
شرق ألمانيا: تطرف الشباب أو حين تصبح "تحية هتلر" عرفا مدرسيا – DW – 2025/6/26
تتزايد مخاوف الأجهزة الأمنية في ألمانيا مع تصاعد موجة تطرف الشباب، خاصة في شرق البلاد، حيث لم تعد رموز النازية كصورة هتلر والصلبان المعقوفة تثير الصدمة أو الغضب، بل باتت جزءًا من مشهد يومي مقلق: مدينة ديساو نموذجاً.
انتشر التطرف اليميني والعنصرية بقوة خلال الأعوام الماضية في مدينة ديساو بولاية ساكسن أنهالت بشرق ألمانيا. وحول ذلك قال شتيفن أندريش في حوار مع DW: "كانت لدينا خلال الخمسة إلى العشرة أعوام الماضية حالات إرشاد في المدارس أكثر بكثير من أي وقت مضى". ويعمل شتيفن أندريش في جمعية "مشروع غيغن بارت"، وهو فريق إرشادي متنقل لمكافحة التطرف اليميني في مدينة ديساو.
ويلاحظ الخبراء هذا الاتجاه في كثير من المدن والمناطق الألمانية - وخاصة في شرق ألمانيا. وحذّر من ذلك رئيس المكتب الاتحادي للشرطة الجنائية، هولغر مونش في حوار صحفي في أيار/ مايو 2025 قائلًا: "نحن نرى منذ عام تقريبًا وبشكل متزايد أنَّ الشباب اليافعين جدًا ذوي الآراء اليمينية يتطرفون أكثر ويتّحد بعضهم في هياكل منظمة جيدًا، لارتكاب جرائم خطيرة".
ويتّضح التطرف في مشهد مدينة ديساو أيضًا: فكثيرًا ما تظهر كتابات على الجدران من صلبان معقوفة ورسومات لهتلر وشعارات نازية. "في بعض المناطق الريفية بشرق ألمانيا، أصبحت كلمة "نازي" ببساطة كلمة شائعة"، كما يقول لوكاس يوشر، الذي يعمل في "مشروع غيغن بارت" أيضًا: "وكذلك أصبح من الرائع كتابة أغنية مغني الراب الأمريكي كانييه 'هايل هتلر'، على جدار موقف السيارات".
وأكد لـDW الكثير من الشباب في ديساو أنَّ الانتماء إلى اليمين أمر رائع بشكل ما. ومثلًا: ييريمي شاب مُهذّب طويل القامة عمره 17 عامًا ويرتدي ملابس رياضية. التقينا به مع شابتين في وسط مدينة ديساو. ويبدو عليهم أنَّهم ثلاثة شباب طبيعيون وعاديون جدًا. ونسألهم حول التطرف اليميني في مدرستهم؟. فيقولون ضاحكين: "هتلر يتم تمجيده - كثيرًا!". وإنَّ تحية هتلر (هايل هتلر) تعتبر جزءًا من الحياة اليومية في مدرستهم. وإنَّهم يُغنّون في الحفلات: "أخرجوا أيها الأجانب!". ويقول ييريمي ضاحكًا: "نحن ببساطة نشارك في الغناء، ولا يهم ما هي الموسيقى المشغلة".
ولكن كيف وصل الوضع إلى هذا الحد؟. الطريق إلى تطرف الشباب طويل. ديساو مدينة صغيرة عدد سكانها نحو 75 ألف نسمة، وهي بمثابة "مركز ناحية": مدينة تخدم منطقة كاملة بمرافقها التجارية ومستشفياتها ومتاحفها. وربع الألمان تقريبًا يعيشون في مثل هذه المدن. واسم ديساو الصحيح اليوم بعد اندماجها مع جارتها بلدة روسلاو هو "ديساو-روسلاو".
لقد جلبت إعادة توحيد ألمانيا الشرقية والغربية في عام 1990 حريات كبيرة لسكان ديساو أيضًا - وفي الوقت نفسه حدث انهيار اقتصادي أدى إلى بطالة جماعية وهجرة جماعية للشباب المتعلمين تعليمًا جيدًا. وهذه المدينة ما تزال تتقلص مثل ذي قبل.
ولكن الدولة لم تقف مكتوفة الأيدي، بل استثمرت بسخاء، وأنفقت في ديساو وحدها منذ إعادة التوحيد نحو مليار يورو على دعم وتطوير الاقتصاد والبنية التحتية والمؤسسات الثقافية. وديساو الواقعة في ولاية ساكسونيا أنهالت الهادئة، باتت تبدو اليوم مدينة أنيقة.
وهي من مواقع التراث العالمي على قائمة اليونسكو، وتتمتع بسمعة عالمية. وذلك لأنَّ ديساو هي مركز الأسلوب المعماري الأكثر تأثيرًا في القرن العشرين: "الباوهاوس"، وهو مصطلح يشير إلى الحداثة، والنهضة، ومستقبل أفضل وأكثر عدلًا بالنسبة الإنسانية. وقبل 100 عام بالضبط، وصل أسلوب باوهاوس إلى ديساو، وما يزال يميّز المدينة بمبانيه ومجمعاته السكنية حتى يومنا هذا. ويدرس في جامعة باساو نحو ألف طالب من جميع أنحاء العالم، ما يجعل من هذه المدينة وجامعتها موقعًا عالميا للدراسة والتعليم.
وعلى الرغم من جميع الاستثمارات واللقاءات والأحداث الثقافية المثيرة للإعجاب، لكن ديساو تصدّرت في العقود الأخيرة عناوين الصحف العالمية - خاصةً بسبب الكراهية والعنف.
وفي عام 2000، أقدم شباب يمينيون في حي روسلاو بديساو على قتل شاب اسمه ألبرتو أدريانو وعمره 39 عامًا. وركلوه حتى الموت. ببساطة ومن دون سبب. لمجرد أنَّ لون بشرته أسود. وبعد هذه الجريمة، دعا المستشار الألماني آنذاك غيرهارد شرودر الناس إلى إظهار الشجاعة المدنية ضد التطرف اليميني.
وبعد ذلك بخمسة أعوام، في عام 2005، توفي طالب اللجوء أوري جالوه داخل زنزانة لدى شرطة ديساو. لقد احترق حتى الموت وهو مستلقٍ على ظهره ومُقيَّد من يديه بالسرير. ومع أنَّ العديد من الأدلة تشير إلى تدخّل طرف آخر، ولكن هذه القضية لم يتم حلها قط. وأوري جالوه أيضًا أفريقي من سيراليون أسود البشرة.
وبعد عشرة أعوام، كانت الطالبة الصينية لي يانغجي تدرس في كلية الهندسة المعمارية المرموقة بمدينة ديساو. وكانت على وشك التخرّج بدرجة الماجستير عندما تم اغتصابها وقتلها في أيار/مايو 2016. وبعد ساعات من العذاب ونزاع الموت، رمى الجاني ببساطة الضحية المشوّهة تمامًا من النافذة. والمجرم اسمه سيباستيان ف.، وهو ابن شرطي، وقد حُكم عليه بعد عامين بالسجن المؤبد بتهمة القتل.
وبعد هذه الجريمة، نشرت السفارة الصينية في برلين تحذيرًا من السفر إلى ديساو، وذكرت فيه أنَّ "الناس هناك معادون تقليديًا للأجانب". وأنَّ صوت ديساو هو صوت العنصرية والعنف والتطرف، وهو أيضًا صوت الكثير من المدن الألمانية الواقعة في الشرق.
أما اليوم، في عام 2025، أصبح حزب البديل من أجل ألمانيا (AfD) اليميني المتطرف ثاني أقوى حزب في ألمانيا، وحتى الحزب الأقوى في شرق ألمانيا. وفي ديساو-روسلاو، انتُخب في تموز/يوليو 2024 السياسي اليميني المتطرف من حزب البديل من أجل ألمانيا، لاورنس نوتدورفت، رئيسًا لبدية المدينة - وحتى بأصوات الأحزاب الأخرى. وبصفته رئيس بلدية المدينة، فهو يقوم بتهنئة المحتفلين ويلتقي بطلاب المدارس في المناسبات السنوية. ويشعر بأنَّّه مرتبط مع الشباب.
وفي 8 أيار/مايو 2025، ألقى نوتدورفت كلمةً أمام طلاب مدرسة في ديساو، بمناسبة الذكرى الثمانين لتحرير ألمانيا من الاستبداد النازي. وردًا على استفسار من DW، كتب نوتدورفت: "لقد كان جوهر خطابي هو التطلع إلى الأمام، إلى مستقبل إيجابي". ولم يتحدث حول جرائم الحرب الألمانية والإبادة الجماعية لليهود الأوروبيين.
ولاورنس نوتدورفت كان في أواخر التسعينيات كادرًا قياديًا في تنظيم "هايماتتريوين دويتشه يوغند" (شباب ألمان مخلصون للوطن). والذي تم حظره في عام 2009 لأسباب منها ارتباطه بالنازية وبمنظمة شباب هتلر. وفي الواقع، من المفترض أنَّ نوتدورفت لا يمكنه أن يكون عضوًا في حزب البديل من أجل ألمانيا، لأنَّ الحزب لا يقبل رسميًا أعضاءً كانت لديهم في الماضي علاقة بالنازيين الجدد.
وبعد استفسار من DW حول ذلك، ردّ المكتب الصحفي لحزب البديل خلال 15 دقيقة بأنَّه لا يريد التعلق. وكذلك لم يُجب نوتدورفت في رسالته على السؤال إن كان ما يزال يتبنى قيم التنظيم النازي الجديد "شباب ألمان مخلصون للوطن"؟.
ويبدو أنَّ حزب البديل من أجل ألمانيا بإمكانه تحقيق مكاسب كبيرة في ولاية ساكسن أنهالت، التي تُصنّفه سلطاتها الأمنية على أنَّه "يميني متطرف بالتأكيد". وفي هذه المنطقة حصل حزب البلديل في الانتخابات الاتحادية عام 2025 على 37 بالمائة من الأصوات. وفي انتخابات الولاية لعام 2026، يسعى حزب البديل إلى السيطرة على الحكومة بمفرده.
ومن الواضح أنَّ "التطرف يتجه باستمرار وعلى نحو متزايد إلى وسط المجتمع ويصبح مقبولًا أكثر في المجتمع"، كما قال في حوار مع DW ماركوس غايغر، الذي يعمل مع زوجته، ماندي موك، في جمعية "بونتس روسلاو" (روسلاو المتنوّعة) في ديساو. ويمثّل تعرضهما لاعتداءات جزءًا من حياتهما اليومية.
وحول ذلك تقول ماندي موك: "تعرّضنا للشتم في الشارع بوصفنا 'حشرت حمراء'. وكذلك تم رمي زجاجة بيرة عبر نافذة منزلنا، ومسامير أمام بوابة الفناء". وسألناها كيف يتفاعل الجيران؟ فقالت: "لا يسمعون شيئًا، لا يرون شيئًا، ولا أحد يأتي". وأضافت أنَّ لديهما انطباع بأنَّ المهاجمين أصبحوا أصغر سنًا.
وتوجد في ديساو العديد من الجمعيات والمواطنين الشجعان الملتزمين بمكافحة كراهية الأجانب: مثل مشروع "غيغن بارت"، وجمعية "بونتس روسلاو"، والكشافة المسيحية، ومعلمون ومعلمات، وأفراد، وفي الجامعة والمدارس، وحتى السياسيون المحافظون. والأهم من ذلك كل هؤلاء من الشباب.
ونلتقي بسبعة منهم في مركز ديساو البديل. حيث تقول صوفي: "في بعض الأيام، نشعر دائمًا بالخوف في ديساو، في بعض العطل والأعياد، عندما يكثر الناس من شرب الكحول". ويقول ماكس: "أتجول فقط في المنطقة التي أسكن فيها". وكذلك يعمل باول نولته في مجلس المدينة من أجل مصالح الشباب البديل. ويقول: "الكثيرون منا مروا بمثل هذا التجارب. وأنا وتيم تعرّضنا للتهديد بسكين".
كما أنَّهم يؤكدون أنَّ الآراء اليمينية المتطرفة تنتشر أكثر وعلى نحو متزايد بين الشباب. وتقول صوفي: "لقد مررتُ مؤخرًا بمدرستي الابتدائية القديمة، وسمعت الأطفال يقولون: يجب أن يصبح لديهم يومًا ما فصل دراسي بدم ألماني نقي".
وهم ينظرون بقلق إلى الوضع في مدينتهم، وفي ألمانيا أيضًا. وعلى الرغم من ذلك: "يوجد أيضًا سيناريو إيجابي. هنا في ديساو، كل شخص مهم. يمكننا أيضًا أن نفعل شيئًا ونحقق شيئًا". كما أنَّ الجمعيات والأندية تتواصل مع بعضها للتعاون في مواجهة هجمات اليمين المتطرف. وبالرغم من جميع العداءات والتحديات، لا أحد منهم يريد الرحيل. فديساو هي مدينتهم.
* ملاحظة: تم لأسباب تتعلق بحماية القاصرين تغيير اسم ييريمي الحقيقي، الذي يبلغ عمره 17 عامًا.أعده للعربية: رائد الباش
تحرير: عادل الشروعات

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


DW
منذ 18 ساعات
- DW
حرب إسرائيل وإيران: هل هي طوق نجاة سياسي لنتنياهو؟ – DW – 2025/6/28
نال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الكثير من الثناء حول هجومه ضد إيران، إلا أن مستقبله السياسي سيعتمد على ما سَيَلِي من أحداث متعلقة بحرب غزة. فكيف يرى الإسرائيليون المستقبل؟ بعد سريان وقف إطلاق النار بين إسرائيل وإيران صباح الثلاثاء الماضي، وإن كان هشّاً، عادت شوارع ومقاهي القدس إلى الازدحام. وبحلول المساء، رفعت قيادة الجبهة الداخلية الإسرائيلية جميع القيود العامة. في الأسواق المفتوحة، عاد الناس للتحرك بأريحية، بعد انتهاء الصراع الذي استمر 12 يوما، والتي دفعت الإسرائيليين مرارا إلى الاختباء في الملاجئ. قالت ليبا فركيش في تصريح لـ DW: "أشعر ببعض الارتياح لأننا لم نعد في حالة حرب. لكن الأمر كان صعبا أيضا لأننا لا نعرف أبدا ما الذي سيجري، نكون في حالة وقف إطلاق نار، وفي اليوم التالي يتوقف سريان وقف إطلاق النار". أعرب الكثيرون داخل إسرائيل عن رضاهم عن الهجوم على إيران وأشادوا برئيس الوزراء نتنياهو. مثل أدينا بير، طالبة في المدرسة الثانوية، والتي صرحت لـ DW قائلة: "أعتقد أننا هاجمناهم في الوقت المناسب تماما، وهو ما كان علينا فعله بالضبط. أعتقد أن نتنياهو بذل قصارى جهده. كانوا على وشك استخدام سلاح ضدنا، وبصراحة نجونا في اللحظة الأخيرة". أما أفراهام ليفي، صاحب متجر، فيرى في تصريح لـ DW: "ما فعله نتنياهو ليس لإسرائيل فحسب، بل للعالم أجمع. إيران نظام ديني متطرف يهدف إلى القضاء على إسرائيل". وأظهر استطلاع رأي سريع أجراه مركز فيتربي فاميلي لأبحاث الرأي العام والسياسات في معهد الديمقراطية الإسرائيلي (IDI) مؤخرا، أن حوالي 82% من اليهود الإسرائيليين أيدوا هجوم إسرائيل على إيران وتوقيت الهجوم. قبل شهر واحد فقط، بدا أن سمعة نتنياهو السياسية قد تضررت بشدة. واجه رئيس الوزراء الإسرائيلي الأطول مدة في المنصب، المعروف بقدرته على المناورة في الأزمات السياسية، انتقادات محلية ودولية متزايدة بسبب تعامله مع حرب غزة، ورفضه الواضح للموافقة على صفقة مع حماس لتأمين إطلاق سراح الرهائن المتبقين. يمكن لنتنياهو أن يزعم أنه نفّذ تهديده بمهاجمة العدو اللدود لإسرائيل وبرنامجها النووي. لطالما أصرت إيران على أن برنامجها النووي سلمي، وخلصت وكالات الاستخبارات الأمريكية إلى أن طهران لا تسعى حاليا إلى تطوير أسلحة نووية. مع ذلك، جادل القادة الإسرائيليون بأن إيران كانت على وشك امتلاك سلاح نووي. ساهم الهجوم على إيران في استعادة صورة نتنياهو كرجل قوي بعد الإخفاقات الأمنية الفادحة التي أدت إلى الهجمات الإرهابية التي قادتها حماس في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023. بالنسبة لتال شنايدر، المراسل السياسي لصحيفة تايمز أوف إسرائيل، فإنه "فيما يتعلق بالهجوم الإيراني، هناك الكثير من الغموض، ولا نعرف كل التفاصيل. لكن كل ما رأيناه هنا منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول، يُظهر أنه في الأساس هناك خطة مُحكمة من قِبل الإيرانيين. وقد أدرك الجميع ضرورة التعامل مع هذا الأمر. لم يثق أحد بالحل الدبلوماسي معهم، بل بالحل العسكري فقط". في حين أشارت استطلاعات الرأي الأخيرة إلى أن حزب الليكود بزعامة نتنياهو قد اكتسب المزيد من الدعم في أعقاب النجاح الملحوظ لعمليته العسكرية، إلا أن الصورة أكثر تعقيدا، فالأحزاب في حكومة نتنياهو الائتلافية الحالية من المتوقع ألا تحقق أغلبية الـ 61 مقعدا التي تحتاجها للاحتفاظ بالسلطة. وأشارت تلك الاستطلاعات إلى أن وضع نتنياهو لا يزال على حاله. ربما يكون قد حصل على بعض المقاعد لحزبه، لكن هذا جاء بفضل حليفه المقرب، حزب القوة اليهودية اليميني المتطرف بزعامة إيتامار بن غفير. هذا يعني أن نتنياهو لا يملك هامشا كبيرا من الحرية لتشكيل ائتلاف جديد بعد الانتخابات المقبلة، حسب شنايدر. وأضاف المتحدث، أن نتنياهو "لم يتمكن نتنياهو من استقطاب ناخبين من الوسط، لذلك ظل معارضو ضده، حتى مع النجاح العسكري الكبير والنجاح الاستراتيجي الكبير الذي لا ينكره أحد". أسفرت الضربات الصاروخية الإيرانية عن مقتل 28 شخصا وإصابة أكثر من 1000 آخرين، وفقا لمديرية الدبلوماسية العامة الإسرائيلية. أما في إيران، فوفقا للأرقام الرسمية، قتل 606 أشخاص وجرح 5332 شخصا. وفي الحالتين معا يعتقد أن أرقام الضحايا أعلى مما هو معلن. وبينما أشاد المعلقون الإسرائيليون بأداء الجيش في إيران، لا تزال هناك تساؤلات كثيرة حول ما إذا كانت العملية ضد المواقع النووية الإيرانية وبرنامجها الصاروخي الباليستي ناجحة كما ادعى نتنياهو، الذي قال في بيان صدر مساء الثلاثاء إن إسرائيل "حققت انتصارا تاريخيا سيبقى لأجيال". عاد الاهتمام في إسرائيل إلى الحرب مع حماس في غزة. صباح الأربعاء، استيقظ الإسرائيليون على نبأ مقتل سبعة جنود في جنوب غزة. وذكرت هيئة الإذاعة الإسرائيلية العامة أنهم كانوا داخل ناقلة جند مدرعة اشتعلت فيها النيران بسبب عبوة ناسفة مثبتة بها. وحسب بن كاسبيت، الصحفي الإسرائيلي في صحيفة معاريف اليومية، مخاطبا نتنياهو في مقاله: "أحيانا، كل ما عليك فعله هو التصرف الصحيح. ترامب فعلها. إذا كان ترامب قادرا على فعلها، فأنت أيضا قادر على فعلها. عليك وضع حد، هنا والآن، للحرب غير المبررة في غزة". وأضاف: "أفضل أبنائنا يموتون هناك الآن، ولماذا؟ لتدمير المزيد من "البنية التحتية للإرهاب"؟ هل أنت جاد؟ هل تسمع نفسك؟". أظهرت استطلاعات الرأي باستمرار دعما كبيرا لاتفاق تبادل الأسرى مع حماس في غزة لإعادة الخمسين رهينة المتبقين، أحياء وأمواتا، والذي يشمل أيضا وقف إطلاق النار. بالنسبة لتامار هيرمان، الباحثة البارزة في معهد إسرائيل للديمقراطية والمديرة الأكاديمية لمركز فيتربي العائلي لأبحاث الرأي العام والسياسات: "من المهم لنتنياهو أن يتوصل إلى حلّ هنا، لأن ما اكتشفناه هو أن غالبية مؤيديه يعتقدون أنه يجب إعادة الرهائن إلى ديارهم، حتى لو كان ذلك يعني وقف الحرب، وليس إنهائها بالكامل". وأضافت في تصريحها لـ DW: "إذا أراد زيادة دعمه، فعليه أن يفعل شيئا في هذا الصدد". وطالما اتهم منتقدو نتنياهو رئيس الحكومة الإسرائيلية بعدم رغبته في إنهاء الحرب، زاعمين أنه غير مستعد للموافقة على صفقة جديدة مع حماس تضمن إطلاق سراح الرهائن المتبقين. وهدد شركاؤه في الائتلاف اليميني المتطرف بالانسحاب من الائتلاف إذا أنهى الحرب دون الإطاحة بحماس، الأمر الذي كان سيؤدي إلى انتخابات مبكرة في إسرائيل. أعدته للعربية: ماجدة بوعزة


DW
منذ 2 أيام
- DW
دروس للمنطقة.. قدمها الصراع الإسرائيلي - الإيراني – DW – 2025/6/26
وقف إطلاق النار بين إسرائيل وإيران آخذ في الاستقرار. وهو ما يثير الآمال بانفراجة في المنطقة، لكن العديد من الدول لا تزال مترددة في مواقفها تجاه طهران. فما الدروس والعبر التي قدمها هذا الصراع للمنطقة؟ يبدو أن الصراع الإسرائيلي الإيراني قد تجاوز على الأقل مرحلة الخطر. كما يبدو أن وقف إطلاق النار المتفق عليه يوم الإثنين برعاية الرئيس الأمريكي دونالد ترامب آخذ في الاستقرار، على الرغم من بعض الفواصل قصيرة المدى التي تسبب بها الجانبان. وهو ما يتيح لجميع دول المنطقة فرصة لإعادة النظر في مواقفها تجاه الصراع وتداعياته على المنطقة ككل. أظهرت العديد من الدول مسبقاً موقفاً متناقضاً. على سبيل المثال، في بيان مشترك صدر من دول عربية وأفريقية وآسيوية أخرى، أعربت الأردن عن "رفضها القاطع وإدانتها" للهجمات الإسرائيلية على الجمهورية الإسلامية الإيرانية منذ 13 يونيو/حزيران 2025، لكنها في الوقت نفسه أطلقت صواريخ من إيران فوق أراضيها. وتذرعت الحكومة الأردنية بمبدأ الدفاع عن النفس. ووقعت المملكة العربية السعودية أيضاً على البيان. وبينما لم تُعلّق الرياض على إطلاق الصواريخ الإيرانية، يرى الخبراء أن ذلك احتمال وارد. بشكل أساسي لا يختلف وضع الأردن والسعودية كثيراً عن وضع بعض الدول الأخرى في المنطقة. فكلاهما يحافظ على علاقة مستقرة وسلمية مع إسرائيل، حتى أن الأردن لديه معاهدة سلام، لكنهما يعتمدان أيضاً على التعاون العسكري مع الولايات المتحدة. كما يتلقى الأردن دعماً مالياً من واشنطن، يبلغ حوالي 1.45 مليار دولار (1.25 مليار يورو) سنوياً. وهذا يجعل الأردن ثاني أكبر متلقٍ للمساعدات الأمريكية في العالم بعد إسرائيل. وقد تعرضت هذه المساعدات للتهديد بقطعها لفترة وجيزة في بداية إدارة ترامب. في الوقت نفسه، تضع كلتا الدولتين، الأردن والسعودية، مصالح المنطقة ككل نصب أعينهما. ويشمل ذلك، قبل كل شيء، استقرارها، الذي يرتكز بالأساس على الحفاظ على علاقة متوازنة مع إيران. يتوقع سيمون فولفغانغ فوكس، الباحث في الدراسات الإسلامية بالجامعة العبرية في القدس، أن يستمر هذا التناقض في تشكيل السياسة الإقليمية، وخاصةً في دول الخليج. وصرح لـ DW أندول الخليج لاحظت بوضوح أن إيران فقدت جزءاً كبيراً من قدرتها على التهديد، مشيراً إلى ضعف الميليشيات الموالية لها مثل حزب الله وحماس وجماعات موالية لإيران في العراق. كما اختفت سوريا من قائمة حلفاء إيران. وأضاف: "في ظل هذه الخلفية، يبدو من المنطقي، بطبيعة الحال، من وجهة نظر دول الخليج، مقاربة هذا الطرف الضعيف، وإن كان لا يزال بالغ الأهمية، في المنطقة. ومع ذلك، ليس لديهم أي مصلحة في إضعاف النظام هناك بشكل سريع، ناهيك عن الإطاحة به وما ينتج عنه من فوضى. ويتخذ الأردن موقفاً مشابهاً". To view this video please enable JavaScript, and consider upgrading to a web browser that supports HTML5 video في الواقع، يبدو أن الدول المجاورة ملتزمة في الوقت الحالي بمنع الإطاحة بالنظام في إيران. ويقول ماركوس شنايدر، رئيس مكتب مؤسسة فريدريش إيبرت في بيروت، مُلخصاً المخاوف بهذا الشأن داخل المنطقة وخارجها في تحليل نُشر على موقع المؤسسة الإلكتروني: "السؤال المطروح هو، على أي حال، من سيخلف الجمهورية الإسلامية؟". ويتابع في تحليله: "لأسباب مفهومة، لا توجد معارضة منظمة داخل البلاد نفسها، لا سياسية ولا مسلحة. وفي المنفى، هناك قوتان جاهزتان: منظمة "مجاهدي خلق" المعارضة والملكيون، وفعاليتهما موضع شك". موقف مصر مترددٌ أيضاً. فقد أظهرت ضبطاً شديداً للنفس خلال المرحلة المشتعلة من الصراع بين إيران وإسرائيل. ورحبت بوقف إطلاق النار المتفق عليه، وأعلنت أنها ستواصل جهودها الدبلوماسية مع شركائها. والهدف هو ترسيخ وقف إطلاق النار، وتخفيف حدة التوترات، والتوصل إلى حل شامل ودائم للأزمات. يقول فوكس إن مصر في وضع حساس، لا سيما بسبب اعتمادها على المساعدات العسكرية الأمريكية. وقد تجلى هذا بوضوح خلال حرب غزة. فقد رفضت القاهرة بنبرة واضحة جميع خطط استقبال الفلسطينيين من غزة، وأكدت أنها لن تقبل بطردهم. "من ناحية أخرى، بذلت الحكومة المصرية كل ما في وسعها لعدم إثارة غضب الجانب الإسرائيلي والولايات المتحدة، على سبيل المثال، بوقف مسيرة التضامن مع غزة من تونس بحزم، ومهاجمة النشطاء الدوليين في 14 يونيو/ حزيران، ومنعهم حتى من الاقتراب من سيناء". من الواضح أن الحكومة في القاهرة ترغب في تجنب أي تعقيدات في علاقاتها مع الولايات المتحدة. وتعمل الدولتان معًا لمكافحة الإرهاب وتأمين حدود مصر مع دول ومناطق تعاني من صراعات مثل ليبيا وغزة والسودان. كما تتلقى مصر مساعدات عسكرية أمريكية ضخمة، بلغت قيمتها 1.3 مليار دولار أمريكي (1.12 مليار يورو) في العام الماضي وحده. ومن المرجح أن يُسهم كل هذا في استمرار مصر في التنسيق الوثيق مع البيت الأبيض، لا سيما وأن هذا الأخير لم يتلقَّ أي رد من مصر بشأن السجل الذي تصف منظمات حقوقية بـ "الكارثي" لحقوق الإنسان في ظل قيادة السيسي. على الرغم من ذلك، كان ينبغي على جميع الدول المجاورة لإيران أن تدرك حجم أهمية الحفاظ على التوازن السياسي في المنطقة، لا سيما مع شريك صعب المراس كإيران. كما يرى شنايدر: "إيران الضعيفة يمكن احتواؤها وترويضها. أما إيران الدولة المحاصرة والمتضررة بشدة والتي تناضل من أجل البقاء، فهي دولة لا يمكن التنبؤ بسلوكها". لكن ما هو واضح الآن، كما يرى فوكس. هو أنه بات يُنظر إلى توجه الإدارة الأمريكية الحالية على أنه توجه مُزعج في أجزاء كبيرة من المنطقة. "لا شك أن الرئيس ترامب يُشوّش كل اليقينيات بسياسته الخارجية عبر وسائل التواصل الاجتماعي. لكنني لا أعتقد أن الولايات المتحدة ستُركز اهتمامها على الشرق الأوسط خلال السنوات القادمة. إسرائيل وإيران حالتان خاصتان هنا. لا يوجد اهتمام يُذكر بمزيد من التدخلات، والتركيز سينتقل حتماً إلى شرق آسيا". أعدته للعربية: إيمان ملوك تحرير: عباس الخشالي


DW
منذ 2 أيام
- DW
شرق ألمانيا: تطرف الشباب أو حين تصبح "تحية هتلر" عرفا مدرسيا – DW – 2025/6/26
تتزايد مخاوف الأجهزة الأمنية في ألمانيا مع تصاعد موجة تطرف الشباب، خاصة في شرق البلاد، حيث لم تعد رموز النازية كصورة هتلر والصلبان المعقوفة تثير الصدمة أو الغضب، بل باتت جزءًا من مشهد يومي مقلق: مدينة ديساو نموذجاً. انتشر التطرف اليميني والعنصرية بقوة خلال الأعوام الماضية في مدينة ديساو بولاية ساكسن أنهالت بشرق ألمانيا. وحول ذلك قال شتيفن أندريش في حوار مع DW: "كانت لدينا خلال الخمسة إلى العشرة أعوام الماضية حالات إرشاد في المدارس أكثر بكثير من أي وقت مضى". ويعمل شتيفن أندريش في جمعية "مشروع غيغن بارت"، وهو فريق إرشادي متنقل لمكافحة التطرف اليميني في مدينة ديساو. ويلاحظ الخبراء هذا الاتجاه في كثير من المدن والمناطق الألمانية - وخاصة في شرق ألمانيا. وحذّر من ذلك رئيس المكتب الاتحادي للشرطة الجنائية، هولغر مونش في حوار صحفي في أيار/ مايو 2025 قائلًا: "نحن نرى منذ عام تقريبًا وبشكل متزايد أنَّ الشباب اليافعين جدًا ذوي الآراء اليمينية يتطرفون أكثر ويتّحد بعضهم في هياكل منظمة جيدًا، لارتكاب جرائم خطيرة". ويتّضح التطرف في مشهد مدينة ديساو أيضًا: فكثيرًا ما تظهر كتابات على الجدران من صلبان معقوفة ورسومات لهتلر وشعارات نازية. "في بعض المناطق الريفية بشرق ألمانيا، أصبحت كلمة "نازي" ببساطة كلمة شائعة"، كما يقول لوكاس يوشر، الذي يعمل في "مشروع غيغن بارت" أيضًا: "وكذلك أصبح من الرائع كتابة أغنية مغني الراب الأمريكي كانييه 'هايل هتلر'، على جدار موقف السيارات". وأكد لـDW الكثير من الشباب في ديساو أنَّ الانتماء إلى اليمين أمر رائع بشكل ما. ومثلًا: ييريمي شاب مُهذّب طويل القامة عمره 17 عامًا ويرتدي ملابس رياضية. التقينا به مع شابتين في وسط مدينة ديساو. ويبدو عليهم أنَّهم ثلاثة شباب طبيعيون وعاديون جدًا. ونسألهم حول التطرف اليميني في مدرستهم؟. فيقولون ضاحكين: "هتلر يتم تمجيده - كثيرًا!". وإنَّ تحية هتلر (هايل هتلر) تعتبر جزءًا من الحياة اليومية في مدرستهم. وإنَّهم يُغنّون في الحفلات: "أخرجوا أيها الأجانب!". ويقول ييريمي ضاحكًا: "نحن ببساطة نشارك في الغناء، ولا يهم ما هي الموسيقى المشغلة". ولكن كيف وصل الوضع إلى هذا الحد؟. الطريق إلى تطرف الشباب طويل. ديساو مدينة صغيرة عدد سكانها نحو 75 ألف نسمة، وهي بمثابة "مركز ناحية": مدينة تخدم منطقة كاملة بمرافقها التجارية ومستشفياتها ومتاحفها. وربع الألمان تقريبًا يعيشون في مثل هذه المدن. واسم ديساو الصحيح اليوم بعد اندماجها مع جارتها بلدة روسلاو هو "ديساو-روسلاو". لقد جلبت إعادة توحيد ألمانيا الشرقية والغربية في عام 1990 حريات كبيرة لسكان ديساو أيضًا - وفي الوقت نفسه حدث انهيار اقتصادي أدى إلى بطالة جماعية وهجرة جماعية للشباب المتعلمين تعليمًا جيدًا. وهذه المدينة ما تزال تتقلص مثل ذي قبل. ولكن الدولة لم تقف مكتوفة الأيدي، بل استثمرت بسخاء، وأنفقت في ديساو وحدها منذ إعادة التوحيد نحو مليار يورو على دعم وتطوير الاقتصاد والبنية التحتية والمؤسسات الثقافية. وديساو الواقعة في ولاية ساكسونيا أنهالت الهادئة، باتت تبدو اليوم مدينة أنيقة. وهي من مواقع التراث العالمي على قائمة اليونسكو، وتتمتع بسمعة عالمية. وذلك لأنَّ ديساو هي مركز الأسلوب المعماري الأكثر تأثيرًا في القرن العشرين: "الباوهاوس"، وهو مصطلح يشير إلى الحداثة، والنهضة، ومستقبل أفضل وأكثر عدلًا بالنسبة الإنسانية. وقبل 100 عام بالضبط، وصل أسلوب باوهاوس إلى ديساو، وما يزال يميّز المدينة بمبانيه ومجمعاته السكنية حتى يومنا هذا. ويدرس في جامعة باساو نحو ألف طالب من جميع أنحاء العالم، ما يجعل من هذه المدينة وجامعتها موقعًا عالميا للدراسة والتعليم. وعلى الرغم من جميع الاستثمارات واللقاءات والأحداث الثقافية المثيرة للإعجاب، لكن ديساو تصدّرت في العقود الأخيرة عناوين الصحف العالمية - خاصةً بسبب الكراهية والعنف. وفي عام 2000، أقدم شباب يمينيون في حي روسلاو بديساو على قتل شاب اسمه ألبرتو أدريانو وعمره 39 عامًا. وركلوه حتى الموت. ببساطة ومن دون سبب. لمجرد أنَّ لون بشرته أسود. وبعد هذه الجريمة، دعا المستشار الألماني آنذاك غيرهارد شرودر الناس إلى إظهار الشجاعة المدنية ضد التطرف اليميني. وبعد ذلك بخمسة أعوام، في عام 2005، توفي طالب اللجوء أوري جالوه داخل زنزانة لدى شرطة ديساو. لقد احترق حتى الموت وهو مستلقٍ على ظهره ومُقيَّد من يديه بالسرير. ومع أنَّ العديد من الأدلة تشير إلى تدخّل طرف آخر، ولكن هذه القضية لم يتم حلها قط. وأوري جالوه أيضًا أفريقي من سيراليون أسود البشرة. وبعد عشرة أعوام، كانت الطالبة الصينية لي يانغجي تدرس في كلية الهندسة المعمارية المرموقة بمدينة ديساو. وكانت على وشك التخرّج بدرجة الماجستير عندما تم اغتصابها وقتلها في أيار/مايو 2016. وبعد ساعات من العذاب ونزاع الموت، رمى الجاني ببساطة الضحية المشوّهة تمامًا من النافذة. والمجرم اسمه سيباستيان ف.، وهو ابن شرطي، وقد حُكم عليه بعد عامين بالسجن المؤبد بتهمة القتل. وبعد هذه الجريمة، نشرت السفارة الصينية في برلين تحذيرًا من السفر إلى ديساو، وذكرت فيه أنَّ "الناس هناك معادون تقليديًا للأجانب". وأنَّ صوت ديساو هو صوت العنصرية والعنف والتطرف، وهو أيضًا صوت الكثير من المدن الألمانية الواقعة في الشرق. أما اليوم، في عام 2025، أصبح حزب البديل من أجل ألمانيا (AfD) اليميني المتطرف ثاني أقوى حزب في ألمانيا، وحتى الحزب الأقوى في شرق ألمانيا. وفي ديساو-روسلاو، انتُخب في تموز/يوليو 2024 السياسي اليميني المتطرف من حزب البديل من أجل ألمانيا، لاورنس نوتدورفت، رئيسًا لبدية المدينة - وحتى بأصوات الأحزاب الأخرى. وبصفته رئيس بلدية المدينة، فهو يقوم بتهنئة المحتفلين ويلتقي بطلاب المدارس في المناسبات السنوية. ويشعر بأنَّّه مرتبط مع الشباب. وفي 8 أيار/مايو 2025، ألقى نوتدورفت كلمةً أمام طلاب مدرسة في ديساو، بمناسبة الذكرى الثمانين لتحرير ألمانيا من الاستبداد النازي. وردًا على استفسار من DW، كتب نوتدورفت: "لقد كان جوهر خطابي هو التطلع إلى الأمام، إلى مستقبل إيجابي". ولم يتحدث حول جرائم الحرب الألمانية والإبادة الجماعية لليهود الأوروبيين. ولاورنس نوتدورفت كان في أواخر التسعينيات كادرًا قياديًا في تنظيم "هايماتتريوين دويتشه يوغند" (شباب ألمان مخلصون للوطن). والذي تم حظره في عام 2009 لأسباب منها ارتباطه بالنازية وبمنظمة شباب هتلر. وفي الواقع، من المفترض أنَّ نوتدورفت لا يمكنه أن يكون عضوًا في حزب البديل من أجل ألمانيا، لأنَّ الحزب لا يقبل رسميًا أعضاءً كانت لديهم في الماضي علاقة بالنازيين الجدد. وبعد استفسار من DW حول ذلك، ردّ المكتب الصحفي لحزب البديل خلال 15 دقيقة بأنَّه لا يريد التعلق. وكذلك لم يُجب نوتدورفت في رسالته على السؤال إن كان ما يزال يتبنى قيم التنظيم النازي الجديد "شباب ألمان مخلصون للوطن"؟. ويبدو أنَّ حزب البديل من أجل ألمانيا بإمكانه تحقيق مكاسب كبيرة في ولاية ساكسن أنهالت، التي تُصنّفه سلطاتها الأمنية على أنَّه "يميني متطرف بالتأكيد". وفي هذه المنطقة حصل حزب البلديل في الانتخابات الاتحادية عام 2025 على 37 بالمائة من الأصوات. وفي انتخابات الولاية لعام 2026، يسعى حزب البديل إلى السيطرة على الحكومة بمفرده. ومن الواضح أنَّ "التطرف يتجه باستمرار وعلى نحو متزايد إلى وسط المجتمع ويصبح مقبولًا أكثر في المجتمع"، كما قال في حوار مع DW ماركوس غايغر، الذي يعمل مع زوجته، ماندي موك، في جمعية "بونتس روسلاو" (روسلاو المتنوّعة) في ديساو. ويمثّل تعرضهما لاعتداءات جزءًا من حياتهما اليومية. وحول ذلك تقول ماندي موك: "تعرّضنا للشتم في الشارع بوصفنا 'حشرت حمراء'. وكذلك تم رمي زجاجة بيرة عبر نافذة منزلنا، ومسامير أمام بوابة الفناء". وسألناها كيف يتفاعل الجيران؟ فقالت: "لا يسمعون شيئًا، لا يرون شيئًا، ولا أحد يأتي". وأضافت أنَّ لديهما انطباع بأنَّ المهاجمين أصبحوا أصغر سنًا. وتوجد في ديساو العديد من الجمعيات والمواطنين الشجعان الملتزمين بمكافحة كراهية الأجانب: مثل مشروع "غيغن بارت"، وجمعية "بونتس روسلاو"، والكشافة المسيحية، ومعلمون ومعلمات، وأفراد، وفي الجامعة والمدارس، وحتى السياسيون المحافظون. والأهم من ذلك كل هؤلاء من الشباب. ونلتقي بسبعة منهم في مركز ديساو البديل. حيث تقول صوفي: "في بعض الأيام، نشعر دائمًا بالخوف في ديساو، في بعض العطل والأعياد، عندما يكثر الناس من شرب الكحول". ويقول ماكس: "أتجول فقط في المنطقة التي أسكن فيها". وكذلك يعمل باول نولته في مجلس المدينة من أجل مصالح الشباب البديل. ويقول: "الكثيرون منا مروا بمثل هذا التجارب. وأنا وتيم تعرّضنا للتهديد بسكين". كما أنَّهم يؤكدون أنَّ الآراء اليمينية المتطرفة تنتشر أكثر وعلى نحو متزايد بين الشباب. وتقول صوفي: "لقد مررتُ مؤخرًا بمدرستي الابتدائية القديمة، وسمعت الأطفال يقولون: يجب أن يصبح لديهم يومًا ما فصل دراسي بدم ألماني نقي". وهم ينظرون بقلق إلى الوضع في مدينتهم، وفي ألمانيا أيضًا. وعلى الرغم من ذلك: "يوجد أيضًا سيناريو إيجابي. هنا في ديساو، كل شخص مهم. يمكننا أيضًا أن نفعل شيئًا ونحقق شيئًا". كما أنَّ الجمعيات والأندية تتواصل مع بعضها للتعاون في مواجهة هجمات اليمين المتطرف. وبالرغم من جميع العداءات والتحديات، لا أحد منهم يريد الرحيل. فديساو هي مدينتهم. * ملاحظة: تم لأسباب تتعلق بحماية القاصرين تغيير اسم ييريمي الحقيقي، الذي يبلغ عمره 17 عامًا.أعده للعربية: رائد الباش تحرير: عادل الشروعات