logo
بانقلاب ترمب على بوتين .. هل تدخل الحرب على أوكرانيا مرحلة جديدة من المواجهة مع 'أميركا' ؟

بانقلاب ترمب على بوتين .. هل تدخل الحرب على أوكرانيا مرحلة جديدة من المواجهة مع 'أميركا' ؟

موقع كتاباتمنذ يوم واحد
خاص: كتبت- نشوى الحفني:
فيما يبدو أن العالم يدخل على مناوشات جديدة بين قوتين كبيرتين؛ حيث تدهورت علاقة الرئيس الأميركي؛ 'دونالد ترمب'، ونظيره الروسي؛ 'فلاديمير بوتين'، خلال الفترة الأخيرة، وفق ما يذكره الكاتب؛ 'جوليان إي. بارنز'، في تقريره المنشور في صحيفة (نيويورك تايمز).
ويرى الكاتب أن ذلك التغيَّر يُعدّ تحولًا غريبًا للغاية، بالنظر إلى ما بدت عليه الأمور في 'روسيا' بعد انتخاب 'ترمب'، إذ بدا أن الرئيس الجديد ينظر إلى 'بوتين' باحترام، وبدا الأخير مستَّعدًا لتحقيق الكثير مما يُريده في حربه ضد 'أوكرانيا'.
خطأ في لعب الأوراق..
لكن الرئيس الروسي أخطأ في لعب أوراقه؛ وفق الكاتب الذي شرح في تقريره كيف تحوّل من حليف محتَّمل لـ'البيت الأبيض' إلى شخص: 'مشكوكٍ في أمره'.
بداية مشَّرقة في العلاقات..
خلال حملته الانتخابية؛ وعد 'ترمب' بإنهاء الحرب في 'أوكرانيا' بسرعة كبيرة، وعندما تولى منصبه، كانت إدارته متشَّككة في طموحات 'أوكرانيا' للانضمام إلى 'حلف شمال الأطلسي'؛ الـ (ناتو)، ومستَّعدة للسماح لـ'روسيا' بالسيّطرة على الأراضي الأوكرانية التي استولت عليها، ومتَّرددة في إنفاق مبالغ طائلة على دفاعات 'كييف'، بل إنها منُفتحة على الاعتراف بضم 'موسكو'؛ لـ'شبه جزيرة القِرم'، عام 2014.
كان ذلك عرض سلام حقّق العديد من أهداف 'روسيا' الحربية. ثم جاءت زيارة 'فولوديمير زيلينسكي' الكارثية لـ'المكتب البيضاوي'؛ في شباط/فبراير، حيث استخف 'ترمب'؛ بـ'زيلينسكي'، ووصفه بأنه ناكر للجميل على الهواء مباشرة، مُصرًا على أن: 'الأمور ليست في صالح أوكرانيا الآن'.
كما قال 'ترمب' إن 'بوتين' كان ضحية حملة شعواء قامت بها وسائل الإعلام الأميركية.
وبدأت 'الولايات المتحدة' بالضغط على 'أوكرانيا' لتوقّيع اتفاقية تُسلمها جزءًا كبيرًا من ثرواتها المعدنية. وجاء كل هذا في الوقت المناسب تمامًا بالنسبة للجانب الروسي، وفق ما ذكر الكاتب في تقريره.
وبحسّب مزاعم الكاتب فقد خسّرت 'روسيا' حوالي ربع مليون جندي في الحرب، وكان اقتصادها ضعيفًا. لكن مع وجود رئيس أميركي متعاطف، كان 'فلاديمير بوتين' على وشك إعلان النصر.
رفض مسّاعي 'ترمب'..
بحسّب ما يرّوج له الكاتب؛ فإن 'بوتين' لم يكن مستَّعدًا للتسّوية، في ذلك التوقيت. وكما فعل عندما بدأ الحرب في 'أوكرانيا'؛ عام 2022، اعتقد أنه قادر على تحقيق كل ما يُريد، عبر الحرب.
ويقول إن 'بوتين': 'رفض مرارًا وتكرارًا مسّاعي؛ دونالد ترمب، لوقف إطلاق النار، بل وواصل قصف أوكرانيا بهجمات مروعة باستخدام الطائرات المُسيّرة'. على حد مزاعمه.
في هذه الأثناء؛ كان يتقدم في ساحة المعركة، محاولًا الاستيلاء على المزيد من الأراضي وإضعاف الحكومة الأوكرانية. وبينما لم تتضح أهدافه بدقة، يعتقد بعض المسؤولين الأميركيين أنه يُريد الاستيلاء على 'خيرسون' أو 'أوديسا' أو حتى 'كييف'، وهي مدن أوكرانية رئيسة.
ويرى المسؤولون الأميركيون أيضًا أن هذا الطموح وهمّي، بينما تابع الرئيس الأميركي كل هذا بقلق متزايد.
في نيسان/إبريل، وبعد هجوم صاروخي روسي وطائرات مُسّيرة على 'أوكرانيا'، نشر 'ترمب' على الإنترنت: 'لستُ سعيدًا بالضربات الروسية على كييف. لم تكن ضرورية، وتوقيتها سيء للغاية. فلاديمير، توقف!'.
تحول الموقف بيت 'ترمب' و'بوتين'..
ووفق التقرير؛ فالآن ينتقد 'ترمب'؛ 'بوتين'، وليس 'زيلينسكي'. إذ إنه بعد (06) مكالمات هاتفية مع 'بوتين' هذا العام، يبدو أن 'ترمب' قد غيّر رأيه فيه، وفق الكاتب.
هذا الأسبوع؛ صرح صراحة بأنه غير راضٍ عن 'بوتين'؛ لأنه يقتل الأوكرانيين. وقال 'ترمب': 'نتلقى الكثير من الهراء من بوتين، إذا أردتم معرفة الحقيقة… إنه لطيف جدًا معنا طوال الوقت، لكن اتضح أن كلامه لا معنى له'.
لو صدَّرت هذه الكلمات من أي سياسي آخر في 'واشنطن' تقريبًا، لمِا كان ذلك مفاجئًا. لكن قول 'ترمب' لها يُظهر مدى نفور 'بوتين' من 'البيت الأبيض'، وربما إهداره فرصته في التوصل إلى سلام تفاوضي. بحسب ادعاءات الكاتب الأميركي.
استأنف 'ترمب' شُحنات الأسلحة إلى 'أوكرانيا' بعد توقف قصير من (البنتاغون)، بينما يدفع الجمهوريون في 'مجلس الشيوخ' بفرض مجموعة جديدة من العقوبات على 'روسيا'، ويدّرس 'ترمب' هذا الاقتراح أيضًا.
ويواصل الكاتب الأميركي ترويج مزاعمه؛ بأن 'أوكرانيا' قد سئمت الحرب، لكن إرادتها في القتال لا تزال قائمة، خاصةً إذا مضت 'روسيا' قُدمًا، لأنها كما يصّور الكاتب ادعاءاته: 'تُبدع في ساحة المعركة، وتُكبد طائراتها المُسيّرة الجيش الروسي خسائر فادحة'.
ويدعي الكاتب كذلك؛ أن وعود الدعم من 'أوروبا' وتعزيز الدفاع الجوي من 'الولايات المتحدة' سيجعل من الصعب جدًا على 'بوتين' إنهاء الحرب بالقوة، رُغم إطلاق 'موسكو' عددًا قياسيًا من الطائرات المُسيّرة والصواريخ على وسط وغرب 'أوكرانيا'، خلال الأيام الأخيرة، وهو ما اعتبره الكاتب تصعيدًا روسيًا مدفوعًا بقناعة مُفادها أن دفاعات 'أوكرانيا' قد تنهار في الأشهر المقبلة.
ضربة لنهج الصفقات..
كذلك يقول تقرير لشبكة (سي. إن. إن) الأميركية؛ يبدو أن 'ترمب' قد وصّل إلى نقطة تحول. فقد انتقل من إلقاء اللوم المُفرط على 'أوكرانيا'، إلى اتهام 'روسيا'، بإطالة أمدها دون داعٍ.
ويأتي هذا التغيَّر في الموقف؛ بعد أن فشلت محاولات 'ترمب' السابقة لإقناع 'بوتين' بالتوصل إلى اتفاق سلام يُنهي الحرب، التي بدأت باجتياح 'روسيا'؛ لـ'أوكرانيا'، عام 2022.
ورُغم ما وُصف: بـ'شروط ترمب السذخية' لوقف إطلاق النار، تجاهلها 'بوتين'، ما اعتبره محللون ضربة لنهج 'ترمب' القائم على الصفقات.
ولكن هذا التحول لا يخلو من المخاطر؛ أبرزها إمكانية تصعيّد التوترات بين زعيمي قوتين نوويتين، في وقتٍ تتصاعد فيه الهجمات الروسية على 'كييف'.
كما يطرح تساؤلات حول ما إذا كان هذا التغيَّر سيسّتمر، خاصة أن 'ترمب' لم يلتزم حتى الآن بتقديم مساعدات بحجم ما قدمته إدارة 'بايدن'، والتي تجاوزت عشرات المليارات من الدولارات.
زيادة الضغط..
وتساءلت الشبكة بعد أن توصل الرئيس؛ 'دونالد ترمب'، في النهاية إلى أنه لا يستطيع إقناع 'بوتين' بالدخول في محادثات السلام، فهل هو على استعداد لمحاولة إجباره على الدخول فيها؟
وقال 'تشارلز كوبتشان'؛ الزميل البارز في 'مجلس العلاقات الخارجية'، لـ (سي. إن. إن): 'أعتقد أن ترمب فهم الأمر الآن. عليه أن يضغط أكثر على روسيا إذا أراد التوصل إلى اتفاق مع أوكرانيا'.
وقد يشمل الضغط زيادةً في الأسلحة والذخائر الأميركية لـ'أوكرانيا'، في حين تتعهد الدول الأوروبية، التي تخشّى انسحاب 'ترمب' من 'كييف'، بزيادة مساعداتها. قد يكون الفرق هائلًا، إذا التزمت 'واشنطن' التزامًا حقيقيًا، وقد يُربك اعتقاد 'بوتين' الراسّخ بقُدرته على الصمود أمام الغرب، وقُدرته على كسب الحرب في نهاية المطاف.
وكذلك؛ قد يتقبل 'البيت الأبيض' مشروع قانون مشترك بين الحزبين، يُفرض عقوبات جديدة صارمة على 'روسيا' وحلفائها في 'الصين والهند'.
المواجهة بين الزعيمين..
ولفتّت الشبكة الأميركية؛ إلى أن أحد المخاطر الكبيرة لفترة التوتر بين 'البيت الأبيض' و(الكرملين)، هو أن يقع 'ترمب' و'بوتين' في دائرة من التصعيّد، رُبما للدفاع عن المصداقية الهائلة التي استثمراها في العلاقة.
وأوضحت أنه لا شيء في سلوك 'بوتين' يوحي برغبته في مواجهة 'ترمب' أو 'الولايات المتحدة'. لكن الزعيم الروسي لطالما لوّح بالسلاح النووي خلال الصراع الأوكراني، على ما يبدو لتخويف الشعوب الغربية.
وفي نهاية المطاف؛ قد يعود 'ترمب' إلى هذا الافتراض الاستراتيجي الذي طالما خيّم على السياسة الأميركية تجاه 'أوكرانيا'. 'الحقيقة هي أن أوكرانيا، وهي دولة غير عضو في حلف الـ (ناتو)، ستكون عُرضة للهيمنة العسكرية الروسية مهما فعلنا'. وفق تصريح للرئيس الأسبق؛ 'باراك أوباما'، في مقابلة مع مجلة (ذا أتلانتيك) عام 2016.
ورُغم هذا التحول؛ لا يزال بعض المراقبين الغربيين يُشّككون في دوافع الرئيس الأميركي؛ ويتساءلون عمّا إذا كان غضبه من 'بوتين' ينبَّع من خيبة شخصية بسبب فشل صفقة محتملة، أم أنه يعكس تغييّرًا استراتيجيًا حقيقيًا في رؤيته للحرب.
وفي وقتٍ يتنامى فيه القلق من اندلاع دوامة تصعيّد بين 'موسكو' و'واشنطن'، يرى البعض أن هذا التوتر قد يكشف مدى جدية 'ترمب' في تبّني نهج أكثر صرامة تجاه 'روسيا'، ويختبر قُدرته على إعادة تموضع 'الولايات المتحدة' في ملف بات أحد أعقد الملفات الجيوسياسية في العالم.
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

'ذا غراي زون' يكشف .. المتحدثون السابقون باسم بايدن وأوباما يجنّون الأرباح من إبادة غزة
'ذا غراي زون' يكشف .. المتحدثون السابقون باسم بايدن وأوباما يجنّون الأرباح من إبادة غزة

موقع كتابات

timeمنذ 43 دقائق

  • موقع كتابات

'ذا غراي زون' يكشف .. المتحدثون السابقون باسم بايدن وأوباما يجنّون الأرباح من إبادة غزة

وكالات- كتابات: اتهم موقع (ذا غراي زون) الاستقصائي؛ عددًا من المسؤولين الأميركيين السابقين في إدارة الرئيسين السابقين؛ 'جو بايدن' و'باراك أوباما'، بجنّي أرباح مالية عبر شركات علاقات عامة، تُمثّل جهات متورطة في العدوان الإسرائيلي على 'قطاع غزة'، من بينها شركات مرتزقة ووزارات رسمية إسرائيلية. وأشار الموقع إلى أنّ شركة (يو. جي سوليوشنز) العسكرية الخاصة، المتورطة في إطلاق النار على حشود مدنيين فلسطينيين كانوا يُحاولون الوصول إلى المساعدات جنوب 'قطاع غزة'، تعاقدت مع شركة علاقات عامة أميركية تُدعى: (سيفن ليترز)؛ (سبعة رسائل)، يُديرها مسؤولون سابقون في 'البيت الأبيض'، في عهد الحزب (الديمقراطي). ومن بين هؤلاء المسؤولين؛ برز اسم: 'سابرينا سينغ'، المتحدثة السابقة باسم 'وزارة الدفاع' الأميركية في إدارة 'بايدن'، والتي عُرفت بتبّريرها للجرائم الإسرائيلية ضد الفلسطينيين، وقد تم توظيفها للعمل في هذه الشركة التي تُدير الآن الملف الإعلامي لشركة (يو. جي سوليوشنز). في السيّاق ذاته؛ لفت (ذا غراي زون) إلى أنّ شركة علاقات عامة أخرى تُدعى: (إس. كيه. دي. كيه-SKDK)، يرأسها مسؤولون ديمقراطيون سابقون أيضًا، تُقدّم خدمات إعلامية لـ'وزارة الخارجية' الإسرائيلية، وكذلك لتحالف (10/7)، وهو ائتلاف من المنظمات اليهودية الأميركية التي تعمل على مهاجمة الصحافيين المنتقدين لـ'إسرائيل'. وتوظف شركة (SKDK)؛ 'فيدانت باتيل'، المتحدث السابق باسم 'وزارة الخارجية' الأميركية في عهد 'بايدن'، والذي عُرف بتصريحاته المثَّيرة للجدل التي نفت وقوع الجرائم الإسرائيلية؛ رُغم توثيّقها الواسع في 'فلسطين' المحتلة. وأشار (ذا غراي زون)؛ إلى أنّ فضيحة التعاقد مع '(سيفن ليترز) تفجّرت بعد نشر الموقع لقطات حصرية تُظهر مرتزقة (يو. جي سوليوشنز) وهم يطلقون النار على مدنيين فلسطينيين جنوب 'غزة'، ما دفع الشركة إلى حذف صفحتها الصحافية من موقعها الرسمي، قبل أن يتبيّن لاحقًا أنّ الصفحة الإعلامية الجديدة أنشأتها شركة العلاقات العامة التي يقودها مسؤولو 'أوباما' و'بايدن' السابقون.

التهجير هاجس نتنياهو الاستراتيجي!بكر السباتين
التهجير هاجس نتنياهو الاستراتيجي!بكر السباتين

ساحة التحرير

timeمنذ 3 ساعات

  • ساحة التحرير

التهجير هاجس نتنياهو الاستراتيجي!بكر السباتين

التهجير هاجس نتنياهو الاستراتيجي وأسئلة حول مفاوضات الدوحة الأخيرة، والإمارات الفلسطينية المتفرقة.. بقلم بكر السباتين.. إن فكرة التهجير تنخر رأس نتنياهو حتى النخاع، فلا فكاك بين طموحاته الشخصية للحفاظ على منصبه كرئيس للوزراء، ليبقى طائعاً بين يديه، وتطبيق الجابوتسكية فيما يعرف بالجدار الحديدي لتهجير الفلسطينيين من القطاع بالحديد والنار، لتحقيق أهم شروط 'الشرق الأوسط الجديد' المتمثل بإغلاق ملف القضية الفلسطينية إلى الأبد. وهذا المشروع ليس من بنات أفكار نتنياهو الذي تجاوزت 'أناهُ' المتغطرسة شخصيةَ أبو الصهيونية، هيرتزيل؛ بل تقدم به من قبل، الرئيس الإسرائيلي شمعون بيريز لتحقيق مشروع السلام العربي الإسرائيلي والذي يضم 'أوسلو' كمنجز للصهيونية التقليدية، كما جاء في كتابه 'الشرق الأوسط الجديد' والذي صدر عام 1992 أي عقب مؤتمر السلام بعامين، ليأتي وريث فكر جابوتسكي، نتنياهو فيما بعد، مبادرأ إلى وأد تلك الاتفاقية الجائرة، مبشراً بالبديل المتمثل بالاتفاقيات الإبراهيمية كرابط إقليمي بَيْنِيّ يجمع الدول العربية المنخرطة في مشروع الشرق الأوسط الجديد وفق رؤيته التوسعية؛ لفتح الآفاق الاقتصادية التشاركية أمام مشاريع عملاقة تقنية تكنلوجية على نحو مشروع نيوم، واستكمال الممرات التجارية الدولية التي تعثرت عند عتبات الشرق الأوسط بسبب تداعيات طوفان الأقصى، مثل مشروع طريق 'الهند-الشرق الأوسط- أوروبا' المنافس للمشروع طريق الحرير الصيني، ناهيك عن مشاريع الطاقة ذات المنشأ الشرق أوسطي أو عبر أنابيب الغاز والنفط إلى القارة العجوز، أضف إلى ذلك بناء مراكز مالية عالمية تنافس سنغافورة مثل التجربة الإماراتية. فتخيل كيف أن مثل هذا المشروع الاستراتيجي التشاركي العملاق، سيؤمن ل'إسرائيل' قوة استراتيجية لم يحلم بها نتنياهو في كتابه 'مكان تحت الشمس' الصادر عام 1995. لذلك فإن أهم الثوابت الراسخة في عقل نتنياهو الباطن، هو تحقيق أهدافه في غزة باجتثاث حماس ومصادرة سلاحها توطئة لتهجير الفلسطينيين منها، من خلال خطة خبيثة تبناها ترامب (صاحب رافيرا غزة) في اجتماعه الأخير مع نتنياهو في البيت الأبيض، رغم أنهما يدركان تماماً صعوبة هذا الطرح، كونه يمثل شرعنةً للإبادة الجماعية التي يتعرض لها القطاع في أبشع صورها؛ وبسبب ضربات المقاومة الماحقة في إطار عملياتها الاستثنائية 'حجارة داود' ضد عملية 'عربات جدعون' التي ينفذها جيش الاحتلال في القطاع، والتي تفككت دواليبها بفعل صمود المقاومة والتفاف الجماهير الغزيّة حولها رغم ما يتعرضون له من القتل والجوع. يحدث هذا بعد مرور أكثر من 240 يوماً على طوفان الأقصى، ما تسبب بعزل 'إسرائيل' دولياً على صعيد جماهيري، وإدانتها من قبل محكمتي العدل والجنايات الدوليتين. فما قصة هذه الخرائط التي بُدِئ بتنفيذها من خلال 'شركة غزة الإنسانية' أو ما يسمى بمصائد الموت، التي تشرف عليها أمريكا بغية دفع الفلسطينيين إلى التهجير القسري أو الطوعي.. بمساعدة عصابة ياسر أبو شباب التي تمثل ذراع الشاباك في غزة، حيث منحته حماس عشرة أيام كي يسلم نفسه. وتجدر الإشارة إلى أن هذه العصابة تمثل البديل الإسرائيلي لسلطة حماس في غزة ما بعد الحرب، وتنبهنا إلى خطر مشروع 'الإمارات الفلسطينية المتفرقة' على نحو إمارة الخليل المُعْلَنُ عنها بزعامة الجعبري، التي يخطط لها الاحتلال كي تدير الضفة بعد تفتيتها وسحب البساط من تحت أقدام السلطة رغم تنازلاتها الهائلة، توطئة لضمها. ويبدو أن خريطة إعادة التموضع التي عرضها الوفد الإسرائيلي في المفاوضات غير المباشرة الجارية في العاصمة القطرية الدوحة تبقي كل مدينة رفح جنوبي قطاع غزة تحت الاحتلال لبناء مصيدة جديدة للفلسطينيين، تمهيداً لتطبيق خطة التهجير لمصر أو عبر البحر. ففي سياق متصل، تحدثت القناة 12 الإسرائيلية عن جمود في محادثات الدوحة منوهةً إلى استمرارها خلال هذا اليوم السبت رغم صعوبتها البالغة، بسبب خرائط انسحاب الجيش الإسرائيلي، حيث كشفت عن مدى المراوغة التي يمارسها المفاوض الإسرائيلي إذْ وضع نفسه أمام خيارين: فإما ضرب حماس بالضربة العسكرية القاضية حتى لو أدى ذلك إلى قتل الأسرى الإسرائيلين، وإخضاعها للشروط الإسرائيلية وأهمها تسليم سلاحها وبالتالي دفع الفلسطينيين للتهجير الاختياري، أو ترك حماس تترنح حتى تخور قواها تلقائياً، في ظل ظروف هي الأصعب في تاريخ الحروب المعاصرة، رافعة الراية البيضاء وحدها، رغم أنها صامدة في الميدان بفاعلية، وتُكَبِّدُ الاحتلال خسائر باهظة.. وتعرض نتنياهو لمأزق وجودي على صعيد المشهد الإسرائيلي الداخلي. وحسب القناة 12 الإسرائيلية، فإن الخريطة الجديدة التي قدمتها 'إسرائيل' تتضمن انسحاباً من طريق موراغ، الذي يبعد نحو 4-5 كيلومترات عن الحدود بين غزة ومصر.. بَيد أن القناة لفتت إلى أنه، وفقًا للخريطة نفسها، لا تزال 'إسرائيل' تصر على إبقاء قوات جيشها على بعد نحو 2-3 كيلومترات شمال طريق فيلادلفيا. وهذه مناورة للإيهام بجدية المفاوض الإسرائيلي للاستهلاك المحلي والأمريكي. وهو بمثابة من يضع السم في الدسم، لتطوير مصائد الموت في رفح، ولكن هذه المرة من خلال إنشاء مخيم للاجئين يضم مئات آلاف الفلسطينيين، استعداداً لتهجيرهم المحتمل لاحقا. وأحيلكم إلى ما كشفه وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس الاثنين الماضي عن ملامح خطة إسرائيلية جديدة لإقامة ما سماه 'مدينة إنسانية' مكونة من خيام على أنقاض مدينة رفح، تتضمن نقل 600 ألف فلسطيني إليها في مرحلة أولى بعد خضوعهم لفحص أمني صارم، على ألا يُسمح لهم لاحقا بمغادرتها. ناهيك عن إنشاء منطقة عازلة على حدود قطاع غزة، يتفاوت عرضها بين عدة مئات من الأمتار إلى نحو كيلومترين في بعض المناطق. إنه وفق كل المقاييس، سجن وظيفي للتهجير الطوعي أو القسري ومسيج بالقوات الإسرائيلي على طول الحدود.. إنها عبثية تعبر عن استهتار المحتل بالقوانين الدولية المهترئة في ظل الرأسمالية المتوحشة التي يسعى من خلالها ترامب إلى حل مشكلة 'إسرائيل' الوجودية بوأد الملف الفلسطيني من خلال رافيرا غزة، كفكرة إحلالية تعبر عن كارثة كبرى.. وهذا هراء ما دامت المقاومة تحرس الوعي الفلسطيني وسرديته الدامغة.. والتي تطالب بانسحاب الجيش الإسرائيلي إلى المواقع التي كان فيها قبل استئنافه حرب الإبادة على القطاع في 18 مارس الماضي.. في سياق حرب التحرير طويلة الأمد. في المحصلة فإن نتنياهو المطلوب لمحكمة الجنايات الدولية لارتكابه جرائم حرب، وعلى مدى نحو 20 شهراً، كان يمثل العقبة الكأداء في طريق الالتزام باستحقاقات الاتفاقيات السابقة بشأن الأسرى بوساطة مصرية قطرية. وتؤكد المعارضة الإسرائيلية أن نتنياهو يرغب فقط بصفقات جزئية تضمن استمرار الحرب، لتحقيق مصالحه السياسية الشخصية، ولا سيما استمراره بالسلطة، وذلك استجابة للجناح اليميني الأكثر تطرفا في حكومته. مع أن ترامب قايضه للموافقة على المبادرة الأمريكية، بتخليصه من مطالبة المحكمة الإسرائيلية العليا بمحاكمته، مع وجود فرصة تاريخية قد تساعده في تخفيف ضغوطات سموترتش وبن غفير عليه؛ كونه بات يحظى بتأييد جماهيري واسع إزاء نجاحه في تسويق نفسه كزعيم حقق لإسرائيل انتصاراً وجودياً على إيران، وحزب الله، وسوريا الشرع التي تستجديه للدخول في الاتفاقيات الإبراهيمية مع أن نتنياهو اشترط عليها التنازل عن الجولان، رغم إخفاقات 'إسرائيل' في اليمن أمام الحوثيين المرتبطين استراتيجياً مع غزة. وكان جل اهتمام نتنياهو ينصب في تجاوز غزة نحو ضرب المشروع النووي الإيراني بمساعدة أمريكا ورغم قيامه بالضربة الاستباقية 'الأسد الصاعد' إلا أن حصاده كان الخيبة لأن الرد الإيراني كان مزلزلاً من خلال 'الوعد الصادق3' في الوقت الذي استمرت فيه عمليات حجارة داوود النوعية بتحطيم هيبة جيش الاحتلال الذي عانى الأمرين بفعل عمليات المقاومة المركبة التي حطمت دواليب 'عربات جدعون'.. 12 يوليو 2025

ترامب – الاستهزاء والتنمر بالضيوف!
ترامب – الاستهزاء والتنمر بالضيوف!

موقع كتابات

timeمنذ 15 ساعات

  • موقع كتابات

ترامب – الاستهزاء والتنمر بالضيوف!

اعتاد النظام الأمريكي بعد تنصيب كل رئيس جديد بقيام عدد من قادة دول العالم بمختلف تسمياتهم، بزيارة الرئيس الجديد وتهنئته، وفي نفس الوقت ، بحث العلاقات الثنائية وتطويرها بين الولايات المتحدة وتلك الدولة. خلال استقبال الرئيس الأمريكي لعدد من ضيوفه،فقد أسقط السياقات الدبلوماسية والاتكيت في التعامل مع الضيوف ، وأخذ بمعاملتهم كأنهم ضمن رعيته، وليس دولاً مستقلة، والاستهزاء أو التنمر أو التقليل منهم ، مع بعض النكت الضاحكة ، ومحاولة طرح أفكار وأجندات أمريكية مرفوضة من الطرف المقابل في الهجرة والضرائب والرسوم على الدول ، أو الطلب منهم بمنحهم ثرواتهم المعدنية والنفيسةلمصلحة الاستثمار الأمريكي ، وفسره البعض بأن الغرور الشخصي للرئيس الأمريكي في استقباله لضيوفه، قد حوله الى مريض نفسي . فمثلاً؛ خلال استقباله الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلنسكي ، أراد أن يفرض عليه شروط صعبة ومستحيلة وبلاده محتلة من قبل روسيا، وأن يؤمن بالأمر الواقع من أجل وقف إطلاق النار. وهنا؛ انتفضالرئيس الاوكرني لهذا الطرح الأمريكي، وغادر البيت الأبيض مسرعاً ، وقد سارع عدد من كبار المسؤولين المدنيين والعسكريين في أوكرانيا إلى التضامن مع رئيسهم واعتبروا أنه كان شجاعاً، ولم يخطئ في تصريحاته أمام الرئيس ترامب. وإنه كان على حق؛ فوقف إطلاق النار من دون ضمانات سيفضي إلى احتلال روسي للقارة الأوروبية برمتها. أما خلال استقبال الملك الأردني عبد الله الثاني، فاستفزة ، بتهجير سكان غزة والبالغ عددهم المليوني نسمة، والسيطرة عليها، فرفض الملك هذه الطروحات، وقال : بلغة دبلواسية، إن مصر تعمل على خطة بشأنقطاع غزة . في حين، تجاوز الحدود الدبلوماسية واللياقة الأدبية وأهانهم علناً خلال استقبال بعض الرؤساء الأفارقة، بالقول،: بأنه مشغول عليهم الاختصار، وأن يقدم كل واحد منهم اسمه واسم دولته 'علينا أن نكون أسرع من ذلك.. جدول أعمالنا مشغول.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store