
أسباب ارتفاع الدين العام
أثار ارتفاع الدين العام الأردني خلال الأشهر الأربعة الأولى من عام 2025، مسجلًا نحو 35.8 مليار دينار، أي ما يعادل 93 % من الناتج المحلي الإجمالي، تساؤلات مشروعة حول الوضع المالي بشكل عام ومدى قدرة الأردن على الإيفاء بالتزاماته المالية في ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة، إلا أن التحليل الموضوعي يُحتم النظر إلى ما وراء الأرقام ومقاربة الموضوع بمنهج اقتصادي علمي.السبب المباشر لهذا الارتفاع في الدين لا يعود إلى تدهور هيكلي في الإدارة المالية، بل إلى ظروف مالية استثنائية، فالحكومة لجأت إلى الاقتراض خلال شهري آذار ونيسان بما يعادل مليار دولار عبر قروض ميسرة وصكوك إسلامية بنسبة فائدة 4.8 %، بهدف تغطية عجز الموازنة، وتمويل خسائر شركة الكهرباء الوطنية وسلطة المياه، وتخفيض أعباء الفائدة عبر استبدال ديون مكلفة بأخرى أقل تكلفة.وتم إيداع هذا المبلغ لدى البنك المركزي، لكنه دخل ضمن رصيد المديونية كما ظهر في النشرة المالية لشهر نيسان، وهذه العمليات، رغم أنها رفعت مؤقتا من رصيد الدين، كانت محسوبة ضمن سياسة مالية مدروسة، لا اجتهادات فردية.لا يمكن فصل هذا الواقع المالي عن السياق الإقليمي والدولي الذي تأثر به الأردن خلال السنوات الأخيرة، بدءا من جائحة كورونا، التي فرضت إنفاقا طارئا واسع النطاق على القطاع الصحي والدعم الاجتماعي، مرورا بالأزمات الجيوسياسية المتكررة في المنطقة، وصولا إلى الصراع العسكري الأخير الذي زاد من الضغط على الموارد العامة والبيئة الاستثمارية، وهذه كلها عوامل أدت إلى ارتفاع في النفقات العامة مقابل تباطؤ في الإيرادات.لكن في المقابل، لا يمكن اعتبار نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي، رغم أهميتها، المعيار الوحيد للحكم على وضع المديونية، لذلك ما يهم فعليا هو قدرة الدولة على إدارة هذا الدين بفعالية، وهذا ما أثبتته الحكومة في أكثر من مناسبة.فقد تم تسديد سندات يوروبوند بقيمة مليار دولار دون الحاجة لإصدار سندات جديدة، كانت ستُكلف الخزينة فوائد تتجاوز 9 % في حال طرحت في السوق، كما يتوقع أن تنخفض نسبة الدين في حزيران إلى 91 %، عندما يُستثنى ما يحمله صندوق استثمار أموال الضمان الاجتماعي.التقرير الأخير لصندوق النقد الدولي أشار بوضوح إلى استمرار التقدم في ضبط أوضاع المالية العامة بشكل تدريجي ومتزن، بما يدعم استدامة الدين ويعزز الإنفاق على الحماية الاجتماعية والاستثمار الرأسمالي، حيث أكد على صلابة السياسة النقدية، في موازاة محافظة البنك المركزي على استقرار سعر الصرف والتضخم عند مستويات منخفضة، في حين تجاوزت الاحتياطيات النقدية 22 مليار دولار، وهو مؤشر واضح على الملاءة المالية.الأردن، رغم كل التحديات، لم يتخلف يوما عن سداد ديونه، بل حافظ على مصداقيته أمام المانحين والمستثمرين، وهذا الانضباط هو ما وفر له القدرة على المناورة في الأسواق العالمية والحصول على تمويل بشروط أفضل وفي توقيت يحدده بنفسه.كذلك فإن احتساب ديون الضمان ضمن الدين العام لا يعكس التزاما فعليا فوريا على المالية العامة، بل هو إجراء محاسبي دولي يراعي منظور المؤسسات المانحة.مع ذلك، يبرز تساؤل جوهري: كيف يمكن لصانع القرار أن يتحرك الآن؟ ما الخيارات المتاحة لإبقاء الدين تحت السيطرة مع الوفاء بجميع الالتزامات؟ الإجابة لا تكمن في قرار واحد، بل في منظومة مؤسسية تعتمد على سياسة مالية واضحة، معيارية، وقائمة على التخطيط بعيد المدى، وليس على الحلول اللحظية.وبالتالي، فإن قراءة الدين العام يجب أن تتم في سياقها الزمني والسياسي والاقتصادي، فالارتفاع الأخير مؤقت، ويقابله استقرار نقدي، ونمو اقتصادي متماسك، وبرنامج إصلاح مؤسسي فعال.وعليه، فإن التحدي اليوم لا يكمن في حجم الدين فحسب، بل في طريقة إدارته، وهو ما يبدو أن الحكومة تسير فيه بخطى ثابتة، حتى الآن.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


رؤيا نيوز
منذ ساعة واحدة
- رؤيا نيوز
بلدية بني عبيد تتسلم مستندات بقيمة 270 ألف دينار لتنفيذ مشاريع
سلم عضو اللجنة الإدارية في مجلس محافظة إربد محمد العزام، رئيس بلدية لواء بني عبيد المهندس جمال أبو عبيد اليوم الأربعاء، المستندات المالية المخصصة من موازنة مجلس محافظة إربد لعام 2025، حيث بلغت قيمتها حوالي 270 ألف دينار. وقال أبو عبيد اليوم الأربعاء، إن هذه المخصصات ستساهم في دعم وتنفيذ مجموعة متنوعة من المشاريع التنموية في منطقة بني عبيد، مؤكدا أهمية هذه المخصصات في تعزيز البنية التحتية والخدمات المقدمة للمواطنين حيث تسعى البلدية دائما لذلك في سبيل تلبية احتياجات مناطق اللواء كافة. بدوره أكد العزام أن هذه المشاريع ستسهم في تحسين الظروف المعيشية لأهالي المنطقة وتعزيز التنمية المستدامة.


رؤيا نيوز
منذ ساعة واحدة
- رؤيا نيوز
الأمير الحسن يرعى مؤتمرًا حول واقع البحث العلمي وأثره على الاقتصاد الوطني
رعى سمو الأمير الحسن بن طلال، رئيس المجلس الأعلى للعلوم والتكنولوجيا، اليوم الأربعاء، أعمال مؤتمر بعنوان 'واقع البحث العلمي وأثره على الاقتصاد الوطني'، بحضور سمو الأميرة سمية بنت الحسن، وعدد من الوزراء الحاليين والسابقين، ورؤساء جامعات، وعمداء كليات، وأكاديميين، ومختصين في القطاعين التعليمي والصناعي. ويهدف المؤتمر، الذي نظمه المجلس الأعلى للعلوم والتكنولوجيا، إلى عرض نتائج دراسة وطنية أعدها المجلس حول واقع البحث العلمي في الأردن ومدى تأثيره على الاقتصاد الوطني. وفي كلمة له، أكد سموه أن العلم هو استثمار استراتيجي وليس تكلفة إضافية، مبينًا أن اقتصاد المعرفة يبدأ بالبحث والابتكار. وأوضح سموه أن البحث العلمي ليس ترفًا، بل يعد محركًا اقتصاديًا وإنتاجيًا وطنيًا، إذ يرتبط الإنفاق على البحث والتطوير ارتباطًا مباشرًا بنمو الناتج المحلي الإجمالي في الاقتصادات القائمة على المعرفة. وقال سموه: 'الدول التي تستثمر في البحث العلمي لا تكتفي باللحاق بالركب، بل تقوده'، مشيرًا إلى أن العلوم المبنية على الحقائق المطلقة والتحليل المعرفي هي جزء أساسي من الأمن الوطني. ولفت سموه إلى أهمية الباحث، الذي يشكل مركز تميز وثروة وطنية يجب الحفاظ عليها من خلال تحويل الباحثين إلى شركاء في صناعة المستقبل. وأشار سموه إلى أن البحث العلمي والابتكار يحتاجان إلى تمويل وحوكمة مستدامة؛ لبناء ثقافة للابتكار والمعرفة من خلال التعبئة الوطنية الكاملة للتخصصات كافة، والانتقال من البحث إلى التطوير عبر التعاون والتشبيك وتبني منهجيات التفكير الشمولي. وبيّن سموه الحاجة إلى إيجاد قانون يدعم البحث العلمي، من خلال التركيز على المنح المباشرة للمؤسسات العامة والخاصة، والجوائز المالية للابتكارات، خصوصًا لفئة الشباب، والحوافز الضريبية للشركات التي تستثمر في البحث والتطوير. واختتم سموه حديثه قائلًا: 'لتحقيق تنسيق فعال بين إنتاج المعرفة واستخدامها في التطبيقات العملية أو التجارية لا يكفي الاعتماد فقط على آليات السوق، بل يجب الاعتماد على تشريعات ملائمة تنظم القطاعات المنتجة المختلفة، العامة والخاصة، وتربطها بالأكاديميا'. من جانبه، أشار الأمين العام للمجلس، الدكتور مشهور الرفاعي، إلى أن انعقاد المؤتمر يتزامن مع نقل صندوق دعم البحث العلمي والابتكار إلى المجلس الأعلى للعلوم والتكنولوجيا؛ ما يعكس الحرص على تطوير آليات عمل الصندوق وتعزيز دور العلوم والتكنولوجيا في خدمة المجتمع. وبيّن أن المؤتمر يشهد مشاركة واسعة من الأكاديميين، وممثلي القطاع الصناعي، وصنّاع القرار، لافتًا إلى أن نسبة مشاركة الصناعة بلغت نحو 20 بالمئة، في مؤشر على تنامي الوعي بأهمية الشراكة بين البحث العلمي والقطاع الصناعي في مجالات التطوير والابتكار. وأكد الرفاعي أن البحث العلمي يمثل دعامة أساسية لأية نهضة معرفية أو اقتصادية، مشددًا على أن تطوير منظومة البحث العلمي بات ضرورة حتمية في ظل التحديات المتسارعة. وأضاف أن نتائج الدراسة تعكس واقعًا يتطلب تعاونًا وثيقًا بين جميع القطاعات، مؤكدًا التزام المجلس بلعب دور محوري في تعزيز موقع الأردن علميًا واقتصاديًا. وتضمّن المؤتمر عرضًا لنتائج دراسة 'تقييم واقع البحث العلمي وأثره على الاقتصاد الوطني'، قدّمها رئيس فريق العمل، الدكتور نبيل الهيلات، هدفت إلى تقييم التحديات البنيوية والتنظيمية والتمويلية التي تواجه الباحثين، وقياس فاعلية السياسات الحالية في ربط البحث العلمي بالاقتصاد. واعتمدت الدراسة على استبيان وطني استجاب له 1530 باحثًا من مختلف الجامعات والتخصصات، إلى جانب تحليل كمي ونوعي للبيانات ومؤشرات الإنتاجية الاقتصادية تم عرض نتائجها خلال المؤتمر. وتضمن المؤتمر جلستين حواريتين؛ الأولى بعنوان 'دور الجامعات في النهوض بالبحث العلمي'، أدارها وزير التربية والتعليم ووزير التعليم العالي والبحث العلمي، الدكتور عزمي محافظة، وشارك بها رؤساء جامعات: الأردنية، والعلوم والتكنولوجيا، والحسين التقنية، والأميرة سمية للتكنولوجيا، والألمانية الأردنية. أما الجلسة الثانية، فجاءت بعنوان 'التجسير بين الصناعة والأكاديميا'، وأدارها مساعد الأمين العام للمجلس للشؤون العلمية والتكنولوجية، الدكتور رائد عودة، بمشاركة ممثلين عن شركات الفوسفات والبوتاس، وغرفة صناعة عمّان، وشركة أدوية الحكمة، وبرنامج 'صنع في الأردن'. وفي ختام أعمال المؤتمر، أكد المجلس الأعلى للعلوم والتكنولوجيا التزامه بتحويل مخرجات المؤتمر إلى خطوات عملية لتعزيز مكانة البحث العلمي وربطه بأولويات التنمية الاقتصادية والاجتماعية. ولفت المجلس إلى تشكيل لجان متخصصة لمتابعة تنفيذ التوصيات، ضمن خطة واضحة وآلية تنسيق تضمن توجيه الموارد نحو المشاريع ذات الأثر الملموس. وشدد على أهمية الشراكة بين الجامعات ومراكز الأبحاث والقطاع الصناعي والجهات الحكومية، داعيًا إلى تقديم المقترحات بشأن الدراسة، تمهيدًا لاعتماد النسخة المحدّثة منها. ويعمل المجلس على تطوير لوحة إلكترونية تفاعلية لعرض نتائج الدراسة، بما يتيح للباحثين وصنّاع القرار تحليل البيانات والتفاعل معها بمرونة. كما أعلن المجلس عن خطوات مستقبلية، شملت تشكيل مجلس استشاري للصندوق، وتطوير نظام إلكتروني موحد لإدارة التمويل، وعقد مؤتمر وطني حول الفجوة بين الأكاديميا والصناعة، إلى جانب دعم إنشاء مراكز ومختبرات بحثية وطنية متخصصة، وتوقيع مذكرات تفاهم لتنفيذ مشاريع بتمويل مشترك.


رؤيا نيوز
منذ ساعة واحدة
- رؤيا نيوز
غرف الصناعة تثمّن قرار الحكومة اعتماد أسس جديدة لمنح المستثمرين الجنسية
أكد رئيس غرفتي صناعة الأردن وعمان، المهندس فتحي الجغبير، أن نهج الحكومة يؤكد سعيها لتحسين بيئة الأعمال، وجذب المزيد من الاستثمارات الداخلية والخارجية، وخصوصا في القطاع الصناعي، الذي يعد من أكثر القطاعات جذبا للاستثمارات الخارجية خلال السنوات الأخيرة. وثمن الجغبير قرار مجلس الوزراء، الصادر اليوم الأربعاء، باعتماد أسس جديدة لمنح المستثمرين الجنسية الأردنية والإقامة، مؤكدا أن هذا القرار يمثل خطوة إيجابية ومهمة على صعيد جذب المزيد من الاستثمارات، وكذلك تثبيت الاستثمارات الحالية في المملكة، خاصة أن القرار ركز على دور الاستثمارات في التشغيل، من خلال ربط منح الجنسية بتشغيل عدد معين من الأردنيين. وكان مجلس الوزراء قرر في جلسته التي عقدها اليوم الأربعاء برئاسة رئيس الوزراء الدكتور جعفر حسان، إصدار أسس جديدة لغايات منح المستثمرين الجنسية الأردنية أو الإقامة عن طريق الاستثمار، وذلك وفقا لتوصيات اللجنة الخاصة بالمستثمرين. ورأى الجغبير أن القرار يشكل فرصة مهمة للمستثمرين، خصوصا من الدول العربية الشقيقة، الراغبين بالحصول على الجنسية الأردنية لهم ولعائلاتهم، لتعزيز استثماراتهم وتوسيعها؛ إذ كانت التعليمات السابقة تحول دون حصول أبناء المستثمرين ممن تجاوزوا سن 18 عاما على الجنسية، إلا أن القرار الجديد سمح لهم بالحصول عليها. ودعا الحكومة إلى مواصلة هذا النهج، الذي يسهم بشكل مباشر في تحسين البيئة الاستثمارية في الأردن، ويدعم استقرار القطاع الصناعي، ويساعد في توفير فرص عمل جديدة، ما ينعكس إيجابا على الاقتصاد الوطني ككل.