logo
فرضية تقترح أن الزمن له ثلاثة أبعاد والمكان ليس إلا "نتيجة"

فرضية تقترح أن الزمن له ثلاثة أبعاد والمكان ليس إلا "نتيجة"

الجزيرةمنذ يوم واحد
لطالما اعتقدنا، أن الواقع مبني على ثلاثة أبعاد مكانية (الطول والعرض والارتفاع) وبعد رابع يمثل الزمن، يمكن لنا التحرك بسهولة داخل الأبعاد المكانية، بينما نحن مجبولون على المضي في اتجاه واحد يخص البعد الرابع، إنه المستقبل.
لكن جونتر كليتيتشكا، عالم الفيزياء من جامعة ألاسكا فيربانكس، يقترح تصورا جذريًا، حيث يفترض أن الزمن هو الأساس الحقيقي للواقع، وله ثلاثة أبعاد، بينما المكان ينشأ كنتيجة ثانوية من تلك الأبعاد الزمنية، بحسب دراسة نشرت بدورية "رِبورتس إن أدفانسِز أوف فيزيكال ساينسِز".
قماش الواقع
ولغرض التبسيط تخيل أن لدينا لوحة رسم قماشية بيضاء، هذا القماش هو ما يُبنى عليه كل شيء، في التشبيه فإن الزمن بأبعاده الثلاثة هو هذا القماش الأساسي، أي أن الزمن ليس مجرد "خلفية" تمر فيها الأحداث، بل هو الإطار البنيوي الحقيقي للكون.
على نفس القماش، فإن الألوان والأشكال التي نرسمها على القماش تمثل الأبعاد المكانية الثلاثة، هذه "الألوان" لا توجد بذاتها، بل تظهر فقط عندما نرسمها على القماش.
كذلك، في تصور كليتيتشكا، المكان لا يوجد بذاته، بل يظهر فقط كنتيجة أو أثر للتفاعلات داخل بنية الزمن الثلاثي.
وعندما ننظر إلى اللوحة الفنية، نراها مزيجا من القماش والألوان. كذلك، الواقع الذي نعيشه يبدو لنا مكانا وزمانا معًا. لكن حسب هذه النظرية، الزمن هو الأصل، والمكان مشتق منه، تمامًا كما لا وجود للوحة بدون قماش، لا وجود للمكان بدون الزمن.
معادلة جديدة
في هذا السياق، فإن النموذج الجديد الذي يقترحه كليتيتشكا يفترض وجود ستة أبعاد في الواقع، ثلاثة زمنية وثلاثة مكانية، ويربطهما بمعادلة رياضية تدعم هذا التصوّر، جدير بالذكر أن تعدد الأبعاد ليس افتراضا جديدا، فنظرية الأوتار مثلا تسمح بوجود أبعاد متعددة، تصل إلى 26 بُعدا.
ومن هذه المعادلة الجديدة، استطاع الباحث حساب كتل الجسيمات المعروفة، مثل الإلكترون والكواركات بدقة، وهو أمر مهم نادرًا ما ينجح به أي نموذج رياضي في هذا النطاق..
كما أن النموذج الجديد يحافظ على السبب والنتيجة، تمامًا كما في الزمن الأحادي، حيث تبقى العلاقة سببية؛ السبب يسبق النتيجة حتى في البُعد الزمني الآخر.
أبعاد تائهة
ولكنك في هذا السياق قد تسأل: وأين تلك الأبعاد الزمنية الأخرى، والإجابة، كما يعتقد بعض الباحثين، ولا سيما الفيزيائي النظري إسحاق بارز من جامعة جنوب كاليفورنيا، أن البعدين الثاني والثالث يظهران أو يتكشفان عند مستويات طاقة قصوى، كما هو الحال في بدايات الكون أو في تفاعلات الجسيمات عالية الطاقة.
لكن لفهمها يضرب العلماء مثالا مبسطا في بيان صحفي رسمي أصدرته الجامعة، تخيل أنك تسير في مسارٍ مستقيم، تتحرك إلى الأمام، وبالتالي تختبر الزمن كما نعرفه. تخيّل الآن مسارًا آخر يتقاطع مع المسار الأول، ويسير جانبيا.
إذا استطعت أن تسلك هذا المسار الجانبي، وتبقى في نفس اللحظة من "الزمن العادي"، فقد تجد أن الأمور قد تختلف قليلًا، ربما نسخة مختلفة من اليوم نفسه. يُمكنك السير على طول هذا المسار الثاني العمودي من استكشاف نتائج مختلفة لذلك اليوم دون الرجوع إلى الوراء أو التقدم في الزمن كما نعرفه.
وجود هذه النتائج المختلفة هو البُعد الثاني للزمن. أما وسيلة الانتقال من نتيجةٍ إلى أخرى فهي البُعد الثالث.
نظرية كل شيء
يعتقد عدد من الفيزيائيين النظريين أن السعي وراء "نظرية الزمن ثلاثي الأبعاد" يُمثل سبيلًا للمساعدة في الإجابة عن بعض الأسئلة الفيزيائية الكبرى التي حيرت العلماء، وبخاصة في نطاق توحيد ميكانيكا الكم (النظرية التي تدرس سلوك الجسيمات على أصغر المقاييس) والنسبية العامة (النظرية التي تدرس المقاييس الكبرى)، في نظرية كمية واحدة للجاذبية.
يمكن لنظرية الجاذبية الكمومية، أن تُصبح نظريةً شاملةً للكون (ما يُسمى "نظرية كل شيء")، حيث ستُوحّد هذه النظرية القوى الأساسية الأربع للطبيعة: الكهرومغناطيسية، والقوة النووية القوية، والقوة النووية الضعيفة، والجاذبية.
يعتقد كليتيتشكا أن نظريته عن الزمن ثلاثي الأبعاد يُمكن أن تُساعد في هذا المسعى، حيث يُعيد الإطار الرياضي الذي ابتكره بدقة إنتاج الكتل المعروفة لجسيمات مثل الإلكترونات والميونات والكواركات، ويُفسّر أيضًا سبب امتلاك هذه الجسيمات هذه الكتل.
ولكن على الرغم من أن نظرية كليتيتشكا عن الزمن ثلاثي الأبعاد تقدم أفكارا جديدة مثيرة للاهتمام، إلا أن نتائجها لم يقبلها بعد المجتمع العلمي الأوسع.
إلى جانب ذلك، لا تزال النظرية في مراحلها الأولى من التدقيق، ولم يتم التحقق منها بشكل مستقل من التجارب، ولم تخضع بعد للتقييم النقدي من مجتمع الفيزياء الأوسع، كما أن هناك حاجة لنشر دراسات أخرى عن نفس النظرية في مجلات متعددة.
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

فرضية تقترح أن الزمن له ثلاثة أبعاد والمكان ليس إلا "نتيجة"
فرضية تقترح أن الزمن له ثلاثة أبعاد والمكان ليس إلا "نتيجة"

الجزيرة

timeمنذ يوم واحد

  • الجزيرة

فرضية تقترح أن الزمن له ثلاثة أبعاد والمكان ليس إلا "نتيجة"

لطالما اعتقدنا، أن الواقع مبني على ثلاثة أبعاد مكانية (الطول والعرض والارتفاع) وبعد رابع يمثل الزمن، يمكن لنا التحرك بسهولة داخل الأبعاد المكانية، بينما نحن مجبولون على المضي في اتجاه واحد يخص البعد الرابع، إنه المستقبل. لكن جونتر كليتيتشكا، عالم الفيزياء من جامعة ألاسكا فيربانكس، يقترح تصورا جذريًا، حيث يفترض أن الزمن هو الأساس الحقيقي للواقع، وله ثلاثة أبعاد، بينما المكان ينشأ كنتيجة ثانوية من تلك الأبعاد الزمنية، بحسب دراسة نشرت بدورية "رِبورتس إن أدفانسِز أوف فيزيكال ساينسِز". قماش الواقع ولغرض التبسيط تخيل أن لدينا لوحة رسم قماشية بيضاء، هذا القماش هو ما يُبنى عليه كل شيء، في التشبيه فإن الزمن بأبعاده الثلاثة هو هذا القماش الأساسي، أي أن الزمن ليس مجرد "خلفية" تمر فيها الأحداث، بل هو الإطار البنيوي الحقيقي للكون. على نفس القماش، فإن الألوان والأشكال التي نرسمها على القماش تمثل الأبعاد المكانية الثلاثة، هذه "الألوان" لا توجد بذاتها، بل تظهر فقط عندما نرسمها على القماش. كذلك، في تصور كليتيتشكا، المكان لا يوجد بذاته، بل يظهر فقط كنتيجة أو أثر للتفاعلات داخل بنية الزمن الثلاثي. وعندما ننظر إلى اللوحة الفنية، نراها مزيجا من القماش والألوان. كذلك، الواقع الذي نعيشه يبدو لنا مكانا وزمانا معًا. لكن حسب هذه النظرية، الزمن هو الأصل، والمكان مشتق منه، تمامًا كما لا وجود للوحة بدون قماش، لا وجود للمكان بدون الزمن. معادلة جديدة في هذا السياق، فإن النموذج الجديد الذي يقترحه كليتيتشكا يفترض وجود ستة أبعاد في الواقع، ثلاثة زمنية وثلاثة مكانية، ويربطهما بمعادلة رياضية تدعم هذا التصوّر، جدير بالذكر أن تعدد الأبعاد ليس افتراضا جديدا، فنظرية الأوتار مثلا تسمح بوجود أبعاد متعددة، تصل إلى 26 بُعدا. ومن هذه المعادلة الجديدة، استطاع الباحث حساب كتل الجسيمات المعروفة، مثل الإلكترون والكواركات بدقة، وهو أمر مهم نادرًا ما ينجح به أي نموذج رياضي في هذا النطاق.. كما أن النموذج الجديد يحافظ على السبب والنتيجة، تمامًا كما في الزمن الأحادي، حيث تبقى العلاقة سببية؛ السبب يسبق النتيجة حتى في البُعد الزمني الآخر. أبعاد تائهة ولكنك في هذا السياق قد تسأل: وأين تلك الأبعاد الزمنية الأخرى، والإجابة، كما يعتقد بعض الباحثين، ولا سيما الفيزيائي النظري إسحاق بارز من جامعة جنوب كاليفورنيا، أن البعدين الثاني والثالث يظهران أو يتكشفان عند مستويات طاقة قصوى، كما هو الحال في بدايات الكون أو في تفاعلات الجسيمات عالية الطاقة. لكن لفهمها يضرب العلماء مثالا مبسطا في بيان صحفي رسمي أصدرته الجامعة، تخيل أنك تسير في مسارٍ مستقيم، تتحرك إلى الأمام، وبالتالي تختبر الزمن كما نعرفه. تخيّل الآن مسارًا آخر يتقاطع مع المسار الأول، ويسير جانبيا. إذا استطعت أن تسلك هذا المسار الجانبي، وتبقى في نفس اللحظة من "الزمن العادي"، فقد تجد أن الأمور قد تختلف قليلًا، ربما نسخة مختلفة من اليوم نفسه. يُمكنك السير على طول هذا المسار الثاني العمودي من استكشاف نتائج مختلفة لذلك اليوم دون الرجوع إلى الوراء أو التقدم في الزمن كما نعرفه. وجود هذه النتائج المختلفة هو البُعد الثاني للزمن. أما وسيلة الانتقال من نتيجةٍ إلى أخرى فهي البُعد الثالث. نظرية كل شيء يعتقد عدد من الفيزيائيين النظريين أن السعي وراء "نظرية الزمن ثلاثي الأبعاد" يُمثل سبيلًا للمساعدة في الإجابة عن بعض الأسئلة الفيزيائية الكبرى التي حيرت العلماء، وبخاصة في نطاق توحيد ميكانيكا الكم (النظرية التي تدرس سلوك الجسيمات على أصغر المقاييس) والنسبية العامة (النظرية التي تدرس المقاييس الكبرى)، في نظرية كمية واحدة للجاذبية. يمكن لنظرية الجاذبية الكمومية، أن تُصبح نظريةً شاملةً للكون (ما يُسمى "نظرية كل شيء")، حيث ستُوحّد هذه النظرية القوى الأساسية الأربع للطبيعة: الكهرومغناطيسية، والقوة النووية القوية، والقوة النووية الضعيفة، والجاذبية. يعتقد كليتيتشكا أن نظريته عن الزمن ثلاثي الأبعاد يُمكن أن تُساعد في هذا المسعى، حيث يُعيد الإطار الرياضي الذي ابتكره بدقة إنتاج الكتل المعروفة لجسيمات مثل الإلكترونات والميونات والكواركات، ويُفسّر أيضًا سبب امتلاك هذه الجسيمات هذه الكتل. ولكن على الرغم من أن نظرية كليتيتشكا عن الزمن ثلاثي الأبعاد تقدم أفكارا جديدة مثيرة للاهتمام، إلا أن نتائجها لم يقبلها بعد المجتمع العلمي الأوسع. إلى جانب ذلك، لا تزال النظرية في مراحلها الأولى من التدقيق، ولم يتم التحقق منها بشكل مستقل من التجارب، ولم تخضع بعد للتقييم النقدي من مجتمع الفيزياء الأوسع، كما أن هناك حاجة لنشر دراسات أخرى عن نفس النظرية في مجلات متعددة.

ناسا تعرض صورة جديدة لجارتنا الأقرب مجرة "المرأة المسلسلة"
ناسا تعرض صورة جديدة لجارتنا الأقرب مجرة "المرأة المسلسلة"

الجزيرة

timeمنذ يوم واحد

  • الجزيرة

ناسا تعرض صورة جديدة لجارتنا الأقرب مجرة "المرأة المسلسلة"

أصدرت وكالة الفضاء والطيران الأميركية "ناسا"، مع شراكات دولية، صورة مركبة عالية الدقة تجمع بين معطيات من أكثر من 12 تلسكوب فضائية وأرضية. هي صورة واحدة يتم تكوينها من دمج صور متعددة، كل واحدة منها مأخوذة باستخدام نوع مختلف من الأشعة (مثل الضوء المرئي، الأشعة السينية، تحت الحمراء…وغيرها). ولفهم الفكرة تخيّل مجرة المرأة المسلسلة مثل إنسان، الضوء المرئي يُريك الملابس والشكل الخارجي، والأشعة تحت الحمراء تُريك الحرارة تحت الجلد، والأشعة السينية تُريك العظام (الهيكل الداخلي)، والأشعة فوق البنفسجية تُريك الطاقة العالية من الخلايا الشابة. بدمج كل هذه "الطبقات"، تحصل على صورة "مركبة" تعطيك رؤية كاملة للكائن، وهذا هو ما تفعله الصور المركبة للمجرات، وفي حالة المرأة المسلسلة فإن الصورة الجديدة تُبرز مواقع ذات طاقة عالية حول الثقب الأسود الفائق في مركز المجرة، بالإضافة إلى أجرام مدمجة كثيفة منتشرة في أرجاء المجرة، بحسب بيان صحفي رسمي من ناسا. جارة الأرض تبتعد مجرة المرأة المسلسلة نحو 2.5 مليون سنة ضوئية عن مجرتنا، وبذلك تكون أقرب مجرة حلزونية لنا، وهي مجرة حلزونية ضخمة، مثل درب التبانة، لكن أكبر منها، وتحتوي على أكثر من تريليون نجم، أي أكثر من عدد نجوم مجرتنا، التي يعتقد أنها تحتوي على 250-400 مليار نجم. وبسبب قربها، يمكن رؤية المرأة المسلسلة بالعين المجردة من نصف الكرة الشمالي في ليالٍ مظلمة صافية، كأنها غيمة صغيرة خافتة. لعبت المجرة ​​دورا مهما في العديد من جوانب الفيزياء الفلكية، وخاصة في اكتشاف المادة المظلمة. وفي ستينيات القرن الماضي، درست عالمة الفلك فيرا روبين وزملاؤها مجرة ​​المرأة المسلسلة، وخلصوا إلى وجود مادة غير مرئية في المجرة تؤثر على كيفية دورانها وأذرعها الحلزونية، سُميت هذه المادة المجهولة "المادة المظلمة". بيانات مركبة تحتوي الصورة المركبة الجديدة على بيانات التُقطت بواسطة بعض أقوى التلسكوبات بالعالم في أنواع مختلفة من نطاقات الضوء، فمثلا حصل العلماء على بيانات الأشعة السينية من مرصد تشاندرا للأشعة السينية التابع لناسا، ومرصد "إكس إم إم نيوتن" التابع لوكالة الفضاء الأوروبية (ممثلة باللون الأحمر والأخضر والأزرق) أما بيانات الأشعة فوق البنفسجية من مرصد "جاليكس" التابع لناسا (الأزرق)، إلى جانب بيانات بصرية باستخدام تلسكوبات أرضية (جاكوب ساهنر وتارون كوتاري)، وبيانات الأشعة تحت الحمراء من تلسكوب سبيتزر الفضائي التابع لناسا. وإلى جانب ذلك، حصل العلماء على بيانات الأشعة تحت الحمراء من مراصد مثل كوب وبلانك وهيرشل وغيرها (تظهر بالأحمر والبرتقالي والأرجواني)، وبيانات نطاق الراديو من تلسكوب ويستربورك سينثيسيس الراديوي (وتظهر بالأحمر والبرتقالي).

ضـوء مـن «الفـراغ الكـمـومـي»
ضـوء مـن «الفـراغ الكـمـومـي»

جريدة الوطن

timeمنذ يوم واحد

  • جريدة الوطن

ضـوء مـن «الفـراغ الكـمـومـي»

في سبق علمي جديد أعلن فريق من العلماء بجامعة أوكسفورد البريطانية عن تطوير أداة محاكاة حاسوبية قادرة على تتبع تفاعلات الضوء في الفراغ الكمي لحظة بلحظة، في 3 أبعاد وبدقة عالية غير مسبوقة. وقد نُشرت هذه الدراسة في دورية «كوميونيكيشن فيزيكس» التابعة لمجموعة «نيتشر». تكشف الدراسة حقيقة «العدم» بالمعنى الفيزيائي (وليس الفلسفي)، حيث تقول زيكسين زانغ، الباحثة في قسم الفيزياء الذرية والليزر، في جامعة أكسفورد: «في المصطلحات اليومية، نعتقد أن العدم هو فضاء فارغ، لكن في الفيزياء الكمية، فإن (اللا شيء) لا يكون فارغا حقا». مضيفة: «حتى في فراغ مثالي، هناك تقلبات طاقة صغيرة وسريعة تؤدي إلى ظهور جسيمات افتراضية تظهر وتختفي بسرعة كبيرة لدرجة يصعب معها رصدها مباشرة». ورغم أن هذه الظواهر الكمومية كانت دائما حاضرة في النظريات، فإن الأدوات التجريبية لرصدها ظلت محدودة. لكن الليزر فائق القوة المستخدم حاليا يمكّن من التفاعل مع هذا الفراغ الكمومي، ورصد آثاره غير المباشرة، مثل تغيير خصائص نبضة ضوئية تمر خلاله. حقيقة الفراغ تقدم الدراسة أداة محاكاة جديدة تستند إلى نموذج يصف كيف يؤثر الفراغ الكمي على الضوء. تشرح زانغ: «لقد قدمنا في دراستنا أداة محاكاة جديدة تُمكّن من تتبع كيفية تفاعل نبضات الليزر مع الفراغ الكمومي. وتُظهر نتائجنا إعادة إنتاج الظواهر المعروفة مثل الازدواجية في الفراغ (حيث يتغير الضوء بسبب الفراغ) ومزج الموجات الأربع (حيث يتم توليد ضوء جديد من تداخل ثلاث نبضات ضوئية)، مما يؤكد أن النموذج يعمل بدقة ويمكنه مساعدتنا في استكشاف فيزياء أكثر غرابة مستقبلا». في السابق، كانت النماذج التي تحاول محاكاة هذا التفاعل تعتمد على افتراضات غير دقيقة، مثل اعتبار الليزر موجة مثالية ومنتظمة، بينما الليزر الحقيقي أكثر تعقيدا. كما أن أدوات المحاكاة القديمة كانت بطيئة جدا أو لا تُظهر تفاصيل كافية. تضيف زانغ: «لذلك نلجأ إلى المحاكاة الرقمية، لكنها مكلفة حسابيا جدا، خاصة في 3 أبعاد». وهنا جاءت فكرة الأداة الجديدة: أشبه بـ «كاميرا فائقة السرعة» تلتقط ما يحدث أثناء التفاعل، وتُظهر التفاصيل بوضوح وبتكلفة حاسوبية أقل، تقول زانغ: «أدوات المحاكاة الحالية إما بطيئة جدا، أو لا تُظهر ما يحدث داخل منطقة التفاعل. أما أداتنا الجديدة فهي أشبه بكاميرا عالية السرعة تتيح مشاهدة التفاعل لحظة بلحظة، مما يمنحنا فهما أعمق بكثير». تم تطوير هذه الأداة ضمن بيئة تُسمى «أوزيريس»، وتم تعديلها بحيث تعمل بكفاءة عالية باستخدام موارد بسيطة، مما سيساعد العلماء على استكشاف ظواهر فيزيائية أكثر غرابة في المستقبل. ليس انعكاسا ولا اتحادا! من المظاهر المذهلة التي كشفتها المحاكاة هو أن الفراغ في ظل الضوء الكثيف يتصرف وكأنه وسط يتغير سلوكه تجاه الضوء، عندما تزداد شدة الضوء الداخل إليه، مما يسمح بتفاعلات ضوئية غير ممكنة عادة. تتعجب زانغ، وتوضح «ما يثير الدهشة أن ظواهر ضوئية مثل الازدواجية أو مزج الموجات الأربع، والتي تحتاج عادة إلى مواد خاصة، يمكن أن تحدث هنا في غياب تام لأي مادة. كل ما نحتاجه هو فراغ وكثافة ضوء عالية». يعني ذلك أن النبضة الضوئية الجديدة الناتجة من مزج الموجات الأربع ليست انعكاسا للنبضات الثلاث، ولا مجرد اتحاد مباشر بينها، بل هي وليدة تفاعل خاص يحدث داخل «العدم» أو الفراغ الكمي عندما تتقاطع هذه النبضات معا. هذا التحول في تصور الفراغ له آثار عملية أيضا، خصوصا في تصميم التجارب المستقبلية في مرافق الليزر العملاق، وتشرح زانغ: «أداتنا متاحة عند الطلب ويمكنها محاكاة أي إعداد لليزر تقريبا. وهذا يعني أن الباحثين في المرافق الجديدة يستطيعون اختبار أفكارهم على الحاسوب قبل تنفيذها في الواقع، ومقارنة النتائج بما ننتجه نظريا»، مشيرة إلى أن الأداة تدعم أيضا نماذج فيزيائية بديلة. كما تتيح الأداة تتبع الوقت الدقيق لوصول النبضات الضوئية إلى أجهزة الكشف، وهو أمر حاسم للتجارب التي تستخدم مجسات عالية الحساسية تعتمد على التوقيت، فمعظم النماذج السابقة لا تحدد متى ستصل الإشارة إلى الكاشف. أما الأداة الجديدة، فهي تتبع تطور النبضة لحظة بلحظة، مما يسمح بالتنبؤ الدقيق بزمن وصول الإشارة، وبالتالي تحسين فعالية التجارب، بحسب زانغ. ضوء مقولب وفي واحدة من أهم نتائج الدراسة، كشفت المحاكاة أن شكل النبضة الناتجة في تجربة مزج الموجات الأربع يتأثر مباشرة بشكل منطقة التداخل بين نبضات الليزر الداخلة. وتشرح زانغ: «الفكرة الأساسية أن الضوء الناتج يتشكل فقط في المنطقة التي تتقاطع فيها كثافات الليزر الداخلة. إذا كانت المنطقة غير منتظمة، فإن النبضة الخارجة تعكس هذا الشكل، كأنها قطعة بسكويت تأخذ شكل القالب. وقد أظهرت محاكاتنا هذا الترابط بشكل واضح». يطمح الباحثون أن تصبح أداتهم أساسا لأدوات أوسع لمحاكاة الفراغ الكمي، ليس فقط في فراغ تام بل حتى عند وجود جسيمات، مما يفتح الباب أمام محاكاة التجارب المعقدة. وهكذا، لا يعود الفراغ مجرد غياب للمادة، بل يصبح ساحة تعج بصخب صنعته فيزياء الكم ولن تكف عنه في السنوات المقبلة، كما تشهد تفاعلات ضوئية دقيقة ومعقدة يمكن الآن، بفضل هذه المحاكاة، مشاهدتها بتفاصيل غير مسبوقة.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store