logo
السلطة، اللاعب الغائب والمنتظر

السلطة، اللاعب الغائب والمنتظر

قدس نتمنذ 2 أيام
بقلم: عاطف أبو سيف
بقلم عاطف أبو سيف / المؤكد ثمة لاعب فاعل، وهو اللاعب الأهم كما يفترض المنطق، غائب بشكل شبه كامل عن النقاش حول مستقبل غزة، أقصد هنا السلطة الفلسطينية بما تمثله من ذراع دولة فلسطين ومنظمة التحرير لإدارة الضفة الغربية وقطاع غزة. ورغم الجهود الحثيثة التي تقوم بها السلطة، والخطط المختلفة التي طورتها الحكومة الفلسطينية منذ زمن حكومة الدكتور محمد إشتية، إلا أن المجتمع الدولي والمقررين بشأن مستقبل غزة لم يأخذوا مثل هذه الخطط على محمل الجد، كما أن النقاش حول مستقبل غزة لا يشمل الطرف الشرعي والممثل الحقيقي للشعب الفلسطيني، وعادة ما يتم هذا الأمر بقصد وضمن رؤى ممنهجة. كما أن كل الجلسات بخصوص مستقبل غزة لا تشمل السلطة باستثناء اللقاء السداسي الذي لم يعد قائماً وضم وقتها الأطراف العربية بما في ذلك السلطة. التوجه العام بأن يتم حصر النقاش بين «حماس» وإسرائيل حتى لا يتعدى الأمر النقاش حول المساعدات وتوزيعها والخطوط داخل غزة، وليس انسحاب إسرائيل بشكل كامل وتجسيد الدولة الفلسطينية.
لا أحد يريد السلطة. كل الأطراف مجتمعة ولأسباب مختلفة تريد أن تختصر هذا الدور أو تشطبه. بالنسبة لـ»حماس» فهي تفضل، وستظل تفضل، حرباً بلا نهاية؛ على أن تقول إن السلطة صاحبة الولاية، وإن على المجتمع الدولي وعلى إسرائيل أن يتحدثا معها حول مستقبل غزة. فقيادة «حماس» طرقت كل أبواب العالم من مشرقه إلى مغربه، وخطبت ود كل من له علاقة بالصراع ومن يمون عليه أو كل من يتدخل فيه، حتى أنهم استخدموا رهينة دفع أهل غزة ثمن احتجازها آلاف الشهداء والجرحى ومئات آلاف المباني للتقرب زلفى لترامب، وتسولوا أمام القاصي والداني من أجل وقف الحرب التي لم تكن قبل ذلك، ويقاتلون من أجل خطوط وهمية صنعتها دبابات العدو في المعركة ولن يتمكنوا من حمايتها في اليوم التالي للهدنة، كل ذلك و»حماس» تعرف الإجابة المختصرة لكل ذلك، لكنها لن تفعل.
نتنياهو ليس بعيداً عن هذا الوعي والمنطق الحمساوي، بل إنه يشاركهم إياه بالكامل. وربما لو اتفقوا على شيء سيكون على استبعاد السلطة؛ هذا الاستبعاد هو القاسم المشترك الذي جعل حقائب الدولار يتم إرسالها عبر سيارات «الشاباك» للحاجز حتى يتم نقلها لـ»حماس». نتنياهو يعرف أن وجود السلطة يعني استعادة النقاش حول حل الدولتين. يعرف أن «حماس» يهمها أنبوب الأكسجين حتى تتنفس، فلا برنامج سياسياً لها خارج إطار البرامج الكبرى والربانية للإخوان المسلمين، بمعنى أنها ليست حركة تحرير تنضبط وفق برنامج كفاحي يستخدم كل الوسائل من أجل «الإطاحة» بالاحتلال ليس كوجود بل كفكرة وممارسة أيضاً. على النقيض من ذلك، يعرف أن أي لقاء مع الرئيس عباس يعني الاستعداد أكثر لفكرة الدولة الفلسطينية ونقاش ملف اللاجئين. نتنياهو يعرف عميقاً منظمة التحرير والرئيس عباس بالنسبة لهم، فإن أصل الصراع ما حدث عام 1948 في دير ياسين وغيرها، وليس ما حدث على محور موراج كما تظن «حماس».
كذلك الأمر بالنسبة لترامب، الرجل الهائج الذي تنطبق عليه مقولة «جعجعة بلا طحن». ترامب ليس صهيونياً أكثر من نتنياهو، لكن لشدة حماقته فإنه يصعب الحديث عن سياسة خاصة يتبعها. وإذا كانت كونداليزا رايس وزمرة المحافظين الجدد قد ابتدعوا زوراً «الفوضى الخلاقة»، فإن ترامب ابتدع «خلق الفوضى» في كل شيء. ومع ذلك فإن ترامب مثل «حماس» ومثل نتنياهو لا يريد أن يسمع كلمة دولة فلسطينية، وهو يعرف أن وجود محمود عباس في أي صورة يعني النقاش حول حل الصراع، الأمر الذي يعني موقفاً واضحاً من حل الدولتين. تخيلوا أنه لم يجب عن السؤال حول الدولة الفلسطينية، وأحال الموضوع لنتنياهو في إشارة إلى أن الموضوع لا يعنيه. وجود السلطة في غزة لا يعني أنها طرف في مستقبل غزة فقط، بل إن الدولة الفلسطينية يتم وضعها من جديد على طاولة القرار الأممي.
في ظل هذا السياق، فإن المطلوب أن تقوم السلطة بخطوات أكثر وأبعد من مجرد خطة خدماتية، بل خطة سياسية تقوم على فرض سيادة دولة فلسطين على قطاع غزة. المشكلة الحقيقة بالنسبة للعالم تكمن حقيقة في سياسات إسرائيل أولاً، وثانياً في عدم وضوح معالم اليوم التالي للحرب، اليوم الذي سيعود الناس من خيامهم ليجدوا ركام بيوتهم المسكن الأنسب بالنسبة لهم. العالم لا يعرف من سيكون في غزة في اليوم التالي، وعليه فلا يمكن له الحديث أو الضغط من أجل اليوم التالي. وحين لا يعرف العالم من هي الجهة التي ستدير قطاع غزة، فإنه لن يضغط كثيراً من أجل تسريع نهاية الحرب والوصول لذلك اليوم التالي غير المعلوم. إن وجود جهة فلسطينية يتم تشكيلها بعيداً عن رغبات الأطراف الثلاثة الرافضة لدور السلطة («حماس» وإسرائيل وواشنطن) ودون مشاورتها، والقول إن هذه الجهة هي التي تقود غزة الآن، وتباشر عملها في داخل غزة، وتصطدم مع أي جهة تعيق عملها وتكون محمية بأطر شعبنا، إن وجود هذه الجهة هو فقط من يجعل السلطة عنواناً في النقاش حول مستقبل غزة.
نتنياهو يرى الأزمة بأنها أزمة اقتصادية وليست أكثر من ذلك، وحتى النقاش بين أوروبا وإسرائيل يتم فيه تثبيت هذه المقولة من خلال وقف العقوبات الإسرائيلية مقابل مزيد من الشاحنات لغزة. فقط السلطة الفلسطينية وإجراءاتها وتثبيت أذرعها في غزة دون مشاورة أحد وخطتها السياسية التي يتم تبنيها من قبل المجتمع الدولي، يمكن لها أن تعيد النقاش حول جوهر مستقبل غزة السياسي واستعادة دورها كجزء من دولة فلسطين. هذا الدور لن يمنحه أحد للسلطة، بل يجب أن تنتزعه وتفرضه عبر إرادة سياسية واضحة، وإذا لم تقم بذلك فلن يعطيها إياه أحد؛ وسيظل دوراً مفقوداً ومنتظراً.
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

البيت الأبيض: ترامب يرى أن الحرب في غزة طالت والقتال أصبح أكثر دموية
البيت الأبيض: ترامب يرى أن الحرب في غزة طالت والقتال أصبح أكثر دموية

معا الاخبارية

timeمنذ 7 ساعات

  • معا الاخبارية

البيت الأبيض: ترامب يرى أن الحرب في غزة طالت والقتال أصبح أكثر دموية

واشنطن- معا- قالت المتحدثة باسم البيت الأبيض في تصريحات صحفية، مساء اليوم الإثنين، إن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يدعو إلى وقف فوري للقتال في قطاع غزة تمهيدا لبدء مفاوضات تهدف إلى وقف إطلاق النار والإفراج عن الأسرى المحتجزين لدى حركة حماس. وأشارت المتحدثة إلى أن ترامب يرى أن الحرب في غزة طالت أكثر مما ينبغي، وأن وتيرة القتال خلال الأيام الأخيرة أصبحت أكثر دموية وتصعيدا. كما شددت على أن الرئيس الأمريكي يولي اهتماما خاصا بالجانب الإنساني، حيث أكد على ضرورة إدخال المساعدات الإنسانية إلى غزة بشكل آمن ومنظّم، بما يضمن وصولها إلى المدنيين دون عوائق.

القناة 14 تكشف.. نتنياهو يسابق الزمن لإنهاء حرب غزة لتنفيذ مشروع اقتصادي ضخم مع ترامب والهند والخليج
القناة 14 تكشف.. نتنياهو يسابق الزمن لإنهاء حرب غزة لتنفيذ مشروع اقتصادي ضخم مع ترامب والهند والخليج

معا الاخبارية

timeمنذ 9 ساعات

  • معا الاخبارية

القناة 14 تكشف.. نتنياهو يسابق الزمن لإنهاء حرب غزة لتنفيذ مشروع اقتصادي ضخم مع ترامب والهند والخليج

تل أبيب- معا- كشف تقرير إسرائيلي نُشر لأول مرة في "أخبار القناة 14" العبرية، مساء اليوم الإثنين، أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يسعى جاهدا لإنهاء الحرب في قطاع غزة، ليس فقط بسبب الضغط المتزايد في الداخل الإسرائيلي، ولكن أيضا بسبب خطة استراتيجية ضخمة تُنسج خلف الكواليس بالتعاون مع الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، ورئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي، وقادة دول الخليج. وبحسب التقرير، فإن الحديث يدور عن مشروع اقتصادي-دبلوماسي ضخم بمئات مليارات الدولارات، هدفه ربط الشرق بالغرب، من خلال إنشاء ممر تجاري يمتد من الهند وشرق آسيا، مرورًا بالشرق الأوسط، ووصولًا إلى أوروبا والولايات المتحدة. وتُعد هذه المبادرة ردًا أمريكيًا مباشرًا على مشروع "الحزام والطريق" الصيني، الذي أنفقت عليه بكين أكثر من تريليون دولار في العقد الأخير، وربطها بشبكات لوجستية وتجارية عالمية. إسرائيل محور رئيسي في المشروع وتستند الخطة على تحويل إسرائيل إلى نقطة ربط مركزية بفضل موقعها الجغرافي بين آسيا وأوروبا، عبر تطوير موانئ، ومطارات، وسكك حديدية، تربط الهند ودول الخليج بالأسواق الغربية. ولتحقيق ذلك، فإن مشاركة السعودية ودول الخليج ضرورية لتوفير الموارد المالية والطاقة والموقع الاستراتيجي. غزة... العقبة أمام "الرؤية الكبرى" لكن ثمة شرط أساسي لتنفيذ هذه الرؤية: وقف الحرب في غزة. فاستمرار الحرب يعطّل انضمام السعودية ودول الخليج، ويؤجل تفعيل هذا التحالف الاقتصادي والسياسي. ولهذا- بحسب التقرير- يسعى نتنياهو إلى تسريع إنهاء الحرب، بالتوازي مع تحقيق ثلاث أهداف: تحرير الأسرى المحتجزين لدى حماس. القضاء على حماس عسكريا. إطلاق المشروع الاقتصادي الأكبر في تاريخ المنطقة بالشراكة مع ترامب. ويرى مراقبون أن هذا المشروع قد يعيد رسم المشهد الجيوسياسي والاقتصادي للمنطقة، لكنه يصطدم بتعقيدات الواقع السياسي والأمني، خاصة في ظل استمرار العمليات العسكرية وغياب الأفق السياسي. وذكرت القناة أن المشروع- الذي يجري بحثه في اتصالات بين واشنطن، وتل أبيب، ونيودلهي، والرياض- يشمل بنى تحتية ضخمة تشمل موانئ، وخطوط سكك حديدية، وطرق سريعة تمتد عبر قارات، ويهدف إلى توفير بديل اقتصادي وجيوسياسي للنفوذ الصيني المتزايد.

مسؤولون إسرائيليون: هذا هو الموعد المتفق عليه لتوقيع صفقة التبادل
مسؤولون إسرائيليون: هذا هو الموعد المتفق عليه لتوقيع صفقة التبادل

معا الاخبارية

timeمنذ 17 ساعات

  • معا الاخبارية

مسؤولون إسرائيليون: هذا هو الموعد المتفق عليه لتوقيع صفقة التبادل

بيت لحم معا- كشف مسؤولون إسرائيليون مطلعون على تفاصيل صفقة الأسرى الوشيكة، أن إسرائيل والولايات المتحدة حددتا الأحد المقبل موعدا مستهدفا لتوقيع اتفاق إطلاق سراح الأسرى ووقف إطلاق النار في قطاع غزة. وفي إسرائيل، أُبلغ وزراء الحكومة الإسرائيلية أن بداية الأسبوع المقبل هو الموعد المحدد لبدء إغلاق الزوايا في مختلف القضايا السياسية والأمنية، إلى جانب تقييم حذر مفاده أنه إذا تم الانتهاء من التفاصيل قريبا، فقد يتم تقديم موعد الإعلان عن الصفقة إلى يوم الجمعة الحالي. يُقدّر مصدر إسرائيلي رفيع المستوى، مُطّلع على التفاصيل، أنه على الرغم من الترويج المكثف من نتنياهو وترامب، إلا أن حماس تتصرف مؤخرًا بشكل غير عقلاني، ولذلك تستعد أيضًا لموقف تنسحب فيه من الاتفاق في اللحظة الأخيرة. وحسب المصدر، فإن حماس تتبنى أسلوب كسب الوقت والضغط من خلال الاقتراب من الاتفاق ثم الانسحاب منه، وهي خطوة تزيد الضغط الشعبي وتمنحها مزيدًا من الوقت.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store