logo
محمد حسان فلفل يكتب: الضحية الصامتة.. المخاطر البيئية لحرب ال 12 يومًا بين إسرائيل وإيران

محمد حسان فلفل يكتب: الضحية الصامتة.. المخاطر البيئية لحرب ال 12 يومًا بين إسرائيل وإيران

مصرسمنذ 2 أيام
تتشابك المخاطر الجيوسياسية مع البيئية بشكل متزايد وأكثر تعقيداً، فالصراع على الموارد الطبيعية بات يشكل دافعاً قوياً لزيادة المخاطر والتهديدات الجيوسياسية، وفى نفس الوقت تزيد الحروب والنزاعات المسلحة من حدة المخاطر البيئية بشكل لافت، فآثار الحروب لا تقتصر على المشهد السياسى وحده، بل تمتد لتُدمِّر النظم البيئية، فى ظل تلوث الهواء والمياه، والانبعاثات الكربونية الكبيرة، وتهجير المجتمعات، وتعطيل التقدم البيئى العالمى لعقود. وفى وقت يقترب فيه العالم بشكل خطر من نقطة اللاعودة فى أزمة المناخ، تُصبح التكلفة البيئية للصراعات المسلحة عبئاً لا يمكن للبشرية تحمّله، فما من حرب تُخاض إلا وتُخلِّف وراءها دماراً للطبيعة.
وقد شهدت منطقة الشرق الأوسط حرباً بين إسرائيل وإيران استمرت لمدة 12 يوماً فى شهر يونيو 2025، وانضمّت الولايات المتحدة عسكرياً إلى هذه المواجهة. وبينما سلطت وسائل الإعلام الضوء على التداعيات الجيوسياسية للحرب واستراتيجياتها العسكرية والمخاوف النووية، كانت وما زالت البيئة هى «الضحية الصامتة» التى تدفع ثمناً باهظاً لمثل هذه الحروب.ويسعى هذا التحليل إلى تسليط الضوء على المخاطر والأضرار البيئية للحرب الإسرائيلية الإيرانية، وكيف يمكن لمواجهة عسكرية واحدة أو حتى أيام قليلة من الغارات الجوية المكثفة أن تُخلِّف أضراراً بيئية تستمر آثارها لسنوات، مع التأكيد على أن هناك حاجة مُلِحّة إلى تجنُّب الحروب بأى ثمن، ليس فقط من أجل السلام البشرى، بل من أجل إنقاذ الكوكب نفسه من مصير كارثى.اتساع المخاطربدأت الحرب بين إسرائيل وإيران فى 13 يونيو الماضى بعد أن هاجمت إسرائيل عشرات الأهداف فى إيران بهدف معلن وهو تدمير البرنامج النووى الإيرانى، ثم توالت الضربات العسكرية المتبادلة بين الطرفين، مع استهداف عدد كبير ومتنوع من المنشآت والأهداف العسكرية وغير العسكرية فى البلدين. وقد تركزت المخاوف البيئية، فى البداية، على تداعيات الضربات العسكرية ضد المنشآت النووية؛ مما دفع الوكالة الدولية للطاقة الذرية إلى التحذير بشأن ضرورة عدم مهاجمة المنشآت النووية لأن ذلك سيُلحِق أضراراً جسيمة بالناس والبيئة، إلا أنه بتوسيع نطاق الأهداف المتبادلة بين الطرفين اتسع أيضاً نطاق المخاطر البيئية المُحتملة.وفيما يتعلق بالمخاطر النووية للحرب من خلال استهداف المنشآت النووية الإيرانية، فإن هناك حالة من عدم الوضوح بشأن التداعيات المترتبة فى هذا الشأن؛ فقد أفاد المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية، رافائيل غروسى، فى 29 يونيو الماضى، بأن الضربات الأمريكية على إيران لم تكن كافية لإحداث ضرر كامل لبرنامجها النووى، وأن طهران قد تستأنف تخصيب اليورانيوم «فى غضون أشهر»؛ وهو ما يتناقض مع تأكيدات الرئيس الأمريكى، دونالد ترامب، بأن الولايات المتحدة أعادت طموحات إيران عقوداً إلى الوراء.وقد يكون من غير المعروف على وجه الدقة عدد الصواريخ والقنابل التى أُطلقت على المنشآت النووية والعسكرية الإيرانية خلال الحرب الأخيرة، إلا أنه فى 22 يونيو الماضى هاجمت الولايات المتحدة مواقع فوردو وأصفهان ونطنز النووية ب14 قنبلة خارقة للتحصينات من طراز «جى بى يو-57»، تزن كل منها 30 ألف رطل (13600 كيلوجرام)، إلى جانب 30 صاروخ «توماهوك»، لكن المدى الفعلى للأضرار لا يزال غير واضح، حيث لم تتمكن الوكالة الدولية للطاقة الذرية من التحقق بشكل كامل من آثار تلك الهجمات الأمريكية، وخاصةً على محطة التخصيب تحت الأرض فى فوردو.وعلى الرغم من أنه لم يتم قياس مستويات متزايدة من الإشعاع خارج المحطات النووية الإيرانية؛ فإن أى تسرب مُحتمل لهذه المواد قد يُشكل مخاطر صحية وبيئية كبيرة، فهناك تأثيرات كيميائية لا تقتصر على التداعيات الانفجارية فقط، فمواقع تخصيب اليورانيوم لا تُسبب ارتفاعات إشعاعية تقليدية عند قصفها؛ لكنها تُخزن وتُعالج سادس فلوريد اليورانيوم، حيث يتحول إلى مُركبات أخرى مُسببة للتآكل وخطرة للغاية على الإنسان والبيئة، ويُمكن أن يُؤدى استنشاقه إلى تلف تنفسى حاد. كما أن إطلاقه فى التربة أو الهواء يُمكن أن يُسمم طبقات المياه الجوفية والمحاصيل والنظم البيئية لعقود.كما أدت الضربات الجوية لإسرائيل وإيران إلى التأثير فى الخرسانة والصخور والمعادن؛ مما أدى إلى خلق سحب من الغُبار المختلط بالمعادن الثقيلة، وبقايا مُشعة مُحتملة، وجزيئات حمضية سامة، وعندما يستقر هذا الخليط فإن خصوبة التربة تتدهور بشكل كبير، كما تصبح المياه الجوفية غير صالحة للاستهلاك، ويمكن أن يمتد التأثير إلى تهديد التنوع البيولوجى. بالإضافة إلى ذلك، فإن تلك الهجمات ألحقت أيضاً أضراراً بأنظمة معالجة النفايات، ووحدات التهوية والترشيح فى محطات التخصيب، وشبكات الكهرباء القريبة، وقد تتطلب مناطق بأكملها كانت صالحة للزراعة أو السكن سنوات من المعالجة البيئية؛ وهو ما دعا وزارتى الطاقة والبيئة فى إيران إلى تشكيل لجان فنية لتوثيق الأضرار البيئية، وإدارة النفايات الخطرة، واختبار التربة فى المناطق المتضررة.وتختلف العواقب البيئية الناجمة عن الهجمات على المواقع العسكرية من موقع لآخر، وتعتمد على المواد والأنشطة الموجودة فى كل موقع. ومع حدوث انفجارات وحرائق فى تلك المواقع، فإن ثمة مخاوف من تأثير الملوثات المتنوعة الناجمة عن الوقود والزيوت ومواد التشحيم والمعادن الثقيلة والمواد النشطة، والتى يمكن أن تؤثر فى المناطق الحضرية القريبة؛ مما يزيد من المخاطر على البشر إذا تم نقل الملوثات خارج المواقع العسكرية. ومن بين المخاوف البارزة فى سياق الحرب الأخيرة، مخاطر التلوث المرتبطة بالمرافق الصاروخية المتضررة؛ حيث تمتلك إيران مجموعة متنوعة من الصواريخ البالستية التى تعمل بالوقود الصلب والسائل، وتُعتبر العديد من أنواع الوقود الصاروخى السائل سامة للغاية، وتُمثل مشكلة كبيرة عند إدارتها والتخلص منها. إضافة إلى المخاطر الناجمة عن استهداف بعض المطارات، والتى تحتوى على مخازن وقود معرضة لخطر الحرائق، واستهداف مواقع تخزين وإنتاج الأسلحة.الانبعاثات الكربونيةتُعد إيران من كبار منتجى النفط والغاز، ولديها احتياطيات كبيرة تقع بشكل رئيسى فى جنوب غرب البلاد، كما أنها تمتلك بنية تحتية للوقود الأحفورى، بما فى ذلك مصافى النفط ومصانع التخزين ومصانع معالجة الغاز وشبكة واسعة من خطوط أنابيب النفط والغاز. وقد تسببت الهجمات الإسرائيلية على بعض تلك المنشآت، مثل مصفاة طهران للنفط ومستودع شهران للوقود والغاز، فى تولد حرائق النفط، والتى تنتج العديد من الملوثات التى تؤثر فى جودة الهواء، ويمكن أن تؤدى أعمدة الدخان المتصاعدة فى اتجاه الريح إلى تلويث التربة والمياه، وتُلحق أضراراً بالبنية التحتية وتوليد كميات كبيرة من الانبعاثات من الغازات المُسببة للاحتباس الحرارى. وتُعد مصفاة طهران واحدة من أقدم مصافى التكرير فى إيران، وتبلغ طاقتها التكريرية 225 ألف برميل يومياً، كما يُعد مستودع شهران أحد أكبر مراكز تخزين وتوزيع الوقود والغاز فى طهران بسعة 260 مليون لتر عبر 11 خزان تخزين. وفى المقابل، تداولت المواقع الإخبارية ما يفيد بأن الصواريخ الإيرانية قد أصابت العديد من المناطق فى إسرائيل، ومنها مواقع نفطية مثل مجمع مصفاة بازان للنفط بالقرب من حيفا؛ مما أدى إلى اندلاع حرائق وأضرار فى خط الأنابيب، ومحطة توليد الكهرباء فى حيفا، كما أغلقت إسرائيل اثنين من حقول الغاز البحرية الثلاثة لديها؛ مما أدى إلى تقليص الإمدادات المحلية. ويشير أحد التقديرات الصادرة عن جامعة مارى كوين فى لندن إلى أنه خلال الأيام الخمسة الأولى من حرب إسرائيل وإيران، تسبب إطلاق وقود الطائرات والصواريخ، بما فى ذلك الصواريخ البالستية، فى انبعاثات تُقدر بأكثر من 35 ألف طن من ثانى أكسيد الكربون، وهذا الرقم يعادل ما تنتجه قيادة 8300 سيارة لمدة عام أو حرق 20 ألف طن من الفحم.كذلك فإن قاذفة «بى 2» (B-2) وحدها تستهلك نحو 25 ألف لتر من الوقود فى كل مهمة، بالإضافة إلى العشرات من طائرات التزود بالوقود، ونحو 125 طائرة دعم فى مهام القاذفات الأمريكية السبع؛ وهو ما يعنى أن انبعاثات الكربون الناجمة عن إطلاقها لمدة ثلاثة أيام فقط تنافس الانبعاثات السنوية للدول الجُزرية الصغيرة؛ مما يعرض التقدم نحو تحقيق أهداف المناخ العالمية للخطر، فالحرب لا تهدد حياة البشر فحسب، بل تؤدى كذلك إلى ارتفاع درجة حرارة الكوكب.السلام والمناخيؤدى تغير المناخ بالفعل إلى زعزعة استقرار المجتمعات، وتؤدى الحروب إلى تسريع وزيادة معدلات انبعاثات الكربون وفقدان التنوع البيولوجى وانهيار النظام البيئى، فالضرر البيئى قد لا يمكن إصلاحه، والتعافى قد يستغرق عقوداً من الزمن، وتتحول مناطق الحروب إلى مناطق تضحية بيئية، حيث يتم القضاء على التقدم نحو تحقيق أهداف التنمية المستدامة فى غضون ساعات. وفى حين تظل الصراعات والانبعاثات الناجمة عن العمليات العسكرية خارج جدول الأعمال الرسمى لمؤتمر الأطراف فى اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ «كوب» (COP)، فإن الحركة المناخية تربط بشكل متزايد بين السلام والأمن وأزمة المناخ. ومن المُقرر أن تنطلق أعمال «كوب 30» المرتقبة فى البرازيل فى نوفمبر 2025، وسط أجواء عالمية تزداد تعقيداً وأزمات عاصفة تطغى على المشهد العالمى وحالة من الانقسام تُلقى بظلالها على النتائج المرتقبة للعمل المناخى.وفى هذا الإطار، يُسلط تقرير المخاطر العالمية لعام 2025 الضوء على الطبيعة المترابطة للتحديات المعاصرة، فمن التدهور البيئى إلى عدم الاستقرار الجيوسياسى والتشرذم المجتمعي؛ تتطلب المخاطر التى يواجهها العالم استجابات منسقة ومتعددة الأطراف. ولا يُمكن تجاوز تقلبات عصرنا المعقدة والعمل نحو مستقبل أكثر مرونة إلا من خلال التعاون العالمى.ختاماً، يمكن القول إن تقييم المخاطر والتداعيات البيئية للحروب لا يقل أهمية عن تقييم الأضرار والخسائر الأخرى، فقياس خسائر الحروب لا يعتمد فقط على إحصاء عدد القتلى والجرحى بين العسكريين والمدنيين وبما تم تدميره من مدن وسُبل الحياة، إنما لا بد أن يتخطى ذلك إلى تقييم الأضرار والخسائر البيئية، ففى كثير من الأحيان تبقى البيئة ضحية غير مُعلنة للحرب. ويبدو المشهد السياسى فى منطقة الشرق الأوسط أكثر تعقيداً ويُنذر باستمرار تأجج الحروب والنزاعات المسلحة فى الكثير من بؤر الصراع التى عانت ولا تزال تعانى من نتائج كارثية على المستويات والقطاعات كافة. ولا تزال المخاوف من تجدد الحرب الإسرائيلية الإيرانية قائمة، بل وتزداد المخاوف إلى تطور هذه الحرب إلى ما هو أبعد من الضربات الجوية المتبادلة؛ ومن ثم تزداد معها المخاوف من التأثيرات البيئية الأكثر حدة.* خبير فى إدارة مخاطر الأزمات والكوارث والتغيرات المناخيةينشر بالتعاون مع مركز المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

محمد حسان فلفل يكتب: الضحية الصامتة.. المخاطر البيئية لحرب ال 12 يومًا بين إسرائيل وإيران
محمد حسان فلفل يكتب: الضحية الصامتة.. المخاطر البيئية لحرب ال 12 يومًا بين إسرائيل وإيران

مصرس

timeمنذ 2 أيام

  • مصرس

محمد حسان فلفل يكتب: الضحية الصامتة.. المخاطر البيئية لحرب ال 12 يومًا بين إسرائيل وإيران

تتشابك المخاطر الجيوسياسية مع البيئية بشكل متزايد وأكثر تعقيداً، فالصراع على الموارد الطبيعية بات يشكل دافعاً قوياً لزيادة المخاطر والتهديدات الجيوسياسية، وفى نفس الوقت تزيد الحروب والنزاعات المسلحة من حدة المخاطر البيئية بشكل لافت، فآثار الحروب لا تقتصر على المشهد السياسى وحده، بل تمتد لتُدمِّر النظم البيئية، فى ظل تلوث الهواء والمياه، والانبعاثات الكربونية الكبيرة، وتهجير المجتمعات، وتعطيل التقدم البيئى العالمى لعقود. وفى وقت يقترب فيه العالم بشكل خطر من نقطة اللاعودة فى أزمة المناخ، تُصبح التكلفة البيئية للصراعات المسلحة عبئاً لا يمكن للبشرية تحمّله، فما من حرب تُخاض إلا وتُخلِّف وراءها دماراً للطبيعة. وقد شهدت منطقة الشرق الأوسط حرباً بين إسرائيل وإيران استمرت لمدة 12 يوماً فى شهر يونيو 2025، وانضمّت الولايات المتحدة عسكرياً إلى هذه المواجهة. وبينما سلطت وسائل الإعلام الضوء على التداعيات الجيوسياسية للحرب واستراتيجياتها العسكرية والمخاوف النووية، كانت وما زالت البيئة هى «الضحية الصامتة» التى تدفع ثمناً باهظاً لمثل هذه الحروب.ويسعى هذا التحليل إلى تسليط الضوء على المخاطر والأضرار البيئية للحرب الإسرائيلية الإيرانية، وكيف يمكن لمواجهة عسكرية واحدة أو حتى أيام قليلة من الغارات الجوية المكثفة أن تُخلِّف أضراراً بيئية تستمر آثارها لسنوات، مع التأكيد على أن هناك حاجة مُلِحّة إلى تجنُّب الحروب بأى ثمن، ليس فقط من أجل السلام البشرى، بل من أجل إنقاذ الكوكب نفسه من مصير كارثى.اتساع المخاطربدأت الحرب بين إسرائيل وإيران فى 13 يونيو الماضى بعد أن هاجمت إسرائيل عشرات الأهداف فى إيران بهدف معلن وهو تدمير البرنامج النووى الإيرانى، ثم توالت الضربات العسكرية المتبادلة بين الطرفين، مع استهداف عدد كبير ومتنوع من المنشآت والأهداف العسكرية وغير العسكرية فى البلدين. وقد تركزت المخاوف البيئية، فى البداية، على تداعيات الضربات العسكرية ضد المنشآت النووية؛ مما دفع الوكالة الدولية للطاقة الذرية إلى التحذير بشأن ضرورة عدم مهاجمة المنشآت النووية لأن ذلك سيُلحِق أضراراً جسيمة بالناس والبيئة، إلا أنه بتوسيع نطاق الأهداف المتبادلة بين الطرفين اتسع أيضاً نطاق المخاطر البيئية المُحتملة.وفيما يتعلق بالمخاطر النووية للحرب من خلال استهداف المنشآت النووية الإيرانية، فإن هناك حالة من عدم الوضوح بشأن التداعيات المترتبة فى هذا الشأن؛ فقد أفاد المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية، رافائيل غروسى، فى 29 يونيو الماضى، بأن الضربات الأمريكية على إيران لم تكن كافية لإحداث ضرر كامل لبرنامجها النووى، وأن طهران قد تستأنف تخصيب اليورانيوم «فى غضون أشهر»؛ وهو ما يتناقض مع تأكيدات الرئيس الأمريكى، دونالد ترامب، بأن الولايات المتحدة أعادت طموحات إيران عقوداً إلى الوراء.وقد يكون من غير المعروف على وجه الدقة عدد الصواريخ والقنابل التى أُطلقت على المنشآت النووية والعسكرية الإيرانية خلال الحرب الأخيرة، إلا أنه فى 22 يونيو الماضى هاجمت الولايات المتحدة مواقع فوردو وأصفهان ونطنز النووية ب14 قنبلة خارقة للتحصينات من طراز «جى بى يو-57»، تزن كل منها 30 ألف رطل (13600 كيلوجرام)، إلى جانب 30 صاروخ «توماهوك»، لكن المدى الفعلى للأضرار لا يزال غير واضح، حيث لم تتمكن الوكالة الدولية للطاقة الذرية من التحقق بشكل كامل من آثار تلك الهجمات الأمريكية، وخاصةً على محطة التخصيب تحت الأرض فى فوردو.وعلى الرغم من أنه لم يتم قياس مستويات متزايدة من الإشعاع خارج المحطات النووية الإيرانية؛ فإن أى تسرب مُحتمل لهذه المواد قد يُشكل مخاطر صحية وبيئية كبيرة، فهناك تأثيرات كيميائية لا تقتصر على التداعيات الانفجارية فقط، فمواقع تخصيب اليورانيوم لا تُسبب ارتفاعات إشعاعية تقليدية عند قصفها؛ لكنها تُخزن وتُعالج سادس فلوريد اليورانيوم، حيث يتحول إلى مُركبات أخرى مُسببة للتآكل وخطرة للغاية على الإنسان والبيئة، ويُمكن أن يُؤدى استنشاقه إلى تلف تنفسى حاد. كما أن إطلاقه فى التربة أو الهواء يُمكن أن يُسمم طبقات المياه الجوفية والمحاصيل والنظم البيئية لعقود.كما أدت الضربات الجوية لإسرائيل وإيران إلى التأثير فى الخرسانة والصخور والمعادن؛ مما أدى إلى خلق سحب من الغُبار المختلط بالمعادن الثقيلة، وبقايا مُشعة مُحتملة، وجزيئات حمضية سامة، وعندما يستقر هذا الخليط فإن خصوبة التربة تتدهور بشكل كبير، كما تصبح المياه الجوفية غير صالحة للاستهلاك، ويمكن أن يمتد التأثير إلى تهديد التنوع البيولوجى. بالإضافة إلى ذلك، فإن تلك الهجمات ألحقت أيضاً أضراراً بأنظمة معالجة النفايات، ووحدات التهوية والترشيح فى محطات التخصيب، وشبكات الكهرباء القريبة، وقد تتطلب مناطق بأكملها كانت صالحة للزراعة أو السكن سنوات من المعالجة البيئية؛ وهو ما دعا وزارتى الطاقة والبيئة فى إيران إلى تشكيل لجان فنية لتوثيق الأضرار البيئية، وإدارة النفايات الخطرة، واختبار التربة فى المناطق المتضررة.وتختلف العواقب البيئية الناجمة عن الهجمات على المواقع العسكرية من موقع لآخر، وتعتمد على المواد والأنشطة الموجودة فى كل موقع. ومع حدوث انفجارات وحرائق فى تلك المواقع، فإن ثمة مخاوف من تأثير الملوثات المتنوعة الناجمة عن الوقود والزيوت ومواد التشحيم والمعادن الثقيلة والمواد النشطة، والتى يمكن أن تؤثر فى المناطق الحضرية القريبة؛ مما يزيد من المخاطر على البشر إذا تم نقل الملوثات خارج المواقع العسكرية. ومن بين المخاوف البارزة فى سياق الحرب الأخيرة، مخاطر التلوث المرتبطة بالمرافق الصاروخية المتضررة؛ حيث تمتلك إيران مجموعة متنوعة من الصواريخ البالستية التى تعمل بالوقود الصلب والسائل، وتُعتبر العديد من أنواع الوقود الصاروخى السائل سامة للغاية، وتُمثل مشكلة كبيرة عند إدارتها والتخلص منها. إضافة إلى المخاطر الناجمة عن استهداف بعض المطارات، والتى تحتوى على مخازن وقود معرضة لخطر الحرائق، واستهداف مواقع تخزين وإنتاج الأسلحة.الانبعاثات الكربونيةتُعد إيران من كبار منتجى النفط والغاز، ولديها احتياطيات كبيرة تقع بشكل رئيسى فى جنوب غرب البلاد، كما أنها تمتلك بنية تحتية للوقود الأحفورى، بما فى ذلك مصافى النفط ومصانع التخزين ومصانع معالجة الغاز وشبكة واسعة من خطوط أنابيب النفط والغاز. وقد تسببت الهجمات الإسرائيلية على بعض تلك المنشآت، مثل مصفاة طهران للنفط ومستودع شهران للوقود والغاز، فى تولد حرائق النفط، والتى تنتج العديد من الملوثات التى تؤثر فى جودة الهواء، ويمكن أن تؤدى أعمدة الدخان المتصاعدة فى اتجاه الريح إلى تلويث التربة والمياه، وتُلحق أضراراً بالبنية التحتية وتوليد كميات كبيرة من الانبعاثات من الغازات المُسببة للاحتباس الحرارى. وتُعد مصفاة طهران واحدة من أقدم مصافى التكرير فى إيران، وتبلغ طاقتها التكريرية 225 ألف برميل يومياً، كما يُعد مستودع شهران أحد أكبر مراكز تخزين وتوزيع الوقود والغاز فى طهران بسعة 260 مليون لتر عبر 11 خزان تخزين. وفى المقابل، تداولت المواقع الإخبارية ما يفيد بأن الصواريخ الإيرانية قد أصابت العديد من المناطق فى إسرائيل، ومنها مواقع نفطية مثل مجمع مصفاة بازان للنفط بالقرب من حيفا؛ مما أدى إلى اندلاع حرائق وأضرار فى خط الأنابيب، ومحطة توليد الكهرباء فى حيفا، كما أغلقت إسرائيل اثنين من حقول الغاز البحرية الثلاثة لديها؛ مما أدى إلى تقليص الإمدادات المحلية. ويشير أحد التقديرات الصادرة عن جامعة مارى كوين فى لندن إلى أنه خلال الأيام الخمسة الأولى من حرب إسرائيل وإيران، تسبب إطلاق وقود الطائرات والصواريخ، بما فى ذلك الصواريخ البالستية، فى انبعاثات تُقدر بأكثر من 35 ألف طن من ثانى أكسيد الكربون، وهذا الرقم يعادل ما تنتجه قيادة 8300 سيارة لمدة عام أو حرق 20 ألف طن من الفحم.كذلك فإن قاذفة «بى 2» (B-2) وحدها تستهلك نحو 25 ألف لتر من الوقود فى كل مهمة، بالإضافة إلى العشرات من طائرات التزود بالوقود، ونحو 125 طائرة دعم فى مهام القاذفات الأمريكية السبع؛ وهو ما يعنى أن انبعاثات الكربون الناجمة عن إطلاقها لمدة ثلاثة أيام فقط تنافس الانبعاثات السنوية للدول الجُزرية الصغيرة؛ مما يعرض التقدم نحو تحقيق أهداف المناخ العالمية للخطر، فالحرب لا تهدد حياة البشر فحسب، بل تؤدى كذلك إلى ارتفاع درجة حرارة الكوكب.السلام والمناخيؤدى تغير المناخ بالفعل إلى زعزعة استقرار المجتمعات، وتؤدى الحروب إلى تسريع وزيادة معدلات انبعاثات الكربون وفقدان التنوع البيولوجى وانهيار النظام البيئى، فالضرر البيئى قد لا يمكن إصلاحه، والتعافى قد يستغرق عقوداً من الزمن، وتتحول مناطق الحروب إلى مناطق تضحية بيئية، حيث يتم القضاء على التقدم نحو تحقيق أهداف التنمية المستدامة فى غضون ساعات. وفى حين تظل الصراعات والانبعاثات الناجمة عن العمليات العسكرية خارج جدول الأعمال الرسمى لمؤتمر الأطراف فى اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ «كوب» (COP)، فإن الحركة المناخية تربط بشكل متزايد بين السلام والأمن وأزمة المناخ. ومن المُقرر أن تنطلق أعمال «كوب 30» المرتقبة فى البرازيل فى نوفمبر 2025، وسط أجواء عالمية تزداد تعقيداً وأزمات عاصفة تطغى على المشهد العالمى وحالة من الانقسام تُلقى بظلالها على النتائج المرتقبة للعمل المناخى.وفى هذا الإطار، يُسلط تقرير المخاطر العالمية لعام 2025 الضوء على الطبيعة المترابطة للتحديات المعاصرة، فمن التدهور البيئى إلى عدم الاستقرار الجيوسياسى والتشرذم المجتمعي؛ تتطلب المخاطر التى يواجهها العالم استجابات منسقة ومتعددة الأطراف. ولا يُمكن تجاوز تقلبات عصرنا المعقدة والعمل نحو مستقبل أكثر مرونة إلا من خلال التعاون العالمى.ختاماً، يمكن القول إن تقييم المخاطر والتداعيات البيئية للحروب لا يقل أهمية عن تقييم الأضرار والخسائر الأخرى، فقياس خسائر الحروب لا يعتمد فقط على إحصاء عدد القتلى والجرحى بين العسكريين والمدنيين وبما تم تدميره من مدن وسُبل الحياة، إنما لا بد أن يتخطى ذلك إلى تقييم الأضرار والخسائر البيئية، ففى كثير من الأحيان تبقى البيئة ضحية غير مُعلنة للحرب. ويبدو المشهد السياسى فى منطقة الشرق الأوسط أكثر تعقيداً ويُنذر باستمرار تأجج الحروب والنزاعات المسلحة فى الكثير من بؤر الصراع التى عانت ولا تزال تعانى من نتائج كارثية على المستويات والقطاعات كافة. ولا تزال المخاوف من تجدد الحرب الإسرائيلية الإيرانية قائمة، بل وتزداد المخاوف إلى تطور هذه الحرب إلى ما هو أبعد من الضربات الجوية المتبادلة؛ ومن ثم تزداد معها المخاوف من التأثيرات البيئية الأكثر حدة.* خبير فى إدارة مخاطر الأزمات والكوارث والتغيرات المناخيةينشر بالتعاون مع مركز المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة

الرمال السوداء..كنز مدفون يحل أزمة الطاقة في مصر
الرمال السوداء..كنز مدفون يحل أزمة الطاقة في مصر

وضوح

timeمنذ 2 أيام

  • وضوح

الرمال السوداء..كنز مدفون يحل أزمة الطاقة في مصر

بقلم / رمضان النجار في ظل التحديات العالمية والمحلية المتزايدة المرتبطة بأزمة الطاقة، تبحث الدولة المصرية، كما غيرها من الدول، عن بدائل حقيقية ومستدامة لمصادر الطاقة التقليدية مثل الغاز والسولار، التي باتت تشكّل عنصر ضغط على الاقتصاد، ومصدرًا للصراعات الدولية. ومع تزايد أعباء انقطاع التيار الكهربائي، وارتفاع فاتورة الكهرباء، أصبح من الضروري الاتجاه نحو مصادر طاقة بديلة وآمنة ومتجددة. وبينما تنصب الأنظار عالميًا نحو الطاقة الشمسية والرياح، تطل الرمال السوداء كثروة مصرية غير مستغلة، تحمل في باطنها معدنًا يمكنه قلب موازين الطاقة ليس في مصر وحدها، بل في العالم بأسره: الثوريوم. الرمال السوداء.. الحل الذهبي لأزمة الطاقة قد يظن البعض أن الربط بين الرمال السوداء وحل أزمة الطاقة هو نوع من الخيال أو المبالغة، لكن الحقيقة التي يؤكدها خبراء الطاقة النووية هي أن الثوريوم المستخرج من الرمال السوداء يُعد خيارًا نوويًا واعدًا وأفضل بكثير من اليورانيوم، سواء من حيث الأمان أو التكلفة أو الوفرة. يقول الدكتور هشام ناصف، مدير مركز تطوير المفاعلات النووية في اليابان، إن الثوريوم يعتبر بديلًا آمنًا وفعالًا لليورانيوم، ويمكنه تشغيل المفاعلات النووية بكفاءة عالية، مع نسبة أمان تفوق مثيلتها في المفاعلات التقليدية. الثوريوم.. كنز مصر النووي المنسي تشير تقديرات الجيولوجيين إلى أن مصر تمتلك مخزونًا يُقدّر بنحو 380 ألف طن من الثوريوم، يتركز في الرمال السوداء المنتشرة على السواحل الشمالية، لاسيما دلتا النيل والساحل الشمالي. وبذلك، تحتل مصر موقعًا مميزًا على خريطة الثروات النووية العالمية، بما يمثل نحو 7٪ من احتياطي الثوريوم العالمي. ويؤكد الدكتور منير عبد الفتاح، رئيس قطاع الإنتاج السابق بهيئة المواد النووية، أن 50 كيلوجرامًا فقط من الثوريوم تكفي لتشغيل مفاعل نووي بقدرة 1000 ميجاوات لمدة تتراوح من 20 إلى 40 عامًا. فرصة ذهبية نحو الاكتفاء الذاتي إذا تم استغلال هذه الثروة بالشكل الأمثل، فإن مصر تمتلك فرصة حقيقية لتحقيق الاكتفاء الذاتي من الطاقة، والتخلص نهائيًا من أزمة انقطاع الكهرباء، بل وقد تصبح مصدرًا لتصدير الطاقة النووية النظيفة إلى دول الجوار، في ظل الطلب العالمي المتزايد على مصادر الطاقة الآمنة والمستدامة. ويرى الخبراء أن الاعتماد على الثوريوم سيقلل من الضغط على محطات الكهرباء التقليدية، ويُسهم في خفض فاتورة الدعم، وتحقيق استقرار اقتصادي واجتماعي حقيقي. تساؤلات مشروعة.. ونداء للدولة وسط هذه الحقائق العلمية والفرص الاقتصادية الضخمة، يبقى السؤال الأهم: هل تدرك الدولة المصرية حجم الكنز الذي تملكه؟ ولماذا لا يتم الاستثمار الجاد في هذه الثروة الطبيعية التي منحنا الله إياها بلا عناء؟ ولماذا تُباع الرمال السوداء بثمن بخس في الوقت الذي يمكن أن تكون فيه مفتاحًا لحل أكبر أزمة تواجه المصريين يومًا بعد يوم؟ إن استغلال الرمال السوداء والثوريوم لا يجب أن يبقى مشروعًا مؤجلاً، بل لابد أن يدخل ضمن أولويات الأمن القومي والطاقة المستدامة. رمضان عبد الفتاح النجار كاتب وباحث

مجلس الشيوخ الأمريكي يتجه لرفض خفض تمويل العلوم في موازنة ترامب لعام 2026
مجلس الشيوخ الأمريكي يتجه لرفض خفض تمويل العلوم في موازنة ترامب لعام 2026

الدستور

timeمنذ 2 أيام

  • الدستور

مجلس الشيوخ الأمريكي يتجه لرفض خفض تمويل العلوم في موازنة ترامب لعام 2026

أظهرت جلسة استماع عقدتها لجنة الاعتمادات بمجلس الشيوخ الأمريكي مؤشرات واضحة على أن الكونجرس قد يرفض اقتراح الرئيس دونالد ترامب، بخفض كبير في تمويل عدد من الوكالات العلمية، من بينها مؤسسة العلوم الوطنية (NSF) ووكالة الفضاء الأميركية "ناسا"، وهو ما قد يمثل انتصارًا كبيرًا للباحثين والمدافعين عن العلم. ورغم أن اللجنة كانت على وشك التصويت على مشروع قانون يحدد تمويل المؤسسات العلمية في العام المالي 2026، إلا أن التصويت تعثر مؤقتًا بسبب خلاف غير متعلق بالعلوم حول موقع المقر الجديد لمكتب التحقيقات الفيدرالي (FBI)، ما دفع اللجنة إلى الدخول في فترة استراحة لم يُعلَن عن مدتها، بحسب تقرير حديث نشرته مجلة "نيتشر" العلمية. خفض التمويل الفيدرالي للأبحاث وتعد هذه الجلسة أول مؤشر عملي على أن الكونجرس الأمريكي، الذي يملك سلطة الإنفاق، قد يتجاهل توجهات البيت الأبيض المتعلقة بتمويل العلوم. ووفقًا لتحليل صادر عن الجمعية الأمريكية لتقدم العلوم (AAAS) في وقت سابق من هذا الأسبوع، فإن مقترح ترامب من شأنه أن يؤدي إلى خفض التمويل الفيدرالي للأبحاث الأساسية بنسبة تصل إلى ثلث الميزانية، وهو ما وصفه العلماء بـ"الضربة المدمرة" للبحث العلمي الأمريكي. لكن مشروع قانون مجلس الشيوخ المقترح يتضمن خفضًا طفيفًا لا يتجاوز 0.67% في ميزانية مؤسسة العلوم الوطنية، بدلًا من الخفض الحاد بنسبة 57% الذي اقترحته إدارة ترامب. كما يسمح المشروع بمواصلة العديد من مهام ناسا المتعلقة بالفضاء وعلوم الأرض، بدلًا من إيقافها تمامًا كما جاء في مقترحات الإدارة الأمريكية. وقال السيناتور الجمهوري، جيري موران من ولاية كنساس، خلال الاجتماع: "هذا المشروع يحمي المهمات العلمية الأساسية". ورغم بوادر التفاؤل، أعرب مراقبون عن خشيتهم من أن إدارة ترامب قد تتجاهل أي تمويل يصدر عن الكونجرس. فحتى الآن، أقدم البيت الأبيض على تسريح آلاف الموظفين الفيدراليين، بمن فيهم علماء، وسحب أموال سبق أن خصصها الكونجرس، كما أوعز لبعض الوكالات بالتخطيط للعام المقبل وكأن مقترح خفض التمويل هو المعتمد فعليًا. من جانبه، قال كيني إيفانز، خبير سياسات العلوم في جامعة رايس بولاية تكساس، إن هناك "تفاؤلًا حذرًا مقارنةً بمشاعر التشاؤم التي سادت الأشهر الثلاثة الماضية... إذا وجد التزام حقيقي من الحزبين بدعم ميزانيات البحث العلمي، فسيكون ذلك إنجازًا كبيرًا". وكان ترامب قد اقترح خفض ميزانية مؤسسة العلوم الوطنية من 9 مليارات دولار إلى 3.9 مليارات دولار فقط، وهو ما كان سيؤدي إلى تقليص المنح البحثية إلى ربع عددها الحالي، وخفض نسبة القبول للباحثين من 26% إلى نحو 7% فقط. كما كان سيطال هذا الخفض مشروعات بحثية رائدة مثل مرصد مقياس التداخل الليزري لرصد موجات الجاذبية (LIGO)، الذي كان سيضطر إلى إغلاق أحد موقعيه. وفيما يتعلق بوكالة الفضاء الأمريكية "ناسا"، اقترح ترامب خفض ميزانية العلوم في الوكالة إلى النصف تقريبًا، وهو ما سيؤدي إلى إلغاء أكثر من 40 مشروعًا، من بينها إطلاق أقمار صناعية لمراقبة الأرض وتلسكوبات فضائية مستقبلية. وقد وجه جميع رؤساء قسم العلوم السابقين في ناسا، في رسالة إلى الكونجرس في أول الشهر الجارى، انتقادات حادة لهذا التوجه. وقال جون غرونزفيلد، رائد الفضاء السابق وأحد أبرز علماء ناسا، إن تخفيض التمويل "سيعني التخلي عن الريادة لصالح دول أخرى. أنا متفائل بحذر بأن مجلس الشيوخ سيوفر التمويل الكافي لناسا، لكني قلق بشكل عام بشأن قيادة الولايات المتحدة في مجال العلوم، وبشأن تقليص الأبحاث الحيوية". وفي اجتماع اللجنة يوم الخميس الماضي، أعرب أعضاء جمهوريون وديمقراطيون عن دعمهم لتمويل ناسا بمبلغ 24.9 مليار دولار، وهو ما يعادل تقريبًا ميزانية السنة المالية الحالية. كما أظهرت تشريعات الضرائب والإنفاق التي أقرها الكونجرس الأسبوع الماضي رفضًا واضحًا لتوجه ترامب بشأن إعادة تشكيل وكالة الفضاء، إذ أعادت مليارات الدولارات إلى برامج كانت إدارة ترامب تريد إلغاؤها، من بينها برنامج إطلاق الصاروخ الثقيل SLS الذي يُستخدم ضمن برنامج أرتميس للهبوط على سطح القمر. ورغم أن مشروع القانون لا يزال بحاجة إلى موافقة مجلس الشيوخ بكامل أعضائه، ثم مجلس النواب، وأخيرًا توقيع الرئيس ليصبح قانونًا نافذًا، إلا أن الجلسة تمثل نقطة تحول في المواجهة المستمرة بين المؤسسات العلمية والإدارة الأميركية بشأن مستقبل البحث العلمي في الولايات المتحدة.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store