
نماذج الذكاء الاصطناعي الأكثر دقة تُنتج انبعاثات كربونية أعلى بـ50 ضعفًا
كشفت دراسة جديدة نُشرت في 19 يونيو بمجلة Frontiers in Communication أن نماذج الذكاء الاصطناعي المتقدمة المصممة للتفكير والاستدلال تُنتج انبعاثات كربونية ضخمة، قد تفوق نظيراتها الأبسط بنحو 50 ضعفًا، ما يسلط الضوء على المفارقة البيئية في سعي الشركات نحو تحسين دقة نماذج اللغة.
وبحسب الدراسة، فإن النماذج التي تعتمد على تقنيات الاستدلال، مثل 'Claude' من شركة Anthropic، و'o3″ من OpenAI، و'R1″ من DeepSeek، تستهلك كميات أكبر من الطاقة لتوليد إجابات دقيقة عبر ما يُعرف بـ'سلسلة التفكير' (Chain-of-Thought)، وهي طريقة تُحاكي التفكير البشري عبر تقسيم المشكلات المعقدة إلى خطوات منطقية.
المفارقة البيئية.. دقة مقابل استدامة
أوضح المؤلف الرئيسي للدراسة، ماكسيميليان داونر، الباحث بجامعة ميونيخ للعلوم التطبيقية:
'وجدنا أن عمليات التفكير والاستدلال في نماذج الذكاء الاصطناعي تؤدي إلى ارتفاع كبير في استهلاك الطاقة وانبعاثات الكربون، حيث تنتج النماذج المعتمدة على الاستدلال ما يصل إلى 50 ضعفًا من ثاني أكسيد الكربون مقارنة بنماذج الردود الموجزة.'
لتحليل الأثر البيئي، قام الباحثون باختبار 14 نموذجًا ضخمًا للغة (LLMs) عبر 1,000 سؤال في موضوعات متعددة، حيث بلغ عدد الوسائط (Tokens) التي تنتجها النماذج القائمة على الاستدلال في المتوسط 543.5 لكل سؤال، مقارنة بـ37.7 فقط في النماذج الأخرى.
نموذج Cogito الأكثر دقة… والأعلى انبعاثًا
سجل نموذج 'Cogito' بقدرة 72 مليار معامل أعلى نسبة دقة بلغت 84.9%، إلا أنه أنتج ثلاثة أضعاف انبعاثات الكربون التي أصدرتها نماذج مشابهة الحجم لكنها موجزة في إجاباتها. وقال داونر: 'نواجه مفاضلة واضحة بين الدقة والاستدامة في تقنيات الذكاء الاصطناعي'.
كما أظهرت الدراسة أن الأسئلة التي تتطلب تفكيرًا أطول، مثل مسائل الفلسفة أو الجبر، تُضاعف الانبعاثات بنسبة ستة أضعاف مقارنة بالأسئلة البسيطة.
الرحلات الجوية والنماذج الذكية
بحساب تقريبي، فإن تشغيل نموذج 'R1' من DeepSeek للإجابة عن 60,000 سؤال يولّد انبعاثات تعادل رحلة ذهاب وعودة بالطائرة بين نيويورك ولندن. في المقابل، يمكن لنموذج 'Qwen 2.5' من Alibaba Cloud، والذي يحتوي على نفس عدد المعاملات تقريبًا، تقديم نفس المستوى من الدقة بانبعاثات أقل بنسبة الثلث.
دعوة للوعي قبل الاستخدام
ورغم أن النتائج قد تختلف تبعًا لنوع الأجهزة وشبكات الطاقة المستخدمة، حثّ الباحثون المستخدمين على التفكير بعناية قبل استخدام النماذج المتقدمة، خاصة في الاستخدامات الترفيهية أو غير الضرورية.
واختتم داونر بالقول: 'إذا علم المستخدمون بالتكلفة البيئية الدقيقة لإجابات الذكاء الاصطناعي، فقد يصبحون أكثر حرصًا وانتقائية في استخدامهم لهذه التكنولوجيا'.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


صدى الالكترونية
منذ 4 أيام
- صدى الالكترونية
سلوكيات مرعبة للذكاء الاصطناعي بابتزاز وخيانة مطوريه
أفادت دراسة حديثة أجرتها شركة 'أنثروبيك' الأمريكية، بوجود سلوك صادم لنماذج ذكاء اصطناعي متقدمة طُورت من قبل كبرى شركات التكنولوجيا، حيث أظهرت استعداداً للابتزاز والتجسس والتلاعب عند تعرضها لسيناريوهات تهدد وجودها، مثل خطر الاستبدال أو تغيير الأهداف التشغيلية. وتضمنت اختبارات 'ضغط وجودي' على نماذج من OpenAI وGoogle وMeta وxAI وDeepSeek، وأظهرت النتائج ميلاً واضحاً لدى النماذج لانتهاك ضوابط الأمان الأخلاقية عند انعدام البدائل. ومُنحت النماذج ضمن سيناريوهات الاختبار، حرية إرسال رسائل بريد إلكتروني والوصول إلى بيانات سرّية، وعند وضعها أمام احتمال الاستبدال بنسخة أحدث، أو تعارض مهماتها مع التوجهات المؤسسية، اتخذت جميع النماذج سلوكاً عدائياً. وسجل نموذج 'Claude Opus 4' من 'أنثروبيك' أعلى نسبة ابتزاز بلغت 96%، بينما اقترب نموذج 'Gemini 2.5 Pro' من غوغل من النسبة نفسها بـ95%، أما GPT-4.1 من OpenAI وGrok 3 Beta من xAI، فقد مارسا الابتزاز بنسبة 80%، مقابل 79% لدى DeepSeek R1. ولم يتوقف السلوك عند الابتزاز فقط، إذ رصدت الدراسة أن جميع النماذج قامت، في بعض الحالات، بتسريب وثائق داخلية حساسة إلى جهات افتراضية منافسة، فيما وصفت الدراسة هذا النمط بـ'الانحراف الوكيلي' (Agentic Misalignment)، مشيرة إلى أن الحوافز الذاتية للنموذج قد تتغلب على الضوابط المبرمجة عند تعارض الأهداف.


الوطن
منذ 5 أيام
- الوطن
سبب تحيز نماذج الـ AI
كشف فريق بحثي من معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا بقيادة شين يي وو عن تفسير جديد لظاهرة تُعرف بـ«تحيز الموضع» في النماذج اللغوية الكبيرة مثل ChatGPT وDeepSeek، حيث تميل هذه النماذج إلى التركيز على بداية النص ونهايته مع إهمال الوسط. ويعود هذا التحيز إلى آلية المعالجة التسلسلية التي تعتمدها تلك النماذج، إذ تأخذ في الاعتبار فقط الكلمات السابقة أثناء الفهم، مما يمنح الأجزاء الأولى والنهاية أهمية أكبر. وتؤكد الدراسة أن احتمالية استخراج المعلومات الدقيقة من مقدمة أو ختام الوثيقة الطويلة تصل إلى 85 %، مقابل 60 % فقط في المنتصف. كما أظهرت النتائج أن دقة الفهم والتحليل تتخذ شكل الحرف U، أي إنها تكون عالية عند الأطراف وتنخفض بوضوح في الوسط، لا سيما في النماذج الأعمق مثل GPT-4 الذي يتكون من 96 طبقة معالجة. هذا الاكتشاف يسلط الضوء على تحد مهم يواجه المستخدمين في التعامل مع النصوص الطويلة عند البحث عن معلومات دقيقة داخلها.

سعورس
منذ 6 أيام
- سعورس
البصمة الكربونية للذكاء الاصطناعي.. من يدفع الثمن؟
تجربة مباشرة نُشرت الدراسة في مجلة Frontiers in Communication، وتضمنت تجربة مباشرة على 14 نموذجًا مختلفًا للذكاء الاصطناعي، باستخدام وحدة معالجة الرسومات القوية NVIDIA A100 لقياس استهلاك الكهرباء وتحويله إلى انبعاثات كربونية اعتمادًا على متوسط شبكة الطاقة العالمية. وقد اتضح أن كلما ازداد حجم النموذج وقوته، ازدادت شراهته للطاقة – إذ أنتج نموذج «Cogito» المكوَّن من 70 مليار معلمة دقة مرتفعة بنسبة 84.9%، لكنه بالمقابل أطلق 1341 جرامًا من مكافئ ثاني أكسيد الكربون، أي ما يعادل 50 ضعف أصغر نموذج في التجربة. استهلاك الطاقة أظهرت النتائج أن الوضع «المنطقي» للنماذج – حين يسمح لها بتقديم استدلال وتفكير تفصيلي قبل الإجابة – كان الأعلى استهلاكًا للطاقة. فبدل أن تكتفي برد مكون من كلمة أو جملة قصيرة، أنتجت بعض النماذج ردودًا تجاوزت 14 ألف كلمة، بل إن أحد النماذج كتب إجابة واحدة مكونة من 37.575 كلمة، أي أكثر من حجم رواية قصيرة. كما تبيّن أن نوعية السؤال تؤثر على استهلاك الطاقة؛ فقد تطلبت موضوعات مثل الجبر المجرد قدرة حسابية أكبر بكثير مقارنة بموضوعات مثل تاريخ العالم. وفي حين استخدمت النماذج الأساسية حوالي 30 كلمة للإجابة، فإن نماذج التفكير استهلكت في المتوسط أكثر من 1400 وحدة نصية (رمز مميز) لكل استجابة. الأداء والانبعاثات من ناحية أخرى، أظهر نموذج Qwen 2.5 توازنًا واعدًا بين الأداء العالي والانبعاثات المنخفضة، محققًا دقة بنسبة 77.6 % مع إطلاق 427 جرامًا فقط من مكافئ ثاني أكسيد الكربون، رغم امتلاكه 72 مليار معلمة – ما يشير إلى إمكانية تصميم نماذج «خضراء» بذكاء تقني وبيئي في آنٍ واحد. تقدر الدراسة أن النماذج التوليدية تستهلك حوالي 29.3 تيراوات/ساعة سنويًا، وهو ما يعادل الاستهلاك السنوي للكهرباء في دولة مثل أيرلندا. ورغم هذا العبء المتزايد، لا تزال معظم الأوراق البحثية المتعلقة بالذكاء الاصطناعي تتجاهل الإشارة إلى التأثير البيئي، حيث أن 2% فقط منها تذكر الانبعاثات الكربونية بشكل مباشر. ممارسات بيئية يعلق الباحث ماكسيميليان داونر قائلاً: «إذا عرف الناس التكلفة الكربونية الدقيقة لكل تفاعل مع الذكاء الاصطناعي، فقد يتصرفون بوعي أكبر ويقلّلون من الاستخدام غير الضروري». ومع تنامي قوة الذكاء الاصطناعي، يبدو أن سؤال «الجدوى البيئية» بات يفرض نفسه على طاولة النقاش التقني العالمي.