
متى يبدأ الأردن باعتماد الزراعة الشمسية لتوفير المياه؟
هذا التساؤل لم يعد نظريا، بل يفرض نفسه اليوم على طاولة صانعي القرار في الأردن، وسط أزمة مائية مزمنة، وارتفاع مستمر في كُلف الطاقة، واعتماد زراعي محدود على موارد مائية شحيحة.
ومع استمرار الضغوط المناخية والاقتصادية، فإن التردد في تبني هذا النموذج قد يعني تفويت فرصة نادرة لصياغة مستقبل زراعي واقتصادي أكثر أمنًا واستدامة.
واستلهاما من تجارب عالمية كتجربة ولاية كاليفورنيا الأميركية من دمج الزراعة بالطاقة دون خسائر، فإن وادي كاليفورنيا (إحدى أكثر المناطق الزراعية إنتاجا في الولايات المتحدة)، نفّذت السلطات فيه مشروعا ضخما لدمج ألواح الطاقة الشمسية ضمن أراضٍ زراعية منتجة.
فالمشروع الذي غطّى قرابة 3930 هكتارًا، وضم 925 مصفوفة شمسية بقدرة إجمالية 2.53 جيجاوات، أظهر نتائج غير متوقعة؛ إذ لم ينخفض الإنتاج الزراعي بشكل كبير، بل ساعدت الألواح على تبريد التربة وتقليل الفاقد من المياه، ووفرت مصدر دخل إضافيًا للمزارعين.
وبالنسبة لتجربة كاليفورنيا، فقد سلطت الضوء على مفهوم 'التشارك في مواقع الطاقة الشمسية الزراعية، الذي يقوم على الاستخدام المزدوج للأرض: إنتاج الغذاء وإنتاج الطاقة في نفس الوقت، دون التضحية بأحدهما لصالح الآخر.
ولكن بخلاف كاليفورنيا، لا يملك الأردن رفاهية التوسع الزراعي أو التنوع في مصادر المياه.
معادلة شائكة
في ظل معطيات الفقر المائي، يواجه الأردن معادلة شائكة، إذ كيف يمكن زيادة الإنتاج الزراعي وتحقيق أمن غذائي، دون الضغط على المياه والطاقة؟ وهنا بالضبط، يبرز نموذج الزراعة الشمسية كفرصة ذهبية قد تساعد في إعادة رسم هذه المعادلة لصالح التنمية المستدامة.
فمن الناحية الجغرافية، يمتلك الأردن مؤهلات ممتازة لتطبيق الزراعة الشمسية، إذ يتلقى إشعاعا شمسيا عاليا على مدار أكثر من 300 يوم في السنة، خاصة في مناطق مثل وادي الأردن، والمفرق، ومعان، والطفيلة.
كما توجد مساحات واسعة من الأراضي شبه القاحلة التي يمكن تحويلها إلى مواقع مزدوجة الإنتاج.
لكن ما يجعل التجربة أكثر إلحاحًا في الأردن هو؛ ارتفاع تكلفة الطاقة على المزارعين، خاصة مع رفع الدعم عن الكهرباء، وشح المياه وزيادة معدلات التبخر، وهو ما يمكن تقليله جزئيًا في ظل الألواح الشمسية، وانخفاض الربحية الزراعية، نتيجة ارتفاع تكاليف الضخ والتبريد والتخزين.
الزراعة الشمسية
وفي إطار أهمية هذا الموضوع، يرى المدير التنفيذي للشبكة الإسلامية لإدارة وتنمية مصادر المياه (INWRDAM) د. مروان الرقاد، أن الزراعة الشمسية لم تعد تقتصر على تشغيل المضخات باستخدام الطاقة المتجددة، بل تحولت إلى مفهوم إستراتيجي متكامل يعزز من كفاءة استخدام المياه، والأمن الغذائي، ويرسّخ مرونة الاقتصاد الزراعي.
وأوضح الرقاد، في تصريحات لـ'الغد'، أن الزراعة الشمسية تعود جذورها إلى قرون خلت، عندما استخدمت المجتمعات الشمس لتجفيف المنتجات الزراعية مثل البندورة والعنب (الزبيب)، بالإضافة إلى مشتقات الألبان كـ'الجميد'، بهدف إطالة عمرها التخزيني وزيادة قيمتها السوقية.
واعتبر أن هذه الممارسات كانت 'ابتكارات مجتمعية ساهمت في تعزيز القدرة على التكيّف مع الظروف المناخية القاسية'، مشيرا إلى أن هذه الممارسات تطورت لاحقا إلى تقنيات حديثة مثل البيوت البلاستيكية (الصوبات الزراعية)، التي استخدمت أشعة الشمس لتحسين الإنتاجية، ما أتاح زراعة المحاصيل خارج مواسمها، وزيادة دخل المزارعين.
وفي ظل ما وصفه المدير التنفيذي للشبكة بـ'الضغوط المتزايدة على الموارد الطبيعية في الأردن'، شدد الرقاد على أن الزراعة الشمسية تمثل حلاً تحويليًا يواجه التحديات الناتجة عن تغيّر المناخ، وتراجع الموارد المائية، وارتفاع تكلفة الطاقة.
وقال: 'تشهد المملكة انخفاضًا حادًا في مستويات المياه الجوفية، وخاصة في الطبقات العليا التي كانت تُستخدم تقليديًا في الري، ما اضطر المزارعين إلى الاعتماد على طبقات أعمق، أكثر ملوحة وحرارة، وبالتالي أعلى تكلفة للطاقة.'
وأكد أن هذه التحديات تهدد بشكل مباشر المزارعين الصغار والمتوسطين، الذين يعانون من ارتفاع أسعار الطاقة، ما ينعكس على أمنهم الغذائي ومعيشتهم.
وفي هذا السياق، يرى الرقاد أن إدماج أنظمة الطاقة الشمسية في الزراعة، سواء من خلال الأنظمة الهجينة أو غير المتصلة بالشبكة، من شأنه أن يقلل من اعتماد المزارعين على مصادر الطاقة التقليدية مرتفعة التكلفة.
وتابع: 'لدينا في الأردن ميزة تنافسية مهمة وهي الوفرة الشمسية على مدار العام، ما يتيح بيئة مثالية لاستخدام الطاقة الشمسية في تشغيل المضخات، وتحلية المياه، وإدارة الري'.
وأضاف إن السياسات الحكومية بدأت بالفعل تتجه نحو هذا النموذج، مشيرا إلى سماح سلطة وادي الأردن بحفر آبار في طبقات المياه المالحة لدعم الزراعة في الأغوار، ما يفتح الباب لاستخدام وحدات تحلية مدعومة بالطاقة الشمسية، واستغلال المياه غير العذبة في الزراعة، مع الحفاظ على المياه العذبة للأغراض المنزلية.
وأكد الرقاد أن الزراعة الشمسية يجب عدم النظر إليها كحل تكنولوجي فقط، بل كجزء من منظومة مترابطة تشمل المياه، والطاقة، والغذاء، والبيئة (WEFE).
وزاد: 'الزراعة الشمسية تُجسد عقلية جديدة من التفكير الشمولي، تُدرك الترابط والتكامل بين القطاعات، وتُعزز من كفاءة الموارد المحدودة.'
وشدد على أن تبنّي هذا النموذج المتكامل لا يساعد فقط في مواجهة التحديات الحالية، بل يُساهم في 'تصميم مستقبل زراعي أكثر ذكاءً واستدامة'، قادر على التكيف مع تغير المناخ، وتحقيق الأمن المائي والغذائي في آنٍ واحد.
وبالتالي، فإنه في ضوء تجارب مثل كاليفورنيا، يصبح من الواضح أن نموذج الزراعة الشمسية ليس رفاهية، بل ضرورة في بلد مثل الأردن، فهي فرصة لإعادة إحياء الريف، وتقليل الضغط على المياه، وتوفير مصادر طاقة نظيفة ومستقرة للمزارعين.
وبالتالي لم يعد السؤال 'هل يمكن تنفيذ هذا النموذج؟'، بل أصبح: 'هل سنبدأ بتجربته قبل فوات الأوان؟'
–الغد
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


رؤيا نيوز
منذ 35 دقائق
- رؤيا نيوز
الشديفات : النماذج الشبابية تجسد رؤية الوزارة في دعم الطاقات الواعدة -صور
التقى وزير الشباب، المهندس يزن الشديفات، اليوم في مكتبه، مجموعة من الشباب أصحاب المبادرات النوعية والاختراعات الإبداعية التي حققت إنجازات محلية وعربية وعالمية، في مجالات متعددة تشمل الابتكار العلمي، البيئة، التعليم، وحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة. وقال الشديفات إن النماذج الشبابية تجسد رؤية الوزارة في دعم الطاقات الواعدة، وان ما قدمته هذه الكوكبة من الشباب، ليست مجرد أفكار نظرية، بل حلول واقعية لقضايا وطنية، مؤكدا أن الاستثمار في عقول الشباب هو الاستثمار الأذكى لمستقبل الأردن. وأشار الشديفات الى الدور الريادي لسمو ولي العهد، الأمير الحسين بن عبدالله الثاني، في دعم المبادرات الشبابية من خلال المنصات الوطنية. وقال الدكتور محمد الجدوع، مدير مؤسسة الأفكار المثالية، إن المؤسسة تعمل على إتاحة الفرصة للشباب المبتكر لتقديم مشاريعهم في المسابقات العربية والعالمية، وتسعى إلى تبني أفكارهم وتطويرها، ودعم ريادة الابتكار. وتحدث نمر الزيود عن جهاز Test and Save وأن براءة الاختراع التي توصل إليها تهدف إلى حل مشكلة تعرض المواطنين للصعقة الكهربائية، من خلال تقديم حل عملي يساهم في تعزيز السلامة العامة وتقليل المخاطر الناتجة عن التماس الكهربائي. وأوضحت آلاء بني مفرج، المشرفة على اختراعي الأمن الكهربائي وباور إلكتريك، أن الاحتضان العلمي والتربوي هو أساس بناء العقول المبتكرة، مشيرة إلى أهمية الدعم الممنهج للمواهب الشابة في مسيرتها المبكرة. وبين توفيق الجلاد، أن تطويره للمعادلة الخطية للنظام الجبري جاء نتيجة سنوات من العمل، وأن البيئة التعليمية الداعمة هي ما يصنع الفرق. من جانبه عبر عزت دبلان، عن أهمية المحتوى الرقمي الذي يعرض قضايا ذوي الإعاقة بأسلوب إنساني نابع من تجربة شخصية، وأن أصحاب الإعاقة ليسوا متلقين فقط بل صانعو أثر وقادرون على التغيير. وأوضحت سيما الشنغوبي، أن ابتكارها أداة تشخيصية لعسر القراءة لدى الأطفال الناطقين بالعربية، جاء لسد فجوة في أدوات الفحص باللغة الأم، وهو ما يسهم في تحسين فرص التعلم المبكر. وقالت تالا كمال وسلمى القاسم، مطورتا 'الحذاء الذهبي للقدم السكري'، إن فكرة المشروع نبعت من معاناة أقارب مقربين مع هذا المرض، وأشارتا إلى أن الفوز بالمركز الرابع عالميا في الهندسة الطبية كان تتويجا لمسار إنساني وتقني طويل. وأكدت يارا الروسان وأنطوان قصير، مطورا نظام الطاقة الشمسية العامل دون كهرباء تقليدية، أن الابتكار في مجال الطاقة لم يعد خيارا بل ضرورة مستقبلية، وأن حصولهما على جائزة من مؤسسة Xi الأمريكية يؤكد أهمية الاستثمار في الطاقة النظيفة.


رؤيا نيوز
منذ 8 ساعات
- رؤيا نيوز
جامعة البترا تستحدث بكالوريوس 'تكنولوجيا صناعة الأسنان' بدءًا من الفصل الدراسي الأول 2025-2026
أعلنت جامعة البترا عن موافقة مجلس التعليم العالي على استحداث برنامج البكالوريوس في 'تكنولوجيا صناعة الأسنان' بكلية طب الأسنان، على أن تبدأ الجامعة باستقبال الطلبة في البرنامج اعتبارًا من الفصل الدراسي الأول للعام الجامعي 2025/2026. وقال عميد كلية طب الأسنان في جامعة البترا، الأستاذ الدكتور فراس السليحات، إن هذا البرنامج التقني المتقدم يأتي استجابة لحاجة فعلية ومتزايدة في سوق العمل المحلي والإقليمي لكوادر مؤهلة في هذا المجال. وأضاف السليحات أن التخصص النوعي يعكس التزام الكلية بتقديم تعليم تقني متطور يواكب التقدم العلمي العالمي، موضحًا: 'نحن فخورون بأن نكون من بين عدد قليل من الكليات في الأردن التي تقدم هذا التخصص ضمن بيئة تعليمية متقدمة، تدمج بين الجانب الأكاديمي والتطبيقي، وتؤهل الطلبة للنجاح والتميّز'. ويُعدّ تخصص 'تكنولوجيا صناعة الأسنان' أحد برامج البكالوريوس التقنية، ويمتد لأربع سنوات يحصل الخريج بعدها على شهادة معتمدة تؤهله للتقدّم لامتحان مزاولة المهنة من وزارة الصحة، ومن ثم العمل مباشرة في قطاع تكنولوجيا صناعة الأسنان والتعويضات السنية. وتسعى جامعة البترا من خلال هذا البرنامج إلى إعداد كوادر تقنية مدرّبة وفق أحدث المعايير، وباستخدام تقنيات متقدمة مثل التصميم والتصنيع بمساعدة الحاسوب (CAD/CAM) والطباعة ثلاثية الأبعاد، ضمن بيئة أكاديمية مزودة بمختبرات وعيادات تدريبية متخصصة. ويوفر البرنامج آفاقًا وظيفية واسعة لخريجيه في مجالات متعددة، تشمل العمل في مختبرات صناعة الأسنان الخاصة والعامة، والمؤسسات الصحية الحكومية، والعمل كمندوبي مبيعات لأجهزة ومواد مختبرات الأسنان، بالإضافة إلى التخصص في صناعة التعويضات الوجهية، والانضمام إلى شركات زراعة الأسنان.


رؤيا نيوز
منذ 20 ساعات
- رؤيا نيوز
متى يبدأ الأردن باعتماد الزراعة الشمسية لتوفير المياه؟
في الوقت الذي تواجه فيه دول عديدة تحديات بيئية ومناخية متسارعة، يقف الأردن أمام مفترق طرق مصيري قوامه سؤالان: هل يمكن أن تتحول التحديات الهيكلية في موارده المحدودة إلى محفز لتبني نماذج مبتكرة ومستدامة مثل الزراعة الشمسية؟ وهل يستطيع أن يستلهم من تجارب عالمية، مسارا خاصا به يحقق من خلاله ترابطا إستراتيجيا بين المياه والغذاء والطاقة؟ هذا التساؤل لم يعد نظريا، بل يفرض نفسه اليوم على طاولة صانعي القرار في الأردن، وسط أزمة مائية مزمنة، وارتفاع مستمر في كُلف الطاقة، واعتماد زراعي محدود على موارد مائية شحيحة. ومع استمرار الضغوط المناخية والاقتصادية، فإن التردد في تبني هذا النموذج قد يعني تفويت فرصة نادرة لصياغة مستقبل زراعي واقتصادي أكثر أمنًا واستدامة. واستلهاما من تجارب عالمية كتجربة ولاية كاليفورنيا الأميركية من دمج الزراعة بالطاقة دون خسائر، فإن وادي كاليفورنيا (إحدى أكثر المناطق الزراعية إنتاجا في الولايات المتحدة)، نفّذت السلطات فيه مشروعا ضخما لدمج ألواح الطاقة الشمسية ضمن أراضٍ زراعية منتجة. فالمشروع الذي غطّى قرابة 3930 هكتارًا، وضم 925 مصفوفة شمسية بقدرة إجمالية 2.53 جيجاوات، أظهر نتائج غير متوقعة؛ إذ لم ينخفض الإنتاج الزراعي بشكل كبير، بل ساعدت الألواح على تبريد التربة وتقليل الفاقد من المياه، ووفرت مصدر دخل إضافيًا للمزارعين. وبالنسبة لتجربة كاليفورنيا، فقد سلطت الضوء على مفهوم 'التشارك في مواقع الطاقة الشمسية الزراعية، الذي يقوم على الاستخدام المزدوج للأرض: إنتاج الغذاء وإنتاج الطاقة في نفس الوقت، دون التضحية بأحدهما لصالح الآخر. ولكن بخلاف كاليفورنيا، لا يملك الأردن رفاهية التوسع الزراعي أو التنوع في مصادر المياه. معادلة شائكة في ظل معطيات الفقر المائي، يواجه الأردن معادلة شائكة، إذ كيف يمكن زيادة الإنتاج الزراعي وتحقيق أمن غذائي، دون الضغط على المياه والطاقة؟ وهنا بالضبط، يبرز نموذج الزراعة الشمسية كفرصة ذهبية قد تساعد في إعادة رسم هذه المعادلة لصالح التنمية المستدامة. فمن الناحية الجغرافية، يمتلك الأردن مؤهلات ممتازة لتطبيق الزراعة الشمسية، إذ يتلقى إشعاعا شمسيا عاليا على مدار أكثر من 300 يوم في السنة، خاصة في مناطق مثل وادي الأردن، والمفرق، ومعان، والطفيلة. كما توجد مساحات واسعة من الأراضي شبه القاحلة التي يمكن تحويلها إلى مواقع مزدوجة الإنتاج. لكن ما يجعل التجربة أكثر إلحاحًا في الأردن هو؛ ارتفاع تكلفة الطاقة على المزارعين، خاصة مع رفع الدعم عن الكهرباء، وشح المياه وزيادة معدلات التبخر، وهو ما يمكن تقليله جزئيًا في ظل الألواح الشمسية، وانخفاض الربحية الزراعية، نتيجة ارتفاع تكاليف الضخ والتبريد والتخزين. الزراعة الشمسية وفي إطار أهمية هذا الموضوع، يرى المدير التنفيذي للشبكة الإسلامية لإدارة وتنمية مصادر المياه (INWRDAM) د. مروان الرقاد، أن الزراعة الشمسية لم تعد تقتصر على تشغيل المضخات باستخدام الطاقة المتجددة، بل تحولت إلى مفهوم إستراتيجي متكامل يعزز من كفاءة استخدام المياه، والأمن الغذائي، ويرسّخ مرونة الاقتصاد الزراعي. وأوضح الرقاد، في تصريحات لـ'الغد'، أن الزراعة الشمسية تعود جذورها إلى قرون خلت، عندما استخدمت المجتمعات الشمس لتجفيف المنتجات الزراعية مثل البندورة والعنب (الزبيب)، بالإضافة إلى مشتقات الألبان كـ'الجميد'، بهدف إطالة عمرها التخزيني وزيادة قيمتها السوقية. واعتبر أن هذه الممارسات كانت 'ابتكارات مجتمعية ساهمت في تعزيز القدرة على التكيّف مع الظروف المناخية القاسية'، مشيرا إلى أن هذه الممارسات تطورت لاحقا إلى تقنيات حديثة مثل البيوت البلاستيكية (الصوبات الزراعية)، التي استخدمت أشعة الشمس لتحسين الإنتاجية، ما أتاح زراعة المحاصيل خارج مواسمها، وزيادة دخل المزارعين. وفي ظل ما وصفه المدير التنفيذي للشبكة بـ'الضغوط المتزايدة على الموارد الطبيعية في الأردن'، شدد الرقاد على أن الزراعة الشمسية تمثل حلاً تحويليًا يواجه التحديات الناتجة عن تغيّر المناخ، وتراجع الموارد المائية، وارتفاع تكلفة الطاقة. وقال: 'تشهد المملكة انخفاضًا حادًا في مستويات المياه الجوفية، وخاصة في الطبقات العليا التي كانت تُستخدم تقليديًا في الري، ما اضطر المزارعين إلى الاعتماد على طبقات أعمق، أكثر ملوحة وحرارة، وبالتالي أعلى تكلفة للطاقة.' وأكد أن هذه التحديات تهدد بشكل مباشر المزارعين الصغار والمتوسطين، الذين يعانون من ارتفاع أسعار الطاقة، ما ينعكس على أمنهم الغذائي ومعيشتهم. وفي هذا السياق، يرى الرقاد أن إدماج أنظمة الطاقة الشمسية في الزراعة، سواء من خلال الأنظمة الهجينة أو غير المتصلة بالشبكة، من شأنه أن يقلل من اعتماد المزارعين على مصادر الطاقة التقليدية مرتفعة التكلفة. وتابع: 'لدينا في الأردن ميزة تنافسية مهمة وهي الوفرة الشمسية على مدار العام، ما يتيح بيئة مثالية لاستخدام الطاقة الشمسية في تشغيل المضخات، وتحلية المياه، وإدارة الري'. وأضاف إن السياسات الحكومية بدأت بالفعل تتجه نحو هذا النموذج، مشيرا إلى سماح سلطة وادي الأردن بحفر آبار في طبقات المياه المالحة لدعم الزراعة في الأغوار، ما يفتح الباب لاستخدام وحدات تحلية مدعومة بالطاقة الشمسية، واستغلال المياه غير العذبة في الزراعة، مع الحفاظ على المياه العذبة للأغراض المنزلية. وأكد الرقاد أن الزراعة الشمسية يجب عدم النظر إليها كحل تكنولوجي فقط، بل كجزء من منظومة مترابطة تشمل المياه، والطاقة، والغذاء، والبيئة (WEFE). وزاد: 'الزراعة الشمسية تُجسد عقلية جديدة من التفكير الشمولي، تُدرك الترابط والتكامل بين القطاعات، وتُعزز من كفاءة الموارد المحدودة.' وشدد على أن تبنّي هذا النموذج المتكامل لا يساعد فقط في مواجهة التحديات الحالية، بل يُساهم في 'تصميم مستقبل زراعي أكثر ذكاءً واستدامة'، قادر على التكيف مع تغير المناخ، وتحقيق الأمن المائي والغذائي في آنٍ واحد. وبالتالي، فإنه في ضوء تجارب مثل كاليفورنيا، يصبح من الواضح أن نموذج الزراعة الشمسية ليس رفاهية، بل ضرورة في بلد مثل الأردن، فهي فرصة لإعادة إحياء الريف، وتقليل الضغط على المياه، وتوفير مصادر طاقة نظيفة ومستقرة للمزارعين. وبالتالي لم يعد السؤال 'هل يمكن تنفيذ هذا النموذج؟'، بل أصبح: 'هل سنبدأ بتجربته قبل فوات الأوان؟' –الغد