
تمدد الإرهاب غرب مالي يثير مخاوف بشأن حدود السنغال وموريتانيا
وحذّر خبير في الشؤون الأفريقية من «تهديد أمني متزايد سيواجه موريتانيا والسنغال في ظل تراجع الحضور الدولي الفاعل، وانسحاب قوى كبرى مثل فرنسا، وغياب بدائل إقليمية قوية قادرة على فرض الاستقرار»، مؤكداً أنه «إذا لم يُواكب هذا التمدد الإرهابي برد فعل إقليمي سريع وحازم، فإن حدود السنغال وموريتانيا قد تشهد تحولات درامية، ليس فقط على المستوى الأمني، بل على مستوى التوازنات الاجتماعية والسياسية».
بينما قلّل محلل سياسي نيجري من تأثير الإرهاب على السنغال وموريتانيا، مؤكداً «تركيز الجماعات المتطرفة حالياً وبشكل أساسي على دول تحالف الساحل الثلاث، مالي وبوركينا فاسو والنيجر، ولن تضطر إلى فتح جبهات جديدة».
واستهدفت جماعة «نصرة الإسلام» الموالية لـ«القاعدة»، عبر هجمات متزامنة، منشآت عسكرية في 7 بلدات غرب مالي، حسب بيان للجيش المالي أخيراً، حيث تم الاستيلاء على «ترسانة حرب حقيقية»، وفق ما نقلته «وكالة الصحافة الفرنسية»، في حين أعلنت الجماعة وقتها مسؤوليتها عن الهجمات و«سيطرتها الكاملة على ثلاث ثكنات وعشرات نقاط التفتيش العسكرية في هجمات منسّقة» في نيونو وديبولو وساندري وغوغي وكاييس ونيورو، بالإضافة إلى «قصف مدفعي على ثكنة» مولودو.
وأفادت «إذاعة فرنسا الدولية» أيضاً بأن البلدات التي استُهدفت بشكل متزامن تقع على طول الحدود مع السنغال وموريتانيا، البلدَيْن الأفريقييْن اللذَيْن تسعى جماعة «نصرة الإسلام»، من موقعها في مالي، إلى التوسع فيهما، حسب دراسة نقلتها «وكالة الصحافة الفرنسية» عن معهد تمبكتو، وهو مركز أبحاث يتخذ من دكار مقراً له.
وتأتي هذه الهجمات بعد نحو شهر من هجومَيْن كبيرَيْن ضد الجيش المالي، أولهما في 2 يونيو (حزيران) الماضي، على معسكر في مدينة تمبكتو التاريخية شمال مالي، بالإضافة إلى مطار المدينة، وذلك بعد يوم من غارة دموية أودت بحياة ما لا يقل عن 30 جندياً في وسط البلاد.
وبعد سلسلة من الهجمات المنسقة على الحدود مع السنغال وموريتانيا، أعلنت الجماعة الإرهابية فرض حصار على مدينة ونيورو دو الساحل، وكذلك مدينة كايس التي تُعد عصباً تجارياً بين مالي والسنغال وموريتانيا، وحال «نجاح الإرهابيين في تنفيذ ذلك يعني خنق التجارة الإقليمية وقطع الإمدادات الغذائية والوقود، وتعطيل الاقتصاد المحلي»، حسب «إذاعة فرنسا الدولية».
المحلل السياسي التشادي، الخبير في الشؤون الأفريقية، صالح إسحاق عيسى، يرى أن «تمدّد الجماعة في غرب مالي يهدّد بتقويض المنجزات الأمنية التي حقّقتها دول مثل موريتانيا، ويضع السنغال في اختبار لم تواجهه منذ أكثر من عقد، في ظل تراجع الحضور الدولي الفعّال، وانسحاب قوى كبرى مثل فرنسا، وغياب بدائل إقليمية قوية قادرة على فرض الاستقرار».
وأوضح عيسى لـ«الشرق الأوسط» أن «السنغال رغم استقرارها النسبي تعاني من تهميش بعض المناطق الحدودية مثل كيدوغو وكولدا، وهو ما يشكّل ثغرة يمكن أن تُستغل بسهولة من قِبل عناصر متسللة، وموريتانيا، التي راكمت خبرة أمنية معتبرة في مكافحة الإرهاب، قد تواجه تحدياً من نوع جديد إذا ما اتجهت الجماعات الإرهابية إلى استثمار النزعات العرقية أو القبلية لبناء حاضنة محلية ولو محدودة».
ولم يعد مجرد الإرهاب في الساحل مشكلة محلية، بل صار أزمة إقليمية ذات انعكاسات استراتيجية عميقة، وفق عيسى، الذي أكد أنه إذا لم يُواكَب هذا التمدد الإرهابي برد فعل إقليمي سريع وحازم، فإن حدود السنغال وموريتانيا قد تشهد تحولات درامية، ليس فقط على المستوى الأمني، بل على مستوى التوازنات الاجتماعية والسياسية، خصوصاً في المناطق الحدودية التي لطالما ظلّت مهمّشة، مما يُنذر بمرحلة جديدة من عدم الاستقرار في غرب أفريقيا.
وكثّفت «نصرة الإسلام» كذلك هجماتها في منطقة الساحل الكبرى خلال الأسابيع الأخيرة، مستهدفة ليس فقط مالي، بل أيضاً بوركينا فاسو والنيجر، المجاورتَيْن، اللتيْن تحكمهما أنظمة عسكرية قطعت تحالفها القديم مع فرنسا، القوة المهيمنة السابقة، منذ 2020، والتفتت عسكرياً وسياسياً إلى روسيا، وشكّلت تحالف دول الساحل في نوفمبر (تشرين الثاني)، وأعلنت انسحابها من المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا.
وتتفرع جماعة «نصرة الإسلام» الموالية «لتنظيم (القاعدة)، التي تعدّ الأقوى نفوذاً وأكبر تهديد لمنطقة الساحل» حسب الأمم المتحدة، إلى استراتيجيات عسكرية وسياسية لتقويض مصداقية حكومات المنطقة، وتقديم نفسها على أنها بديل موثوق، وليس في مقدور الجماعة إرساء حكمها في المدن الكبرى مثل العواصم، لكنها تحكم البلدات بطريقة غير مباشرة عبر اتفاقات محلية تسمح لها بفرض الشريعة الإسلامية على السكان ومنعهم من التعاون مع الجيش وجباية إتاوات، حسب تقرير مطلع الشهر الحالي نقلته «وكالة الصحافة الفرنسية».
وفي يونيو (حزيران) الماضي، أصدرت الجماعة بياناً دعت فيه إلى «إقامة حكومة شرعية» يتولّى تشكيلها الماليون أنفسهم بعيداً عن الجيش وروسيا.
بينما يرى المحلل السياسي النيجري، السنوسي حامد، أن تركيز الجماعات الإرهابية منصب بشكل أساسي على دول الساحل الثلاث، ولا سيما في السنوات الثلاث الأخيرة، فهذه الدول قد أخلت قرى كاملة من سكانها وانعدمت فيها الحياة بسبب الإرهاب، ورأينا في الأيام الماضية اشتداد العمليات الإرهابية في وسط وغرب مالي.
ولن تتأثر الحدود الموريتانية والسنغالية بهذه التداعيات؛ إلا إذا أثارت حفيظة الإرهابيين عبر مساندة عسكرية لمالي أو غيرها، فعندئذ قد تدخل في مواجهة مع الإرهاب بشكل مباشر، وفق حامد، الذي لفت إلى أن السنغال وموريتانيا تعدّان من الدول الخالية من الجماعات الإرهابية.
عودة إلى صالح إسحاق عيسى الذي يرى أن «هناك ارتباطاً وثيقاً بين الخروج الفرنسي من مالي وتنامي نفوذ الجماعات الإرهابية في المنطقة، وإعادة ترتيب صفوفها وتنظيم عملياتها وظهور خلايا نائمة، خصوصاً أن باريس كانت تشكل القوة الرئيسية التي تحارب الجماعات الإرهابية في منطقة الساحل على مدار عقود، ونجحت في ذلك. وحالياً الوجود الروسي يواجه تحديات أدت إلى اتساع نطاق الهجمات».
ويرجح عيسى أن «يكون هناك تدخل ضروري من دول الجوار» لمواجهة هذه الأزمة، خصوصاً أن التهديدات الإرهابية تتجاوز حدود مالي لتصل إلى دول مثل موريتانيا، والسنغال، والنيجر، وبوركينا فاسو، مقترحاً أنه «يمكن تشكيل قوات مشتركة» تقوم بمراقبة الحدود بشكل مكثف، وتنسّق العمليات العسكرية والاستخباراتية لمواجهة التنظيمات الإرهابية، لكن هذا التعاون يجب ألا يقتصر فقط على الجانب العسكري، بل يجب أن يتضمّن أيضاً الجوانب التنموية والاجتماعية لمكافحة الأسباب التي تؤدي إلى انتشار التطرف وفق نهج شامل.
ويتفق معه السنوسي حامد في أن من يستقرئ الماضي والأحداث فسوف يستنتج أن الحل العسكري لن يكون كافياً لدحر الإرهاب، في «ظل انتشار الفقر والجهل والفساد»، فهذه العوامل كفيلة بتنامي الإرهاب؛ حيث إن «المنظمات والجماعات المتطرفة تستغل تلك العوامل لتجنيد الشباب، مستخدمة في ذلك العواطف الدينية ومشاعر الغضب لدى الشباب والأحوال الاقتصادية السيئة».
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


تقدم
منذ 3 ساعات
- تقدم
افتتاحية...وكأنها أجواء تخريبية
. بعد ما تمت تسميته بجسور الصداقة وتآزر والحي الساكن، التي كانت نواكشوط في أمسّ الحاجة إليها لتخفيف الازدحام المروري الذي بلغ حدّاً لا يستهان به، دشن فخامة رئيس الجمهورية العديد من مشاريع البنية التحتية، بما في ذلك المرحلة الثانية من مشروع "آفطوط الشرقي" ومدرسة مُخصصة للمهن التعدينية، ومقرّان جديدان للحماية المدنية، والمديرية العامة للأرشيف الوطني. ان تلك التدشينات تستحق، في بلدٍ كبلادنا، لا يزال مُتأخراً في مجال البنية التحتية، الإشادة والتصفيق بالرغم من أن هناك الكثير مما يجب القيام به، خاصة في قطاعي المياه والطاقة. ذلك لأنه من غير المقبول حقاً في القرن الحادي والعشرين، ورغم الموارد الهائلة المُعبأة، أن تفتقر كل المدن الموريتانية دون استثناء، بما في ذلك العاصمة نواكشوط، لتلبية حاجياتها الخاصة بها في الماء والكهرباء. والأسوأ من ذلك، أن المشاريع المُموّلة بالمليارات غالباً ما تتعرض للتخريب. فهل تريدوين دليلاً علي ذلك؟ فإليكم به! أن إنجاز المرحلة الأولى من مشروع "آفطوط الشرقي"، الذي كان من المفترض أن يزوّد عشرات القرى بمياه الشرب، كان كارثيًا. وكانت المفارقة، أنه حين ما استنكر رئيس منظمة غير حكومية هذه الوضعية، مقدما أدلة دامغة، وجد نفسه في السجن. ان جسر الصداقة، الممول مجانًا من طرف الصين، لا علاقة له من حيث الجودة، بالجسرين الآخرين اللذين خصصت لهما الدولة مليارات الدولارات. كما أصبحت قاعات المحاضرات الجامعية غير قادرة على الحماية من أول زخات المطر. فمن المسؤول عن هذه الوضعية؟ هل تعود لدفاتر الالتزامات سيئة الاعداد؟ او لمكاتب الرقابة التي تغض الطرف؟ أو للوزارات التي تُصرف المدفوعات دون أن تتأكد من القدرة على تقديم الخدمات؟ فهناك على كل حال أجواء تخريبية تجعل البعض لا يتردد في استغلالها. فإلى متى؟


تقدم
منذ 2 أيام
- تقدم
موريتانيا حاضرة.. ترامب يبحث فرص التجارة مع قادة 5 دول أفريقية
يستعد الرئيس الأمريكي، ، لاستضافة 5 من قادة أفريقيا في البيت الأبيض في 9 من يوليو/ تموز الجاري من أجل مناقشة الفرص التجارية المتاحة في المنطقة، وخاصة ما يتعلق بالمعادن، وبحث تحصين الساحل من تمدد روسيا والصين غربي أفريقيا. وقال مسؤول أمريكي، إن ترامب "سيستضيف رؤساء الغابون وغينيا بيساو وليبيريا و الممثل العربي الوحيد"، مشيراً إلى أن "برنامج اللقاء يتضمّن نقاشا حول الفرص التجارية، وغداء جماعيا على شرف هؤلاء القادة". وكشف المسؤول الذي نقلت عنه وسائل إعلام أمريكية، أن من بين الأسباب التي دفعت ترامب لاستضافة هؤلاء القادة هو أن "القارة الأفريقية تقدم فرصا تجارية واعدة بالنسبة لكل من الشعب الأمريكي والشركاء الأفارقة". مواجهة التمدد الروسي ويأتي هذا الاجتماع بعد أشهر من إلغاء إدارة الرئيس ترامب المساعدات الأمريكية الموجهة إلى الدول الأفريقية كجزء من إستراتيجيتها لتقليص الإنفاق الخارجي. وعلّق المحلل السياسي الموريتاني، سيد أحمد ولد باب، على الأمر بالقول، إن "الاجتماع المقرر عقده في واشنطن هو اجتماع مُهم للولايات المتحدة وللدول الأفريقية المشاركة فيه على وجه الخصوص، بالنظر إلى مركزية صاحب الدعوة إلى هذه القمة ودوره السياسي والعسكري، وبالتالي حضور موريتانيا والدول الـ4 الأفريقية في هذه القمة سيجعلها تنجح في الحصول على فرص مهمة لحل المشكلات التي تواجهها سواء في علاقة بالتجارة العالمية أم غير ذلك". وأضاف ولد باب لـ"إرم نيوز" أن "العلاقة مع الولايات المتحدة الأمريكية هي علاقة مهمة بالنسبة إلى موريتانيا، وبالتالي حضور نواكشوط في هذه القمة مهم خاصة بعد والضرائب التي فرضها ترامب على معظم السلع الأفريقية وغيرها". وشدد على أن "موريتانيا تظل لها مكانتها الخاصة سواء في ما يتعلق بإطلالتها على الأطلسي أم على مستوى التحديات الخاصة التي تواجهها بسبب الوضع في منطقة على غرار الإرهاب والهجرة، وهي قضايا تقلق الولايات المتحدة وأوروبا بشكل خاص أيضاً". وختم ولد باب بالقول، إن "أهمية حضور موريتانيا يكمن أيضاً في كونها في واجهة التصدي للتمدد الروسي في المنطقة، إذ تعد نواكشوط البلد الوحيد الآن تقريباً في الساحل الأفريقي الذي لا تجمعه شراكة عسكرية مع موسكو بخلاف دول مثل مالي والنيجر وبوركينا فاسو". تعزيز نفوذ وبالفعل، استعانت دول مثل مالي وبوركينا فاسو والنيجر بتعاون عسكري مع روسيا في محاولة لتقليص نفوذ الجماعات المسلحة التي تواصل شنّ هجمات دموية ضد أفراد الأمن والجيش والمدنيين. وقال المحلل السياسي المتخصص في الشؤون الإفريقية، قاسم كايتا، إن "الولايات المتحدة من خلال استضافة هكذا قمة تسعى إلى تعزيز نفوذها خاصة في مجال التي يتم استكشافها بشكل كبير في منطقة الساحل الأفريقي". وتابع كايتا في تصريح لـ"إرم نيوز"، أن "الولايات المتحدة تسعى أيضاً إلى الاستفادة من تحالفها التقليدي والتاريخي مع موريتانيا من أجل التصدي إلى تعزيز روسيا والصين نفوذهما في منطقة غرب إفريقيا، وما يحمله ذلك من مخاطر على شركائها الأوروبيين، حيث قد تستخدم موسكو قضية مثل الهجرة على هؤلاء الشركاء".


تقدم
منذ 2 أيام
- تقدم
مسؤول أمريكي سابق: فى مكتب الملك خريطة للمغرب وداخلها جزء كبير من موريتانيا
مع مستشار الأمن القومي الامريكي الأسبق والنائب الجمهوري جون بولتون، انه كان مع وزير الخارجية الأمريكي جيمس بيكر عام 1997 في أحد مكاتب الملك، وكانت هناك خريطة على الجدار تظهر 'المغرب الكبير' كما يتصوره النظام، وتشمل المغرب، ونصف الجزائر، والصحراء الغربية، وجزءاً كبيراً من شمال موريتانيا. واشار بولتون إلى أن ترامب قد يغيّر موقفه من قضية الصحراء الغربية إذا حصل على حافز يدفعه لدعم الاستفتاء.. نص المقابلة الكامل: سؤال: يوشك نزاع الصحراء الغربية على إتمام نصف قرن. ما هي وصفتك لحلّه؟ بولتون: عملت مع جيمس بيكر في وزارة الخارجية عام 1991، ورافقته طيلة فترة إدارة بوش الأب. كنت منخرطاً بشدة في صياغة قرار مجلس الأمن في 1991 الذي أنشأ بعثة المينورسو ووضع الأسس لإجراء الاستفتاء. في عام 1997، عُيّن بيكر مبعوثاً شخصياً لكوفي عنان إلى الصحراء الغربية، لأن المغرب كان قد عطّل مسار الاستفتاء بالكامل. لم يحدث شيء فعلياً. اتصل بي بيكر وقال لي: 'ما هو هذا الاستفتاء حول الصحراء الغربية؟' لم يكن موضع جدل حينها، فشرحت له، فقال: 'حسنًا، يجب أن نحاول حلّه.' وهكذا وُقّعت اتفاقيات هيوستن عام 1997، حيث التزم المغرب مجدداً بإجراء استفتاء، لكنه لم يُجرى أبداً. أقول إن القصة مستمرة بلا نهاية. لقد مرّت 25 سنة من المماطلة المغربية. كان من الممكن تنظيم الاستفتاء بسهولة، إذ اتفق الجميع على أن الأساس هو الإحصاء الإسباني لسنة 1975، الذي ضم ما بين 75 و80 ألف شخص فقط. لم يكن الأمر معقداً، ولكن المغرب استولى فعلياً على معظم أراضي الصحراء الغربية. إدارة ترامب في ولايتها الأولى اعترفت بسيادة المغرب على الإقليم، وهو ما يُخالف الموقف الأمريكي التقليدي. ولا زلت أعتقد أن الحل الوحيد هو إجراء استفتاء. صحيح أن السياق الإقليمي أصبح أعقد، مع التوترات بين المغرب والجزائر، لكن اللاجئين الصحراويين ما زالوا في مخيمات تندوف ويستحقون العودة إلى ديارهم. لا أحد يُنكر هذا الحق. السؤال الوحيد هو: تحت سيادة من؟ ولا أظن أن هذا سؤال صعب. """" سؤال: هل لا يزال هناك وقت لتنظيم استفتاء؟ جواب: لن يكون الوقت مناسبًا أبدًا ما لم يتعاون المغرب. المغرب يعتقد أنه يمسك بزمام الأمور. لم يُظهر أي رغبة في التعاون. تحدثت مع عدة مسؤولين بعد استقالة بيكر، وكلهم قالوا إن المغرب يرفض المخاطرة بخسارة الاستفتاء. لقد نظموا عدة 'مسيرات خضراء'، أي عمليات نقل للمغاربة إلى الصحراء الغربية. يخشون أن يقول هؤلاء: 'الاستقلال فكرة جيدة'، وألا ينجحوا في حسم نتائج الاستفتاء لصالحهم. إنه أمر مؤسف للغاية، ويكشف ضعف الأمم المتحدة، التي أصدرت قرارًا بسيطًا، متوافقًا عليه، ثم انسحب أحد الأطراف، فانهار كل شيء. """" سؤال: كيف تصف سلوك المغرب؟ جواب: كان معرقلًا منذ البداية. بعثة المينورسو كانت فريدة من نوعها، إذ شارك فيها جنود أمريكيون لأول مرة منذ عقود. بعد نهاية الحرب الباردة، قررنا أن نشارك في حفظ السلام، لكن المغاربة لم يتعاونوا قط، كما أخبرني العديد من أعضاء البعثة. ولهذا السبب ذهب كوفي عنان إلى بيكر في نهاية 1996 وقال له: 'لا نحرز أي تقدم.' فتم تعيين بيكر كمبعوث، كونه شخصية معروفة لدى الملك الحسن الثاني، لكن بعد التوصل لاتفاق في 1997، عاد المغرب وخرق التزامه. """" سؤال: هل كان ترامب محقًا في دعمه لموقف المغرب؟ جواب: لا، لا أعتقد ذلك. المغرب وقّع اتفاقات أبراهام مع إسرائيل بشرط أن تعترف واشنطن بسيادته على الصحراء الغربية. ترامب قال: 'بكل تأكيد.' أعتقد أن المغرب كان سيوقع الاتفاق مع إسرائيل بأي حال، لأنه كان قريباً جدًا من فعل ذلك سابقاً، وربما قبل مصر والأردن. لكنهم استغلوا فريقاً أمريكياً لم تكن لديه أي فكرة عن الصحراء الغربية، ومنحوهم تنازلاً لم يكن من المفترض منحه. """" سؤال: والآن، هل يمكن أن يُغيّر ترامب ذلك القرار الذي اتخذه خلال ولايته الأولى؟ جواب: بالطبع، إذا أراد ذلك. فوجئت أن إدارة بايدن لم تغيّر السياسة عند استلامها السلطة. ولا زلت أؤمن أن أمريكا يمكنها أن تقول: 'نحن نعترف بالسيطرة الفعلية للمغرب، لكن نطالب باستفتاء.' هذه هي النقطة الجوهرية. الاستفتاء هو ما يمكن أن يحسم القضية. لكن المغرب يدرك أنه لا يمكنه السيطرة على التصويت، وهو قلق بشأن النتيجة، لذلك لا يريد المخاطرة. """" سؤال: هل تحدثت مع ترامب بشأن هذه القضية؟ جواب: نعم، بالطبع. السيناتور الراحل جيم إنهوف، أحد أبرز أعضاء لجنة العلاقات الخارجية، كان يعرف عن الصحراء الغربية أكثر من أي أحد في مجلس الشيوخ. تحدث مع ترامب عدة مرات ودعم إجراء الاستفتاء. تغير موقفه فقط في سياق اتفاقات أبراهام، قرب نهاية ولاية ترامب الأولى. """" سؤال: ما الذي يجب أن يكون عليه موقف الولايات المتحدة بين الجزائر والمغرب؟ جواب: إحدى طرق الحد من هذا الصراع هي حل قضية الصحراء الغربية. أتذكر أنني كنت مع بيكر عام 1997 في أحد مكاتب الملك، وكان هناك خريطة على الجدار تظهر 'المغرب الكبير' كما يتصوره النظام، وتشمل المغرب، ونصف الجزائر، والصحراء الغربية، وجزءاً كبيراً من شمال موريتانيا. الأمر في جوهره مرتبط بمن يسيطر على الثروات المعدنية، والصيد البحري، والإمكانات السياحية. إذا حُلت هذه القضايا، يمكن تهدئة التوترات بين البلدين. """" سؤال: ترامب معروف بتفكيره 'خارج الصندوق'. إذا دخلنا في عقليته، ما الذي قد يدفعه لتغيير موقفه؟ جواب: ترامب قال مؤخراً إنه سيحوّل قطاع غزة إلى 'ريفيرا شرق المتوسط'. هذا لن يحدث. لكن الصحراء الغربية تمتلك سواحل طويلة على المحيط الأطلسي. يمكنه أن يتخيل إقامة منتجعات وكازينوهات هناك. وإذا حصل على امتياز لشركته لبناء هذه المنشآت، فقد يتحمّس لدعم الاستفتاء. لو وجد حافزاً مادياً، ربما يغيّر موقفه. يمكن للبوليساريو التفكير في شيء يمنحه مصلحة مباشرة. وإلا، فلن تكون القضية من أولوياته. ولو طرحت الحكومة الإسبانية الأمر عليه، ربما يهتم. لا أعلم إن كانوا سيفعلون ذلك. """" سؤال: هل ترى أن موقف الحكومة الإسبانية الحالية غير مساعد؟ جواب: نعم، موقفها لا يساعد. الجميع التزموا بإجراء الاستفتاء، لكن المغرب نكث بوعوده. والضحايا هم الصحراويون، الذين لا يزالون في المخيمات بعد 25 سنة من وعدنا بإجراء استفتاء، وقرابة 50 سنة على انسحاب إسبانيا من الإقليم. إنه أمر سخيف فعلاً. """" سؤال: هناك مناقشات في الكونغرس لتصنيف جبهة البوليساريو كمنظمة إرهابية… جواب: لا أظن أن هذا الاقتراح سيمر. إنه خطأ. حتى لو أُقرّ في مجلس النواب، فلن يمرّ في مجلس الشيوخ. يستند إلى أكاذيب بأن البوليساريو متحالفة مع إيران أو حزب الله أو حماس، وهذا غير صحيح تمامًا. هناك منظمات أمريكية غير حكومية تعمل في المخيمات، وتقدّم خدمات صحية وتعليمية، بعضها ذات خلفية دينية ولكنها تؤدي مهاماً مدنية بحتة. ولو كانت هناك أية تأثيرات إيرانية أو من حزب الله، لاكتشفوها فوراً. لا يوجد أي أساس لهذا الادعاء. إنها محض دعاية