
إنفلونسر الإسلام السياسي بألمانيا.. تغيير في الاستراتيجيات والتجنيد كلمة السر
وخلال العامين الماضيين، فرضت المجموعات الافتراضية المرتبطة بحزب التحرير؛ الذي يوصف بـ"المنشق عن الإخوان المسلمين" في تقارير الاستخبارات الألمانية، نفسها على الواقع السياسي في الدول الناطقة بالألمانية.
إذ نشطت هذه المجموعات، خاصة "واقع الإسلام"، و"مسلم انتراكتيف" بشكل كبير على الإنترنت عبر وجوه متطرفة، وجذبت أتباعا جدد، ثم نزلت إلى الشارع فيما يشبه العروض العسكرية المنظمة، حيث نظمت مظاهرات رفعت شعار ما يسمى بـ" الخلافة".
ويتعلق الأمر بثلاث مجموعات مؤثرة من ألمانيا: "جيل الإسلام"، و"واقع الإسلام"، و"مسلم انتراكتيف"، استخدمت خلال السنوات الماضية، العمل الاحترافي على وسائل التواصل الاجتماعي والتجمعات الحركية في العالم الحقيقي لمخاطبة جمهور مستهدف من الشباب في الغالب.
ودأبت هذه المجموعات في السابق على تناول الشواغل الاجتماعية للمسلمين والتطورات السياسية الراهنة، من منظور العالم المغلق لمنظمة "حزب التحرير الإسلامية".
وبفضل مظهرهم الشبابي المتميز، نجحوا في نشر أيديولوجية متشددة، مع المطالبة بالخلافة والشريعة، وكونوا قاعدة متابعين على الشبكات الاجتماعية في جميع أنحاء العالم الناطق بالألمانية.
لكن في الأسابيع الماضية، حدث تغيير كبير في هذه المجموعات، يبدو منسقا وضمن خطة موضوعة مسبقا، للتكيف مع واقع الإنترنت، وتوسيع القاعدة المستهدفة.
ماذا حدث؟
ففي شهري مايو/أيار ويونيو/حزيران 2025، غيرت المجموعات التابعة لحزب التحرير بشكل كبير من حضورها على الإنترنت، إذ تخلوا عن أشكال مجموعاتهم، واستبدلوها بقنوات مخصصة شخصية.
وجرى حل قناة 'واقع الإسلام' من قبل المتحدث الرئيسي باسم المجموعة، ريموند صهيب هوفمان (اعتنق الإسلام منذ فترة طويلة)، في 19 مايو/أيار 2025 واستبدالها بقناة شخصية له.
وفي سياق إضفاء الطابع الشخصي المصمم خصيصًا لشخصه، حذف المحتوى السابق لقناة 'واقع الإسلام'.
ووفق دراسة حديثة نشرها مركز توثيق الإسلام السياسي في النمسا، للوهلة الأولى، بدت اللمسة الشخصية الجديدة في التواجد الإعلامي لـ"واقع الإسلام" كمناورة تواصل استراتيجية تهدف إلى تحسين إمكانية الوصول إلى الجمهور المستهدف عبر الإنترنت.
لكن سرعان ما اتضح أن هذا التغيير نمطًا منسقا: فبعد أقل من أسبوعين، تبعها مجموعة 'جيل الإسلام' من هامبورغ لاعب آخر من نفس البيئة الأيديولوجية.
و"جيل الإسلام" هي أكبر المجموعات التابعة لحزب التحرير وأقدمها في ألمانيا، تأسست في عام 2013 ونشطت منذ ذلك الحين، حتى إعلان حلها في مطلع يونيو/حزيران الماضي.
وعلى الرغم من أن الجهات الفاعلة في "جيل الإسلام" اختارت مسارًا مختلفًا في التفاصيل، إلا أن التأثير كان واحدًا، إذ جرى استبدال قناتها، بقنوات شخصية للشخصيات الفاعلة، على منصات مختلفة.
وسرعان ما تم تغيير اسم قناة جيل الإسلام على يوتيوب إلى 'أحمد تميم'، وهو اسم الممثل الأول لجيل الإسلام الذي كان مهيمنًا على المجموعة.
ومرة أخرى، تم حذف جميع مقاطع الفيديو الخاصة بالمجموعة من القناة.
وبالتالي، فإن التغيير في المظهر الخارجي لم يكن إجراءً منفردًا، بل كان على الأرجح جهدًا منسقًا. وهذا ما يشير إليه أيضًا المحتوى الذي أنشأه المؤثرون بعد تغيير أسماء القنوات.
بالإضافة إلى ذلك، سرعان ما أصبح من الواضح أن شخصيات أخرى معروفة في هذه المجموعات تندفع أيضًا إلى التواجد الشخصي على الإنترنت، لكن ليس في منافسة مع بعضها البعض، بل بطريقة منسقة، بما في ذلك مشاركة المنصة في بعض الفيديوهات.
لماذا التغيير؟
وبالتالي لم يكن التغيير على الأرجح بسبب خلافات داخلية، بل يجب أن يُنظر إليه في سياق أوسع، وفق الدراسة.
وسواء كان التغيير بسبب عوامل داخلية أو خارجية، فقد تم استخدامه لتحديث وتحسين صورة هذه المجموعات الخارجية، بعد أن باتت تحت أنظار الأمن إثر تحركاتها المنظمة على الأرض.
كما أن الحسابات الشخصية للأشخاص الممثلين للمجموعات تملك انتشارا أوسع في المشهد السلفي-الإسلاموي، أكبر بكثير من القنوات السابقة التي تحمل اسم المجموعات.
ويتوافق تفكيك 'العلامات التجارية' المعروفة، والتحول إلى القنوات الشخصية، مع الاتجاه الحالي على الإنترنت نحو زيادة التخصيص وإضفاء الطابع الشخصي على المحتوى ومنشئي المحتوى.
ويمكن ملاحظة ذلك من ناحية في القنوات المخصصة على مختلف المنصات، ومن ناحية أخرى في المحتوى الجديد الأكثر تفاعلية الذي يتم فيه طرح أسئلة على المستخدمين، مما يؤكد على القصة الفردية للأشخاص الذين يظهرون الآن على الإنترنت ويجعلها أكثر واقعية.
هذا المحتوى الشخصي يمكن أن يثير فضول المتابعين حول الشخص الذي يقف وراء المحتوى، وبالتالي يزيد انتشاره أكثر بكثير من القنوات ذات العناوين العامة.
ووفق الدراسة، فإن الصورة العامة المتغيرة لمجموعات حزب التحرير، لديها القدرة على جذب مجموعات جديدة من الأشخاص، ولا سيما المراهقين.
كما أن للقنوات المتعددة في نفس السياق الأيدلوجي، أيضًا تأثيرا إيجابيا يتمثل في قدرتها على التفاعل مع بعضها البعض، وبالتالي تعزيز بعضها البعض، ما يحقق الهدف النهائي وهي التأثير على قطاع أوسع من الشباب، وتجنيد أكبر عدد منهم، وفق مراقبين.
aXA6IDE2MS4xMjMuMTM2LjkzIA==
جزيرة ام اند امز
BE
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


خليج تايمز
منذ 10 ساعات
- خليج تايمز
رئيس إندونيسيا يؤدي العمرة ويصلي داخل الكعبة
اختتم الرئيس الإندونيسي "برابوو سوبيانتو"، الخميس، زيارته إلى المملكة العربية السعودية بأداء مناسك العمرة، مرتديا ملابس بيضاء بسيطة وحافي القدمين. كما صلى سوبيانتو طواعية داخل الكعبة المشرفة، في لفتة تحمل أهمية روحية عميقة للمسلمين، حيث أنها تمثل أقدس موقع في الإسلام ومركز العالم الإسلامي. يُعدّ أداء الصلاة داخل الكعبة فرصةً نادرةً وعظيمةً. ولأنّ المسلمين حول العالم يتجهون نحو الكعبة في صلواتهم اليومية (القبلة)، فإنّ دخولها والصلاة فيها يُعتبر لحظةً حميمةً من التواصل مع الله. وفي تعليقه على الزيارة، قال سوبيانتو: "بعد عقد اجتماع ثنائي مع رئيس وزراء المملكة العربية السعودية في جدة، واصلت رحلتي إلى مدينة مكة المكرمة لأداء مناسك العمرة مع عدد من وزراء الحكومة الحمراء والبيضاء". وأضاف الرئيس الذي شارك صورا من رحلته الدينية على X: "عند وصولي إلى المسجد الحرام، أتيحت لي الفرصة للقاء والترحيب بالحجاج الإندونيسيين الذين كانوا يؤدون عبادتهم في الأراضي المقدسة". إندونيسيا هي أكبر دولة ذات أغلبية مسلمة في العالم، حيث يشكل المسلمون 90% من سكانها البالغ عددهم 270 مليون نسمة. وخلال زيارة سوبيانتو، وقعت السعودية وإندونيسيا عدة صفقات ومذكرات تفاهم بقيمة نحو 27 مليار دولار بين مؤسسات القطاع الخاص في مجالات تشمل الطاقة النظيفة والبتروكيماويات، حسبما ذكرت وكالة الأنباء السعودية الرسمية يوم الأربعاء.


العين الإخبارية
منذ 16 ساعات
- العين الإخبارية
إنفلونسر الإسلام السياسي بألمانيا.. تغيير في الاستراتيجيات والتجنيد كلمة السر
لعبة خطرة يلعبها وجوه الإسلام السياسي على الإنترنت، تهدف إلى توسيع قاعدة مستهدفيها، ورفع معدل التأثير في الأجيال الأصغر سنا. وخلال العامين الماضيين، فرضت المجموعات الافتراضية المرتبطة بحزب التحرير؛ الذي يوصف بـ"المنشق عن الإخوان المسلمين" في تقارير الاستخبارات الألمانية، نفسها على الواقع السياسي في الدول الناطقة بالألمانية. إذ نشطت هذه المجموعات، خاصة "واقع الإسلام"، و"مسلم انتراكتيف" بشكل كبير على الإنترنت عبر وجوه متطرفة، وجذبت أتباعا جدد، ثم نزلت إلى الشارع فيما يشبه العروض العسكرية المنظمة، حيث نظمت مظاهرات رفعت شعار ما يسمى بـ" الخلافة". ويتعلق الأمر بثلاث مجموعات مؤثرة من ألمانيا: "جيل الإسلام"، و"واقع الإسلام"، و"مسلم انتراكتيف"، استخدمت خلال السنوات الماضية، العمل الاحترافي على وسائل التواصل الاجتماعي والتجمعات الحركية في العالم الحقيقي لمخاطبة جمهور مستهدف من الشباب في الغالب. ودأبت هذه المجموعات في السابق على تناول الشواغل الاجتماعية للمسلمين والتطورات السياسية الراهنة، من منظور العالم المغلق لمنظمة "حزب التحرير الإسلامية". وبفضل مظهرهم الشبابي المتميز، نجحوا في نشر أيديولوجية متشددة، مع المطالبة بالخلافة والشريعة، وكونوا قاعدة متابعين على الشبكات الاجتماعية في جميع أنحاء العالم الناطق بالألمانية. لكن في الأسابيع الماضية، حدث تغيير كبير في هذه المجموعات، يبدو منسقا وضمن خطة موضوعة مسبقا، للتكيف مع واقع الإنترنت، وتوسيع القاعدة المستهدفة. ماذا حدث؟ ففي شهري مايو/أيار ويونيو/حزيران 2025، غيرت المجموعات التابعة لحزب التحرير بشكل كبير من حضورها على الإنترنت، إذ تخلوا عن أشكال مجموعاتهم، واستبدلوها بقنوات مخصصة شخصية. وجرى حل قناة 'واقع الإسلام' من قبل المتحدث الرئيسي باسم المجموعة، ريموند صهيب هوفمان (اعتنق الإسلام منذ فترة طويلة)، في 19 مايو/أيار 2025 واستبدالها بقناة شخصية له. وفي سياق إضفاء الطابع الشخصي المصمم خصيصًا لشخصه، حذف المحتوى السابق لقناة 'واقع الإسلام'. ووفق دراسة حديثة نشرها مركز توثيق الإسلام السياسي في النمسا، للوهلة الأولى، بدت اللمسة الشخصية الجديدة في التواجد الإعلامي لـ"واقع الإسلام" كمناورة تواصل استراتيجية تهدف إلى تحسين إمكانية الوصول إلى الجمهور المستهدف عبر الإنترنت. لكن سرعان ما اتضح أن هذا التغيير نمطًا منسقا: فبعد أقل من أسبوعين، تبعها مجموعة 'جيل الإسلام' من هامبورغ لاعب آخر من نفس البيئة الأيديولوجية. و"جيل الإسلام" هي أكبر المجموعات التابعة لحزب التحرير وأقدمها في ألمانيا، تأسست في عام 2013 ونشطت منذ ذلك الحين، حتى إعلان حلها في مطلع يونيو/حزيران الماضي. وعلى الرغم من أن الجهات الفاعلة في "جيل الإسلام" اختارت مسارًا مختلفًا في التفاصيل، إلا أن التأثير كان واحدًا، إذ جرى استبدال قناتها، بقنوات شخصية للشخصيات الفاعلة، على منصات مختلفة. وسرعان ما تم تغيير اسم قناة جيل الإسلام على يوتيوب إلى 'أحمد تميم'، وهو اسم الممثل الأول لجيل الإسلام الذي كان مهيمنًا على المجموعة. ومرة أخرى، تم حذف جميع مقاطع الفيديو الخاصة بالمجموعة من القناة. وبالتالي، فإن التغيير في المظهر الخارجي لم يكن إجراءً منفردًا، بل كان على الأرجح جهدًا منسقًا. وهذا ما يشير إليه أيضًا المحتوى الذي أنشأه المؤثرون بعد تغيير أسماء القنوات. بالإضافة إلى ذلك، سرعان ما أصبح من الواضح أن شخصيات أخرى معروفة في هذه المجموعات تندفع أيضًا إلى التواجد الشخصي على الإنترنت، لكن ليس في منافسة مع بعضها البعض، بل بطريقة منسقة، بما في ذلك مشاركة المنصة في بعض الفيديوهات. لماذا التغيير؟ وبالتالي لم يكن التغيير على الأرجح بسبب خلافات داخلية، بل يجب أن يُنظر إليه في سياق أوسع، وفق الدراسة. وسواء كان التغيير بسبب عوامل داخلية أو خارجية، فقد تم استخدامه لتحديث وتحسين صورة هذه المجموعات الخارجية، بعد أن باتت تحت أنظار الأمن إثر تحركاتها المنظمة على الأرض. كما أن الحسابات الشخصية للأشخاص الممثلين للمجموعات تملك انتشارا أوسع في المشهد السلفي-الإسلاموي، أكبر بكثير من القنوات السابقة التي تحمل اسم المجموعات. ويتوافق تفكيك 'العلامات التجارية' المعروفة، والتحول إلى القنوات الشخصية، مع الاتجاه الحالي على الإنترنت نحو زيادة التخصيص وإضفاء الطابع الشخصي على المحتوى ومنشئي المحتوى. ويمكن ملاحظة ذلك من ناحية في القنوات المخصصة على مختلف المنصات، ومن ناحية أخرى في المحتوى الجديد الأكثر تفاعلية الذي يتم فيه طرح أسئلة على المستخدمين، مما يؤكد على القصة الفردية للأشخاص الذين يظهرون الآن على الإنترنت ويجعلها أكثر واقعية. هذا المحتوى الشخصي يمكن أن يثير فضول المتابعين حول الشخص الذي يقف وراء المحتوى، وبالتالي يزيد انتشاره أكثر بكثير من القنوات ذات العناوين العامة. ووفق الدراسة، فإن الصورة العامة المتغيرة لمجموعات حزب التحرير، لديها القدرة على جذب مجموعات جديدة من الأشخاص، ولا سيما المراهقين. كما أن للقنوات المتعددة في نفس السياق الأيدلوجي، أيضًا تأثيرا إيجابيا يتمثل في قدرتها على التفاعل مع بعضها البعض، وبالتالي تعزيز بعضها البعض، ما يحقق الهدف النهائي وهي التأثير على قطاع أوسع من الشباب، وتجنيد أكبر عدد منهم، وفق مراقبين. aXA6IDE2MS4xMjMuMTM2LjkzIA== جزيرة ام اند امز BE


العين الإخبارية
منذ يوم واحد
- العين الإخبارية
الحزب الديمقراطي والجدل بين الرأسمالية والاشتراكية
يبدو أن الولايات المتحدة ستشهد حدثًا نوعيًا في نيويورك خلال شهر نوفمبر/تشرين الثاني المقبل. فقد أحدثت الانتخابات التمهيدية للحزب الديمقراطي، التي فاز بها زهران ممداني للمنافسة على منصب عمدة ولاية نيويورك، ضجة غير مسبوقة في الوسط السياسي الأمريكي. والسبب وراء ذلك هو انتماءات ممداني الفكرية غير المقبولة لدى شريحة واسعة من الأمريكيين. وعلى وقع هذه الضجة الفريدة، توسع النقاش حول مستقبل هوية الحزب الديمقراطي، خصوصًا مع تنامي المؤيدين للاشتراكية بين أعضائه. وهنا يبرز سؤالان مهمان، هما: ما هي فرص فوز ممداني في انتخابات نوفمبر/تشرين الثاني 2025؟ وما تأثير ذلك على مستقبل الساحة السياسية الأمريكية بين الحزبين الجمهوري والديمقراطي في نوفمبر/تشرين الثاني 2026؟ إن مسألة انتخاب عمدة ولاية نيويورك لها دلالة مهمة، وذلك بسبب مكانة نيويورك الاقتصادية من ناحية، ووجود شريحة واسعة من اليهود - لا سيما في بروكلين ومانهاتن - من ناحية أخرى. ولعلّ الحيثيات التي توافرت في المشهد الانتخابي عبر تحالف ممداني مع براند لاندر، الذي انسحب من الانتخابات ووجّه ناخبيه بدعم الأول، ستشكل مسارًا جديدًا في واقع الساحة السياسية الأمريكية. لاندر ينتمي للطائفة اليهودية، وهو المراقب المالي للولاية، والخطوة التي قام بها اعتبرها المراقبون بمثابة التحالف الإسلامي-اليهودي داخل الحزب. ولعل من المهم الإشارة إلى أن هذا السلوك أصبح توجهًا جديدًا متصاعدًا بين التقدميين داخل الحزب الديمقراطي، وذلك بسبب آلية التصويت التفضيلي التي أدت إلى زيادة التعاون داخل الجناح الليبرالي-الاشتراكي بالحزب. وعلاوة على مسألة التحالفات، فإن ممداني يحظى بدعم مناوئي ترامب البارزين، كالسيناتور بيرني ساندرز، والنائبة التقدمية ألكسندريا أوكازيو كورتيس. كما أن دعم ممداني العلني لـ«الاشتراكية الديمقراطية» ضمن الجناح اليساري للحزب، أدى إلى زيادة مؤيديه، خصوصًا مع وعوده الانتخابية الملامسة للحياة اليومية للمواطن، كتوفير حافلات مجانية، والرعاية الشاملة والمجانية للأطفال، وغيرها. وعلى الرغم من التغطية الإعلامية الكبيرة التي حظي بها ممداني، وتفاؤل الديمقراطيين به، فإن التحديات التي سيواجهها في انتخابات نوفمبر/تشرين الثاني 2025 ستكون مثيرة، خصوصًا مع عدم الارتياح المتبادل بينه وبين الرئيس دونالد ترامب. فبعد الفوز الذي حققه ممداني، وصفه ترامب بـ«الشيوعي المجنون»، وتنامت أصوات الجمهوريين الذين شبهوا فوزه بأحداث الحادي عشر من سبتمبر. ونشر البعض الآخر تمثال الحرية وهو يرتدي «النقاب» في إشارة إلى أن نيويورك ستواجه الإسلام المتشدد - حسب وجهة نظرهم - مع ممداني. وبناء على هذه المعطيات، فإن الصدام الجمهوري-الديمقراطي قبل وبعد نوفمبر/تشرين الثاني القادم لا محالة، خصوصًا أن ولاية نيويورك تاريخيًا محسوبة على الديمقراطيين. فمنذ عام 1900 إلى 2025، تقلد منصب عمدة الولاية 14 ديمقراطيًا، و4 جمهوريين، واثنان مستقلان. وهذا الأمر بطبيعة الحال يعني أن مسألة فوز ممداني في انتخابات نوفمبر/تشرين الثاني المقبل مطروحة وبقوة، أي أن الساحة السياسية الأمريكية ستشهد صدامًا بين الولاية والحكومة الفيدرالية. إن تصريحات الرئيس ترامب، وتهديده بوقف تمويل ولاية نيويورك، لا شك أنها ستزيد من نسبة مناوئي ترامب لدى مؤيدي الحزب الديمقراطي. هذا الأمر ستطول تداعياته الانتخابات النصفية للكونغرس التي ستُعقد في نوفمبر/تشرين الثاني 2026. ففي الوقت الحالي، يحظى الجمهوريون بأغلبية مقاعد مجلسي الكونغرس، بواقع 220 للجمهوريين مقابل 212 للديمقراطيين (وثلاثة مقاعد شاغرة بسبب حالات وفاة وأسباب أخرى) في مجلس النواب، وبواقع 53 للجمهوريين، و45 للديمقراطيين، واثنين مستقلين، في مجلس الشيوخ. الأغلبية التي يحظى بها ترامب في الكونغرس قد تكون مهددة بعد الانتخابات النصفية القادمة، وذلك في ظل تنامي الخطاب المضاد لسياساته. وهذا التهديد سيتمثل بزيادة نسبة المشاركة في الانتخابات النصفية بين مؤيدي الحزب الديمقراطي، ما قد يُفقد الجمهوريين أغلبيتهم. وأي تغيير من هذا القبيل لا شك أنه سيؤثر على المسار التشريعي في البلاد، وهو الأمر الذي سيعرقل سياسات ترامب في الداخل. وفي المحصلة، فإن تصاعد الخطاب الاشتراكي يُنذر بخطورة التغيرات التي تمر بها الولايات المتحدة. وأن تشهد ولاية مثل نيويورك، ذات السمعة القوية في عالم الرأسمالية، قدوم عمدة «اشتراكي»، فإن ذلك يعني أن التوجهات الفكرية في الداخل الأمريكي ستختلف في الفترة المقبلة. والسؤال الذي يبرز هنا: هل الحرب الأيديولوجية التي كانت بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي السابق، سنشهدها بين الحزبين الجمهوري والديمقراطي، إن لم يكن سياسيًا فاقتصاديًا على الأقل؟