عبر مشروع القانون الذي أعدته لهذه الغاية، وذلك الى ما تم إنجازه في الملف المالي لجهة قانون رفع السرية المصرفية، ووضع مشروع قانون إعادة هيكلة المصارف الذي يناقش الان في مجلس النواب، وما نعمل عليه بخصوص قانون الفجوة المالية الذي ستجدون فيه أسس وطرق حماية أموال المودعين. غير ان هذه الورشة الإصلاحية، على اهميتها، لا تكفي وحدها لأطلاق عجلة الاقتصاد وجذب الاستثمارات الضرورية، اذ ان ذلك لن يتحقق من دون استقرار في البلاد. وربما سمعني البعض منكم اكرر ان لا استقرار في البلاد من دون انسحاب إسرائيل الكامل من لبنان ووقف اعمالها العدوانية، كما ان لا استقرار دون شعور كل المواطنين بالأمن والأمان أينما كانوا في ربوع الوطن مما يتطلب بدوره حصر السلاح بيد الدولة وحدها'.
أضاف: 'هذا صحيح طبعاً، ولذلك اكرره اليوم. ولكن هذا نصف الحقيقة فقط لان ثبات الاستقرار في البلاد انما يتطلب ايضاً شبكات امان اجتماعي حقيقية تحفظ كرامة المواطنين. وهذا ما اكدت عليه منذ يومين خلال زيارتي لعدد من مراكز وزارة الشؤون الاجتماعية في بيروت. واسمحوا لي ان اشدد اليوم ان لا استقرار ايضاً في البلاد دون انماء متوازن في على مساحة الوطن. ولا داعي ان أحاول شرح معنى ذلك اليوم، فأهل البقاع أدرى مني بذلك. وقبل أن أختم، سيّما انني في البقاع، فلا بد من وقفة حول العلاقات مع الشقيقة سوريا، ونحن هنا على مرمى حجر من دمشق الحبيبة، وصاحب السماحة كان أمس في العاصمة السورية، وقابل الرئيس أحمد الشرع، ونحن نبارك هذه المبادرة الطيبة'.
وختم: 'نحن نعتبر أن وجود الحكم الجديد في سوريا هو فرصة تاريخية للبلدين الشقيقين لإعادة بناء العلاقات الأخوية على أسس صحيحة وصحيّة، تراعي مصالح الشعبين، وتقوم على الإحترام المتبادل، وعدم التدخل بشؤون الآخر، إلى جانب العمل على تحديث الإتفاقيات المعقودة بين الدولتين، بما يوفر متطلبات المصالح المشتركة، والمتداخلة في مواقع كثيرة بين لبنان وسوريا. هذه كانت عناوين محادثاتي مع الرئيس أحمد الشرع الذي لمست منه كل تفهم للوضع اللبناني، وما يعانيه من حساسيات وعُقَد المرحلة السابقة، وهو أبدى كل استعداد للتعاون لما فيه خير الشعبين السوري واللبناني. وأخيراً، مبروك لنا جميعاً، وبالاخص لاهلنا في البقاع هذا الصرح الإسلامي الجديد، ومبارك كل من يعمل لرفع راية الوطن عالياً. ولاخي النائب حسن مراد اجدد الشكر على هذه الدعوة وعلى هذا المشروع الحضاري'.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


اليوم الثامن
منذ 11 ساعات
- اليوم الثامن
"الضربات كشفت زيف القوة".. المعارضة الإيرانية تقرأ التصعيد الإسرائيلي – الأمريكي ضد نظام طهران
كشفت مؤسسة اليوم الثامن للإعلام والدراسات عن موقف المعارضة الإيرانية حيال تطورات الحرب الإيرانية – الإسرائيلية، والضربات التي تلقاها النظام في طهران خلال الأشهر الأخيرة، وذلك في مقابلة خاصة أجرتها مع حسين داعي الإسلام، عضو المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية، وأحد أبرز الوجوه السياسية المناهضة لنظام ولاية الفقيه. وفي حديثه لـ(اليوم الثامن)، أكد داعي الإسلام أن النظام الإيراني يعيش مرحلة تاريخية حرجة، وصفها بأنها "لحظة السقوط" نتيجة تراكم الأزمات الداخلية والانكشاف الإقليمي المتسارع. وقال:"هذه ليست مجرد انتكاسة عسكرية أو سياسية، بل انهيار لمشروع استبدادي توتاليتاري حاول فرض نفسه على شعوب المنطقة لأكثر من أربعة عقود". وأشار إلى أن الفساد البنيوي والقمع الوحشي وتدهور الاقتصاد قد أفرزوا حالة سخط شعبي متنامية، ترجمتها الانتفاضات الكبرى في أعوام 2018 و2019 و2022، إضافة إلى النشاط الميداني المتصاعد لوحدات المقاومة التابعة للمجلس الوطني. وحول مستقبل النظام، شدّد داعي الإسلام على أن البديل الجاهز هو المقاومة الإيرانية، التي تملك رؤية متكاملة لما بعد السقوط، تقوم على إقامة جمهورية ديمقراطية تفصل بين الدين والدولة، وتحترم حقوق الإنسان، وتؤمن بالمساواة بين المرأة والرجل، وتضمن الحقوق القومية. وأوضح أن المقاومة، بقيادة السيدة مريم رجوي، أعدّت منذ سنوات خارطة طريق مفصلة، تتضمن إجراء انتخابات حرة وتشكيل مجلس تأسيسي خلال ستة أشهر من سقوط النظام. "لا نؤمن بالبدائل المفروضة من الخارج. تجربتنا نابعة من نضال طويل وتضحيات حقيقية على الأرض"، قال داعي الإسلام، في إشارة إلى آلاف الشهداء والمعتقلين الذين سقطوا في مواجهة نظام الشاه أولًا، ثم نظام الملالي. وفي سياق متصل، اعتبر داعي الإسلام أن الحرب الجارية بين إسرائيل والنظام الإيراني كشفت هشاشة دعاية النظام بشأن "محور المقاومة"، قائلاً: "خامنئي لم يعد يُنظر إليه كقائد أو مرشد، بل كمصدر للأزمات في الداخل والخارج، والنظام الآن يقاتل من أجل البقاء، لا من أجل القدس". واتهم النظام باستغلال المذهب الشيعي والإسلام لتبرير حملاته القمعية داخليًا وتدخله في شؤون دول الجوار، مشددًا على ضرورة نزع الغطاء الديني عن المشروع السلطوي القائم في طهران. وفي ختام المقابلة، وجّه داعي الإسلام رسالة إلى شعوب المنطقة، مؤكدًا أن إيران الحرة القادمة لن تتدخل في شؤون الآخرين، ولن تكون قاعدة لتصدير الفوضى أو الإرهاب، بل شريكًا للسلام والتنمية في الشرق الأوسط. وحسين داعي الإسلام، هو عضو المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية وسجين سياسي سابق في عهد الشاه، سلط الضوء على التحولات العميقة التي تشهدها إيران، ودور المقاومة في بلورة مستقبل ديمقراطي بديل. يتناول داعي الإسلام في حديثه أسباب تعمق أزمة النظام، وعلى رأسها الفساد البنيوي، والعنف السلطوي، والانهيار المتسارع لنفوذه الإقليمي، مشيرًا إلى أن وحدات الانتفاضة باتت تمثل عنصرًا حاسمًا في كسر قبضة النظام القمعية. كما يستعرض رؤية المقاومة لإيران الغد، المستندة إلى برنامج سياسي واضح يقوم على الفصل الكامل بين الدين والدولة، وتحقيق المساواة والعدالة الاجتماعية. وتكشف هذه المقابلة عن الجذور العميقة للأزمة الإيرانية، كما تستعرض ملامح التغيير القادم من الداخل، مؤكدة أن الشعب الإيراني، بدعم من مقاومته المنظمة، هو القوة المحورية في رسم مستقبل بلاده، بعيدًا عن استغلال الدين كغطاء للاستبداد أو كأداة للهيمنة في الداخل والخارج. 1.كيف تقيّمون الوضع الحالي للنظام الإيراني وما هي أبرز مؤشرات أزمة السقوط؟ قبل اندلاع الحرب الحالية، كان نظام الملالي في إيران يواجه أزمات اقتصادية واجتماعية خانقة وفسادًا هيكليًا متجذرًا، حتى أن الخبراء والمسؤولين داخل النظام أنفسهم أقرّوا بأنها أزمات فائقة أو "عملاقة"، تفوق قدرة النظام على الحل والمعالجة، محذّرين من اندلاع انتفاضات شعبية كبرى قد تهدد بقاء النظام. المعاناة الاقتصادية للمواطنين، إلى جانب القمع الوحشي وتنفيذ أحكام الإعدام، قد ولّدت حالة من السخط الشعبي العارم داخل إيران، حيث باتت مطالبات إسقاط النظام تعلو في كل مناسبة. وقد أثبتت الانتفاضات الشعبية في الأعوام 2018 و2019 و2022، بوضوح تام، أن الشعب الإيراني لم يعد يقبل بهذا الحكم الاستبدادي، وأنه عازم على إسقاطه. وخلال العام ونصف العام الماضي، تلقى النظام ضربات قاسية في المنطقة، أدت إلى انهيار جزء كبير من منظومته الدفاعية الإقليمية. كما أن الحرب الأخيرة وجهت له صدمات إضافية، دخل على إثرها نظام الملالي في مرحلة غير مسبوقة من التأزم والتفكك الداخلي. ويُتوقّع أن تشهد الفترة المقبلة تطورات كبيرة على صعيد مستقبل هذا النظام. من الجدير بالذكر أن الحرب الأخيرة كشفت – أكثر من أي وقت مضى – زيف دعاية النظام المستمرة على مدى 46 عامًا. فـ"علي خامنئي"، الذي كان يقدّم نفسه كخليفة لله على الأرض ويستغل الدين والمذهب لقمع الشعب الإيراني وقتل شعوب المنطقة، وجد نفسه الآن في قلب عاصفة من الصدمة والاضطراب. هذه ليست مجرد هزيمة عسكرية أو سياسية، بل انهيار لمشروع أسطوري توتاليتاري حاول أن يفرض نفسه على شعوب المنطقة. ولهذا السبب، أطلق النظام في الأيام الأخيرة موجة شرسة من الاعتقالات والتهديدات والتعذيب والإعدامات في محاولة يائسة لترميم أركانه المتصدعة. لكنه يصطدم اليوم بمجتمع إيراني أكثر وعيًا وتنظيمًا واستعدادًا من أي وقت مضى. فإذا كانت وتيرة المواجهة الاجتماعية مع النظام تسير ببطء قبل الحرب، فإنها اليوم تسير بخطى 2.ما هي خصائص البديل الحقيقي ولماذا لا يمكن للبدائل الافتراضية والهشة أن تكون بديلاً فعلياً؟ البديل الحقيقي ينطلق من نضال تاريخي ومنظم، ويتمتع بقيادة كفوءة، وتنظيم متماسك، وقاعدة اجتماعية عريضة، واستقلال سياسي ومالي، وبرنامج واضح للمستقبل، وسمعة دولية راسخة. وقد أثبتت تجارب العقود الماضية أن البدائل الافتراضية أو المصطنعة، أو ذلك البديل الذي يُفرض من قبل القوى الخارجية، لا تؤدي إلا إلى إضعاف الانتفاضات الشعبية وخدمة بقاء النظام، ولا يمكنها أن تلبّي تطلعات الشعب الإيراني الحقيقية. 3.ما هو دور وحدات الانتفاضة وشبكات المقاومة في التحولات الداخلية الإيرانية؟ تُعتَبر وحدات الانتفاضة المحرك الأساسي للحركة الاحتجاجية والمقاومة المنظمة في إيران، حيث تضطلع بدور محوري في كسر حاجز الخوف لدى المواطنين وتنظيم المظاهرات الشعبية وتوجيهها نحو هدف واضح يتمثل في إسقاط النظام. ويُشكل انخراط أعداد متزايدة من الشباب في هذه الوحدات مصدر قلق متصاعد للنظام، ما دفعه إلى تكثيف القمع وحملات الاعتقال، غير أنّ موجة الانضمام إلى صفوف المقاومة ما تزال في تصاعد مستمر، في مؤشر على تنامي الوعي الشعبي والإصرار على التغيير. وفي عام 2024 وحده، نفّذت وحدات المقاومة، التابعة لمنظمة مجاهدي خلق، ما مجموعه 3,077 عملية ميدانية استهدفت مقارّ وقواعد الحرس الثوري وسائر الأجهزة القمعية التابعة للنظام. إضافة إلى ذلك، شهدت المدن الإيرانية تنفيذ أكثر من 39,000 نشاط رمزي شجاع، شمل إحراق صور ورموز النظام، وتعليق صور وملصقات لقادة المقاومة على الجسور، وكتابة الشعارات والرسم الجداري في الأماكن العامة. تعكس هذه الأنشطة التصاعد الملحوظ في روح التحدي والجرأة لدى الشارع الإيراني، واتساع رقعة المقاومة المنظمة في مختلف أنحاء البلاد، الأمر الذي شكّل ضغطًا نفسيًا وأمنيًا كبيرًا على النظام. وتتميّز وحدات المقاومة بقدرتها الفريدة على التحرك من داخل النسيج الاجتماعي الإيراني، ما يمنحها قدرة كبيرة على إشعال شرارة الانتفاضات وتنظيمها وتوجيهها بشكل مدروس، مستندة في ذلك إلى شبكاتها المعلوماتية والاجتماعية والتنظيمية المنتشرة على نطاق واسع. كما تلعب هذه الوحدات دورًا حيويًا في حماية الحركات الاحتجاجية وتوجيهها بذكاء وديناميكية عالية، ما يجعلها عنصرًا حاسمًا في معادلة التغيير السياسي والاجتماعي داخل إيران، ويمنحها موقعًا متقدّمًا في قلب المشروع الوطني الرامي إلى تحقيق الحرية والديمقراطية والعدالة. 4.لماذا تعتبر مسألة البديل والقيادة حاسمة في الظروف الراهنة؟ في ظل اقتراب النظام من السقوط، تصبح مسألة وجود بديل ديمقراطي ووطني هي القضية الأساسية للمجتمع الإيراني. غياب هذا البديل يعرض أي انتفاضة لخطر الانحراف أو المصادرة أو العودة إلى الماضي. البديل الحقيقي، عبر تقديم استراتيجية وبرنامج عملي، قادر على قيادة الانتفاضة نحو النصر ومنع تكرار تجارب الماضي المؤلمة. 5.ما هو دور التجربة التاريخية للمقاومة الإيرانية في شرعية البديل؟ المقاومة الإيرانية، بسجلها الممتد لأكثر من ستة عقود من النضال المستمر ضد دكتاتوريتين، وتقديم عشرات الآلاف من الشهداء والسجناء السياسيين، أثبتت شرعيتها التاريخية. لم تكتفِ هذه المقاومة بالصمود أمام القمع والإعدام، بل قدمت أيضاً برنامجاً متكاملاً لمستقبل إيران وحازت على ثقة المجتمع وشرائحه المختلفة. 6.ما هو برنامج وخارطة طريق المعارضة لمرحلة الانتقال ومستقبل إيران؟ أعدّ المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية، منذ أكثر من أربعة عقود، برامج وخططًا شاملة ومفصّلة لرسم ملامح إيران حرّة في المستقبل. وقد قدّمت السيدة مريم رجوي، زعيمة المقاومة الإيرانية، خلاصة هذه الرؤية في خطتها ذات النقاط العشر التي أعلنتها عام 2006 أمام البرلمان الأوروبي. ترتكز هذه الخطة على مجموعة من المبادئ الأساسية، في مقدّمتها: إقامة جمهورية ديمقراطية تقوم على الفصل الكامل بين الدين والدولة، وتحقيق المساواة التامة بين المرأة والرجل، وضمان الحكم الذاتي للقوميات الإيرانية، وإلغاء عقوبة الإعدام، وترسيخ استقلال القضاء، والتأكيد على جعل إيران بلدًا غير نووي، يدافع باستمرار عن السلام والاستقرار في منطقة الشرق الأوسط. وبحسب هذا البرنامج، سيتم تشكيل "مجلس تأسيسي وتشريعي وطني" في موعد أقصاه ستة أشهر بعد إسقاط النظام القائم، وذلك من خلال انتخابات حرّة، مباشرة، متساوية وسرّية، يشارك فيها جميع أبناء الشعب الإيراني. ومع تشكيل هذا المجلس، تنتهي مهمة المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية والحكومة الانتقالية المنبثقة عنه، ليباشر المجلس التأسيسي مهامه في صياغة دستور الجمهورية الجديدة، بما يضمن مستقبلًا ديمقراطيًا حقيقيًا لإيران. 7.ما هو موقع المرأة والشباب في المقاومة ومستقبل إيران؟ تلعب النساء والشباب دوراً محورياً في بنية المقاومة وقيادتها. وجود آلاف النساء في مواقع القيادة والكادر يشكل مصدر إلهام للجيل الجديد وضمانة لمشاركة حقيقية لجميع شرائح المجتمع في مستقبل إيران. هذا الحضور يجسد تغييراً جذرياً في بنية السلطة والثقافة السياسية في البلاد. 8. كيف يمكن تجنب تكرار تجارب الماضي والعودة إلى الديكتاتورية؟ الضمانة الوحيدة لتجنب إعادة إنتاج الديكتاتورية هي وجود بديل ديمقراطي، شعبي ومستقل، متجذر في نضال وتضحيات الشعب. هذا البديل، من خلال برنامجه الشفاف وبنيته التشاركية وضمانه لحقوق الجميع، يمنع مصادرة الثورة من قبل الانتهازيين أو القوى الأجنبية. 9.ما هو دور الشعب والمقاومة المنظمة في تحقيق التغيير وإسقاط النظام؟ أظهرت تجارب الانتفاضات الأخيرة وتوسع وحدات الانتفاضة أن الشعب الإيراني، بالاعتماد على المقاومة المنظمة والشبكات الشعبية، قادر على دفع حركة السقوط قدماً. لا يمكن لأي قوة خارجية أو مشروع مصطنع أن يحل محل إرادة وتنظيم الشعب. مصير إيران سيحدده الشعب والمقاومة الفعلية. 10.ما هو أفق إيران بعد إسقاط النظام؟ مستقبل إيران هو مستقبل حر وديمقراطي، قائم على إرادة الشعب وحقوق الإنسان. مع سقوط النظام وإقامة الجمهورية الديمقراطية، ستتاح الفرصة لمشاركة الجميع، تحقيق العدالة الاجتماعية، التنمية المستدامة، إن استبدال نظام الملالي في إيران ببديل ديمقراطي يتمثّل في المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية، سيعيد السلام والاستقرار والصداقة إلى المنطقة، ويضع حدًا لما يقارب نصف قرن من الحروب والإرهاب الذي مارسه هذا النظام في دول الجوار. إن إيران الحرة والديمقراطية في المستقبل ستعيش بسلام ووئام مع شعوب المنطقة، ولن يكون النظام الجديد شرطيًّا للمنطقة كما كان نظام الشاه، ولن يتدخل في شؤون الدول الأخرى ولن يشعل الحروب كما يفعل نظام الملالي. إن تحقيق السلام والاستقرار والتقدّم في المنطقة لن يتحقّق إلا من خلال قيام بديل ديمقراطي حقيقي في إيران. 11. كيف يمكن مواجهة استغلال النظام الإيراني للإسلام والمذهب الشيعي؟ لطالما استخدم النظام الحاكم في إيران الدين الإسلامي والمذهب الشيعي كغطاء لتحقيق أطماعه التوسعية في المنطقة، ولإنشاء ميليشياته التابعة التي تعمل بالوكالة عنه في مختلف دول الجوار. والسؤال المطروح هنا هو: ما هو السبيل الصحيح لمواجهة هذا الاستغلال المنهجي للدين من قِبل هذا النظام؟ على مدى 46 عامًا، عمد كل من خميني وخامنئي والملالي الحاكمين في إيران إلى استغلال الإسلام والمذهب الشيعي، بل وحتى اسم فلسطين، بشكل ممنهج لتنفيذ أجنداتهم الخبيثة. فقد نصّبوا أنفسهم أوصياء لله على الأرض، ومنحوا أنفسهم الحق في ارتكاب أي جريمة باسم الدين. من أبشع هذه الجرائم، ما حدث عام 1988، حين أصدر خميني فتوى أودت بحياة ثلاثين ألف سجين سياسي، كان أكثر من 90% منهم من أعضاء وأنصار منظمة مجاهدي خلق، بينهم آلاف النساء والفتيات الشابات. كما أُعدِمت عشرات الآلاف من النساء، والفتيات، وحتى الأمهات الحوامل في سجون هذا النظام، وكل ذلك جرى تحت غطاء الإسلام. لم يقتصر إجرام الملالي على الداخل الإيراني، بل أشعلوا حربًا طائفية ومذهبية دموية في مختلف دول المنطقة، هدفها السيطرة والتوسع، وليس لها أي علاقة بالإسلام أو بالمذهب الشيعي. وتحت شعار "تحرير القدس عبر كربلاء"، نشروا الدمار والدماء في بلدان المنطقة، ولم يوفروا أحدًا من شرّهم. وخلال العام ونصف الماضيين، رأى العالم بأسره كيف يتاجر هذا النظام بدماء الأبرياء الفلسطينيين من أجل مصالحه الضيقة. لحسن الحظ، أدرك الشعب الإيراني، ومعه الرأي العام العالمي، زيف هذه الادعاءات. فقد هتف المتظاهرون الإيرانيون في شوارع البلاد قائلين: "الملالي استخدموا الإسلام سلّمًا لصعودهم، وجعلونا نحن بؤساء وفقراء". النقطة الجوهرية هنا: لمواجهة دجل هذا النظام، لا بد من الفصل الكامل بين الإسلام والملالي الحاكمين في إيران. لا يجوز تحميل الإسلام أو المذهب الشيعي مسؤولية الجرائم التي ارتكبها هذا النظام. النظام الإيراني يسعد عندما يُعرَّف كنظام "إسلامي" أو "شيعي"، لأنه يروّج لنفسه كمدافع عن الإسلام والمذهب الشيعي، ويصف معارضيه بأنهم أعداء لهما. لذلك، لا بد من نزع هذا الغطاء عنه، وتبيان الحقيقة: هذا النظام لا علاقة له بالإسلام أو التشيّع، بل هو نظام معادٍ لهما، ويستخدمهما فقط كأدوات لتثبيت حكمه. وإذا ما حمّلنا المذهب الشيعي مسؤولية جرائم النظام، نكون قد وقعنا في فخ دعاية الملالي وساهمنا في تعزيز سرديتهم الزائفة. الشعب الإيراني، ومعظم أفراده من أتباع المذهب الشيعي، يعارض هذا النظام. ووفقًا لاعترافات كبار المسؤولين في النظام ذاته، فإن 96% من الإيرانيين يرفضون هذه السلطة. والواقع أن الملالي أعدموا من الشيعة الإيرانيين أكثر مما قتلوا من أتباع المذاهب الأخرى. السبب الذي يجعل النظام الإيراني يخشى مجاهدي خلق، هو أن هذه الحركة إسلامية، وتثبت أن الملالي بعيدون عن الإسلام الحقيقي. فقد قال خميني نفسه: "مجاهدو خلق أخطر من أي عدو آخر، لأنهم يقاتلوننا بسلاح الإسلام".


الرأي
منذ يوم واحد
- الرأي
مجالس عاشوراء... أمن وأمان
- اللواء العدواني لـ «الراي»: احترافية تطبيق الخطة الأمنية ساهمت بتأمين أجواء روحانية سادتها الطمأنينة والراحة - خطباء المجالس: على الشباب التحلّي بالعدل والطريق القويم للمحافظة على المجتمع سليماً متماسكاً - أصحاب الحسينيات: تجربة إقامة المجالس بالمدارس تميّزت بإجراءات أمنية محكمة - مصدر أمني: 4 آلاف من رجال الأمن والشرطة النسائية والحرس الوطني أمنوا 110 مواقع في المحافظات الست وسط إجراءات أمنية، أشاعت أجواء الأمن والأمان، أحيت المجالس الحسينية ذكرى واقعة الطف في أرض كربلاء في العاشر من محرم، التي ارتقى فيها شهيداً سيد شباب أهل الجنة الإمام الحسين بن علي رضي الله عنهما. وشهدت مقار المدارس التي خُصصت للمجالس الحسينية حضوراً كثيفاً، وسط تواجد أمني لرجال وزارة الداخلية والحرس الوطني وقوة الإطفاء، الذين بذلوا جهوداً مشهودة في مهمة تأمين الأيام العشرة الأولى من شهر محرم، وحماية المواقع باحترافية وتعامل حضاري مع الجميع. واسترجع خطباء المجالس الحسينية في ذكرى عاشوراء واقعة استشهاد سبط الرسول صلى الله عليه وآله وسلم، ويوم العاشر من محرم، مستلهمين من هذه الأحداث العبر والحكم التي وجهوهها لرواد المجالس، حيث تخلل السيرة العديد من الرسائل التوجيهية للشباب في نبذ الظلم وضرورة التحلي بالعدل في كافة تعاملاتهم مع الآخرين. وأكدوا أهمية الوحدة بين المسلمين في الوطن الواحد، حيث شدد الدين الإسلامي على أهمية وحدة المسلمين لصون أوطانهم وحذر من الفرقة والفتنة التي يبثها المغرضون لتفريق المسلمين وهدم أسس الأوطان. وأضافوا أن من الأهمية بمكان أن يوجه الشباب للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر واتباع الطريق القويم من خلال الحفاظ على شرائع الدين والبعد عما نهى عنه الإسلام للمحافظة على مجتمع سليم متماسك. مواكبة أمنية من جهته، قال وكيل وزارة الداخلية بالتكليف اللواء علي العدواني، في تصريح لـ«الراي» خلال تفقده بعض المواقع في الليلة الأخيرة، «تفقدنا منذ اليوم الأول المواقع التي تم تحديدها للمجالس الحسينية للتأكد من الالتزام بالخطة الأمنية التي تم وضعها مع الجهات المعنية، وقد رأينا التزاماً كاملاً لكافة الجهات المشاركة في تأمين الحسينيات، وهذا الذي كنا نهدف له في تأمين وحماية المواطنين والمقيمين لممارسة شعائرهم الدينية بأجواء روحانية تسودها الطمأنينة والراحة». وأضاف العدواني أن «تواجد العناصر الأمنية أمام المجالس الحسينية جاء بتعليمات من النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية الشيخ فهد اليوسف، بالعمل على تسخير كافة الإمكانيات لإنجاح الخطة التي وضعها مع أصحاب الحسينيات. وقد تم تطبيقها على أكمل وجه ولم تنجح لولا تكاتف الجميع وشعورهم بالمسؤولية الوطنية، وقد لمست ذلك من إشادات أصحاب الحسينيات والمواطنين بجهود وتعاون رجال الداخلية وقوة الإطفاء والحرس الوطني والطوارئ الطبية». تجربة ناجحة «الراي» واكبت الأجواء في اليوم العاشر، عند عدد من المجالس الحسينية، ورصدت الانتشار الأمني الكثيف، لضباط وأفراد وزارة الداخلية والشرطة النسائية، المكلفين بالحماية وتنظيم الحركة المرورية، من خلال الخطة التي وضعت مسبقاً مع أصحاب الحسينيات الذين أبدوا تعاوناً كبيراً مع رجال الأمن. وحرصت وزارة الداخلية على توزيع القوة الأمنية، من كافة منتسبي قطاعات الوزارة، على جميع المواقع التي تقام بها المجالس الحيسنية، والتي يبلغ عددها نحو 110 في البلاد وبمشاركة نحو 4 آلاف عسكري وعناصر من الشرطة النسائية. وأكد عدد من أصحاب الحسينيات أنه «بالرغم من التجربة الأولى لإقامة مجالس العزاء في المدارس، فقد تميز هذا العام، بالإجراءات الأمنية المحكمة والمحترفة، وتعاون رجال الأمن لتأمين وحماية المواطنين والمقيمين لممارسة شعائرهم الدينية بأريحية وأمان، حيث سارت الأمور على أفضل صورة، من دون وجود أو تسجيل أي خلل، وكان رجال الأمن والشرطة النسائية خير معين ومساندين لنا، وحريصين على تقديم ما في وسعهم لراحتنا، فلهم كل الشكر والتقدير وفي ميزان حسناتهم». الخطة الأمنية وكشفت مصادر أمنية لـ«الراي» أن «رجال الأمن لديهم جدول بكافة الحسينيات في المحافظات وأعدادها وأوقات عقد مجالسها، حيث تبدأ بعض المجالس الساعة الثامنة مساء وتنتهي في العاشرة ليلاً، ويتواجد رجال الأمن قبل الموعد بساعة لتأمين وتمشيط الموقع، ومن ثم يتم توزيع العناصر الأمنية حتى خروج جميع المواطنين والمقيمين، وتقديم كل ما هو مطلوب منهم بكفاءة أمنية عالية، وتذليل كافة العقبات وتقديم كل الدعم الأمني لحمايتهم». وأوضحت المصادر أن عدد مواقع المجالس الحسينية كان 110 مواقع في عموم المحافظات، فاستنفرت قطاعات كاملة في وزارة الداخلية، وتم حجز منتسبيها من عدة قطاعات طوال شهر محرم، حيث بلغ عددهم نحو 4 آلاف عسكري، لتأمين وحماية المواطنين والمقيمين.


المدى
منذ 2 أيام
- المدى
سلام وضع حجر الأساس لمجمع البقاع الإسلامي: لا استقرار من دون انسحاب إسرائيل الكامل وحصر السلاح بيد الدولة وحدها
رعى رئيس مجلس الوزراء نواف سلام احتفال وضع حجر الأساس للمركز الإسلامي في البقاع الأوسط، بحضور مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان ووزراء ونواب وسفراء وشخصيات وطنية ودينية. وألقى النائب حسن مراد كلمة أكد فيها أن 'المشروع ليس مجرد صرح ديني بل منصة للعلم والتربية والاعتدال، ويجسد الشراكة الوطنية ويعزز الهوية والانتماء'، مستذكراً 'حلم المفتي الراحل الدكتور خليل الميس في بناء هذا الصرح الذي يكرّس قيم الإسلام الحق ويدعو إلى العيش المشترك'. وأشار إلى أن 'لبنان يواجه أزمات اقتصادية وأمنية وحصارًا خارجيًا متصاعدًا'، وأثنى على 'صمود أهل البقاع الذين يواصلون البناء والعمل رغم التحديات'. وفي رسالة دعم واضحة للدولة، قال مراد: 'نضع يدنا بيدكم، دولة الرئيس، لدعم النهوض بالوطن وإعادة الإعمار وخدمة المواطنين بصدق وإخلاص'. ودعا إلى 'التعالي عن الخلافات السياسية، والتمسك بوحدة لبنان وعروبته الأصيلة'، مؤكدًا 'ضرورة الالتزام الكامل باتفاق الطائف ومقررات القمم العربية الأخيرة لتحقيق الاستقرار والخلاص الوطني'، ومشدّدًا على 'أهمية دولة المؤسسات، والقضاء المستقل، والشفافية والحوكمة الرشيدة لتحقيق التنمية والسلام'. وأهدى المشروع إلى روح شقيقه حسين عبد الرحيم مراد، معربًا عن عزيمته لمتابعة تنفيذ مشاريع تنموية في كافة المناطق اللبنانية. وختم: 'هذا المركز بداية لمسيرة وطنية تمتد من البقاع إلى كل لبنان، لتعزيز الأمل والعمل المشترك'. دريان وفي المناسبة، قال مفتي الجمهورية: 'إنه يوم جامع ومبارك أن نلتقي في رحاب البقاع الأشم'. وتوجه دريان للوزير السابق عبد الرحيم مراد قائلًا: 'واكبناك في مسيرتك البناءة والطويلة واليوم نشهد إنجاز مبادرة كبيرة، شكرا باسم أهل البقاع واللبنانيين جميعا لكل ما أنجزته وجزاك الله كل خير يا أبا حسين'. وأكد أن 'مساجدنا منارة للهداية والعلم'، آملا أن 'نبعد السياسة عن العبادة وهكذا تكون العبادة خالصة لله تعالى'. وقال: 'عندما حضر الأستاذ حسن مراد ودعاني لحضور الاحتفال لم أناقشه بأي أمر لأن البقاع عزيز على قلبي، البقاع غني بأهله وقاماته وشخصياته'. أضاف: 'أعتقد بأن الأستاذ عبد الرحيم مراد والنائب حسن مراد سيسلمانه إلى دائرة أوقاف البقاع عندما ينتهي بناؤه، وهذه رغبة النائب حسن مراد منذ البداية. آمل أن يتم الإسراع بهذا المشروع الرائد ليكون منارة من منارات أهل السنة في البقاع'. وعن زيارته إلى دمشق، قال: 'ذهبنا لأنها بوابة العبور إلى عمقنا العربي. نريد أطيب العلاقات مع سوريا وهذه العلاقات تبنى بين دولة ودولة'. وكشف أن 'وزير خارجية سوريا سيزور رئيس الحكومة نواف سلام قريبا لبحث العلاقات بين البلدين'. وفي الختام، شدد على أن 'لبنان عربي الهوية والانتماء ولا خلاص لنا كلبنانيين إلا بوحدتنا الوطنية، وبوحدتنا ننتصر على العدو الصهيوني'. سلام وكانت كلمة لرئيس مجلس الوزراء قال فيها: 'يشرفني أن أكون بينكم اليوم في هذه المناسبة الطيبة التي تحمل بين طياتها معانٍ كثيرة، لا تتوقف عند أهمية ودلالات المشاركة مع سماحة مفتي الجمهورية، وبدعوة كريمة من الاخ النائب الأستاذ حسن مراد، في وضع حجر الأساس لمُجمّع البقاع الإسلامي. فالبقاع منطقة بقيت، رغم كل العواصف، نموذجاً يحتذى في العيش المشترك والتنوع المتكامل. والبقاع، بتاريخه السياسي وعمقه العربي، من أكثر المناطق اللبنانية التصاقاً بفكرة الدولة، وأشدّها تمسكاً بخيار السلم الأهلي. لم يشهد حروباً أهلية مدمّرة كما غيره، ولم ينزلق إلى الفوضى أو التقسيم، بل بقي مساحة للتفاعل الإيجابي بين جميع مكوّنات البلاد التي اختارت أن تكون شريكاً لا خصماً، وجاراً لا عدوّاً. ورغم الحضور الكبير لمختلف القوى السياسية والجماعات الطائفية، بقي التوازن فيه قائماً، والمشاركة متقدمة على المغالبة. لكن عليَّ، ومن موقع المسؤولية، ان أُقرّ ان البقاع عانى طويلا من الإهمال الرسمي والتقصير الإنمائي الذي طال كل القطاعات الحيوية، من البنى التحتية، إلى التعليم والصحة والزراعة، وهي عصب الحياة الاقتصادية والاجتماعية في هذه البقعة الغنية بمواردها، الفقيرة بخدماتها. فواقع البقاع المميّز، بدل أن يكون محفزاً للدولة لدعم المنطقة وتثبيت حضورها فيها، تحوّل ـ ويا للأسف ـ إلى حجة للتغاضي عنها، وكأنّ 'الهدوء' الذي نعم به صار عذراً للإهمال، لا دافعاً للتنمية'. أضاف: 'فعلى مدى عقود، وخصوصاً بعد الحرب الأهلية، لم تنل المنطقة ما تستحقه من المشاريع، وظلت محرومة من فرص الإنماء المتوازن، ما خلق حالة من الإحباط لدى العديد من أهلها، خصوصاً الشباب، الذين وجدوا أنفسهم أمام خيارين أحلاهما مرّ: الهجرة أو البطالة. وانا أقول مع الأخوة نواب المنطقة أن البقاع لا يطلب الصدقة من أحد، بل يريد فقط أن يأخذ حقه الطبيعي من التنمية، على قاعدة تكافؤ الفرص، فهذه المنطقة تمتلك كل مقومات النجاح: أرض خصبة، موقع استراتيجي في وسط الوطن، كثافة سكانية منتجة، وموارد مائية وزراعية، فضلاً عن غنى تراثي وتنوع طبيعي يمكن أن يشكّل قاعدة للسياحة الثقافية والبيئية والدينية، بقدر ما يكون رافعة للاقتصاد الزراعي والصناعي، إذا ما أُحسن التخطيط، وأُبعدت المشاريع فيه عن دائرة المحاصصة الطائفية والسياسية'. وتابع: 'صحيح أن الدولة ليست مجرد سلطة مركزية فقط، بقدر ما هي عقد اجتماعي بين المواطنين ومؤسساتهم. ولكن الأصح أيضاً أن لا دولة بلا سيادة. ومعنى السيادة ان تكون الدولة قادرة أن تفرض سلطتها على كامل أراضي الوطن بقواها الذاتية حصراً، كما نصّ عليه اتفاق الطائف. وكذلك تقتضي السيادة ان يكون قرار الحرب والسلم بيد الدولة وحدها. لقد أثبتت التجارب المريرة أن الدولة هي الملاذ الأول والأخير للبنانيين، لكل اللبنانيين، بكل ألوانهم الطائفية والسياسية والحزبية، وأن إتفاق الطائف الذي أنهى الحرب المدمرة، ووضع أسس دولة المؤسسات والقانون، يعتبر أمانة وطنية يجب إيصالها للأجيال الصاعدة حتى تنعم بدولة المواطنة القائمة على المساواة والكفاءة، بعيداً عن الحسابات المذهبية، ونفوذ الزبائنية السياسية. من هنا، يأتي وضع حجر الأساس لهذا المُجمّع الإسلامي كرسالة بالغة الدلالة، في توقيتها ومضمونها. فهو يشكل مساحة روحية ووطنية لأنه يحتضن فكر الاعتدال والانفتاح، وهو ما جعل أن اهل السنة في لبنان هم في طليعة المتمسكين بخيار الدولة، وانهم بقوا على ثباتهم الأصيل في التطلع إلى إقامة الدولة القوية والعادلة. وهذه الدولة لا يمكن ان تكون الا دولة المواطنة الجامعة والمؤسسات الفاعلة، أي الدولة التي ترتكز في بنيانها على الدستور، وعلى اتفاق الطائف الذي كرّس هوية لبنان وانتمائه العربيين، والذي علينا كي تستقيم حياتنا الوطنية ان نستكمل تطبيقه، وان نصحح ما طبق منه خلافاً لنصه او روحه، وان نعالج ما اظهرته الممارسة من ثغرات فيه، وان نسعى الى تطويره كلّما تبين لنا ان تغيّر أحوال الزمن يتطلب ذلك'. وقال: 'تعمل حكومتنا اليوم، على تنفيذ خطوات واضحة لإعادة بناء الدولة، بتفعيل الإدارة، ومحاربة الفساد، والحد من الزبائنية من خلال وضع آلية جديدة للتعيينات الإدارية تقوم على الشفافية والتنافسية والكفاءة. كما عملت على تعزيز استقلال القضاء عبر مشروع القانون الذي أعدته لهذه الغاية، وذلك الى ما تم إنجازه في الملف المالي لجهة قانون رفع السرية المصرفية، ووضع مشروع قانون إعادة هيكلة المصارف الذي يناقش الان في مجلس النواب، وما نعمل عليه بخصوص قانون الفجوة المالية الذي ستجدون فيه أسس وطرق حماية أموال المودعين. غير ان هذه الورشة الإصلاحية، على اهميتها، لا تكفي وحدها لأطلاق عجلة الاقتصاد وجذب الاستثمارات الضرورية، اذ ان ذلك لن يتحقق من دون استقرار في البلاد. وربما سمعني البعض منكم اكرر ان لا استقرار في البلاد من دون انسحاب إسرائيل الكامل من لبنان ووقف اعمالها العدوانية، كما ان لا استقرار دون شعور كل المواطنين بالأمن والأمان أينما كانوا في ربوع الوطن مما يتطلب بدوره حصر السلاح بيد الدولة وحدها'. أضاف: 'هذا صحيح طبعاً، ولذلك اكرره اليوم. ولكن هذا نصف الحقيقة فقط لان ثبات الاستقرار في البلاد انما يتطلب ايضاً شبكات امان اجتماعي حقيقية تحفظ كرامة المواطنين. وهذا ما اكدت عليه منذ يومين خلال زيارتي لعدد من مراكز وزارة الشؤون الاجتماعية في بيروت. واسمحوا لي ان اشدد اليوم ان لا استقرار ايضاً في البلاد دون انماء متوازن في على مساحة الوطن. ولا داعي ان أحاول شرح معنى ذلك اليوم، فأهل البقاع أدرى مني بذلك. وقبل أن أختم، سيّما انني في البقاع، فلا بد من وقفة حول العلاقات مع الشقيقة سوريا، ونحن هنا على مرمى حجر من دمشق الحبيبة، وصاحب السماحة كان أمس في العاصمة السورية، وقابل الرئيس أحمد الشرع، ونحن نبارك هذه المبادرة الطيبة'. وختم: 'نحن نعتبر أن وجود الحكم الجديد في سوريا هو فرصة تاريخية للبلدين الشقيقين لإعادة بناء العلاقات الأخوية على أسس صحيحة وصحيّة، تراعي مصالح الشعبين، وتقوم على الإحترام المتبادل، وعدم التدخل بشؤون الآخر، إلى جانب العمل على تحديث الإتفاقيات المعقودة بين الدولتين، بما يوفر متطلبات المصالح المشتركة، والمتداخلة في مواقع كثيرة بين لبنان وسوريا. هذه كانت عناوين محادثاتي مع الرئيس أحمد الشرع الذي لمست منه كل تفهم للوضع اللبناني، وما يعانيه من حساسيات وعُقَد المرحلة السابقة، وهو أبدى كل استعداد للتعاون لما فيه خير الشعبين السوري واللبناني. وأخيراً، مبروك لنا جميعاً، وبالاخص لاهلنا في البقاع هذا الصرح الإسلامي الجديد، ومبارك كل من يعمل لرفع راية الوطن عالياً. ولاخي النائب حسن مراد اجدد الشكر على هذه الدعوة وعلى هذا المشروع الحضاري'.