
هل كان "التطبيع مع إسرائيل" كلمة السر في رفع العقوبات عن سوريا؟
وأُعلن الإجراء وسط تقارير تشير إلى "مناقشات أولية" تقوم بها الإدارة الأميركية مع إسرائيل وسوريا بشأن اتفاق أمني محتمل بينهما، حسبما قال مسؤولون أميركيون وإسرائيليون لموقع أكسيوس.
ويعد تطبيع العلاقات الدبلوماسية بين إسرائيل وجيرانها العرب من أولويات السياسة الخارجية لواشنطن في الشرق الأوسط بغض النظر عن هوية ساكن البيت الأبيض أو انتمائه الحزبي، إذ دأبت الإدارات المتعاقبة على محاولة الدفع باتجاه عملية سلام تجمع بين إسرائيل وسوريا.
فرصة
وفي حوار مع الجزيرة نت، يقول البروفيسور ستيفن هايدمان -رئيس قسم دراسات الشرق الأوسط في جامعة سميث بولاية ماساتشوستس الأميركية، والخبير غير المقيم بمركز سياسات الشرق الأوسط في معهد "بروكينغز" بواشنطن- إن "الولايات المتحدة تنظر إلى المرحلة الانتقالية في سوريا على أنها فرصة لتعزيز الأنظمة العربية المعتدلة الموالية للغرب والمنفتحة على علاقات أقوى مع إسرائيل".
وبينما يأتي قرار ترامب برفع العقوبات بدون شروط رسمية، يعبّر مسؤولون أميركيون عن تفاؤلهم بأن التطبيع مع إسرائيل سيكون نتيجة مرجحة، خاصة في ضوء ما تعتبره واشنطن تحوّلا في ميزان القوى بالشرق الأوسط بعيدا عن إيران ولصالح إسرائيل.
وترى الدوائر الأميركية أن هناك فرصة للسير قدما في ملف التطبيع منذ سقوط نظام بشار الأسد الذي كان متحالفا مع إيران.
وسيمثّل أي تطور في مسار التطبيع إنجازا دبلوماسيا كبيرا لإدارة ترامب، بالنظر إلى عقود من العداء، واستمرار الاحتلال الإسرائيلي لأراضٍ سوريّة.
وتفضل الولايات المتحدة عملية تدريجية من شأنها أن تبني الثقة ببطء وتحسّن العلاقات بين إسرائيل وسوريا، في حين تشير تقارير لضغوط إسرائيلية من أجل أن تحتفظ الولايات المتحدة ببعض العقوبات كوسيلة ضغط لدفع سوريا نحو التطبيع الكامل مع إسرائيل.
معضلة الجولان
وتعقيبا على قرار ترامب الأخير، قال وزير خارجية إسرائيل جدعون ساعر إن حكومته تتطلع إلى توسيع معاهدات السلام الإقليمية لتشمل سوريا ولبنان. كما سبق أن أشار ترامب نفسه إلى أن إسرائيل قد تطبّع العلاقات مع مزيد من الدول العربية أو الإسلامية بعد حربها مع إيران.
وتشير تقارير أميركية متواترة إلى إجراء إسرائيل وسوريا مناقشات منذ أشهر بشأن إنهاء "الأعمال العدائية" بين البلدين. واعتبرت صحيفة وول ستريت جورنال أن رون ديرمر -كبير مساعدي رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو – في واشنطن لبحث عدة ملفات، منها اتفاق من شأنه أن يخلق علاقات رسمية بين سوريا وإسرائيل.
وفي حديث للجزيرة نت، قالت الخبيرة آنيل شيلاين، المسؤولة السابقة بوزارة الخارجية، والخبيرة حاليا بمعهد كوينسي بواشنطن، إن السبب في اتخاذ إدارة ترامب لهذه القرارات "يعود لضغوط من دول الخليج التي تتوق إلى مساعدة حكومة الرئيس الشرع على تعزيز سيطرتها".
ووفق شيلاين، "فمن المحتمل أن تكون حكومة الشرع مستعدة لتطبيع العلاقات مع إسرائيل، ومثل السودان، قد يتم ذلك مقابل رفع العقوبات عن سوريا".
لكن أي اتفاق مستقبلي يواجه كثيرا من العقبات، من أهمها معضلة الاحتلال الإسرائيلي المستمر منذ أكثر من نصف قرن لمرتفعات الجولان السورية، التي ضمتها إسرائيل إليها عام 1981، واعترفت واشنطن بهذه الخطوة فقط عام 2019 في فترة حكم ترامب الأولى.
ومنذ احتلال إسرائيل مرتفعات الجولان في حرب 1967، فشلت كل المحاولات الأميركية لردم هوة الخلافات بين الدولتين. وفي كل جولة سابقة من المفاوضات على مدى العقود الثلاثة الماضية، طالبت دمشق بانسحاب إسرائيلي كامل أو شبه كامل من أراضيها مقابل السلام.
وخلال فترة ولايته الأولى، اعترف ترامب بهضبة الجولان جزءا من إسرائيل، وهي خطوة لم تتراجع عنها إدارة جو بايدن.
التطبيع وجائزة نوبل
لم يخفِ الرئيس ترامب إحباطه بعدم ترشحه لنيل جائزة السلام بسبب هندسته لعملية التطبيع مع إسرائيل خلال فترة حكمه الأولى وهو ما عرف بـ" اتفاقيات أبراهام"، التي أدت لتأسيس علاقات دبلوماسية بين إسرائيل و4 دول عربية: الإمارات، والبحرين، والمغرب، والسودان.
وفي حديث للجزيرة نت، أشار السفير ديفيد ماك، مساعد وزير الخارجية السابق لشؤون الشرق الأوسط، والخبير حاليا بالمجلس الأطلسي، إلى أن ترامب لا يزال يبحث عن جائزة نوبل للسلام.
وبينما فشل أسلافه في صنع السلام مع سوريا إبان نظام بشار الأسد، يسعى هو إلى النجاح مع الحكام الجدد لأحد أقدم مراكز حضارة الشرق الأوسط وإسناد هذا التقدم إلى نفسه.
لا شروط أميركية
وعن أهدف ترامب من رفع العقوبات عن سوريا، أشار السفير فريدريك هوف، أول مبعوث أميركي لسوريا بعد الثورة عام 2011، والخبير بالمجلس الأطلسي والأستاذ بجامعة بارد، في حديث للجزيرة نت، إلى أن الرئيس الأميركي يبعث برسائل إيجابية تدعم علاقاته بتركيا والمملكة السعودية بمثل هذه الخطوة، إذ يرى أن سوريا مستقرة وقادرة على إعادة بناء هياكل الدولة تمثل أهمية كبرى للدولتين.
كذلك يرى هوف أن ترامب سيدعم التوصل لاتفاق وقف إطلاق النار في غزة ، ويأمل في أن تطبّع السعودية علاقاتها مع إسرائيل، لكنه يتوقّع أن تتمسك المملكة بشرط وجود دولة فلسطينية قبل إقدامها على التطبيع مع إسرائيل.
وكان نتنياهو -المطلوب للمحكمة الجنائية الدولية بتهمة ارتكاب جرائم حرب في غزة- قد أبلغ توماس باراك ، مبعوث ترامب إلى سوريا، قبل أسابيع، بأنه مهتم بالتفاوض على اتفاق أمني جديد مع حكومة ما بعد الأسد في سوريا، بوساطة أميركية.
من جانبه، قال مسؤول أميركي -في إفادة صحفية،- إن إدارة ترامب مستعدة للمساعدة للتوسط في اتفاق إسرائيلي سوري، لكن التفاصيل -بما في ذلك ترسيم الحدود ومستقبل مرتفعات الجولان- ستُترك للبلدين.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الجزيرة
منذ ساعة واحدة
- الجزيرة
نيوزويك: ما تجب معرفته عن مغادرة مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية إيران
قالت مجلة نيوزويك إن الوكالة الدولية للطاقة الذرية أعلنت مغادرة مفتشيها طهران ووصولهم بسلام إلى فيينا بعد أن علّقت إيران تعاونها مع الوكالة، في أعقاب الهجمات التي شنتها إسرائيل والولايات المتحدة على برنامجها النووي. وتشير هذه الخطوة -حسب المجلة- إلى تزايد حالة عدم اليقين بشأن البرنامج النووي الإيراني، الذي قالت طهران إنها ستواصل العمل فيه، بما في ذلك تخصيب اليورانيوم ، رغم الضربات الأميركية الإسرائيلية الأخيرة التي ألحقت أضرارا ببعض منشآته. وبمغادرة المفتشين تنخفض الرقابة الدولية على أنشطة إيران النووية -حسب المجلة- وذلك بعد يوم من توقيع الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان قانونا يعلّق التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، بعد أن صوّت عليه البرلمان. وأعلنت الوكالة، في بيان، مغادرة فريق من مفتشيها إيران بسلام عائدا إلى مقرها في فيينا، وأكد مديرها رافائيل غروسي على "الأهمية الحاسمة لمناقشة الوكالة مع إيران سبل استئناف أنشطة الرصد والتحقق الضرورية في أقرب وقت ممكن". وكانت إيران قد هددت بطرد مفتشي الوكالة وتعليق التعاون معها قبل أشهر من هجوم إسرائيل والولايات المتحدة عليها، وذلك بعد تقييم للوكالة أفاد بأن إيران لم تمتثل لالتزاماتها، وبعد الهجمات ردت إيران بأنها ستنشئ منشأة جديدة لتخصيب اليورانيوم، وهو ما قد يكون خطوة نحو امتلاك أسلحة نووية، حسب نيوزويك. وكتب وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي ، يوم الأربعاء، أن "إيران لا تزال ملتزمة ب معاهدة حظر الانتشار النووي واتفاقية الضمانات الخاصة بها. ووفقا للتشريع الجديد الذي أقره مجلس الشورى الإسلامي، والذي أشعلته الهجمات غير القانونية على منشآتنا النووية من قبل إسرائيل والولايات المتحدة، سيتم توجيه تعاوننا مع الوكالة عبر المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني لأسباب واضحة تتعلق بالسلامة والأمن". وصرحت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأميركية تامي بروس للصحفيين بأنه "غير مقبول" أن تختار إيران تعليق تعاونها مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، في وقتٍ تتاح لها فيه فرصة سانحة لتغيير مسارها واختيار طريق السلام والازدهار، وأضافت "يجب على إيران التعاون بشكل كامل ودون أي تأخير". وخلصت المجلة إلى أنه مع عدم وجود محادثات مجدولة حاليا، قد تستخدم إيران تعليق تعاونها مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية كورقة ضغط في المفاوضات النووية المستقبلية.


الجزيرة
منذ 2 ساعات
- الجزيرة
ترامب: إيران لم توافق على التفتيش والتخلي عن تخصيب اليورانيوم
قال الرئيس الأميركي دونالد ترامب إن إيران لم توافق على تفتيش مواقعها النووية أو التخلي عن تخصيب اليورانيوم. وقال للصحفيين -أمس الجمعة على متن طائرة الرئاسة- إنه يعتقد أن برنامج إيران النووي تعرض لانتكاسة دائمة، غير أن طهران ربما تستأنفه من موقع مختلف. وذكر ترامب أنه سيناقش ملف إيران مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عندما يزور البيت الأبيض يوم الاثنين. وأضاف ترامب "أعتقد أن البرنامج النووي الإيراني تعرض لانتكاسة دائمة، ربما يضطرون للبدء من موقع مختلف. ستكون هناك مشكلة إذا استأنفوه". وقال إنه لن يسمح لطهران باستئناف برنامجها النووي، مشيرا إلى أن إيران لديها رغبة في عقد اجتماع معه. وأمس الجمعة، قالت الوكالة الدولية للطاقة الذرية إنها سحبت آخر مفتشيها المتبقين في إيران مع احتدام الأزمة بشأن عودتهم إلى المنشآت النووية التي قصفتها الولايات المتحدة وإسرائيل. وتقول الولايات المتحدة وإسرائيل إن إيران تخصب اليورانيوم لصنع أسلحة نووية، في حين تشدد طهران على أن برنامجها النووي لأغراض سلمية. وقبل 3 أسابيع شنت إسرائيل أولى ضرباتها العسكرية على مواقع نووية إيرانية في حرب استمرت 12 يوما. ولم يتمكن مفتشو الوكالة الدولية للطاقة الذرية من تفتيش المنشآت الإيرانية منذ ذلك الحين، رغم أن المدير العام للوكالة رافائيل جروسي قال إن ذلك يمثل أولوية قصوى لديه. وأقر البرلمان الإيراني قانونا يعلّق التعاون مع الوكالة إلى أن يتسنى ضمان سلامة منشآت طهران النووية، في حين تقول الوكالة إن إيران لم تبلغها رسميا بتعليق التعاون، فإنه من غير الواضح متى سيتمكن مفتشو الوكالة من العودة إلى إيران. وتتهم إيران الوكالة بتمهيد الطريق فعليا للهجمات عليها بإصدارها تقريرا في 31 مايو/أيار يندد بإجراءات تتخذها طهران، وهو ما أفضى إلى قرار من مجلس محافظي الوكالة المؤلف من 35 دولة يعلن انتهاك إيران لالتزاماتها بمنع الانتشار النووي. وأدت الضربات العسكرية الأميركية والإسرائيلية إلى تدمير مواقع تخصيب اليورانيوم الثلاثة في إيران أو إلحاق أضرار جسيمة بها. لكن لم يتضح جليا حتى الآن ما حل بمعظم الأطنان التسعة من اليورانيوم المخصب، وخصوصا ما يزيد على 400 كيلوغرام من اليورانيوم المخصب، بنسبة نقاء تصل إلى 60% القريبة من درجة صنع الأسلحة.


الجزيرة
منذ 2 ساعات
- الجزيرة
أبراهام زيربيف حاخام إسرائيلي قاد عمليات التدمير في رفح
حاخام وقاض بالمحكمة الحاخامية في إسرائيل ، يشغل في الوقت ذاته رتبة ضابط في لواء غفعاتي التابع للجيش الإسرائيلي ، عُرف بأفكاره العنصرية الداعية لقتل الفلسطينيين. ذاع صيته في إسرائيل عبر مقاطع فيديو كان ينشرها على منصات التواصل أثناء مشاركته بالعمليات العسكرية في قطاع غزة. المولد والنشأة وُلِد الحاخام أبراهام دوف زيربيف في 23 يناير/كانون الثاني 1972، وترعرع في مستوطنة بيت إيل (شمالي شرق مدينة البيرة) وسط الضفة الغربية المحتلة. ونشأ في عائلة متدينة ومتشددة، فوالده حاخام من أوائل المهاجرين إلى إسرائيل وتولى لاحقا رئاسة المحكمة الحاخامية في تل أبيب ، بينما تنحدر والدته دبوراه من عائلة ذات توجهات وقناعات دينية، إذ كانت شقيقة الحاخام بن صهيون أبا شاول رئيس مدرسة "بورات يوسف" الدينية في القدس المحتلة. وقد تزوّج زيربيف في سن مبكرة وأنجب 10 أطفال. الدراسة والتكوين العلمي بدأ زيربيف دراسة التوراة في مرحلة مبكرة من حياته، وتخرّج من المدرسة الدينية العليا في مستوطنة بيت إيل. وعقب تخرجه، تولّى رئاسة المدرسة الإعدادية العسكرية بالمستوطنة نفسها، ثم التحق بالعمل في المحكمة الحاخامية في كل من تل أبيب وأرئيل. وتركّز نشاطه القضائي في المحكمة الحاخامية على ملفات الأحوال الشخصية، لاسيما قضايا الطلاق والنفقة وحضانة الأطفال والوصايا والميراث وإثبات الهوية اليهودية. واشتهر بإصداره أحكاما تتعلق بقضايا حساسة أبرزها قراره إبطال وصية امرأة أقدمت على الانتحار حرقا، وقال في الحكم "الوصية باطلة لأن الأم لم تكن في حالة تسمح لها باتخاذ قرارات بشأن ممتلكاتها وجسدها". التجربة العسكرية انضم زيربيف إلى الجيش الإسرائيلي مع بدايات الانتفاضة الفلسطينية الثانية عام 2000، برتبة ضابط في لواء المشاة "غفعاتي" كما شارك في عملية "السور الواقي" التي أطلقتها إسرائيل على الضفة الغربية في مارس/آذار 2002. وشارك أيضا في الحرب التي شنتها إسرائيل على لبنان في يوليو/تموز 2006. وصيف 2014 شارك في الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة ، وكان ضابط صف في هيئة الأركان العامة للجيش. ويصف زيربيف نفسه بأنه "شخصية معروفة جدا في لواء غفعاتي" ويقول إنه خدم في أغلب الحروب الإسرائيلية بقوات الاحتياط، كما يعترف بمشاركته في عمليات عدائية ضد الفلسطينيين. طوفان الأقصى لاحقا أنهى زيربيف خدمته في الجيش الإسرائيلي وتوجه إلى مجال القضاء، وعُيّن قاضيا في المحكمة الحاخامية في كل من تل أبيب ومستوطنة "أرئيل". غير أن اندلاع عملية " طوفان الأقصى" -التي نفذتها المقاومة الفلسطينية في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023- دفعه للعودة مجددا إلى الخدمة العسكرية ضمن صفوف لواء غفعاتي. وانضم هذا الحاخام إلى سرية المراقبة في اللواء، وعبّر عن تجربته بقوله " في اللحظات الأولى للحرب على غزة، لم أكن أعرف أين سأذهب وماذا يعني ذلك، لكنني قررت أن أحاول. وبدون سابق إنذار وجدت نفسي في لواء غفعاتي مع حقيبة ثقيلة أقاتل في قطاع غزة". ولاحقا انضم إلى وحدة "المعدات الهندسية الميكانيكية" التابعة للواء، وهي تختص بتشغيل المعدات الثقيلة وعلى رأسها الجرافات العسكرية ، وتتولى أيضا مسؤولية تدمير منازل ومنشآت الفلسطينيين في القطاع. ويؤدي زيربيف أدوارا متعددة في ساحة المعركة، إذ يتنقل ليلا بين جنود لواء غفعاتي لإلقاء محاضرات دينية "بهدف رفع معنوياتهم" بينما يقود في النهار عمليات الهدم والتجريف لتسوية الأبنية الفلسطينية بالأرض. وينتمي هذا الحاخام إلى الحريديم إلا أنه لا يعارض انخراطهم في الخدمة العسكرية، ويصرّح قائلا "من الممكن الجمع بين التوراة والجيش" مستدركا "لكن هذا لا يحدث بالقوة، بل بالحب والتفاهم". وفي 18 يوليو/تموز 2024، التقى زيربيف رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو -المطلوب للجنائية الدولية – في زيارة ميدانية لمدينة رفح و منطقة فيلادلفيا (جنوب قطاع غزة) وأثنى على نتنياهو قائلا "أشيد بصمودك، فهو يمنحنا قوة المقاتلين، ونحن نعلم أنه ليس عبثا، بل سيجلب الأمن لأجيال". وبعد نحو شهر تعرض زيربيف لإصابة أثناء مشاركته بالقتال داخل غزة، إثر استهداف جرافته بـ3 قذائف "آر بي جي" أطلقتها المقاومة الفلسطينية، مما استدعى نقله إلى مستشفى "بارزيلاي" في عسقلان للعلاج. وينشط زيربيف بكثافة على منصات التواصل الاجتماعي، ويوثّق مشاركاته العسكرية في القطاع الفلسطيني عبر مقاطع فيديو وصور أثارت جدلا في الأوساط الإسرائيلية. ومن بين أكثر هذه المشاهد تداولا صورة له وهو يجلس على كرسي أمام طاولة عليها سجادة صلاة، وخلفه لافتة كتب عليها "المحكمة الحاخامية في خان يونس" مما جعل زملاءه يطلقون عليه لقب "قاضي خان يونس" وتعقيبا على ذلك صرّح متحدث باسم المحاكم الحاخامية أن "الأمر كان مجرد مزاح". ونشر زيربيف أيضا مقاطع مصورة وهو يقود جرافات "دي-9" أثناء عمليات الهدم، وفي بعضها يحتفي بتحويل الأبنية إلى أنقاض، كما وثّق إطلاقه النار على فلسطيني أعزل في مدينة خان يونس (جنوب القطاع). ومنذ بدء العملية العسكرية الإسرائيلية في رفح في مارس/آذار 2025، تولى زيربيف قيادة عمليات الهدم الشامل للأحياء السكنية والبنية التحتية في المدينة الفلسطينية. وفي مقابلة مع القناة 14 الإسرائيلية في يناير/كانون الثاني 2025، أقر زيربيف بمسؤوليته عن تدمير ما لا يقل عن 50 مبنى كل أسبوع، إضافة إلى مشاركته في تدمير مدارس ومستشفيات ومنشآت إغاثية. ويعبّر الحاخام عن رؤيته لسياسة الهدم في غزة بقوله "تدمير غزة وسيلة ناجحة لمنع سكانها من العودة إلى مناطقهم" مضيفا "كان منهجنا محو كل شيء أمامنا وبجانبنا وخلفنا". وفي مقابلة أخرى مع موقع "الصوت اليهودي"، صرح قائلا "إذا أردت هزيمة حماس بأقل عدد من القتلى والجرحى، فما عليك سوى سحقها". جرائم حرب واجه زيربيف اتهامات من منظمات حقوقية بارتكاب جرائم حرب في غزة، والمشاركة في أعمال عدائية ضد الفلسطينيين، فضلا عن التحريض العلني على الكراهية. وقد دفعت هذه الاتهامات مؤسسة "هند رجب" الحقوقية -التي تتخذ من بروكسل مقرا- لتقديم شكوى رسمية ضده أمام المحكمة الجنائية الدولية. وفي يناير/كانون الثاني 2025، أوضحت المؤسسة أن الشكوى تستند إلى "دوره المباشر في الهدم الممنهج للأحياء السكنية والمنشآت المدنية في غزة، وتحريضه العلني على العنف والكراهية، بما يشمل دعمه الصريح لقتل المدنيين الفلسطينيين وتدمير مجتمعاتهم". وفي 22 مايو/أيار 2025، صرّح عدد من المحامين الإسرائيليين لصحيفة "هآرتس" بأن تصرفات زيربيف "تنتهك قواعد أخلاقيات القضاة التي تنص على عدم التعبير علنا عن المسائل غير القانونية التي تخضع للجدل العام". ومن جانبها، أوضحت الدكتورة ليمور غوتمان الخبيرة بأخلاقيات المحامين والقضاة أن "القواعد تمنع زيربيف من الإدلاء بأي مواقف سياسية عبر وسائل الإعلام أو التحول إلى شخصية بارزة على شبكة الإنترنت، بغض النظر عن طبيعة الموضوعات التي يتناولها". وفي المقابل، أكدت إدارة المحاكم الحاخامية أن زيربيف "على دراية تامة بالضوابط الأخلاقية الملزمة لمنصبه، ولذلك هو حريص على عدم التعبير عن رأيه سياسيا".