logo
حميدتي: سنغزوكم.. لكن لا تقلقوا

حميدتي: سنغزوكم.. لكن لا تقلقوا

العربي الجديدمنذ 8 ساعات

بعد مذبحة فضّ اعتصام السودانيين في الخرطوم أمام مباني قيادة الجيش، وأماكن أخرى، في 3 يونيو/ حزيران 2019، أصدر رئيس المجلس العسكري الحاكم وقتها، الفريق أول عبد الفتاح البرهان، قراراً بوقف التفاوض مع قوى الحرية والتغيير، وتشكيل حكومة لمدة انتقالية لتشرف على الانتخابات. لم يخضع الشارع، وواجه قرار الجيش بحكم الفترة الانتقالية رفضاً شعبياً أجبره على العودة الى التفاوض مع القوى السياسية المدنية.
ترى القوى المدنية أن عودتها إلى التفاوض كانت ضرورية، فإن في ذلك حقناً للدماء، لأن الحل الآخر غير قبول التفاوض يعني الدخول في مواجهة مفتوحة مع المجلس العسكري. كما تعرّضت القوى المدنية لضغوط قوية من وسطاء إقليميين ودوليين. لم يكن هذا مقنعاً لكثيرين، خصوصاً القوى الشبابية التي رأت العودة إلى التفاوض وقبول الشراكة مع الجيش لم يعودا مقبوليْن بعد غدر فض الاعتصام. لكن القوى السياسية مضت في طريقها، وخاضت تفاوضاً بدعم دولي.
في تلك الأيام، فوجئ نائب رئيس المجلس العسكري، الفريق أول محمد حمدان دقلو (حميدتي)، بحديثٍ عن دمج قواته في الجيش القومي. لم يفهم قائد المليشيا هذا الأمر! فهو يقود مليشيا خاصة، لكنها مقننة عبر برلمان نظام عمر البشير/ الحركة الإسلامية، ولديها قانون خاص. حتى الرتب العسكرية التي حصل عليها، طلبها من الرئيس السابق قائلاً "نريد رتباً عسكرية مثل التي تمنحها للجنوبيين في شوالات"، مشيراً إلى الحركة الشعبية لتحرير السودان.
ظلّ حميدتي دائم اللوم للقوى المدنية، ويقول إن أحداً قبلهم لم يقترح أمراً كهذا. ورفض قائد الجيش أيضاً هذه الدعوات. وهاجم مطلقيها، واتهمهم بالنوم في منازلهم آمنين، بينما تحرسهم قوات الدعم السريع! كان لافتاً أن يفخر قائد الجيش بأن مليشيا تحرس المواطنين، لا الجيش الذي يقوده!
كان حميدتي قبل الثورة السودانية قد أعلن بوضوح رؤيته نفسه والدولة. في 2014، انتقد رئيس حزب الأمة الصادق المهدي (آخر رئيس وزراء منتخب قبل انقلاب البشير) وضع قوات الدعم السريع، وجرائمها في دارفور التي ترتكبها باسم النظام الحاكم وبتنسيق مع الجيش. اعتقل المهدي مباشرة عقب هذا التصريح. ووقف حميدتي متفاخراً يقول لجنوده "نحن من نتحكّم في هذا البلد. نقول اعتقلوا الصادق المهدي. يعتقلوا الصادق المهدي. نقول أطلقوا سراحه. يطلقون سراحه". ثم قال كلمته التي اشتهرت لاحقاً "يوم ما الحكومة تسوي جيش تجي تكلّمنا". ولأنه ظنّ أن سيده القديم سيبقى إلى الأبد، صرح في يناير/ كانون الثاني 2018 "ترشيح البشير فوق راس أي زول". أي غصباً عن أي معترض. وفي ديسمبر/ كانون الأول من العام نفسه، اكتشف حميدتي أنه راهن على جوادٍ لن يعدو طويلاً. ومثل ما يفعل الجيش السوداني منذ الاستقلال، انقلاب، ثورة شعبية ينحني لها الجيش ويقيل قائدة الدكتاتور، ثم ينقلب مرّة أخرى على السلطة المدنية الجديدة، سارع حميدتي بالتخلي عن رئيسه و"انحاز" مع الجيش للثورة بعزل عمر البشير. كان هذا أقصى ما أراد الجيش والدعم السريع تحقيقه، لكن مطالب الناس كانت أكثر من ذلك.
في جلسات التفاوض التي طرحت فيها مسألة "تعدّد الجيوش"، قال حميدتي إنه سيذهب بقواته إلى الصحراء ويتمرّد. بعدها سيدعوه السياسيون إلى الخرطوم لتوقيع اتفاق سلام معه يمنحه سلطاتٍ أكبر! تحدّثت مع شهودٍ ممن سمعوا ما قال. ولا واحد منهم أحسّ أن الرجل يمزح. بل كان جادّاً. هذه هي الطريقة التي يفهمها للحكم. أثِر مشكلةً، اصمد فترة، تفاوض، احصل على السلطة التي تريد.
من المحزن طبعاً أن هذه ليست طريقة اكتشفها هو. إنما هي طريقة يعرفها الملايين من السودانيين منذ عام 1955.
لم تتغيّر أفكار حميدتي، ولا رؤيته نفسه دائمة الشعور بالظلم، فالرجل يحسب نفسه مهمّشاً، وأنه مظلوم، وغير مرغوب فيه. ويردّ ذلك كله إلى أسباب وأفكار عنصرية، فحتى في الاجتماع الذي عقده رئيس الوزراء السابق، عبد الله حمدوك، لحل الخلافات بين قائد الجيش وقائد المليشيا، والذي اتهم فيه حميدتي البرهان بأنه من دبّر محاولة اغتيال حمدوك بتفجير سيارة عند مرور موكبه، لم يفهم حميدتي لماذا لم ينحز إليه المدنيون، إنما طالبوه والبرهان بالتعقّل وتقدير عواقب الصراع بينهما. غادر حميدتي الاجتماع غاضباً، وكان تفسيره الوحيد لما حدث انحياز المدنيين لخصمه لأسباب عنصرية. بعد أسابيع، كان يشارك مع البرهان في انقلاب عسكري باسم "تصحيح المسار"! واعتقل عبد الله حمدوك وكل من حضروا ذلك الاجتماع.
وحتى خطابه أخيراً، يظهر فيه حميدتي مع بعض جنوده وهو يشكو الظلم والافتراء، ثم يبشّر مواطني ولاية شمال السودان بأنه سيغزوهم قريباً، ولكن لصوصاً سيكونون مع قواته لذلك عليهم آلا يقلقوا!
في تقديري، هذه أسوأ رسالة طمأنينة بُعثت منذ ابتدعت البشرية الرسائل.

هاشتاغز

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

الخارجية القطرية: هناك فرصة لهدنة في غزة
الخارجية القطرية: هناك فرصة لهدنة في غزة

العربي الجديد

timeمنذ 38 دقائق

  • العربي الجديد

الخارجية القطرية: هناك فرصة لهدنة في غزة

قال المتحدث باسم وزارة الخارجية القطرية، ماجد الأنصاري، إن الوسطاء يتواصلون مع إسرائيل و حركة حماس للاستفادة من وقف إطلاق النار بين إيران وإسرائيل هذا الأسبوع من أجل الدفع باتجاه التوصل إلى هدنة في قطاع غزة. وأعرب الأنصاري، في مقابلة مع وكالة فرانس برس، عن أمله في عدم تضييع هذه الفرصة، قائلاً: "إذا لم نستغل هذه الفرصة وهذا الزخم، فستكون فرصة ضائعة من بين فرص كثيرة أتيحت في الماضي القريب. لا نريد أن نشهد ذلك مرة أخرى". وكان الرئيس الأميركي دونالد ترامب قد قال، أمس الجمعة، إنه يعتقد أن من الممكن التوصل إلى وقف لإطلاق النار في غزة خلال أسبوع. وقال للصحافيين خلال فعالية في البيت الأبيض احتفالاً باتفاق الكونغو الديمقراطية ورواندا على السلام إنه يعتقد أن وقف إطلاق النار في غزة "وشيك"، وأضاف أنه كان يتحدث للتو مع بعض المعنيين بمحاولة التوصل إلى وقف لإطلاق النار بين إسرائيل وحركة حماس. رصد التحديثات الحية شهادات جنود إسرائيليين: نقتل منتظري المساعدات في غزة بأوامر عليا وجاءت تصريحات ترامب بعد ساعات من كشف مصدر أميركي "وثيق الصلة بالوساطة" بين حماس وحكومة الاحتلال الإسرائيلي تفاصيل الاتصالات الجارية في الوقت الراهن، والرامية للوصول إلى اتفاق يقضي بوقف إطلاق النار في قطاع غزة المحاصر. وقال المصدر الأميركي لـ"العربي الجديد" إنه "في اللحظة الراهنة تبدو الأمور متعثرة في ظل تمسّك حركة حماس بموقفها الرافض للصيغة الأخيرة المقدّمة من المبعوث الأميركي للشرق الأوسط ستيف ويتكوف، في مقابل تمسّك رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو بموقفه المتشدّد برفض أي صيغة تتضمن مصطلح إنهاء الحرب". وشدد ترامب، قائلاً: "نحن نقدم، كما تعلمون، الكثير من المال والطعام إلى تلك المنطقة"، قبل أن يضيف: "نحن منخرطون في ذلك لأن الناس يموتون. نحن نشاهد تلك الحشود من الناس الذين ليس لديهم أي طعام، وأي شيء". وكانت صحيفة هآرتس العبرية قد نقلت عن جنود إسرائيليين قولهم إن قادة في جيش الاحتلال أمروا القوات بإطلاق النار على مدنيين قرب مراكز توزيع المساعدات "حتى لو كانوا لا يشكلون خطراً". ومنذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، ترتكب إسرائيل بدعم أميركي إبادة جماعية في غزة، تشمل قتلاً وتجويعاً وتدميراً وتهجيراً، متجاهلة النداءات الدولية وأوامر لمحكمة العدل الدولية بوقفها. وخلفت الإبادة نحو 189 ألف فلسطيني بين شهيد وجريح، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 11 ألف مفقود، إضافة إلى مئات آلاف النازحين ومجاعة أزهقت أرواح كثيرين، بينهم أطفال. وتحاصر إسرائيل غزة منذ 18 عاماً، وبات نحو 1.5 مليون فلسطيني من أصل حوالى 2.4 مليون بالقطاع، بلا مأوى بعد أن دمرت حرب الإبادة مساكنهم. (فرانس برس، العربي الجديد)

ترامب: التقارير عن مساعدة إيران في برنامج نووي سلمي أخبار زائفة
ترامب: التقارير عن مساعدة إيران في برنامج نووي سلمي أخبار زائفة

العربي الجديد

timeمنذ 39 دقائق

  • العربي الجديد

ترامب: التقارير عن مساعدة إيران في برنامج نووي سلمي أخبار زائفة

نفى الرئيس الأميركي الصورة الرئيس الأميركي دونالد ترامب ولد دونالد ترامب في 14 حزيران/ يونيو 1946 في مدينة نيويورك، لأبوين من أصول ألمانية واسكتلندية، تلقى تعليمه الأولي في مدرسة كيو فورست بمنطقة كوينز في مدينة نيويورك. التحق بالأكاديمية العسكرية في المدينة نفسها، وحصل عام 1964 على درجة الشرف منها، ثم انضم إلى جامعة فوردهام بنيويورك لمدة عامين، ثم التحق بجامعة بنسلفانيا، وحصل على بكالوريوس الاقتصاد 1968 دونالد ترامب، مساء أمس الجمعة، تقارير إعلامية ذكرت أن إدارته بحثت إمكانية مساعدة إيران في الحصول على ما يصل إلى 30 مليار دولار لبناء برنامج نووي مدني لتوليد الطاقة. وكانت شبكة سي أن أن وشبكة أن بي سي نيوز، الأميركيتان ذكرتا أن إدارة ترامب ناقشت في الأيام القليلة الماضية إمكانية تقديم حوافز اقتصادية لإيران مقابل وقف حكومتها تخصيب اليورانيوم. وكتب ترامب في منشور على منصة تروث سوشيال، مساء الجمعة: "من هو الكاذب في إعلام الأخبار الزائفة الذي يقول إن الرئيس ترامب يريد أن يعطي إيران 30 مليار دولار لبناء منشآت نووية غير عسكرية. لم أسمع يوماً عن هذه الفكرة السخيفة"، ووصف التقارير بأنها "خدعة". وقالت سي أن أن، أمس الجمعة ، إن إدارة ترامب ناقشت تقديم مجموعة من الحوافز المالية لإيران من أجل إقناعها بالعدول عن تخصيب اليورانيوم والعودة لطاولة المفاوضات، من بينها خطة تمويل إنشاء برنامج نووي مدني لإنتاج الطاقة تصل قيمتها إلى 30 مليار دولار بالإضافة لتخفيف العقوبات وتحرير مليارات الدولارات من الأموال الإيرانية المقيدة. وأكدت الشبكة في تقريرها، نقلاً عن مصدرين، أن بعض تفاصيل العرض نوقشت في اجتماع سري استمر لساعات بين المبعوث الأميركي الخاص، ستيف ويتكوف، وشركاء خليجيين بالبيت الأبيض، في 21 يونيو/حزيران الجاري، أي قبل يوم من توجيه ضربات عسكرية أميركية لإيران. ومن بين البنود التي تمت مناقشتها، والتي لم تُنشر سابقاً، استثمار يُقدر بنحو 20-30 مليار دولار في برنامج نووي إيراني جديد غير مُخصب، يُستخدم لأغراض الطاقة المدنية. وأجرت واشنطن وطهران خمس جولات تفاوض، ولكن الطرفين فشلا في التوصل إلى اتفاق بسبب إصرار الولايات المتحدة على منع إيران من تخصيب اليورانيوم، الأمر الذي ترفضه إيران. وتقول طهران إن برنامجها سلمي، بينما تقول واشنطن إنها تريد ضمان عدم قدرة إيران على صنع سلاح نووي. وشنت إسرائيل عدواناً على إيران في 13 يونيو/حزيران الجاري دام 12 يوماً، استهدفت فيه منشآت نووية وقيادات عسكرية إيرانية بالإضافة لاغتيال عدد من علماء الذرة الإيرانيين، فيما قامت إيران بالرد عبر استهداف إسرائيل بموجات من الصواريخ الباليستية والفرط صوتية. كما قامت الولايات المتحدة بقصف ثلاث منشآت نووية إيرانية، هي فوردو ونطنز وأصفهان، بهدف تدمير قدرة إيران على تخصيب اليورانيوم في الـ22 من الشهر نفسه، قبل التوصل لاتفاق وقف إطلاق النار في 24 يونيو. رصد التحديثات الحية سي أن أن: واشنطن تدرس تعويض إيران بنووي مدني بقيمة 30 مليار دولار وإسرائيل هي الدولة الوحيدة في الشرق الأوسط التي يُعتقد على نطاق واسع أنها تمتلك أسلحة نووية، وقالت إن حربها على إيران تهدف إلى منع طهران من تطوير أسلحة نووية. وإيران طرف في معاهدة حظر الانتشار النووي، في حين أن إسرائيل ليست طرفا فيها. وقالت الوكالة الدولية للطاقة الذرية التابعة للأمم المتحدة، التي تُجري عمليات تفتيش في إيران، إنها "لا تملك مؤشراً موثوقاً" على وجود برنامج أسلحة نشط ومنسق في إيران. (رويترز، العربي الجديد)

إيران في اليوم التالي للحرب
إيران في اليوم التالي للحرب

العربي الجديد

timeمنذ ساعة واحدة

  • العربي الجديد

إيران في اليوم التالي للحرب

حرب سريعة، ذات أهداف واضحة. ضرب البرنامجين النووي والصاروخي، ومقدّرات إيران العسكرية والعلمية. لم تكن نزهة، لكنها لم ترق إلى مستوى الحسابات التي كانت تصوّر إيران قادرة على محو إسرائيل. ومع أن الخسائر مهمّة على الجبهتين، فإن ما أصاب إيران غير قابل للمقارنة بما لحق إسرائيل. لقد تجلّى التفوق الإسرائيلي منذ الساعات الأولى للحرب فجر 13 من يونيو/ حزيران الحالي. حدّدت إسرائيل ساعة إعلان الحرب، ووقف إطلاق النار. وكما خرج رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، ليعلن الهدف من الهجوم على إيران، فإنه لم يتأخّر في إعلان أن العملية العسكرية في إيران "شارفت على تحقيق أهدافها"، والمتمثلة، بحسب قوله، في "إزالة التهديد النووي والصواريخ الباليستية الإيرانية". وكان قبول إيران الفوري بوقف إطلاق النار تعبيراً عن عدم القدرة على استيعاب الهجوم الإسرائيلي الواسع، والردّ عليه بصورة متكافئة. وقد تجلّت هنا عقلانية الحسابات الإيرانية، التي رأت أن هذا هو الخيار الوحيد المتاح أمامها، وإلا فإنها ستُجازف بمستقبل النظام. لعبت طهران كل ما لديها من أوراق، كي لا تصل إلى الاستسلام، وقد ظهر، من أدائها العسكري، أن تعديل اتجاه الحرب مستحيل، حتى لو طال أمد الصمود. ولكنها حقّقت تقدّماً مشهوداً باستخدام منظومة صاروخية ذات قدرة تدميرية عالية. ورغم أن إسرائيل أخفت خسائرها، ولم تسمح لوسائل الإعلام بنقل صورة عن آثار الدمار، حقّق الرد الإيراني بعض النتائج، غير أنها لم تكن حاسمة، خصوصاً بعد تدخّل الولايات المتحدة، وضربها المنشآت النووية. جاء وقف إطلاق النار حصيلة طبيعية لاستخدام القوة، التي حققت هدفها بضرب المشروع النووي والبرنامج الصاروخي. ولكن الحرب لم تنته بعد، وليس هناك أكثر من تفاهماتٍ شفوية، يمكن التراجع عنها في أي لحظة، وما هو مطروح سلسلة مطالب أميركية إسرائيلية أوروبية، أن توقّع طهران على وثيقة التخلّي عن البرنامجين، وتفكيك المنشآت الخاصة بهما، بواسطة خبراء دوليين، وبمشاركة من أميركا وأوروبا. وتجمع التصريحات الغربية على أن المفاوضات المرتقبة مع إيران لن تكون في صيغة أخذ وردّ، وإنما على شكل إملاءات، تتضمّن التزاماتٍ بعيدة المدى، تتعهّد فيها إيران بأن تتغيّر، وليس أمامها سوى أحد خيارين: أن تقبل ذلك أو تنتحر. لقد انتهى زمن اللعب في الوقت الضائع، والفرصة المطروحة أمامها اليوم أخيرة، ومن أجل الانعطاف ومواكبة الوضع في المنطقة. وهذا يعني أن عليها أن تقبل بتغييرات على النظام، تضمن استمرار المفاوضات معها من موقع ضعف، بعدما فقدت الجزء الأكبر من سلاحها، وهي تواجه حالة انقسامٍ في الشارع الإيراني، ونقمة عارمة في أوساط واسعة، عارضت على الدوام سياسات الحكم، وتأخذ عليه تبديدَه ثروات إيران في مشاريع تسلّح لم تحقق نتائج حينما تعرّض البلد لهجوم إسرائيلي. استبعد قرار واشنطن وقف إطلاق النار خيار تصفية المرشد الأعلى، علي خامنئي، وإسقاط النظام في الوقت الراهن، وهناك خشية من تكرار تجربة العراق، لأن عواقب إسقاط النظام غير مضمونة في بلد شاسع ومتعدّد القوميات، يعاني من احتقان مديد بسبب حكم رجال الدين، وقد تؤدّي إلى فوضى تهدّد وحدة البلد الغني بالنفط والغاز والمجاور للخليج العربي، الذي يرتبط مع الولايات المتحدة وأوروبا باتفاقاتٍ اقتصادية وعسكرية وأمنية. الكرة في ملعب طهران، وسيتوقف اتجاه مجرى الأحداث في المنطقة على مدى استيعاب القيادة الإيرانية الدروس البليغة من نهاية أوهام المشروع النووي، وحلم السيادة على الشرق الأوسط، والخليج العربي. لقد خسرت الرهانات كافة، وباتت وحدها في الميدان، بلا حليف ولا صديق، وصار عليها أن تقف أمام لحظة الحقيقة بمفردها.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store