logo
ميناء غزة.. واجهة بحرية تحولت إلى أنقاض تحت القصف الإسرائيلي

ميناء غزة.. واجهة بحرية تحولت إلى أنقاض تحت القصف الإسرائيلي

الجزيرةمنذ 2 أيام
ميناء يطل على البحر الأبيض المتوسط ، دمرته إسرائيل كليا أثناء عدوانها على قطاع غزة الذي اندلع في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، وحولته إلى كومة من الحجارة.
وتحولت منطقة الميناء إلى بقعة خيام عشوائية للنازحين، وتتعرض بين الفينة والأخرى إلى القصف من الغواصات البحرية و الطائرات المسيرة الإسرائيلية.
وتقدر مساحة هذا الميناء بنحو كيلومتر مربع، ويغطي الجزء الشمالي الغربي من مخيم الشاطئ للاجئين غرب مدينة غزة، ويرتفع ما بين 17 و20 مترا عن مستوى سطح البحر.
الميناء قديما
يحتضن قطاع غزة منذ القدم، أحد أبرز الموانئ المطلة على البحر الأبيض المتوسط، والشريان الرئيس الذي يربطه بدول أوروبا، ففي عام 800 قبل الميلاد احتضن القطاع ميناء "أنثيدون"، الذي ظل سنوات طويلة محطة مهمة للتجارة في القطاع.
وفي فترة العصر الروماني في فلسطين ، الذي بدأ سنة 63 قبل الميلاد، أنشئ شمال غربي مدينة غزة ميناء "مايوماس" وهي كلمة مصرية تعني "المكان البحري".
وفي هذه الفترة، كانت تُصدر من ميناء غزة التوابل والأعشاب العطرية والبخور والأقمشة والزجاج والمواد الغذائية التي كانت تصل إليه على ظهور الجمال من جنوب شبه الجزيرة العربية عبر البتراء ، ومن ثم وادي عربة عبورا بصحراء النقب ثم إلى غزة.
تعطيل إسرائيلي
أصبح الميناء مدينة ساحلية مزدهرة، ومحطة مهمة للتجار حتى عام 1967 حينما احتلت إسرائيل قطاع غزة، فعطلت الميناء وحولت بحر غزة إلى منطقة عسكرية مغلقة يمنع الاقتراب منها.
وأثناء مفاوضات أوسلو بين منظمة التحرير الفلسطينية وإسرائيل عام 1993، طُرحت مسألة بناء ميناء بحري في غزة، وقتها ووعدت الدول الأوروبية ببنائه شمال القطاع.
وفي سبتمبر/أيلول سنة 1999، طرحت الفكرة مرة أخرى أثناء اتفاق شرم الشيخ بين المنظمة وإسرائيل، لتوافق الأخيرة على عملية البناء.
حلم وئد في مهده
عام 1999 أنشأت السلطة الوطنية الفلسطينية"سلطة الموانئ البحرية" التي تتمثل مهامها في توفير نظام نقل بحري في فلسطين ذي كفاءة وإمكانيات عالية عبر إنشاء وإدارة وتشغيل المرافق البحرية بما في ذلك الموانئ البحرية التجارية والسياحية والصيد.
إعلان
وأُصدر الرئيس الفلسطيني حينئذ ياسر عرفات المرسوم الرئاسي رقم (1) بتاريخ 30 أبريل/نيسان 2000، ونص على إنشاء ميناء في غزة يتبع لسلطة الموانئ البحرية.
وفي منتصف عام 2000، باشرت السلطة الفلسطينية في بناء الميناء وسط مدينة غزة بميزانية تبلغ نحو 83 مليون دولار.
وخُصصت أراضي حكومية قُدرت بحوالي ألفي دونم (الدونم= 100 متر مربع) لاستخدامات الميناء، بينما قُيّد استخدام حوالي 2500 دونم لتكون حرم الميناء.
وقد أشرفت شركة "بالاست نيدم" الهولندية على المشروع الذي وضع حجر أساسه الرئيس عرفات ورئيس فرنسا آنذاك جاك شيراك.
لم تدم فرحة الفلسطينيين كثيرا، فبعد اندلاع الانتفاضة الفلسطينية الثانية في سبتمبر/أيلول 2000 بأيام قصفت إسرائيل الميناء ودمرته.
استأنفت السلطة الفلسطينية بناء الميناء بعد الانسحاب الإسرائيلي أحادي الجانب من غزة عام 2005، وذلك بعدما حصلت على تعهد إسرائيلي بعدم تدميره مرة أخرى، على إثر اتفاقية المعابر بين الجانبين.
وعقب فوز حركة المقاومة الإسلامية (حماس) في الانتخابات التشريعية الفلسطينية عام 2006، فرض الاحتلال الإسرائيلي حصارا مشددا على القطاع وأدى ذلك إلى توقف عمل ميناء غزة.
وتصدر طلب إنشاء ميناء لغزة مطالب المقاومة الفلسطينية خلال مفاوضات وقف إطلاق النار غير مباشرة مع الاحتلال الإسرائيلي أثناء الحروب المختلفة على القطاع، غير أن الاحتلال كان يرفض في كل مرة مناقشة الفكرة بشكل قاطع.
خطط عدة
في فبراير/شباط 2014، كشف وزير النقل الفلسطيني حينئذ نبيل ضميدي أن السلطة الفلسطينية ومصر تعملان على خطط لبناء ميناء بحري في قطاع غزة، لكن المخطط لم ير النور.
وفي مارس/آذار 2017، اقترح وزير الاتصالات والاستخبارات في إسرائيل حينئذ يسرائيل كاتس إنشاء جزيرة تضم ميناء في ساحل القطاع، بحجة أن هذا المشروع "كفيل بإعفاء إسرائيل من المسؤولية عن غزة ويوفر للقطاع حلولا اقتصادية، كما أنه يدحض شكوى الفلسطينيين من الحصار المفروض".
ونص الاقتراح على إنشاء جزيرة مساحتها 8 كيلومترات مربعة، على أن تضم في مرحلة أولى ميناء للمسافرين يخضع لرقابة أمنية دولية ومطارا مستقبليا لكن حكومة بنيامين نتنياهو -المطلوب لدى المحكمة الجنائية الدولية – رفضت المقترح.
وفي21 يونيو/حزيران 2018، أعادت الحكومة الإسرائيلية مناقشة فكرة الميناء، بعد أن طرحها وزير الدفاع الإسرائيلي حينئذ، أفيغدور ليبرمان ، في زيارته إلى قبرص.
خطوة رمزية
في يناير/كانون الثاني 2017، اتخذت الهيئة الوطنية لكسر الحصار وإعادة الإعمار واللجنة الحكومية لكسر الحصار في غزة خطوة رمزية عندما أعلنت البدء في أعمال تأهيل ميناء غزة الدولي، استعدادا لانطلاق أول سفينة تقل مرضى وجرحى إلى أحد الموانئ الأوروبية.
ووضعت في ميناء غزة لافتات كُتب عليها "مكان الوصول" وأخرى "مكان المغادرة"، وفي مكان آخر "مكتب التسجيل للسفر وختم الجوازات"، للضغط على الأطراف المحاصرة.
إعلان
وقالت الهيئة الوطنية لكسر الحصار، إنها اتفقت مع مقاولين على "تنفيذ أعمال بناء بهدف البدء الفعلي لإنشاء الميناء الدولي الذي سيكون نافذة غزة إلى العالم في ظل استمرار الحصار الإسرائيلي على القطاع".
وأوضحت الهيئة أنها تواصلت مع العديد من الموانئ الأوروبية التي أبدت موافقتها على إنشاء الميناء البحري في غزة والتعامل معه؛ لكن هذا الأمر لم ير النور.
تدمير كامل
وتعرض ميناء غزة القديم إلى تدمير كامل أثناء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة الذي بدأ في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، إذ قصف طيران الاحتلال البنية التحتية له بشكل مباشر، مخلفا دمارا هائلا في أرصفته ومرافقه الحيوية.
ووفقا لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والتعليم والثقافة (يونسكو)، فإنه أثناء العدوان على القطاع، تعمدت إسرائيل تدمير بقايا ميناء غزة القديم "أنثيدون" التي تشمل الجزء الشمالي الغربي من مخيم الشاطئ للاجئين ومنطقة المشتل.
وقالت اليونسكو إن منطقة الميناء كانت مؤهلة للانضمام إلى قائمتها التمهيدية للتراث العالمي، إثر طلب تقدم به الوفد الدائم لفلسطين لدى المنظمة في أبريل/نيسان 2012.
وقد اضطر آلاف النازحين من شمال القطاع للجوء إلى الميناء، الذي تحول إلى بقعة خيام عشوائية تتعرض بين الفينة والأخرى إلى قصف الغواصات البحرية والطائرات المسيرة الإسرائيلية.
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

خط الدفاع الأول في كشف انتهاكات قوانين الحرب
خط الدفاع الأول في كشف انتهاكات قوانين الحرب

الجزيرة

timeمنذ دقيقة واحدة

  • الجزيرة

خط الدفاع الأول في كشف انتهاكات قوانين الحرب

تحمل التقارير اليومية الواردة من غزة والسودان وجمهورية الكونغو الديمقراطية وغيرها من مناطق النزاع صورا مروعة وادعاءات بإلحاق الضرر بالمدنيين وتدمير البنى التحتية وانتهاك قوانين الحرب. ومع ذلك، غالبا ما يغيب الوضوح بشأن ما يحدث بالفعل وراء العناوين الرئيسة. وتلوح في الأفق هنا فرصة مهمّة يتم اللجوء إلى آليات المساءلة الرسمية، مثل المحاكم أو هيئات تقصّي الحقائق الدولية. ففي هذه المرحلة المبكرة، غالبا ما تتولى وسائل الإعلام دورا محوريا في تحديد الانتهاكات المحتملة للقانون الدولي الإنساني وتقييمها والتواصل بشأنها علنا. وغالبا ما تظهر فجوة كبيرة بين ما يحظره القانون الدولي الإنساني فعليا وما يعتبره الجمهور غير قانوني. فبالنسبة لكثيرين، يبدو الهجوم على مستشفى أو مدرسة عملا إجراميا واضحا. غير أن القانون الدولي الإنساني يتطلب حدودا وشروطا قانونية محددة قد تحدّ من إمكانية الخروج بمثل هذه الاستنتاجات المباشرة. وينبع هذا التعقيد من 3 عناصر رئيسية: أولا، في سير الأعمال العدائية ، قد يكون الضرر الناجم أقل أهمية من نية المهاجم وإدراكه. والأمر الحاسم هنا هو أن الطرف المهاجم وحده هو الذي يمتلك عادة المعلومات الاستخباراتية الأساسية، ومبرّرات الاستهداف، والتقييمات في الوقت الحقيقي، مما يجعل من الصعب على أطراف ثالثة الحكم على قانونية الهجوم. ثانيا، قد يفقد الأفراد والأعيان الذي يحظون عادة بالحماية بموجب القانون الدولي الإنساني -مثل المدنيين أو المستشفيات- هذه الحماية إذا استُخدمت لأغراض عسكرية. إنه فارق بسيط يتعارض في كثير من الأحيان مع توقعات الجمهور. ثالثا، يتيح القانون الدولي الإنساني اقتراف أخطاء غير مقصودة، فإذا تعرّض المدنيون للأذى رغم اتخاذ الاحتياطات المعقولة وعدم استهدافهم عمدا، قد لا يرقى هذا الأمر الى مستوى الانتهاك. وفي حين قد يثير تحديد أنماط السلوك الشكوك حول مثل هذه الادعاءات، فإن هذا المجال يبقى رماديا وغير مجزوم. لهذا السبب، يُعتبر التحقّق من انتهاكات القانون الدولي الإنساني في ضوء هذه الأمور المتأصلة أمرا صعبا. ومع ذلك، لا ينبغي الخلط بين هذه الصعوبة والاستحالة. علاوة على ذلك، ليس من حق أي جهة مستقلة أن تثبت وجود انتهاك واضح بشكل لا لبس فيه، فقط للفت الانتباه إلى سلوك مثير للقلق. إنها لمسألة تكتسي أهمية خاصة في أعقاب هجوم ما، لأن هذه المعلومات -مثل ما تتناوله وسائل الإعلام- قد تثير الانتباه وتفضي إلى إنشاء آلية دولية لتقصي الحقائق، أو حتى إثارة اهتمام المحاكم، كالمحكمة الجنائية الدولية. الدور الفريد لوسائل الإعلام نادرا ما يتم الاعتراف بالسلوك السيئ دون وجود أدلة خارجية دامغة. وتؤدي وسائل الإعلام دورا حاسما في الكشف عن الانتهاكات المحتملة للقانون الدولي الإنساني ولفت الانتباه إليها. ففي كثير من الأحيان، توفّر التقارير الميدانية التحذيرات الأولى بشأن سلوك غير قانوني. ويتمتّع الصحفيون بمكانة فريدة تمكّنهم من التعبير عن رأي المدنيين والناجين ونقل شهادات الشهود المحليين التي قد تضيع في خضم النزاع. فهذه الروايات توفّر سياقا إنسانيا حيويا وتتحدّى الروايات الرسمية التي تسعى إلى إخفاء الإجراءات المتنازع عليها أو تبريرها. لا يقتصر دور الإعلام المستقل على مجرد الشهادة، بل يمكنها ممارسة الضغط على المستوى الوطني والإقليمي والدولي. فقد أثارت تقارير استقصائية تحقيقات رسمية وعقوبات وأثارت غضبا عالميا. وقد أدّت الصحافة باستمرار دورا محوريا في الكشف عن الانتهاكات والحثّ على المساءلة، بدءا بمذبحة ماي لاي في فيتنام، وصولا إلى أبو غريب في العراق أو الفظائع في بوتشا في أوكرانيا. تُعد هذه الوظيفة حيوية بشكل خاص عندما تزعم الأطراف المتحاربة أن المواقع المدنية -مثل المستشفيات أو المدارس- استُخدمت لأغراض عسكرية. ففي كثير من الأحيان، وحدها وسائل الإعلام تطالب بالأدلة وتختبر مصداقية مثل هذه التبريرات. فمن دون هذا التدقيق، قد يتحوّل "التصرّف بطريقة مشبوهة" إلى دفاع شامل عن الهجمات غير القانونية. ومن الأمثلة الأخيرة على ذلك، موظفو الهلال الأحمر الفلسطيني (رابط)، إذ أشارت تقارير أولية إلى أن موظفي الإغاثة كانوا يتصرّفون بطريقة مشبوهة، وربما حتى مهددة، حيث كانوا يقودون سياراتهم دون أضواء، وما إلى ذلك. وفي وقت لاحق فقط، ظهرت لقطات من كاميرا مثبّتة على جسد أحد الضحايا لتدحض هذا الادعاء. ولولا ذلك، لكان الاهتمام الدولي -وأي استجابة رسمية- أكثر محدودية على الأرجح. رغم دورها الجوهري وأهميتها، أصبحت تغطية انتهاكات القانون الدولي الإنساني أكثر خطورة. ففي كثير من الأحيان، يتعرّض الصحفيون في مناطق للاستهداف والرقابة والمضايقة، بل للقتل العمد في بعض الأحيان لإسكات أصواتهم والتخلّص من التدقيق. ويبقى الوصول إلى المعلومات تحديا كبيرا، ذلك أن الحكومات والجماعات المسلّحة قد تقيّد دخول المراسلين أو تفرض رقابة مشددة على تحرّكاتهم. ويتم دمج بعض الصحفيين في وحدات عسكرية ويخضعون للرقابة، مما يحدّ من الاستقلالية، في حين يواجه آخرون، لا سيّما المساعدون المحليون والصحفيون المستقلون، مخاطر شديدة على ضوء قلة الحماية والدعم. إلى جانب المخاطر الجسدية، يعمل المراسلون في بيئة إعلامية معادية. وتهدف حملات التضليل التي غالبا ما ترعاها الدولة إلى تشويه سمعة الصحافة المشروعة، وتقويض الثقة، ونزع الشرعية عن القصص التي تم التحقّق منها. وتساهم أساليب التحرش والتشهير عبر الإنترنت في زيادة عزلة أولئك الذين يحاولون الإبلاغ عن الحقيقة. صحيح أن مراسلي الحرب والمساعدين المحليين يتمتّعون بشجاعة قوية، غير أن المخاطر التي يواجهونها شديدة هي الأخرى. فهم يعملون عند تقاطع العنف والسياسة والحقيقة، وغالبا ما يفتقرون إلى الحماية الكافية أو التقدير المستحق أو سبل انتصاف مواتية عندما تسوء الأمور. دعوة للدفاع عن وسائل الإعلام وتمكينها في عصر أصبحت فيه قواعد الحرب غامضة بسبب الارتباك والدعاية والفوضى، تبقى وسائل الإعلام المستقلة خط دفاع هشّ ولو أنه أساسي ضد الإفلات من العقاب. صحيح أن الصحفيين لا يستطيعون وقف العنف، غير أنهم قادرون على كشف عواقبه، وتحدي السرديات الرسمية، وكشف الحقائق المدفونة، وإرساء أسس المساءلة. وإذا كنا جادين في احترام القانون الدولي الإنساني، علينا أيضا أن نكون جادين في حماية أولئك الذين يكشفون عن انتهاكاته. وهذا يعني الذهاب إلى أبعد من مجرد الدعم الخطابي من خلال الاستثمار الملموس في سلامة الصحفيين، وتوفير الحماية القانونية لحرية الصحافة، وإظهار التضامن الدولي مع أولئك الذين يخاطرون بكل ما لديهم لتغطية الأحداث من الخطوط الأمامية. إن جرائم الحرب، في غياب الشهود، تتحوّل بسهولة إلى شائعات. ومن دون الحقيقة، تتلاشى العدالة في صمت مطلق. —————————————– * مدير مركز القانون الدولي الإنساني في ستوكهولم

ماذا بعد سحب الصلاحيات الفلسطينية من المسجد الإبراهيمي؟
ماذا بعد سحب الصلاحيات الفلسطينية من المسجد الإبراهيمي؟

الجزيرة

timeمنذ دقيقة واحدة

  • الجزيرة

ماذا بعد سحب الصلاحيات الفلسطينية من المسجد الإبراهيمي؟

الخليل- في تغيير غير مسبوق بثاني أهم معلم ديني إسلامي، في الضفة الغربية، قالت صحيفة "يسرائيل هيوم" العبرية إن سلطات الاحتلال وبتعاون مع مجلس مستوطنة كريات أربع المقامة على أراضي مدينة الخليل، قررت نزع صلاحية إدارة المسجد (الحرم) الإبراهيمي في المدينة من الجانب الفلسطيني لمصلحة المستوطنين. وعلى الصعيد الفلسطيني، نفت أوساط رسمية إبلاغها من الجانب الإسرائيلي بأي قرار، لكن الصحيفة قالت في خبرها المنشور مساء أمس الثلاثاء إن من شأن القرار "إجراء تغيير كبير في الوضع القائم" في المسجد، مشيرة إلى نزع الصلاحيات من وزارة الأوقاف الفلسطينية وبلدية الخليل لمصلحة المجلس الديني في المستوطنة. ويُنسب المسجد إلى النبي إبراهيم عليه السلام، وتشير المصادر التاريخية إلى أن قبره يقع في مغارة أسفل المسجد، كما دُفنت معه زوجته سارة، إضافة إلى الأنبياء إسحاق وإسماعيل ويعقوب ويوسف وزوجاتهم، وبنيت حجرات بأسمائهم فوق قبورهم داخل المسجد. صلاحيات الأوقاف ويأتي القرار الإسرائيلي بعد سلسلة خطوات متدحرجة منذ احتلال الضفة عام 1967 أخذت منحا لافتا بعد مجزرة عام 1994 التي ارتكبها المستوطن باروخ غولدشتاين، وأودت بحياة 29 فلسطينيا، إذ اقتطعت سلطات الاحتلال نحو ثلثي المسجد وحولته إلى كنيس، ثم تواصلت خطوات الهيمنة على المسجد بشكل حثيث بالتزامن مع حرب الإبادة منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023. ووفق الصحيفة الإسرائيلية، فقد جرى نقاش الاثنين الماضي بقيادة وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس ، تم خلاله حل عائق قانوني (لم تذكره) لم يسمح بمصادرة صلاحيات بلدية الخليل والأوقاف، وتقرر منحها للمجلس الديني الاستيطاني. من جهته، قال مدير المسجد الإبراهيمي الشيخ معتز أبو اسنينة، للجزيرة نت، إن الجانب الفلسطيني لم يبلغ رسميا حتى الآن بأي قرارات أو إجراءات من قبل الاحتلال، مضيفا "نمارس عملنا كالمعتاد، وكل شيء طبيعي من دون تغيير". وعن صلاحيات الأوقاف بالمسجد والتي بدأت مع تأسيس السلطة الفلسطينية عام 1994، ذكر الإشراف على المسجد وإدارته بكافة مرافقه، بما في ذلك الحراسة والتنظيف والخدمات والترميم والكهرباء والمياه، وكذلك الصلاة والخطب والدروس، وأنها "ما زالت على حالها من دون تغيير (حتى ظهر الأربعاء)". ومع ذلك، أشار إلى مضايقات تعرض لها الموظفون والمصلون اليوم الأربعاء، ضمن سلسلة مضايقات تزايدت في الشهور الأخيرة. وتبلغ مساحة المسجد الإبراهيمي نحو 2040 مترا مربعا، وتحيط به جدران ضخمة من الحجر الجيري الأبيض، ويقع في البلدة القديمة التي ظلت خاضعة للسيطرة الإسرائيلية الكاملة بموجب اتفاق الخليل بين منظمة التحرير الفلسطينية وإسرائيل عام 1997. ونص الاتفاق على التزام "الطرفين بصورة متساوية بالحفاظ على الطابع التاريخي للمدينة وحمايته بطريقة لا تضر أو لا تغير هذا الطابع في أي جزء من المدينة" مع الحفاظ على النظم البلدية السارية. كما أكد المسؤولية الفلسطينية عن خدمات البنية التحتية من مياه وصرف صحي وكهرباء واتصالات، وأنه "للجانب الإسرائيلي أن يطلب من الجانب الفلسطيني -بواسطة مكتب الارتباط المدني اللوائي- أن تقوم البلدية بأشغال طرق أو بنية تحتية في المنطقة الخاضعة لسيطرته". أسبقيات وهذه ليست المرة الأولى التي يجري فيها الحديث عن سحب صلاحيات الأوقاف، ففي 26 فبراير/شباط 2025 قالت وسائل إعلام فلسطينية إن السلطات الإسرائيلية أبلغت إدارة الحرم بأن الأعمال فيه نُقلت من وزارة الأوقاف الفلسطينية إلى ما تسمى هيئة التخطيط المدني الإسرائيلي. ويأتي قرار سحب الصلاحيات الفلسطينية تتويجا لسلسلة إجراءات تزامنت مع العدوان على غزة. فخلال المواجهة مع إيران ، أغلقت سلطات الاحتلال المسجد في 13 يونيو/حزيران 12 يوما، ومنعت دخول موظفيه أو المصلين إليه. وقبل ذلك منعت فتح كامل أروقة المسجد للمصلين أيام الجمعة من رمضان وفي ليلة القدر والعيدين، خلافا لما جرت عليه العادة منذ 1994 حيث يفتح كاملا أمام المصلين، بما فيه القسم المستولى عليه، 10 أيام في العام هي مناسبات دينية، وفي المقابل منعت دخول المصلين إليه في المناسبات والأعياد اليهودية. ووسط دعوات مسؤولين إسرائيليين لتأميم المسجد والسيطرة عليه، قامت سلطات الاحتلال في 11 يوليو/تموز 2024 بسقف صحن المسجد (جزء غير مسقوف) بألواح من الصفيح، قبل إزالتها لاحقا، ثم في 7 أبريل/نيسان 2025 أبعدت الشيخ معتز أبو اسنينة وموظفا آخر لمدة أسبوعين، وقامت بإغلاق بعض أجزائه بأقفال، بما في ذلك غرفة الأذان ومكتب دائرة الأوقاف الإسلامية. وفي 10 يونيو/حزيران 2025 أغلقت سلطات الاحتلال لوحة الكهرباء بالمسجد بالأقفال في خطوة اعتبرتها وزارة الأوقاف "محاولة للسيطرة الكاملة على الحرم"، مؤكدة أن "إدارة هذه الخزائن تقع ضمن صلاحيات الأوقاف فقط، ولا يحق للاحتلال التدخل فيها". وبحسب تقرير سنوي لوزارة الأوقاف الفلسطينية، فقد منع الاحتلال رفع الأذان في المسجد الإبراهيمي 674 مرة تقريبا خلال 2024، وأغلقه 10 مرات خلال الفترة ذاتها. تحذير فلسطيني حذرت وزارة الخارجية والمغتربين الفلسطينية، في بيان وصل إلى الجزيرة نت، من "تداعيات فرض السيطرة الاستيطانية على الحرم الإبراهيمي الشريف"، مؤكدة أنها تتابع "ما تناقله الاعلام العبري بشأن نقل صلاحيات إدارة الحرم الإبراهيمي الشريف والإشراف عليه من بلدية الخليل إلى مجلس استيطاني". واعتبرت الخطوة "غير المسبوقة في إجراءات الاحتلال لفرض سيادته على الحرم وتهويده وتغيير هويته ومعالمه بالكامل (…) انتهاكا صارخا للقانون الدولي والقرارات الأممية ذات الصلة"، مطالبة اليونسكو والمجتمع الدولي بالتدخل العاجل "لوقف تنفيذ هذا القرار فورا". ومن جهته، نفى رئيس بلدية الخليل تيسير أبو اسنينة، في بيان صحفي، تسلّم أي قرار من الجانب الإسرائيلي "بشكل رسمي"، مضيفا "من حيث المبدأ فإننا نرفضه جملة وتفصيلًا، ونعتبره عدوانًا سياسيا وثقافيا ودينيا على مدينة الخليل". وقال إن سحب الصلاحيات "خطوة تهدف إلى تهويد الحرم الإبراهيمي ومحيطه وفرض سيادة احتلالية غير شرعية على أحد أقدس المعالم الإسلامية"، مشيرا إلى أن "الحرم الإبراهيمي، المسجّل على قائمة التراث العالمي الإنساني، هو ممتلك حضاري إنساني وملكية فلسطينية خالصة". وسجلت فلسطين في 2017 كلا من البلدة القديمة في الخليل والمسجد على قائمة التراث العالمي لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو) وعلى قائمة التراث العالمي "المهدد بالخطر". مكاسب على الأرض وعن مغزى القرار الإسرائيلي وتوقيته، يقول الصحفي والمحلل السياسي أكرم النتشة من مدينة الخليل إنه يأتي "للهيمنة على المسجد"، موضحا أن "عملية الضم الفعلي للمسجد بدأت وربما يكون القرار اتخذ بالفعل خلال جائحة كورونا عام 2020". وفي ذلك الوقت -يضيف النتشة في حديثه للجزيرة نت- مارست الإدارة المدنية بعض الإجراءات "وأصبح الاحتلال يتعامل مع المسجد كأي دار عبادة داخل الخط الأخضر ، ويتدخل في أوقات فتحه وإغلاقه". وتابع أن نزع صلاحيات الأوقاف يأتي في سياق أوسع تم خلاله نزع العديد من الصلاحيات الفلسطينية في البلدة القديمة من الخليل، ومنها خدمات كهرباء ومياه وبنية تحتية، ثم تأسيس مجلس للمستوطنين عام 2017 وضمه لمستوطنة كريات أربع. ويوضح النتشة أن القرار الأخير يعدّ "الذروة" في سلسلة الإجراءات، حيث يجري استغلال انشغال العالم بالحرب على غزة للتوسع في تحقيق مكاسب على الأرض في الضفة. الأقصى لاحقا ولفت النتشة إلى أن ما يحدث في الحرم الإبراهيمي اليوم حالة متقدمة لما يجري في المسجد الأقصى"فما يجري في الأقصى اليوم من تقسيم زماني وتحديد أوقات للاقتحامات كان يجري في الحرم قبل عام 1987، ثم توسع إلى اقتطاع جزء منه واليوم يأتي سحب صلاحيات الأوقاف، مما يهدد الأقصى في المستقبل بإجراءات مماثلة". وذكر من التغييرات التي تمس الوضع القائم: "اقتطاع 60% منه لمصلحة المستوطنين، إقامة بوابات إلكترونية، إحاطته بالحواجز العسكرية، تركيب مصعد كهربائي، إجراء حفريات في محيطه". وأشار النتشة إلى أن نزع الصلاحيات الذي يجري الحديث عنه "يتعلق بمبنى المسجد المخصص للصلاة وأغلبه مسقوف، ولا يتعلق بمحيطه وما هو خارج جدرانه والذي يخضع لهيمنة الاحتلال وعبثه منذ سنوات طويلة". ولا يرى المحلل الفلسطيني أن وزارة الأوقاف وحدها قادرة على مواجهة القرار الإسرائيلي، مشددا على أن المطلوب من المستوى السياسي، المنهك سياسيا واقتصاديا، خطوات تتجاوز بيانات الشجب والاستنكار والمناشدة.

التطورات في سوريا مباشر.. إسرائيل تقصف مؤسسات مهمة في دمشق
التطورات في سوريا مباشر.. إسرائيل تقصف مؤسسات مهمة في دمشق

الجزيرة

timeمنذ 2 ساعات

  • الجزيرة

التطورات في سوريا مباشر.. إسرائيل تقصف مؤسسات مهمة في دمشق

كثفت إسرائيل اليوم الأربعاء غاراتها على مؤسسات مهمة بالعاصمة دمشق ومواقع حكومية في السويداء جنوب البلاد، في حين قال وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس إن ما سماها الهجمات المؤلمة على سوريا بدأت.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store