
"طهران تايمز": على ماذا تنطوي استراتيجية "إسرائيل" لتقسيم إيران؟ ولماذا ستفشل؟
أدناه نص المقال منقولاً إلى العربية:
في غرب آسيا، لا يقتصر الأمن على الجانب الدفاعي فحسب، بل هو في جوهره تعبير عن ميزان القوى و صراع النفوذ.
"إسرائيل"، التي شكلها تاريخ من العزلة الإقليمية وهوية صيغت في ظل الاستثنائية، جعلت من الأمن عدسةً تُفسر من خلالها كل فرصة وتهديد. ولكن ماذا يحدث عندما يصبح الأمن هاجساً ومبرراً أساسياً لجميع السياسات الخارجية؟
جعلت العقيدة الإسرائيلية من التحالفات مع الأقليات العرقية والدينية أداةً استراتيجيةً للتأثير على خصومها وتفتيتهم في نهاية المطاف. تُقدم إيران، بتركيبتها العرقية المعقدة، نفسها هدفاً مغرياً لسياسة "فرّق تسد". إنّ ترويج الروايات الانفصالية أو دعم الجماعات الهامشية سراً ليسا مجرد خطوة تكتيكية، بل هما جزء من رؤية أوسع: إضعاف التماسك الداخلي لخصم إقليمي وإعادة تشكيل توازن القوى في المنطقة.
ولكن هذا النهج الذي يحركه الأمن ليس بريئاً ولا محايداً. فبتقليص المجتمعات بأكملها إلى مجرد بيادق في لعبة جيوسياسية، يُسلَب هؤلاء الفاعلون إرادتهم، ويُشرعَن التدخل تحت ستار الحماية. في هذا الإطار، يتوقف الأمن عن كونه حقاً عالمياً، ويصبح تقنية تُبرر المراقبة والتلاعب والتشرذم الاجتماعي. إنه نموذج، كما أشارت إليه أصوات ناقدة مختلفة، يُحوّل الاختلاف إلى تهديد والتنوع إلى معركة.
لكن هناك ما هو أكثر من ذلك. يحثّنا محللون مثل سحر غومخور على النظر إلى ما وراء وخلفيات ذلك: فعندما يُفرض منطق الأمن، تُصبح قصص الإقصاء والمقاومة والتفاوض داخل المجتمعات المتضررة غير مرئية. إنّ استغلال الأقليات لا يعكس اهتماماً حقيقياً بحقوقها، بل يعكس فائدتها الظرفية ضمن أجندات القوى الخارجية. وهكذا، تُركّز المطالب المشروعة بالعدالة والاعتراف على استراتيجيات لا علاقة لها بتقرير المصير.
في هذا السياق، تكشف السياسة الإسرائيلية تجاه إيران عن حدود ومخاطر رؤية أمنية متطرفة. فهي لا تُديم عدم الاستقرار الإقليمي فحسب، بل تُعزز أيضاً التراتبيات الاستعمارية، وتُعيد إنتاج منطق الاستثناء الذي يُبرر تقريباً أي إجراء يُتخذ تحت لواء الأمن.
تهدف هذه المقالة إلى شرح الرغبة السياسية الإسرائيلية في تقسيم إيران وكيف تتجاهل هذه السياسة مقاومة المجموعات العرقية المختلفة داخل الجمهورية الإسلامية ضد هذه المحاولات لإثارة الانقسامات الداخلية.
من أبرز الجهات الفاعلة في استراتيجية البلقنة هذه مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات (FDD)، ومقرها واشنطن. وقد جادلت بريندا شافر، من المؤسسة، بأن التركيبة العرقية المتعددة لإيران تُشكل نقطة ضعف يمكن استغلالها. ويتماشى موقفها مع افتتاحية نُشرت مؤخراً في صحيفة "جيروزالم بوست"، والتي دعت الرئيس السابق ترامب علناً، عقب الهجمات الإسرائيلية الأولية في الحرب الأخيرة ضد إيران، إلى دعم تفكيك البلاد.
اقترحت الافتتاحية تشكيل "تحالف شرق أوسطي لتقسيم إيران" ومنح "ضمانات أمنية للمناطق السنية والكردية والبلوشية الراغبة في الانفصال". وقد دعت صحيفة "جيروزالم بوست" صراحةً إلى دعم "إسرائيل" والولايات المتحدة لانفصال ما تسميانه "جنوب أذربيجان"، في إشارة إلى المحافظات الإيرانية الشمالية الغربية ذات الأغلبية الأذربيجانية.
إنّ هذه الأفكار ليست مجرد تصريحات معزولة؛ بل إنها تعكس نهجاً استراتيجياً لتفكيك الوحدة السياسية في إيران من خلال استخدام التنوع العرقي كوسيلة لإثارة عدم الاستقرار.
من الناحية النظرية، شهدت نهاية القرن العشرين صعود القومية العرقية في السياسة الدولية. وقد سلّط تفكك الاتحاد السوفياتي وتفكك يوغوسلافيا وتشيكوسلوفاكيا الضوء على الدور المحوري للصراعات العرقية في السياسة العالمية، ما جذب انتباه الباحثين والاستراتيجيين على حد سواء.
شكّل تشتت الجماعات العرقية والدينية في مختلف الدول، وتحولها إلى خطوط فاصلة نشطة، تهديداً لسلامة أراضي الدول ذات التنوع العرقي وتماسكها الاجتماعي. ونتيجةً لذلك، لم تُعتبر المطالبات بالهوية تحديات فحسب، بل فرصاً أيضاً للسياسات الخارجية لبعض الدول. 8 تموز 12:49
7 تموز 10:46
ونتيجة لذلك، بدأ العديد من القوى بدعم مجموعات خارج حدودها من أجل اكتساب النفوذ والسلطة، واستغلال التوترات الداخلية لدى الآخرين لتعزيز مكانتها الإقليمية.
كل عقيدة أمنية تنبع من مزيج من العوامل التاريخية والبنيوية والذاتية. في حالة "إسرائيل"، ينبع ما يُسمى بعقيدة "المحيط" - وهي استراتيجية تشكيل تحالفات مع جهات فاعلة غير عربية أو هامشية في المنطقة لمواجهة عزلتها - من قراءة وجودية للتهديد وهوية سياسية قائمة على الاستثنائية والشك.
وقد صاغ هذه العقيدة ديفيد بن غوريون، أول رئيس وزراء لـ "إسرائيل"، بعد أزمة السويس عام 1956 كوسيلة لكسر الحصار العربي من خلال السعي للحصول على الدعم من البلدان الإقليمية غير العربية (مثل تركيا وإيران ما قبل الثورة) والأقليات العرقية على الهامش التي تواجه الضغوط العربية.
إنّ الطبيعة الاستعمارية والإقصائية للمشروع الصهيوني، إلى جانب العزلة الإقليمية، عززت عقلية أمنية تنظر إلى كل الاختلافات باعتبارها تهديداً وأي جار باعتباره عدواً محتملاً.
إلى جانب الدول، عززت "إسرائيل" علاقاتها السريّة مع الأقليات العرقية والدينية في الدول العربية والإسلامية لزعزعة استقرارها. ويُعد دعم الأقليات، من الكرد إلى الدروز، عنصراً أساسياً في تفتيت الكتلة العربية والحفاظ على التفوق الاستراتيجي.
وقد عبّر المنظّرون الإسرائيليون صراحةً عن هذه السياسة. فقد اقترح أرييه أورنشتاين تفكيك الدول العربية إلى كيانات قبلية كفرصة لـ "إسرائيل"، بينما دعا جابوتنسكي إلى مساعدة الكرد لإضعاف الدول العربية. تعكس هذه الأفكار مشروعاً متعمداً لإثارة الطائفية وتقسيم الدول المجاورة.
وبعد حرب عام 1967 والصعود العسكري لـ "إسرائيل"، تعززت هذه الاستراتيجية وأصبحت رسمية كجزء من مشروع الهيمنة الإقليمية.
غالباً ما تغفل "إسرائيل" ورعاتها الغربيون عن فارق أساسي: استمرارية إيران التاريخية تميزها عن العديد من الدول الأخرى في غرب آسيا. فبينما وصف بعض المؤرخين دولاً أخرى في المنطقة بأنها "مصطنعة" نظراً لحداثة نشأتها نسبياً، تفتخر إيران بتاريخ يمتد لآلاف السنين، وتدّعي أنها أقدم دولة قائمة في العالم.
على سبيل المثال، ضمّ الاتحاد السوفياتي دولاً وأقاليم متنوعة كانت خاضعة سابقاً لسيادات مختلفة. في المقابل، حافظت إيران على هوية وطنية متواصلة لآلاف السنين، حيث تميّز سكانها بالهوية الإيرانية على مرّ تاريخها. إيران بلدٌ يتميز بتنوع عرقي ولغوي ملحوظ، إلا أنّ هذا التنوع قائمٌ في إطار من التماسك السياسي والإقليمي الذي لطالما كان قائماً، والذي تحافظ عليه الجمهورية الإسلامية حالياً.
من منظور جغرافي، تنقسم إيران إلى جزء مركزي أكثر تجانساً ووحدات طرفية غير متجانسة. ومع ذلك، أظهرت هذه الأجزاء، على مر تاريخها، سلوكاً متكاملاً ومنسّقاً داخل الدولة، ما ضمن استمرارية سياسية وإقليمية ووطنية متينة.
ومن الأمثلة على هذه الاستمرارية غزو العراق لمنطقة خوزستان عام 1980 خلال الحرب العراقية الإيرانية. وقد رافق الهجوم العراقي شعار الوحدة الوطنية العربية، ودعاية تفرقة قائمة على الاختلافات العرقية. ورغم أنّ الجزء الغربي من خوزستان يغلب عليه الطابع العربي، إلا أنّ الغزو واجه مقاومة محلية وإقليمية واسعة.
إيران ليست دولة هشّة ولا مزيجاً عرقياً على شفا الانهيار. إنّها أمة يبلغ عدد سكانها نحو 90 مليون نسمة، ذات هوية تاريخية وثقافية راسخة تتجاوز مكوناتها المتنوعة. غالباً ما يُركز دعاة البلقنة بشكل مهووس على التعددية العرقية - الآذريون والكرد والبلوش والعرب - مُقللين باستمرار من شأن القوة التكاملية التي تتمتع بها الجمهورية الإسلامية.
المثال الأوضح على هذه المغالطة هو سكان إيران الأذربيجانيون، ثاني أكبر عدد بعد الفرس. يسكن الأذربيجانيون بشكل رئيسي شمال غرب البلاد، في محافظات مثل أذربيجان الغربية والشرقية، وأردبيل، وزنجان، وقزوين، ويمتدون أيضاً إلى همدان وجيلان الغربية. علاوة على ذلك، يندمج مجتمع أذربيجاني كبير بشكل كامل في المراكز الحضرية الرئيسية مثل طهران، وقم، وأراك. من المهم الإشارة إلى أنّ الأذربيجانيين يشغلون مناصب اجتماعية وسياسية بارزة في إيران، حيث تلعب النخب الفكرية والدينية والعلمية والثقافية أدواراً مهمة على الصعيدين المحلي والوطني.
وفي هذا الصدد، تنتمي شخصيات رئيسية داخل النظام الإيراني، مثل الرئيس الحالي مسعود بزشكيان، وزعيم الثورة الإسلامية آية الله السيد علي خامنئي، إلى هذه الأقلية.
وعلاوة على ذلك، تظهر دراسات مثل تلك التي أجراها راسموس إيلينغ وكيفان هاريس، استناداً إلى مسح اجتماعي واسع النطاق أجري في عام 2016، أنّ العديد من الإيرانيين لا ينتمون حصرياً إلى مجموعة عرقية واحدة، بل يعترفون بالانتماء إلى هويات متعددة.
لذلك، ثبت خطأ الفرضية التي تبنتها "إسرائيل" ومراكز أبحاث مثل مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات (FDD) القائلة بأنه تحت ضغط خارجي، كما في التصعيد الأخير بين إيران و"إسرائيل"، ستثور الأقليات ضد الحكومة المركزية. بل إنّ التأثير الملحوظ بعد الهجوم الإسرائيلي كان عكس ذلك تماماً: تعزيز الوحدة الوطنية والتماسك الاجتماعي داخل إيران.
الحقيقة هي أنّ التماسك الوطني الإيراني يفوق بكثير أي محاولة خارجية للتفتيت أو زعزعة الاستقرار. ففي ظل القيادة الحازمة والسيادية للجمهورية الإسلامية، رسّخت إيران هوية قوية تدمج مجتمعاتها المتنوعة في مشروع مشترك للمقاومة وتقرير المصير. هذه الوحدة لا تعكس فقط قوة البلاد التاريخية والثقافية، بل تعكس أيضاً قدرتها على مواجهة وتحييد التهديدات التي تهدف إلى تقويض سلامتها الإقليمية والسياسية.
في أعقاب الحرب الإيرانية الإسرائيلية الأخيرة، شهدت إيران في السنوات الأخيرة بعضاً من أشد مظاهر الحداد والوطنية. واتسمت تجمعات الحداد الحاشدة بمرثياتٍ وأبيات شعرية حافلة بالإشارات إلى إيران، مستمدة من الأدب الفارسي الكلاسيكي، إضافة إلى الأغاني الشعبية المعاصرة، والشعر القومي، والأناشيد الوطنية. تعكس هذه الأعمال الثقافية والاجتماعية شعوراً عميقاً بالهوية الجماعية، يبرز بقوة رداً على أي عدوان خارجي، ما يُظهر صلابة المشروع الوطني الإيراني وصموده. وهكذا، بدلاً من تفتيت المجتمع، أسهمت محاولات البلقنة في تعزيز التماسك الداخلي وقدرة إيران على المقاومة كدولة قومية.
نقلته إلى العربية: بتول دياب.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الميادين
منذ 2 ساعات
- الميادين
فرانشيسكا ألبانيزي.. المقرّرة الخاصة للأمم المتحدة بشأن الأراضي الفلسطينية المحتلة
في وجه صمت عالمي مريب ومعيب عن أبشع حملة إبادة تشنّها حكومة رسمية بحقّ شعب واقع تحت احتلال ظالم وبغيض، يرتفع صوت امرأة نبيلة أصغت لضميرها وحكّمت إنسانيتها رغم حملات التشويه والتهديد والكذب والافتراء.. فأطلقت نداءها للبشرية من أجل إيقاف تجويع مريع بحقّ شعب كامل بعد أن عمد الاحتلال إلى هدم وتجريف كلّ مؤسساته التموينية والغذائية وتجريف أراضيه الزراعية، وهدم كلّ منشآته الطبية وقتل إعلاميّيه ومنع كلّ أجهزة الإعلام العالمية من الحضور إلى غزة لتسجيل ونقل ما يتمّ ارتكابه من جرائم بحقّ الأطفال والنساء والرجال. ولا أحد يذكر اليوم في العالم أنّ مجرّد منع الإعلام والصحافة من تغطية ما يجري وصيد من تجرّأ وبقي من إعلاميين نبلاء هو مخالفة صارخة لكلّ قوانين النزاعات والحروب، علماً أنّ ما يجري في غزة ليس حرباً بين طرفين متكافئين بل هو عدوان سافر من قوة عسكرية غاشمة على شعب أعزل محاصر بين البحر والقتل والجوع والتهجير. في هذه المرحلة المعيبة من تاريخ الحكومات والشعوب والتي سيحمل عارها الأبدي كلّ من شهدها وصمت عنها، لأنّ الصمت هو مساهمة حقيقية في إمكانية استمرارها، تجرّأ طلاب نبلاء في الولايات المتحدة وأساتذة في كامبريدج على رفع علم فلسطين والدعوة لوقف الإبادة، ودفع كثيرون منهم مستقبلهم التعليمي والوظيفي ثمناً لهذا الموقف. ورغم تهديد سفير العدوان والكيان في الأمم المتحدة وافتراء ممثّلة الولايات المتحدة على فرانشيسكا بأنها معادية للسامية، فقد فنّدت المرأة الإنسانة والنبيلة فرانشيسكا البانيزي موقفها بأنه موجّه ضدّ سياسة الاحتلال والقتل والتجويع الذي تمارسه حكومة الكيان ولا علاقة للسامية أو اليهود يما يقترفه حكّام "إسرائيل" من جرائم يندى لها جبين البشرية. لقد اخترع الصهاينة ومؤيّدوهم فزّاعة معاداة السامية لكلّ من تسوّل له نفسه بقول الحقيقة واستنكار القتل والتجويع والظلم، وخلقوا رهاباً عالمياً يتمّ استخدامه والتشهير به في وجه كلّ إنسان يمتلك ضميراً حيّاً ويأبى أن يكون شاهداً على مرحلة مخزية من دون أن يصرخ صرخة حقّ في وجه سلاطين وأنظمة جائرة لا تجد من يردعها أو من يحاول إيقافها. اليوم 09:30 12 تموز 11:31 لا بدّ أن تتضافر الجهود ضدّ مهزلة معاداة السامية، فالعرب واليهود كلّهم ساميون ولكنّ مرتكبي المجازر والعنصريين النازيين هم فئة قليلة طاغية تمتلك السلاح والدعم من الولايات المتحدة لشنّ حرب إبادة غير مسبوقة ضدّ شعب كامل لا ذنب له سوى أنه يريد العيش بسلام على أرض آبائه وأجداده. كنت أتوقّع أن يسمع العالم آلاف الأصوات كصوت فرانشيسكا البانيزي وألّا يقبل العرب والمسلمون وكلّ البشر على وجه هذه الكرة الأرضية أن يناموا ويستيقظوا على صور أطفال تتضوّر جوعاً، وأمهات يغمى عليهن في الشوارع وآباء يبكون جثامين أطفالهم ولا حول ولا قوة لهم حتى لاحتضان جثة طفل أهلكه الجوع فقضى عليه الموت. ولكن وحين تجرّأت المقرّرة النبيلة أن تقوم بواجبها بصدق وإخلاص وأن ترفع صوتها بكلمة حقّ ونقل ما شهدته عيناها للعالم، قرّر الرئيس ترامب والذي يصف نفسه رئيساً للعالم اليوم، قرّر إقالتها من منصبها كمقرّرة خاصة للأمم المتحدة بشأن الأراضي الفلسطينية المحتلة. وهذا هو أرفع وسام يمكن أن تناله فرانشيسكا البانيزي قبل ترشيحها لنيل جائزة نوبل للسلام والتي تستحقّها بجدارة. باسم كلّ نساء العرب ونساء يؤمِنّ بكتب الله السماوية المقدّسة وباسم كلّ من لديه بقية من باقي ضمير، نرشّح فرانشيسكا البانيزي لجائزة نوبل للسلام، وندعو كلّ أعضاء الاتحاد الأوروبي والبرلمانات الأوروبية أن يتبنّوا ترشيح فرانشيسكا لجائزة نوبل للسلام. ولكن سواء أتمّ هذا الترشيح أم لم يتمّ، وسواء نالت الجائزة أم لم تنلها فإنّ اسم فرانشيسكا البانيزي اليوم هو بمحاذاة اسم نيلسون مانديلا الذي قضى قرابة ثلاثة عقود من عمره في جزيرة روبن أيلاند كي لا تموت كلمة الحقّ ولا يأفل الدفاع عنه من قلوب البشر. وفي العقود المقبلة سيتذكّر الطلاب والدارسون اسم فرانشيسكا البانيزي ولن يأبه أحد بأسماء حكّام هذه الفترة. كما ستبقى صور طلاب كامبريدج وهم يخرجون علم فلسطين من جيوبهم ويقبّلونه ويهتفون "تحيا فلسطين" شاهداً حيّاً أنهم لم ينالوا درجة علمية فقط بل نالوا مرتبة رفيعة في الأخلاق والحكم بالقسط والله يحب المقسطين.


الميادين
منذ 2 ساعات
- الميادين
"إسرائيل" الكبرى.. بين الحقيقة والوهم!
منذ تأسيس الحركة الصهيونية في أواخر القرن التاسع عشر، وعلى امتداد تاريخ هذه الحركة القديم والحديث، لم يسبق أن مرّ عليها قائد أو زعيم حالم ومُشتبه كما هي حال رئيس الوزراء الحالي بنيامين نتنياهو، الذي يُفاخر بكسر الرقم القياسي كأطول رئيس حكومة بقاء على سدّة الحكم في "الدولة" العبرية. وعلى الرغم من أن مؤسسي هذه الحركة وقياداتها التاريخيين من أمثال جابوتنسكي وهرتزل وبن غوريون وغولدا مائير ورابين وبيرس وغيرهم قد حملوا أفكاراً متشدّدة ومتطرّفة تجاه كل سكّان المنطقة وحكوماتها، ورفعوا شعارات أقل ما يمكن أن يُقال عنها إنها شاذّة وغير واقعية، وتفتقر إلى كل مبادئ احترام حقوق الإنسان وحسن الجوار، فإنهم لم يبلغوا ما بلغه مجرم الحرب "بنيامين نتنياهو"، الذي على الرغم من كونه زعيماً براغماتياً من الدرجة الأولى، يبحث في المقام الأول عن مصالحه بشتّى الطرق والوسائل، التي في معظمها غير مشروعة ومخالفة للقانون، وهو الأمر الذي جعله مُطارداً من القضاء الإسرائيلي بتهم فساد متعدّدة. نتنياهو على مستوى الطموح الإقليمي تجاوز أسلافه بمراحل، وبات يعتقد كما تشير تصريحاته وأفعاله بإمكانية تحقيق ما عجز عنه كل قادة الكيان السابقين، والذين وإن حاول بعضهم تحويل شعار من النيل إلى الفرات من صورة مرفوعة على مدخل البرلمان الصهيوني إلى أمرٍ واقع، وشنّوا العديد من الحروب على بعض الدول العربية المحيطة بفلسطين المحتلة، فإنهم كانوا يفعلون ذلك في إطار خطة الدفاع عن "دولتهم " الوليدة، والتي كانت تشعر بخطر وجودي كما سمّاه " ديفيد بن غوريون" أول رئيس حكومة في الكيان الصهيوني، غير أن ما يقوم به "نتنياهو"، مدعوماً من ائتلاف يميني متطرّف هو محاولة للتوسّع الطولي والعرضي في اتجاه جغرافي أوسع بكثير من محيطه القريب، محاولاً بسط هيمنة "دولته" المارقة على عموم المنطقة، حتى على بعض الدول التي كان مجرد الوصول إلى حدودها يُعدّ حلماً بعيد المنال. من وجهة نظر قوى اليمين المتطرّف في "إسرائيل"، فقد باتت أحلام السنين الماضية مُتاحة، وأوهام الزمن الغابر مشروعة، كيف لا وهم يعيشون في عهد "الساحر" نتنياهو، الذي يملك دون سواه العصا السحرية التي بإمكانها ان تُحيل الأوهام إلى حقائق، والأحلام إلى وقائع، بل وتجعل من المعجزات التي كانت مستحيلة في يوم من الأيام أمراً قابلاً للحدوث، حتى وإن اعترضت طريقها عوائق شتى، وصعوبات جمّة. في حقيقة الأمر، يمكن لنا أن نُقرّ ونعترف بأن "إسرائيل" في زمن "نتنياهو" تحديداً قد بلغت ما لم تبلغه في أيٍّ من عصورها حتى "الذهبية منها، وذهبت بعيداً في سعيها لـ "تأديب" كل أعدائها القريبين والبعيدين كما يقول وزير حربها الحالي "يسرائيل كاتس "، بل وتعلن من دون خوف أو وجل أنها ماضية في تغيير وجه المنطقة حسب ما تقتضيه مصلحتها، وبطبيعة الحال مصلحة كل محور الشر في العالم، والذي يقف إلى جوارها بكل ما أوتيَ من قوة وبأس، ضارباً بعرض الحائط كل شعاراته الكاذبة التي يتحدث فيها عن سيادة الدول، وحق الشعوب في الحياة الحرة والكريمة. من أجل الوصول إلى هذا الهدف الاستراتيجي طويل المدى، والذي يحمل بين جنباته مروحة واسعة من الأهداف الثانوية والتكتيكية، قام الكيان الصهيوني بحملات عدوانية على العديد من الساحات، ونفّذ بدعم وحماية من محور الشر الأميركي حملات عسكرية واسعة ضد العديد من الساحات، بدءاً من قطاع غزة الفقير والمحاصر، والضفة الغربية المحتلة والمستباحة، مروراً بالعدوان على لبنان واليمن والعراق، وصولاً إلى حرب الاثني عشر يوماً على الجمهورية الإسلامية في إيران. في كل هذه الهجمات التي تميّزت بشراستها وعدوانيّتها غير المسبوقتين، بذلت "إسرائيل" كل ما في استطاعتها لتغيير العديد من الوقائع، ولإسقاط كثير من الخطوط الحمر، مستخدمة مروحة واسعة من أدوات القتل والإجرام، ومتسبّبة في ارتكاب جرائم إبادة جماعية حسب تصنيف المحاكم الدولية المختصة، غير عابئة بسيل الانتقادات التي وُجّهت إليها من معظم دول العالم، وضاربة عرض الحائط بكل القوانين الأممية التي تُعنى بحماية المدنيين في أوقات الحرب. في خضم هذه الأحداث التي فاجأت كثيرين في المنطقة وحول العالم، لا سيّما أولئك الذين كانوا يُبشّرون بإمكانية تحقيق "السلام" مع هذه "الدولة" اللقيطة، اعتقد قادة الكيان الصهيوني أن مساعيهم قد نجحت، وأن جهودهم التي تم التخطيط لها منذ زمن بعيد قد وصلت إلى خواتيمها السعيدة، بل إن ما حقّقوه من "إنجازات" قد تجاوز بمراحل ما كان يدور في خلدهم، وهذا ما عبّرت عنه كثير من التصريحات التي صدرت عن نتنياهو وكاتس وبن غفير وغيرهم، إذ تباهوا في عديد المرات بأنهم نجحوا في تغيير وجه الشرق الأوسط، وأن قتالهم على الجبهات السبع قد آتى أُكله، وأن أعداءهم قد تلقوا هزيمة مُنكرة لم يسبق لها مثيل. على أرض الواقع، تبدو كل هذه التصريحات مجرّد بروباغندا سوداء لا تمت للحقيقة بصلة، فهي وعلى الرغم من تحقيق بعض الإنجازات التكتيكية في بعض الساحات، فإنها كشفت عن عيوب وثقوب هائلة في جسد هذه "الدولة" المُصطنعة، وعن إخفاقات غير مُتوقعة دفعتها إلى الاستنجاد بكل قوى الشر في العالم، والتي سارعت في عديد المناسبات إلى استنفار كل قدراتها العسكرية لإنقاذ الكيان من ضربات قوى المقاومة، لا سيّما أثناء المواجهة الأخيرة مع إيران، والتي ظهرت فيها "إسرائيل" في أضعف حالاتها، وتعرّضت لخسائر جسيمة ما زال الجزء الأكبر منها محجوباً بقرار من الرقابة العسكرية الإسرائيلية. اليوم 09:34 12 تموز 11:31 في المواجهة مع إيران، بدت "إسرائيل" كمن هاجم الدب في عرينه، إذ اكتشفت، ولكن بعد فوات الأوان، أن كل قدراتها الدفاعية التي كانت تتباهى بها منذ عقود لم تعد قادرة على التصدّي للغضب الإيراني، والذي انهال على قواعدها العسكرية ومؤسساتها البحثية، ومراكزها المالية كالإعصار الكاسح، موقعاً خسائر بشرية ومادية فادحة، لم يسبق أن دفعها الكيان في أي استحقاق سابق. في هذه المواجهة، طلبت "إسرائيل" الحماية والدعم المباشر من حليفتها الأكبر أميركا، ومن كل محور الشر في المنطقة والعالم، وهو ما كشف زيف ادّعاءاتها بأنها "دولة" قوية ومُقتدرة، وأن بمقدورها أن تهاجم متى تشاء، وتضرب من تشاء. في اليمن، تُثبت الوقائع كل يوم أن الحلول التي حاولت "الدولة" العبرية اجتراحها من أجل ثني الأحرار في اليمن عن مساندة غزة قد فشلت، وأن ما تم شنّه من غارات عدوانية على الأعيان المدنية اليمنية مثل الموانئ وشركات الكهرباء والمطارات لم تنجح في تحقيق الهدف منها، وهو الأمر الذي لا مجال لنكرانه أو نفيه، إذ إن استمرار القصف اليمني للمواقع الاستراتيجية في الكيان الصهيوني، والذي يتكرر كل عدّة أيام يشير بما لا يدع مجالاً للشك إلى أن كل الجهود الإسرائيلية، وما سبقها من جهود أميركية وبريطانية قد ذهبت أدراج الرياح، وأنها لم تحقّق الهدف المنشود من ورائها حتى لو بشكل جزئي. على الساحة اللبنانية التي تشهد تعافياً واضحاً لأهم قوة غير نظامية في المنطقة، والذي بداً واضحاً في نتائج الانتخابات البلدية قبل أسابيع، تبدو كل المحاولات الإسرائيلية للضغط على حزب الله سواء من خلال بعض الأحزاب اللبنانية المنصاعة لأوامر بعض السفارات الغربية والعربية، أو من خلال التهديد بتجدّد الحرب مرة أخرى، كأنها عاصفة من غبار سرعان ما تتلاشى في الهواء، وهي وعلى الرغم من تكرار عملياتها العدوانية منذ التوصّل إلى اتفاق وقف إطلاق النار على الجبهة الشمالية لفلسطين المحتلة، والتي تقوم من خلالها بعمليات اغتيال من الجو ضد كوادر المقاومة اللبنانية، وبعض التوغلات في أطراف القرى الجنوبية، فإنها فشلت حتى الآن في إقناع معظم سكّان المستوطنات الشمالية في العودة إلى مستعمراتهم المهجورة، والتي تحوّلت إلى خرائب ينعق فوق أنقاضها البوم والغربان. في غزة والضفة، اللّتين تعرضتا لحرب شعواء لم يسبق لها مثيل، أدّت إلى خسائر مادية وبشرية هائلة، تجاوزت كما يشير كثير من الإحصائيات حاجز الستين ألف شهيد، إلى جانب أكثر من مئة وعشرين ألفاً من المصابين والجرحى، ودمار وخراب فاقا كل التوقّعات، غير أن كل الأهداف التي رُفعت من المستويين السياسي والعسكري في "الدولة" العبرية قد سقطت، ولم يتحقّق منها إلا النُّذر اليسير، بل وعلى الرغم من استخدام "جيش" الاحتلال كل ما في جعبته من إمكانيات عسكرية حديثة، فإنه ما زال حتى اليوم عاجزاً عن فرض أي سيطرة حقيقية على الأرض، باستثناء تلك التي حوّلتها آلته العسكرية إلى أرض محروقة كما حدث في رفح وشرق خان يونس وشرق غزة وبيت حانون وجباليا. في غزة، ما زالت المقاومة الفلسطينية تسجّل إنجازات لافتة وهامة، وهي وعلى الرغم مما تعرّضت له من ضربات قاسية، وخسائر لا مجال لإنكارها أو التقليل من شأنها، فإنها تستمر في تحقيق نجاحات كان البعض يعتقد باستحالة حدوثها، لا سيّما بعد هذا الوقت الطويل من العدوان والحصار. حتى في تلك المناطق التي عدّها الاحتلال مناطق سيطرة عملياتية لقواته، وأعلن مراراً وتكراراً أنها باتت مناطق آمنة، فوجئ أكثر من مرة كما حدث في بيت حانون وخان يونس والشجاعية أن المقاومة ما زالت قادرة على القتال فيها، بل وتكبيد قواته خسائر فادحة في كمائن نوعية لم يكن أمام جنوده فيها سوى الصراخ والعويل. في الضفة أيضاً ما زالت المقاومة تضرب في أوقات وأماكن غير مُتوقّعة، وهي على الرغم مما تعرّضت له من عدوان واسع خصوصاً في مخيماتها الشمالية مثل جنين وطولكرم ونابلس، فإنها تنجح بين الفينة والأخرى في توجيه صفعات قاسية لقوات الاحتلال ومستوطنيه كما حدث قبل يومين قرب الخليل، وهذه العمليات رغم ندرتها مؤخراً فإنها تُعطي مؤشراً مهماً على استمرار جذوة المقاومة مشتعلة في مدن الضفة المحتلة، رغم الإطباق الأمني والعسكري لقوات الاحتلال. كل ما سبق وغيره كثير مما لا يتّسع المجال لذكره، يكشف بما لا يدع مجالاً للشك أن الادعاءات الإسرائيلية حول النجاح في تحقيق جملة من الأهداف الاستراتيجية في المنطقة هو مجرد هراء، الهدف منه كما يقول الكثير من الخبراء والمحللين الصهاينة هو التغطية على جملة الإخفاقات التي مُنيت بها "الدولة" العبرية خلال الشهور الماضية، والتي كشفت أن هذه "المستوطنة " التي أُنشئت على أنقاض شعب آخر من دون وجه حق قابلة للهزيمة، وأن امتلاكها إمكانيات عسكرية متطوّرة وحديثة، وحصولها على دعم سياسي ومالي وإعلامي من أكبر إمبراطوريات العالم لا يعني أنها قادرة على حسم المعركة مع أصحاب الأرض في فلسطين والمنطقة. لقد كشفت الأشهر الواحد والعشرون الأخيرة، أن بمقدور القوى الحيّة في الأمة تحقيق ما عجزت عنه كل الأنظمة الرجعية في العالمين العربي والإسلامي طوال ستة وسبعين عاماً خلت، وأن ضعف الإمكانيات المادية والعسكرية لن يحول دون تحقيق الانتصار على قوى الشر والعدوان، المهم أن يملك أبناء هذه الأمة الإرادة والتصميم، والإيمان بعدالة قضيتهم، وأن ينفضوا عن كاهلهم كل مشاعر الدونية والضعف والهوان التي كبّلت سواعدهم الفتيّة خلال السنين الماضية.


LBCI
منذ 2 ساعات
- LBCI
الوكالة الوطنية للإعلام: مسيرة إسرائيلية ألقت قنبلة صوتية في اتجاه بلدة عيترون
الوكالة الوطنية للإعلام: انفجار صاروخ إسرائيلي من مخلفات العدوان في أحد المباني المستهدفة سابقاً في بلدة حاروف مما أحدث أضرارا مادية طفيفة في المحيط ولا غارة على البلدة كما تم التداول السابق