
في أفغانستان ثقة متدنية بالبنوك وسط أزمة اقتصادية مستمرة
كابل- في شوارع كابل وولايات مثل ننغرهار (شرقي أفغانستان)، يعيش الأفغان حالة من القلق المتصاعد تجاه البنوك، إذ تتآكل ثقتهم يوما بعد يوم في ظل أزمة اقتصادية خانقة. فبعد مرور 4 سنوات على عودة طالبان إلى السلطة في أغسطس/آب 2021، لا يزال النظام المصرفي يواجه اختلالات بنيوية، أبرزها نقص السيولة، وقيود السحب، وغياب رؤية اقتصادية واضحة.
ووفقا لتقارير صادرة عن الأمم المتحدة، تراجع الناتج المحلي الإجمالي لأفغانستان بنسبة 26% بين عامي 2021 و2022، بينما لا تزال أصول البنك المركزي الأفغاني البالغة 7 مليارات دولار مجمدة في الخارج.
هذا الوضع المتأزم دفع كثيرين إلى العودة إلى الصرافة التقليدية أو الاحتفاظ بالنقد داخل منازلهم رغم ما في ذلك من مخاطر أمنية. وفي ظل هذا المناخ، يبقى السؤال المطروح: هل تستطيع حكومة طالبان استعادة الثقة في القطاع المصرفي من دون إصلاحات جذرية؟
خوف وتردد
في العاصمة كابل، يروي عزيز ملكيار، معلم سابق فقد وظيفته، للجزيرة نت: "لم نعد نثق بالبنوك. في 2021، انتظرنا أياما لسحب مبالغ زهيدة، والآن، مع ارتفاع الأسعار ونقص السيولة، نفضل الاحتفاظ بما لدينا في المنزل".
أما في ولاية ننغرهار، فيقول حيدر رجب، وهو صاحب شركة تجارية صغيرة: "المعاملات مع البنوك أصبحت مقتصرة على موظفي الحكومة. أما نحن، فنتعامل عبر الصرافة لأنها أسرع وأضمن". وتشاركهم الرأي ربة منزل في كابل، فضّلت عدم الكشف عن اسمها، قائلة: "لا أستطيع إيداع أموالي في بنك قد لا يسمح لي بسحبها عند الحاجة".
تطمينات وسط تحديات
في محاولة لاحتواء الأزمة واستعادة الثقة، أعلن البنك المركزي الأفغاني عن رفع تدريجي لسقوف السحب. وفي تصريح للجزيرة نت، قال رئيس البنك نور أحمد آغا " إن القطاع المصرفي يعمل بشكل طبيعي، وقد رفعنا سقف السحب الأسبوعي إلى 350 ألف أفغاني (5 آلاف دولار)، والمبلغ الشهري إلى مليون أفغاني (15 ألف دولار) لحسابات الأفراد بالعملة المحلية، كما حُدد سقف السحب بالدولار بـ5 آلاف أسبوعيا و15 ألفا شهريا، هذه الإجراءات تهدف إلى ضمان الاستقرار النقدي".
غير أن مراقبين يرون أن التحديات تتجاوز هذه التطمينات، إذ لا يزال نقص السيولة فعليا أحد أكبر العقبات، حيث شهدت البنوك تدافعا جماعيا لسحب المدخرات عند سيطرة طالبان في 2021، وهو ما لم تتم معالجته بالكامل حتى اليوم.
محاولات لاستعادة الثقة
في العاصمة كابل، يواجه بنك "أفغان يونايتد"، أحد أبرز البنوك التجارية في البلاد، واقعا ماليا صعبا في ظل الأزمة الاقتصادية المتواصلة.
وفي مقابلة مع الجزيرة نت، قال مسؤول رفيع في البنك -فضّل عدم الكشف عن اسمه- إن "القطاع المصرفي يواجه تحديات كبيرة بسبب انخفاض السيولة وعدم الاستقرار المالي، لكننا نعمل على تعزيز الثقة بين عملائنا من خلال تحسين الخدمات المصرفية وتقديم خيارات مرنة للسحب والإيداع".
وأكد أن البنك رفع سقوف السحب تدريجيا، مما أتاح للمواطنين الوصول إلى مبالغ أكبر، كجزء من جهود تسهيل الوصول إلى الأموال. لكنه أقر في الوقت نفسه بأن "السيولة الحقيقية ما زالت مفقودة في العديد من البنوك، ومعظم الأموال التي أودعها المواطنون في السابق تم سحبها بالفعل".
وأشار إلى أن البنك يعمل على توفير حلول بديلة، مثل الحسابات الجارية التي تتيح للعملاء مرونة في الوصول إلى أموالهم، كما يسعى إلى التحول إلى نموذج مصرفي متوافق مع الشريعة الإسلامية ضمن إستراتيجية لتعزيز الشفافية واستعادة الثقة.
وفي هذا السياق، أكد محمد عظيم، مستشار الشؤون الشرعية في بنك "إسلامي أفغانستان"، في مقابلة مع الجزيرة نت، أن "المصرفية الإسلامية تسير في الاتجاه الصحيح رغم التحديات. نعمل على استبدال الفوائد الربوية بآليات مثل القرض الحسن والمضاربة، لتعزيز الشفافية، لكن نقص السيولة وغياب الثقة يتطلبان وقتا ودعما حكوميا لنجاح الإصلاحات".
الشريعة والاقتصاد الحديث
ومنذ عودتها إلى الحكم، تسعى حكومة طالبان إلى تحويل النظام المصرفي تدريجيا إلى نموذج إسلامي يتماشى مع الشريعة. وقد أصدر البنك المركزي تعليمات بإلغاء الفوائد الربوية، واستبدالها بآليات شرعية مثل القرض الحسن و المضاربة ، ومنح البنوك التجارية مهلة ثلاث سنوات للتحول الكامل إلى هذا النموذج. ووفقًا لتصريحات رسمية، فإن هذه المهلة بدأت منتصف عام 2022، ما يعني أنها تنتهي في منتصف العام الجاري، وسط تساؤلات حول مدى جاهزية البنوك لتطبيق النظام الجديد بالكامل.
كما شكّل البنك لجنة شرعية لمراجعة العقود، وأخرى مكوّنة من 7 أعضاء لإعادة صياغة قانون البنوك الذي يعود إلى 6 عقود مضت.
وأكد رئيس البنك المركزي نور أحمد آغا، أن "النظام المصرفي يعمل بشكل طبيعي، وننسق مع هيئات فقهية لضمان التوافق الشرعي". غير أن خبراء اقتصاديين حذروا من أن غياب دستور مدني ونقص الكفاءات المؤهلة في المجالين الشرعي والمصرفي يعيقان توحيد المعايير، مما يزيد من تحفظ المواطنين تجاه البنوك.
وفي يونيو/حزيران 2025، جددت الحكومة الأفغانية، عبر تصريحات لوزير الاقتصاد دين محمد حنيف ومسؤولين آخرين، برفع التجميد عن احتياطيات البنك المركزي البالغة 7 مليارات دولار، محذّرة من أن استمرار العقوبات الغربية يُفاقم معدلات الفقر والبطالة.
وتحتجز الولايات المتحدة هذه الأموال منذ أغسطس/آب 2021 (عندما سيطرت طالبان على الحكم)، حيث تم نقل جزء منها لاحقًا إلى "صندوق أفغانستان" الذي تديره سويسرا بالتعاون مع واشنطن.
أزمة ثقة مستمرة
يرى الخبير الاقتصادي الأفغاني بشر دوديال أن الأزمة المصرفية في البلاد تتجاوز مسألة نقص السيولة، وتمثل انعكاسا لتحديات هيكلية عميقة. وفي حديثه للجزيرة نت، أوضح أن "انهيار الثقة بين المواطنين والنظام المصرفي ليس مجرد نتيجة لقيود السحب أو نقص السيولة في 2021، بل هو أزمة شاملة ناتجة عن تجميد أصول البنك المركزي البالغة 7 مليارات دولار بفعل العقوبات الدولية، وهو ما شلّ قدرة البنوك على تلبية احتياجات العملاء، ودفع التجار والأفراد إلى الاعتماد المتزايد على الصرافة التقليدية".
وأشار دوديال إلى أن غياب الكوادر المؤهلة في القطاع المصرفي، خاصة بعد هجرة العديد من المصرفيين المهرة عقب عودة طالبان، يعرقل تطبيق إصلاحات طموحة مثل التحول إلى المصرفية الإسلامية، والتي تتطلب كفاءات فنية وشرعية عالية لتصميم منتجات مالية متوافقة مع الشريعة.
كما لفت إلى أن الأزمة المصرفية ألقت بظلالها على قطاعات أخرى، أبرزها التجارة والزراعة، حيث يعاني التجار من صعوبة في الحصول على التمويل، مما فاقم معدلات البطالة والفقر، خصوصا في ظل تقارير الأمم المتحدة التي توقعت في 2022 أن 97% من السكان قد يعيشون تحت خط الفقر، وهي النسبة التي لا تزال مرتفعة في 2025.
ودعا دوديال إلى حزمة من الإصلاحات العاجلة، تشمل إنشاء صندوق ضمان ودائع لتشجيع المواطنين على الإيداع، وتطوير البنية التحتية الرقمية للمصارف لتسهيل المعاملات، فضلا عن السعي الجاد لرفع العقوبات الدولية.
وأوضح أن "من دون إعادة تفعيل البنك المركزي كجهة مستقلة قادرة على جذب الاستثمارات الأجنبية وإقامة شراكات دولية، سيظل النظام المصرفي الأفغاني عاجزا عن دعم الاقتصاد الوطني." كما حذّر من أن استمرار العزلة الدولية وعدم الاعتراف بحكومة طالبان قد يطيل أمد الأزمة، ما يهدد بتفاقم الفقر ويعيق التعافي الاقتصادي طويل الأمد.
وفي السياق ذاته، أشارت مجلة "إيكونوميست" في تحليل نُشر مؤخرا إلى أن حركة طالبان تقف أمام معضلة حقيقية: إما التمسك برؤية إسلامية صارمة قد تؤدي إلى تفكك القطاع المصرفي، أو تبنّي إصلاحات براغماتية قد تُواجَه برفض داخلي.
اختبار الثقة والإصلاح
وسط أزمة اقتصادية ممتدة، يجد المواطن الأفغاني نفسه عالقا بين الحاجة الملحة إلى خدمات مصرفية موثوقة والخوف العميق من فقدان مدخراته.
ورغم محاولات طالبان والبنوك التجارية إرسال تطمينات وتطوير نظام مصرفي يتماشى مع الشريعة الإسلامية، فإن غياب قوانين واضحة، واستمرار شح السيولة، والعزلة الدولية، كلها عوامل تعيق استعادة الثقة.
ويبقى السؤال مطروحا: هل ستتمكن الحكومة الأفغانية من بناء نظام مالي قادر على الموازنة بين الشريعة والاقتصاد الحديث؟ أم أن أزمة الثقة ستبقى الحاجز الأكبر أمام أي تعافٍ اقتصادي مرتقب؟ الإجابة ستظل رهنا بخطوات واقعية تتجاوز التصريحات الرسمية.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الجزيرة
منذ 10 ساعات
- الجزيرة
البنوك الروسية تدق ناقوس الخطر حول أزمة الديون
يواجه الاقتصاد الروسي توقعات توصف بالأشد خطورة مما يُعلن عنه، وسط احتمال خطر حقيقي بحدوث أزمة مصرفية شاملة خلال الـ12 شهرا القادمة، وفق مسؤولين مصرفيين روس. ويتزايد قلق البنوك الروسية بشأن مستوى الديون الرديئة (التي يواجه المقترض صعوبات في سدادها) في ميزانياتها العمومية، حسبما نقلت وكالة بلومبيرغ عن مسؤولين لم تنشر هويتهم وفق طلبهم ووثائق اطلعت عليها. ناقوس الخطر ودقّت البنوك ناقوس الخطر سرا بشأن عدد العملاء من الشركات والأفراد الذين يتخلفون عن سداد قروضهم في ظل معاناتهم من ارتفاع أسعار الفائدة، وفقا للمصادر. ووصف مسؤولون مصرفيون حاليون وسابقون الوضع في روسيا سرا بالخطير، مشيرين إلى وجود خطر متزايد من انتشار أزمة ديون في القطاع المالي للبلاد خلال العام المقبل إذا لم تتحسن الظروف. وحسب بلومبيرغ فإن الضغوط داخل النظام المصرفي تُثير تساؤلات أوسع حول قدرة الرئيس فلاديمير بوتين على مواصلة حرب روسيا في أوكرانيا التي دخلت عامها الرابع، خاصةً إذا ما قرر حلفاء كييف الأميركيون والأوروبيون استهداف القطاع المالي الروسي بعقوبات أشد، ويناقش الاتحاد الأوروبي حاليا فرض قيود جديدة على المزيد من البنوك الروسية. ويضغط مؤيدو أوكرانيا على دونالد ترامب لفرض عقوبات جديدة صارمة على روسيا بعد رفض بوتين دعوات وقف إطلاق النار في الحرب للسماح بإجراء محادثات سلام، وحتى الآن، أحجم الرئيس الأميركي عن اتخاذ أي إجراءات. وقالت مصادر إن الأرقام الرسمية قد تُخفي الحجم الحقيقي لمشكلة الديون، إذ يُؤجل المقترضون سداد أقساطهم، ما يعني أنه في حين أن البيانات العامة المتعلقة بالتأخر في السداد لا تشير حتى الآن إلى وجود مشكلة خطيرة، فإن الواقع هو أن العديد من القروض الأخرى لم تُسدد كما هو مخطط، وفقا لمذكرة داخلية من أحد البنوك الكبرى اطلعت عليها بلومبيرغ. الديون الرديئة ونقلت بلومبيرغ عن مصادر مطلعة على التقييمات الداخلية، قولها إن البنوك قدرت ديونها الرديئة بتريليونات الروبل، وأنها تتخذ خطوات لإدارة المخاطر المتزايدة التي قد تؤدي إلى ظهور بوادر مبكرة لأزمة ائتمانية، وأظهر أحد التقديرات أن محفظة قروض الشركات التي قدمتها البنوك الروسية في أول شهرين من عام 2025 انخفضت بمقدار 1.5 تريليون روبل (19 مليار دولار) قبل أن تستقر. وظهرت التوترات بين كبار مسؤولي بوتين بشأن المخاطر الاقتصادية خلال منتدى سانت بطرسبرغ الاقتصادي الدولي الأسبوع الماضي. وخلاله قال وزير الاقتصاد مكسيم ريشيتنيكوف خلال حلقة نقاشية جمعته ومحافظة بنك روسيا (المركزي) إلفيرا نابيولينا إن الاقتصاد يمر بفترة تباطؤ ضرورية، "نحن على وشك الانزلاق إلى ركود". وأوضح بوتين موقفه في خطاب ألقاه في اليوم التالي. وقال: "يشير بعض المتخصصين والخبراء إلى مخاطر الركود. وهذا، بالطبع، لا ينبغي السماح به تحت أي ظرف". وحسب بلومبيرغ، فإنه من المؤكد أن سنوات من العقوبات غير المسبوقة التي فرضتها الولايات المتحدة وحلفاؤها في مجموعة الدول السبع منذ أن أمر بوتين بغزو روسيا عام 2022، لم تنجح حتى الآن في شل الاقتصاد الروسي، إذ وسّعت الحكومة إنفاقها بشكل هائل على الصناعات الدفاعية ودعم الشركات المتضررة من القيود. وسجّلت البنوك الروسية أرباحا قياسية بلغت 3.8 تريليونات روبل (48.34 مليار دولار) في عام 2024، متجاوزة بذلك نتيجة العام السابق بنسبة 20%، وفقا لبيانات البنك المركزي. ضغوط التجنيد ومع ذلك، فاقم التجنيد في الجيش مشكلة نقص العمالة، وساهم في رفع الأجور التي عززت دخل العديد من الروس، لكنها غذّت كذلك التضخم المتسارع إلى ذروة سنوية تجاوزت 10%". واستجاب بنك روسيا برفع سعر الفائدة الرئيسي إلى مستوى قياسي بلغ 21% في أكتوبر/تشرين الأول، وخفّضت نابيولينا سعر الفائدة الرئيسي بحذر لأول مرة منذ ما يقرب من 3 سنوات إلى 20% هذا الشهر، عقب سلسلة من الشكاوى من المسؤولين والشركات من أن تكاليف الديون العقابية تُعيق النمو وتُهدد بإفلاس الشركات، وفي حين نما الاقتصاد بنسبة 4.5% العام الماضي، تباطأ النمو السنوي بشكل حاد إلى 1.4% في الربع الأول من عام 2025، وفقا لبيانات هيئة الإحصاء الفدرالية. وتتراكم مشاكل ما يُسمى بالاقتصاد ذي المسارين في روسيا، إذ يستفيد المجمع الصناعي العسكري من الإنفاق الحكومي الضخم على الحرب، بينما تُعاني العديد من شركات القطاع الخاص من تباطؤ الطلب وارتفاع التكاليف وانخفاض أسعار الصادرات. وثمة ضغوط متزايدة على القطاع المصرفي هي أقل توثيقا وفق بلومبيرغ بعد أن منح قروضا ميسرة للمساعدة في تمويل جزء كبير من المجهود الحربي للكرملين، ويواجه عبء استردادها. وشهد قطاعا البناء والصناعة تباطؤا ملحوظا، بل ظهرت بعض المؤشرات على أن الجانب العسكري من الاقتصاد الروسي قد بدأ في الركود، وفق ما نقلت بلومبيرغ عن مصادر ووثائق. وكانت ثمة مؤشرات عامة على القلق بشأن مستويات الديون الرديئة. نقاط ضعف وحذر تقرير للبنك المركزي في مايو/أيار من "نقاط ضعف القطاع المالي"، بما في ذلك "مخاطر الائتمان ومخاطر التركيز في إقراض الشركات"، بالإضافة إلى "تدهور أداء القروض" في إقراض المستهلكين. وذكر التقرير أن حوالي 13 شركة من أكبر 78 شركة في روسيا لم تتمكن من سداد ديونها، وهو ضعف العدد المسجل في العام السابق. ومع ذلك، أكدت الهيئة التنظيمية أن "القطاع المصرفي لا يزال صامدا بشكل عام"، في حين أن نسبة القروض المتعثرة لقطاع التجزئة كانت "أقل بكثير" مما كانت عليه في الفترة 2014-2016، عندما تعرضت روسيا لأول مرة للعقوبات بسبب أوكرانيا عقب ضم بوتين لشبه جزيرة القرم. إعلان وحذرت وكالة التصنيف الائتماني الروسية "أكرا" في تقرير لها في مايو/أيار من "تدهور جودة ديون القروض"، وذكرت أن حوالي 20% من إجمالي رأس مال القطاع المصرفي مملوك لمقترضين معرضين لخطر انخفاض جدارتهم الائتمانية بشكل كبير بسبب ارتفاع أسعار الفائدة. ووجدت دراسة أخرى، صدرت في الشهر نفسه عن مركز التحليل الاقتصادي الكلي والتنبؤ قصير الأجل، وهو مركز أبحاث وثيق الصلة بمسؤولي الكرملين، "احتمالا متوسطا" لحدوث أزمة مصرفية شاملة بحلول أبريل/نيسان 2026. وحذّرت الدراسة من أن الخطر قد يرتفع إذا استمر انخفاض إصدار القروض الجديدة وزيادة أخرى في القروض ضعيفة الأداء.


الجزيرة
منذ يوم واحد
- الجزيرة
تحذيرات من تداعيات إنسانية لقانون أميركي يقطع تمويل طالبان
كابل- أثار إقرار مجلس النواب الأميركي مشروع قانون "منع دفع الضرائب للإرهابيين"، في 24 يونيو/حزيران الجاري، جدلا واسعا في أفغانستان، ونددت حكومة حركة طالبان بما اعتبرته محاولة لتسييس المساعدات الإنسانية، بينما يحذر سياسيون ومحللون من تداعياته التي قد تعمّق عزلة البلاد وتهدد استقرارها. والقانون، الذي يهدف إلى منع طالبان من الاستفادة من الأموال الأميركية، سواء بشكل مباشر أو عبر قنوات المساعدات الدولية، يمنح وزارة الخارجية الأميركية صلاحيات موسعة لمراقبة تدفقات التمويل عبر المنظمات غير الحكومية و الأمم المتحدة ، وسط تقارير تشير إلى استفادة الحركة من المساعدات عبر فرض رسوم وضرائب، مما أثار انتقادات حادة في الكونغرس. ورحّب برايان ماست، رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس النواب الأميركي، بإقرار هذا القانون، مؤكدا في بيان له أن "هذا المشروع يضمن ألا تصل حتى روبية واحدة من أموال الشعب الأميركي إلى طالبان، لا بشكل مباشر، ولا عبر قنوات سرية، ولا من خلال حكومات ضعيفة أو منظمات غير حكومية مشبوهة. من يرسل أموالا إلى طالبان، لا يمكن اعتباره صديقا للولايات المتحدة". رفض أفغاني وقال ماست إن القانون يردّ على تقرير المفتش العام الأميركي لإعادة إعمار أفغانستان في مايو/أيار 2024، الذي كشف أن 10.9 ملايين دولار من المساعدات المخصصة لأفغانستان دُفعت كضرائب لطالبان من قبل منظمات إغاثة، ويُلزم وزارة الخارجية بتنفيذ برامج رقابية صارمة وتقديم تقارير دورية ل لكونغرس ، مما يعكس دعما جمهوريا واسعا لتشديد السياسة تجاه الحركة. وردا على ذلك، قال المتحدث باسم وزارة المالية الأفغانية أحمد ولي حقمل، للجزيرة نت "نتابع تطورات القانون الأميركي بقلق، ونرفض استخدام المساعدات الإنسانية كأداة ضغط سياسي. إدارتنا تعتمد على الإيرادات المحلية، ونحن مستعدون للتعاون مع الجهات الدولية لضمان الشفافية في توزيع المساعدات". وأضاف أن القيود الأميركية "ستضر الشعب الأفغاني أكثر من أي جهة أخرى"، داعيا إلى آليات دولية تحترم سيادة أفغانستان. وهذا الموقف يتماشى مع تصريحات سابقة لمسؤولي طالبان، ففي يناير/كانون الثاني الماضي، نفى الملا حمد الله فطرت، نائب المتحدث باسم الحكومة الأفغانية، تلقي أي مساعدات أميركية، قائلا إن "الولايات المتحدة لم تقدم دولارا واحدا لإمارة أفغانستان، بل جمّدت مليارات الدولارات من أصولنا". وفي فبراير/شباط الماضي، أكدت وزارة الاقتصاد الأفغانية أن "أي إجراء أميركي بشأن تخصيص أو تحويل الأصول المجمدة غير مقبول"، محذرة من أن ذلك يمثل "انتهاكا لسيادة أفغانستان". وفي 2 يونيو/حزيران الجاري، رفض المتحدث باسم الحكومة الأفغانية ذبيح الله مجاهد ، مطالب الرئيس الأميركي دونالد ترامب بإعادة معدات عسكرية بقيمة 7 مليارات دولار، واعتبرها "غنائم حرب". ضغوط أميركية من جانبه، حذّر وزير الداخلية الأفغاني الأسبق محمد عمر داودزي، من أن القانون قد يجر أفغانستان إلى "كارثة إنسانية ومالية"، مشيرا إلى أن طالبان "لن تستطيع تمويل ميزانية الدولة من الضرائب المحلية وحدها". وأوضح داودزي للجزيرة نت أن واشنطن كانت تقدم 3 أنواع من الدعم: تنظيم الدولة الإسلامية. مساعدات إنسانية تصل عبر قنوات دولية، استفادت منها طالبان جزئيا. تمويل لاستكمال مشاريع أميركية متعثرة. وأكد أن قطع هذه المساعدات سيؤدي إلى نقص حاد في الدولار بالسوق الأفغانية، مما سيضعف العملة الوطنية ويمنع الحكومة من دفع رواتب الموظفين. ودعا طالبان إلى "مراجعة سياساتها المنغلقة وكسب رضا الشعب" لتحسين علاقتها مع المجتمع الدولي، محذرا من أن "فشلها سيؤدي إلى فوضى سياسية واجتماعية". يأتي القانون الأميركي وسط ضغوط داخل الكونغرس لتشديد السياسة تجاه طالبان، خاصة بعد تقرير المفتش العام الأميركي الذي أشار إلى أن 10.9 ملايين دولار من المساعدات الأميركية ذهبت إلى طالبان عبر رسوم وضرائب. وقال مقدّم القانون النائب الجمهوري تيم براغيث "منذ أغسطس/آب 2021، أرسلت الولايات المتحدة نحو 5 مليارات دولار نقدا إلى أفغانستان، استفادت منها طالبان بشكل غير مباشر". في حين زعم نائب الرئيس الأفغاني السابق أمر الله صالح، أن الحركة تلقت "12 مليار دولار سرا" منذ 2021، وهي ادعاءات لم تُؤكد رسميا. كما أشار منتقدون إلى أن "نحو 40 مليون دولار تُسلَّم أسبوعيا إلى طالبان"، لكن هذه الادعاءات تفتقر إلى دليل قاطع، حيث تنفي إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب تسليم أي مساعدات مباشرة للحركة. والقانون، الذي ينتظر موافقة مجلس الشيوخ وتوقيع ترامب، يثير تساؤلات حول إستراتيجية واشنطن: هل تسعى لعزل طالبان أم لاحتوائها لضمان استقرار المنطقة؟ حذّر الخبير الاقتصادي عبد الله ولي زاده من أن تقييد المساعدات سيؤدي إلى "تضييق مالي حاد"، موضحا للجزيرة نت أن المساعدات الدولية تغذي الاقتصاد المحلي عبر المشاريع الإغاثية. وأن قطعها قد يؤدي إلى انهيار سعر العملة وارتفاع التضخم. ورأى أن الخطوة الأميركية "ليست معزولة عن الحسابات الجيوسياسية"، وربما تمثل ضغطا سياسيا أكثر منها إجراء ماليا بحتا. أما المحلل السياسي أحمد سعيدي فيقول إن القانون الأميركي "يعكس ارتباكا في سياسة واشنطن تجاه أفغانستان"، ويضيف للجزيرة نت "القانون قد يدفع طالبان نحو مزيد من العزلة، مما يفتح المجال أمام دول مثل الصين وروسيا لتعزيز نفوذها. كيف يمكن ضمان المساعدات الإنسانية دون التعامل مع النظام القائم؟". وأشار إلى أن موسكو أزالت مؤخرا الحركة من قائمة المنظمات الإرهابية، وباكستان عينت سفيرا في كابل، مما يعكس تحولات دبلوماسية قد تملأ الفراغ الأميركي. وأضاف أن المجتمع الدولي "مطالب بابتكار آليات تحول دون معاقبة الشعب الأفغاني أو منح طالبان شرعية غير مقصودة". انعكاسات إنسانية من جهتها، أعربت الأمم المتحدة عن قلقها العميق من تأثير القانون على عملياتها الإنسانية في أفغانستان. وقال نائب المتحدث باسم مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية، ينس لايركه، للجزيرة نت "أي قيود على المساعدات ستفاقم معاناة الملايين الذين يعتمدون عليها للبقاء". وتابع "في أفغانستان، يحتاج 19.2 مليون شخص إلى مساعدات إنسانية في 2025 بسبب انعدام الأمن الغذائي ، والجفاف، والانهيار الاقتصادي. القانون قد يعيق عملياتنا، خاصة في مناطق سيطرة طالبان، مما يهدد توفير الغذاء والمأوى والرعاية الصحية". ووفق لايركه، يواجه مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية تحديات معقدة في أفغانستان، حيث يجب التنسيق مع السلطات الفعلية (طالبان) لضمان وصول المساعدات، وهو ما قد يتعارض مع القيود الأميركية. في تقرير صدر في ديسمبر/كانون الأول 2024، أشار المكتب إلى أن 70% من سكان أفغانستان يعانون من انعدام الأمن الغذائي، وأن أزمة التمويل العالمية (47 مليار دولار مطلوبة لعام 2025) تجعل أي قيود إضافية كارثية. كما حذر المتحدث في، فبراير/شباط 2025، في سياق مماثل حول غزة ، من أن تقييد المساعدات يعرّض حياة الملايين للخطر، داعيا إلى آليات تضمن الوصول الآمن للإغاثة دون تسييس. وأكد أن الأمم المتحدة ملتزمة بمبادئ الحياد والاستقلال، لكنها تحتاج إلى دعم دولي لتجنب انهيار الخدمات الأساسية. ومع انتظار قرار مجلس الشيوخ، يبقى مصير العلاقة بين واشنطن وكابل معلقا. ويضع القانون طالبان أمام خيارين: الانفتاح على المجتمع الدولي وتخفيف سياساتها. أو مواجهة عزلة قد تهدد استقرارها الداخلي. في المقابل، تواجه الولايات المتحدة تحديا في تحقيق توازن بين أهدافها الأمنية ومسؤولياتها الإنسانية. ووسط هذا التوتر، يظل الشعب الأفغاني رهينة قرارات دولية وواقع محلي معقّد.


الجزيرة
منذ يوم واحد
- الجزيرة
باول يحذّر من تأثير الرسوم الجمركية ويتمسّك بتأجيل خفض الفائدة
في شهادة علنية لدى لجنة الخدمات المالية في مجلس النواب الأميركي، أكد رئيس مجلس الاحتياطي الفدرالي جيروم باول ، أن البنك المركزي سيواصل نهجه الحذر بشأن خفض أسعار الفائدة، مرجعًا السبب إلى الضبابية المحيطة بآثار الرسوم الجمركية الجديدة التي أعلنها الرئيس ترامب في أبريل/نيسان الماضي، والتي تُعرف إعلاميًا باسم "يوم التحرير". وقال باول في شهادته التي نقلتها رويترز، إن السياسة النقدية يجب أن تركز على ضبط التضخم ، مؤكدًا: "نحن لا نُعلّق على السياسة التجارية، لكن عندما يكون لهذه السياسات آثار تضخمية قصيرة أو متوسطة الأجل، فإننا نركّز على استباق تداعياتها على الأسعار". ترامب يصعّد هجومه وباول يرفض التسرّع وأتت شهادة باول وسط تصعيد كلامي من الرئيس دونالد ترامب، الذي طالب بشكل متكرر بخفض أسعار الفائدة فورًا، متهمًا باول بالتقاعس عن دعم الاقتصاد. ونقلت وول ستريت جورنال، إن ترامب كتب في منشور على وسائل التواصل الاجتماعي قبل جلسة الاستماع: "يجب أن نخفض أسعار الفائدة نقطتين أو ثلاث نقاط على الأقل… وآمل في أن يتمكن الكونغرس من إقناع هذا الشخص الغبي والعنيد". ورغم الضغط السياسي المتزايد، رفض باول تحديد موعد لخفض الفائدة، مشيرًا إلى أن المسؤولين في الاحتياطي الفدرالي يحتاجون إلى وقت إضافي لفهم تأثير الرسوم الجمركية على التضخم وسلوك المستهلكين. وقال باول: "إذا ثبت أن ضغوط التضخم لا تزال محدودة، فسنصل إلى لحظة الخفض عاجلًا، لكنني لا أستطيع أن أُشير إلى اجتماع معيّن في الوقت الحالي". انقسام داخل الفدرالي وأفادت وول ستريت جورنال، أن مسؤولي الفدرالي حافظوا الأسبوع الماضي على سعر الفائدة دون تغيير، لكن خلف هذا القرار ظَهر انقسام واضح: 10 أعضاء يتوقعون تنفيذ خفضين في سعر الفائدة خلال العام الجاري 7 أعضاء لا يتوقعون أي خفض 2 فقط يعتقدون أن خفضًا واحدًا سيكون كافيًا إعلان وصرّح باول بأن هذه التباينات تعكس "مدى تعقيد الموقف"، مضيفًا أن بعض الأعضاء يعتبرون تأثير الرسوم الجمركية مؤقتًا ولا يتطلب تأجيلًا للخفض، بينما يفضل آخرون التمهّل خشية الاضطرار إلى التراجع لاحقًا في حال تسارع التضخم. وقال باول: "بعض الخبراء يعتقدون أن الزيادة في الأسعار ستكون مرة واحدة، لكننا لا نستطيع تجاهل احتمال استمرار الضغوط التضخمية". بيانات مختلطة وأسواق تترقب ويتوقع الفدرالي أن تؤدي الرسوم الجمركية الجديدة إلى رفع الأسعار خلال فصل الصيف، ما قد يعطّل التباطؤ التدريجي للتضخم الذي بدأ منذ عامين. إلا أن التوقعات غير محسومة، والبيانات الاقتصادية المقبلة بشأن التضخم والبطالة، والتي ستصدر قبل اجتماع يوليو/تموز، ستكون حاسمة في توجيه القرار. كما شدد باول على أن قوة سوق العمل لا تزال عاملًا مرجّحًا لصالح الانتظار، قائلًا: "الاقتصاد لا يزال قويًا، وسوق العمل صامدة، لذلك لسنا في عجلة من أمرنا". الشرق الأوسط في الخلفية وردًا على سؤال بشأن التطورات الأخيرة في الشرق الأوسط، قال باول إنه من السابق لأوانه قياس الأثر الاقتصادي لأي تصعيد محتمل في المنطقة، لكنه أشار إلى أن الفدرالي يراقب الموقف من كثب. وأضاف: "لا أرغب في التكهّن. من المبكر جدًا فهم مدى تأثير الأزمة، لكننا نتابع كما يفعل الجميع". وفي ظل انقسام داخلي، وضغط سياسي غير مسبوق من ترامب، وسياسات تجارية تغذي عدم اليقين، يبدو أن جيروم باول وفريقه يراهنون على الوقت والمعطيات لتفادي قرار متسرّع. وبينما تصر الأسواق على استشراف خفض قريب، يتّضح من خطاب باول، أن الانتظار حتى اجتماع سبتمبر/أيلول على الأقل بات السيناريو المرجّح، ما لم تأتِ بيانات يوليو/تموز بما يُقنع العكس.