
أحزاب ومنظمات شعبية وشخصيات عامة مصرية تدعوا لكسر الحصار عن غزة
دعت أحزاب معارضة ومنظمات شعبية وشخصيات عامة مصرية، الدول العربية المطبعة مع الكيان الصهيوني وفي مقدمتها مصر، إلى قطع العلاقات السياسية والاقتصادية والتجارية كافة مع حكومة الاحتلال.
جاء ذلك في بيان حمل عنوان 'لنوقف حرب تجويع وإبادة وحصار وتهجير الفلسطينيين'، وقع عليه كل من أحزاب التحالف الشعبي الاشتراكي، والكرامة، والوفاق القومي، والاشتراكي المصري، والعيش والحرية، والشيوعي المصري، واللجنة الشعبية المصرية لدعم الشعب الفلسطيني، والحملة الشعبية المصرية لمقاطعة إسرائيل 'بي دي إس'.
وأعرب الموقعون عن رفضهم وإدانتهم للحصار الصهيوني المتوحش لسكان غزة المستمر منذ قرابة العامين، وحرب الإبادة الجماعية الإسرائيلية الأمريكية التي تستهدف السكان المدنيين وغالبيتهم من الأطفال والنساء التي أدت إلى استشهاد وإصابة أكثر من 200 ألف إنسان.
ولفت البيان إلى تصاعد هذا الإجرام لدرجة غير مسبوقة في التاريخ الإنساني كله بفرض سياسة القتل بالتجويع الممنهج للسكان المدنيين مع شن حرب يومية لقتل الأطفال والنساء والشيوخ في الخيام وأماكن الإيواء والمستشفيات بهدف الإبادة والتهجير.
وشدد البيان على أن هذه جرائم حرب وضد الإنسانية أدانها كل شرفاء العالم وكافة المسؤولين الأمميين وعلى رأسهم الأمين العام للأمم المتحدة، الذي عبر عن اندهاشه من الصمت الدولي على هذه الجرائم المروعة.
ولفت البيان، إلى أن سياسة القتل أثناء استلام المساعدات أسفرا عن استشهاد ألف جائع وإصابة 6 آلاف خلال الأيام القليلة الماضية.
ودعا الموقعون على البيان، لاتخاذ إجراءات عاجلة لمواجهة الجوع والتجويع في غزة، وكسر ورفع الحصار الظالم ووقف الحرب، منها التزام جميع الدول العربية بمقررات القمة العربية بكسر الحصار على غزة وإدخال المساعدات لغزة بشكل جماعي، ودعوة المجتمع الدولي والأمم المتحدة لتفعيل القوانين الدولية بإصدار قرار من الجمعية العامة للأمم المتحدة بتشكيل قوة سلام دولية ترافق المساعدات الدولية إلى غزة.
وشدد البيان، على أن التجويع والإبادة لن ينتهوا في ظل استمرار الآلية الإسرائيلية الأمريكية المشبوهة والإجرامية لتوزيع المساعدات التي تحولت بدورها لفخ مفضوح لقتل المدنيين والأطفال.
ودعا الموقعون لسرعة عودة المؤسسات الأممية وعلى رأسها الأونروا لممارسة دورها الإنساني في هذا المجال.
وتابع البيان: لا يمكن مواجهة حرب الإبادة بدون تفعيل القانون الدولي، وإعادة الاعتبار للمؤسسات الأممية والمحاكم الدولية وفى مقدمتها محكمة العدل الدولية والمحكمة الجنائية الدولية، كما لا يمكن ردع إسرائيل بمجرد إصدار بيانات مناشدة أو حتى إدانة، بل لابد من تحرك جاد لفرض عقوبات ملموسة ومؤثرة على هذا الكيان العنصري الفاشي.
طالبت الدول العربية المطبعة بوقف التعامل مع الاحتلال.. ودعت إلى تنظيم قوافل شعبية مصرية
وزاد البيان: الدول العربية المطبعة مع الكيان الصهيوني وفى مقدمتها مصر، عليها في هذا السياق مسؤولية خاصة بوقف هذا التطبيع فورا وقطع العلاقات السياسية والاقتصادية والتجارية كافة مع الحكومة الفاشية في كيان العدوان والاحتلال.
كما أكد الموقعون على ضرورة تفعيل وتصاعد المقاطعة الشعبية العربية الأممية الشاملة لكافة العلاقات، والسلع الخاصة بالكيان الصهيوني والشركات الدولية الداعمة له.
ودعا البيان للعمل على تنظيم قوافل شعبية مصرية لكسر الحصار ودعم قوافل وسفن كسر الحصار عن غزة.
كما دعت الأحزاب لتنظيم فعاليات شعبية لفضح العدوان ومناصرة قضية الشعب الفلسطيني في القاهرة وكافة المحافظات والمدن المصرية تقوم بها النقابات والأحزاب واللجان والمنظمات الشعبية.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


العربي الجديد
منذ 11 دقائق
- العربي الجديد
لاجئون سوريون يغادرون لبنان ضمن برنامج العودة الطوعية
في إطار خطة الحكومة اللبنانية لتنفيذ عودة آمنة ومنظّمة، انطلقت اليوم الثلاثاء قافلة لاجئين سوريين من لبنان إلى بلادهم، بالتنسيق بين المديرية العامة للأمن العام اللبناني والدولة السورية، وذلك عبر مركز المصنع الحدودي. وتأتي هذه الخطوة بمشاركة كلّ من المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين والمنظمة الدولية للهجرة والصليب الأحمر اللبناني ومنظمات إنسانية. وتجمّعت عائلات سورية منذ ساعات الصباح الباكر تحمل أمتعتها وحاجياتها عند نقطة التجمّع في منطقة بر الياس – ملعب نادي النهضة (البقاع الأوسط)، استعداداً لانطلاق القوافل المجانية نحو الأراضي السورية ، بحيث دُقِّق في أسمائهم من قبل الأمن العام اللبناني والمنظمات الأممية، كذلك قُدمت لهم وجبات غذائية، فيما جُهِّزَت متوسطة بر الياس الرسمية المختلطة للعائلات من أجل الاستراحة فيها. وقال مصدر في مفوضية اللاجئين لـ"العربي الجديد": "انطلق اليوم الجزء الثاني من برنامج دعم عودة اللاجئين السوريين من لبنان إلى سورية، وتخلّله إطلاق أول رحلة بالباصات، حيث عاد 72 شخصاً". وبالتنسيق مع الحكومة اللبنانية والمنظمات الشريكة، بدأت المفوضية في لبنان بتسيير العودة الطوعية والآمنة والكريمة للاجئين الراغبين في العودة إلى سورية، وذلك عبر برنامج العودة الطوعية المنظمة ذاتياً الذي بدأ في 1 يوليو/تموز الجاري، ويتضمّن منحة نقدية لمرة واحدة بقيمة 100 دولار أميركي لكلّ فرد من أفراد العائلة العائدين، لمساعدتهم في تنظيم ترتيبات العودة عبر المعابر الحدودية الرسمية. لجوء واغتراب التحديثات الحية لبنان ينفّذ أوّل خطة أممية لإعادة اللاجئين السوريين وكانت ليزا أبو خالد، الناطقة الرسمية باسم المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في لبنان، قد كشفت لـ"العربي الجديد"، أن "أكثر من 15,300 سوري موجودين في لبنان عبّروا عن اهتمامهم ببرنامج العودة الطوعية الذي تدعمه المفوضية، وهذه علامة إيجابية على الاهتمام من قبلهم بالعودة". وأشارت أبو خالد إلى أنه "تم شطب أكثر من 126,000 لاجئ سوري من سجلات المفوضية بحلول عام 2025، معظمهم لأنهم عادوا بالفعل إلى سورية حتى قبل تلقي دعم المفوضية". ولفتت إلى أن "برنامج العودة يتضمّن توفير الدعم النقدي وغيره من أشكال الدعم من المفوضية وشركائها، في كلّ من لبنان وسورية، لمساعدة العائلات على العودة والاستقرار في ديارها، بالإضافة إلى توفير الدعم في مجال النقل لمن يحتاجون إليه". وعززت المفوضية المعلومات المقدّمة للاجئين حول العودة الطوعية، بحيث تقدم استشارات حول العودة، بما في ذلك تقديم المشورة بشأن الوثائق الشخصية وغيرها من الوثائق، مثل مُستخرجات المدارس وشهادات الميلاد، التي يرغب العائدون في الحصول عليها عند عودتهم. ولمن يختارون العودة، يتوفر دعم إعاشي بقيمة 100 دولار أميركي للشخص الواحد في لبنان، بالإضافة إلى خيارات النقل. الصورة استعدادات العودة إلى سورية بعد لجوء مرير، لبنان، 16 ديسمبر 2024 (نضال الصلح/ فرانس برس) كذلك، قد يكون العائدون من لبنان مؤهلين للحصول على مزيد من المساعدات النقدية في سورية لدعم إعادة اندماجهم، حيث تتلقى الأسر المحتاجة مبلغ 400 دولار أميركي لكل أسرة في سورية. كذلك يُسهّل الأمن العام اللبناني إجراءات الخروج، لضمان عودة اللاجئين الراغبين في ذلك بسلاسة، وهو ما أكدته أبو خالد لـ"العربي الجديد". وتتوقع المفوضية عودة ما بين 200 ألف و400 ألف سوري بحلول نهاية عام 2025، بمن فيهم أولئك الذين تشملهم مساعدات خاصة. وبحسب معلومات "العربي الجديد"، فإن المناطق التي سيتوجه إليها اللاجئون هي ريف دمشق، ودمشق وحمص.


العربي الجديد
منذ 11 ساعات
- العربي الجديد
هل فقدت إسرائيل حقّها في الوجود؟
تتحمّل إسرائيل مسؤولية سلسلة لا تنتهي من جرائم الحرب وانتهاكات حقوق الإنسان، تعود إلى بدايات تأسيسها عام 1948. بل كان القادة الصهاينة مسؤولين عن جرائم فظيعة، حتى قبل إعلان قيام "دولة إسرائيل". وبذلك، يمكن القول إن إسرائيل تأسّست على أساس جرائم حرب، وتطهير عرقي، وأشكال أخرى من انتهاك حقوق الإنسان. ومع ذلك، جرى قبولها عضواً كامل العضوية في الأمم المتحدة عام 1949، بشرط أن تحترم الوضع الدولي للقدس، وأن تقبل عودة اللاجئين الفلسطينيين أو تعويضهم (كما ورد في قراري الأمم المتحدة 181 لعام 1947 و194 لعام 1948)، غير أنها لم تلتزم مطلقاً بأيٍّ من هذين القرارين الأمميين، تماماً كما تجاهلت قراراتٍ عديدة للأمم المتحدة الأخرى. وفي انسجام مع هذا النمط من السلوك، مزّق المندوب الإسرائيلي الدائم لدى الأمم المتحدة ميثاق الأمم المتحدة في جلسة عامة عام 2024، لمجرّد أن إسرائيل لم توافق على قرار صادر عن الأمم المتحدة، في تعبير أقصى عن الغطرسة والاستفزاز الصهيوني. ودولة تتصرّف على هذا النحو لا مكان لها في الأمم المتحدة إطلاقاً. إلى جانب الحرب على غزّة، ارتكبت إسرائيل سنوات طويلة جرائم حربٍ لا تُحصى في الضفة والقدس الشرقية. وقصفت بلدانا عربية، ونفذت اغتيالات فاقت ما نفذته دول أخرى منذ الحرب العالمية الثانية وإذا كانت إسرائيل قد امتلكت يوماً ما يمكن تسميته "حقّ الوجود"، فإن السؤال المطروح حالياً ما إذا كانت قد فقدته منذ زمن بعيد. وقد أصبحت هذه المسألة أكثر إلحاحاً خلال الحرب على غزة (2023 - ...). فإلى جانب هذه الحرب، ارتكبت إسرائيل سنوات طويلة جرائم حربٍ لا تُحصى في الضفة الغربية المحتلة والقدس الشرقية. ولتسهيل الأمر، لن أتطرّق هنا إلى القصف الإسرائيلي (حسب الترتيب الأبجدي) لكل من: الأردن، إيران، السودان، العراق، اليمن، تونس، سورية، لبنان، ومصر، ولا إلى حقيقة أن إسرائيل، من خلال آلاف عمليات الاغتيال التي نفذتها، قد قتلت أشخاصاً عديدين خارج حدودها بما يفوق أي دولة أخرى منذ الحرب العالمية الثانية. قامت معظم الدول الغربية، التي طالما رفعت شعار "لن يتكرّر ذلك أبدًا" بعد الحرب العالمية الثانية، ليس فقط بتجاهل هذه السياسات الإسرائيلية الإجرامية، بل وبدعمها بشكل مباشر. وبهذا تكون شريكةً في جرائم الحرب والانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان التي ترتكبها إسرائيل. وهكذا أصبح "لن يتكرّر أبداً" في الواقع "يتكرّر مراراً وتكراراً"، لأن كثيرين، على ما يبدو، لم يتعلموا شيئاً من دروس الماضي. ولا يوجد أي مؤشّر على أن إسرائيل ستغيّر سياساتها الإجرامية إلى الأفضل، بل تزداد الأفعال الإسرائيلية عنفاً وإجراماً. ومن ثم، تزداد احتمالية زوال إسرائيل بصفتها دولة صهيونية يوماً بعد يوم. وقد كتبتُ من قبل عن هذا الموضوع التاريخي، ومفادُه بأن التاريخ يُظهر أن "الدول تأتي وتذهب". من الناحية النظرية، كان في وسع الولايات المتحدة أن تجبر إسرائيل على تقديم تنازلاتٍ للوصول إلى تسوية سلمية، لكنها لا تفعل، ففي الظروف الحالية، لا يمكن لأي مرشّح رئاسي أميركي أن يُنتخب من دون أن يقدّم دعماً شبه غير مشروط لإسرائيل. ويُعزى ذلك إلى قوة اللوبي الصهيوني في الولايات المتحدة وخارجها. قد يستغرق زوال إسرائيل الدولة الصهيونية أجيالًا عدة من الناحية العملية، لكن قادتها المتطرّفين الحاليين قد ضمنوا، في كل الأحوال، أن هذا الاحتمال بات أكثر ترجيحاً من أي وقت مضى، ما لم تُجبر إسرائيل بطريقةٍ ما على القبول بحل سلمي مقبول، غير أن ميزان القوى القائم حاليّاً لا يشير إلى أن ذلك سيحدُث. ووفقاً لوسائل إعلام إسرائيلية، قام رئيس جهاز "الموساد"، جهاز الاستخبارات الإسرائيلي، بحملة ضغط في الولايات المتحدة في يوليو/ تموز الجاري للحصول على دعم لخطة "الترانسفير" (التطهير العرقي) للفلسطينيين من قطاع غزّة، وحثّ الولايات المتحدة على إقناع دول أخرى باستيعاب مئات آلاف من الفلسطينيين. ولكن لا ينبغي مكافأة إسرائيل على جرائمها، ولذلك ينبغي قلب منطق هذا المقترح رأساً على عقب، فالدول التي دعمت إسرائيل دعماً غير مشروط عقوداً هي التي ينبغي تشجيعها على استقبال ملايين اليهود الصهاينة من إسرائيل، حتى يتمكّن الفلسطينيون أخيراً من العودة إلى وطنهم. يمكن لليهود الصهاينة في إسرائيل أن يستقروا بسهولة في نحو 75 دولة يبدو أنهم مرحّب بهم فيها بشكل خاص: في الولايات المتحدة بولاياتها الخمسين، وفي حوالي 25 من دول الاتحاد الأوروبي. ومؤكّد أن هذه الدول ستكون متحمّسة لاستقبال "أصدقائها" من اليهود الصهاينة المجرمين، على الأقل، هذا ما يُفترض استنادًا إلى دعمها غير المشروط لإسرائيل. ولكن الواقع، بالطبع، مختلف تماماً، فكما أن اللورد بلفور المعادي للسامية (صاحب وعد بلفور الشهير عام 1917) لم يكن يريد لليهود المضطهدين في أوروبا الشرقية وروسيا أن يأتوا إلى أوروبا الغربية، بل فضّل أن يُرسلوا إلى فلسطين، فإن معظم داعمي إسرائيل المتحمّسين اليوم لا يرغبون، في حقيقة الأمر، باستقبال اليهود الصهاينة من إسرائيل في بلدانهم أيضاً. إنهم يفضّلون تحميل العبء على دول وشعوب أخرى. والشعار السائد لا يزال: "يجب حل المشكلة داخل المنطقة". المشكلات التي تسبّبت بها إسرائيل، وهي دولة وُلدت من رحم معاداة السامية الأوروبية، يُراد تحميلها للشعوب العربية في الشرق الأوسط المشكلات التي تسبّبت بها إسرائيل، وهي دولة وُلدت من رحم معاداة السامية الأوروبية، يُراد تحميلها للشعوب العربية في الشرق الأوسط، التي لم تكن لها أي علاقة أصلًا بمعاداة السامية الأوروبية. ولا تزال لدى دول الاتحاد الأوروبي فرصة لتغيير المسار، إذا ما اتخذت الإجراءات اللازمة ضد إسرائيل، بما في ذلك فرض العقوبات: مثل وقف تصدير الأسلحة إليها، ووقف استيراد البضائع من الأراضي التي تحتلها إسرائيل أو من الحكومة المسؤولة عنها، وإلغاء اتفاقية الشراكة بين الاتحاد الأوروبي وإسرائيل، وحظر المعاملات المالية مع البنوك المرتبطة بإسرائيل، ومنع دخول الإسرائيليين المتورّطين في جرائم حرب وانتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان إلى دول الاتحاد الأوروبي، وملاحقتهم قضائيّاً. وسيكون اتخاذ مثل هذه الإجراءات في مصلحة بقاء إسرائيل نفسها. لذلك، من يريد الخير الحقيقي لإسرائيل عليه أن يفرض عليها السلام فرضاً. أما إذا استمرّت دول الاتحاد الأوروبي في رفض محاسبة إسرائيل على كل هذه الجرائم الخطيرة، ورفضت أيضاً اتخاذ تدابير مناسبة ضدها، بما في ذلك فرض العقوبات، فإنها تساهم بذلك في فقدان إسرائيل، في لحظة ما، حقّها في الوجود، تماماً كما حصل مع ألمانيا النازية وكمبوديا في عهد بول بوت. للشعوب، بما في ذلك الفلسطينيون واليهود، حقّ في الوجود؛ لكنه لا ينطبق تلقائيّاً على الدول التي تمثل هذه الشعوب، ولا سيما عندما تكون مسؤولة عن جرائم حرب جسيمة وانتهاكات فاضحة لحقوق الإنسان.


العربي الجديد
منذ 12 ساعات
- العربي الجديد
فرانشيسكا ألبانيز
منذ عام 2022، تشغل فرانشيسكا ألبانيز منصب المقرّرة الخاصّة المعنية بحالة حقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية المحتلّة، ضمن مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة. محامية إيطالية متخصّصة في القانون الدولي، عملت سابقاً في المفوّضية الأممية لشؤون اللاجئين، وتوجّه اهتمامها نحو تحليل أنماط العنف والتمييز، تركيباتٍ بنيويةً لا أحداثاً منفصلةً. لم يكن ظهور اسمها أخيراً نتيجةً لحملة إعلامية أو مواقفَ مثيرة، وإنما بسبب تقاريرها التي زعزعت منطقاً راسخاً في النظام الدولي، ليس بما كشفته من مضمون فقط، بل بكيفية قولها ما لا يُقال. في تقريرها أخيراً "من اقتصاد الاحتلال إلى اقتصاد الإبادة"، رسمت ألبانيز خريطةً دقيقةً لاقتصاد قائم على القتل، يربط بين الهجمات العسكرية في غزّة والمصالح المالية لشركات غربية، تتقاطع أنشطتها مع دائرة العنف اليومي. استخدمت الوثيقة لغةً حقوقيةً صارمةً، ووضعت قائمةً صريحةً بمؤسّساتٍ متورّطةٍ في تمويل الإبادة أو الاستفادة منها. لم تترك الموضوع في مستوى الإدانة المجرّدة، بل نقلته إلى مستوى المساءلة القانونية المحتملة. جاءت ردّة فعل إدارة ترامب على التقرير في هيئة عقوبات شخصية، محاولة لتحويل النقاش من مضمونه إلى صاحبه. لكن ما جرى لا يمكن قراءته تحرّكاً سياسياً عابراً، بقدر ما يعتبر (ويجب فهمه ضمن) منظومةً دفاعيةً أطلقها النظام الدولي عندما شعر بتهديد صادر من قلب النظام نفسه. لم تأتِ ألبانيز هنا من موقع احتجاجي خارجي، ولم تُقدّم نفسها صوتاً معارضاً، بل استخدمت شرعيّتها المؤسّسية لتقويض لعبة التوازن التي تُملي على الخبراء الدوليين ضبط نغمتهم بما لا يزعج المركز. لم تكتف ألبانيز بتقديم سردية مضادّة، بل زعزعت الانسجام الخطابي الذي يُتيح استمرار الجريمة تحت غطاء الحذر المؤسّسي الذي أدمنته البشرية في مواجهة توحّش الشركات الكُبرى. لم يكن موقفها انفعالاً أخلاقياً، بقدر ما كان ممارسةً دقيقةً للوظيفة الحقوقية بأقصى ما يمكن أن تحمله من دلالة. هي استخرجت من اللغة القانونية إمكاناتها القصوى، وربطت مفاهيم السيادة والربح والعنف ضمن شبكة من العلاقات القابلة للتفكيك والمحاسبة. تقاريرها لا تحتمل التجاهل، لأنّها تُصاغ في بنية تُغلق ممرّات الهروب، وتدفع السلطة إلى المواجهة المباشرة. حين تردّ السلطة بالعقوبات، فهي لا تستهدف إسكات صوت، بل ضبط حدود القول داخل المنظومة. ما يُعاقَب ليس فقط التقرير، وإنما النموذج الذي يجسّده: خطاب قانوني لا يُهادن، صادر من امرأة مستقلّة، لا تمرّ عبر شبكات المصالح، ولا تخضع لاعتبارات الجغرافيا السياسية. تلجأ السلطة في مثل هذه الحالات إلى الردع، لا لأنها تمتلك تفنيداً مضادّاً، بل لأنها تريد إعادة ترسيم ما يُعدُّ "معقولاً" داخل المجال الدولي. العقوبة هنا هي من أشكال تنظيم اللغة، محاولة أخيرة لإبقاء القانون تحت السيطرة. تقف فرانشيسكا ألبانيز اليوم باعتبارها نموذجاً نادراً للوضوح في زمن اختلطت فيه الحقائق بالخطابات المنمّقة. لا تدّعي البطولة، ولا تدّعي حتى انحيازاً للضحية، فتؤدّي مهمّتها فقط، بشرف وبجدّية لا تسمح للنظام بأن يُدير وجهه. حضورها الحقوقي ليس احتفالاً بالثبات، بقدر ما يشكّل ممارسةً ذكيةً للوظيفة الحقوقية في أقصى درجات صدقها الممكن. وسط بحر من التقارير الرمادية والمواقف المائعة، تخرج وثائقها أدلّةً يمكن البناء عليها، لا بوصفها رأياً، بل بنية معرفة قادرة على إنتاج أثر قانوني وواقعي. لهذا تستحق ألبانيز أكثر من ترشيح لجائزة نوبل للسلام. تستحق أن تُروى سرديةً قائمةً بذاتها، لا لأنها تخوض (شبه وحيدة) في موقعها معركةً ضدّ أنظمة كُبرى ونظام دولي متوحّش، بل لأنها أثبتت أن اللغة، حين تُستخدم بانضباط ومسؤولية، قادرة على فضح أكثر الشبكات تعقيداً. لهذا، يكفي أن تكون فرانشيسكا ألبانيز موجودةً بيننا كي نتذكّر أن البشرية، رغم كلّ ما أنتجته من خراب، ما زالت قادرةً على إنجاب امرأة تُعيد تعريف العدالة من داخل صلبها الصلب، لا قيمةً مثاليةً، بل حرفةً واعيةً، دقيقةً، لا تتراجع أمام فظاعة الواقع. وجودها نفسه حجّة لصالح الإنسان، شاهد نادر على أن اللغة حين تنجو من الاستعمال البليد، يمكنها أن تكون أداةَ مقاومة، وأن تكون امرأةً واحدةً، في هيئة دولية مثقلة بالتوازنات، وقادرةً على إعادة ترتيب الكفّة (ولو قليلاً) نحو العدالة، أو نحو محاولة العدالة.