logo
ملامح شرق أوسط يتشكل على وقع الضربات والتفاهمات

ملامح شرق أوسط يتشكل على وقع الضربات والتفاهمات

مع تصاعد التوترات الإقليمية الممتدة من الجنوب اللبناني إلى طهران، تتسارع التحركات الدبلوماسية الأميركية الإسرائيلية لرسم ملامح ما يُوصف بـ"الشرق الأوسط الجديد".
لكن على خلاف مشاريع سابقة اتسمت بالطموحات النظرية أو الرؤية المثالية، يبدو هذا المشروع أكثر ارتباطًا بموازين القوة الميدانية، وأقرب إلى صفقة أمنية–سياسية تُصاغ بأدوات الردع، وإعادة التموضع.
في هذا السياق، استضافت "غرفة الأخبار" على سكاي نيوز عربية عددًا من الخبراء والسياسيين، أبرزهم الدكتور مهند العزاوي، المستشار الجمهوري غبريال صوما، الباحث السوري عباس شريفة، والأكاديمي الأردني حسن المومني، حيث قدموا قراءات متباينة حول أهداف زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى واشنطن ، ولقائه بالرئيس دونالد ترامب ، والأجندة التي يحملانها للمنطقة.
يقرأ الدكتور مهند العزاوي، الخبير في الشؤون الاستراتيجية، خلال استضافته، السياق الراهن ضمن ما يسميه "إعادة تموضع استراتيجي شامل للولايات المتحدة في الشرق الأوسط".
ويشير إلى أن الحرب الأخيرة في غزة ، وما تلاها من تقويض لنفوذ الفصائل المدعومة من إيران ، شكلت أرضية مثالية لواشنطن كي تطرح خريطة سياسية جديدة، قوامها الأمن أولا، وتفكيك البُنى المسلحة العابرة للحدود ثانيا، والتطبيع ثالثا.
وفي رؤيته، فإن زيارة نتنياهو إلى واشنطن ليست خطوة رمزية أو استعراضية، بل تجسد بداية فعلية لمشروع متكامل يتم عبره إعادة هندسة الإقليم، عبر دمج إسرائيل ضمن منظومة أمنية إقليمية ذات طابع رسمي.
ويؤكد العزاوي أن إيران باتت في موقف دفاعي، لا بسبب الضربات العسكرية فقط، بل بسبب المتغيرات البنيوية التي أصابت حلفاءها في سوريا و لبنان و العراق.
لكنه في الوقت ذاته يحذر من المبالغة في تصوير إسرائيل كقوة قادرة على فرض إرادتها منفردة، مشيرًا إلى أن تل أبيب تعاني من أزمات داخلية مركبة: ديمغرافية، اقتصادية، وسياسية، تجعلها تعتمد على المظلة الأميركية أكثر من أي وقت مضى.
وفي تحليل العزاوي، فإن واشنطن اليوم لم تعد تقود المنطقة عبر سياسة العصا والجزرة فقط، بل عبر "التفكيك وإعادة التركيب"؛ أي تفكيك الأذرع العسكرية لإيران، وإعادة تركيب المشهد عبر اتفاقات أمنية شاملة، تُرضي الشركاء العرب، وتحيّد الخصوم، وتُحجم طموحات طهران.
من جانبه، قدّم عضو الحزب الجمهوري والعضو السابق في الفريق الاستشاري للرئيس ترامب، غبريال صوما، قراءة داعمة بوضوح للأجندة الأميركية–الإسرائيلية، معتبراً أن ما يجري اليوم يمثل امتدادا طبيعيا لخطة الرئيس ترامب التي أسست للاتفاقيات الإبراهيمية، وأن زيارة نتنياهو تهدف إلى تفعيل هذا المسار، وتوسيعه ليشمل السعودية وسوريا لاحقا.
وفيما يتعلق بغزة، يصف صوما المرحلة المقبلة بأنها "بداية لشرق أوسط أكثر استقرارا"، مشيرًا إلى أن واشنطن تدعم إقامة كيان فلسطيني منزوع السلاح، بدعم عربي، يتكامل اقتصاديا مع دول الجوار، ويفتح المجال أمام مشاريع سياحية واستثمارية، فيما وصفه بـ"الريفييرا الفلسطينية".
تصريحات صوما لم تخل من الجدل، خصوصا عندما تحدث عن وجود "رغبة لدى الكثير من الفلسطينيين في مغادرة القطاع"، وهو ما يُفهم منه أن هناك مساعي لإعادة هندسة ديمغرافية ضمنياً، أو على الأقل، تمهيد لتصفية الصراع من خلال تهجير ناعم.
وأكد صوما أن إدارة ترامب، ورغم تغير الظروف، لا تزال تعتقد أن إيران تمثل التهديد الأكبر للأمن الإقليمي، وأن دعم إسرائيل في عملياتها "الوقائية" ضد المنشآت الإيرانية، يأتي ضمن خطة أوسع لتطويق النفوذ الإيراني دون الانجرار لحرب شاملة.
وبمنظور مغاير تماما، يرى الكاتب والباحث السياسي، عباس شريفة، أن الزيارة الإسرائيلية إلى واشنطن هي محاولة لتسويق انتصار سياسي بعد فشل عسكري في غزة، معتبراً أن الحرب لم تحقق أهداف إسرائيل المعلنة، وأن الدعم الأميركي هو ما أنقذ تل أبيب من مأزق استراتيجي.
ويصف شريفة خطاب نتنياهو بـ"الاستعراضي"، معتبرا أن ما يُحكى عن "تطبيع مع دمشق" هو وهم دعائي يراد منه تحقيق اختراق في الرأي العام الإسرائيلي والعربي على حد سواء، مؤكدًا أن القيادة السورية لن تقدم أي تنازلات دون انسحاب كامل من الجولان، وضمانات دولية لوقف الانتهاكات الإسرائيلية.
وفي تحليله، يذهب شريفة إلى أن تل أبيب تحاول ترميم صورتها عبر استثمار الحرب في غزة كمبرر لإعادة صياغة علاقاتها مع بعض الدول العربية، وحتى مع أنظمة كانت حتى وقت قريب في معسكر الخصوم، معتبرًا أن إسرائيل تريد شرق أوسط يقوم على "هندسة الأقليات" و"تصفير القضية الفلسطينية"، وهو مشروع لن يصمد طويلا أمام صلابة الشعوب وذاكرة الصراع.
من جهته، قدم رئيس مركز الدراسات الاستراتيجية بالجامعة الأردنية، حسن المومني، رؤية أكثر توازنا وواقعية، محذرا من مغبة التعويل على ما سماه "السلام المفروض من الخارج"، مشددا على أن أي عملية إعادة ترتيب في الشرق الأوسط يجب أن تمر عبر تفاهمات شاملة لا تتجاوز الفاعلين الإقليميين الأساسيين.
واعتبر المومني أن إيران، رغم الضغوط، لا تزال لاعبًا مركزيًا لا يمكن تجاهله، وأن محاولة تهميشها بالكامل ستُفضي إلى ردود فعل تصعيدية في أكثر من ساحة.
كما شدد على أن غياب رؤية عادلة لحل القضية الفلسطينية سيبقي المنطقة رهينة عدم الاستقرار.
وفي نظر المومني، فإن مسار التطبيع، إذا لم يُرافقه حل حقيقي للصراع الفلسطيني الإسرائيلي، سيبقى هشا وسهل الانهيار، مؤكدًا أن على العرب ألا يقفزوا فوق التاريخ، بل يعيدوا توجيه دفة السياسات الإقليمية نحو تكامل حقيقي يعيد القضية الفلسطينية إلى صدارة المشهد، لا إلى أرشيف المؤتمرات.
تباين الرؤى حول مستقبل الشرق الأوسط
تعكس الآراء المتباينة التي طرحها الضيوف في برنامج "غرفة الأخبار" طيف واسع من التحليلات حول التطورات الجارية في الشرق الأوسط. بينما يؤكد بعض المحللين على أن المنطقة تشهد إعادة تشكيل استراتيجي شامل بقيادة أميركية، يرى آخرون أن هذه التحركات تفتقر للأسس الصلبة للاستقرار طويل المدى.
تواجه المشاريع الهادفة إلى إعادة ترتيب الشرق الأوسط تحديات متعددة المستويات. فعلى الصعيد السياسي، تتطلب هذه المشاريع توافقا واسعا بين الأطراف الإقليمية والدولية.
وعلى الصعيد الاجتماعي، تحتاج إلى قبول شعبي يضمن استمراريتها. أما على الصعيد الاقتصادي، فهي تتطلب استثمارات ضخمة وبرامج تنموية شاملة.
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

باراك: واشنطن لا تدعم إنشاء دولة لـ"قسد" في سوريا
باراك: واشنطن لا تدعم إنشاء دولة لـ"قسد" في سوريا

سكاي نيوز عربية

timeمنذ 2 ساعات

  • سكاي نيوز عربية

باراك: واشنطن لا تدعم إنشاء دولة لـ"قسد" في سوريا

ونقلت وكالة "الأناضول" التركية عن باراك قوله في تصريحات أدلى بها بنيويورك لمجموعة من الصحفيين، إن هناك تعاطفا في أوساط من الكونغرس الأميركي حيال تنظيم " قسد"، وأن الولايات المتحدة تسعى إلى دمج هذا الكيان ضمن الحكومة السورية. وأوضح باراك أن "هذا الأمر لا يعني أن هناك مؤشرا على إقامة كردستان حرة في سوريا ، ولا يعني إقامة دولة قسد منفصلة، أو دولة علوية أو درزية مستقلة، الجميع سيكون ضمن هيكل سوريا، والتي سيصبح لها دستورها وبرلمانها الخاص". وأشار بارك إلى أن بدء حزب العمال الكردستاني في التخلي عن سلاحه "يعد تطورا كبيرا جدا بالنسبة لتركيا". وبيّن باراك، أن الولايات المتحدة تحالفت سابقا مع "قسد" من أجل مكافحة تنظيم "داعش" الإرهابي، مضيفا: "ولهذا هناك شعور سائد أننا كنا شركاء معهم، ونحن مدينون لهم، لكن السؤال الأهم بماذا ندين لهم؟ لسنا مدينين (لهم) بحق إقامة إدارة مستقلة داخل دولة". وأشاد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الجمعة بالمراسم الأولى التي أحرق خلالها مقاتلون من حزب العمال الكردستاني أسلحتهم في شمال العراق ، ووصفها بأنها "خطوة مهمة نحو تركيا خالية من الإرهاب". وصرّح أردوغان الذي بادرت حكومته إلى بدء عملية سلام مع حزب العمال الكردستاني قائلا: "آمل أن تكون الخطوة المهمة اليوم نحو تحقيق هدفنا المتمثل في تركيا خالية من الإرهاب، مباركة". ودشن ثلاثون مقاتلا من حزب العمال الكردستاني بينهم نساء الجمعة عملية إلقاء السلاح في مراسم قرب مدينة السليمانية بشمال العراق، بعد شهرين من إعلان المقاتلين الأكراد إنهاء أربعة عقود من النزاع المسلّح ضد الدولة التركية. وأشادت تركيا الجمعة بمراسم أحرق فيها 30 مقاتلا من حزب العمال الكردستاني أسلحتهم في شمال العراق، معتبرة هذه الخطوة "علامة فارقة" و"نقطة تحول لا رجعة فيها" على طريق السلام.

عون: حصر السلاح اتخذ ولا رجوع عنه
عون: حصر السلاح اتخذ ولا رجوع عنه

البيان

timeمنذ 3 ساعات

  • البيان

عون: حصر السلاح اتخذ ولا رجوع عنه

وأكد الرئيس عون أن القرار بحصرية السلاح قد اتخذ ولا رجوع عنه؛ لأنه أبرز العناوين للسيادة الوطنية، وتطبيقه سيراعي مصلحة الدولة والاستقرار الأمني فيها حفاظاً على السلم الأهلي من جهة. وعلى الوحدة الوطنية من جهة أخرى. واعتبر أن تجاوب الأفرقاء اللبنانيين وتعاونهم مع الدولة عامل ضروري لحماية البلاد وتحصينها ومواجهة ما يمكن أن يخطط لها من مؤامرات. ورأى الرئيس عون أن التغيير في الظروف التي تمر بها المنطقة يسهل إيجاد الحلول المناسبة للمسائل الدقيقة التي تواجه اللبنانيين ومنها مسألة السلاح، لافتاً إلى أن قرار الحرب والسلم هو من صلاحيات مجلس الوزراء الذي يرى أين هي مصلحة لبنان ويتصرف على هذا الأساس. وشدد السفراء على التزام الاتحاد الأوروبي الثابت بدعم لبنان، مشيرين إلى استمرار دعمهم للمسار الإصلاحي، لا سيما في الشقين الاقتصادي والمالي، بالإضافة إلى استقلالية القضاء.

واشنطن ليست مستعجلة بشأن سحب قواتها بشكل كامل من سوريا
واشنطن ليست مستعجلة بشأن سحب قواتها بشكل كامل من سوريا

صحيفة الخليج

timeمنذ 3 ساعات

  • صحيفة الخليج

واشنطن ليست مستعجلة بشأن سحب قواتها بشكل كامل من سوريا

قال المبعوث الأمريكي إلى سوريا، توم براك: «إن الحكومة المركزية السورية والأكراد (لا يزالون على خلاف بشأن خطط دمج) قوات سوريا الديمقراطية (قسد) في المؤسسة العسكرية السورية». وأشار براك في تصريحات أمس الجمعة إلى أن دمشق قامت بعمل رائع في تقديم خيارات لقوات «قسد» للنظر فيها وأضاف «لا أعتقد أن هناك تقدماً في المحادثات بين الحكومة السورية المركزية والأكراد». ولفت إلى أن قوات سوريا الديمقراطية كانت شريكاً هاماً في الحرب ضد تنظيم «داعش» وتابع «نريد التأكد من حصول قوات سوريا الديمقراطية على فرصة معتبرة للاندماج بالحكومة السورية». وذكر باراك أن واشنطن ليست في عجلة من أمرها بشأن سحب قواتها بشكل كامل من سوريا، مؤكداً أن الولايات المتحدة على ثقة كاملة في الحكومة السورية وجيشها الجديد. وفي أواخر مايو الماضي، أعلنت دمشق اتفاقاً مع الولايات المتحدة حول ضرورة التخلص الكامل من الأسلحة الكيميائية في سوريا ومناقشة آليات دمج قوات «قسد» في مؤسسات الدولة. على صعيد آخر، نقلت قناة «الإخبارية» السورية، أمس، عن مصدر في وزارة الإعلام قوله: إنه لا صحة لما يتم تداوله عن وجود نية لدى الحكومة السورية لاتخاذ إجراءات تصعيدية تجاه لبنان. يأتي ذلك، على خلفية التوترات الأخيرة بين سوريا ولبنان المتعلقة بملف المعتقلين السوريين في السجون اللبنانية والذي أصبح محور نقاش في الأوساط السياسية والإعلامية خلال الفترة الماضية وفي هذا الصدد، أكَّدت الحكومة السورية على أولوية ملف المعتقلين السوريين في السجون اللبنانية وضرورة معالجته بأسرع وقت من خلال القنوات الرسمية بين البلدين وفق القناة السورية. وتصاعد الجدل حول المعتقلين السوريين حيث شهد لبنان في الأشهر الأخيرة، حملات أمنية وترحيلات بحق لاجئين سوريين، ما أثار قلقاً واسعاً لدى دمشق ومنظمات حقوق الإنسان وقد تم تداول أنباء عن وجود أعداد كبيرة من السوريين المعتقلين في السجون اللبنانية لأسباب مختلفة، بعضها يتعلق بالإقامة غير الشرعية أو التسلل عبر الحدود وبعضها الآخر بتهم جنائية. وانتشرت مؤخراً في وسائل الإعلام ومواقع التواصل شائعات حول نية الحكومة السورية اتخاذ إجراءات تصعيدية ضد لبنان، مثل إغلاق الحدود أو اتخاذ تدابير دبلوماسية واقتصادية رداً على أوضاع المعتقلين أو سياسات لبنان تجاه اللاجئين السوريين. في أثناء ذلك، أظهر تقرير للأمم المتحدة لم يتم نشره بعد بأن مراقبي العقوبات بالمنظمة لم يرصدوا أي «علاقات نشطة» هذا العام بين تنظيم القاعدة والهيئة التي تقود الحكومة الانتقالية السورية وهي نتيجة قد تعزز مساعي الولايات المتحدة المتوقعة لرفع عقوبات الأمم المتحدة عن سوريا. ومن المرجح أن يُنشر التقرير، الذي اطلعت عليه رويترز هذا الشهر. يأتي التقرير في وقت يتوقع فيه دبلوماسيون أن تسعى الولايات المتحدة لإلغاء عقوبات الأمم المتحدة المفروضة على هيئة تحرير الشام وكذلك على الرئيس الشرع الذي يؤكد رغبته في بناء سوريا ديمقراطية لا تستثني أحداً. وجاء في تقرير الأمم المتحدة أن «العديد من الأفراد على المستوى التنفيذي لديهم آراء أكثر تطرفاً من الشرع ومن وزير الداخلية أنس خطاب، اللذين يُنظر إليهما بشكل عام على أنهما يعطيان أولية للبراجماتية على الأيديولوجية».

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store