logo
كربلاء: هندسة الوعي بالدم - استراتيجية الفداء الواعي وإعادة تشكيل الهوية الإسلامية

كربلاء: هندسة الوعي بالدم - استراتيجية الفداء الواعي وإعادة تشكيل الهوية الإسلامية

شبكة النبأمنذ يوم واحد
هندسة الوعي الإنساني تجاه الدين والحرية والمسؤولية. حول المأساة إلى منبعٍ أبديٍ للإلهام والمقاومة. دماؤه الطاهرة وأسرة النبوة لم تُسفك عبثاً، بل كانت حبراً كتب به الله فصلاً جديداً في سيرة الإسلام؛ فصلاً يؤكد أن الحقّ قد يُغمر بسيول الدم، لكنه لا يُقتل. وأن الوعي الذي يصنعه دمُ الصادقين، هو أقوى سلاحٍ في وجه أعتى الطغاة...
لم تكن كربلاء مجرّد معركة، ولا استشهاداً عابراً. كانت (مشروعاً إلهيّاً) مُحكم التصميم، قاده سبط النبي (ص) بوعيٍ كامل. في صحرائها القاحلة، سُكب الدم الطاهر ليسقط جسد الحسين (ع)، لكنّه بالمقابل صنعَ زلزالاً أطاح بصروح الجهل والانحراف، وأسس لـهندسة وعي جديدة في الأمة. هذه المقالة تتغلغل في أعماق هذه الاستراتيجية الفذّة (استراتيجية الفداء الواعي) مستندةً إلى روايات الثقلين (القرآن والعترة) ومصادر التاريخ الشيعية المعتمدة، لتكشف كيف حوّل الإمام (ع) المأساة إلى منبعٍ لا ينضب للحياة والحق.
لماذا اصطحب الحسين (ع) عائلته؟: الأبعاد المتعددة
إعلان البراءة: خروج الجميع (حتى النساء والأطفال) كان إعلاناً صارخاً للبراءة من نظام يزيد الفاسد، ومظهراً لـ (الهجرة الثانية) بعد هجرة جده (ص) من مكة. (كما في اللهوف لابن طاووس).
شهود على الحق: ليكونوا شهداء حيين على وحشية النظام الأموي ونقضه لكل المبادئ الإسلامية، وليحفظوا الرواية الصحيحة. (كما ورد في زيارة الناحية المقدسة: وَأَشْهَدَ بِقَتْلِهِمْ عِتْرَتَهُ.
مدرسة التربية والتبليغ: خاصة السيدة زينب (ع) التي كانت (المحدّثة العالمة) كما وصفها الأئمة، لتقوم بدور التبليغ والتفجير الثوري بعد الواقعة. (للمقرّم).
لماذا لم يجمع جيشاً؟: استراتيجية التضاد والكشف
رفض منطق القوة المادية: لو جمع جيشاً، لتحول الصراع إلى تنافس دنيوي على السلطة، ولبُهتت الرسالة. اختار (ع) أن يكون الموقف (شهادة) لا (تمرداُ مسلحاً) بالمعنى التقليدي. مستفاد من قوله (ع): (إِنِّي لَمْ أَخْرُجْ أَشِراً وَلا بَطِراً... وَإِنَّمَا خَرَجْتُ لِطَلَبِ الإصْلاحِ فِي أُمَّةِ جَدِّي) - كما في الإرشاد للمفيد.
كشف حقيقة النظام: استشهاد القلة المؤمنة أمام جيش جرار يكشف زيف ادعاءات الخلافة وطغيانها بشكلٍ لا يقبل الشكّ. (تجسيد لآية: أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُم مَّثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِن قَبْلِكُم - البقرة 214، وتفسيرها في أحداث كربلاء عند المفسرين الشيعة).
تفعيل دور (الدم) كوسيلة تغيير: إدراكه (ع) أن دمه الطاهر سيكون أكثر تأثيراً في إيقاظ الضمائر من أيّ انتصار عسكري مؤقت. (فكرة متجذرة في الثقافة الشيعية مستمدة من خطب وأقوال الأئمة..
كيف وصل الإسلام إلى شفير الانهيار؟ السياق التاريخي
تحويل الخلافة إلى مُلكٍ عضوض: استبداد معاوية ويزيد، قتلهم للمعارضين (كحجر بن عدي)، شرعنة المنكرات، ومحو معالم الإسلام الحقيقي القائم على العدل والشورى. (موثق في الاحتجاج للطبرسي وغيره).
تزوير الحديث وشراء الذمم: إحلال ثقافة الخوف والطاعة العمياء لـ (السلطان ظل الله) محلّ ثقافة النصيحة والأمر بالمعروف. (كما يشير الإمام الحسين (ع) في خطبه قبل كربلاء).
اغتيال شخصية الرسول (ص): محاولة طمس صورة الإسلام الثوري الذي جاء به محمد (ص)، واستبداله بإسلام البلاط والترف والانحراف. كان يزيد يمثل ذروة هذا الانحراف.
انهيار شرعية بني أمية: كشفت كربلاء القناع عن طغيان يزيد بشكلٍ مروع، مما أشعل سلسلة ثورات (كالتحرّك التوابين وثورة المختار). ولادة مذهب العترة: أصبحت كربلاء النواة الصلبة التي تجمع المؤمنين حول نهج أهل البيت (ع) كحامٍ للإسلام الأصيل.
إعادة تعريف الجهاد والشهادة: أصبحت الشهادة في سبيل الحق، ولو مع العجز الظاهري، أعلى درجات الجهاد وأقوى أسلحة التغيير.
لماذا قتل الحسين (ع) رغم كونه حفيد النبي (ص)؟ جوهر الصراع
الصراع بين الإسلام الأصيل والإسلام المزيف: لم يكن القتل بسبب شخص الحسين، بل لأنه تجسيدٌ حيّ للإسلام الذي يرفضه الطغاة. (قوله (ع): (أَرَادُوا لِيَطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ) مستشهداً بالآية.
رفض البيعة للطاغية: كانت بيعة الحسين (ع) ليزيد تعني إضفاء الشرعية على نظام الفسق والانحراف، وهذا ما رفضه رفضاً قاطعاً. مبدأ (لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق) متجسد في موقفه.
ما مصدر الحقد عليه؟ جذور الصراع
حقد جاهلي موروث: استمرار حقد بني أمية (أبي سفيان، معاوية) على النبي (ص) وآله، والذي تحول إلى عداءٍ صريح بعد فتح مكة وانتصار الإسلام. (بحار الأنوار).
الخوف من سلطة الحق: وجود الحسين (ع) كمرجعية دينية وأخلاقية كان يهدد شرعية حكمهم القائم على القوة والمال. (كما عبّر معاوية بصراحة في وصيته ليزيد بخصوص الحسين (ع).
سقوط جسد الحسين (ع) ونهوض زينب (ع): نقل المشعل
من الشهادة إلى الشهادة بالقول: سقوط الجسد كان بداية المعركة الحقيقية. السيدة زينب (ع) كانت (الترجمانة) الإلهية التي حوّلت المأساة إلى خطاب ثوري. (أبي مخنف واللهوف شاهدة على بلاغتها وجرأتها).
كشف الزيف وإذلال الجلاد: خطبها فضحت جرائم يزيد ونظامه أمام الملأ، وحوّلت الانتصار الأموي إلى هزيمة أخلاقية وسياسية ساحقة. (قولها ليزيد: "فكد كيدك واسع سعيك)...
ما تغيّر بعد خطبة زينب (ع)؟ تحوّل المشهد
تحويل العزاء إلى ثورة: حوّلت البكاء على الشهداء إلى غضبٍ مقدس ضد الظالمين، وإلى تمسك بثوابت الدين.
إسقاط هيبة النظام: رأى الناس في الكوفة والشام كيف أن المنتصر (يزيد) مهزومٌ أخلاقياً أمام امرأة أسيرة.
ولادة أدب المقاتل: أصبحت خطبها ومواقفها نموذجاً للصمود والتبليغ في أحلك الظروف، مدرسةً للأجيال.
كيف أعاد الحسين (ع) الحياة للدين؟ آلية الفداء الواعي
الدم بوصفه حجة ناطقة: دمه (ع) وأهل بيته وأصحابه صار شاهداً دامغاً على فساد النظام وحقيقة الإسلام الذي يمثلونه. (مستفاد من مفهوم الشهادة في الزيارات: أشهد أنك قد أقمت الصلاة... في زيارة وارث).
تفعيل الضمير الجمعي: الصورة المأساوية لأبناء النبي (ص) وهم يُذبحون أيقظت مشاعر الذنب والمسؤولية في الأمة، وأجبرتها على مراجعة مواقفها. (تجلّى في حركات التوبة والثورة اللاحقة).
إحياء القيم المنسية: أعاد (ع) تعريف مفاهيم: الجهاد، الشهادة، الصبر، الثبات على المبدأ، رفض الظلم، ومركزية العدل في الدين. (تجسيد عملي لقوله تعالى: مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُم مَّن قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا - الأحزاب 23).
هل أثر الدم على السيف؟ نعم، وهندس الوعي
انكسار حدّ السيف بالدم الصادق: أثبتت كربلاء أن القوة المعنوية النابعة من الإيمان والاستعداد للتضحية الصادقة، تهزم القوة المادية الجوفاء. (قول الإمام الصادق (ع) - كما في الكافي - معانياً: كلّ يوم عاشوراء، كلّ أرض كربلاء.
تأسيس حضارة المعنى: نشأت من دم الحسين (ع) حضارة كربلائية قائمة على: المقاومة، ضد الظلم، الإحياء(للقيّم الدينية)، التضحية (الواعية في سبيل الحق)، الصمود (في مواجهة الجبروت)، والأمل (بعدل الله ولو بعد حين). هذه الحضارة صاغت هوية متماسكة للمؤمنين عبر التاريخ.
كيف نسمي هذه الاستراتيجية؟
استراتيجية الفداء الواعي هي التسمية الأمثل. لقد اختار الحسين (ع) هذا المسار بوعيٍ كامل:
الوعي بالمآل (الشهادة) وبالهدف (إحياء الدين). الفداء بتقديم أغلى ما يملك (نفسه وعياله) ثمناً لخلاص الأمة.
الاستراتيجية في التخطيط الدقيق (الخروج، اختيار المكان والزمان، اصطحاب العائلة، رفض البيعة، التركيز على كشف الزيف عبر الموقف لا القتال التقليدي).
الرسالة العظمى من كربلاء: تجاوز الزمان والمكان
رفض شرعنة الظلم: الصمت على الظلم ليس حكمة بل خيانة للحق. قول السيدة زينب (ع): (ما رأيت إلا جميلا) إشارة إلى رفض شرعنة ما جرى.
قوة الضعفاء: إن أعظم قوة هي قوة الإيمان والثبات على المبدأ، حتى أمام أعتى الجبابرة. (تجسيد أصحاب الحسين (ع) وأهل بيته).
الدين الحي: الإسلام ليس طقوساً جامدة، بل هو التزامٌ حي بالعدل والحق، حتى لو كلّف الدم. كربلاء تذكير دائم بأن الدين يموت إذا سكت عن الظلم.
الأمل المتجدد: دم الشهيد هو بذرة الحياة. تضحية الحسين (ع) تضمن استمرار نور الحق رغم كل محاولات الإطفاء. (قول الإمام السجاد (ع) بعد كربلاء
كربلاء ليست حادثة تاريخية تُذكر، بل هي نموذج كوني (Paradigm) للتغيير. لقد أعاد الإمام الحسين (ع) عبر:
استراتيجية الفداء الواعي هندسة الوعي الإنساني تجاه الدين والحرية والمسؤولية. حول المأساة إلى منبعٍ أبديٍ للإلهام والمقاومة. دماؤه الطاهرة وأسرة النبوة لم تُسفك عبثاً، بل كانت حبراً كتب به الله فصلاً جديداً في سيرة الإسلام؛ فصلاً يؤكد أن الحقّ قد يُغمر بسيول الدم، لكنه لا يُقتل. وأن الوعي الذي يصنعه دمُ الصادقين، هو أقوى سلاحٍ في وجه أعتى الطغاة، وأصلب أساسٍ لبناء حضارة المعنى التي تقوم على القيم لا القوة، وعلى الإيمان لا الخوف. كربلاء هي الدرس الأبدي: عندما يصبح الدمُ واعياً، يصنع وعياً يهزم السيف، ويُحيي أمةً.
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

هل كان عمر بن سعد ليتجنّب الحرب لو لم يستخدم عبيد الله بن زياد ورقة الشمر؟
هل كان عمر بن سعد ليتجنّب الحرب لو لم يستخدم عبيد الله بن زياد ورقة الشمر؟

المنار

timeمنذ 2 ساعات

  • المنار

هل كان عمر بن سعد ليتجنّب الحرب لو لم يستخدم عبيد الله بن زياد ورقة الشمر؟

لقد كان عمر بن سعد بن أبي وقاص، قائد الجيش الذي قاتل الإمام الحسين وأصحابه في كربلاء، يوم العاشر من محرم سنة 61 للهجرة… وكثيراً ما يشار إلى أن عمر بن سعد، لم يكن مستعدًّا لقتال ريحانة رسول الله لولا تعرّضه للضغط من جانب عبيد الله بن زياد والشمر بن ذي الجوشن. فما مدى صحة هذه المقولة؟ عندما وصل مسلم بن عقيل إلى الكوفة من أجل أن يرى موقف أهلها من نصرة الإمام الحسين، لم يكن عمر بن سعد من الذين بايعوه وأرسلوا الكتب إلى الإمام، على شاكلة شبث بن ربعي وحجار ابن أبجر. بل على العكس تمامًا، كان ابن سعد في طليعة من كاتبوا يزيد بن معاوية، وأطلعوه على أحوال الكوفة والمسار الذي تتجه إليه الأمور مع حركة مسلم بن عقيل فيها¹… وعلى ضوء هذه الكتب التي وصلته، ومنها كتاب عمر بن سعد، قام يزيد بن معاوية بعزل النعمان بن البشير من إمارة الكوفة، واستبدله بعبيد الله بن زياد، الذي قتل مسلم بن عقيل وهانئ بن عروة، وهدّد بقتل أي انسان يثبت اتصاله بالحسين بن علي، عبر بث إشاعة هجوم جيش الشام²… وكان من الأمر ما هو معروف من لقاء الحسين بالحر وفشل المفاوضات من أجل نزول الحسين على طاعة يزيد، إلى أن قرّر ابن زياد أن ينتدب قائدًا لقتال الحسين… فوقع خياره على عمر بن سعد الذي كان قد سبق وأن عُيّن قائدًا للجيش الذي سيخرج لقتال الديلم في دستبى. وقد كانت مكافأة عمر بن سعد هي حصوله على ملك الري، إن استطاع أن يهزم الديلم. ثم تأجّلت حرب الديلم لانشغال السلطة بأمر الحسين بن علي³. حضر عمر بن سعد بين يدي عبيد الله بن زياد، فأمره الأخير بالخروج على رأس الجيش لمقاتلة الحسين، فطلب منه عمر أن يختار شخصًا آخر لهذا الأمر، فاشترط عليه ابن زياد أن يتنازل عن ملك الري إن أراد أن يتنحّى عن قتال الحسين، عندها طلب ابن سعد مهلة ليُفكّر في الأمر…فلم يكن ابن سعد يستشير أحدًا إلا ونهاه عن ذلك الأمر الفظيع، ولمّا عاد إلى ابن زياد ليطلب منه أن يعفيه من تلك المهمة، على أن يساعده عمر في اختيار قائد الجيش، سخر منه عبيد الله، وكرّر له شرطه الوحيد لكي يمنحه ملك الري… عندها عجز عمر بن سعد عن مقاومة هذا العرض فوافق على قتال الإمام⁴. وعندما وصل جيش عمر بن سعد إلى كربلاء، جرى لقاء بينه وبين الحسين، فسأله الحسين عن السبب الذي جعله يقود الجيش الذي يريد قتاله، فقال ابن سعد بأنه يخشى أن تُهدم داره وقريته ويقتل أولاده… فأكّد له الحسين بأنه يضمن له سلامة أولاده وبناء دار أخرى له، ولكن ملك الري كان يسير في عروق ابن سعد سريان الدم⁵… وروى عقبة بن سمعان بأن الحسين اختتم لقاءه مع ابن سعد واضعًا إيّاه أمام خيارين لا ثالث لهما، إما أن يسمحوا له بالرجوع إلى المدينة، أو أن يمضي إلى إحدى ثغور المسلمين… فوافق عمر بن سعد على ذلك وطلب من أبي عبد الله أن يُمهله حتى يكتب إلى عبيد الله بن زياد ويرى رأيه في ذلك⁶… هنا بإمكاننا أن نقول بأن هذه محاولة أخرى من عمر بن سعد لتجنب الحرب مع الحسين بن علي، ولكن لحد الآن لم يُبدِ أي استعداد لنصرة الإمام، وكانت كل محاولة منه للعدول عن هذا الأمر ترتطم بحلم ولاية الري… لمّا وصل كتاب ابن سعد إلى عبيد الله بن زياد، أبدى الأخير استعداده لقبول عرض الإمام الحسين، وهمَّ بأن يوافق على إحدى الخصال التي عرضها أبو عبد الله، عندها تدخّل الشمر بن ذي الجوشن، فحذّر ابن زياد من أن يترك الحسين يمضي حيث يريد، مؤكّداً له على خطورة أن يذهب الإمام حرًّا طليقًا… ثم أشار إليه الشمر بأنه على استعداد لقيادة الجيش إن كان ابن سعد رافضًا للقتال… فوافق ابن زياد على ذلك وكتب مع الشمر إلى ابن سعد، بأن يُعجّل بقتال الحسين إن رفض بيعة يزيد، أو أن يُخلّي بين الشمر وبين العسكر⁷. وعندما وصل الشمر إلى كربلاء، واطّلع عمر بن سعد على أمره، عاد شبح ملك الري ليظهر أمامه، فرفض تسليم الجيش إلى الشمر، وأعرب عن استعداده لقتال الحسين⁸… وكان عمر بن سعد أول من سدّد سهمًا في تلك المعركة⁹… يمكن لنا أن نستنتج في نهاية المطاف بأن عمر بن سعد كان متعلّقًا بالدنيا بشكل كبير، وعلى الرغم من أنه حاول أن يتجنّب جريمة مقاتلة الحسين، إلا أنه لم يقف في صفه، بعد أن باع الآخرة بملك الري… وعلى الرغم من أن الإمام قد أكد له بأنه لن يذوق من ثمار الري حبة واحدة¹⁰… إلا أنه أبى… هذا بالإضافة إلى عدم نصرته لمسلم بن عقيل، وإرساله كتابًا إلى يزيد… من الممكن أن يكون ابن سعد غير متعطش لدماء الحسين مثل الشمر وعبيد الله، ولكن تعلّقه بالدنيا سوّغ له الاشتراك بجريمة قتل ابن بنت رسول الله وعائلته. الهوامش:1) الكامل في التاريخ -الجزء الثالث -ص 3782) اللهوف على قتلى الطفوف-ص 343) مقتل أبي مخنف ـ ص 944) مقتل الخوارزمي ـ الجزء الاول -ص3405) مقتل الخوارزمي ـ الجزء الاول ـ ص 3486) الكامل في التاريخ -الجزء الثالث -ص 4137) تاريخ الطبري -الجزء الخامس -ص 4148)الكامل في التاريخ -الجزء الثالث -ص 4159) كتاب الفتوح لابن أعثم الكوفي-تحقيق علي شيري-الجزء الخامس ص 100 10)مدينة المعاجز-الجزء الثالث -ص 482 المصدر: موقع المنار

هل يُجنّب لبنان شبح التصعيد العسكري؟
هل يُجنّب لبنان شبح التصعيد العسكري؟

IM Lebanon

timeمنذ 7 ساعات

  • IM Lebanon

هل يُجنّب لبنان شبح التصعيد العسكري؟

كتب ابراهيم العرب في 'اللواء': تزامناً مع وصول الموفد الأميركي توماس باراك إلى بيروت لتسلُّم الردّ اللبناني على المبادرة الأميركية الجديدة، تبلورت ملامح الموقف الرسمي، ففي أساسيات الردّ، تشديد على أن لبنان التزم بالقرار 1701، وباتفاق وقف إطلاق النار، وعمل على تفكيك بنية حزب الله العسكرية في جنوب نهر الليطاني، لكن الردّ لم يتحدث عن العمل في شمال الليطاني، ولم يحدّد مهلة زمنية لذلك. خصوصاً في ظل تمسّك «حزب الله» المطلق بسلاحه ورفضه غير المباشر أي نقاش بشأن حصر القوة بيد الدولة. ولا يبدو الرد اللبناني بأنه شفى «الغليل» الأميركي، فالمبادرة الأميركية، من وجهة نظر واشنطن، تنطلق من قناعة بأن استقرار لبنان وإعادة إعمار مناطقه المتضررة لا يمكن أن يتحققا في ظل وجود قوة مسلّحة موازية لمؤسسة الجيش. ومن هنا، اشترطت الورقة الأميركية ضمانات صريحة بعدم وجود تنظيمات عسكرية خارج إطار الشرعية. في المقابل، استند «حزب الله» في دوائره المغلقة إلى ما وصفه بـ«الانتصار» في الصمود أمام القصف الإسرائيلي و«منع الاجتياح الكامل» لجنوب لبنان، ليبرّر احتفاظه بالسلاح، معتبراً أن الظروف غير ملائمة لأي نقاش من هذا النوع. لا سيما أن بعض المقرّبين منه رأوا أن اتفاق وقف إطلاق النار في 27 تشرين الثاني 2024 جاء نتيجة خطأ بالحسابات وشروط مجحفة وسوء بالتفاوض، لا بفعل ضغط عسكري على الحزب. ورغم حرص الرؤساء اللبنانيين الثلاثة على تهدئة الداخل وتفادي التصعيد، فإنهم يدركون في قرارة أنفسهم أن استعادة النقاط اللبنانية الخمس المحتلة ووقف العدوان الإسرائيلي يتطلبان دعماً أميركياً واضحاً، وسط وصول رسائل تحذّر من أن إضاعة هذه الفرصة قد تعيد لبنان إلى دوامة التصعيد العسكري الإسرائيلي. وفي هذا السياق، يبرز دور رئيس مجلس النواب الأستاذ نبيه بري كوسيط أساسي قادر على تليين موقف الحزب من خلال الضغط عليه، خاصة مع دخول المملكة العربية السعودية على خط الوساطة من خلال الأمير يزيد بن فرحان، الذي أعلن استعداد بلاده تقديم ضمانات لدعم إعادة الإعمار شرط الالتزام بالإصلاحات وحصر السلاح بيد الدولة. لكن الخطر لا يكمن فقط في المواقف السياسية، بل في ترجمتها على الأرض. فبينما كان البحث جارياً في مصير سلاح «الحزب»، شهدت شوارع بيروت ظهوراً مسلحاً علنياً خلال ذكرى عاشوراء، على بُعد مئتي متر من السراي الحكومي. هذا الاستعراض، الذي حمل شعارات طائفية، مثّل انقلاباً على روح المناسبة، التي لم يكن ليريدها الإمام الحسين رضي الله عنه إلّا ذكرى وحدة وعدالة، لا مناسبة لاستعراض القوة. وما يهدّد السلم الأهلي حقيقةً، ليس فقط وجود سلاح خارج الشرعية، بل أيضاً استغلال الشعائر المقدّسة لتحقيق أهداف فئوية غير مشروعة. وقد دان رئيس الحكومة الدكتور نواف سلام هذه العراضات المسلّحة واعتبرها «غير مقبولة بأيّ شكل»، مطالباً وزيري الداخلية والعدل باتخاذ إجراءات فورية تحفظ هيبة الدولة. وسرعان ما تحرّكت شعبة المعلومات في قوى الأمن الداخلي، فأوقفت عدد من المشاركين في هذه العراضات، مؤكدة أن بيروت ليست ساحة مستباحة، بل عاصمة يجب أن تُحمى. هذه الخطوة، شكّلت رسالة واضحة بأن الدولة قادرة على بسط سلطتها، وأن الأمن لا يُفرض بالشعارات، بل بالقرار الحازم والعمل الميداني. وفي هذا السياق بالذات، لا بدّ من استحضار القيم التي مثلها الإمام الحسين – قيم الرحمة والعدالة والإصلاح – والتي تتناقض كلياً مع مشاهد الاستقواء بالسلاح. فحصر السلاح بيد الدولة لا يتعارض مع روحية عاشوراء، بل هو امتداد طبيعي لها. وكما لا يُبنى الاستقرار في ظل ازدواجية السلاح، لا تُحفظ المناسبات الدينية بالاستعراضات المسلحة، بل بالالتزام بالقانون ومنطق الدولة. وعليه، فإن «حزب الله» يقف اليوم أمام مفترق طرق: إما الانخراط في مشروع الدولة والتخلّي التدريجي عن السلاح ضمن تسوية وطنية تحفظ الاستقرار وتعزز مؤسسات الدولة، أو الإصرار على معادلة ازدواجية السلاح والسلطة، بما يحمله ذلك من مخاطر داخلية وعربية. والمبادرة الأميركية تتيح للحزب فرصة جدية للخروج من حالة العزلة، خصوصاً أنها تتكامل مع مضمون اتفاق الطائف، الذي نصّ بوضوح على تسليم جميع الميليشيات أسلحتها للدولة. هذا البند، الذي لم يُستكمل تنفيذه بسبب ظروف إقليمية سمحت بوضع استثنائي تمثّل في استمرار «الحزب» بالتسلّح، وهو ما بات يتطلّب، كما شدّد الرئيس نواف سلام، إعادة التأكيد على تطبيق كامل لبنود الطائف، في طليعتها احتكار الدولة وحدها لوسائل القوة. ولكن يُستشفّ من تصريحات المبعوث الأميركي توماس باراك في القصر الجمهوري، أنّ واشنطن تُفضل أن يتولى لبنان معالجة ملف سلاح حزب الله بنفسه، ولا تنوي التدخّل مباشرةً، بمعنى أنها تريد أن يتم سحب السلاح بشكل علني ورسمي، من خلال إصدار قرار واضح في مجلس الوزراء يلتزم بحصر السلاح بيد الدولة، ويتضمن آلية تنفيذية مفصّلة وجدولاً زمنياً دقيقاً للتنفيذ؛ فيما يرفض حزب الله طرح هذا الملف في مجلس الوزراء، محذراً من أن اتخاذ مثل هذا القرار قد يؤدي إلى اهتزاز الحكومة ودخول البلاد في أزمة سياسية جديدة قد تفتح الباب أمام توترات داخلية. وهنا يبرز التساؤل المشروع: هل يُمكن فعلاً اتخاذ قرار من هذا النوع في مجلس الوزراء في ظل الانقسام السياسي الحاد؟ وإن حصل، فهل ستُرفق به آلية تنفيذية تضمن التطبيق الفعلي، أم سيبقى حبراً على ورق في مواجهة الوقائع المعقّدة؟ ويبقى أن نؤكد، في الختام، أن حماية بيروت من الفوضى مسؤولية جماعية لكل القوى السياسية والدينية والاجتماعية، تماماً كما أن التمسّك بذكرى عاشوراء وتنوّعها وقدسيتها هو الترجمة الفعلية لقيمها. فالعاصمة ليست ساحة للاستقواء على أحد، بل منارة للعيش المشترك. وبيروت التي دفعت أثماناً باهظة في حروب الآخرين، تستحق أن تُحمى وتُكرّم، لا أن تُرعب وتُستباح. فبالله عليكم، احموها وأكرموها قبل فوات الأوان.

10 Jul 2025 06:37 AM هل يُجنَّب لبنان شبح التصعيد العسكري الإسرائيلي؟
10 Jul 2025 06:37 AM هل يُجنَّب لبنان شبح التصعيد العسكري الإسرائيلي؟

MTV

timeمنذ 7 ساعات

  • MTV

10 Jul 2025 06:37 AM هل يُجنَّب لبنان شبح التصعيد العسكري الإسرائيلي؟

تزامناً مع وصول الموفد الأميركي توماس باراك إلى بيروت لتسلُّم الردّ اللبناني على المبادرة الأميركية الجديدة، تبلورت ملامح الموقف الرسمي، ففي أساسيات الردّ، تشديد على أن لبنان التزم بالقرار 1701، وباتفاق وقف إطلاق النار، وعمل على تفكيك بنية حزب الله العسكرية في جنوب نهر الليطاني، لكن الردّ لم يتحدث عن العمل في شمال الليطاني، ولم يحدّد مهلة زمنية لذلك. خصوصاً في ظل تمسّك «حزب الله» المطلق بسلاحه ورفضه غير المباشر أي نقاش بشأن حصر القوة بيد الدولة. ولا يبدو الرد اللبناني بأنه شفى «الغليل» الأميركي، فالمبادرة الأميركية، من وجهة نظر واشنطن، تنطلق من قناعة بأن استقرار لبنان وإعادة إعمار مناطقه المتضررة لا يمكن أن يتحققا في ظل وجود قوة مسلّحة موازية لمؤسسة الجيش. ومن هنا، اشترطت الورقة الأميركية ضمانات صريحة بعدم وجود تنظيمات عسكرية خارج إطار الشرعية. في المقابل، استند «حزب الله» في دوائره المغلقة إلى ما وصفه بـ«الانتصار» في الصمود أمام القصف الإسرائيلي و«منع الاجتياح الكامل» لجنوب لبنان، ليبرّر احتفاظه بالسلاح، معتبراً أن الظروف غير ملائمة لأي نقاش من هذا النوع. لا سيما أن بعض المقرّبين منه رأوا أن اتفاق وقف إطلاق النار في 27 تشرين الثاني 2024 جاء نتيجة خطأ بالحسابات وشروط مجحفة وسوء بالتفاوض، لا بفعل ضغط عسكري على الحزب. ورغم حرص الرؤساء اللبنانيين الثلاثة على تهدئة الداخل وتفادي التصعيد، فإنهم يدركون في قرارة أنفسهم أن استعادة النقاط اللبنانية الخمس المحتلة ووقف العدوان الإسرائيلي يتطلبان دعماً أميركياً واضحاً، وسط وصول رسائل تحذّر من أن إضاعة هذه الفرصة قد تعيد لبنان إلى دوامة التصعيد العسكري الإسرائيلي. وفي هذا السياق، يبرز دور رئيس مجلس النواب الأستاذ نبيه بري كوسيط أساسي قادر على تليين موقف الحزب من خلال الضغط عليه، خاصة مع دخول المملكة العربية السعودية على خط الوساطة من خلال الأمير يزيد بن فرحان، الذي أعلن استعداد بلاده تقديم ضمانات لدعم إعادة الإعمار شرط الالتزام بالإصلاحات وحصر السلاح بيد الدولة. لكن الخطر لا يكمن فقط في المواقف السياسية، بل في ترجمتها على الأرض. فبينما كان البحث جارياً في مصير سلاح «الحزب»، شهدت شوارع بيروت ظهوراً مسلحاً علنياً خلال ذكرى عاشوراء، على بُعد مئتي متر من السراي الحكومي. هذا الاستعراض، الذي حمل شعارات طائفية، مثّل انقلاباً على روح المناسبة، التي لم يكن ليريدها الإمام الحسين رضي الله عنه إلّا ذكرى وحدة وعدالة، لا مناسبة لاستعراض القوة. وما يهدّد السلم الأهلي حقيقةً، ليس فقط وجود سلاح خارج الشرعية، بل أيضاً استغلال الشعائر المقدّسة لتحقيق أهداف فئوية غير مشروعة. وقد دان رئيس الحكومة الدكتور نواف سلام هذه العراضات المسلّحة واعتبرها «غير مقبولة بأيّ شكل»، مطالباً وزيري الداخلية والعدل باتخاذ إجراءات فورية تحفظ هيبة الدولة. وسرعان ما تحرّكت شعبة المعلومات في قوى الأمن الداخلي، فأوقفت عدد من المشاركين في هذه العراضات، مؤكدة أن بيروت ليست ساحة مستباحة، بل عاصمة يجب أن تُحمى. هذه الخطوة، شكّلت رسالة واضحة بأن الدولة قادرة على بسط سلطتها، وأن الأمن لا يُفرض بالشعارات، بل بالقرار الحازم والعمل الميداني. وفي هذا السياق بالذات، لا بدّ من استحضار القيم التي مثلها الإمام الحسين - قيم الرحمة والعدالة والإصلاح - والتي تتناقض كلياً مع مشاهد الاستقواء بالسلاح. فحصر السلاح بيد الدولة لا يتعارض مع روحية عاشوراء، بل هو امتداد طبيعي لها. وكما لا يُبنى الاستقرار في ظل ازدواجية السلاح، لا تُحفظ المناسبات الدينية بالاستعراضات المسلحة، بل بالالتزام بالقانون ومنطق الدولة. وعليه، فإن «حزب الله» يقف اليوم أمام مفترق طرق: إما الانخراط في مشروع الدولة والتخلّي التدريجي عن السلاح ضمن تسوية وطنية تحفظ الاستقرار وتعزز مؤسسات الدولة، أو الإصرار على معادلة ازدواجية السلاح والسلطة، بما يحمله ذلك من مخاطر داخلية وعربية. والمبادرة الأميركية تتيح للحزب فرصة جدية للخروج من حالة العزلة، خصوصاً أنها تتكامل مع مضمون اتفاق الطائف، الذي نصّ بوضوح على تسليم جميع الميليشيات أسلحتها للدولة. هذا البند، الذي لم يُستكمل تنفيذه بسبب ظروف إقليمية سمحت بوضع استثنائي تمثّل في استمرار «الحزب» بالتسلّح، وهو ما بات يتطلّب، كما شدّد الرئيس نواف سلام، إعادة التأكيد على تطبيق كامل لبنود الطائف، في طليعتها احتكار الدولة وحدها لوسائل القوة. ولكن يُستشفّ من تصريحات المبعوث الأميركي توماس باراك في القصر الجمهوري، أنّ واشنطن تُفضل أن يتولى لبنان معالجة ملف سلاح حزب الله بنفسه، ولا تنوي التدخّل مباشرةً، بمعنى أنها تريد أن يتم سحب السلاح بشكل علني ورسمي، من خلال إصدار قرار واضح في مجلس الوزراء يلتزم بحصر السلاح بيد الدولة، ويتضمن آلية تنفيذية مفصّلة وجدولاً زمنياً دقيقاً للتنفيذ؛ فيما يرفض حزب الله طرح هذا الملف في مجلس الوزراء، محذراً من أن اتخاذ مثل هذا القرار قد يؤدي إلى اهتزاز الحكومة ودخول البلاد في أزمة سياسية جديدة قد تفتح الباب أمام توترات داخلية. وهنا يبرز التساؤل المشروع: هل يُمكن فعلاً اتخاذ قرار من هذا النوع في مجلس الوزراء في ظل الانقسام السياسي الحاد؟ وإن حصل، فهل ستُرفق به آلية تنفيذية تضمن التطبيق الفعلي، أم سيبقى حبراً على ورق في مواجهة الوقائع المعقّدة؟ ويبقى أن نؤكد، في الختام، أن حماية بيروت من الفوضى مسؤولية جماعية لكل القوى السياسية والدينية والاجتماعية، تماماً كما أن التمسّك بذكرى عاشوراء وتنوّعها وقدسيتها هو الترجمة الفعلية لقيمها. فالعاصمة ليست ساحة للاستقواء على أحد، بل منارة للعيش المشترك. وبيروت التي دفعت أثماناً باهظة في حروب الآخرين، تستحق أن تُحمى وتُكرّم، لا أن تُرعب وتُستباح. فبالله عليكم، احموها وأكرموها قبل فوات الأوان.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store