
"النظام الإيراني يظهر بشكل أكثر صلابة بعد الضربات الأمريكية والإسرائيلية" - مقال رأي في الغارديان
ونبدأ هذه الجولة، من مقال نشرته صحيفة ذي غارديان البريطانية، للكاتب سايمون تيسدال، يتناول الضربات الأمريكية والإسرائيلية التي استهدفت إيران في يونيو/حزيران 2025، واصفاً إياها بأنها "مغامرة كارثية لم تُحقق أياً من أهدافها، بل أدّت إلى نتائج عكسية خطيرة، داخل إيران وخارجها".
يبدأ تيسدال مقاله بتسليط الضوء على تصاعد الإعدامات في إيران، حيث تُنفَّذ أحكام الإعدام شنقاً، وغالباً بعد محاكمات صورية، مع استخدام التعذيب وانتزاع الاعترافات القسرية.
وينقل عن الأمم المتحدة قولها "إن أكثر من 600 شخص أُعدموا هذا العام، ما يجعل إيران الأولى عالمياً من حيث عدد الإعدامات قياساً بعدد السكان".
ويرى الكاتب أن هذا التصعيد يأتي في سياق حملة قمع أوسع أعقبت الضربات الأمريكية والإسرائيلية الأخيرة، التي راح ضحيتها أكثر من 900 شخص، معظمهم من المدنيين، وأصيب خلالها ما يزيد على خمسة آلاف.
ويشير المقال إلى أن الهجوم، الذي قادته إسرائيل وشاركت به الولايات المتحدة، "لم يُسفر عن تدمير المنشآت النووية الإيرانية كما زُعم"، ولم يُسقط النظام، ولم يُوقف برنامج تخصيب اليورانيوم، "بل إن النظام ظهر أكثر صلابة، حيث ردّ المرشد الأعلى علي خامنئي بحملة اعتقالات واسعة، واتهامات بالخيانة ضد خصومه، وبتوسيع استخدام عقوبة الإعدام".
ويُورد الكاتب حالة السياسيين المعارضين بهروز إحساني ومهدي حسني، حيث يقول إنهما أُعدما الأسبوع الماضي، "بعد محاكمات لم تتجاوز خمس دقائق"، في خطوة أدانتها منظمة العفو الدولية بوصفها محاولة لقمع أصوات المعارضة في أوقات الأزمات السياسية.
ويضيف تيسدال أن البرلمان الإيراني يناقش حالياً مشروع قانون لتوسيع نطاق تطبيق عقوبة الإعدام، بينما تُوجَّه الاتهامات بالعجز الأمني لا إلى القيادات، بل إلى "عملاء داخليين"، بعد استهداف اجتماع أمني سرّي أُصيب فيه الرئيس الإيراني مسعود بيزشكيان.
ويُحذّر المقال من أن الهجوم أدّى إلى تداعيات إقليمية ودولية، من بينها: تعليق إيران للتعاون مع مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وتوسيع الفجوة بين واشنطن وأوروبا، وتقوية شوكة المتشددين الإيرانيين، وإعطاء مثال خطير لدول أخرى مثل روسيا لمهاجمة جيرانها دون محاسبة.
ويؤكد تيسدال أن الضربة استندت إلى خوف وافتراضات لا إلى معلومات مؤكدة، "إذ لم تُقدِّم إسرائيل ولا الولايات المتحدة دليلاً قاطعاً على أن إيران تسعى لامتلاك سلاح نووي"، بينما تؤكد طهران أنها لا تمتلك، ولا تنوي امتلاك، مثل هذا السلاح، وتُصرّ على أن تخصيبها لليورانيوم مخصّص لأغراض مدنية.
ويستحضر الكاتب رسالة تحذيرية كتبها المفكر الفرنسي مونتسكيو في كتابه "رسائل فارسية" قبل أكثر من 300 عام، يتخيّل فيها ظهور أسلحة دمار شامل ستُدان يوماً ما من قبل العالم بأسره، ويرى تيسدال أن هذا السيناريو تحقق جزئياً، لكن الالتزام الدولي يظل هشاً.
ويخلص الكاتب إلى أن الطريق إلى السلام لا يزال مفتوحاً، إن اختارت الولايات المتحدة وإسرائيل خفض ترساناتهما النووية، وإن توقفتا عن تهديد إيران، وإن دعمتا جهود إنشاء اتفاق نووي إقليمي، كما دعا إليه وزير الخارجية الإيراني الأسبق محمد جواد ظريف.
"هل بات دونالد ترامب يدرك أخيراً طبيعة بوتين؟"
إلى صحيفة الإندبندنت والتي ترى في افتتاحيتها أن الرئيس الأمريكي/ دونالد ترامب بدأ يُدرك بوضوح أن الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، "ليس رجل صفقات، بل زعيم يتغذّى على الحرب ويُؤمن بإحياء فكرة روسيا العظمى"، وهو ما يجعل إنهاء الحرب في أوكرانيا "رهناً بإرادته وحده".
وتقول الصحيفة إن ترامب أخطأ حين ظنّ أنه قادر على إقناع بوتين بوقف الحرب عبر صفقة تجمع بين الإطراء، والتلويح بالقوة، وتقديم تنازلات، لكن ما اتضح لاحقاً هو أن الكرملين غير معنيّ بالتفاوض، "بل بحاجة مستمرة للصراع لترسيخ سلطته الداخلية، حتى لو كان الثمن سفكاً مستمراً للدماء".
وترحّب الصحيفة بإشارة ترامب الأخيرة إلى أنه يُمهل روسيا "10 إلى 12 يوماً" لتفادي مزيد من العقوبات، رغم أن مواعيده غالباً ما تكون متقلّبة، لكنها تعتبر أن المعنى السياسي وراء هذه الرسالة واضح: "لا مجال للمهادنة مع موسكو".
وتصف الصحيفة السجال العلني بين ترامب وديمتري ميدفيديف، الرئيس الروسي السابق، وحليف بوتين ، بأنه مؤشر على انقطاع قنوات التفاهم بين واشنطن وموسكو، وهنا توضح "بأن التوتر بلغ ذروته" بعد أن أمر ترامب بإرسال غواصتين نوويتين أمريكيتين إلى منطقة "قريبة من روسيا"، رداً على تحذير ميدفيديف من مغبة التورط المباشر في نزاع نووي.
وتُشدّد الصحيفة على أن ترامب أخطأ سابقاً حين هدّد بسحب الدعم الأمريكي عن أوكرانيا، لكنه لم ينفّذ ذلك، -لحسن الحظ-، كما ترى الصحيفة، بالرغم من أن حجم الدعم الحالي لا يزال غير واضح تماماً، إلا أن رمزية الموقف الجديد تُشير إلى تغير في إدراك ترامب لخطورة المرحلة.
وتلفت الصحيفة إلى أن محاولة عقد صفقة مع بوتين ربما كانت تستحق المحاولة في البداية، لكنها كلّفت واشنطن الكثير على مستوى القيم والمبادئ، خصوصاً عندما تعرّض الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، إلى مشهد وصفته الصحيفة بـ"المسرحية المُهينة" في البيت الأبيض في فبراير/شباط 2025.
وتضيف أن ترامب ربما يكون قد أدى دوراً في تنبيه الأوروبيين إلى مسؤولياتهم في الدفاع عن قارتهم، لكنه لا ينبغي أن يفعل ذلك على حساب حقّ الشعوب الحرة في مقاومة العدوان.
وتؤكد الصحيفة على المجتمع الدولي، بما فيه الولايات المتحدة، أن يحمل واجباً أخلاقياً لا يتجزأ في الدفاع عن الديمقراطية، وحقوق الإنسان، وحق الشعوب في تقرير مصيرها.
وتقول إن الحرب يُمكن أن تنتهي في لحظة، لو أراد بوتين ذلك فعلاً، وأن ترامب بات أخيراً يرى بوضوح أن استمرار النزاع سببه الأول هو الكرملين، بحسب ما جاء في الإندبندنت.
صهيوني مسيحي: "إسرائيل بحاجة إلى أن تفتح عينيها"
وفي نيويورك تايمز، كتب ديفيد فرينش – وهو محامٍ عسكري سابق خدم في العراق ويصف نفسه بأنه "صهيوني مسيحي" – أن إسرائيل، رغم حقها الكامل في الدفاع عن نفسها بعد هجوم السابع من أكتوبر/تشرين الأول، قد ذهبت بعيداً في عمليتها العسكرية في غزة، "إلى حدٍّ بات يُشكّل خطراً أخلاقياً واستراتيجياً على وجودها".
ويرى الكاتب أن الرد الإسرائيلي على الهجوم الذي شنّته حماس كان مشروعاً قانوناً، تماماً كما كان رد الولايات المتحدة وحلفائها على تنظيم داعش، لكنه يؤكد على "أن المعاناة التي يتعرض لها المدنيون الفلسطينيون تخطّت حدود الضرورة العسكرية، وأن المجاعة التي تلوح في الأفق ليست نتيجة حتمية، بل خطأ سياسي وأخلاقي جسيم".
ويستند فرينش في تقييمه إلى بيانات المساعدات التي نشرتها نيويورك تايمز، والتي تُظهر أن حجم المساعدات الإنسانية التي دخلت غزة كان قد تجاوز 200 ألف طن شهرياً قبل أن توقف إسرائيل دخولها في مارس/آذار، ثم تراجع إلى مستويات شبه معدومة.
وحتى بعد رفع الحظر في مايو/أيار 2025، كما يقول الكاتب، يرى فرينش أن الكميات لم تعد إلى الحد الأدنى المقبول، ويشير إلى أن الطريقة التي تُوزَّع بها المساعدات اليوم تزيد من معاناة المدنيين، خصوصاً كبار السن، والمرضى، والأطفال الذين يضطرون لعبور مناطق عسكرية خطرة.
ويضيف أن إسرائيل، في ظل انهيار حكومة حماس وسيطرة جيشها على القطاع، باتت الجهة الوحيدة القادرة على تنظيم توزيع المساعدات، لكنها اختارت استبعاد الأمم المتحدة دون إيجاد بديل فاعل، "تاركة السكان في حالة عجز تام عن تلبية أبسط احتياجاتهم الغذائية".
ويحذّر فرينش من أن إسرائيل تفعل بالضبط ما تريده حماس: "إذ إن معاناة المدنيين تُغذّي دعاية الحركة، التي لطالما اختبأت خلف المستشفيات والمساجد والمدنيين عمداً، لتعقيد أي رد عسكري"، وفق قوله.
ويرى الكاتب أن إسرائيل تقف في لحظة قوة عسكرية قصيرة الأمد، لكنها ضعيفة على المدى الطويل، وسط تراجع كبير في دعم الرأي العام الغربي لها.
ويُحذّر من قراءة هذا التراجع كدعم لحماس، فحتى الجامعة العربية والاتحاد الأوروبي طالبا حماس بالتخلّي عن السلاح، والإفراج عن الرهائن، وتسليم السيطرة على غزة.
ويؤكد أن إسرائيل لا تستطيع تحمّل خسارة الدعم الغربي، فهي رغم امتلاكها سلاحاً نووياً، لا تتمتع بالاستقلال الاستراتيجي الذي تحوزه دول مثل الولايات المتحدة أو بريطانيا.
ويرى أن التحوّل في السياسة الأمريكية قد يُصبح خطيراً، خصوصاً إذا بات دعم إسرائيل مشروطاً بهوية الحزب الحاكم في البيت الأبيض.
ويقول: "أوقفوا المجاعة في غزة، لا تتحدثوا عن ضم الأراضي، واحموا المدنيين"، مشيراً إلى أن "هزيمة حماس لا تتطلب تجويع طفل واحد".

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


BBC عربية
منذ 38 دقائق
- BBC عربية
هل أوفى ستيف ويتكوف بوعده للسيدة التي قابلها في غزة؟
سيدة غزاوية، تجمعها الصدفة وجهاً لوجه مع ستيف ويتكوف المبعوث الأمريكي الخاص للشرق الأوسط، لتقص عليه معاناة نساء غزة في الحصول على مساعدات من مؤسسة غزة الإنسانية، فباتت محط اهتمام واسع وحديث منصات التواصل الاجتماعي. البعض يراها "سفيرة كل نساء غزة" للمبعوث الأمريكي، والبعض يتهمها بالخيانة، لكن كل هذا لا يهم سلوان الدويك، ما يهمها أن يفي ويتكوف بوعده الذي قطعه لها. فما هو هذا الوعد؟ وما هي كواليس المقابلة؟ بدأت السيدة الغزية حديثها لبرنامج يوميات الشرق الأوسط المذاع عبر راديو بي بي سي: "أنا سلوان مثل كل امرأة وأم في قطاع غزة، أركض يومياً مسافة قدرها 30 كيلومتراً من أجل الحصول على طعام، أصيب ابني في ذراعه وزوجي مريض غضروف لا يقوى على الركض والمزاحمة، فخرجت لأحضر طعاماً لهما، خرجت لنقطة توزيع المساعدات الأمريكية كي نبقى على قيد الحياة". أضافت: "أخرجُ لنقطة المساعدات الأمريكية وأنا لا أعلم إن كنت سأعود لأسرتي أم لا، في رحلة محفوفة بالمخاطر، فالعالم كله يعرف أن الناس تموت كل يوم وهي في طريقها للحصول على المساعدات، وأننا نتعرض للقصف وإطلاق النار، ولكنني أغامر وأتحمل المعاناة وأذهب، ومع ذلك لا أحصل على شيء، لا أجد أي شيء أحضره لنتناوله، يقولون لي نفد كل ما لدينا من مساعدات، فأرجع لأجر أذيال الخيبة ثم أكرر رحلة المخاطرة في الصباح الباكر من جديد". وفي يوم بدأ عادياً كباقي الأيام وقفت لأحصل على أي شيء نأكله، فوجدت سيارة تقتحم المكان بسرعة وضابط يطلب منا أن نفسح مجالاً بالتراجع إلى الخلف لأن ويتكوف سيحضر، فامتثلت كباقي النساء ووقفت أنظر بشغف للزائر المهم الذي يفسحون له الطريق، فأنا لم أكن أعلم من هو ويتكوف. ما هي إلا دقائق معدودة، حضر ضابط وطلب مني أن أصاحبه كي ألتقي ويتكوف، فهذا الأخير يريد أن يعرف المزيد عن معاناة النساء في غزة، وأخبرني أن حقيبتي ستخضع للتفتيش لأسباب أمنية فوافقت، لعل المسؤول الكبير ينجح في حل معضلتنا كنساء في الحصول على ما يكفينا وأسرنا من مساعدات إنسانية، شعرت أنني أمثّل كل أمهات غزة فلم أتردد إطلاقاً. "لأنني لا أتحدث الإنجليزية، كان هناك مترجم يشرح لي ما يقوله ويتكوف ويعود ليشرح له إجاباتي، سألني عن اسمي وعن أسرتي، ثم طلب مني أن أنقل له معاناة النساء في غزة من أجل الحصول على المساعدات، فشرحت له كل شيء، الجوع والركض وخطر الموت ثم العودة بلا شيء، وطلبت منه أن يخصص يومين لتوزيع المساعدات على النساء أسبوعياً"، تضيف سلوان حريك. وعن ردة فعل المبعوث الأمريكي الخاص للشرق الأوسط على طلبها وما قصته عليه، قالت: "عندما جاء للزيارة كان كل شيء معداً ومرتباً مسبقاً، لم يشاهدنا ونحن ننحني أرضاً لنجمع ما سقط من الرجال من الطحين ونأخذه لأسرنا، لم يرَ الأمور كما تجري يومياً على أرض الواقع، كان يظن أن المساعدات تصلنا بطريقة آدمية، وأن كل امرأة تحصل على طرد مساعدات ثم تعود لأسرتها بأمان وسهولة، فأخبرته الحقيقة فبدا على وجهه الاستياء الشديد، ووعد بأن ينظر في الأمر ويخصص يومين أسبوعيا لتسليم المساعدات للنساء". واختتمت قائلة: "مر على هذه الزيارة ثلاثة أيام، ومع ذلك لم يتغير أي شيء في آلية حصولنا على المساعدات، ومنذ ذلك الحين لم أنجح في الحصول على أي مساعدات إنسانية، ولا أعلم هل ما زال هناك أمل في أن يفي ويتكوف بوعده لي؟!".


BBC عربية
منذ ساعة واحدة
- BBC عربية
ورقة براك: هل تقايض واشنطن سلاح حزب الله بمستقبل لبنان؟
منذ اتفاق الطائف وحتى اليوم، ظلّ سلاح حزب الله أحد أكثر الملفات حساسيةً في المشهد اللبناني، يتوارى أحياناً ويعود إلى الواجهة مع كل أزمة كبرى. لكن بعد حرب 2024 المدمّرة، بات هذا السلاح في قلب مفاوضات علنية تقودها واشنطن، وسط ضغوط دولية غير مسبوقة. "ورقة براك"، وهي خطة أميركية مفصّلة لنزع سلاح الحزب مقابل انسحاب إسرائيلي وضمانات دولية، قد تعيد رسم التوازنات في لبنان. فهل دخل البلد فعلاً مرحلة تسليم السلاح؟ توماس باراك وورقته في بيروت توماس براك – وهو سفير الولايات المتحدة لدى تركيا ومبعوثها الخاص لسوريا – زار بيروت لأول مرة في 19 حزيران/يونيو 2025 حاملاً خريطة طريق أمريكية مفصلة من 6 صفحات لطرحها على المسؤولين اللبنانيين. سمّيت الخريطة بـ"ورقة براك" وتضمنّت مطالب واضحة بنزع سلاح حزب الله والفصائل المسلحة كافة في لبنان بشكل كامل قبل نهاية 2025 (ويُفضَّل بحلول تشرين الثاني/نوفمبر 2025). في المقابل، تعِد الخطة الأمريكية بانسحاب القوات الإسرائيلية من المناطق اللبنانية المحتلة المتبقية ووقف الضربات الإسرائيلية على لبنان. إضافة لذلك، سيفتح تنفيذ نزع السلاح باب الدعم المالي الدولي لإعادة إعمار مناطق في لبنان دمرتها الحرب الإسرائيلية الأخيرة – وهو دعم تقول واشنطن إنها لن تقدمه في ظلّ احتفاظ حزب الله بالسلا. شملت ورقة براك أيضاً عناصر أوسع لترتيب أوضاع لبنان الإقليمية والداخلية، منها تسريع إصلاحات مالية واقتصادية، ومراقبة الحدود والمعابر لضبط التهريب. ولضمان تنفيذ الاتفاق المقترح، عرضت الخطة إنشاء آلية بإشراف الأمم المتحدة لتأمين إطلاق سراح معتقلين لبنانيين لدى إسرائيل بالتوازي مع تقدّم خطوات نزع السلاح. واشترطت واشنطن أيضاً إصدار الحكومة اللبنانية قراراً بالإجماع يلتزم بنزع السلاح كمكوّن أساسي في أي اتفاق نهائي. أمهل المبعوث الأمريكي القادة اللبنانيين حتى 1 يوليو/تمّوز 2025 للرد رسمياً على هذه المقترحات، وصرّح بأنه سيعود إلى بيروت لاستماع إلى ملاحظاتهم. على الفور، بدأت بيروت دراسة الورقة وشكّلت لجنة ثلاثية تضمّ ممثلين عن رئاسة الجمهورية ورئاسة الحكومة ورئاسة البرلمان لصياغة رد لبناني موحّد. وفي الكواليس، تواصل رئيس البرلمان نبيه بري – حليف حزب الله – مباشرة مع قيادة الحزب لضمان مشاركتهم في بلورة الموقف. وبحسب تقارير صحافية، لم يعارض حزب الله مبدأ التعاون مع اللجنة واستجاب لفتح النقاش، لكنه لم يقدّم أي التزام أو وعد بالتخلي عن سلاحه. النقاش الداخلي ورد حزب الله الأولي أكثر ما لفت في الورقة هو تزامنها مع اشتراط واشنطن صدور قرار رسمي لبناني يلتزم علناً بتطبيقها. هذا الربط بين الالتزام السياسي والمساعدات العسكرية والاقتصادية، جعل الدولة اللبنانية أمام معادلة دقيقة. وفيما التزم حزب الله الصمت العلني حيال المقترح، بدأ النقاش يدور في الكواليس. رئيس مجلس النواب نبيه بري دخل في مشاورات مباشرة مع الحزب، ووافق على الانخراط في صياغة رد لبناني موحّد. في العلن، التزم الحزب الصمت حيال مقترح براك خلال النصف الثاني من يونيو. لكن مع اقتراب موعد الرد، خرجت مواقف تصعيدية من قادته تؤكد رفض الرضوخ للضغوط الأمريكية والإسرائيلية. ففي 30 حزيران/يونيو 2025 – عشية انتهاء المهلة – ألقى نائب الأمين العام الشيخ نعيم قاسم خطاباً متلفزاً شديد اللهجة أكد فيه حق الحزب واللبنانيين في قول "لا" لأمريكا و"لا" لإسرائيل. واتهم قاسم واشنطن وتل أبيب بمحاولة استغلال الظرف الراهن لفرض واقع جديد في لبنان والمنطقة يخدم مصالحهما، داعياً جميع اللبنانيين إلى عدم مساعدة أمريكا وإسرائيل في تنفيذ مخططاتهما. الجولة الثانية من الوساطة: ورقة لبنانية معدّلة اد توماس براك إلى بيروت في أوائل يوليو 2025 – تحديدًا يوم الإثنين 7 يوليو/تمّوز – لتلقّي الرد اللبناني الرسمي. حملت السلطات اللبنانية إلى المبعوث الأمريكي ورقة رد تتضمن تعديلات وضمانات مضادة تضع تصوراً لبنانياً لتنفيذ خريطة الطريق. وقد سلّم الرئيس جوزاف عون شخصياً إلى براك "أفكاراً لحل شامل" تمثل الموقف اللبناني الموحد. كما أعدّ رئيس البرلمان نبيه بري خريطة طريق تفصيلية مرحلية لنزع سلاح حزب الله تصبّ في إطار المقترح اللبناني، لضمان خطوات عملية لتنفيذه. تركّز الرد اللبناني على مبدأ التزامن والتبادل في تنفيذ أي اتفاق: لن يُبحث مصير سلاح حزب الله إلا ضمن عملية متزامنة مع انسحاب إسرائيلي كامل من الأراضي اللبنانية ووقف نهائي للاعتداءات الإسرائيلية. وأكد رئيس الحكومة نواف سلام في مؤتمر صحفي بعد اجتماعه مع براك أن النقاش تناول "خطوات مترابطة بين الانسحاب الإسرائيلي من الأراضي اللبنانية ونزع سلاح حزب الله". وشدد سلام على أن حصر السلاح بيد الدولة وتمديد سلطة الدولة هو مبدأ توافقي لبناني متجذّر منذ اتفاق الطائف. وذكّر بأن حزب الله جزء من الدولة اللبنانية (فله نواب في البرلمان دعموا بيان الحكومة)، في إشارة إلى ضرورة معالجة القضية بتفاهم داخلي. وفي الوقت نفسه، ندّد سلام باستمرار الغارات الإسرائيلية على الجنوب والبقاع مؤكداً أنها مرفوضة بالإجماع اللبناني، وأن بيروت تكثّف اتصالاتها عربياً ودولياً لوقفها. بحسب سلام، تضمّن الرد اللبناني المكتوب الذي تسلّمه براك تعليقات من الرئاسة والحكومة ورئاسة البرلمان، ما يعكس تنسيقاً غير مسبوق بين الرؤساء الثلاثة حول هذا الملف المعقّد. كما كشف سلام أن براك قدّم أيضاً مقترحاً لآليات تثبيت وقف إطلاق النار وضبط السلاح تدريجياً في الجنوب كخطوة أولى – ربما عبر تعزيز دور اللجنة الثلاثية للهدنة وتوسيع صلاحيات الجيش اللبناني جنوبًا. وأكد سلام موقف لبنان بأن قرار الحرب والسلم هو حصري بيد الدولة ولا أحد سواها. تجاوب المبعوث الأمريكي بحذر إيجابي مع الرد اللبناني. فعقب لقائه الرئيس عون، عقد براك مؤتمراً صحافياً قال فيه إنه "راض جداً جداً" و"مسرور بشكل لا يُصدَّق" من الاستجابة اللبنانية. ووصف براك الرد بأنه مدروس بعناية وفيه خطة مشتركة للمضي قدماً. وأضاف: "الآن ينبغي دفع التفاصيل قدماً... نحن جميعاً ملتزمون بالدخول في التفاصيل والوصول إلى حل"، معرباً عن تفاؤله الكبير بتحقيق ذلك. كذلك نقلت الرئاسة اللبنانية على منصة أكس (تويتر سابقاً) أن الرئيس عون سلم براك "تصوراً متكاملاً للحل". وأصدر مكتب رئيس البرلمان بري بياناً وصف فيه اجتماعه مع براك بأنه "بنّاء وراعى مصلحة لبنان وسيادته... كما تضمّن مطالب حزب الله". في هذه المرحلة، بدا وكأن لبنان والولايات المتحدة وجدا أرضية مشتركة مبدئية: الدولة اللبنانية تلتزم مبدئياً بحصرية السلاح بيدها وفق جدول زمني، لكنها تطالب بضمانات صارمة تتعلق بالانسحاب الإسرائيلي ووقف الاعتداءات قبل وأثناء عملية نزع السلاح. وهذا يشمل أيضاً إطلاق أسرى لبنانيين لدى إسرائيل وتأمين دعم دولي لتعزيز الجيش اللبناني كبديل أمني. وقد كشفت تقارير صحافية أن الخطة اللبنانية المعدّلة تتضمن 8 مطالب أساسية قدمها الرئيس عون في المفاوضات مع براك. من أبرزها انسحاب إسرائيلي كامل إلى الحدود الدولية المعترف بها، ووقف كل أشكال الاعتداءات الإسرائيلية براً وبحراً وجواً بما يشمل الاغتيالات، والإفراج عن الأسرى اللبنانيين. في المقابل تلتزم بيروت ببسط سيادة الدولة على كامل أراضيها عبر استعادة السلاح من كلّ المجموعات - وعلى رأسها حزب الله - وتسليمه للجيش اللبناني الذي يكون الجهة الوحيدة المخولة بحمل السلاح. كما طلبت لبنان دعماً دولياً طويل الأمد للجيش بقيمة مليار دولار سنوياً لعشر سنوات لتعزيز قدراته إلى جانب قوى الأمن الداخلي، وتنظيم مؤتمر دولي للمانحين في الخريف لإعادة الإعمار وإنعاش الاقتصاد. على الضفة الأخرى، ظل موقف حزب الله في العلن على حاله دون تنازلات، وإن حمل نبرة مشروطة. فبعد اللقاءات، خرج الشيخ نعيم قاسم (الذي بات يُنظر إليه كواجهه قيادة الحزب) يوم الأحد 6 تموز/يوليو بتصريح يشرح رؤية الحزب: على إسرائيل الالتزام الكامل بالهدنة أولًا – الانسحاب من الأراضي المحتلة ووقف العدوان بكل أشكاله والإفراج عن الأسرى – وعندئذ فقط يُمكن الانتقال إلى "المرحلة الثانية" وهي بحث استراتيجية الدفاع الوطني، بما فيها "سلاح المقاومة". كرر قاسم أيضاً رفض الحزب للاستسلام تحت التهديد، قائلاً: "لن نستسلم أو نلقي سلاحنا استجابة لتهديدات إسرائيل". وفي خطاب آخر بُثّ مساء 30 تموز/يوليو، شدد قاسم مجدداً أن أسلحة حزب الله وُجدت لتواجه إسرائيل ولن تُستخدم في الداخل، معتبراً أن أي مطالبة حالية بنزع سلاح المقاومة تخدم أهداف إسرائيل. من الواضح أن واشنطن استوعبت الرسالة اللبنانية المشروطة لكنها سعت لتسويق الخطة كصفقة متكاملة يجب انتهازها سريعاً. حرص توماس براك على طمأنة الجانب اللبناني بأن نزع سلاح حزب الله لا يستهدف إقصاء الحزب سياسياً. قال براك في تصريح له: "يجب أن يرى حزب الله أن له مستقبلًا، وأن الطريق المطروح ليس موجهاً ضدّه فحسب"، مؤكداً أن الحل يجب أن يضمن دمج المقاومة ضمن تركيبة الدولة بدل عزلها. وفي الوقت نفسه، حذّر براك القادة اللبنانيين من التباطؤ: "المنطقة تتحرك بسرعة فائقة، وسيتم ترككم خلفها". وأشار إلى انطلاق حوارات غير مسبوقة بين سوريا وإسرائيل بعد سقوط نظام الأسد، معتبراً أنه كما انخرطت دمشق في ترتيب أوضاع ما بعد الحرب، على بيروت أيضاً ألا تُفوّت فرصة إعادة اختراع الحوار بشأن سلاح حزب الله قبل فوات الأوان. وقد كشف مصدر دبلوماسي أن واشنطن أبلغت بيروت بأن هذه الفرصة قد لا تتكرر وعليها اتخاذ قرار تاريخي الآن. زيارة حاسمة وجلسة حكومية منتظرة رغم الأجواء الإيجابية الحذرة في أوائل يوليو، بقيت بعض نقاط الخلاف الجوهرية عالقة خلال الأسابيع اللاحقة. لبنان أصرّ على ترتيب الأولويات: الأمن مقابل السلاح – أي لا نزع لسلاح المقاومة قبل ضمان الانسحاب الكامل ووقف النار – فيما إسرائيل عارضت أي ربط مسبق بين التزامها وقيام حزب الله بخطوات أولاً. ووفق تقارير صحافية، فإن الولايات المتحدة نقلت إلى بيروت رفض إسرائيل طرح "الانسحاب أولاً"، ما وضع واشنطن في موقف الضغط لتليين الموقف اللبناني الداخلي. بالتزامن، واصلت إسرائيل قصفها اليومي ما أبقى التوتر مرتفعاً وزاد الشكوك في نواياها. في أواخر تموز/يوليو 2025 قدم براك إلى بيروت مرة ثالثة لتقديم الرد الأمريكي الرسمي على المقترحات اللبنانية. أوضح براك للمسؤولين اللبنانيين أن بلاده لن تستمر في إرسال مبعوثيها أو الضغط على إسرائيل لوقف هجماتها ما لم تتخذ الحكومة اللبنانية قراراً علنياً سريعاً بالالتزام بنزع السلاح. فبحسب تقرير لوكالة رويترز بتاريخ 29 يوليو، اشترطت واشنطن صدور قرار رسمي عن مجلس الوزراء اللبناني يتعهد بنزع سلاح حزب الله قبل استئناف أي مفاوضات أو جهود أمريكية إضافية. ونُقل عن مصدر لبناني قوله: "تقول لنا أمريكا: لن يكون هناك مزيد من زيارات براك ولا تبادل أوراق – على مجلس الوزراء اتخاذ قرار وبعدها نتابع النقاش. لم يعد بإمكانهم الانتظار أكثر". في هذه الأثناء، أبلغ براك رئيس الوزراء نواف سلام صراحةً أن واشنطن لا تستطيع "إجبار" إسرائيل على القيام بأي شيء ما لم تلتزم بيروت صراحةً بخارطة الطريق. وعلى منصة أكس (تويتر)، نشر المبعوث الأمريكي رسالة صارمة بعد لقائه بالمسؤولين اللبنانيين قائلاً: "طالما أن حزب الله يحتفظ بسلاحه، فإن الكلام وحده لا يكفي. على الحكومة والحزب الالتزام الكامل والتحرّك الآن حتى لا يحكموا على الشعب اللبناني بالبقاء في حالة التعثر الراهنة"، بإشارة واضحة إلى ضرورة الانتقال من مرحلة التصريحات إلى مرحلة الأفعال الملموسة. أمام هذه الضغوط المتصاعدة، استشعرت القيادة اللبنانية خطر الوصول إلى حافة الانفجار. فعدم إرضاء الشروط الأمريكية قد يعني تصعيداً إسرائيلياً كبيراً ربما يصل إلى استهداف الضاحية الجنوبية لبيروت. لذا سارع رئيس الحكومة نواف سلام إلى الدعوة لجلسة طارئة لمجلس الوزراء في 5 آب/أغسطس 2025 لوضع جدول زمني لتنفيذ مسألة حصر السلاح بيد الدولة. وجاء في نص الدعوة أن الجلسة ستبحث "بسط سيادة الدولة على جميع أراضيها بقواتها حصرياً" – وهي عبارة تُقرأ كإقرار علني بمبدأ نزع سلاح حزب الله وتسليم سلاحه للجيش. وستتناول الجلسة أيضاً "ترتيبات وقف إطلاق النار... بما فيها الأفكار الواردة في مقترح السفير براك حول تنفيذه". انقسام داخلي حاد قبيل جلسة الخامس من آب لكن مواقف الأطراف لا تزال متباينة. حزب الله جدد رفضه تسليم السلاح في ظل استمرار الغارات. نعيم قاسم قال إن الحزب لا يفاوض على السلاح قبل وقف العدوان، معتبراً أن المطالبة به الآن تخدم إسرائيل. المفتي الجعفري أحمد قبلان حذر من أن نزع سلاح الحزب سيترك لبنان بلا حماية. وفي المقابل، صعّدت قوى معارضة نبرتها، واعتبر رئيس حزب القوات اللبنانية أن اللحظة تستوجب الحسم لا التردد، فيما وصف النائب جبران باسيل السلاح بأنه بات عبئاً وطنياً. وفيما يستعد مجلس الوزراء لجلسة قد تكون الأهم منذ اتفاق الطائف، تترقب العواصم الإقليمية والغربية مسار التصويت وما سيليه. فنجاح التسوية سيعني بدء عملية تاريخية لنقل سلاح الحزب إلى يد الدولة. أما الفشل، فقد يعيد البلاد إلى مربع التصعيد. من الحرب إلى وقف إطلاق النار غير المكتمل في خريف عام 2023، بدأت المواجهات العسكرية تتصاعد تدريجياً على طول الحدود اللبنانية-الإسرائيلية، مع تكرار عمليات القصف والاشتباك بين حزب الله والجيش الإسرائيلي. لكن الشرارة الكبرى جاءت نهاية صيف 2024، بعد سلسلة من الهجمات النوعية التي نفذها الحزب، وردّت إسرائيل عليها بتنفيذ تفجيرات عنيفة استهدفت قواعد صاروخية ومراكز قيادة ميدانية، وعملية كبرى بتفجير أجهزة اتصال لاسلكية يستخدمها أعضاء حزب الله عُرفت إعلامياً باسم "تفجيرات البايجرز" وأدت إلى جرح آلاف الأشخاص وتسببت بإعاقات دائمة للكثير منهم. بعد أيام، اغتالت إسرائيل عدداً من أعضاء مجلس القيادة العسكرية لحزب الله، ما مثّل تصعيداً حاسماً في مسار المواجهة. لكن نقطة التحوّل المفصلية جاءت في أيلول/سبتمبر 2024، حين قُتل الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله في غارة دقيقة استهدفت أحد المقرات المحصنة في الضاحية الجنوبية لبيروت. تبع ذلك قصف إسرائيلي يومي على الضاحية ومناطق واسعة في الجنوب والبقاع، ما دفع حزب الله إلى الرد بإطلاق آلاف الصواريخ على الجليل والجولان ووسط إسرائيل، ووقعت مواجهات ميدانية عنيفة امتدت لأسابيع. تدخّلت واشنطن، بدعم فرنسي وأممي، للتوسط في اتفاق لوقف إطلاق النار أُبرم في 27 تشرين الثاني/نوفمبر 2024. الاتفاق قضى بانسحاب مقاتلي حزب الله إلى شمال نهر الليطاني، على أن تنفرد قوات الجيش اللبناني وقوات اليونيفيل التابعة للأمم المتحدة بالانتشار جنوباً. في المقابل، تعهّدت إسرائيل بالانسحاب الكامل من الأراضي اللبنانية المتبقية التي تحتلها، ووقف الغارات الجوية والعمليات الأمنية. لكن التنفيذ كان منقوصاً. أبقت إسرائيل على خمس نقاط عسكرية قرب الحدود، متذرعةً بأسباب أمنية، وواصلت تنفيذ غارات جوية شبه يومية، تقول إنها تستهدف مواقع إعادة تموضع أو أسلحة لحزب الله أو عناصر منه. من جانبه، اتهم لبنان الرسمي إسرائيل بارتكاب أكثر من ثلاثة آلاف خرق لبنود الهدنة خلال الأشهر اللاحقة، وأشار إلى مقتل أكثر من 230 شخصاً، معظمهم من المدنيين. الحرب الأخيرة شكّلت ضربة قاسية للحزب. فإضافة إلى الخسائر البشرية والميدانية، فقد الحزب قيادته المركزية. فبعد مقتل نصر الله، استُهدف أيضاً هاشم صفي الدين، رئيس المجلس التنفيذي وخليفته المحتمل، في غارة دقيقة على الضاحية. هذا الفراغ القيادي تولاه سريعاً الشيخ نعيم قاسم، الذي بات الأمين العام الفعلي للحزب في مرحلة حرجة داخلياً وإقليمياً. في ظل هذا الواقع، عاد ملف سلاح الحزب إلى الواجهة، لكن هذه المرة ضمن مفاوضات علنية تقودها واشنطن، في سياق تفاهمات دولية تشمل إعادة إعمار لبنان وترتيب الوضع الأمني في الجنوب.


BBC عربية
منذ 4 ساعات
- BBC عربية
إسرائيل "ستسمح بدخول البضائع تدريجياً" إلى غزة
أعلنت وحدة تنسيق أعمال الحكومة الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية (كوغات)، الثلاثاء، أن إسرائيل ستسمح بدخول السلع والبضائع إلى غزة تدريجياً، وبشكل مُراقَب عبر تجار محليين. وقالت الوكالة العسكرية التابعة للجيش الإسرائيلي والمسؤولة عن تنسيق المساعدات: "في إطار صياغة الآلية، وافقت المؤسسة الدفاعية على عدد محدود من التجار المحليين (للقيام بتوريد البضائع)، شرط الخضوع إلى عدة معايير ومراقبة أمنية صارمة". أضافت كوغات في بيان: "يهدف ذلك إلى زيادة حجم المساعدات التي تدخل قطاع غزة، مع تقليل الاعتماد على الأمم المتحدة والمنظمات الدولية في جمع المساعدات". كانت حركة حماس قد أعلنت، يوم الأحد، استعدادها للتنسيق مع منظمة الصليب الأحمر لتوصيل المساعدات إلى الرهائن الذين تحتجزهم في غزة، إذا استوفت إسرائيل شروطاً معينة، وذلك بعد أن أثار مقطع فيديو نشرته، يُظهر أسيراً إسرائيليا هزيلاً بسبب الجوع، انتقادات لاذعة من القوى الغربية. وقال مسؤولون فلسطينيون ومن الأمم المتحدة إن غزة تحتاج إلى دخول حوالي 600 شاحنة مساعدات يومياً، لتلبية الاحتياجات الإنسانية لسكان القطاع - وهو العدد الذي كانت إسرائيل تسمح بدخوله إلى غزة قبل الحرب. حصار كامل تُسيطر إسرائيل على كل معابر قطاع غزة، وفرضت حصاراً كاملاً على القطاع في الثاني من مارس/ آذار الماضي، تم رفعه جزئياً في مايو/ أيار للسماح لمؤسسة خاصة هي "مؤسسة غزة الإنسانية" المدعومة من الولايات المتحدة بفتح مراكز لتوزيع المواد الغذائية. واستؤنفت الشهر الماضي قوافل المساعدات، وعمليات إلقاء المساعدات من الجو من قبل بلدان عربية وأوروبية، في وقت حذّرت تقارير خبراء مفوضين من الأمم المتحدة من المجاعة في القطاع. وذكر بيان كوغات بأن دفع أثمان البضائع التي ستُسلم سيتم بواسطة تحويلات مصرفية مراقبة، فيما ستخضع الشحنات إلى عمليات تفتيش من الجيش الإسرائيلي قبل دخولها غزة، "منعا لتدخل منظمة حماس الإرهابية" في العملية، على حد قول البيان. وأوضح البيان أن السلع المسموح بها بموجب الآلية الجديدة ستشمل المواد الغذائية الأساسية، والفاكهة والخضار وحليب الأطفال والمنتجات الصحية. وتنادي الأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة الدولية بفتح معابر قطاع غزة المحاصر أمام شاحنات المساعدات، قبل أن تفتك المجاعة بسكان غزة النازحين في معظمهم، والذين يزيد عددهم على مليوني إنسان. واعتبر المفوض السامي لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة، فولكر تورك، يوم الإثنين أنّ "رفض إيصال الغذاء إلى المدنيين يمكن أن يكون بمثابة جريمة حرب، وربما جريمة ضد الإنسانية". وبدأت حرب غزة عندما قتلت حماس 1,200 شخص، واحتجزت 251 رهينة في هجوم على جنوب إسرائيل في 7 أكتوبر/تشرين الأول عام 2023، وفقاً لأرقام إسرائيلية. منذ ذلك الحين، أودى الهجوم الإسرائيلي بحياة أكثر من 60 ألف فلسطيني، وفقاً لمسؤولي الصحة في غزة. وحسب مسؤولين إسرائيليين، لا يزال نحو 50 رهينة في غزة، يُعتقد أن 20 منهم فقط على قيد الحياة. وقد منعت حماس، حتى الآن، المنظمات الإنسانية من الوصول إلى الرهائن، ولا تملك عائلاتهم سوى تفاصيل قليلة أو معدومة عن أحوالهم.