logo
الأمن السيبراني بالمغرب بين إختراق المعطيات الشخصية وهشاشة الحماية القانونية، دعوة إلى مراجعة القانون 08/09.

الأمن السيبراني بالمغرب بين إختراق المعطيات الشخصية وهشاشة الحماية القانونية، دعوة إلى مراجعة القانون 08/09.

أكادير 24١٣-٠٤-٢٠٢٥
أكادير24 | Agadir24
في زمن ختزل فيه السلطة في من يملك القدرة على الوصول إلى المعلومة، لم تعد تهديدات الأمن تقتصر على السلاح التقليدي أو العنف المادي، بل باتت تأخذ أشكالا أكثر خفاءا وأشد إختراقا، تستهدف الوعي الجمعي، وتقوض الثقة في المؤسسات، وتنخر السيادة من بوابة الفضاء الرقمي.
لقد أصبح الأمن السيبراني اليوم خط الدفاع الأول لحماية المواطن وأمن الدولة، لا سيما حين تكون المعطيات ذات الطابع الشخصي هي نقطة الضعف الأكثر حساسية، والباب الخلفي الأخطر الواجب حمايته.
إن القانون رقم 08.09، بوصفه الإطار التشريعي الناظم لمعالجة المعطيات ذات الطابع الشخصي بالمغرب، يعد مكسبا تشريعيا لا يستهان به من حيث المبدأ، إذ يؤسس لجملة من الحقوق والضمانات التي تحمي الأفراد من الاستعمال الجائر أو غير المشروع لمعلوماتهم الخاصة، ويحدث أجهزة رقابية مستقلة ، متمثلا في اللجنة الوطنية لمراقبة حماية المعطيات ذات الطابع الشخصيCNDP ، و المديرية العامة لأمن نظم المعلومات DGSSI التابعة لإدارة الدفاع الوطني، وهي الهيئة المكلفة بتأمين البنيات التحتية الحساسة، و الوكالة الوطنية لتقنين الاتصالات ANRT والتي تلعب دورا في وضع الإطار العام للأمن السيبراني.
غير أن هذا البناء القانوني، وإن بدا متماسكا على مستوى النص، سرعان ما تنكشف هشاشته أمام إختبار الواقع، خصوصا في ظل تواتر حوادث الاختراق الرقمي، والتي كان أبرزها، الإختراق غير المسبوق لموقع الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، حيث طالت يد العابتين قاعدة بيانات تشمل معطيات حساسة لملايين المواطنين المغاربة وحتى بعض الأجانب المرتبطين بعقود خاصة مع الدولة والمؤسسات الخاصة. حدث ليس معزول عن سياق دولي متسارع تتعاظم فيه حروب البيانات، ويستبدل فيه التجسس التقليدي بالتحكم في الخوارزميات، ويغدو فيه المواطن مادة خامة في سوق المعلومات، وساحة تجريب في معركة السيطرة على العقول وصناعة القرارات. فمن الاسم الكامل إلى العنوان ورقم الهاتف، ومن التصورات السياسية إلى السلوك الاستهلاكي، تتحول البيانات الشخصية إلى عملة صعبة تباع وتشترى، وتستعمل في الابتزاز الرقمي، والتأثير على الإنتخابات، وتوجيه الرأي العام، بل وحتى في خلق نزاعات داخلية تهدد الأمن والاستقرار.
فالخلل هنا لا يكمن فقط في ثغرات الأنظمة المعلوماتية، بل في بنية الوعي العام، وفي بطئ الدولة في إدراك التحول الجذري الذي تعرفه التهديدات الأمنية، وفي محدودية الترسانة القانونية التي لم تعد تواكب طموحات الرقمنة ولا مخاطرها. فالإختراق لا يقاس بعدد الحسابات المسربة فقط ، بل بمدى القدرة على تحويل هذه البيانات إلى أدوات للضغط والسيطرة، خاصة مع تنامي قدرات الذكاء الإصطناعي، ليصبح خطر التلاعب النفسي والسلوكي أكبر من مجرد سرقة رقم إنخراط أو رقم بطاقة تعريف وطنية.
فلم يعد مقبولا اليوم أن يترك المواطن وحيدا في ساحة معركة غير مرئية، ويطلب منه أن يكون حارسا لبياناته دون تمكينه من الوسائل القانونية والتقنية لذلك. كما لا يمكن للدولة أن تكتفي بردود فعل مناسباتية، بل يتعين عليها وضع سياسة سيبرانية شاملة، تتجاوز الطابع التقني الضيق إلى تصور سيادي شامل، يعيد الاعتبار للخصوصية بوصفها حقا دستوريا ومكونا من مكونات الكرامة الإنسانية.
إن الأمن السيبراني ليس ترفا مؤسساتيا، ولا قضية تقنية تحال إلى الخبراء فحسب، بل هو سؤال سياسي بامتياز، تتقاطع فيه قضايا السيادة، والحريات الفردية، والمصلحة العامة، وحقوق الإنسان. ومن هذا المنطلق، فإننا ندعوا إلى مراجعة القانون 08.09 وتحيينه وفق المعايير الدولية والمعطيات المستجدة، كما نأمل أن تعمل الدولة على تجويد أداء المؤسسات المكلفة بحماية الأمن السيبراني الوطني وأن تضخها بكفاءات وطنية جديدة ، فأي تفريط في السيادة الرقمية وتهاون في صون الأمن المعلوماتي ، هو تهديد مباشر لأمن وسيادة الوطن .
ذ/ الحسين بكار السباعي
محام بهيئة المحامين بأكادير والعيون مقبول لدى محكمة النقض
باحث في الإعلام والهجرة وحقوق الإنسان.
النائب الأول لرئيس المرصد الوطني للدراسات الإستراتيجية.
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

الجدل يرافق رسوبا جماعيا لمجموعة من التلاميذ في الباكالوريا
الجدل يرافق رسوبا جماعيا لمجموعة من التلاميذ في الباكالوريا

أكادير 24

timeمنذ 44 دقائق

  • أكادير 24

الجدل يرافق رسوبا جماعيا لمجموعة من التلاميذ في الباكالوريا

agadir24 – أكادير24 احتجت مجموعة من الأسر بجماعة أجلموس، التابعة لإقليم خنيفرة، عقب صدور نتائج الدورة الاستدراكية لامتحانات الباكالوريا، والتي أسفرت عن رسوب مجموعة من التلاميذ. وبحسب ما أكدته مصادر مقربة من أولياء الأمور، فقد فوجئ عدد كبير من التلاميذ برسوبهم رغم اجتيازهم الدورة الاستدراكية، رغم ما وصفته الأسر بمجهودات مكثفة بذلها أبناؤهم بعد رسوبهم في الدورة العادية. وأكدت ذات المصادر أن النسبة العامة للنجاح بثانوية مولاي رشيد التأهيلية، التي ينتمي إليها التلاميذ المعنيون، توقفت عند 66%، مشيرة إلى أن هذه النسبة لا تعكس واقع التحصيل. وذكرت المصادر نفسها نقلا عن بعض الأسر أن الرسوب شمل حوالي 17 تلميذا وتلميذة، جرى الاشتباه في ضلوعهم في حالة غش جماعي في مادة الفيزياء، خلال الامتحانات الاستدراكية. ودفعت هذه الفرضية الأسر المذكورة إلى التشكيك في طريقة تدبير هذا الملف، متسائلة عن أسباب تغييب التحقيق الإداري أو فتح باب التظلم أمام التلاميذ المعنيين. وتفاعلا مع هذا الموضوع، كشف الفاعل النقابي كبير قاشا، عن الجامعة الوطنية للتعليم التوجه الديمقراطي، أن نقابته سبق أن نبهت إلى ما وصفه بـ 'النفخ غير المبرر في النتائج' هذا العام، وأبلغت بذلك المديرية الإقليمية دون تصعيد، حفاظا على أجواء الاستحقاقات، قبل أن تتفاجأ بظهور عدد كبير من حالات الغش التي تطرح تساؤلات عميقة حول صدقية العمليات المرتبطة بالامتحانات. واعتبر قاشا أن تحميل المسؤولية لأساتذة الحراسة أو رئيسة المركز بشكل فردي هو 'نظرة سطحية'، محملا المسؤولية الكاملة للمديرة الإقليمية بخنيفرة، واصفا الواقعة بكونها 'سابقة خطيرة لم يعرفها الإقليم من قبل'، على حد تعبيره. وطالبت النقابة وزارة التربية الوطنية والأكاديمية الجهوية بتفعيل مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة، مع الدعوة إلى مساءلة الإدارة الإقليمية عن الاختلالات المحتملة، بدل تحميل الأساتذة والمراقبين وحدهم تبعات ما جرى. وفي مقابل ذلك، أفادت مصادر تربوية من داخل المؤسسة أن الإجراءات المتخذة جاءت في إطار تشديد الرقابة خلال الدورة الاستدراكية لامتحانات البكالوريا، بعد تواتر مظاهر الغش في السنوات الأخيرة. وأكدت ذات المصادر أن عملية التصحيح كشفت عن تشابه كبير في أجوبة مجموعة من التلاميذ، ما دفع الحهة المختصة إلى تفعيل المساطر القانونية المعمول بها في مثل هذه الحالات. يذكر أن وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة كشفت في بلاغ لها أن عدد المترشحات والمترشحين الممدرسين في التعليم العمومي والخصوصي الذين اجتازوا بنجاح امتحانات نيل شهادة البكالوريا، بمجموع الدورتين العادية والاستدراكية معا برسم دورة 2025، بلغ 311 ألفا و 625 ناجحة وناجحا. وأوضح بلاغ للوزارة، يوم السبت الماضي، أن نسبة النجاح بمجموع الدورتين بلغت 83,3 في المائة مقابل 84,1 في المائة في دورة 2024، مسجلة بذلك تراجعا طفيفا بـ 0,8 نقطة مائوية.

حملات تطهيرية مكثفة للدرك الملكي بإنزكان لمكافحة الاستعمال العشوائي للدراجات النارية
حملات تطهيرية مكثفة للدرك الملكي بإنزكان لمكافحة الاستعمال العشوائي للدراجات النارية

أكادير 24

timeمنذ 44 دقائق

  • أكادير 24

حملات تطهيرية مكثفة للدرك الملكي بإنزكان لمكافحة الاستعمال العشوائي للدراجات النارية

agadir24 – أكادير24 في إطار الجهود المتواصلة لتعزيز السلامة الطرقية ومكافحة مظاهر الفوضى التي يتسبب فيها الاستعمال العشوائي للدراجات النارية، باشرت مصالح الدرك الملكي بسرية إنزكان، بتعليمات مباشرة من السيد قائد السرية، حملات تطهيرية واسعة النطاق استهدفت مجموعة من النقاط السوداء داخل النفوذ الترابي التابع لها. ووفق مصادر مطلعة لأكادير 24، فقد أشرفت القيادة الميدانية على تنفيذ هذه العمليات بشكل مباشر، حيث جرى تسخير كافة الموارد البشرية واللوجستيكية المتوفرة لضمان نجاعة التدخلات وسرعة الاستجابة لمختلف الإشكاليات المطروحة على مستوى السلامة الطرقية. وتركزت هذه الحملات على ضبط المخالفات المرتبطة بعدم احترام مقتضيات مدونة السير، وخاصة تلك المتعلقة بسياقة الدراجات النارية دون توفر الشروط القانونية، كغياب الخوذة الواقية، وانعدام الوثائق الإدارية، إلى جانب التحقق من مدى احترام المركبات لشروط السلامة التقنية. وقد خلفت هذه العمليات ارتياحًا واسعًا في صفوف المواطنين، الذين استحسنوا هذه المبادرات التي من شأنها الحد من حوادث السير وتحسين النظام العام داخل المجال الترابي للسرية. وتؤكد مصادر الجريدة أن هذه الحملات ستتواصل خلال الأيام المقبلة، وفق مقاربة وقائية وزجرية، تضمن احترام القانون وتكرس مبدأ الردع في وجه كل من يصر على تعريض حياة المواطنين وسلامتهم للخطر.

من الاختفاء إلى مستودع الأموات.. عائلة 'حلاق' شاب تطالب بكشف حقيقة وفاته
من الاختفاء إلى مستودع الأموات.. عائلة 'حلاق' شاب تطالب بكشف حقيقة وفاته

أكادير 24

timeمنذ 4 ساعات

  • أكادير 24

من الاختفاء إلى مستودع الأموات.. عائلة 'حلاق' شاب تطالب بكشف حقيقة وفاته

agadir24 – أكادير24/ومع لا تزال قضية وفاة الحلاق كمال، الذي اختفى عن الأنظار لأزيد من ثلاثة أسابيع قبل العثور عليه جثة هامدة بمستودع الأموات بمراكش، تثير الكثير من التساؤلات والجدل في أوساط عائلته ومعارفه. وبعد 22 يوما من البحث المتواصل، تفاجأت عائلته بخبر وجود جثته في مستودع الأموات، دون أن تتلقى إشعارا رسميا في وقت مبكر عن وفاته أو ظروف وقوع الحادث المفترض. وبحسب معطيات تداولتها مصادر مقربة من العائلة، فإن كمال، وهو شاب معروف في محيطه المهني والاجتماعي، غادر آخر مرة وهو يستقل سيارة رباعية الدفع من نوع 'توارك' كان على متنها شخص مجهول الهوية، لتنقطع أخباره منذ تلك اللحظة. ومنذ ذلك اليوم، أطلقت عائلة الضحية حملة بحث واسعة النطاق، مستعينة بأصدقائه ومعارفه، جابت خلالها المستشفيات، ومراكز الأمن والفضاءات العامة، دون أن تعثر على أي أثر له. ورغم تداول روايات غير رسمية تشير إلى أن كمال توفي في حادثة سير، إلا أن أسرته تشكك في هذه الرواية التي تعتبرها غير مقنعة، وتطالب بالكشف عن الحقيقة الكاملة وراء ما جرى. ويأمل أقارب كمال أن يتم فتح تحقيق نزيه وشامل للكشف عن كافة ظروف الوفاة، وتحديد ما إذا كان الأمر يتعلق فعلا بحادث عرضي، أم أن هناك شبهة جنائية تتطلب مساءلة ومعاقبة المتورطين.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store