logo
دمشقي

دمشقي

البيان٠٦-٠٧-٢٠٢٥
«دمشقي» العمل الأدبي البديع الذي كتبته الروائية المعمارية الفلسطينية (سعاد العامري)، وهو في خلاصته، بدءاً بعنوانه، سرد توثيقي متدفق يتناول تاريخاً عائلياً خالصاً لعائلة دمشقية يمتد تاريخها لثلاثة أجيال، وخلال قرن ونصف من الزمان، بدءاً بميلاد الجد أو الأب الأكبر للعائلة (نعمان البارودي) في الثلث الأخير من القرن التاسع عشر.
تكتب سعاد العامري حكاية هذه العائلة البرجوازية الكبيرة التي يتمدد نسبها وأماكن عيشها وتنقلاتها، على جغرافيا ما كان يسمى ببلاد الشام قديماً، قبل فترة الاستعمار وتكوين إسرائيل، حيث تبدأ تشابكات خيوط العمل باللحظة التي يتزوج فيها الشاب الدمشقي الثري بالفتاة الفلسطينية من قرية عرابة، ويأخذها لتعيش هناك في القصر المنيف الفخم الذي لا مثيل له في عمرانه ونقوشه وتفاصيله وبذخه ومستوى الأناقة والكرم والنفوذ الذي يعبق في جوانبه، ويظل كذلك حتى اللحظة التي يتوقف فيها الزمن تماماً، وتتوقف عقارب الساعة، ويفقد ياسمين الدار رائحته، تلك لحظة وفاة الجد الكبير نعمان البارودي!
ونعمان في النص الروائي هو الجد الكبير للكاتبة سعاد (تستعير له اسماً روائياً) خالطة السرد بالسيرة والتوثيق، في محاولة لامعة وموفقة لخلق نص هجين بين السيرة والمذكرات والعمل التخيلي، حتى إن القارئ لا يعرف أحياناً الحدود الفاصلة بين الرواية والحقيقة، بين ما هو واقعي فعلاً كأحداث وشخصيات، وبين الخيال الأدبي، وهنا مكمن إحدى متع العمل.
أما المتعة والجمال فيكمنان في الفكرة الأساسية للرواية، وهي دمشق المدينة بكل تفصيلاتها التي كانت في تلك السنوات البعيدة، هي فكرة البيت وما يعنيه باعتباره تاريخاً موازياً للهوية والانتماء والرابط الحقيقي لأسرة يزيد عدد أفرادها على الخمسين شخصاً، إذا اجتمعوا على الغداء في نهار الجمعة يتناولون أنواعاً وأشكالاً من الأطعمة والأطباق لا تعد ولا تحصى، على سبيل توثيق جزء من ثقافة هذه المدينة الغائرة في القدم، والمضمخة بالعراقة والحضارة.
تكتب الفلسطينية سعاد العامري بوعي المعمارية التي تفهم أن البيوت ليست حجارة فقط، بل أسئلة كبرى: لمن ننتمي؟ أين نعود إن صارت البيوت أطلالاً؟ وكيف نواصل الحياة إن لم نجد غرفة نغلق بابها علينا؟ دمشق في الرواية ليست مدينة فقط، بل استعارة كبرى لكل مدينة عربية تكاد تسقط كل يوم، ثم تبقى واقفة على شرفة الحنين والذاكرة والحضارة.
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

باسم ياخور: تغيير الرأي ليس خيانة.. وأعتذر لمن جُرح من كلماتي
باسم ياخور: تغيير الرأي ليس خيانة.. وأعتذر لمن جُرح من كلماتي

الإمارات اليوم

timeمنذ 13 ساعات

  • الإمارات اليوم

باسم ياخور: تغيير الرأي ليس خيانة.. وأعتذر لمن جُرح من كلماتي

رفض الفنان السوري باسم ياخور وصف تغيير المواقف أو الآراء بـ«التكويع»، مؤكداً أن المراجعة الفكرية جزء طبيعي من تطور الإنسان وظروفه. وقال ياخور، خلال مقابلة له ضمن برنامج «قابل للجدل» على قناة «العربية»: «التغيير حق، وهو مرتبط بالحالة النفسية والمادية والجغرافية.. وليس كل تغيّر يُعد خيانة». وأوضح أن الحياة مليئة بالمواقف التي تدفع الإنسان لإعادة النظر في قناعاته: «نعيش مع أصدقاء عمر ونكتشف أنهم لا يستحقون الثقة... فهل يكون تغيّرنا تجاههم خيانة؟». وأضاف: «كل إنسان حرّ في رأيه، ويجب أن نمنح الناس الحق في التعبير». العودة إلى دمشق.. والخوف الأولي وتحدث الفنان السوري عن عودته إلى دمشق بعد سنوات من الغياب، قائلاً إنه شعر بالخوف في البداية، لكنه رأى أن العاصمة السورية «تبقى بلده ومكانه الطبيعي». وفيما يتعلق بعلاقاته مع السلطة، أوضح أن لقاءاته مع مسؤولين سياسيين كانت محدودة، وأنها جاءت في إطار نقل مطالب لأشخاص آخرين، وليست لأغراض شخصية. وأضاف: «كل ما أملك من عملي، والاتهامات بامتيازات لا أساس لها، وهناك تسجيلات تُثبت أن خصومي روجوا لهذه الأكاذيب بسبب قضايا قانونية وشهادتي ضدهم أمام القضاء». عن ماهر الأسد.. وتلقي تهديدات مباشرة ورداً على ما يُشاع حول علاقته بماهر الأسد، نفى ياخور استغلال تلك العلاقة لأغراض شخصية أو للتهديد، مؤكداً أنه لطالما كان «خادماً لمن حوله لمساعدتهم». كما كشف عن تلقيه تهديدات مباشرة بالقتل خلال الأشهر الأربعة الماضية، إضافة إلى حملات تشويه طالت عائلته، قائلاً: «ليس من حق أحد أن يتهمني بالكذب لمجرد أنني اختلفت معه في الرأي». 8 ديسمبر.. الخوف من المجهول تطرق ياخور إلى مشاعره ليلة 8 ديسمبر 2024، التي وُصفت إعلامياً بـ«ليلة سقوط الأسد»، قائلاً: «كنت خائفاً جداً، وشعرت أننا ذاهبون نحو المجهول»، معتبراً أن تجارب المنطقة عززت لديه هذا الشعور بالخطر والفوضى. رسالة اعتذار وجّه الفنان السوري رسالة إلى كل شخص قد شعر بالأذى من تصريحاته السابقة، قائلاً: «أنا أعتذر لكل من جُرح أو تألم بسبب كلماتي». وشدد على أنه لم يكن مسؤولاً في النظام، ولم يملك منصباً أو ارتباطاً تجارياً معه، مضيفاً: «ما قلته سابقاً كان مجرد وجهات نظر.. وإن كانت قد آذت أحداً، فأنا أقدم اعتذاري». تصريحات مثيرة للجدل وكان باسم ياخور قد أثار جدلاً في مقابلة سابقة أجراها مع صحيفة «النهار» اللبنانية في يناير الماضي، حين وصف الوضع في سورية بـ«السيئ»، منتقداً ما وصفه بـ«الفوضى» نتيجة إطلاق سراح سجناء متهمين بجرائم خطيرة. كما أبدى استغرابه من تغييب مصير عدد من المعتقلين العسكريين، موجهاً انتقادات مبطّنة للإدارة السورية. من هو باسم ياخور؟ ينتمي باسم ياخور إلى دفعة 1993 من المعهد العالي للفنون المسرحية في دمشق، وبدأ مسيرته في مسلسل «الثريا» عام 1994. وشارك منذ ذلك الحين في أكثر من 130 عملاً درامياً، منها أعمال تاريخية وكوميدية، إضافة إلى عدة مسلسلات مصرية مثل «زهرة وأزواجها الخمسة» و«المرافعة». كما قدم عدداً من البرامج التلفزيونية.

الرواية الإماراتية والسينما
الرواية الإماراتية والسينما

صحيفة الخليج

timeمنذ يوم واحد

  • صحيفة الخليج

الرواية الإماراتية والسينما

في الإمارات، وكأي بلد عربي يعاين المتابع الصحفي الثقافي ظاهرة قائمة في الساحة الأدبية المحلية المتمثلة في توجه عدد من الشعراء والشاعرات إلى كتابة الرواية في العقدين أو العقود الثلاثة الأخيرة من زمن الشعر وزمن الرواية، وفي خط بياني واحد، أي أن الشعراء هم الذين يكتبون الرواية، في حين لم يتحوّل الروائي إلى شاعر، ولم يتخلّ عن طبيعته السردية، وقد ظل الروائي في قلب الحكاية، في حين غادر الشعراء إلى الرواية التي تدر الغزير من لبن الجوائز الأدبية. في الإمارات لا يكتب الشعراء روايات من أجل الجوائز، بل لإشباع غريزة السرد والحكي لديهم في بيئة خصبة بالقصص الشعبية والسرديات التراثية العتيقة، وهو أيضاً شكل من أشكال القبض على الماضي وعدم التفريط بالذاكرة الثقافية والاجتماعية وبخاصة قبل ظهور النفط. اتبع بعض شعراء الإمارات هذه التحوّلات، ورأوا أنهم لا يستطيعون التعبير عنها بالشعر، فعبّروا عنها بالرواية مثلما فعل الشاعر ناصر جبران في روايته الوحيدة «سيح المهب». الشاعر كريم معتوق أيضاً كتب الرواية، ولكن السرد الروائي لم يكن بالنسبة إليه هو مشروعه الأدبي، فقد كان الشعر وما زال هو علامته وبوصلته إلى الحياة والحب والوجود، وهو أخلص للشعر، واستحق أن يجلس في مقعد أمير الشعراء في دورته التكريمية الأولى. للروائي الكبير حقاً في شخصيته الأدبية ومكانته الثقافية علي أبو الريش أثر شعري ولكنه محدود، ذلك أن مشروع أبي الريش هو الرواية وليس الشعر، وعلى جانب آخر من هذه المعادلات نجد أن المسرحي المبدع جمال مطر، وهو شاعر أيضاً كتب روايتين.. الأولى بعنوان «كلب» وصدرت في عام 2018، والثانية بعنوان: «ربيع الغابة» وصدرت في عام 2021، ولكن مشروع جمال مطر ليس الرواية ولا الشعر، بل المسرح بكل ما فيه من تكوين جمالي وثقافي. إن ما أرمي إليه في هذه المقالة بالضبط، ليس تحوّل الشعراء والمسرحيين أو غيرهم إلى روائيين، بل إن ما يستحق الإشارة هنا هو حجم الإنتاج الروائي الإماراتي الغزير في السنوات الأخيرة، وإمكانية استثمار هذا الإنتاج الأدبي في السينما. نعم السينما الإماراتية الغائبة عن كونها مشروعاً فنياً أو صناعة إبداعية محلية لها مقوّمات النجاح، وأول هذه المقوّمات أساسها فن الرواية في الإمارات، والأسماء عديدة في لائحة روائية طويلة نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر: فتحية النمر.. الكاتبة الغزيرة والمتمكنة من مشروعها الأدبي العملي والذكي في آن واحد، إضافة إلى ريم الكمالي، وبخاصة في روايتها «يوميات روز» القريبة إلى الصناعة السينمائية، والروائية إيمان اليوسف في عملها الأدبي المهم «قيامة الآخرين». المادة الحكائية أو السردية اللازمة للسينما متوفرة وبكثرة عند الكتاب الإماراتيين الشعراء منهم والروائيين، ومع ذلك لا توجد في الإمارات سينما قائمة على الرواية المحلية المعبّرة بصدق عن ذاكرة المكان وثقافته الأصلية.

«تحرير يسرى».. قصص على حافة الجرح الإنساني
«تحرير يسرى».. قصص على حافة الجرح الإنساني

صحيفة الخليج

timeمنذ 2 أيام

  • صحيفة الخليج

«تحرير يسرى».. قصص على حافة الجرح الإنساني

عن منشورات رامينا في العاصمة البريطانية لندن، صدرت مجموعة قصصية جديدة للكاتب السوري توفيق الحلاق بعنوان «تحرير يسرى»، وهي عملٌ سرديّ مكثّف ينقل القارئ إلى عوالم معتمة في قلب المجتمع الدمشقي، حيث تتقاطع مآسي الطفولة، وقمع السلطة الأبوية، وازدواجية القيم، عبر أربع قصصٍ تقف عند حافة الجرح الإنساني. العنوان الذي تحمله المجموعة يشير إلى القصة الأولى والأطول فيها، والتي تشكّل ما يشبه الرواية القصيرة، وتحمل ذات الاسم: «تحرير يسرى».. وتأتي هذه القصة بوصفها شهادةً دامغة على مأساة فتاة يتيمة تُسجن من قِبل والدها في غرفة مظلمة لسنوات، مقيدة بسلسلة حديدية، بعد أن راوده شكّ إزاء سلوكيّاتها. يستعرض الكاتب، بأسلوب سينمائيّ توثيقيّ، رحلة إعلاميّ يعمل في التلفزيون السوري، يُفاجأ بخبرٍ عن وجود طفلة مسجونة، فيتقصّى الأمر ويقود عملية تحريرها على الهواء مباشرة، وسط ذهول الجيران والمجتمع المحلي. القصة لا تتوقّف عند تحرير الطفلة من قيدها الحديدي، إنّما ترصد مأساة ثانية تبدأ بعد التحرير، حيث تجد يسرى نفسها متنقلة بين مؤسسات الدولة: من دار الأيتام، إلى دار الفتيات الجانحات، ثم إلى دار العجزة، ليكتمل المشهد التراجيدي في حلقة من التهميش والإقصاء، وتنهار بطلة الحكاية تحت وطأة اغتصاب متكرّر، وحرمان من أي شكل من أشكال الدعم أو الحماية. أما القصص الأخرى في المجموعة، كلٌّ منها كشهادة سردية على جوانب متفرقة من حيوات السوريين البسطاء الذين سحقهم الزمن، وغابت عنهم العدالة، وسقطوا في هوّة الذاكرة المنسيّة. في هذه النصوص، يواصل الحلاق نهجه في بناء شخصيات قادمة من الهوامش، ينحتها من الطين والعرق والجوع، ويمنحها صوتاً حادّاً يكشف المستور عن بنية اجتماعية تهرّأت تحت وطأة العنف المنزلي، والفقر، والاستبداد. تمثّل قصص المجموعة خريطةً جغرافيّةً ونفسيّةً لرحلة الإنسان في محاولاته المستمرّة للتحرّر من القيود الماديّة والمعنويّة. نجد الشخصيّات محاصرةً، إما بقيود عائليّة أو اجتماعيّة، حيث يصبح الظلم عدوّها الأوّل. ورغم ذلك، يحمل كلّ بطلٍ أو بطلةٍ شعلة أمل، مهما كانت ضئيلة، تنير طريقاً نحو التحرّر. يتناول توفيق الحلّاق في قصصه قضايا أخلاقية متجدّدة، مثل دور المجتمع في دعم أفراده، وحدود المسؤوليّة الفرديّة والجماعيّة تجاه المظلومين. ويطرح تساؤلات صعبةً حول كيفيّة مواجهة القهر.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store