
الأردن بين تحديات الداخل وتحولات الإقليم
مركز عبر المتوسط للدراسات الاستراتيجية
في عالم تتغير فيه الخرائط قبل أن يجف حبر التحالفات، وفي المنعطفات التاريخ، لا تُقاس قوة الدول بحجم جيوشها أو مواردها فقط، بل بقدرتها على التقاط اللحظة وتحويل الأزمات إلى فرص.
الأردن، الذي لطالما مثّل ركيزة اعتدال في منطقة تموج بالتوترات، ولاعبًا عقلانيًا، يقف اليوم أمام لحظة فارقة تضعه على تماسّ مباشر مع أخطر الأزمات، بين ضغوط اقتصادية خانقة، وارتباطات استراتيجية عميقة، وازمات حدودية واجتماعية، التي تمسّ أمنه القومي، وتحولات إقليمية تعيد تشكيل خرائط النفوذ والتحالفات، بات السؤال الأردني لا يدور حول كيفية الصمود فحسب، بل حول كيف نحمي مستقبل الدولة، من تفاقم المخاطر الحدودية والاجتماعية وغيرها؟
لم يكن موقع الأردن الجيوسياسي، واعتدال قيادته، إلا سببًا في أن يكون لاعبًا رئيسيًا في حسابات الحلفاء، فكانت الاتفاقيات الأمنية والعسكرية، والتي وفّرت له غطاءً سياسيًا ودعماً اقتصاديًا، وشكّلت حجر الزاوية في سياسة التموضع الحذر التي اتبعها لعقود. غير أن هذا الدعم، الذي يُفترض أن يكون ضمانة للاستقرار، بدأ يأخذ شكل أداة ضغط سياسي، ففي مطلع عام 2025، طرح البيت الأبيض خطة لإعادة توطين فلسطينيي غزة في الأردن ومصر، ملوحًا بإعادة النظر في المساعدات كوسيلة ضغط، وهو الامر الذي قوبل بالرفض، لكن الأردن، وبنفس الوقت، أدرك أن التوازن في العلاقة مع الحلفاء لم يعد مضمونًا كما كان (لكن التساؤل المشروع اليوم، إلى أي مدى يمكن أن تستمر هذه الاتفاقيات دون أن تمس جوهر السيادة؟).
ورغم ان المساعدات المتدفقة من الشركاء الدوليين والدعم العربي الخليجي، الا انه لم ينعكس أثرها الفعلي على حياة المواطنين، وبقي الاقتصاد رهينًا للنهج الريعي، دون انتقال نحو اقتصاد إنتاجي ومستدام.
في الداخل، تتكشف أزمة اقتصادية متراكمة، حيث بلغ الدين العام أكثر من 44 مليار دينار مع نهاية الربع الأول من عام 2025 (ما يعادل نحو 117% من الناتج المحلي)، في حين بلغ الدين الصافي (بعد استبعاد ودائع الحكومة وصندوق الضمان) حوالي 85% من الناتج. وهذه النسب لم تعد مجرد مؤشرات مالية، بل يعتبرها البعض، تهديداً مباشراً للاستقرار المالي.
ترافق ذلك مع ازمة بطالة تتجاوز 23% بشكل عام، وتكاد تصل إلى ما يزيد عن 40% بين الشباب، وسط نمو اقتصادي لا يتعدى 2.7% في بداية 2025، وعجز مالي بعد المنح يبلغ 3.7% من الناتج المحلي، وعجز في الحساب الخارجي يقارب 7.7%.
ويضاف اليها تزايد التهديدات الحدودية، والتي لم تكن يومًا هادئة بالكامل، لكن ما يحدث في السنوات الأخيرة أصبح يشكل تهديدًا نوعيًا واستراتيجيًا.
ان استمرار الفوضى الإقليمية يفتح الباب أمام احتمالات تسلل التهديدات العابرة للحدود، والتي تمثل خطرًا مباشرًا على الأمن القومي، خصوصًا في ظل هشاشة سيطرة دول الجوار على حدودها. الامر الذي جعل من الأردن ساحة تماس إقليمية، يتقاطع فيها الأمن القومي مع شبكات الجريمة المنظمة، كما وتحوّل الأردن إلى ساحة متقدمة للمواجهات خلال الحرب الإيرانية الاسرائيلية، دفاعاً عن أراضيه ومصالحه، مما لعب دوراً في إعادة نظر الحلفاء التقليدين لتعزيز التزامهم بدعمه، لكنها في الوقت ذاته زادت من حساسية موقعه الجيوسياسي وأهمية أدواره العسكرية، ما يفرض عليه موازنة صعبة بين حماية أمنه وعدم التورط في صراعات الجوار، وهذا يتطلب مضاعفة الاستعداد الدفاعي، وزيادة التنسيق الإقليمي والدولي دون التفريط بالسيادة.
إضافة إلى الضغوط الاقتصادية والسياسية، فان الأردن يعاني من أعباء ديموغرافية هائلة، إذ يستضيف أكثر من 1.3 مليون لاجئ سوري لوحدهم، بتكلفة تقارب 6% من الناتج المحلي، في وقت لا يغطي فيه المانحون سوى جزء محدود من التكاليف، دون الاخذ بعين الاعتبار تكلفة اللاجئين الاخرين.
وبرغم الدعم الخارجي والمنح والقروض، الا ان الاقتصاد الأردني ظل حبيس الحلول القصيرة، دون تحوّل فعلي نحو الإنتاج والاعتماد على الذات، مما جعل المواطن لا يثق بأن القادم سيكون أجمل، بل بات يرى أن البعض يزداد ثراءً واغلاقاً على نفسه، بينما الطبقة الوسطى في طريقها للاختفاء والفقراء يزدادون فقراً، وبالتالي فان الأردن لم يعد قادرًا على امتصاص مزيد من الصدمات.
الأردنيون لم يعودوا يطالبون بالمعجزات، وهم يلتفون حول الملكية التي تمثل رأس النظام كمرجعية توحيد، وصمام الأمان، حيث مثّل الهاشميون عبر العقود عامل توازن في منطقة تموج بالاضطرابات، وراهنوا على العقلانية والاعتدال بدل المغامرة والتصعيد، وحملوا مشروع الدولة على أكتافهم ومن خلفهم أبناء الوطن في أصعب الظروف، ورسخوا شرعية تقوم على القرب من الناس، وعلى التدرج في بناء مؤسسات الدولة المدنية والحفاظ على هويتها، واحترام التعددية، كما وجنبوا الأردن الانزلاق في صراعات الإقليم، ومصير بعض جيرانه. الامر الذي جعل من الأردن حليفًا دولياً موثوقًا في الإقليم، ووسيطًا معتدلًا في النزاعات، وحاميًا تاريخيًا للمقدسات.
الاردنيون وهم يقفون مع الوطن، الذي صبر وضحى، الا انهم يرون بان الأردن، يستحق ما هو أكثر من الصبر، ويستحق الأفضل، ويمكن ذلك عن طريق إطلاق المسار من قيود التردد والجمود، وان لا يبقى محتكراً في ظل غياب الشفافية والمسألة.
الأردن لم يكن يومًا بلدًا سهل الكسر، وليس مجرد ساحة انتظار في مشاريع الآخرين؟ وعلى الرغم من كل التحديات، وتغير أولويات القوى الكبرى الا انه ما زال دولة ارتكازية في الجيوسياسة الإقليمية، وقادرًا على لعب دور حيوي بفضل استقراره السياسي وموقعه الاستراتيجي ودبلوماسيته المتوازنة في استقرار الشرق الأوسط.
كما انه لمن الظلم تحميل الأردن مسؤولية ما يحصل في المحيط العربي، وتحديداً في الأراضي الفلسطينية، وليس تحميلها الى من تسبب بالكارثة عند المغامرة، التي لم تأخذ بعين الاعتبار، ادني حد من الحسابات لتوازن القوى (رغم معرفتهم بعدوهم الباحث عن ذريعة، ومتعطش للقتل والتدمير)، ومع كل ذلك فالأردن لم يغير بوصلته في دعم الاخوة في فلسطين، وهو يقدم أكثر من طاقته، والملك الأكثر دفاعا عن القضية الفلسطينية والأبرياء من أبناء الشعب الفلسطيني، والاردنيون، يتحملون ما لم يتحمله أحد عبر التاريخ، وما زالوا، وانه لمن الخطيئة ان يتم التشكيك في مواقفه، وتصديقها من قبل البعض، رغم وضوحها للجميع (السؤال هنا، هل من يتهم او يشكك يعرف ما يجري، ام انهم فعلاً يعرفون بانهم لا يعرفون، الا انهم يطلقون الشعارات التي لا تطعم فقيراً، ويدفعون بها عن انفسهم ما تسببوا فيه؟).
ضمير الأردن، لم يسمح له بالصمت عما يجري في الأراضي الفلسطينية، لان من يتعود الصمت، يصبح في النهاية غير معني، وهذا لا يتفق مع موقف الأردن عبر التاريخ، ولسان حاله يقول نحن لسنا البدائل، بل نحن اهل النوادر، الذي لا يمكن كسرنا او تعويضنا.
كما انه لمن الغريب، ان يخرج علينا البعض، بالقول بان الأردن قد تم تجاوزه، ونحن نقول، مخطى من يظن ذلك، فالأردن في قلب اي معادلة قادمة لإعادة ترتيب المنطقة، وهو بكل تأكيد، يوازن بين الحسابات الخارجية والداخلية للخروج بما يخدم مستقبله.
الأردن، اليوم بحاجة إلى أكثر من المرونة التاريخية، ويحتاج إلى شجاعة التغيير الداخلي بقدر ما يملك من صلابة في مواقف قيادته السياسية لحماية مصالحه، والدفاع عن حدوده. ففي زمن الانهيارات الكبرى، أصبح من الضرورة، إعادة النظر في عدة محاور داخلية، تشمل الاقتصاد، والأمن، والتحالفات الإقليمية، والدور الدبلوماسي، وان الخروج من الازمات صار قرارًا، وليس تحصيلًا حاصلًا.
ان الحفاظ على الإرث الأردني، يتطلب استكمال مشروع الدولة الحديثة بإرادة تتناسب مع طموح الشعب، والأردنيون مقتنعون بانه في زمن تتغير فيه التحالفات، بان دور بلدهم لا يمكن اختزاله في الدور الأمني، ولا في موقعه الجغرافي، بل في إرادة قيادته وشعبه وعقله الجمعي، وهو لا يزال يملك فرصة حقيقية للخروج من أزماته، شرط أن يعيد تعريف أولوياته، من إعادة صياغة العقد الاجتماعي، والانتقال من الاقتصاد الريعي إلى اقتصاد المعرفة والإنتاج، وتعزيز الحياة السياسية الوطنية، واستعادة الثقة بمؤسساتهم، عبر الشفافية والمحاسبة، وأن يُبنى من الداخل لا بالاعتماد على المانحين فقط.
كما ان الأردنيين يرون بان المرحلة المقبلة تتطلب التجديد، عبر بوابة الإصلاح الحقيقي، القائم على المشاركة، وصون الحريات، وتمكين الكفاءات بدل ترسيخ مفهوم التدوير في بعض النخب، والتي لم يعد البعض منها موثوقة لهم، ولكي لا يشعر البعض انهم فئة مُهمّشة، ويتفاقم الشعور لديهم بالاغتراب، لأسباب عدة، منها تفاقم البطالة، مما ينذر بحالة من عدم الرضى الصامت.
لكن الأخطر من ذلك هو أزمة الثقة المتفاقمة في المؤسسات الرسمية والتي تتآكل بفعل المحسوبيات، وغياب الشفافية، وتراجع منظومة النزاهة، وانكشاف النخب أمام وقائع المماطلة والتأجيل والتراجع في الأداء الإداري، وتحول الإعلام إلى أداة تبرير، بدلا من ان يكون اعلام دولة، وجودة في مخرجات التعليم، التي أصبحت تتراجع وبشكل متسارع. ان اصلاح التعليم، وهو الأهم، أصبح ضرورة قصوى، حتى لا نتفاجأ بأزمة جديدة تكمن في ازدحام العقول المتعلمة التي تملك الشهادات دون المهارات، وتضاف عندها الى ازمة الموارد، وبخلاف ذلك، فسنبقى نراوح مكاننا.
إنها لحظة تاريخية بامتياز، لحظة يجب أن يُصاغ فيها القرار من الداخل، لحظة إنقاذ لا تصلح فيها أدوات التسكين، بل تتطلب شجاعة تليق بالشعب الأردني، وكما يريدها الملك.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


جهينة نيوز
منذ 5 ساعات
- جهينة نيوز
ال"كهرباء" تنهار بلا مساءلة
تاريخ النشر : 2025-08-04 - 12:17 am "نيبكو" تغرق بالخسائر والدولة تدفع ثمن الصمت بلاسمة: الأردن يواجه تحديات فنية كبيرة في مسعاه لرفع مساهمة الطاقة المتجددة الأنباط – عمر الخطيب في بلد أنهكته الديون وأتعبته الوعود، لا تزال الكهرباء تُنتج كما تُدار بعقود "مُرقعة"، وشبكة تشكو الترهّل، وسياسات لا تصمد أمام أول اختبار حقيقي، نحن لا نتحدث عن عجز طارئ أو خسارة مفاجئة؛ وإنما عن شلال من الإخفاقات المتراكمة لم يتوقف منذ سنوات، ,عن منظومة يُعاد تغليفها كل عام بأوراق رسمية أنيقة، بينما تنهار من الداخل. نيبكو، شركة تدور حولها مليارات الدنانير كما يدور العجز حول عنق الدولة، خسائرها تجاوزت الخمسة مليارات، أي أكثر من 75% من رأسمالها، هذه ليست أرقاما في تقرير بل صفعة في وجه اقتصاد هشّ، والكارثة؟ أن بدائل الغاز، الذي كان يُروّج له كمنقذ لم يُنقذ شيئا. أما "العطارات" فعنوان آخر للتخطيط، وصخر زيتي ضُخّم إعلاميا ثم كُبل بـعقود جائرة كلفت مئات الملايين، أما الفاتورة؟ فيدفعها الشعب دائما، أما الطاقة المتجددة التي كان يُفترض أن تكون باب الخلاص فتحوّلت إلى ملف شائك من رسوم غير عادلة وربط ضعيف وبنية غير مؤهلة ومشاريع تُحتكر في غرف مغلقة. أما بخصوص الفاقد، فلا نتحدث عن 2 أو 5 بالمئة، نحن نتحدث عن ما يصل إلى 30%، كهرباء تتبخر تُسرق، تُهدر بينما تُموّل من جيوب المنهكين. وفي هذا الأمر، يوضح منتدى الابتكار والتنمية الأردني أن شركة الكهرباء الوطنية "نيبكو" تكبدت خسائر بلغت 5.8 مليار دينار حتى نهاية 2023، ما يهدد استمراريتها المالية، وتعزى الخسائر إلى الاعتماد الكبير على الوقود المستورد، وعقد العطارات الذي يكبد الشركة خسائر سنوية كبيرة، بالإضافة إلى هيكل تعرفة غير عادل وفاقد كهربائي مرتفع، إضافة إلى مواجهة نيبكو تحديات مع تراجع الإيرادات بسبب انتشار الطاقة الشمسية المنزلية دون مساهمة مالية، حيث تهدف خارطة الطريق الوطنية إلى رفع حصة الطاقة المتجددة إلى 50% بحلول 2030 عبر مشاريع شمسية ورياح، تحديث الشبكات، مشاريع تخزين، وإصلاحات قانونية، بتكلفة تقديرية 2–2.5 مليار دولار وتمويل دولي. استمرار الخسائر رغم الغاز الإسرائيلي ورغم توقيع اتفاقية الغاز مع إسرائيل عام 2020 وما تبعها من انخفاض نسبي في كلفة التوليد، بين خبير الطاقة فراس بلاسمة أن شركة الكهرباء الوطنية تواصل تسجيل خسائر سنوية كبيرة، والسبب ليس فقط في الكلفة بل في بنية العقود "خذ أو ادفع" التي تُلزم الحكومة بـشراء كميات محددة من الغاز حتى عند تراجع الطلب أو وفرة الإنتاج من الطاقة المتجددة ما يفاقم الأعباء المالية. العطارات: استثمار أم عبء مالي؟ وعن مشروع العطارات بين أنه من أبرز ركائز أمن الطاقة في الأردن، لما يوفّره من تنويع في مصادر التوليد وتقليل للاعتماد على المستوردات. ورغم التحديات المالية المرتبطة بعقوده طويلة الأمد وكلفة شراء الكهرباء منه، إلا أن معالجة هذه الإشكالات تتطلب موازنة دقيقة بين الحفاظ على مكانة المشروع الاستراتيجية وسمعة الأردن كـ بيئة استثمارية موثوقة، وذلك عبر حلول تفاوضية لا تمس بثقة المستثمرين أو الالتزامات السيادية. صافي الفوترة وأثره على الشمسية وفيما يتعلق بـنظام صافي الفوترة الجديد، بين بلاسمة أن هذه السياسة ستؤثر سلبا على الجدوى الاقتصادية لمشاريع الطاقة الشمسية الصغيرة والمتوسطة، وستحد من التوسع المستقبلي لها، خاصة بين الشرائح التي كانت تعتمد على العائد المالي لـ تغطية تكلفة النظام الشمسي، مشيرا الى أن الانتقال من نظام "صافي القياس" إلى "صافي الفوترة" يعني أن المواطن أو المصنع الذي يولد كهرباء عبر الطاقة الشمسية لن يحصل على نفس قيمة الكيلوواط عند التصدير للشبكة، بل يُحاسب بسعر الشراء فقط (دون رسوم التوزيع والنقل). استيعاب الشبكة 50% طاقة متقطعة وأشار بلاسمة الى أن الاردن يواجه تحديات فنية كبيرة في مسعاه لرفع مساهمة الطاقة المتجددة إلى 50% بحلول 2030، أبرزها ضعف مرونة الشبكة الوطنية في التعامل مع مصادر متقطعة كالرياح والشمس، ورغم التحديثات التي شملت مركز التحكم الوطني وتوسيع الربط الإقليمي، يبقى تحقيق هذا الهدف مرهونا بضخ استثمارات إضافية في أنظمة التخزين والتحكم الذكي والتنبؤ بالأحمال لـ ضمان استقرار التردد والجهد في الشبكة. مشاريع التخزين: ضرورة أم خيار؟ وبخصوص مشاريع التخزين، أكد بلاسمة أن تخزين الطاقة هو الركيزة الأساسية لأي شبكة كهرباء تعتمد على الطاقة المتجددة المتقطعة، ويعد مشروع الضخ والتخزين في سد الموجب من الحلول الإستراتيجية، لكن تأخر تنفيذه يقلل من قدرة النظام على المناورة، مضيفا أن مشاريع البطاريات (Battery Energy Storage Systems - BESS)فهي خيار مكلف ولكن أكثر مرونة وفورية من مشاريع ضخ المياه، بالتالي التخزين ليس خيارا ترفيهيا بل ضرورة لـ تحقيق الأهداف الوطنية للطاقة المتجددة، وضمان أمن واستقرار الشبكة. الفاقد الكهربائي: تهديد الاستدامة؟ وبين بلاسمة أن رغم إطلاق مبادرات للحد من الفاقد الكهربائي، الا ان هنالك ضعف في التطبيق العملي وتدني معدلات التحصيل في بعض المناطق لا يزال يُهدد استدامة الشبكة ويُكبد الحكومة خسائر مالية كبيرة سنوياً، موضحا أن الفاقد الكهربائي في الاردن يتراوح بين 15–30% في بعض المناطق، وهو معدل مرتفع جدًا مقارنة بالمعايير العالمية، مضيفا أنه موزع بين فاقد فني ناتج عن ضعف البنية التحتية، وغير فني (سرقات) يصعب مكافحته دون أدوات ذكية. احتكار الطاقة المتجددة كلفة وجودة؟ وأكد أن احتكار تنفيذ مشاريع الطاقة المتجددة من قبل عدد محدود من الشركات والمكاتب الهندسية يثير مخاوف جدية بشأن الكلفة والجودة، فغياب المنافسة نتيجة الإحالات المباشرة أو شروط التأهيل الضيقة قد يؤدي إلى رفع التكاليف وتراجع جودة التنفيذ، مبينا أن علاج الخلل يتطلب شفافية أكبر في العطاءات، وتوسيع دائرة المؤهلين، ودعم الشركات المحلية الصغيرة والمتوسطة لـ تعزيز التنافسية وتحسين كفاءة القطاع. نيبكو تضخم الدين العام الأردني ومن الجانب الاقتصادي، أكد الخبير الاقتصادي دكتور غازي العساف أن ديون وخسائر شركة نيبكو تمثل مساهما رئيسيا في مديونية الدولة، مشيرا إلى أن خسائرها المتراكمة تجاوزت 5 مليارات دينار في تقريري 2022 و2023، وتتصاعد بشكل كبير منذ عقد ما يشكل تهديدا للاستقرار المالي ويضيف أعباء متزايدة على المالية العامة. وأوضح العساف أن نيبكو ساهمت بشكل كبير في تضخم الدين العام، إذ تمثل ديونها أكثر من 18% من إجمالي الدين الكلي الذي تجاوز 40 مليار دولار، مؤكدا أن هذا يشكل ضغطا مباشرا على المالية العامة، خاصة وأن خدمة الدين تتجاوز 120 مليون دينار سنويا، ما يستنزف الموازنة ويقلل من مرونتها. تأخير العطارات يزيد الأعباء وفيما يخص عقود الصخر الزيتي والغاز، أشار العساف إلى وجود فشل واضح في التخطيط الاستراتيجي، مستشهدا بمشروع "العطارات"، موضحا أن التأخير في تنفيذه تزامن مع توقيع اتفاقية الغاز ادى الى تفاقم الأعباء، كما أن العقود طويلة الأجل لم تتضمن آليات مراجعة في حال تغير الظروف الاقتصادية، وأن المعالجة تتم عبر التحكيم الدولي والتفاوض لتعديل الأسعار، معتبرا أن الإلغاء سيكون مكلفا والتفاوض هو الخيار الأسلم. رسوم بسيطة على القطاع المنزلي فيما يخص توزيع كلف التحول للطاقة المتجددة، أوضح العساف أن رسوما بسيطة فُرضت على القطاع المنزلي بنحو 2 دولار لكل كيلوواط، بينما توفر جهات مانحة مثل البنك الدولي والاتحاد الأوروبي تمويلات تتجاوز 60 مليون يورو لـ دعم الشبكة، مشددا على أهمية اعتماد تعرفة متدرجة تراعي أصحاب الدخل المحدود، مع ضرورة توسيع الرسوم لـ تشمل قطاعات تجارية وصناعية كبرى دون الإضرار بتنافسيتها، ما يتطلب دراسات تفصيلية حسب كل قطاع. كلفة الطاقة المتجددة أقل وأشار العساف إلى أن المفارقة في ملف التحول الطاقي تكمن في أن كلفة توليد الكهرباء من الشمس والرياح أقل بكثير من الغاز، ومع ذلك لم تنخفض أسعار الكهرباء في الأردن، معللا ذلك بالتزامات تعاقدية طويلة الأمد مع محطات تقليدية، وكلفة استثمارات البنية التحتية لـ تطوير الشبكة واستيعاب الطاقة المتجددة، بالإضافة إلى أعباء خدمة الديون المتراكمة على شركة نيبكو، والتي منعت تحقيق وفر فعلي ينعكس على الفاتورة. هدف 50% طاقة متجددة 2030. أما بخصوص عدالة فرض الرسوم على منتجي الكهرباء من الطاقة الشمسية المنزلية، أوضح العساف أن هناك مبررات لـ فرض رسوم معتدلة، كونهم يستخدمون البنية التحتية التي تتطلب صيانة مكلفة، مشددا على ضرورة تنظيم الأمر لـ ضمان عدم تحميل غير المستفيدين كلفة إضافية، مؤكدا أهمية أن تكون الرسوم متدرجة حسب الاستهلاك والقدرة المالية بما يعكس حجم الاستفادة الفعلية من الطاقة المتجددة. وأضاف العساف أن لدى الأردن إمكانات واعدة لـتوسيع مشاريع الربط الكهربائي مع دول الجوار مثل العراق وفلسطين ولبنان والسعودية، ما يسهم في تخفيف حدة التحديات المستقبلية، مؤكدا على ضرورة زيادة الإنتاج من المصادر المتجددة. تابعو جهينة نيوز على

الدستور
منذ 8 ساعات
- الدستور
17 ٪ ارتفاع الشركات المسجلة في الأردن حتى نهاية تموز
عمان - جهاد الشوابكة قال وزير الصناعة والتجارة والتموين المهندس يعرب القضاة أن عدد الشركات المسجلة لدى دائرة مراقبة الشركات ارتفع خلال السبعة شهور الأولى من العام الحالي بنسبة 39 ٪ عن ذات الفترة من العام 2019 وبنسبة 17 ٪ عن ذات الفترة من العام 2024 وبعدد اجمالي بلغ 4224 شركة وبرؤوس أموال تزيد عن 287 مليون دينار. وأضاف م. القضاة في بيان صحفي أمس الأحد أن أعلى أنواع الشركات تسجيلا من حيث العدد كان في فترة السبعة الأشهر الأولى من العام 2025 هي الشركات ذات المسؤولية المحدودة وبلغ عددها 3021 شركة وبنسبة 71.5 ٪ من الشركات المسجلة وبرؤوس أموال مسجلة تزيد عن 84 مليون دينار. والأعلى تسجيلا من حيث رأس المال كان في الشركات المساهمة الخاصة برأس مال يتجاوز 155 مليون دينار. وقال لقد انخفض أيضا عدد الشركات التي تم فسخ او شطب تسجيلها بنسبة 78 ٪ عن تلك الفترة من العام 2019 وبنسبة 39 ٪ عن السبعة أشهر الأولى من العام 2024، حيث بلغ عددها 651 شركة مقابل 2985 لفترة المقارنة من العام 2019 و1073 شركة مفسوخة أو مشطوبة لذات الفترة من العام الماضي. وأضاف أن الارتفاع في أعداد الشركات المسجلة يعكس الجاذبية الاستثمارية للمملكة في ضوء المزايا والحوافز التي وفرها قانون البيئة الاستثمارية وتسهيل وتبسيط الإجراءات وكذلك عوامل الامن والاستقرار التي يتمتع بها الأردن وموقعه الجغرافي المميز والخدمات المقدمة للمشاريع الاستثمارية في مختلف المحافظات ووجود عوامل قوة أخرى مثل متانة الجهاز المصرفي والرعاية التي تلقتها الاستثمارات من مختلف الجهات ذات العلاقة. كما يعكس ذلك حسب القضاة متانة الاقتصاد الأردني وقدرته على مجابهة التحديات والاضطرابات في المنطقة والظروف الجيوسياسية العالمية التي ألقت بظلال سلبية على أداء اقتصادات مختلف البلدان. وقال إن رؤية التحديث الاقتصادي وبرنامجها التنفيذي يشتمل على العديد من المستهدفات الدافعة للاستثمار من خلال اتخاد مزيد من الإجراءات التي من شأنها تحفيز المستثمرين وتسهيل وتسريع الإجراءات مشيرا الى أنه تم تبسيط وتسريع إجراءات التسجيل وإنجاز المعاملات في دائرة مراقبة الشركات بشكل كبير من خلال أتمتة غالبية الإجراءات وتسجيل الشركات يتم حاليا الكترونيا ويحتاج المستثمر لمراجعة دائرة مراقبة الشركات لغايات التوقيع فقط. وِأشار الى انجاز 385224 معاملة الكترونية خلال تلك الفترة مقابل 212576 السبعة أشهر الأولى من العام الماضي وبنسبة زيادة بلغت 81 ٪ وتعلقت المعاملات في تسجيل شركات وتفعيل الحسابات الالكترونية وايداع المحاضر والبيانات المالية وتصفية وشطب الشركات وتحويل الصفة والاندماج. كما بلغت المدفوعات الالكترونية 11.1 مليون دينار أردني خلال تلك الفترة مقابل 8.2 مليون دينار للعام الماضي أردني بنسبة زيادة بلغت 35 ٪ لجميع معاملات الدائرة. وقال م. القضاة أن عقد المقارنة مع العام 2019 جاء لإظهار الارتفاع المستمر في أعداد الشركات المسجلة في المملكة كل عام وحتى في فترة جائحة كورونا وتداعياتها وذلك يعود الى الإجراءات التي تم اتخاذها لإدامة عمل الشركات وتسجيلها وإنجاز معاملاتها وخلال العام الماضي والفترة المنقضية من هذا العام يتضح الارتفاع الواضح في اعداد الشركات الجديدة المسجلة وكذلك تراجع المفسوخة والمشطوبة منها مقارنة بفترات المقارنة المقابلة من العام الماضي. وأوضح م. القضاة أن الشركات المسجلة خلال الفترة المنقضية من العام الحالي « سبعة أشهر « جاءت معظمها في قطاعات أنشطة الاستيراد والتصدير، انشطة خدمات التسويق، خدمات الاستشارات الإدارية، مطعم (اعداد وبيع وتقديم الأطعمة)، العقارات والإسكان، تكنولوجيا المعلومات، أعمال الوساطة، التجارية، التجارة، التعبئة والتغليف وأنشطة الخدمات اللوجستية في النقل. وعن جنسية المستثمرين قال م. القضاة أنها تعود لمستثمرين عرب وأجانب من عدة جنسيات. كما قامت 3000 شركة بتصويب أوضاعها وذلك في ضوء المراجعة التي تقوم بها دائرة مراقبة الشركة لمعالجة أوضاع الشركات غير الفعالة حيث تتيح الإجراءات لأي شركة غير فعالة أو لديها مخالفات لتصويب أوضاعها وممارسة أعمالها.


الانباط اليومية
منذ 8 ساعات
- الانباط اليومية
ال"كهرباء" تنهار بلا مساءلة
الأنباط - "نيبكو" تغرق بالخسائر والدولة تدفع ثمن الصمت بلاسمة: الأردن يواجه تحديات فنية كبيرة في مسعاه لرفع مساهمة الطاقة المتجددة في بلد أنهكته الديون وأتعبته الوعود، لا تزال الكهرباء تُنتج كما تُدار بعقود "مُرقعة"، وشبكة تشكو الترهّل، وسياسات لا تصمد أمام أول اختبار حقيقي، نحن لا نتحدث عن عجز طارئ أو خسارة مفاجئة؛ وإنما عن شلال من الإخفاقات المتراكمة لم يتوقف منذ سنوات، ,عن منظومة يُعاد تغليفها كل عام بأوراق رسمية أنيقة، بينما تنهار من الداخل. نيبكو، شركة تدور حولها مليارات الدنانير كما يدور العجز حول عنق الدولة، خسائرها تجاوزت الخمسة مليارات، أي أكثر من 75% من رأسمالها، هذه ليست أرقاما في تقرير بل صفعة في وجه اقتصاد هشّ، والكارثة؟ أن بدائل الغاز، الذي كان يُروّج له كمنقذ لم يُنقذ شيئا. أما "العطارات" فعنوان آخر للتخطيط، وصخر زيتي ضُخّم إعلاميا ثم كُبل بـعقود جائرة كلفت مئات الملايين، أما الفاتورة؟ فيدفعها الشعب دائما، أما الطاقة المتجددة التي كان يُفترض أن تكون باب الخلاص فتحوّلت إلى ملف شائك من رسوم غير عادلة وربط ضعيف وبنية غير مؤهلة ومشاريع تُحتكر في غرف مغلقة. أما بخصوص الفاقد، فلا نتحدث عن 2 أو 5 بالمئة، نحن نتحدث عن ما يصل إلى 30%، كهرباء تتبخر تُسرق، تُهدر بينما تُموّل من جيوب المنهكين. وفي هذا الأمر، يوضح منتدى الابتكار والتنمية الأردني أن شركة الكهرباء الوطنية "نيبكو" تكبدت خسائر بلغت 5.8 مليار دينار حتى نهاية 2023، ما يهدد استمراريتها المالية، وتعزى الخسائر إلى الاعتماد الكبير على الوقود المستورد، وعقد العطارات الذي يكبد الشركة خسائر سنوية كبيرة، بالإضافة إلى هيكل تعرفة غير عادل وفاقد كهربائي مرتفع، إضافة إلى مواجهة نيبكو تحديات مع تراجع الإيرادات بسبب انتشار الطاقة الشمسية المنزلية دون مساهمة مالية، حيث تهدف خارطة الطريق الوطنية إلى رفع حصة الطاقة المتجددة إلى 50% بحلول 2030 عبر مشاريع شمسية ورياح، تحديث الشبكات، مشاريع تخزين، وإصلاحات قانونية، بتكلفة تقديرية 2–2.5 مليار دولار وتمويل دولي. ورغم توقيع اتفاقية الغاز مع إسرائيل عام 2020 وما تبعها من انخفاض نسبي في كلفة التوليد، بين خبير الطاقة فراس بلاسمة أن شركة الكهرباء الوطنية تواصل تسجيل خسائر سنوية كبيرة، والسبب ليس فقط في الكلفة بل في بنية العقود "خذ أو ادفع" التي تُلزم الحكومة بـشراء كميات محددة من الغاز حتى عند تراجع الطلب أو وفرة الإنتاج من الطاقة المتجددة ما يفاقم الأعباء المالية. وعن مشروع العطارات بين أنه من أبرز ركائز أمن الطاقة في الأردن، لما يوفّره من تنويع في مصادر التوليد وتقليل للاعتماد على المستوردات. ورغم التحديات المالية المرتبطة بعقوده طويلة الأمد وكلفة شراء الكهرباء منه، إلا أن معالجة هذه الإشكالات تتطلب موازنة دقيقة بين الحفاظ على مكانة المشروع الاستراتيجية وسمعة الأردن كـ بيئة استثمارية موثوقة، وذلك عبر حلول تفاوضية لا تمس بثقة المستثمرين أو الالتزامات السيادية. وفيما يتعلق بـنظام صافي الفوترة الجديد، بين بلاسمة أن هذه السياسة ستؤثر سلبا على الجدوى الاقتصادية لمشاريع الطاقة الشمسية الصغيرة والمتوسطة، وستحد من التوسع المستقبلي لها، خاصة بين الشرائح التي كانت تعتمد على العائد المالي لـ تغطية تكلفة النظام الشمسي، مشيرا الى أن الانتقال من نظام "صافي القياس" إلى "صافي الفوترة" يعني أن المواطن أو المصنع الذي يولد كهرباء عبر الطاقة الشمسية لن يحصل على نفس قيمة الكيلوواط عند التصدير للشبكة، بل يُحاسب بسعر الشراء فقط (دون رسوم التوزيع والنقل). وأشار بلاسمة الى أن الاردن يواجه تحديات فنية كبيرة في مسعاه لرفع مساهمة الطاقة المتجددة إلى 50% بحلول 2030، أبرزها ضعف مرونة الشبكة الوطنية في التعامل مع مصادر متقطعة كالرياح والشمس، ورغم التحديثات التي شملت مركز التحكم الوطني وتوسيع الربط الإقليمي، يبقى تحقيق هذا الهدف مرهونا بضخ استثمارات إضافية في أنظمة التخزين والتحكم الذكي والتنبؤ بالأحمال لـ ضمان استقرار التردد والجهد في الشبكة. وبخصوص مشاريع التخزين، أكد بلاسمة أن تخزين الطاقة هو الركيزة الأساسية لأي شبكة كهرباء تعتمد على الطاقة المتجددة المتقطعة، ويعد مشروع الضخ والتخزين في سد الموجب من الحلول الإستراتيجية، لكن تأخر تنفيذه يقلل من قدرة النظام على المناورة، مضيفا أن مشاريع البطاريات (Battery Energy Storage Systems - BESS)فهي خيار مكلف ولكن أكثر مرونة وفورية من مشاريع ضخ المياه، بالتالي التخزين ليس خيارا ترفيهيا بل ضرورة لـ تحقيق الأهداف الوطنية للطاقة المتجددة، وضمان أمن واستقرار الشبكة. وبين بلاسمة أن رغم إطلاق مبادرات للحد من الفاقد الكهربائي، الا ان هنالك ضعف في التطبيق العملي وتدني معدلات التحصيل في بعض المناطق لا يزال يُهدد استدامة الشبكة ويُكبد الحكومة خسائر مالية كبيرة سنوياً، موضحا أن الفاقد الكهربائي في الاردن يتراوح بين 15–30% في بعض المناطق، وهو معدل مرتفع جدًا مقارنة بالمعايير العالمية، مضيفا أنه موزع بين فاقد فني ناتج عن ضعف البنية التحتية، وغير فني (سرقات) يصعب مكافحته دون أدوات ذكية. وأكد أن احتكار تنفيذ مشاريع الطاقة المتجددة من قبل عدد محدود من الشركات والمكاتب الهندسية يثير مخاوف جدية بشأن الكلفة والجودة، فغياب المنافسة نتيجة الإحالات المباشرة أو شروط التأهيل الضيقة قد يؤدي إلى رفع التكاليف وتراجع جودة التنفيذ، مبينا أن علاج الخلل يتطلب شفافية أكبر في العطاءات، وتوسيع دائرة المؤهلين، ودعم الشركات المحلية الصغيرة والمتوسطة لـ تعزيز التنافسية وتحسين كفاءة القطاع. ومن الجانب الاقتصادي، أكد الخبير الاقتصادي دكتور غازي العساف أن ديون وخسائر شركة نيبكو تمثل مساهما رئيسيا في مديونية الدولة، مشيرا إلى أن خسائرها المتراكمة تجاوزت 5 مليارات دينار في تقريري 2022 و2023، وتتصاعد بشكل كبير منذ عقد ما يشكل تهديدا للاستقرار المالي ويضيف أعباء متزايدة على المالية العامة. وأوضح العساف أن نيبكو ساهمت بشكل كبير في تضخم الدين العام، إذ تمثل ديونها أكثر من 18% من إجمالي الدين الكلي الذي تجاوز 40 مليار دولار، مؤكدا أن هذا يشكل ضغطا مباشرا على المالية العامة، خاصة وأن خدمة الدين تتجاوز 120 مليون دينار سنويا، ما يستنزف الموازنة ويقلل من مرونتها. وفيما يخص عقود الصخر الزيتي والغاز، أشار العساف إلى وجود فشل واضح في التخطيط الاستراتيجي، مستشهدا بمشروع "العطارات"، موضحا أن التأخير في تنفيذه تزامن مع توقيع اتفاقية الغاز ادى الى تفاقم الأعباء، كما أن العقود طويلة الأجل لم تتضمن آليات مراجعة في حال تغير الظروف الاقتصادية، وأن المعالجة تتم عبر التحكيم الدولي والتفاوض لتعديل الأسعار، معتبرا أن الإلغاء سيكون مكلفا والتفاوض هو الخيار الأسلم. فيما يخص توزيع كلف التحول للطاقة المتجددة، أوضح العساف أن رسوما بسيطة فُرضت على القطاع المنزلي بنحو 2 دولار لكل كيلوواط، بينما توفر جهات مانحة مثل البنك الدولي والاتحاد الأوروبي تمويلات تتجاوز 60 مليون يورو لـ دعم الشبكة، مشددا على أهمية اعتماد تعرفة متدرجة تراعي أصحاب الدخل المحدود، مع ضرورة توسيع الرسوم لـ تشمل قطاعات تجارية وصناعية كبرى دون الإضرار بتنافسيتها، ما يتطلب دراسات تفصيلية حسب كل قطاع. وأشار العساف إلى أن المفارقة في ملف التحول الطاقي تكمن في أن كلفة توليد الكهرباء من الشمس والرياح أقل بكثير من الغاز، ومع ذلك لم تنخفض أسعار الكهرباء في الأردن، معللا ذلك بالتزامات تعاقدية طويلة الأمد مع محطات تقليدية، وكلفة استثمارات البنية التحتية لـ تطوير الشبكة واستيعاب الطاقة المتجددة، بالإضافة إلى أعباء خدمة الديون المتراكمة على شركة نيبكو، والتي منعت تحقيق وفر فعلي ينعكس على الفاتورة. أما بخصوص عدالة فرض الرسوم على منتجي الكهرباء من الطاقة الشمسية المنزلية، أوضح العساف أن هناك مبررات لـ فرض رسوم معتدلة، كونهم يستخدمون البنية التحتية التي تتطلب صيانة مكلفة، مشددا على ضرورة تنظيم الأمر لـ ضمان عدم تحميل غير المستفيدين كلفة إضافية، مؤكدا أهمية أن تكون الرسوم متدرجة حسب الاستهلاك والقدرة المالية بما يعكس حجم الاستفادة الفعلية من الطاقة المتجددة. وأضاف العساف أن لدى الأردن إمكانات واعدة لـتوسيع مشاريع الربط الكهربائي مع دول الجوار مثل العراق وفلسطين ولبنان والسعودية، ما يسهم في تخفيف حدة التحديات المستقبلية، مؤكدا على ضرورة زيادة الإنتاج من المصادر المتجددة.