logo
حروب بلا جنرالات.. كيف تعيد المسيّرات والذكاء الاصطناعي رسم خرائط القوة والردع؟

حروب بلا جنرالات.. كيف تعيد المسيّرات والذكاء الاصطناعي رسم خرائط القوة والردع؟

صدى البلد١٢-٠٦-٢٠٢٥

في زمن يتقاطع فيه الذكاء الاصطناعي مع الدمار، وتحل المسيرات محل الجيوش الجرارة، تُعاد كتابة معادلات الصراع، وتُصاغ خرائط الردع من جديد.
لم تعد الحروب تندلع فقط عبر الجنرالات، بل تشعلها خوارزميات وتديرها شبكات عصبية ذكية. ومع كل هجوم بطائرة دون طيار، وكل خوارزمية تتخذ قراراً أسرع من البشر، يتأكد للعالم أن مشهد الحروب قد دخل حقبة جديدة، لا يشبه فيها الحاضر ماضياً، ولا يبدو المستقبل إلا أكثر تعقيداً وخطورة.
وفي هذا الإطار، جاءت عملية "شبكة العنكبوت" الأوكرانية لتكشف عمق التحولات الجارية، وتدفع الخبراء إلى مراجعة أسس الردع والاستعدادات العسكرية في ضوء الابتكار التقني المتسارع.
العملية الأوكرانية.. اختبار لقواعد الاشتباك الجديدة
سلّطت عملية "شبكة العنكبوت" التي نفذتها أوكرانيا في العمق الروسي، الضوء على صعود دور الطائرات المسيّرة كأداة رئيسية في الحروب المعاصرة. فرغم أن العملية أثارت ضجة إعلامية كبرى، إلا أن أثرها الاستراتيجي يبقى محل جدل، بحسب ما تراه الخبيرة العسكرية الأمريكية مارا كارلين، الأستاذة بجامعة جونز هوبكنز، والمستشارة السابقة لستة وزراء دفاع أمريكيين.
كارلين، وفي مقابلة مع مجلة "فورين بوليسي"، أشارت إلى أن تضارب الروايات حول حجم الخسائر الروسية — بين تدمير 40 قاذفة كما تزعم أوكرانيا، وعدد محدود بحسب روسيا — يجعل من الصعب تقييم الأثر الحقيقي للعملية. لكنها بالمقابل شددت على أهمية عنصر المفاجأة ودقة التخطيط الذي سبق الهجوم، وهو ما يُعزز من قيمة العملية في ميزان الحروب النفسية والاستراتيجية.
وقامت كارلين بمقارنة "شبكة العنكبوت" بهجوم إسرائيلي سابق ضد حزب الله في الخريف الماضي، والذي أسفر عن إصابة نحو ألفي عنصر من الحزب، معتبرة أن الهجوم الإسرائيلي كان أكثر تأثيراً، رغم التشابه من حيث الاستخدام المبتكر للتقنيات الحديثة. كما رأت أن المسيّرات أصبحت عنصراً فاعلاً في العديد من الجبهات، منها التصعيد بين إسرائيل وإيران، وكذلك التوتر بين الهند وباكستان، مما يؤكد أنها أداة عالمية في إعادة تشكيل الصراعات.
الذكاء الاصطناعي.. أداة تعقيد أم تفوّق؟
أما في ما يخص الذكاء الاصطناعي، فقد اعتبرته كارلين عاملاً مضاعفاً للسرعة والفهم في ساحات القتال، لكنه في الوقت ذاته يطرح تهديدات على صعيد اتخاذ القرار. فالتكنولوجيا، برأيها، تفرض على القادة اتخاذ قرارات في توقيتات قصيرة، أشبه بلعبة شطرنج بين حاسوبين خارقين، مما قد يؤدي إلى اندلاع حروب دون تفكير كافٍ في التبعات.
وتقول: "أشعر بالقلق من تسريع الذكاء الاصطناعي لدورات اتخاذ القرار بشكل مفرط. قد تجد أشخاصاً يقررون تحت ضغط، دون التروي اللازم، وهو ما قد يفتح الباب أمام كوارث عسكرية غير محسوبة".
رغم ذلك، ترى الخبيرة أن الذكاء الاصطناعي قد يمنح الدول الصغيرة فرصاً جديدة، خاصة من خلال شبكات التحالفات الذكية، لكنه سيظل في خدمة الدول التي تحسن استثماره وتطوير بنيتها المؤسسية حوله.
الردع النووي وتزايد الشكوك
في سياق متصل، أوضحت كارلين أن الحديث عن الأسلحة النووية عاد بقوة، لا سيما في أوروبا ومنطقة المحيطين الهندي والهادئ، حيث بدأت ترتفع الأصوات في دول مثل كوريا الجنوبية واليابان وألمانيا وبولندا تطالب بامتلاك "قدرات نووية كامنة". حتى السويد، المعروفة بحيادها، شهدت نقاشات سياسية في الاتجاه ذاته.
ويأتي هذا القلق نتيجة تآكل الثقة في المظلة النووية الأمريكية، ما يطرح علامات استفهام حول فعالية الردع الممتد الذي لطالما شكل أحد أعمدة الاستقرار العالمي بعد الحرب العالمية الثانية.
وبنظرة أوسع، ترى كارلين أن فهمنا لمفهوم الحرب يجب أن يتجاوز التكتيكات العسكرية، ليشمل التأثيرات التقنية والاجتماعية والاقتصادية، تماماً كما كانت الثورات الصناعية والزراعية والديمقراطية محطات مفصلية في تاريخ البشرية.
عودة محتملة لفكرة 'الحرب الشاملة'
وفي ضوء التصعيد في أوكرانيا والشرق الأوسط، تحذر الخبيرة من عودة سيناريو "الحرب الشاملة"، بما يتضمنه من استعدادات تقليدية ونووية. وتقول إن الاقتصار على مكافحة الإرهاب لم يعد كافياً، وأن الجيوش بحاجة إلى إعادة هيكلة استعداداً لصراعات أوسع وأكثر تقليدية.
أما الولايات المتحدة، فرغم تفوقها التكنولوجي، إلا أن كارلين ترى أن استعدادها غير مكتمل، في ظل تراجع الكفاءات المدنية في وزارة الدفاع، مما يؤثر على قدرتها على التخطيط الاستراتيجي طويل الأمد.
كما شككت في جدوى مشروع "القبة الذهبية"، الذي يجري الترويج له حالياً، نظراً لتكلفته العالية، وتعارضه مع الفلسفة العسكرية الأمريكية التي اعتادت على الردع الاستباقي لا الدفاع الثابت.
الصين.. القفزة الكبرى في سباق التسلح
وفي الملف الصيني، أبدت الخبيرة قلقاً من التسارع الكبير في تطوير القدرات النووية والبحرية والفضائية والسايبرية لدى الجيش الصيني. كما حذرت من غياب الحوار العسكري بين واشنطن وبكين، في وقت يتصاعد فيه التوتر حول تايوان، التي تطمح الصين للسيطرة عليها عسكرياً بحلول عام 2027.
وهكذا يبدو أن العالم يقف على أعتاب مرحلة جديدة من الصراعات، حيث لم تعد القوة الصلبة وحدها كافية، ولم يعد التفوق التكنولوجي محصوراً بالدول الكبرى. فالمعادلة تتغيّر، والتاريخ يعيد كتابة نفسه بأدوات جديدة وأخطار أعظم. وبينما تتقدم المسيرات وتخترق الخوارزميات جبهات القتال، يبقى السباق مفتوحاً على مستقبل غامض، ترسم ملامحه طائرات بلا طيار، وعقول إلكترونية أسرع من الضوء… وأخطر من الحرب نفسها.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

الضربة الأشد استهداف العلماء
الضربة الأشد استهداف العلماء

المدن

timeمنذ 2 أيام

  • المدن

الضربة الأشد استهداف العلماء

كان العلماء النوويين مستهدفين منذ بداية العصر النووي. وهناك بيانات عن ما يقرب من نحو 100 حالة مما تسمى "استهداف العلماء" منذ عام 1944 حتى عام 2025. ويعتبر "الاستهداف" على أنه الحالات التي تم فيها القبض على العلماء أو تهديدهم أو إصابتهم أو قتلهم في محاولة من الدول لمنع أعدائها من الحصول على أسلحة أو معرفة نووية. بمرور الوقت، استهدفت أربع دول على الأقل علماء يعملون في تسعة برامج نووية وطنية. يثير قتل العلماء والمهندسين النوويين العديد من الأسئلة السياسية المهمة، ما الذي يدفع الدول إلى اتخاذ مثل هذه الإجراءات المتطرفة؟ ما هي الآثار المحتملة على برامج انتشار البرامج النووية؟ مثل معظم الأسئلة المتعلقة بمواضيع الأمن النووي، فإن الإجابات ليست سهلة ولا قاطعة. ومثل العديد من الأسئلة المتعلقة بانتشار الأسلحة النووية، فإن جذور هذه الأسئلة تعود إلى فجر العصر الذري. ألمانيا 1944 بدأ تاريخ استهداف علماء الذرة عام 1944، بمؤامرة أميركية لقتل كبير علماء الفيزياء الألمان فيرنر هايزنبرغ، والذي اتهم بأنه يعمل على صنع قنبلة ذرية لألمانيا النازية، لكن العملية لم تنفذ. بدأ الاستهداف خلال الحرب العالمية الثانية عندما تسابقت قوات الحلفاء والاتحاد السوفياتي للقبض على العلماء النازيين، وإضعاف قدرة ألمانيا النازية على صنع قنبلة نووية، واستخدام خبراتهم لتعزيز البرامج النووية الأميركية والسوفياتية. ومن المعلوم أن الولايات المتحدة وإسرائيل نفذتا معظم استهدافات العلماء النوويين، لكن بريطانيا والاتحاد السوفيتي كانتا أيضاً وراء مثل هكذا استهدافات. مع مرور الوقت ومع بدء الحرب الباردة، استهدف علماء في البرازيل والهند وباكستان بهدف الحد من الطموحات النووية لهذه الدول. استهدافات الموساد أكثر العلماء النوويين استهدافا من قبل الموساد الإسرائيلي منذ عام 1950 حتى يومنا هذا، كانوا العلماء العاملين في البرامج النووية المصرية والإيرانية والعراقية. ففي إيران، ومنذ عام 2007 وقبل العملية الإسرائيلية الحالية، قُتل 10 علماء مشاركين في البرنامج النووي الإيراني في هجمات متفرقة. كما استهدف الموساد مواطنون من دول أخرى. في عام 1980، فجر جهاز المخابرات الإسرائيلي، منزل المهندس الإيطالي ماريو فيوريلي وشركته "SNIA Techint"، في ما وُصف بأنه تحذير للعلماء والشركات الأوروبية من المشاركة في المشروع النووي العراقي. وفي عام 1962، قام الموساد بعملية داموقليس، حيث اغتال هاينز كروغ، رئيس شركة ألمانية متورطة في مشتريات تتعلق بجهود مصر لتطوير الصواريخ. في عام 1990، قُتل جيرالد بول، مهندس كندي وخبير في المدفعية بعيدة المدى، كان يقدم المشورة لكل من إيران والعراق، بالرصاص خارج شقته في بروكسل؛ واستبعدت السلطات السرقة كدافع للجريمة عندما عثرت على 20 ألف دولار في جيبه. علماء عرب اغتالتهم إسرائيل شهد الصراع العربي-الإسرائيلي العديد من الاستهدافات للعلماء والبرامج النووية، خصوصاً في مصر، العراق وسوريا. وفيما يلي لائحة بالعلماء العرب الذين استهدفوا من قب الموساد الإسرائيلي: - عالم الفيزياء المصري علي مصطفى مشرفة 1950. - عالمة الذرة المصرية سميرة موسى 1952. - العلم النووي المصري يحيى المشد 1980. - عالم الفيزياء النووية الفلسطيني نبيل فليفل 1984. - عالم الذرة المصري سعيد السيد بدير 1989. - عالم الفيزياء اللبناني رمال حسن رمال 1991. - عالم الذرة العراقي إبراهيم الظاهر 2004. - عالم الهندسة الكهربائية الفلسطيني فادى البطش 2018. - عالم الذرة المصري سمير نجيب 2020. وتجدر الإشارة الى اغتيال خمسة علماء للطاقة النووية في سوريا، في تشرين الأول/أكتوبر 2014. فقد تعرضت حافلة في منطقة برزة بدمشق والتي كانت تقع تحت سيطرة الحكومة السورية آنذاك، إلى إطلاق نار كثيف أدى إلى مصرع خمسة أشخاص لم تتضح هويتهم، عرف فيما بعد بأنهم علماء ذرة سوريين. وكذلك خلال الغزو الأميركي للعراق، تم تصفية المئات من العلماء والأكاديميين العراقيين. وذلك باعتمادها على وكلاء محليين وفروا الغطاء لها. لماذا يُستهدف العلماء النوويين؟ قد يؤدي استهداف العلماء إلى إزالة الخبرات العلمية الحيوية وفرض تكاليف تزيد من صعوبة بناء برامج أو أسلحة نووية. هناك اعتقاد لدى بعض المحللين بأن استهداف هؤلاء الخبراء قد يقوض جهود الدولة، ويثنيها عن مواصلة تطوير برامجها النووية. لذلك، تعتقد الدول التي تستهدف العلماء، أن ذلك وسيلة فعالة لتقويض برنامج نووي لعدوها. وهذا ما وصف الجيش الإسرائيلي هجماته على المنشآت النووية الإيرانية، بأنها "ضربة قوية لقدرة النظام على حيازة أسلحة دمار شامل". على الرغم من تركيز إسرائيل على العلماء باعتبارهم مصادر للمعرفة الحيوية، قد يكون هناك مئات غيرهم ما زالوا يعملون من ضمن البرامج المستهدفة، مما يثير تساؤلات حول فعالية استهدافهم. بغض النظر عما إذا كان استهداف العلماء أداة فعالة لتقويض أو ثني الدول عن برنامجها النووي، فإنه موجود منذ بداية العصر النووي، ومن المرجح أن يستمر كجزء من أدوات السياسة الخارجية للدول التي تهدف إلى منع انتشار التجربة النووية. في حالة الصراع الإسرائيلي الحالي مع إيران واستهدافها للعلماء النوويين، فمن المتوقع أن تستمر هذه التكتيكات. اغتيالات ذات طابع مؤسساتي قد تكون إسرائيل الدولة الوحيدة في العالم التي صبغت عمليات الاغتيال للعلماء بصبغة مؤسساتية. وكان وزير الدفاع الإسرائيلي موشي دايان أعلن عندما أُنشأت إسرائيل شعبتين: الأولى تابعة للجيش الإسرائيلي، والأخرى للموساد، بغرض جمع المعلومات وتقصي الحقائق ومتابعة نشاط العلماء العرب المختصين بالذرة في جميع أنحاء العالم. وكانت رئيسة وزراء إسرائيل غولدا مائير قد استحدثت جهازاً خاصاً بعمليات الاغتيال أطلق عليه "المجموعة إكس" وألحقت به وحدة مختصة بالاغتيالات من جهاز الموساد. استهداف البرنامج الإيراني يُعتقد أن ما لا يقل عن 14عالماً نووياً هم من بين القتلى في عملية "الأسد الناهض" التي شنتها إسرائيل في 13 حزيران/يونيو 2025، بهدف تدمير أو إضعاف برنامج إيران النووي وقدراتها العسكرية. ويهدف استهداف العلماء بهذه الطريقة المتعمدة إلى تعطيل قاعدة المعرفة الإيرانية واستمرارية خبرتها النووية. ومن بين الذين اغتيلوا محمد مهدي طهرانشى، عالم الفيزياء النظرية ورئيس جامعة آزاد الإسلامية الإيرانية، وفريدون عباسي دافاني، مهندس نووي قاد منظمة الطاقة الذرية الإيرانية. وكان هؤلاء الخبراء في الفيزياء والهندسة مجتمعين، خلفاء محتملين لمحسن فخري زاده، الذي يُعتبر على نطاق واسع مهندس البرنامج النووي الإيراني، والذي اغتيل في هجوم وقع في تشرين الثاني/نوفمبر 2020، والذي يلقي الكثيرون باللوم فيه على إسرائيل. تختلف حملة الاغتيالات الأخيرة ضد العلماء الإيرانيين عن العديد من الحوادث السابقة في بعض النواحي الرئيسية. استهدف الهجوم الإسرائيلي الأخير العديد من خبراء الطاقة النووية الإيرانيين، وجرى بالتزامن مع حملة عسكرية جوية لتدمير المنشآت النووية والدفاعات الجوية والبنية التحتية للطاقة في إيران. كما أن إسرائيل، على عكس العمليات السرية السابقة، أعلنت على الفور مسؤوليتها عن الاغتيالات. لكن استهداف العلماء قد لا يكون فعالاً في إنهاء برنامج نووي. ففي حين أن القضاء على الخبرات الفردية قد يؤخر الحصول على الأسلحة النووية، تماماً كما تدمير المنشآت النووية. فإن الاستهداف وحده من غير المرجح أن يدمر برنامجاً بالكامل، بل قد يزيد من رغبة البلد في الحصول على أسلحة نووية.

بدأت في بلد عربي.. ما هي أول حروف أبجدية في العالم؟
بدأت في بلد عربي.. ما هي أول حروف أبجدية في العالم؟

ليبانون 24

timeمنذ 6 أيام

  • ليبانون 24

بدأت في بلد عربي.. ما هي أول حروف أبجدية في العالم؟

مع كثرة النصوص القديمة حول العالم، قد تتساءل أي أبجدية كانت أول أبجدية تم تطويرها. بعبارة أخرى، ما هي أقدم أبجدية مؤكدة في العالم؟ صرّح خبراء لموقع "لايف ساينس" بأنه من المحتمل أن يكون هذا هو الخط السينائي البدائي ، الذي ابتكره عمال كنعانيون قبل حوالي 4000 عام في منجم فيروز مصري بمنطقة سيناء. تطور الخط السينائي البدائي إلى الأبجدية الفينيقية، التي ألهمت بدورها الأبجدية العبرية واليونانية والرومانية المبكرة. ومع ذلك، أشار اكتشافٌ أجراه باحثون في جامعة جونز هوبكنز في تشرين الثاني 2024 إلى استخدام خط أبجدي قبل مئات السنين، فيما يُعرف الآن بشمال سوريا. ويمثل دليلهم أربع أسطوانات طينية، كل منها بطول إصبع تقريبًا، من مقبرة من العصر البرونزي في أمّ المرّة، قرب حلب. تشير تقنية تأريخ الكربون المشع إلى أن الرموز كانت منقوشة على الأسطوانات حوالي عام 2400 قبل الميلاد، أي قبل حوالي 500 عام من تطوير النص السينائي البدائي. لكن ليس الجميع مقتنعًا بهذا الاكتشاف، إذ يُصرّون على أن الكتابة السينائية البدائية هي أقدم أبجدية معروفة، وهي نظام كتابة محدد. وفي رسالة بريد إلكتروني، قالت فيليبا ستيل ، عالمة فقه اللغة بجامعة كامبريدج، لموقع لايف ساينس: "أعتقد أن نقوش أم المرة تُمثّل بوضوح نوعًا من أنظمة الكتابة". وأضافت: "لكن الأصعب هو التأكد من ارتباطها بالنظام الأبجدي". يعتقد علماء الآثار أن الكتابة تطورت في عدة أماكن في العالم القديم بشكل مستقل عن أنظمة الكتابة الأخرى. فعلى سبيل المثال، نشأت الهيروغليفية المصرية حوالي عام 3200 قبل الميلاد، بينما يبدو أن الكتابة المسمارية السومرية تعود إلى نفس الفترة تقريبًا. تطورت الكتابة الصينية القديمة في وقت مبكر من الألفية الثانية قبل الميلاد، في حين أن أقدم نظام كتابة معروف في الأميركتين هو نص الأولمك ، من حوالي 600 قبل الميلاد. لكن لا يُصنّف أيٌّ من أنظمة الكتابة المبكرة هذه كأبجديات. بل هي إما أنظمة كتابة لوغوغرافية - حيث يُمثّل كل رمز كلمةً أو مفهومًا، مثل "جبل" - أو مزيج من اللوغوغرافيات والمقاطع الصوتية (حيث تُمثّل الحروف مقاطع لفظية) أُضيفت إليها بعض الأحرف لتمثيل الأصوات المنطوقة. وفي المقابل، تمثل الحروف في الأبجدية أصواتًا مميزة، أو "فونيمات"، تُستخدم لتكوين أصوات الكلمة المنطوقة، كما قال ستيل في رسالة بالبريد الإلكتروني. ويبدو أن النص السينائي البدائي قد تأثر بالهيروغليفية المصرية القديمة، ولكن "الأبجدية السينائية البدائية هي بوضوح إبداع مبتكر للغاية"، كما كتبت؛ ربما جاء المبدأ العام للكتابة من الهيروغليفية، ولكن مفهوم الأبجدية وقيم الحروف نفسها كانت أفكارًا جديدة. تهتم ستيل بشكل خاص بنصوص العصر البرونزي من كريت وأجزاء أخرى من اليونان وقبرص - بعضها لم يُفكّ رموزه قط . وقالت: "احتفظت قبرص بنظام الكتابة القديم للعصر البرونزي لأكثر من ألف عام، واستخدمته في اللغة اليونانية". وأضافت: "لذا، بينما كانت اليونانية تُكتب بالأبجدية في كل مكان آخر... كان لدى قبرص نظام كتابة مقطعي مميز أصبح رمزًا للهوية الثقافية". قالت سيلفيا فيرارا ، عالمة فقه اللغة في جامعة بولونيا في إيطاليا والتي لم تشارك في الاكتشاف في سوريا، في رسالة بالبريد الإلكتروني إن أنظمة الكتابة القديمة المفضلة لديها هي تلك التي لم يتم فك رموزها بعد، بما في ذلك النص العيلامي البدائي من ما يعرف الآن بجنوب غرب إيران ، والذي ربما أثر على الكتابة المسمارية في بلاد ما بين النهرين. وقال ستيل إن الاعتقاد السائد على نطاق واسع هو أن النص السينائي البدائي هو أقدم أبجدية، لكن الاكتشاف الجديد في أم المرة يتحدى هذه الفكرة. قال غلين شوارتز ، عالم الآثار في جامعة جونز هوبكنز الذي اكتشف الأسطوانات الطينية وقدّم بحثه في مؤتمر أثري عام ٢٠٢٤، في بيان إن هذه القطع الأثرية أقدم من أي نقوش سينائية بدائية معروفة، وقد عُثر عليها في شمال سوريا. وأضاف أن هذا يشير إلى أن "الأبجدية قد يكون لها قصة أصل مختلفة تمامًا عما كنا نعتقد". قالت فيرارا إنها لم تُفاجأ باكتشاف أن الأبجديات كانت مستخدمة قبل 500 عام مما كان يُعتقد، مع أن موقع الاكتشاف يُعدّ اكتشافًا جديدًا. وصرحت لموقع لايف ساينس: "من المُدهش العثور على هذه الأبجديات في سوريا، لكن الأفكار والمفاهيم انتشرت عبر التاريخ أكثر بكثير مما تُظهره الأدلة الأثرية". وحذرت ستيل من أن أسطوانات أم المرة تحتوي على علامات قليلة جدًا لإثبات أنها شكلت نظامًا أبجديًا. وقالت: "أود الحصول على مزيد من الأدلة قبل تصنيف النظام على أنه أبجدي، لأننا لا نملك أدلة كافية لتحليل بنيته".

"هبوط ألماني غير متوقع"... لحظة غيرت مسار التفوق الجوي لصالح بريطانيا
"هبوط ألماني غير متوقع"... لحظة غيرت مسار التفوق الجوي لصالح بريطانيا

ليبانون ديبايت

timeمنذ 7 أيام

  • ليبانون ديبايت

"هبوط ألماني غير متوقع"... لحظة غيرت مسار التفوق الجوي لصالح بريطانيا

مع اندلاع الحرب العالمية الثانية، هيمن التقدم التكنولوجي العسكري الألماني على مشهد الصراع، مما أثار قلق البريطانيين والفرنسيين. استطاع الألمان بفضل تفوقهم التكنولوجي، ولا سيما في مجالات الدبابات والطائرات، تحقيق انتصارات سريعة، مثل غزو بولندا في الأسابيع الأولى من الحرب. ومن بين الأسلحة التي أرّقت البريطانيين، برزت الطائرة فوكه وولف فو 190، التي تميزت بسرعتها الفائقة وقدرتها المذهلة على المناورة. إلا أن خطأ طيار ألماني عام 1942 مكّن البريطانيين من الحصول على نموذج سليم لهذه الطائرة، مما غيّر معادلة التفوق الجوي في الحرب. في حزيران 1942، تلقى الطيار الألماني أرمين فابر أوامر بالتحليق مع زملائه لاعتراض قاذفات قنابل بريطانية من طراز بوسطن. أثناء اشتباك مع مقاتلات سبيتفاير البريطانية، انفصل فابر عن زملائه وتاه في الجو. بعد أن فقد وعيه مؤقتاً واستعاد سيطرته على الطائرة، أخطأ في الاتجاه، وحلق شمالاً بدلاً من الجنوب. اعتقاداً منه أنه في فرنسا، هبط فابر بطائرته في قاعدة بيمبري البريطانية، مما أثار دهشة المسؤولين الذين لم يصدقوا رؤية طائرة ألمانية سليمة تهبط في أراضيهم. بعد أسر فابر ونقله إلى مركز اعتقال في كندا، تم تحويل الطائرة إلى مختبرات سلاح الجو الملكي البريطاني. بدأت دراسة الطائرة وفحص تصميمها بهدف كشف أسرارها التقنية. يوم 3 تموز 1942، انطلقت التجارب الأولى على الطائرة الألمانية. بفضل هذه الدراسات، أدخل البريطانيون تحسينات على مقاتلاتهم سبيتفاير، مما مكنها من مواجهة الطائرة الألمانية بفعالية أكبر. مع اكتمال التجارب والتحقيقات، قرر البريطانيون تفكيك الطائرة يوم 13 أيلول 1943 وإتلافها، حفاظاً على سرية ما تعلموه من التكنولوجيا الألمانية. لطالما كانت الحرب العالمية الثانية ميداناً لصراع التكنولوجيا. تمكن البريطانيون من الحصول على العديد من الأسرار التكنولوجية الألمانية، مثل صواريخ V-2، التي شكلت أساساً لتطوير تقنيات صاروخية لاحقاً.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store