logo
فادي صقر: «سفّاح التضامن» أم «المقدّم النصيري»؟

فادي صقر: «سفّاح التضامن» أم «المقدّم النصيري»؟

إيطاليا تلغراف١٣-٠٦-٢٠٢٥

صبحي حديدي نشر في 12 يونيو 2025 الساعة 22 و 52 دقيقة
إيطاليا تلغراف
صبحي حديدي
كاتب وباحث سوري يقيم في باريس
في مستوى أوّل من السجال حول شخصيات فادي مالك أحمد (أو فادي صقر لاحقاً، وراهناً) لا تُحسد سلطات أحمد الشرع الانتقالية على الورطة التي علقت بها بعد اتضاح منحها الأمن والأمان (ثمّ سلطة التوسط مع أبناء الطائفة العلوية، من حيّ عشّ الورور في دمشق، إلى بلدات قرفيص والدالة في أعالي جبال الساحل السوري). هذه، أغلب الظنّ، ورطة أخلاقية تمسّ ما قطعت «فصائل التحرير» من عهود وما أبرمت من عقود، ليس مع شخصيات تُحتسب على «فلول» النظام بمقادير مختلفة متفاوتة، فحسب؛ بل كذلك، وأولاً، مع شارع شعبي اقتنع، أو انطلت عليه بسهولة، مقولة أحمد الشرع بصدد الانتقال من عقلية الفصيل/ الثورة إلى عقلية الدولة/ القانون.
لكنها، أيضاً واستطراداً، ورطة سياسية تخصّ عناوين مثل التسامح مع الماضي أو طيّ صفحته (على عجل، كما يتوجب التشديد)؛ وإدخال خصوم الماضي إلى صفوف الحاضر والمستقبل (ليس بأقلّ عجالة، أو حتى تعجلاً، هنا أيضاً)؛ واستفزاز الضمير الشعبي العريض، المثقل بالجراح الغائرة والمظالم الجائرة ومطالب إحقاق الحق. الورطة أمنية، إلى هذا، في ضوء تقارير شتى متقاطعة أشارت إلى أنّ أعدادا غير قليلة ممّن قاتلوا في صفوف فلول النظام، خلال تمرّد 8 و9 آذار (مارس) وما تخلله على الجانبين من أعمال قتل على الهوية الطائفية، كانوا يحملون في جيوبهم وثائق تسوية أوضاع مع سلطات الأمر الواقع، لم تمنعهم من حمل السلاح تحت راية مقداد فتيحة وأضرابه. وهي، ثالثاً، ورطة قانونية وحقوقية تتجاوز، بكثير وبعمق جزائي ومقاضاة واجبة، عموميات أمثال حسن صوفان ونور الدين البابا حول «السلم الأهلي»؛ لأنها، في خطأ فادح أوّل، تستفزّ الضمير الشعبي العريض، المثقل بجراح غائرة ومظالم جائرة ومطالب إحقاق حقّ وراءه ملايين المطالبين.
منذا الذي، ابتداء من الرئيس الانتقالي أحمد الشرع، مروراً بوزير الداخلية أنس خطاب وليس انتهاء بأيّ عضو عالي المهارات في «التفلسف» حول العفو والتسامح والمسالمة الأهلية؛ يملك، اليوم أو في غد قريب أو بعيد، مقدرة طمس الصفات الدامغة التي اقترنت بشخص صقر؟ مَن يطمس عن مظهره الراهن، المُعاد إنتاجه وتدويره وتحسينه، سلسلة الصور التالية، الراسخة في ضمائر ضحاياه وخصومه قبل أنصاره ومحازبيه:
ـ أحد كبار قياديي ميليشيا «قوات الدفاع الوطني»، التي لم تكن بعيدة عن احتلال الصفة الأعنف والأشرس والأشدّ دموية في مساندة النظام، عن طريق ارتكاب المجازر الجماعية والفردية، وموالاة «الحرس الثوري» الإيراني و«حزب الله» والميليشيات المذهبية العراقية تارة، أو موالاة القوات الروسية ومجموعات «فاغنر» تارة أخرى، في دير الزور كما في مخيم اليرموك، وفي القامشلي كما في حي حمص.
2 ـ المهندس، إذا لم يكن القائد الآمر، خلف سلسلة مجازر عُدّت «ممنهجة»، على ما في المفردة من بذاءة دلالية دموية، في حيّ التضامن الدمشقي خصوصاً، في سنة 2013، ولم تُفتَضح إلا بعد 9 سنوات حين كشفت تفاصيلها الوحشية صحيفة الـ»غارديان» البريطانية.
3 ـ «أمير الحرب» الذي اهتدى إلى الأشغال والأعمال والتجارة والنهب والفساد والإفساد، ومارسها وفقاً لأنساق شديدة الابتذال لم يكن لروائحها الكريهة إلا أن تزكم أنوف أسياده أنفسهم، وسيداته أنفسهنّ والحقّ يُقال؛ كما في ملفّ مجمّع الـ«بيغ فايف» الدمشقي، حين اضطرّ كبار تماسيح اللصوصية إلى إجراء الحدّ الأدنى من وضع الكمامات على الأنوف.
4 ـ فإذا كانت السلطة الانتقالية قد منحت صقر الأمن والأمان، فهل في وسعها التوسط له لدى البيت الأبيض والخزانة الفدرالية الأمريكية لرفع اسمه عن لائحة عقوبات، جمعته في الأصل مع أمثال لونا الشبل وعمار ساعاتي وآخرين من غاسلي دماء السوريين عن أيدي كبار مجرمي الحرب؟
وقد يتساءل متسائل، محقاً في درجات غير ضئيلة: ولكن… أليست هذه هي، بالضبط، الصفات التي منحت صقر موقعاً تفاوضياً، وامتيازاً خاصاً لدى بيئاته الاجتماعية والسياسية والمناطقية، ثمّ الطائفية تالياً، كي يحصل من سلطات الشرع الانتقالية على تفويض بالتوسط و«حقن الدماء»؛ حتى إذا كان الثمن مرافقة محافظ دمشق في تعزية ضحايا التصفيات الطائفية في عشّ الورور، أو قبلها التجوّل هنا وهناك في قرى الساحل السوري بهدف «تعزيز السلم الأهلي»، على نحو استعراضي فاقع ومسرحي هابط؟
نعم، بالطبع، من وجهة نظر السلطة الانتقالية الراهنة، قبل انطلاق معارك ّ»ردع العدوان» حيث يتردد اليوم كلام مثير عن التنسيق مع صقر وأمثاله، أو بعد سقوط النظام فجر 8 كانون الأول (ديسمبر) 2023، أو خلال وبعيد تمرّد الفلول ومجازر الساحل السوري مطلع آذار (مارس) الماضي. ولكن لا، بالطبع أيضاً، من وجهة نظر وطنية وسياسية واجتماعية وتاريخية لا تعتبر أبناء الطائفة العلوية، في غالبية عالية على الأقلّ، «مخابر تجريب» لدى قائد سابق في «قوات الدفاع الوطني»، استحقّ بالفعل لقب «سفاح التضامن»؛ لا لأي اعتبار آخر يسبق حقيقة وجود أبناء الطائفة العلوية في قلب المعمار السياسي والاجتماعي والاقتصادي والوجداني السوري، ولهم بالتالي ما للآخرين من حقوق، وعليهم ما على الآخرين من واجبات مماثلة، وأفظع الحماقات سوف تكون زجّهم قسراً في قوالب مسبقة طائفية أو مناطقية.
وهذه السطور نأت على الدوام عن توصيف النظام الذي شيّده آل الأسد بـ«العلوي»، لأنه ليس دقيقاً بالمعاني السياسية أو الاجتماعية أو الديمغرافية أو حتى الاصطلاحية المجردة، ولسبب جوهري أوّل هو أن مكونات النظام، سواء في الأجهزة الأمنية أو الجيش أو الحزب أو مجلس الوزراء أو الإدارات الكبرى، ضمّت السنّة والعلويين والدروز والإسماعيليين من الطوائف المسلمة، والكاثوليك والأرثوذكس والبروتستانت من المسيحيين. لا يصحّ، في المقابل، إغفال حيثية أنثروبولوجية ومذهبية في آن، ذات صلة بما تمنحه التعاليم النصيرية من تراتبية اجتماعية ــ دينية لشخصية الزعيم «الوليّ» أو القائد «المقدّم»، وما يرتبط بهما من مراتب أدنى تابعة مثل «الرؤساء» و«النقباء» و«النجباء» و«المخلصين» و«الممتَحنين».
وفي العصور اللاحقة، بعد فترات الاضطهاد المملوكية والعثمانية، ثمّ خلال الانتداب الفرنسي (1921 ـ 1945) توطد التحالف بين «المقدّم» و«الشيخ»، كما في زعامات مثل جابر عباس زعيم عشيرة الخياطين، ومنافسه إبراهيم الكنج زعيم عشيرة الحدادين، ثمّ سليمان المرشد الذي جمع بين الزعيم العشائري والشيخ وناشر الخزعبلات حسب تقرير للمخابرات الفرنسية بتاريخ 30 يناير 1924. فإذا جاز الافتراض بأنّ فقهاء السلم الأهلي داخل السلطة الانتقالية يراهنون أيضاً على بُعد «المقدّم» في باطن شخصيات صقر المتعددة، التي تبدأ من مجرم الحرب ولا تنتهي عند تمساح النهب والفساد؛ فإنّ الخطأ هنا ليس جسيماً في مستوياته الحسابية كافة فحسب، بل هو إهانة لجراح تلك الأمّ التي تعرف الآن أنّ شقيقها قضى بأيدي عناصر سفاح اسمه فادي صقر، ولكنها تطالب بمعرفة مكان جثمانه، وتفرض على أمثال حسن صوفان ونور الدين البابا أن يجرّا المسامَح من أنفه كي يدلّ على القبر.
ليس هذا المطلب تهويلاً درامياً إلا عند أولئك الذين ثاروا ضدّ نظام «الحركة التصحيحية»، وزعموا رِفْع راية الحقّ في وجه الباطل، ونفروا خفافاَ وثقالاً حسب سرديات لم تغب عنها الدراما العالية؛ لكنهم اليوم أكثر عرضة لاحتمال الإصابة بصمم أو خرس إزاء تظاهرات سارت بالأمس في شوارع سوريا، ترفع شعار «لا سلام مع الإفلات من العقاب»!
السابق
التفاوض الأمريكي الإيراني: أسبوع الحسم

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

طهران والكيان.. نهاية المواجهات وبداية المفاوضات
طهران والكيان.. نهاية المواجهات وبداية المفاوضات

الشروق

timeمنذ يوم واحد

  • الشروق

طهران والكيان.. نهاية المواجهات وبداية المفاوضات

أعتقد أن وقف إطلاق النار الذي أعلن عنه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، بين إيران والكيان الصهيوني، سيصمد ليفسح المجال للمفاوضات التي لن تكون سلسة بالنظر إلى الوضع غير الطبيعي الذي سبّبته هذه المواجهات بعد الاعتداء المزدوج الإسرائيلي الأمريكي على إيران. وهناك مؤشرات كثيرة، تعزز هذه الفرضية، ومنها على سبيل المثال لا الحصر. المؤشر الأول: هو أن الكيان الصهيوني لا يملك النفس الطويل، ولا يقوى على الصمود في حرب استنزاف طويلة الأمد، فطبيعة هذا الكيان -كما يدل عليه تاريخه- أنه كيان ينزع إلى الحروب الخاطفة والقصيرة كما أن طبيعة الشعب الإسرائيلي أنه شعب غير متعود وغير مستعد لأي ظروف غير عادية وهذا ما أشارت إليه كثير من التقارير الإخبارية المتواترة عن الحالة النفسية المتوترة لقطاع كبير من الإسرائيليين منذ بدء المواجهة بين طهران والكيان خاصة في حيفا وتل أبيب الكبرى، وكذا حالات الهجرة العالية خارج 'الأرض المحتلة' هروبا من جحيم الصواريخ والمسيَّرات الإيرانية التي باتت تطبع الحياة اليومية للإسرائيليين. وبالإضافة إلى ذلك، لم يعهد عن 'إسرائيل' أنها ثبتت في حرب من حروبها أمدا طويلا بما فيها تلك التي خاضتها ضد العرب التي لم تخرج منها إلا بلجوئها إلى حلفائها التقليديين. المؤشر الثاني : هو حالة الإنهاك الاقتصادي للكيان الصهيوني بسبب تكلفة الحرب وكذا جبهات المواجهة الكثيرة التي فتحتها إسرائيل في غزة ولبنان واليمن وسوريا والعراق وإيران. ويشير الخبراء الاقتصاديون في هذا الصدد إلى أن إسرائيل تتكبد خسارة اقتصادية مكلفة وأنها لا تقوى على الاستمرار على هذا النحو لأن ذلك من شأنه تحريك الجبهة الداخلية التي تشير الإحصاءات إلى أن النسبة الغالبة منها رافضة لمبدأ الحرب. المؤشر الثالث: هو أن دونالد ترمب ربما اقتنع أو أقنعه مستشاروه الأمنيون أخيرا بأن إقحام الولايات المتحدة الأمريكية في الصراع الإيراني الصهيوني سيعرّض القواعد والمصالح الأمريكية في الشرق الأوسط للخطر كما أنه يتعارض مع شعار دونالد ترامب 'أمريكا أولا'. وفي هذا السياق، ومن المفارقات التي تميز تصريحات ترامب قوله بعد الهجمة الصاروخية الإيرانية على القاعدة الأمريكية 'العديد' في قطر بأنه سيكون هناك وقف لإطلاق النار بين إيران وإسرائيل في ظرف أربع وعشرين ساعة والتي ستنهي مواجهات دامت اثني عشر يوما. لقد أعاد ترامب نشر ما قاله الاقتصادي 'جيفري ساكس' عن نتنياهو ومفاده أن هذا الأخير يعمل على جر الولايات المتحدة الأمريكية إلى حروب عبثية، كان هذا في وقت سابق قبل أن يخص ترامب نتنياهو بمعاملة خاصة بعد وصوله إلى البيت الأبيض وقبل أن يقتنع أخيرا بأن الإصغاء المستمر لنتنياهو والاستجابة لطلباته قد يضر بأمريكا وبه شخصيا ومن ثم فإن التخلص منه أو وقف التعاون معه على أقل تقدير بعد نهاية المواجهة بين إيران وإسرائيل يعد أولوية لا محيص عنها. ومما قاله ترامب في هذا الصدد والذي استغربه كثير من المحللين الاستراتيجيين: 'تم الاتفاق بشكل تام بين إسرائيل وإيران على أنه سيكون وقف إطلاق نار كامل وشامل في غضون ست ساعات'. إن وقف الحرب بهذه السرعة تماما كما بدأت، يعد على الأرجح وسيلة لجأ إليها ترامب لإنهاء حالة الإنهاك الذي تعانيه إسرائيل والبحث عن مخرج مشرِّف لها يبعد عنها من جهة شبح المواجهة الطويلة مع إيران، ويعيدها من جهة أخرى إلى الواجهة أو ينقذها من شبح الانهيار والخطر الوجودي الذي يهددها كما صرح بذلك مسؤولون في حكومة الكيان. لم يكن حتى أكثر المتفائلين من المحللين الاستراتيجيين أن تكون نهاية المواجهات بين إيران والكيان بهذه السرعة وخاصة بعد الضربات الإيرانية للقاعدة الأمريكية في 'العديد' بدولة قطر إذ صرح ترامب عقب ضرب المنشآت الحيوية في فوردو ونطنز وأصفهان بأن أي رد إيراني سيقابَل برد أمريكي أكثر إيلاما، فما الذي دفع ترامب للعدول عن هذا التهديد والجنوح إلى السلم بعد اجتماعه مع فريقه الأمني؟ لا نملك جوابا على هذا السؤال ولكن الأيام القادمة كفيلة بكشف التفاصيل والملابسات. ا لمؤشر الرابع: هوأن ترامب ربما شعر بحرج كبير بعد الاستهداف الإيراني لقاعدة 'العديد' في دولة قطر، وخاصة في ظل جهود الوساطة التي تقوم بها هذه الأخيرة لحل النزاعات بالطرق السلمية من دون اللجوء إلى القوة التي لن تزيد -باتفاق كل المحللين الاستراتيجيين- إلا في تفاقم الأوضاع واتساع رقعة الصراع. إن قطر مشهود لها بدورها المحوري والجوهري في الوساطة والبحث عن مخرج أو على الأقل عن متنفِّس للمعاناة الإنسانية في غزة وينبغي أن يعترف لها بهذا الدور الذي سيستمر بعد نهاية المواجهات بين إيران وطهران. أعتقد أن قطر وسيط مهم في عملية المفاوضات بغضّ النظر عن المعتدي والمعتدى عليه وينبغي تشجيعها على الاستمرار في هذا المسعى لا إقحامها في صراع ليست طرفا فيه. المؤشر الخامس: يبدو أن الفريق الأمني لدونالد ترامب قد انتهى بعد اجتماعه في خضم الهجمات الإيرانية على قاعدة 'العديد' إلى قناعة بأن الرد والرد المضاد لن يصنع السلام الذي ينشده ترامب بل سيفضي على النقيض من ذلك إلى حرب إقليمية وإلى صراع بين المعسكر الأمريكي الإسرائيلي والمعسكر الإيراني الروسي والصيني والباكستاني والكوري الشمالي ناهيك عن تدخل فصائل أخرى موالية لإيران على خط المواجهة، مما سيوسع دائرة الحرب وهو الأمر الذي لا يريده ترامب الذي صرّح أكثر من مرة بأنه جاء لصناعة السلام وليس لصناعة الحروب، ولو أن نظرته إلى السلام مثيرة للجدل؛ فهو لا يريد سلاما بالمعنى التقليدي المتعارف عليه، وهو القبول بمبدأ التنازلات المتبادلة بين الأطراف المتصارعة بل يريد سلاما من نوع آخر وهو 'سلام القوة'. المؤشر السادس: اعتقادنا بأن اقتناع ترامب وإسرائيل بأن الضربات الأمريكية الجوية الأخيرة المركزة على منشآت فوردو ونطنز وأصفهان كافية لإبعاد شبح السلاح النووي الإيراني وأنه لم يبق أمام ترامب بعد هذا الإنجاز الكبير – كما وصفه– إلا وقف الآلة الحربية وتفعيل الآلة الدبلوماسية لإقناع أتباعه وربما مناوئيه بأنه يعمل لصناعة السلام وليس لصناعة الحرب. إن أكبر هاجس لترامب هو خشيته من نجاح إيران في تخصيب اليورانيوم وهو ما يمهد الطريق –حسبه– لامتلاك إيران للقنبلة النووية، وما دام أن الضربات المركزة باستخدام طائرات بـي 2 الخارقة للتحصينات قد وفت بالغرض فإنه لا جدوى بعد ذلك من استمرار المواجهة بين إيران وإسرائيل. المؤشر السابع: يبدو أن ترامب قد أصغى أخيرا إلى نصائح بعض مستشاريه بأن نتنياهو يدفعه إلى المغامرة بالقوات الأمريكية لكسب حربه ضد إيران وتوظيفها كورقة لإسكات معارضيه وبقاء حكومته التي تواجه انتقادات لاذعة من بعض الأحزاب الإسرائيلية ومن الشارع الإسرائيلي وخاصة عائلات الأسرى الإسرائيليين التي تخرج في مسيرات شيه يومية للمطالبة بإعادة الأسرى ومحاسبة نتنياهو وتحميله وحكومته مسؤولية الحرب العبثية في غزة. إنني أؤكد مرة أخرى ما قلته في مقال سابق بـ'الشروق اليومي' بأن نهاية نتنياهو وشيكة وإن أول الغيث هو أن أول مظلة سيفقدها نتنياهو بعد نهاية المواجهة بين إيران والكيان هي مظلة ترامب. لقد أعاد ترامب نشر ما قاله الاقتصادي 'جيفري ساكس' عن نتنياهو ومفاده أن هذا الأخير يعمل على جر الولايات المتحدة الأمريكية إلى حروب عبثية، كان هذا في وقت سابق قبل أن يخص ترامب نتنياهو بمعاملة خاصة بعد وصوله إلى البيت الأبيض وقبل أن يقتنع أخيرا بأن الإصغاء المستمر لنتنياهو والاستجابة لطلباته قد يضر بأمريكا وبه شخصيا ومن ثم فإن التخلص منه أو وقف التعاون معه على أقل تقدير بعد نهاية المواجهة بين إيران وإسرائيل يعد أولوية لا محيص عنها.

كنيسة مار الياس: بين بطريرك غاضب و«مؤرّخ» هاوٍ
كنيسة مار الياس: بين بطريرك غاضب و«مؤرّخ» هاوٍ

إيطاليا تلغراف

timeمنذ يوم واحد

  • إيطاليا تلغراف

كنيسة مار الياس: بين بطريرك غاضب و«مؤرّخ» هاوٍ

صبحي حديدي نشر في 26 يونيو 2025 الساعة 22 و 58 دقيقة إيطاليا تلغراف صبحي حديدي كاتب وباحث سوري يقيم في باريس في 23 حزيران (يونيو) الجاري نشر «المؤرخ» السوري سامي مبيّض مقالة جزمت بأنّ التفجير الإرهابي الذي طال مؤخراً كنيسة مار الياس، في منطقة الدويلعة من العاصمة السورية دمشق، هو «الأوّل من نوعه منذ 1860»؛ أي منذ أحداث ما يُعرف باسم «طوشة النصارى» التي شهدت أعمال عنف دامية ضدّ المسيحيين في حي باب توما وبعض أرجاء حيّ القيمرية ذات الأغلبية المسيحية، فسقط عشرات الضحايا، وانتُهكت مقدسات وأماكن عبادة. وكان مبيّض قد أصدر، في سنة 2021، كتاباً حول تلك الفتنة، بعنوان «نكبة نصارى الشام أهل ذمة السلطنة وانتفاضة 1860»؛ وبالتالي لم يتردد في القفز على عملية كنيسة مار الياس الإرهابية، وأطلق الاستنتاج القاطع بأنّ ذلك الاستهداف كان الأوّل منذ «الطوشة». ليس هذا السلوك جديداً على «مؤرّخ» هاوٍ، كدّس مراراً سلسلة فاضحة من الأخطاء والحماقات عن التاريخ السوري؛ بعضها كان يتعمد تسطيح الأحداث والوقائع على نحو يجنّبه المساءلة، كما يقرّبه من نظام بشار الأسد، ومن مؤسسة «وثيقة وطن» التي كانت تديرها بثينة شعبان. وهو صاحب النماذج التالية من النبوءات: «في سوريا، لا أحد توقّع أنه سيأتي يوم يخرج فيه المتظاهرون إلى الشوارع، مطالبين بتغيير النظام، من وحي الربيع العربي في تونس، وليبيا، ومصر»؛ أو: «لا أحد تخيّل أنّ الدولة سوف تُجبَر، تحت ضغط المتظاهرين الغاضبين أنفسهم، إلى تغيير الدستور». فإذا تصفّح المرء كتابه «فولاذ وحرير: رجال ونساء صنعوا سوريا 1900 ـ 2000»، الذي صدر بالإنكليزية سنة 2006، فسيجد معلومات من هذا النوع، تُنقل هنا بالحرف تقريباً: ـ زكريا تامر روائي سوري، له 75 رواية (نعم، رواية!) وهو يُعتبر أبرز كتّاب أدب الأطفال في العالم العربي. ـ رياض الترك صاحب خطّ ماويّ، اختلف فيه مع خالد بكداش؛ واعتُقل سنة 1980 وأفرج عنه سنة 1998 بعد أن تعهّد بـ «ترك السياسة وقضاء ما تبقى من حياته في سلام وأمان». ـ بثينة شعبان في طليعة كتّاب وفناني سوريا الحديثة والمعاصرة. وبعد نشر مقالة مبيض، كان يوحنا العاشر يازجي بطريرك أنطاكية وسائر المشرق للروم الأرثوذكس يؤبن ضحايا التفجير الإرهابي، فشدد بدوره على أن هذه المجزرة هي الأولى ضدّ المسيحيين منذ «طوشة الشام»، حسب تعبيره. وليس المرء واثقاً من أنّ غبطته استند على «المؤرّخ»، بالنظر إلى أسبقية تاريخ نشر مقالة الأخير؛ أو أنه يتبنى الصلة أصلاً، من دون حاجة إلى سند راهن. وفي الحالتين، تجاهل مبيض والبطريرك حقائق ساطعة، برهنت عليها أدلة دامغة، حول عشرات الحالات من استهداف الكنائس ودور العبادة المسيحية، ابتداءً من آذار (مارس) 2011: من جانب النظام أوّلاً (40 واقعة) والجماعات المتشددة (7) وتنظيم داعش (6) وجبهة النصرة (1) وفصائل في المعارضة المسلحة (14)… وكلّ هذا موثق بالتفاصيل في تقرير «الشبكة السورية لحقوق الإنسان». وإذا كان أمراً مألوفاً أنّ «المؤرّخ» لم ينبس ببنت شفة حول «تأريخ» تلك الوقائع العنفية بحقّ الكنائس، فما بالك باستنكارها أو ربطها بأي «طوشة» سابقة؛ فإنّ المستغرب، في المقابل، هو الصمت المطبق الذي التزمه البطريرك يازجي إزاء تلك الانتهاكات الصارخة بحقّ مواطنيه وأبناء رعيته ودور عبادتهم. فإذا كان الارتهان للسلطة لدى «المؤرّخ»، وما ترافق معه من تدوين براءات الذمة لجرائم النظام وأجهزته وجيشه، هما بعض السبب؛ فما الذي أعاق غبطته عن النطق بالحقيقة في وجه المعتدين، أجمعين، وأياً كانت هوياتهم السياسية والتنظيمية والعقائدية؟ ثمّ إذا صحّ، بالفعل، أن انطواء صفحة «الحركة التصحيحية» مكّن البطريرك اليوم من حقّ التعبير الصريح، أسوة بسائر أبناء سوريا الجديدة؛ أفلا يُنتظر منه، هو في مقام أوّل، أن يمارس هذا الحقّ كاملاً متكاملاً غير منقوص، فيشير إلى جرائم الماضي والحاضر معاً؟ ليست هذه السطور المقامَ المناسب لإعادة فتح ملفات «طوشة 1860»، سواء لجهة توصيفها الأقصى كاحتراب أهلي ضيّق النطاق وقصير الأمد؛ أو البحث في جذور الوقائع السياسية والاجتماعية والاقتصادية، وبينها خلفيات صناعة الحرير (وكانت «ثقيلة» في تلك الأيام!)؛ وصلاتها المحتملة مع عزل بشير الثاني، واضطرار بعض مسيحيي المشرق إلى البحث عن راعٍ غربي فرنسي؛ وما إذا كانت كتابات بطرس البستاني، وفصول «نفير سوريا»، معينة على جلاء الكثير من الغموض والالتباس أو التحريف التلقائي… المقام، في المقابل، يستلزم المساجلة ضدّ الخلط المتعمد بين جريمة إرهابية، تمثّل عقلية جهادية إسلامية أصولية إرهابية، لا تغيب عن بواعثها كراهيةٌ ضمنية للآخر المختلف عموماً وللمسيحيين خصوصاً، في قطب أوّل؛ وبين تلميحات تجمع الغمغمة إلى الغمز إلى التلميح حول الجريمة ذاتها بوصفها غير مسبوقة إلا في سنة 1860، أو أنها تستهدف المكوّن المسيحي في قلب الاجتماع الوطني السوري، وتمهّد استطراداً لاحتراب أهلي، في قطب ثانٍ. للمرء أن يتفهم شيوع هذا الخلط على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث الحابل قرين النابل من دون أيّ ضوابط ومعايير تضمن تحكيم العقل والمسؤولية. بيد أنّ الأمر يختلف، وبالتالي يستوجب السجال والاعتراض والمناهضة، حين يشترك في إذكاء اللهيب «مؤرّخ» هاوٍ بائس، وبطريرك غاضب يتغافل عامداً عن جرائم سابقة كانت رعيته ضحية لها. وهذه سطور لا تزعم امتلاك أي طراز من المعطيات حول اتكاء البطريرك على «المؤرّخ»، بل لا ترى دلالة إضافية في النفي أو الإيجاب بصدد الصلة بين المقالة وخطبة التأبين؛ لأنّ الاتفاق على اقتباس «الطوشة» إياها بصدد الجريمة الإرهابية ضدّ كنيسة مار الياس الدمشقية، بعد 165 سنة وسياقات سياسية واجتماعية واقتصادية وثقافية وطائفية متغيّرة، جوهرياً في كثير منها؛ إنما ينتهي إلى الإضرار بالقراءة العقلية والوطنية للواقعة الثانية، وإعادة قراءة الواقعة الأولى على نحو شديد الاختزال وبالغ الأذى. وفي مناخات كهذه، قد لا يعدم المرء «قراءة» أخرى نسيج وحدها، كما يُقال، تفتح بوّابة منفلتة الحدود والأبعاد، وتفترض ما هو أبعد بكثير من اعتداء إرهابي همجي ضدّ مصلّين في كنيسة: أي إلى احتراب سوري أهلي/ أهلي، بين مسلمين ومسيحيين عموماً، بما يقبل استسهال التوسيع نحو حضور و/ أو غياب التنويعات داخل المكوّن الواحد (سنّي أساساً، أي ليس علوياً أو درزياً أو إسماعيلياً) في مواجهة مكوّن واحد (مسيحي أرثوذكسي أساساً، أي ليس كاثوليكياً أو بروتستانتياً)؛ وهنا درجة قصوى من خبط العشواء في قسر الاجتماع الوطني السوري داخل هندسة دينية ومذهبية افتراضية وصمّاء. مفهوم تماماً، بالطبع، أن تنطوي خطبة البطريرك على مشاعر شتى عاطفية، بينها الغضب والأسى والتفجع والترحّم؛ وغبطته محقّ في ملامة سلطات الأمر الواقع، فالرئيس الانتقالي مسؤول في المقام الأول عن انفلات الأمن في بلد يزعم أنه يقود انتقاله من عقلية الثورة/ الفصيل إلى عقلية الدولة/ المؤسسة. غير مفهوم، في المقابل، وهو بالتالي غير مفيد إذا لم يكن يُلحق الأذى، أن تستبطن الخطبةُ أيّ معنى فئوي في التحريض أو التحشيد؛ ليس بحقّ السلطة وحدها، وإلا لأمكن تفهّم النبرة، ولكن بحقّ اجتماع وطني سوري ظلّ المسيحيون فيه أبناء متساوين مع أشقاء لهم مسلمين، بصرف النظر عن الطوائف والمذاهب. هنا العتبى على غبطته، ومنها أيضاً يُستمدّ انعدام العتب على «مؤرّخ» هاوٍ ظلت نظرته إلى تاريخ بلده قاصرة حسيرة، محرَّفة ومحرِّفة؛ حولاء، باختصار، في كلّ حال ومآل. الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لجريدة إيطاليا تلغراف السابق فرص نجاح حكومة السودان الجديدة التالي هل باتت الظروف مهيأة للوصول إلى وقف لإطلاق النار في قطاع غزة؟

ترامب يعلن توقيع اتفاق تجاري مع الصين ويتوقع صفقة مع الهند "قريباً
ترامب يعلن توقيع اتفاق تجاري مع الصين ويتوقع صفقة مع الهند "قريباً

خبر للأنباء

timeمنذ يوم واحد

  • خبر للأنباء

ترامب يعلن توقيع اتفاق تجاري مع الصين ويتوقع صفقة مع الهند "قريباً

قال الرئيس الأميركي دونالد ترامب، (الخميس)، إن الولايات المتحدة وقعت أمس اتفاقاً مع الصين يتعلق بالتجارة، وذلك دون الخوض في تفاصيل، وأشار إلى أن هناك اتفاقا محتملا قريباً مع الهند. وأدلى ترمب بتلك التعليقات خلال فعالية في البيت الأبيض تهدف إلى الترويج لمشروع قانون الإنفاق الحكومي الذي يريد من الكونغرس إقراره قبل عطلة الرابع من يوليو (تموز). من جهته قال مسؤول في البيت الأبيض، إن الولايات المتحدة توصلت إلى اتفاق مع الصين بشأن كيفية تسريع شحنات المعادن الأرضية النادرة إلى الولايات المتحدة، وسط جهود رامية لإنهاء الحرب التجارية بين أكبر اقتصادين في العالم. وخلال محادثات تجارية أجريت بين الولايات المتحدة والصين في مايو (أيار) في جنيف، التزمت بكين بإزالة التدابير المضادة غير الجمركية المفروضة على الولايات المتحدة منذ الثاني من أبريل (نيسان)، لكن لم يتضح كيف سيتم إلغاء بعض هذه التدابير. وفي إطار رد الصين على الرسوم الجمركية الأميركية الجديدة، علقت بكين صادرات مجموعة واسعة من المعادن والمغناطيسات المهمة، مما أدى إلى اضطراب سلاسل التوريد الضرورية لشركات صناعة السيارات والطائرات وأشباه الموصلات والمتعاقدين العسكريين في شتى أنحاء العالم. وقال مسؤول في البيت الأبيض: «اتفقت الإدارة الأميركية والصين على تفاهم إضافي بشأن إطار عمل لتنفيذ اتفاق جنيف». وأضاف أن التفاهم «يتعلق بكيفية تنفيذ تسريع شحنات المواد الأرضية النادرة إلى الولايات المتحدة مجدداً». وقال مسؤول آخر في الإدارة الأميركية إن الاتفاق بين واشنطن وبكين أبرم في وقت سابق من الأسبوع. ونقلت وكالة بلومبرغ عن وزير التجارة الأميركي هوارد لوتنيك قوله: «سيسلموننا عناصر أرضية نادرة»، وبمجرد أن يفعلوا ذلك «سنلغي إجراءاتنا المضادة". ويظهر الاتفاق تقدما محتملاً بعد أشهر اتسمت بالضبابية والاضطرابات التجارية في أعقاب عودة ترامب للبيت الأبيض في يناير (كانون الثاني)، لكنه يؤكد أيضاً أن الطريق لا يزال طويلا أمام التوصل إلى اتفاق تجاري نهائي بين البلدين. وأفاد مصدر بأن الصين تأخذ القيود التي تفرضها على المعادن الأرضية النادرة ذات الاستخدام المزدوج «على محمل الجد" وكانت تدقق في المشترين لضمان عدم تحويل هذه المواد إلى الاستخدامات العسكرية الأميركية. وأدى ذلك إلى إبطاء عملية منح التراخيص. وتعثر اتفاق جنيف بسبب القيود التي فرضتها بكين على صادرات المعادن النادرة، مما دفع إدارة ترمب إلى الرد بفرض ضوابط تصدير تمنع شحنات برامج تصميم أشباه الموصلات، والطائرات، وسلع أخرى إلى الصين.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store