أحدث الأخبار مع #أزمة_اقتصادية


الجزيرة
منذ 2 أيام
- أعمال
- الجزيرة
في أفغانستان ثقة متدنية بالبنوك وسط أزمة اقتصادية مستمرة
كابل- في شوارع كابل وولايات مثل ننغرهار (شرقي أفغانستان)، يعيش الأفغان حالة من القلق المتصاعد تجاه البنوك، إذ تتآكل ثقتهم يوما بعد يوم في ظل أزمة اقتصادية خانقة. فبعد مرور 4 سنوات على عودة طالبان إلى السلطة في أغسطس/آب 2021، لا يزال النظام المصرفي يواجه اختلالات بنيوية، أبرزها نقص السيولة، وقيود السحب، وغياب رؤية اقتصادية واضحة. ووفقا لتقارير صادرة عن الأمم المتحدة، تراجع الناتج المحلي الإجمالي لأفغانستان بنسبة 26% بين عامي 2021 و2022، بينما لا تزال أصول البنك المركزي الأفغاني البالغة 7 مليارات دولار مجمدة في الخارج. هذا الوضع المتأزم دفع كثيرين إلى العودة إلى الصرافة التقليدية أو الاحتفاظ بالنقد داخل منازلهم رغم ما في ذلك من مخاطر أمنية. وفي ظل هذا المناخ، يبقى السؤال المطروح: هل تستطيع حكومة طالبان استعادة الثقة في القطاع المصرفي من دون إصلاحات جذرية؟ خوف وتردد في العاصمة كابل، يروي عزيز ملكيار، معلم سابق فقد وظيفته، للجزيرة نت: "لم نعد نثق بالبنوك. في 2021، انتظرنا أياما لسحب مبالغ زهيدة، والآن، مع ارتفاع الأسعار ونقص السيولة، نفضل الاحتفاظ بما لدينا في المنزل". أما في ولاية ننغرهار، فيقول حيدر رجب، وهو صاحب شركة تجارية صغيرة: "المعاملات مع البنوك أصبحت مقتصرة على موظفي الحكومة. أما نحن، فنتعامل عبر الصرافة لأنها أسرع وأضمن". وتشاركهم الرأي ربة منزل في كابل، فضّلت عدم الكشف عن اسمها، قائلة: "لا أستطيع إيداع أموالي في بنك قد لا يسمح لي بسحبها عند الحاجة". تطمينات وسط تحديات في محاولة لاحتواء الأزمة واستعادة الثقة، أعلن البنك المركزي الأفغاني عن رفع تدريجي لسقوف السحب. وفي تصريح للجزيرة نت، قال رئيس البنك نور أحمد آغا " إن القطاع المصرفي يعمل بشكل طبيعي، وقد رفعنا سقف السحب الأسبوعي إلى 350 ألف أفغاني (5 آلاف دولار)، والمبلغ الشهري إلى مليون أفغاني (15 ألف دولار) لحسابات الأفراد بالعملة المحلية، كما حُدد سقف السحب بالدولار بـ5 آلاف أسبوعيا و15 ألفا شهريا، هذه الإجراءات تهدف إلى ضمان الاستقرار النقدي". غير أن مراقبين يرون أن التحديات تتجاوز هذه التطمينات، إذ لا يزال نقص السيولة فعليا أحد أكبر العقبات، حيث شهدت البنوك تدافعا جماعيا لسحب المدخرات عند سيطرة طالبان في 2021، وهو ما لم تتم معالجته بالكامل حتى اليوم. محاولات لاستعادة الثقة في العاصمة كابل، يواجه بنك "أفغان يونايتد"، أحد أبرز البنوك التجارية في البلاد، واقعا ماليا صعبا في ظل الأزمة الاقتصادية المتواصلة. وفي مقابلة مع الجزيرة نت، قال مسؤول رفيع في البنك -فضّل عدم الكشف عن اسمه- إن "القطاع المصرفي يواجه تحديات كبيرة بسبب انخفاض السيولة وعدم الاستقرار المالي، لكننا نعمل على تعزيز الثقة بين عملائنا من خلال تحسين الخدمات المصرفية وتقديم خيارات مرنة للسحب والإيداع". وأكد أن البنك رفع سقوف السحب تدريجيا، مما أتاح للمواطنين الوصول إلى مبالغ أكبر، كجزء من جهود تسهيل الوصول إلى الأموال. لكنه أقر في الوقت نفسه بأن "السيولة الحقيقية ما زالت مفقودة في العديد من البنوك، ومعظم الأموال التي أودعها المواطنون في السابق تم سحبها بالفعل". وأشار إلى أن البنك يعمل على توفير حلول بديلة، مثل الحسابات الجارية التي تتيح للعملاء مرونة في الوصول إلى أموالهم، كما يسعى إلى التحول إلى نموذج مصرفي متوافق مع الشريعة الإسلامية ضمن إستراتيجية لتعزيز الشفافية واستعادة الثقة. وفي هذا السياق، أكد محمد عظيم، مستشار الشؤون الشرعية في بنك "إسلامي أفغانستان"، في مقابلة مع الجزيرة نت، أن "المصرفية الإسلامية تسير في الاتجاه الصحيح رغم التحديات. نعمل على استبدال الفوائد الربوية بآليات مثل القرض الحسن والمضاربة، لتعزيز الشفافية، لكن نقص السيولة وغياب الثقة يتطلبان وقتا ودعما حكوميا لنجاح الإصلاحات". الشريعة والاقتصاد الحديث ومنذ عودتها إلى الحكم، تسعى حكومة طالبان إلى تحويل النظام المصرفي تدريجيا إلى نموذج إسلامي يتماشى مع الشريعة. وقد أصدر البنك المركزي تعليمات بإلغاء الفوائد الربوية، واستبدالها بآليات شرعية مثل القرض الحسن و المضاربة ، ومنح البنوك التجارية مهلة ثلاث سنوات للتحول الكامل إلى هذا النموذج. ووفقًا لتصريحات رسمية، فإن هذه المهلة بدأت منتصف عام 2022، ما يعني أنها تنتهي في منتصف العام الجاري، وسط تساؤلات حول مدى جاهزية البنوك لتطبيق النظام الجديد بالكامل. كما شكّل البنك لجنة شرعية لمراجعة العقود، وأخرى مكوّنة من 7 أعضاء لإعادة صياغة قانون البنوك الذي يعود إلى 6 عقود مضت. وأكد رئيس البنك المركزي نور أحمد آغا، أن "النظام المصرفي يعمل بشكل طبيعي، وننسق مع هيئات فقهية لضمان التوافق الشرعي". غير أن خبراء اقتصاديين حذروا من أن غياب دستور مدني ونقص الكفاءات المؤهلة في المجالين الشرعي والمصرفي يعيقان توحيد المعايير، مما يزيد من تحفظ المواطنين تجاه البنوك. وفي يونيو/حزيران 2025، جددت الحكومة الأفغانية، عبر تصريحات لوزير الاقتصاد دين محمد حنيف ومسؤولين آخرين، برفع التجميد عن احتياطيات البنك المركزي البالغة 7 مليارات دولار، محذّرة من أن استمرار العقوبات الغربية يُفاقم معدلات الفقر والبطالة. وتحتجز الولايات المتحدة هذه الأموال منذ أغسطس/آب 2021 (عندما سيطرت طالبان على الحكم)، حيث تم نقل جزء منها لاحقًا إلى "صندوق أفغانستان" الذي تديره سويسرا بالتعاون مع واشنطن. أزمة ثقة مستمرة يرى الخبير الاقتصادي الأفغاني بشر دوديال أن الأزمة المصرفية في البلاد تتجاوز مسألة نقص السيولة، وتمثل انعكاسا لتحديات هيكلية عميقة. وفي حديثه للجزيرة نت، أوضح أن "انهيار الثقة بين المواطنين والنظام المصرفي ليس مجرد نتيجة لقيود السحب أو نقص السيولة في 2021، بل هو أزمة شاملة ناتجة عن تجميد أصول البنك المركزي البالغة 7 مليارات دولار بفعل العقوبات الدولية، وهو ما شلّ قدرة البنوك على تلبية احتياجات العملاء، ودفع التجار والأفراد إلى الاعتماد المتزايد على الصرافة التقليدية". وأشار دوديال إلى أن غياب الكوادر المؤهلة في القطاع المصرفي، خاصة بعد هجرة العديد من المصرفيين المهرة عقب عودة طالبان، يعرقل تطبيق إصلاحات طموحة مثل التحول إلى المصرفية الإسلامية، والتي تتطلب كفاءات فنية وشرعية عالية لتصميم منتجات مالية متوافقة مع الشريعة. كما لفت إلى أن الأزمة المصرفية ألقت بظلالها على قطاعات أخرى، أبرزها التجارة والزراعة، حيث يعاني التجار من صعوبة في الحصول على التمويل، مما فاقم معدلات البطالة والفقر، خصوصا في ظل تقارير الأمم المتحدة التي توقعت في 2022 أن 97% من السكان قد يعيشون تحت خط الفقر، وهي النسبة التي لا تزال مرتفعة في 2025. ودعا دوديال إلى حزمة من الإصلاحات العاجلة، تشمل إنشاء صندوق ضمان ودائع لتشجيع المواطنين على الإيداع، وتطوير البنية التحتية الرقمية للمصارف لتسهيل المعاملات، فضلا عن السعي الجاد لرفع العقوبات الدولية. وأوضح أن "من دون إعادة تفعيل البنك المركزي كجهة مستقلة قادرة على جذب الاستثمارات الأجنبية وإقامة شراكات دولية، سيظل النظام المصرفي الأفغاني عاجزا عن دعم الاقتصاد الوطني." كما حذّر من أن استمرار العزلة الدولية وعدم الاعتراف بحكومة طالبان قد يطيل أمد الأزمة، ما يهدد بتفاقم الفقر ويعيق التعافي الاقتصادي طويل الأمد. وفي السياق ذاته، أشارت مجلة "إيكونوميست" في تحليل نُشر مؤخرا إلى أن حركة طالبان تقف أمام معضلة حقيقية: إما التمسك برؤية إسلامية صارمة قد تؤدي إلى تفكك القطاع المصرفي، أو تبنّي إصلاحات براغماتية قد تُواجَه برفض داخلي. اختبار الثقة والإصلاح وسط أزمة اقتصادية ممتدة، يجد المواطن الأفغاني نفسه عالقا بين الحاجة الملحة إلى خدمات مصرفية موثوقة والخوف العميق من فقدان مدخراته. ورغم محاولات طالبان والبنوك التجارية إرسال تطمينات وتطوير نظام مصرفي يتماشى مع الشريعة الإسلامية، فإن غياب قوانين واضحة، واستمرار شح السيولة، والعزلة الدولية، كلها عوامل تعيق استعادة الثقة. ويبقى السؤال مطروحا: هل ستتمكن الحكومة الأفغانية من بناء نظام مالي قادر على الموازنة بين الشريعة والاقتصاد الحديث؟ أم أن أزمة الثقة ستبقى الحاجز الأكبر أمام أي تعافٍ اقتصادي مرتقب؟ الإجابة ستظل رهنا بخطوات واقعية تتجاوز التصريحات الرسمية.


الجزيرة
٠٩-٠٦-٢٠٢٥
- أعمال
- الجزيرة
الصناعة في أفغانستان على حافة الانهيار مع العقوبات وتقطع الكهرباء
كابل – في شوارع العاصمة الأفغانية كابل ، حيث كانت المصانع الصغيرة والمتوسطة تضج بالحركة وتوفر لقمة العيش لآلاف الأسر، بدأت أصوات الآلات تخفت رويدا رويدا تحت وطأة أزمة اقتصادية متفاقمة. ومنذ عودة حركة طالبان إلى الحكم في أغسطس/آب 2021، انكمش الاقتصاد بنسبة 27%، فقد زادت كل من العقوبات الدولية وتجميد الأصول من الضغوط الاقتصادية، إلى جانب أزمات داخلية مثل نقص الكهرباء وارتفاع أسعار الوقود. وفي ظل كل ذلك، يرزح القطاع الصناعي تحت تهديد الشلل، رغم جهود حكومية معلنة لإنقاذه. توقف المصانع وتصاعد التكاليف وتشير تقارير البنك الدولي إلى تقلص القطاع الصناعي الأفغاني بنسبة 5.7% في 2022، مما دفع مصانع كابل إلى التوقف أو تقليص نشاطها. كذلك تتهدد استمراريتها بسبب نقص المواد الخام، وانعدام التمويل، وارتفاع التكاليف. يقول أحمد فريد، صاحب مصنع لتجهيز الأغذية في منطقة ده سبز الصناعية في كابل، للجزيرة نت: "كنا ننتج 10 أطنان يوميا من المواد المعلبة والمجففة، أما الآن فنعمل بطاقة 30% فقط. أسعار الزيوت والسكر ارتفعت 40%، مما رفع أسعار منتجاتنا وخفض الطلب المحلي". ويشكو عبد البصير تره كي، صاحب مصنع أحذية في كابل، في حديث للجزيرة نت: "نشتري المواد الخام من إيران والصين بأسعار مرتفعة، والبضائع المستوردة تهيمن على أسواقنا. نطالب الحكومة الأفغانية برفع الرسوم الجمركية على الواردات لدعم الصناعة المحلية". ووفقا لاتحاد صانعي الأحذية، أُغلقت أكثر من 50% من مصانع الأحذية في أفغانستان خلال العامين الماضيين. في 2024، قفزت الواردات إلى 10.8 مليارات دولار، مدفوعة بزيادة المنتجات المعدنية بنسبة 56%، والمواد الكيميائية بنسبة 51%، والسلع الغذائية بنسبة 28%. لكن أسعار الوقود ارتفعت 35% منذ 2022، مما زاد العبء. أزمة الكهرباء تشل الإنتاج ويفاقم هذه الأزمة انقطاع الكهرباء المستمر، فمنذ أكثر من 10 أيام، تعاني المناطق الصناعية في كابل من نقص حاد في الطاقة. وفي السياق، يقول روح الله محمدي -مدير مصنع للأغذية- للجزيرة نت: "نحصل على كهرباء لـ5 أو 6 ساعات يوميا فقط، وغير مستقرة، لا تكفي لتشغيل معداتنا. اضطررنا للاعتماد على مولدات باهظة التكلفة، مما زاد خسائرنا وأثر على جودة منتجاتنا". ويضيف مزمل نيكبين -مدير مصنع لمواد البناء- أن "انقطاع الكهرباء خفض إنتاجنا إلى النصف منذ أشهر، مما أدى إلى تأخير تسليم المواد للمشاريع المحلية. نطالب بكهرباء منتظمة لخدمة الوطن وتجنب خسارة العملاء". أما المدير التنفيذي لمصنع "شيتا" للرقائق حميد الله عمري، فيقول: "توقفنا عن الإنتاج منذ أسبوعين بسبب انقطاع الكهرباء، و50 موظفا أصبحوا عاطلين، مما يهدد سبل عيش أسرهم. نأمل حلا عاجلا لاستئناف العمل وتلبية الطلب المحلي". تنوع صناعي في العاصمة ورغم التحديات، فإن كابل تحتضن تجمعات صناعية كبيرة. يشار إلى أنه يوجد نحو 5 آلاف مصنع صناعي في أفغانستان، منها 1100 في كابل، وفقا لوزارة الصناعة والتجارة الأفغانية، بينما يقدّر اتحاد الصناعيين العدد بنحو 4500. وتشمل هذه المصانع: صناعات النسيج: مصانع القطن والملابس في بغرامي. صناعات الأغذية والمشروبات: معامل تجهيز الأغذية، ومصانع "عمد بهار" و"كوكا كولا". الصناعات الدوائية: 104 مصانع تنتج 650 نوعا من الأدوية. الحرف اليدوية: صناعة السجاد والجلد. مواد البناء: مصانع الطوب وغيرها. وبعض هذه المصانع يصدر للخارج، رغم الركود. البطالة تضرب العمال الأزمة طالت العمال، إذ بلغت البطالة 14.1% في 2022، وتصل تقديرات غير رسمية إلى 35% في كابل. يقول محمد ناصر -عامل سابق بمصنع نسيج- للجزيرة نت: "في عام 2023، طُردت أنا و90% من زملائي. أعيل 6 أفراد، والآن نعتمد على مساعدات بسيطة". القطاع الصناعي، الذي شغّل 18.1% من القوى العاملة، خسر 40% من وظائفه منذ 2021. غياب الدعم الحكومي يشتكي الصناعيون من ضعف الدعم، إذ يقول رئيس جمعية صغار الصناعيين في كابل عبد الله رحيمي -للجزيرة نت- "لا قروض ميسرة، ولا إعفاءات ضريبية كتخفيض الرسوم الجمركية، ولا خطة واضحة لإنقاذ الصناعة. نحتاج دعما ماليا عاجلا وتسهيلات لاستيراد المواد الخام لنتمكن من الاستمرار". ويزداد الوضع تعقيدا إثر تجميد 9 مليارات دولار من الأصول وانقطاع 8 مليارات دولار من المساعدات سنويا (40% من الناتج المحلي). موقف الحكومة وشركة الكهرباء من جهته، يقول أحمد الله زاهد، نائب وزير الصناعة والتجارة، للجزيرة نت: "خصصنا 32 ألف هكتار للمناطق الصناعية، وسلمنا 20 ألف هكتار لدعم المصانع الجديدة. نعمل في 11 ولاية، بما فيها كابل. زاد عدد المصانع بنسبة 40% منذ 2022 ليصل إلى 5 آلاف مصنع، ونسعى لتطابق إنتاجنا مع المعايير العالمية". ويوضح أن "الركود ناتج عن العقوبات الدولية ونقص التمويل الخارجي، لكننا نعمل على خطة لتأمين الطاقة عبر شراكات إقليمية، ودعم المصانع بقروض ميسرة وتسهيلات جمركية خلال السنتين المقبلتين". في حين يقول رئيس اتحاد الصناعيين الأفغان عبد الجبار صافي -للجزيرة نت- إن "مصانعنا الصغيرة تواجه تحديات، ونعمل مع وزارة الصناعة والتجارة الأفغانية لزيادة الرسوم الجمركية على الواردات. فلا يمكن إيقاف الاستيراد، لكن رفع الرسوم سيحمي الصناعة المحلية". وفي سياق متصل، أعلن عبد السلام حنفي نائب رئيس الوزراء للشؤون الإدارية -خلال مراسم توزيع أراض في غزني- أن الحكومة ستعفي المستثمرين والصناعيين العائدين من الخارج من جميع الضرائب لمدة 5 سنوات، مع تخصيص أراضٍ ومساكن مجانية. وقال: "أصحاب الأعمال الكبيرة، مثل المصانع في باكستان، سيخضعون لرعاية لجنة خاصة". كما أكد عبد الغني برادر، نائب رئيس الوزراء للشؤون الاقتصادية، في مؤتمر "النداء الوطني للاستثمار"، أن "الظروف مهيأة للاستثمار"، مشيرا إلى إعفاء ضريبي لمدة 5 سنوات للعائدين الذين يستثمرون في الصناعات الحديثة، باستثناء ضريبة الموظفين، وإنشاء 35 مدينة سكنية في 25 ولاية، مع سوق تجاري في مديرية أندر في غزني. لكن هذه المبادرات تثير تساؤلات لدى القطاع الخاص المحلي، الذي يرى أن تركيز الحكومة على العائدين قد يهمل المصانع القائمة التي تعاني من نقص الكهرباء وارتفاع التكاليف. أما شركة الكهرباء الحكومية "برشنا"، فيقول المتحدث باسمها حكمة الله ميوندي: "نعمل على توفير الكهرباء، لكن نقص الموارد والطاقة المستوردة يحد من جهودنا. نسعى لزيادة الإمدادات من دول الجوار ودراسة مشاريع طاقة محلية". موقف غرفة الصناعات والمعادن من ناحيته، يقول رئيس غرفة الصناعات والمعادن محمد كريم عظيمي -للجزيرة نت- "نحتاج إلى 15 إلى 18 ساعة كهرباء يوميا، وإلا لن ننافس المنتجات المستوردة. نطالب باستثمار في الطاقة وتخفيف الرسوم لدعم الصناعة المحلية". تأثير مباشر على الأسواق والصادرات وأثرت هذه الأزمة على الأسواق، مع تضخم سلبي بلغ -7.7% بين 2023 و2024. كذلك، قفز عجز الميزان التجاري 59% إلى 8.9 مليارات دولار عام 2024. وارتفعت صادرات المواد الغذائية 35% إلى 1.5 مليار دولار، مدعومة بنجاحات مثل تصدير المشروبات. وفي هذا الصدد، يقول شاه محمود قادري -مدير مصنع "نور قادري" في كابل- للجزيرة نت: "صدرنا إلى كازاخستان 7 آلاف عبوة عصير رمان بقيمة 1.2 مليون أفغاني، ونخطط لتصدير مشروبات الطاقة إلى قرغيزستان وأوزبكستان". ويضيف عضو غرفة التجارة والاستثمار الأفغانية خان جان ألكوزي: "نصدر يوميا 50-60 حاوية مشروبات من كابل وهرات إلى آسيا الوسطى وباكستان، مما يعكس إمكانات الصناعة المحلية". لكن صادرات المنسوجات تراجعت 45% إلى 287 مليون دولار، متأثرة بهيمنة الواردات. أرقام تشرح الأزمة العدد والنمو: 5 آلاف مصنع في أفغانستان (وزارة الصناعة)، أو نحو 4500 (اتحاد الصناعيين). زيادة 40% في عدد المصانع منذ 2022. الأراضي: 32 ألف هكتار مخصصة للمناطق الصناعية، 20 ألفا تم تسليمها. التدهور: 60% من مصانع كابل خفضت إنتاجها 40% أو أكثر منذ 2021. 25% من المصانع توقفت بحلول 2024. 50% من مصانع الأحذية أُغلقت خلال العامين الماضيين. انقطاع الكهرباء أثر على 80% من الطاقة الإنتاجية. القطاع الصناعي خسر 40% من وظائفه منذ 2021. تراجع إنتاج النسيج 40% في كابل منذ 2023. انخفاض استثمارات القطاع الصناعي 45% بين 2021 و2024. خسائر مالية تقدر بـ500 مليون دولار في كابل خلال 2023-2024. مستقبل ضبابي وتعليقا على هذا الوضع، يحذر الخبير الاقتصادي عمر سعيدي، أستاذ كلية الاقتصاد في جامعة كاردان الأهلية في كابل، للجزيرة نت، أن "الصناعة تقف على حافة الانهيار. وإن الاستثمار في الطاقة البديلة، ودعم الصناعات الصغيرة، ومراجعة العقوبات قد يمهد للتعافي". في كابل، لم تعد المصانع رمزا للأمل، بل تحولت أبوابها المغلقة إلى شواهد على أزمة عميقة. وبين جهود حكومية لدعم العائدين، ونجاحات محدودة في التصدير، وتحديات يومية تواجه المصانع المحلية، يبقى السؤال: هل تستطيع أفغانستان إنقاذ صناعتها، أم سيبقى الركود عنوان مرحلة ما بعد الحرب؟


النهار
٠٦-٠٥-٢٠٢٥
- أعمال
- النهار
بين أزمة رسوم ترامب الجمركية وأزمتي 2008 وكوفيد-19... ما الفارق؟
عادةً ما يتم تعريف الأزمات الاقتصادية بحالة التدهور الكامل لمختلف القطاعات الاقتصادية في دولة أو مجموعة من الدول بشكل مفاجئ، مما يؤدّي إلى حالة من عدم التوازن في العناصر الاقتصادية الأساسية كالعرض والطلب، والأسعار والمنافسة؛ ويمكن وصفها أيضاً بأنها حالة من الانخفاض المستمرّ في قيمة الأصول بشكل غير مسبوق. أما مصطلح الأزمة المالية فيُشير إلى مجموعة من المشاكل والاضطرابات التي قد تُصيب القطاع المالي للدولة، وما يشمله من مؤسسات مصرفية ومالية مختلفة، مما يعني وجود أزمة مالية. ونستنتج من التعريف السابق أن الأزمات الاقتصادية قد تسبقها أزمة مالية، تؤدي في كثير من الأحيان إلى حالات من الركود الاقتصادي. وفي هذا السياق، كان الرئيس الأميركي دونالد ترامب قد أشار في كلمته أمام الكونغرس، بتاريخ 5 مارس 2025، إلى عودة الولايات المتحدة America is Back، وتطرّق إلى فرض دول عديدة تعريفات جمركية مرتفعة على وارداتها من البضائع الأميركية. وبناء على ذلك، قرّر الرئيس الأميركي، بتاريخ 3 أبريل 2025، فرض تعريفات جمركية على 180 بلداً ومنطقة في العالم. ومنذ ذلك التاريخ دخل العالم في حرب تجارية قاسية بفرض رسوم ورسوم مضادة رغم قيام الرئيس ترامب بإعطاء فترة سماح 90 يوماً لبعض الدول. ولكن هذا القرار المنفرد لم يطمئن الدول والاقتصادات التي بدأت في البحث عن أسواق أو تكتلات جديدة لصادراتها أو وارداتها. إن هناك من يعتقد بأن أزمة اقتصادية قد بدأت في الظهور على الساحة العالمية؛ فالعلاقة العكسية بين التعريفة والعجز المالي تحمل في طياتها نتائج مضرّة للاقتصاد الكليّ، منها ظهور الضغوط التضخميّة، وخفض الإنتاجية، وزيادة في عوامل عدم التأكد، وارتفاع في معدل البطالة وأسعار الفائدة، واحتمال الدخول في مرحلة كساد. وفي ظلّ هذه الآلية لعمل التعريفة ستنتج نتيجتان سلبيّتان أساسيّتان: أولاً، ارتفاع معدّل التضخّم المحليّ في الولايات المتحدة، من خلال ارتفاع تكلفة المدخلات المستوردة المستخدمة في إنتاج السلع الأميركية المصدّرة. وثانياً: خفض الإنتاجية والدخل الحقيقي. وتأسيساً على ما تقدّم، خفض صندوق النقد الدولي، خلال اجتماعات الربيع 2025، من توقّعاته لنمو الاقتصاد العالمي، مشيراً إلى أنه من المتوقع أن يكون للتصاعد السريع في التوترات التجارية والارتفاع الحاد في مستويات عدم اليقين بشأن السياسات أثر هائل على النشاط الاقتصادي العالمي. وحسب التنبؤات المرجعية، بناء على المعلومات المتاحة حتى 4 إبريل 2025، توقع الصندوق أن ينخفض النمو العالمي إلى 2.8%، في عام 2025، وإلى 3% في 2026، مقابل نسبة نمو 3.3% للعامين، حسبما كان متوقعاً سابقاً في عدد يناير 2025 من إصداره "آفاق الاقتصاد العالمي". بالعودة إلى أزمتي 2008 وأزمة كورونا، فقد كانت الأزمة المالية لعام 2008، أو الأزمة المالية العالمية، واحدة من أسوأ فترات الانكماش الاقتصادي في التاريخ الحديث، والتي كانت بسبب انهيار سوق الإسكان في الولايات المتحدة، وتخفيف القيود التنظيمية للمؤسسات المالية، والإفراط في المخاطرة من قبل البنوك والمستثمرين، ثم الفشل المالي اللاحق للمؤسسات المالية الكبرى. وقد كان للأزمة المالية آنذاك آثار بعيدة المدى على الاقتصاد العالمي، إذ عانى العديد من الدول من ركود اقتصادي استمر لعدة سنوات. نتيجة لذلك، استجابت الحكومة الأميركية للأزمة المالية لعام 2008، وكذلك استجاب الكثير من الدول حول العالم لتداعيات تلك الأزمة الحادة من خلال توفير عمليات إنقاذ مالية للمؤسسات المالية الكبرى المعرضة لخطر الفشل، وبوساطة عمليات التيسير المالي وأموال المروحة Helicopter Money، وعمليات التيسير النقدي Quantitative Easing، التي قام بها الكثير من البنوك المركزية حول العالم. وقد تم القيام بذلك لمنع انهيار النظام المالي العالمي على طريقة الدومينوز. من جانبها أحدثت جائحة كورونا موجات من الصدمات التي اجتاحت الاقتصاد العالمي، وتسببت بأكبر أزمة اقتصادية عالمية فيما يزيد على قرن من الزمان. وأدت هذه الأزمة إلى زيادة حادة في عدم المساواة في داخل البلدان وفي ما بينها. وكانت الآثار الاقتصادية للجائحة بالغة الحدّة في الاقتصادات الصاعدة، حيث كشفت حالات فقدان الدخل الناجمة عنها عن أوجه الهشاشة الاقتصادية التي كانت قائمة من قبل، بل زادت من تفاقمها، كما أثرت الأزمة تأثيراً حاداً على معدلات الفقر وعدم المساواة على مستوى العالم، حيث ارتفع معدل الفقر العالمي لأول مرة منذ جيل كامل، وأدّت حالات فقدان الدخل غير المتناسبة في ما بين الفئات المحرومة إلى ارتفاع كبير في عدم المساواة في داخل البلدان وفي ما بينها. كذلك، وكما في الأزمة المالية 2008، قوبلت تلك الأزمة -جائحة كورونا– على مستوى دول العالم مجتمعة باستجابة كبيرة وحاسمة على صعيد السياسات الاقتصادية وتيسير السياسة النقدية، وكُلّلت بالنجاح بصفة عامة في التخفيف من حدّة أسوأ التكاليف البشرية للجائحة على المدى القصير. ومع ذلك، أوجدت الاستجابة لهذه الحالة الطارئة أيضاً مخاطر جديدة، مثل الزيادة الهائلة في مستويات الدين العام والخاص في الاقتصاد العالمي، التي قد تشكّل خطراً على تحقيق تعافٍ منصف من الأزمة ما لم يتمّ التصدّي لها على نحو حاسم. ولكن، استناداً إلى ما سبق من مقارنة، يمكن القول بأن الخلاف الأساسي أو الفارق الجوهري بين الأزمتين سالفتي الذكر، وأزمة الرسوم الجمركية والحرب التجارية الضارية القائمة حالياً -وقد تمتد آثارها على المدى المتوسط– لا يكمن فقط في الأسباب والآثار، وإنما في المعالجات. فالأزمة التجارية هي خيار دولة، وقرار رئيس (مع عدم الدخول في أحقية هذا القرار من عدمه)، في حين أن الأزمتين السابقتين جاءتا في الأولى منهما نتيجة سوء تنظيم وسياسات مصرفية ومالية تتسم بالمخاطرة والجشع مع تراخي في المراقبة الصارمة والدقيقة، والثانية جراء أزمة صحية عالمية انعكست آثارها على الاقتصادات والأسواق التي أصابها الشلل والركود. وقد تم علاج الأزمتين بتكاتف دولي كبير وتعاون في بعض الأحيان بخلاف ما هو حاصل في الأزمة الراهنة، حيث تبحث كل دولة عن مصالحها الاقتصادية والمالية أو من خلال تجمعات إقليمية؛ ولا يخلو الأمر من التقارب وفق إيدولوجيات فكريّة معيّنة. فالقرار الدولي الآن هو قرار دولة، وقرار رئيس، يمكن بموجبه تخفيف حدّة التوتر وعودة الاقتصاد العالمي إلى حالة من الهدوء ليستكمل نموه المستدام. فبعد أن كان العالم قد بدأ بالتعافي من أزمات سابقة، ها هو يدخل في أزمة جديدة هي حرب الرسوم الجمركية بين الولايات المتحدة والصين وبعض الدول الأخرى. إن معالجة مثل هذه القضايا لا ينبغي أن تتم من خلال التصعيد أو اللجوء إلى سياسة العقوبات، بل عبر اعتماد الحوار، والتراضي بدلاً من اتخاذ إجراءات انتقامية أو الدخول في مواجهات مباشرة.


الوئام
٠٩-٠٢-٢٠٢٥
- أعمال
- الوئام
المستشار الألماني: أوروبا مُستعدة للرد 'خلال ساعة' على جمارك ترمب
قال المستشار الألماني أولاف شولتس، في مناظرة قبل الانتخابات مع منافسه المحافظ فريدريش ميرز، إن أوروبا مستعدة للرد 'خلال ساعة' إذا فرضت الولايات المتحدة رسوما جمركية على الاتحاد الأوروبي. في المبارزة الأولى قبل انتخابات 23 فبراير، صور ميرز شولتز باعتباره مترددا قاد ألمانيا إلى أزمة اقتصادية، في حين قدم الديمقراطي الاجتماعي نفسه باعتباره زعيما متمرساً في السيطرة على التفاصيل. وعندما سُئل عما إذا كان الاتحاد الأوروبي مستعدا برد مستهدف إذا فرضت الولايات المتحدة رسوما جمركية، قال شولتز الذي يتأخر كثيرا عن ميرز في استطلاعات الرأي: 'نعم، نحن كاتحاد أوروبي يمكننا التصرف خلال ساعة'. لقد هدد الرئيس الأمريكي دونالد ترمب مرارا وتكرارا بفرض رسوم جمركية على أكبر الشركاء التجاريين للولايات المتحدة، متهما إياهم بالاستفادة من الرخاء الأمريكي، إن سياسة التجارة هي من اختصاص الاتحاد الأوروبي، وتديرها المفوضية الأوروبية في بروكسل.