
لجنة حقوق الإنسان الكينية: حصيلة المظاهرات الأخيرة 38 قتيلا و131 مصابا
وكانت هذه اللجنة التي تتمتع بالاستقلالية رغم أنها حكومية قد أفادت في وقت سابق من الأسبوع الماضي، بأن عدد القتلى بلغ 31 شخصا، كما تحدّثت عن قمع عنيف تعرّض له المتظاهرون.
وحصدت احتجاجات الاثنين أعلى عدد من القتلى منذ بدء المظاهرات احتجاجا على الرئيس الكيني ويليام روتو قبل أكثر من عام في الدولة الواقعة في شرق أفريقيا، ومن أبرز الأماكن التي وقع فيها القتل والإصابات 3 مدن رئيسية، هي العاصمة نيروبي، وكيامبو، وكاجيادو.
وكانت المظاهرات الأخيرة قد اندلعت يوم الاثنين الماضي، بمناسبة ذكرى يوم سابا سابا (سبعة سبعة، باللغة السواحلية، في إشارة إلى انتفاضة 7 يوليو/تموز 1990 المؤيدة للديمقراطية)، وتلقّتها الشرطة بنشر أعداد كبيرة من عناصر الأمن لإغلاق الطرق الرئيسية المؤدية إلى نيروبي التي كانت شوارعها خالية، بينما تركّزت الاشتباكات على مشارف العاصمة.
وفي السياق، قالت الأمم المتحدة يوم الثلاثاء الماضي، إنها منزعجة للغاية من تقارير أفادت بوقوع قتلى وجرحى أثناء الاحتجاجات المناهضة للنظام السياسي في كينيا.
من جانبه، حذّر الرئيس روتو الأربعاء، من السعي إلى إطاحته بالمظاهرات والاحتجاجات، مؤكدا أن قوات الأمن ستطلق النار على أي "لصوص" لإصابتهم.
تشويه صورة البلاد
وفي نفس الفترة من العام الماضي، شهدت كينيا موجة احتجاجات اندلعت شرارتها في يونيو/حزيران 2024 على خلفية قانون ميزانية يرفع نسبة الضرائب العامة، ووصف بأنه مثير للجدل، ورُفض رفضا واسعا، خاصة من الشباب الذي كان في السابق مناصرا للرئيس روتو ويأمل فيه الإصلاح وتوفير فرص العمل والعيش الكريم.
وفي ذات الفترة، قمعت الشرطة بشدة المظاهرات، ما أسفر عن مقتل أكثر من 100 شخص، حتى الآن، مع احتساب آخر حصيلة كُشف عنها في أحداث الأسبوع الماضي.
وتحمّل المنظمات الحقوقية الشرطة الكينية مسؤولية ما حدث من أعمال العنف، وقتل المتظاهرين، وكذا العديد من حالات الإخفاء القسري.
وبعد اندلاع شرارة المظاهرات الأخيرة، أعلنت الحكومة، أنها أحبطت محاولة انقلابية على النظام بطريقة غير شرعية، في حين اتهمها المتظاهرون بتجنيد مسلحين للإساءة إلى تحركهم.
ويرى مراقبون، أن العنف الذي تمارسه الشرطة يشوه صورة كينيا التي كانت تعتبر، حتى وقت قريب، إحدى الدول القليلة المستقرة والديمقراطية في منطقة مضطربة سياسيا وأمنيا.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الجزيرة
منذ 2 ساعات
- الجزيرة
حين تجاوزت فرانشيسكا كل الخطوط الحمراء
في سابقة تهزّ أركان المنظومة الدولية لحقوق الإنسان، وجّهت الولايات المتحدة ضربة غير معهودة لاستقلالية منظومة حقوق الإنسان الأممية، بفرضها عقوبات مباشرة على المقررة الخاصة للأمم المتحدة فرانشيسكا ألبانيزي؛ بسبب تقاريرها التي اتهمت إسرائيل بارتكاب إبادة جماعية في غزة. لم يكن الأمر مجرد خلاف دبلوماسي، بل تحوّل إلى مواجهة قانونية وسياسية تهدد حيادية الأمم المتحدة ذاتها. فحين تصبح مهمة حقوقية أممية محفوفة بالعقوبات والمنع من السفر، فإننا أمام منعطف خطير يُعيد تعريف حدود مساءلة الدول الكبرى في العصر الحديث. في هذا المقال، نحلل أبعاد هذا التطور غير المسبوق، ونرصد الأسس القانونية التي تم انتهاكها، والرسائل السياسية الكامنة وراء العقوبات، مستعرضين حالة ألبانيزي كنموذج حي لصراع بين الضمير الحقوقي وسيف القوة، ومقترحين سبلًا لحماية منظومة الأمم المتحدة من هذا النوع من التهديدات المستترة. لماذا فرانشيسكا حصرًا؟ استُهدفت فرانشيسكا ألبانيزي لأنها تجاوزت الخطوط الحمراء بالنسبة للولايات المتحدة وإسرائيل، من خلال تقارير صريحة اتهمت فيها إسرائيل بارتكاب إبادة جماعية في غزة، ودعت إلى محاسبة قادتها أمام المحكمة الجنائية الدولية. كما اتهمت أكثر من 60 شركة، بينها شركات أميركية كبرى، بالتربح من العدوان والمساهمة فيه، وهو ما اعتبرته واشنطن تهديدًا مباشرًا لمصالحها السياسية والاقتصادية. جاءت العقوبات الأميركية يوليو/ تموز 2025، ضمن أمر تنفيذي يسمح بمعاقبة من يدعم جهودًا قانونية ضد الولايات المتحدة أو إسرائيل في المحافل الدولية، لتتحول ألبانيزي إلى أول مقررة أممية تُدرج رسميًا على لوائح العقوبات. ورغم الهجمة، واجهت ألبانيزي القرار بثبات، وواصلت مهمتها الحقوقية، مؤكدة أن الضغط لن يثنيها عن قول الحقيقة. وقد أثار هذا الاستهداف ردود فعل أممية وحقوقية غاضبة، واعتُبر تهديدًا لاستقلالية نظام المقررين، ولسيادة القانون الدولي، ولحق الضحايا في العدالة. ردود الفعل الأممية والحقوقية: إجماع أخلاقي في مقابل غياب أدوات الردع أثارت العقوبات الأميركية على فرانشيسكا ألبانيزي ردود فعل واسعة؛ إذ أعرب مكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان عن "قلقه العميق"، مؤكّدًا أن العقوبات تمسّ استقلالية منظومة المقررين الأمميين. كما عبّر مجلس حقوق الإنسان عن رفضه المساس بخبرائه، داعيًا إلى احترام حصاناتهم. أما منظمة العفو الدولية وهيومن رايتس ووتش، فوصفتا الخطوة بأنها "سابقة خطيرة" تهدف إلى إسكات الأصوات الحقوقية الناقدة. وأكد المتحدث باسم الأمين العام أن العقوبات "غير مقبولة على الإطلاق"، وتمثل تهديدًا جوهريًا لعمل المنظومة الحقوقية. تعكس هذه المواقف إجماعًا دوليًا أخلاقيًا على رفض استهداف المقررين، لكنها تبقى في إطار الإدانة الرمزية دون أدوات تنفيذية تلزم الدولة المعتدية بالتراجع. ورغم أهميتها المعنوية، لا تملك الأمم المتحدة أو منظماتها الحقوقية وسائل قسرية لإلغاء العقوبات، ما يجعل الحماية الفعلية مرهونة بتكثيف الضغط السياسي والإعلامي. العقوبات المفروضة على مقرري الأمم المتحدة: الطبيعة والدلالة القانونية مقررو الأمم المتحدة الخاصون هم خبراء مستقلون تعيّنهم منظمة الأمم المتحدة – عادة عبر مجلس حقوق الإنسان – لتولي ولايات محددة تتعلق برصد حالة حقوق الإنسان في بلد معين أو بشأن قضية موضوعية محددة. لا يعتبر المقررون موظفين تقليديين لدى الأمم المتحدة ولا يتلقون تعليماتهم من الدول؛ بل يقومون بعملهم بصفة تطوعية ومستقلة لضمان الموضوعية والحياد. ورغم استقلاليتهم، فإنهم يعملون تحت مظلة الأمم المتحدة ويتمتعون بدعمها الأدبي والقانوني. ومن المهم التأكيد أن آراء المقررين الخاصين لا تعبر بالضرورة عن رأي الأمم المتحدة كمنظمة، بل تعكس اجتهاداتهم المبنية على المعايير الدولية. تقارير المقررين وتوصياتهم لا تملك قوة إلزام قانونية مباشرة، لكنها تكتسب أهمية معنوية وأخلاقية كبيرة، حيث تسلّط الضغط على الدول المعنية، وتوجّه أنظار المجتمع الدولي إلى الانتهاكات أو القضايا المثارة. فرض عقوبات على مقرري الأمم المتحدة يعني أن تقوم دولة ما باتخاذ إجراءات عقابية ضد شخص يشغل منصب المقرر الخاص بسبب عمله ضمن ولايته الأممية. عادة تتخذ العقوبات شكل إدراج الاسم على قوائم سوداء وطنية، وما يترتب على ذلك من تجميد أصول مالية- إن وجدت- وحظر السفر إلى تلك الدولة، وربما أيضًا منع المواطنين والشركات من التعامل معه. هذه الأدوات كثيرًا ما تستعملها الدول ضد منتهكي حقوق الإنسان أو خصومها السياسيين؛ غير أن استخدامها ضد خبير حقوقي تابع للأمم المتحدة يمثل خرقًا للأعراف الدبلوماسية والقانونية المستقرة. فعلى المستوى القانوني، يتمتع مقررو الأمم المتحدة بحصانات وامتيازات تهدف إلى حمايتهم من أية مضايقات أو تبعات قانونية نتيجة قيامهم بمهامهم. اتفاقية امتيازات وحصانات الأمم المتحدة لعام 1946 تنص صراحةً على منح الخبراء الموفدين في مهام أممية ما يلزم من حصانة لضمان استقلالهم، بما في ذلك الحصانة من أي شكل من أشكال الإجراءات القانونية أو المضايقات؛ بسبب ما يصدر عنهم من أقوال أو كتابات أو أفعال أثناء تأدية مهامهم. وبناء عليه، فإن فرض عقوبة على مقرر خاص بسبب تقرير رفعه أو تصريح أدلى به يعدّ مساسًا مباشرًا بتلك الحصانة القضائية التامة المكفولة له، ويثير التساؤل حول مدى احترام الدولة المعنية لالتزاماتها الدولية. الدلالة القانونية لمثل هذا الإجراء خطيرة ومتعددة الأوجه. فمن جهة، يعني ذلك أن الدولة الفارضة للعقوبات لا تعترف ضمنيًا باستقلالية المقرر الخاص وتعامله كخصم سياسي أو أمني، وليس كخبير محايد تعمل تقاريره ضمن الأطر الأممية. ومن جهة أخرى، يهدد هذا الإجراء مبدأ التعاون الدولي المنصوص عليه في ميثاق الأمم المتحدة. فالمادة 105 من الميثاق- مع اتفاقية 1946- أقرّت بوجوب تمتع مسؤولي الأمم المتحدة وخبرائها بالامتيازات الضرورية لأداء وظائفهم باستقلالية. تنص اتفاقية امتيازات وحصانات الوكالات المتخصصة لعام 1947 على تمتع خبراء المنظمات التابعة للأمم المتحدة، كمجلس حقوق الإنسان، بالحصانة من الإجراءات القانونية أثناء تأدية مهامهم الدولية. إن تحدي هذه الضمانات القانونية عبر عقوبات أحادية يبعث برسالة مفادها أن الدولة مستعدة لتجاوز القانون الدولي والأعراف الدبلوماسية إذا تعارضت آراء الخبير الأممي مع سياساتها. وعليه، يعدّ فرض العقوبات هنا انتهاكًا لمبدأ أساسي في القانون الدولي يتمثل بضرورة احترام الدول لالتزاماتها التعاقدية تجاه المنظمة الدولية وخبرائها، ويشكل أيضًا طعنًا في منظومة سيادة القانون على المستوى العالمي. سابقة تهز الثوابت: هل كُسرت حصانة المقررين الأمميين؟ يصف كثير من المحللين واقعة فرض عقوبات أميركية على المقررة الأممية بأنها غير مسبوقة. فخلال العقود الماضية، لم تُسجّل حالات معروفة عمدت فيها دولة إلى إدراج مقرر خاص أممي في قائمة عقوبات رسمية. وقد أكدت الأمم المتحدة نفسها أن هذا الإجراء يمثل سابقة خطيرة يجب ألا تتكرر. ومع ذلك، يمكن الإشارة إلى بعض الحوادث ذات الصلة التي تعكس توترًا بين دول ومقرري الأمم المتحدة، حتى لو لم تصل حد العقوبات المالية المباشرة. على سبيل المثال، كثيرًا ما رفضت بعض الدول السماح لمقرري الأمم المتحدة بدخول أراضيها أو التعاون معهم، كنوع من الإعاقة غير المباشرة لعملهم. إسرائيل- على سبيل المثال- كثيرًا ما اتهمت المقررين المكلفين بحالة حقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية بالانحياز، ورفضت استقبالهم أو التعاون معهم. وفي حالة فرانشيسكا ألبانيزي نفسها قبل فرض العقوبات الأميركية، أعلنت إسرائيل في مطلع 2024 حظر دخولها إلى الأراضي المحتلة، بل ودعت علنًا إلى إنهاء ولايتها عقب تصريحات لها اعتُبرت غير مقبولة من جانب الحكومة الإسرائيلية. مثل هذا الحظر مثّل محاولة لعزل المقررة وشل قدرتها على جمع المعلومات ميدانيًا، ولكنه بقي ضمن نطاق الإجراءات الدبلوماسية الاعتيادية (كعدم إصدار تأشيرة دخول) ولم يصل إلى تجريمها أو معاقبتها ماليًا. من السوابق الأخرى الجديرة بالذكر رفض روسيا التعاون مع المقررة الخاصة بحالة حقوق الإنسان في روسيا. فعندما عيّن مجلس حقوق الإنسان الخبيرة ماريانا كاتزاروفا لمتابعة الانتهاكات في روسيا، أعلنت موسكو عدم اعترافها بالولاية ومنعتها من زيارة البلاد. ورغم حدة هذا الموقف، امتنعت روسيا حتى الآن عن اتخاذ خطوة إضافية بمعاقبة المقررة بشكل مباشر. ولكنّ مراقبين حذروا من أن الخطوة الأميركية قد "تفتح الأبواب" أمام دول أخرى لتحذو حذوها، ما ينذر بتفاقم ظاهرة الانتقام من المقررين الخاصين على مستوى عالمي. ويعتبر خبراء في الأمم المتحدة أن إقدام أي دولة على معاقبة خبير أممي مستقل هو هجوم على منظومة الأمم المتحدة ككل، لأنه يقوّض الآلية التي أرستها الدول ذاتها لمساءلة بعضها البعض في مجال حقوق الإنسان. وربما يمكن إيجاد شبيه جزئي لهذه الواقعة في سياسة الإدارة الأميركية السابقة (خلال ولاية الرئيس ترامب الأولى 2020) حين فرضت عقوبات على مسؤولين في المحكمة الجنائية الدولية (مثل المدعية العامة للمحكمة فاتو بنسودا)؛ بسبب تحقيقاتهم في جرائم حرب مزعومة، إذ جُمّدت أصولهم ومُنعوا من دخول الولايات المتحدة آنذاك. وقد رأى كثيرون في تلك الخطوة استهدافًا لاستقلال القضاء الدولي. وفي السيناريو الحالي (عودة إدارة ترامب للسلطة 2025)، توسعت تلك السياسة لتشمل معاقبة خبراء أمميين مثل ألبانيزي. وتشير التقارير إلى أن الإدارة الأميركية ذاتها التي عاقبت ألبانيزي كانت قد فرضت قبلها بشهر عقوبات على عدد من قضاة المحكمة الجنائية الدولية إثر إصدار المحكمة مذكرة توقيف بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي ومسؤولين آخرين. هذه الخطوات تعكس نهجًا متصاعدًا يعتبره المنتقدون "حربًا قانونية" أو Lawfare تستخدمها دولة قوية لحماية حلفائها من المحاسبة، عبر تجريم من يسعى لتحقيق تلك المحاسبة دوليًا. وعلى الرغم من الاختلاف البنيوي بين محكمة دولية ومقرري الأمم المتحدة، فإن الفلسفة واحدة: استخدام العقوبات الوطنية سلاحًا لعرقلة أدوات العدالة الدولية. ورغم وجود أمثلة سابقة على محاولات تعطيل عمل المقررين أو تهديدهم من قبل دول منزعجة من تقاريرهم، فإن تحويل هذا الرفض أو الإحباط إلى عقوبات اقتصادية وقانونية رسمية ضد خبير أممي يمارس مهامه ضمن ولايته هو تطور جديد ومقلق. إنه تجاوز واضح لحدود الاحتجاج الدبلوماسي التقليدي إلى مستوى الإجراء العقابي الانتقامي المباشر. ولهذا السبب، اعتُبرت العقوبات المفروضة على ألبانيزي سابقة غير معهودة في تاريخ الأمم المتحدة، وحذّرت المنظمة الدولية من خطورتها وانعكاساتها السلبية على استقلالية نظامها الحقوقي. يتضح أن فاعلية النظام الأممي في حماية المقررين مرهونة بتعاون الدول واحترامها للقانون. فعندما تنتهك إحدى الدول- خصوصًا إن كانت كبرى وذات نفوذ- تلك الضوابط، لا تستطيع الأمم المتحدة إجبارها بالقوة على التراجع، بل تعتمد على الضغط الدبلوماسي والإعلامي ومكانة الدولة المعنوية. في حالة ألبانيزي، أحدثت الإدانة الأممية والإحراج الدولي بعض التأثير؛ فقد وجدت واشنطن نفسها معزولة في هذا الموقف وتحت وابل من الانتقادات من الحلفاء والخصوم على حد سواء. وهذا بحد ذاته جزء من الحماية المعنوية التي يوفرها النظام الأممي لمقرريه: أي جعل ثمن استهدافهم سياسيًا ومعنويًا عاليًا بما يكفي لردع الدول الأخرى عن تكرار الأمر. في ضوء هذه السابقة الخطيرة، تبرز حاجة ملحّة لتحصين منظومة المقررين الأمميين من التسييس والانتقام، من خلال إنشاء آليات حماية مؤسسية أكثر صلابة، وضمان تضامن دولي فاعل يجرّم استهداف الخبراء الحقوقيين بسبب مواقفهم. كما ينبغي على مجلس حقوق الإنسان تطوير بروتوكول طارئ للرد على مثل هذه الحالات، بما يشمل تفعيل المساءلة المعنوية للدول المنتهكة. فاستمرار الصمت أو الاكتفاء بالإدانة اللفظية يهدّد بانهيار جدار الحماية الأخير لمنظومة حقوق الإنسان، ويُغري دولًا أخرى بتكرار الفعل، ما يضع النظام الدولي برمّته أمام مفترق وجودي.


الجزيرة
منذ 2 ساعات
- الجزيرة
الرابح والخاسر في اتفاق الكونغو ورواندا برعاية واشنطن
وقّع وزيرا خارجية الكونغو الديمقراطية ورواندا، يوم الجمعة السابع والعشرين يونيو/ حزيران الماضي، اتفاق سلام ومصالحة تاريخي في العاصمة الأميركية واشنطن، برعاية كاملة من الولايات المتحدة الأميركية. جرت مراسم توقيع الاتفاق في مقر وزارة الخارجية الأميركية، وقال مبعوث الرئيس الأميركي، مسعد بولس، في حفل التوقيع، إن اتفاقَ سلامٍ نهائيًا سيُوقَّع رسميًا نهاية شهر يوليو/ تموز الجاري، بين الرئيس الكونغولي فيليكس تشيسيكيدي والرواندي بول كاغامي، بمشاركة الرئيس دونالد ترامب في البيت الأبيض. لم تعلن واشنطن بعد عن تفاصيل الاتفاق المُوقَّع بين الغريمين التاريخيين، لكن المعلومات القليلة التي رشحت تفيد بأن الاتفاق ينص على وقف دعم الحركات المسلحة الناشطة في منطقة شرق الكونغو، ويضمن مصالح كلٍّ من رواندا والكونغو، الاقتصادية والأمنية، ويوقف سيل الدماء النازف في هذه المنطقة الغنية بالمعادن النادرة، منذ أكثر من ثلاثين عامًا. وبغض النظر عن محتوى الاتفاق، فإن هذا الحدث في حد ذاته يُعتبر تطورًا نوعيًا مهمًّا في الصراع الدامي المتطاول في شرق الكونغو الديمقراطية، ويُعد نجاحًا كبيرًا جدًّا للدبلوماسية الأميركية، عجزت عن تحقيقه قوى إقليمية ودولية كثيرة. ولا شك أن استقرار شرق الكونغو سيؤدي إلى استقرار إقليم البحيرات الكبرى المضطرب منذ سنوات، وسيعزز مسيرة التنمية، ويدفع حركة اقتصاد المعادن، وهو أحد الأسباب الرئيسية التي دفعت الولايات المتحدة لرعاية اتفاق السلام بين الكونغو ورواندا. وفي سبيل التوصل إلى هذا الاتفاق، فإن الولايات المتحدة لم تبدأ من الصفر، لكنها اعتمدت على مخزون وافر من التجارب والاتفاقات التي تبنتها جهات أفريقية ودولية عملت منذ سنوات على هذا الملف، أهمها جهود أنغولا الطويلة باسم الاتحاد الأفريقي، وجنوب أفريقيا، ومحاولات المجموعة الاقتصادية لدول شرق أفريقيا، وانتهاءً بالمبادرة القطرية التي نجحت في جمع الرئيسين الكونغولي والرواندي في الدوحة، برعاية أمير دولة قطر. لكن الولايات المتحدة استفادت من كل ذلك التراث التفاوضي ونسبته لنفسها في اتفاق واشنطن. وكما يقول المثل الأفريقي: يجمعها النمل ويطؤها الفيل. انتهازية تشيسيكيدي السياسية كيف ولماذا التقطت أميركا القفاز ورمت بثقلها في هذه المبادرة المحفوفة بالمخاطر؟ ومن الذي وضع الطُعم المغري الذي جذب أميركا إلى أتون هذا الموضوع المعقّد؟ مرةً أخرى، هو اقتصاد التعدين والمعادن الثمينة والنادرة التي تزخر بها أرض الكونغو الديمقراطية. للإلمام برأس الخيط، علينا أن نستذكر التطور الدرامي للأحداث في شمال كيفو منذ مطلع هذا العام، والتي دارت بعكس ما تشتهيه حكومة الكونغو الديمقراطية. فقد استطاعت حركة M23 المتمردة، والمدعومة من الحكومة الرواندية، إلحاق هزيمة نكراء بالجيش الكونغولي في شهر يناير/ كانون الثاني الماضي، وسيطرت على مدينة غوما الإستراتيجية، عاصمة إقليم شمال كيفو، ثم واصلت مسيرتها الظافرة وسيطرت على مدينة بوكافو، وبذلك أصبحت تسيطر على الوضع العسكري تمامًا في إقليم مهم سياسيًا، وغني بالموارد الطبيعية النادرة. وجد الرئيس تشيسيكيدي نفسه في موقف لا يُحسد عليه، وكان أمامه خياران أحلاهما مرّ: إما التفاوض مع حركة M23 وتقديم تنازلات سياسية مؤلمة، وهو ما ظل يرفضه منذ وصوله إلى السلطة، أو فقدان السلطة كلها، لأن الحركة المتمردة كانت قادرة على الزحف نحو العاصمة، مقتفية ذات الطريق الذي سلكه الرئيس السابق جوزف ديزيريه كابيلا في العام 1995، عندما استولى على إقليم كيفو، ثم واصل زحفه نحو العاصمة كينشاسا. في تلك الفترة، كان كثير من المراقبين يعتقدون أن أيام تشيسيكيدي في السلطة باتت محدودة. ولما كانت الحاجة أم الاختراع، توجه الرئيس الكونغولي نحو أميركا مباشرة، وقدم لها عرضًا مغريًا جدًا: المعادن الثمينة مقابل السلام والأمن في شرق الكونغو. ولما كانت حكومة الرئيس ترامب تفكر بعقل التجار، فقد كانت البيع رابحًا بالنسبة لها، وقبلت الرهان، وما خفي أعظم. عودة الى ممر لوبيتو تُعتبر منطقة البحيرات الكبرى منطقةً مهمةً جدًا لأميركا، لما تختزنه من ثروات طبيعية هائلة، وما تحويه أرضها من معادن نادرة وثمينة، ولقربها النسبي من أميركا عبر المحيط الأطلسي. لذلك، اهتمّت الإدارات الأميركية المختلفة بهذه المنطقة. ونذكر زيارة الرئيس الأميركي السابق بايدن إلى أنغولا، وزيارات وزير خارجيته المتعددة إلى دول جنوب وشرق أفريقيا. كان الهدف الرئيس هو السيطرة على موارد هذه المنطقة ومحاصرة النفوذ الصيني المتجذّر فيها. وهكذا، بلورت الولايات المتحدة مشروعًا اقتصاديًا طموحًا أُطلق عليه "ممر لوبيتو"، وهو طريق سكة حديد يمتد من أنغولا إلى زامبيا فالكونغو الديمقراطية، ومنها إلى المحيط الأطلسي. الغرض الرئيس من هذا المشروع هو نقل المعادن النفيسة في هذه المنطقة إلى الولايات المتحدة. ويُعتبر ممر لوبيتو هو الطريق "الضرار" لقطار "الحرية" الذي أنشأته الصين، والذي يربط زامبيا والكونغو وتنزانيا، ومنها إلى الصين عبر المحيط الهندي. وتُعتبر الصين المستثمر الأكبر في شرق الكونغو في مجال المعادن، باستثمارات إجمالية تتجاوز ستة مليارات دولار. فرص أمام الاتفاق وهكذا نرى أن هناك مصالح كبيرة لطرفي الاتفاق الأساسيين، وهما الولايات المتحدة الأميركية والكونغو الديمقراطية. ولما كانت مصالح أميركا كبيرة ومغرية، فقد استخدمت كل أدواتها الدبلوماسية، الناعمة والخشنة، لجرّ رواندا إلى قبول الاتفاق والتوقيع عليه. وهي في ذلك استخدمت سياسة "العصا والجزرة" المعروفة، حيث ضمن الاتفاق لرواندا مكاسب ليست بالقليلة. يحمل اتفاق واشنطن فرصًا عديدة لنجاحه، منها: الثقل السياسي للولايات المتحدة، راعية الاتفاق، التي سترمي بكل ثقلها العالمي للضغط على كل الأطراف المعنية للالتزام بما وقّعت عليه. ولدى أميركا أدوات كثيرة يمكن أن تستخدمها في سبيل ذلك. كثافة الضغوط الدولية على رواندا لرفع يدها الطويلة والكفّ عن تأجيج الصراع في شرق الكونغو. فقد جاهرت عدة جهات دولية نافذة، مثل فرنسا والاتحاد الأوروبي وجنوب أفريقيا، باتهام رواندا بالتدخل السافر في دعم حركة "M23". وعليه، لم يعد إنكار كيغالي لتدخلها في الصراع مجديًا، ولذلك فإن رواندا نفسها بدأت تبحث عن مخرج مشرّف من هذا الصراع. أقرّ اتفاق واشنطن تكوين آلية مشتركة بين الكونغو ورواندا لمتابعة التنفيذ، والتأكد من وفاء كل طرف بالتزاماته، وربما تتطور هذه الآلية مستقبلًا لتصبح قوات مشتركة لمراقبة الحدود. كما أقرّ الاتفاق تكوين مجموعة مراقبة ثلاثية تضم أميركا وقطر والاتحاد الأفريقي، تسهر على التأكد من التزام كل الأطراف بما وقّعت عليه. ضمن اتفاق واشنطن لرواندا مكاسب اقتصادية مهمة، منها السماح بتصدير المعادن الثمينة عبر رواندا، وهو ما تقوم به الحركات المتمردة الآن بشكل غير رسمي، وكذلك التزام الشركات الأميركية بتطوير المناجم الموجودة داخل رواندا، بما من شأنه أن ينعش الاقتصاد الرواندي. تحديات أمام الاتفاق بالمقابل، فإن اتفاقية واشنطن تواجه صعوبات ليست بالهينة، قد تنعكس سلبًا على مصالح الراعي والرعية، منها: مدى استعداد الشركات الأميركية الكبرى للمجازفة بالعمل في منطقة ذات مخاطر أمنية عالية، يصعب السيطرة عليها. ويؤكد ذلك أن الشركات الصينية التي تعمل في هذه المنطقة كثيرًا ما تعرّضت لهجمات من الحركات المسلحة، وفقدت العديد من العاملين، لكنها تحمّلت تلك المخاطر بصبر كبير. لم يتحدث الاتفاق بوضوح عن الحركات المسلحة المنتشرة في هذه المنطقة منذ سنوات. ويبدو أن أميركا تعتمد في هذا الجانب على الجهود القطرية، وتتابع نتائج مفاوضات الدوحة الجارية بين حكومة الكونغو وحركة M23، وربما يُضمّن هذا الاتفاق كملحق لاتفاقية واشنطن. لكن ماذا عن قوات الجبهة الوطنية لتحرير رواندا، التي تصر الحكومة الرواندية على تصفيتها؟ وهل ستنظم الدوحة لقاءات أخرى بين هذه الجبهة وحكومة رواندا؟ وماذا عن الحركات الصغيرة الأخرى، التي أصبحت تعيش على فوهة البندقية؟ لم يرشح حديث بعد عن طبيعة اتفاق المعادن بين الكونغو وأميركا، وصرّح الرئيس الكونغولي الأسبوع الماضي أن الاتفاق لم يُوقّع بعد، لكنه سيكون اتفاقًا مرضيًا لشعب الكونغو، ويحفظ حقوق الدولة والأجيال القادمة. لكن المعلوم أن منطقة شرق كيفو تعمل فيها شركات صينية كثيرة منذ زمن بعيد، واستثمرت الصين أكثر من ستة مليارات دولار، كما أن دولًا أخرى مثل جنوب أفريقيا لها شركات عاملة في ذات المنطقة. فكيف ستوفق الحكومة الكونغولية بين كل هذه الفسيفساء دون أن تخلق صراعًا مبكرًا بين أميركا والصين على الموارد؟ وهل سيرضي هذا الاتفاق طموح مؤسسات المجتمع المدني الناشطة بقوة في إقليم كيفو؟ وهل سيرضي الاتفاق الأحزاب والتكتلات المعارضة التي تنشط بقوة في هذه المنطقة؟ خسارة دبلوماسية لقد حققت الولايات المتحدة الأميركية مكسبًا دبلوماسيًا مهمًا بنجاحها في إخراج اتفاقية واشنطن بين الكونغو الديمقراطية ورواندا. ويُعدّ الصراع في الكونغو، الذي تجاوز عمره الثلاثين عامًا، واحدًا من أكثر الصراعات تعقيدًا، ولا شك أن تسويته ستحقق استقرارًا كبيرًا في منطقة البحيرات الكبرى وشرق أفريقيا عمومًا. وهذا مكسب كبير يُحسب للدبلوماسية الأميركية. ولكن الخاسر الأكبر في ذلك هو الدبلوماسية الجماعية الأفريقية، التي عجزت على مدى ثلاثين عامًا عن جمع الفرقاء وتسوية هذا الصراع المتطاول، واكتفت فقط بالحضور والتصفيق في حفل التوقيع الكبير في واشنطن، وعادت من الغنيمة بالإياب.


الجزيرة
منذ 3 ساعات
- الجزيرة
عراقجي يرد بسخرية على تصريحات لنتنياهو بشأن قدرات إيران الصاروخية
قال وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي إن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بات يملي علنا على الولايات المتحدة الأميركية ما يجب أن تقوله أو تفعله في المحادثات مع إيران. وكتب عراقجي عبر حسابه بمنصة إكس منتقدا تصريحات لنتنياهو طالب فيها بمنع إيران من إنتاج صواريخ بمدى أبعد من 480 كيلومترا. وقال إن نتنياهو وعد بالانتصار في قطاع غزة والنتيجة كانت "التورط في مستنقع عسكري وصدور أمر باعتقاله من محكمة الجنايات الدولية بتهم ارتكاب جرائم حرب، وتجنيد 200 ألف مقاتل جديد لحماس". وأضاف أن رئيس الوزراء الإسرائيلي حلم بأنه قادر على تدمير 40 عاما من الإنجازات النووية الإيرانية السلمية، والنتيجة أن كل عالم من العلماء الذين قتلوا في الهجمات الإسرائيلية التي استهدفت البلاد خلال الشهر الماضي، درب أكثر من 100 متخصص في المجال. ما الذي يدخنه نتنياهو؟ واعتبر أن "غطرسة" نتنياهو لم تتوقف عند هذا الحد، و"بعد أن فشل فشلا ذريعا في تحقيق أي من أهدافه الحربية في إيران.. وسوت صواريخنا القوية مواقع النظام الإسرائيلي السرية بالأرض -التي لا يزال نتنياهو يفرض الرقابة عليها- يملي علنًا ما يجب على الولايات المتحدة أن تقوله أو تفعله في المحادثات مع إيران". واستكمل عراقجي المنشور بنيرة ساخرة "بصرف النظر عن مهزلة افتراض أن إيران ستقبل أي شيء يقوله مجرم حرب مطلوب للعدالة، يبرز السؤال الحتمي: ما الذي يدخنه نتنياهو بالضبط؟ وإذا كان لا يدخن شيئًا، ما الذي يملكه الموساد على البيت الأبيض ؟". وكان نتنياهو قد تحدث في مقابلته مع شبكة فوكس نيوز عن 3 شروط قد تجنب إيران التعرض لهجوم جديد، وتشمل "التخلي عن تخصيب اليورانيوم ودعم الإرهاب وتطوير الصواريخ الباليستية".