logo
المشرق العربي أمام تحدّيات ما بعد الممانعة

المشرق العربي أمام تحدّيات ما بعد الممانعة

الشرق الأوسطمنذ 2 أيام
لا يزال الصوت الممانع يحاول إقناعنا، ولو جاءنا من تحت الركام، بأنّه منتصر. والحال أنّ التطوّر الوحيد الذي نعيشه راهناً، والذي يمكن أن يُعدّ إنجازاً، هو طيّ صفحة هذه الممانعة بأنظمتها وميليشياتها وجميع مهزوميها «المنتصرين». أمّا ما يحاوله «حزب الله» ومُلاطفوه من ساسة لبنان فهو إعاقة ذاك الإنجاز بأكلاف باهظة يُرجّح أن يتكبّدها البلد بأسره.
بيد أنّ صوتاً آخر، مضادّاً للممانعة، يحاول إقناعنا بأنّه منتصر عملاً بتباهي الأصلع بشَعر جاره. وما دامت الأمور تُصوّر على هذا النحو، تُرسم لنا صورة شديدة التفاؤل والورديّة تتصدّرها عناوين لا تصمد أمام أيّ تفحّص دقيق. فمرّةً تُعزى انتصاراتنا المزعومة إلى أنّ «الرئيس ترمب لا يريد حروباً»، ومرّةً نُبَشَّر بانتقال عجائبيّ من جحيم الآيديولوجيا إلى جنان التكنولوجيا، كما يُلوّح لنا بأنّ التطبيع مع إسرائيل في طريقه إلينا، سالكاً سلوك الأتوستراد القويم، وهو ما سوف ينشر على الأرض سلاماً يكون خاتمة للحروب.
لكنّ ترمب، كائناً ما كان الرأي فيه، ليس صانع معجزات، هذا إذا كان ثمّة صانع معجزات في هذا العالم. أمّا التكنولوجيا فليست ذاك السحر المُحيَّد عن كلّ آيديولوجيا، والذي نتلقّاه متساوين مثل أسنان المشط. وأمّا التطبيع، ومُوقِّع هذه الأسطر متحمّس مزمن للسلام ولسائر متفرّعاته، فليس بالسهولة التي تُنسب إليه.
صحيح أنّ هزيمة مطنطنة نزلت بالممانعة العربية والإسلامية، وهذا شرط ضروريّ لأيّ تقدّم يمكن أن يظهر على أيّ جبهة من الجبهات المعنيّة. لكنّ الصحيح أيضاً أنّ انتصاراً مطنطناً أحرزته الممانعة الإسرائيليّة ممثّلةً ببنيامين نتانياهو وأحزاب اليمين الدينيّ. وواقعٌ كهذا ليس بشارة لأحد: ففضلاً عن رصيد الأخيرين الفظيع في غزّة، والاستيطانيّ في الضفّة الغربيّة، فإنّهم ماضون في إيصاد كافّة الأبواب أمام السلام، أيّ سلام وكلّ سلام. وما يعنيه هذا أنّ المصدر الأبعد لنزاعات المنطقة، أي المسألة الفلسطينيّة، لن يؤول أمره إلى تسوية، كائنة ما كانت التسوية. وقد يقول قائل إنّ المسألة المذكورة فقدت الكثير من الزخم والتأثير، ومن قدرة الآخرين على توظيفها استطراداً، وهذا صحيح. لكنّ ما لا يصحّ هو افتراض التبخّر أو المحو، اللذين ترطّبهما «حفنة من الدولارات»، بوصفهما علاجاً للمشكلات. فبالطريقة هذه نكون نراكم عبوات تنفجر لاحقاً بالجميع، عبواتٍ تضاعف الأحقادُ والمراراتُ، فضلاً عن التجاهل، طاقتَها الانفجاريّة.
وما يُسرّب عن مداولات تتناول سوريّا ليس باعثاً على اطمئنان أكبر في صدد سلام مستقرّ ومستدام. ففضلاً عن الأوضاع الداخليّة، ثمّة أطراف كتركيّا يداعبها الاستثمار في عدم الاستقرار، أو ربّما مفاقمته وتوسيعه.
وهذه المعطيات وغيرها تسمح بالقول إنّ «الشرق الأوسط الجديد»، الذي يبشّر به رئيس الحكومة الإسرائيليّة، قد يكون عنواناً صالحاً لوصف الإنجاز السلبيّ، أي القضاء على الممانعين ونفوذهم. أمّا بقياس الإنجاز الإيجابيّ، أي إرساء أسس للبدائل، فأغلب الظنّ أنّ «الجديد» فيه أقرب إلى حركة انقلابيّة وبرّانيّة لا تستند إلى واقع صلب ولا إلى قوى اجتماعيّة، وإن وَجدت، بطبيعة الحال، متعاونين وملتحقين ومسحورين بالقوّة.
لكنّ ما يفوق الفعل الإسرائيليّ أهميّةً هو اللافعل الذي تبديه منطقة المشرق. وهذا ما يجعل التحوّل الراهن أعرج، وربّما غير مُطمْئن على المدى الأبعد. فتعابيرُ التفاؤل والظفر التي نسمعها قد تكون غلالة تحجب انعدام الأجوبة عن الأسئلة الوجوديّة المطروحة على المنطقة وعلى أحوال بلدانها وتراكيبها. ذاك أنّ هذه اللحظة من التحوّلات الضخمة لا يقابلها أيّ استعداد جديّ يواكب أو يستبق. وقد يكفي أن نفكّر بالعلاقات الأهليّة الداخليّة في أيّ من بلدان المشرق لنستنتج أنّ النوم على حرير ليس آمناً للنائمين.
فما هي استعدادات المنطقة لاستقبال عالم ما بعد الممانعة؟ وهل يمكننا، في أيّ بلد من بلدان المشرق، أن نتوقّع تحوّلاً سلساً وغير ثأريّ في التراكيب الحاكمة التي لا بدّ أن تتغيّر كما تغيّرت في سوريّا؟ وما هي الأفكار التي تُتداول ويحملها نقاش عامّ يطال مصيريّة الظرف وآفاق المستقبل؟
واقع الحال أنّ التخريب الذي عرفته أوضاعنا على مدى عقود، معطوفاً على الهلهلة الأصليّة في النسائج الوطنيّة، يستدعي لتصحيحه جهداً إضافيّاً، فيما المبذول يكاد يعادل الصفر. فالعراق لم يبدأ بعد عمليّة اختباريّة كهذه، إلاّ أنّ نتائجها، في حال حصولها، لن تكون صعبة التوقّع. وبدورها تقتصر السياسة اللبنانيّة على ما يحمله إلينا المندوب الأميركيّ توم بارّاك، فيما تكاد تقتصر السياسة في سوريّا على قائمة الأرقام الماليّة التي تدخل أو يُنتظر دخولها. وهذه العوامل ليست بالطبع قليلة الأهميّة، لا سيّما في المدى المباشر والمنظور، إلاّ أنّ المأزق الوجوديّ الذي ينتظرنا أكبر كثيراً، وأشدّ داخليّةً وسياسيّةً بلا قياس. أمّا إنكار المأزق، وفيه شيء من الغرق بأشبار ماء، فينمّ عن وحدة ثقافيّة تجمع بيننا، بموجبها يُنكر الممانع أنّه مهزوم، بينما ينكر خصمه أنّه في مأزق وجوديّ.
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

زيارة برّاك الثالثة إلى بيروت... لا نتائج ولا ضمانات
زيارة برّاك الثالثة إلى بيروت... لا نتائج ولا ضمانات

الشرق الأوسط

timeمنذ 2 دقائق

  • الشرق الأوسط

زيارة برّاك الثالثة إلى بيروت... لا نتائج ولا ضمانات

انتهى اليوم الأول من زيارة المبعوث الأميركي توم برّاك الثالثة لبيروت «من دون نتائج»، مع رميه مجدداً مسؤولية نزع سلاح «حزب الله» بيد الدولة اللبنانية. مذكّراً بأن الحزب «منظمة إرهابية» لا تتفاوض واشنطن معها. وأعلن برّاك صراحةً عدم قدرة واشنطن على تقديم الضمانات التي يطلبها لبنان بالقول: «ليست لدينا أجوبة عن كل الأسئلة... ولا نستطيع إرغام إسرائيل على فعل أي شيء». جاءت مواقف برَّاك التصعيدية إثر لقائه رئيس الحكومة نواف سلام، الاثنين، بعدما كان قد التقى رئيس الجمهورية جوزيف عون الذي سلّمه باسم الدولة اللبنانية «مشروع المذكرة الشاملة لتطبيق ما تعهَّد به لبنان منذ اتفاق وقف الأعمال العدائية»، في وقت لا يزال فيه «حزب الله» يتمسك بموقفه الرافض بحث سلاحه من دون وقف الانتهاكات الإسرائيلية والانسحاب من الأراضي المحتلة. المبعوث الأميركي توم برّاك في طريقه للقاء رئيس الحكومة نواف سلام (رويترز) ووصفت مصادر مطّلعة في بيروت الأجواء التي سادت الاجتماعات بأنها «غير مريحة» مع تأكيد المصادر استمرار الجهود، أملاً في التوصل إلى نتائج. وقالت المصادر لـ«الشرق الأوسط» إن برّاك تسلّم «مشروع المذكرة باسم الرؤساء الثلاثة، الذي يؤكد أن الأولوية للانسحاب الإسرائيلي ووقف الانتهاكات كي نبدأ بالتوازي البحث في سحب سلاح (حزب الله)». لكن، وحسب المصادر، «أقفل المبعوث الأميركي الطريق أمام الضمانات التي يطالب بها لبنان بقوله إنهم لا يستطيعون الضغط على تل أبيب، علماً أن اللجنة المكلفة مراقبة وقف إطلاق النار لا تجتمع لنظر كل هذه الانتهاكات اليومية، وهو ما يجعل الأمور أكثر صعوبة، لا سيما أن (حزب الله) كان واضحاً بموقفه أنه لا يمكن البحث بسلاحه قبل الانسحاب الإسرائيلي، لما لهذا الموقف من مخاطر وتداعيات في ظل التشدد الدولي تجاه سلاحه». ورغم هذه الأجواء المتشائمة، تؤكد المصادر «أن الدولة اللبنانية والمسؤولين في بيروت سيستكملون مساعيهم». كان رئيس الجمهورية جوزيف عون قد سلّم الموفد الرئاسي الأميركي السفير توم برَّاك، باسم الدولة اللبنانية، خلال استقباله في القصر الرئاسي بحضور السفيرة الأميركية لدى لبنان ليزا جونسون، مشروع المذكرة الشاملة لتطبيق ما تعهد به لبنان منذ إعلان 27 نوفمبر (تشرين الأول) 2024، حتى البيان الوزاري للحكومة اللبنانية، مروراً بخطاب القسم. الرئيس اللبناني جوزيف عون مستقبلاً المبعوث الأميركي توم برَّاك والوفد المرافق في القصر الرئاسي (الرئاسة اللبنانية) وتضمن المذكرة، حسب بيان رئاسة الجمهورية، «تأكيد الضرورة الملحة لإنقاذ لبنان، عبر بسط سلطة الدولة اللبنانية على كامل أراضيها بقواها الذاتية دون سواها، وحصر السلاح في قبضة القوى المسلحة اللبنانية وحدها، وتأكيد مرجعية قرار الحرب والسلم لدى المؤسسات الدستورية اللبنانية. كل ذلك، بالتزامن والتوازي مع صون السيادة اللبنانية على حدودها الدولية كافة، وإعادة الإعمار وإطلاق عملية النهوض الاقتصادي، بضمانة ورعاية من أشقاء لبنان وأصدقائه في العالم، بما يحفظ سلامة وأمن وكرامة كل لبنان وجميع اللبنانيين». لقاء بين الرئيس عون والموفد الأميركي، توماس باراك، بحضور سفيرة الولايات المتحدة في لبنان، ليزا جونسون — Lebanese Presidency (@LBpresidency) July 21, 2025 بعد لقائه سلام، قال برّاك إن «نزع سلاح (حزب الله) مسألة داخلية للغاية»، مشيراً إلى أن عدم تسليم هذا السلاح سيكون «مخيباً للآمال»، لكن «لن تكون هناك عواقب» من جانب الولايات المتحدة على لبنان. وقال في مؤتمر صحافي: «القادة كانوا أكثر من متعاونين»، مشيراً إلى أن «الإصلاحات الجارية... معقولة بشكل لافت، ومهمة»، لكنه لفت في الوقت نفسه إلى أن اتفاق وقف إطلاق النار في لبنان بين «حزب الله» وإسرائيل «لم ينجح». وأوضح: «ليست لدينا أجوبة عن كل الأسئلة التي لديكم، لكن يجب أن نؤكد ضرورة التركيز وإعادة الاستقرار إلى لبنان والأمل في المنطقة، وسنستمر على هذه الطريق». المبعوث الأميركي توم برّاك مجتمعاً مع رئيس الحكومة نواف سلام (إ.ب.أ) ورداً على سؤال عمّا ستقوم به الحكومة اللبنانية إزاء «حزب الله» وما الذي طُلب من الحكومة ومن إسرائيل حول تطبيق وقف إطلاق النار، أجاب: «هناك اتفاقية لوقف الأعمال العدائية دخلت حيز التنفيذ لكنها لم تنجح، وهناك أسباب لعدم نجاحها وهذا جزء مما نحاول جميعاً حلّه». وبينما قال إن «نزع سلاح (حزب الله) مسألة داخلية»، ذكّر بأن «الحزب» بالنسبة إلى أميركا منظمة إرهابية أجنبية، ونحن لا نبحث معه بل نبحث مع حكومتكم كيفية المساعدة للوصول إلى حل». اجتمع رئيس #مجلس_الوزراء الدكتور #نواف_سلام صباح اليوم في السرايا مع المبعوث الاميركي السفير طوم برّاك في في حضور سفيرة الولايات المتحدة ليزا جونسون.براكوعقد براك مؤتمرا صحافيا قال فيه:«السبب لعودتي هو الاهتمام الكبير للرئيس دونالد ترمب للتأكد من تأمين الاستقرار الأقليمي... — رئاسة مجلس الوزراء (@grandserail) July 21, 2025 وحول الضمانات التي تطالب بها الدولة اللبنانية قال برَّاك: «لا أعرف الضمانات لكننا لا نستطيع ان نرغم إسرائيل على فعل أي شيء، نستعمل تأثيرنا ونفوذنا للوصول إلى نهاية، والمسألة تعود لكم، أي للحكومة اللبنانية، وللجميع عندما تكونون قد سئمتم من هذه المناكفات والمنافسات، حيث يصل الجميع إلى خلاصة، إلى ضرورة فهم أكبر وسلام مع الجيران لكي تكون الحياة أفضل». وفي رد على سؤال عمّا إذا كانت ستُفرض عقوبات على المسؤولين اللبنانيين، قال برَّاك: «هذا الأمر معقد للغاية وليس قيد البحث الآن... ما نحاول فعله هو الإتيان بالسلام والاستقرار وليس تأجيج النار». ورداً على سؤال حول صحة ما قيل عن تسلمه ردوداً من الرئيس عون، والرئيس بري تتضمن ملاحظات لـ«حزب الله»، قال برّاك: «لم أرَ أي ملاحظة من (حزب الله) على الأقل». ومن المتوقع أن يلتقي برَّاك رئيس البرلمان نبيه بري، الثلاثاء، وأن يقدم الأخير ملاحظاته التي لم تدرَج في «المذكرة». وتلفت المصادر إلى أن «بري هو أيضاً رئيس (حركة أمل) حليفة (حزب الله) والمفاوض باسمه اليوم»، مرجّحة أن يكون له ملاحظاته على غرار ما حصل في المرة الأولى، عندما قدّم لبنان ردّه على الورقة الأميركية.

6 نتائج كبرى لإدارة ترمب في 6 أشهر
6 نتائج كبرى لإدارة ترمب في 6 أشهر

Independent عربية

timeمنذ 31 دقائق

  • Independent عربية

6 نتائج كبرى لإدارة ترمب في 6 أشهر

مع مرور ستة أشهر على تولي إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب الحكم في فترة رئاسته الثانية، حققت الإدارة الجديدة تغييرات في غاية الأهمية ذات تأثير واسع في الاقتصاد الأميركي والاقتصاد العالمي ككل. لجأ ترمب في غالب تلك الإجراءات إلى استخدام سلطة "الأمر التنفيذي"، أي القرارات المباشرة من الرئيس والبيت الأبيض من دون الحاجة إلى موافقة السلطة التشريعية (الكونغرس). نشرت صحيفة "فاينانشيال تايمز" الإثنين جداول ورسوماً بيانية حول أهم ستة تغييرات كبرى أحدثتها إدارة ترمب الثانية منذ دخولها البيت الأبيض في الـ20 من يناير (كانون الثاني) الماضي، تناولت تلك الجداول والرسوم البيانية المعلومات والأرقام في شأن ما حدث للأسواق والعملة الأميركية نتيجة الحرب التجارية التي أطلقتها إدارة ترمب بفرض التعريفة الجمركية على شركائها التجاريين. وتناولت أيضاً الخفض الهائل في الضرائب ضمن مشروع الموازنة الجديدة التي يصفها ترمب بأنها "الكبيرة الجميلة"، ذلك إضافة إلى تطبيق القيود على هجرة العمالة إلى أميركا وإعادة تشكيل هيكل الحكومة الفيدرالية. في ما يلي قراءة في الجوانب الستة لفترة حكم إدارة ترمب في نصف عام: الأسهم والدولار حين أعلن ترمب عن التعريفة الجمركية المتبادلة مطلع أبريل (نيسان)، هوت الأسواق الأميركية لتسجل أكبر انخفاض يومي لمؤشراتها في خمسة أعوام، وبعد أسبوع، أعلن ترمب تعليق تنفيذ التعريفة الجمركية 90 يوماً، وتكررت تهديدات زيادة نسب التعريفة الجمركية وتأجيل تنفيذها. هكذا أخذت الأسواق في الارتفاع لتصل مؤشراتها لأعلى معدلاتها على الإطلاق، مع اعتبار الأسواق أن تهديدات الرئيس ليست بالضرورة قابلة للتنفيذ وأنه غالباً ما يتراجع عنها. في الوقت ذاته، استمر سعر صرف العملة الأميركية، الدولار، في التراجع ليسجل مؤشر سعر الدولار أدنى قيمة له منذ عام 1973. يعد غالب الاقتصاديين والمحللين أن السياسات الاقتصادية لإدارة الرئيس ترمب، إلى جانب هجومه المستمر على "الاحتياطي الفيدرالي" (البنك المركزي) الأميركي، تعني استمرار هبوط الدولار، وهناك خشية حقيقية من تدهور مكانة العملة الأميركية كملاذ آمن وتراجع إقبال المستثمرين الأجانب على الأصول المقومة بالدولار. سياسات الهجرة على رغم وعود الرئيس ترمب خلال حملته الانتخابية العام الماضي 2024 بأن خططه لترحيل المهاجرين غير الشرعيين ستتركز على أولئك الذين لهم سجل إجرامي، فإن عمليات الاعتقال التي تقوم بها إدارة الهجرة والجمارك (آيس) منذ الشهر التالي لتولي ترمب السلطة تشير إلى أن الحملة تطاول كل المهاجرين. تستهدف إدارة ترمب ترحيل ما يصل إلى نحو مليون شخص سنوياً، وبحسب أرقام وبيانات مشروع بيانات الترحيل لكلية بيركلي للقانون بجامعة كاليفورنيا، ضاعفت إدارة الهجرة والجمارك عمليات الاعتقال منذ فبراير (شباط) الماضي. وفي يونيو (حزيران) الماضي، بلغ معدل الاعتقالات يومياً 1400 شخص، بينما في الفترة ذاتها من العام الماضي خلال إدارة الرئيس السابق جو بايدن لم تتجاوز الاعتقالات 500 شخص. من غير الواضح بعد مدى تأثير سياسات الهجرة والترحيل على سوق العمل الأميركية، بخاصة في الوظائف الموسمية والمنخفضة الأجر والمهارة، إلا أن استمرار سياسة الهجرة بهذا المعدل سيكون له تأثير واضح في بعض القطاعات في الاقتصاد الأميركي على المدى المتوسط. التعريفة الجمركية أدت سياسات فرض التعريفة الجمركية على الواردات من الشركاء التجاريين للولايات المتحدة إلى زيادة معدل الجمارك من نسبة اثنين في المئة إلى 8.8 في المئة، وذلك بقياس ما تحصله الجمارك على الواردات كنسبة من قيمتها، طبقاً لإحصاءات سبقت ونشرتها "فاينانشيال تايمز" من خلال تتبع عائدات الجمارك الأميركية. بحسب تلك البيانات والأرقام، وصلت عائدات الجمارك في نصف العام الأول من حكم إدارة ترمب إلى 64 مليار دولار، بزيادة بمقدار 47 مليار دولار على الحصيلة للفترة المماثلة من العام الماضي، والقدر الأكبر من تلك الزيادة هو متحصلات على الصادرات الصينية إلى أميركا التي تخضع لنسبة تعريفة جمركية عند 30 في المئة. اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) تلك هي الأرقام والنسب الفعلية لما تم تطبيقه من تعريفة جمركية حتى الآن، وبحسب تقديرات "معمل الموازنة بجامعة ييل"، فإنه في حال تطبيق كل التعريفة الجمركية التي أعلنها ترمب حتى منتصف الشهر الجاري، بما في ذلك نسبة 30 في المئة على الاتحاد الأوروبي والمكسيك، فإن نسبة التعريفة الجمركية الفعلية في المتوسط ستصل إلى 20.6 في المئة. الأوامر التنفيذية ربما يكون أكبر متغير في إدارة دونالد ترمب خلال نصف العام الأول من الفترة الرئاسية الثانية له هو استخدامه "الأمر التنفيذي" في سياساته بدلاً من مشروعات قرارات وقوانين تعرض على الكونغرس، فمنذ الـ20 من يناير حتى منتصف يوليو (تموز)، أصدر الرئيس ترمب 170 أمراً تنفيذياً رئاسياً، وبهذا المعدل يكون قد أصدر أمراً تنفيذياً يومياً في المتوسط، وهو ما لم يسبق أن فعله أي رئيس أميركي معاصر. تسمح الأوامر التنفيذية للرئيس باتخاذ القرارات والإجراءات دون الحاجة إلى موافقة السلطة التشريعية (مجلسي النواب والشيوخ في الكونغرس)، واستخدمها الرئيس ترمب في إنفاذ سياساته المفضلة، من فرض التعريفة الجمركية المتبادلة إلى إلغاء حق الجنسية بالولادة المنصوص عليه دستورياً، بل واستهداف مكاتب المحاماة وتحدي سلطات الجهاز القضائي في البلاد. الموازنة الكبيرة الجميلة كان الهدف الأكبر لإدارة ترمب في فترة الستة الأشهر الأولى من حكمها هو تمرير الكونغرس موازنة خفض الضرائب وزيادة الإنفاق، "قانون الموازنة الكبيرة الجميلة". ووافق مجلس النواب ومجلس الشيوخ على الموازنة بفارق تصويت ضئيل نتيجة الغالبية الجمهورية في الكونغرس، ووقعها الرئيس ترمب في الرابع من يوليو لتصبح قانوناً نافذاً. أهم ما تتضمنه الموازنة الجديدة هو تمديد الخفوضات الضريبية الهائلة التي سيجرى تعويضها بالخفض الهائل في برنامج "ميديك إيد"، الذي يوفر التأمين الصحي للأميركيين ذوي الدخل المنخفض أو الذين يعانون إعاقة عن العمل. وبحسب تقديرات مكتب الموازنة في الكونغرس، فإن نحو 11 مليون أميركي سيصبحون من دون تأمين صحي بحلول عام 2034 نتيجة هذه الموازنة. وتخصص الموازنة الجديدة نحو 170 مليار دولار لإجراءات الهجرة الجديدة وتأمين الحدود، منها 45 مليار دولار لزيادة منشآت الاحتجاز التابعة لإدارة الهجرة والجمارك، وأصبحت زيادة تلك المنشآت مجال أعمال مربحاً حالياً للقطاع الخاص. خفض حجم الحكومة بدأت إدارة ترمب فترة رئاستها بإنشاء وزارة جديدة للكفاءة الحكومية، تولاها الملياردير الأميركي إيلون ماسك قبل خلافه مع الرئيس وتركه للحكومة، وهدف الوزارة هو تقليص حجم الحكومة تحت شعار "التخلص من الهدر والفساد". تضمنت إجراءات فريق ماسك إلغاء إدارات حكومية بالكامل، ليس فقط تقليص حجم العمالة أو خفض موازناتها، ففي فبراير الماضي، ألغت الوزارة التي تولاها إيلون ماسك بصورة كاملة هيئة المعونة الأميركية بكل موظفيها وموازنتها. أشارت ورقة بحثية نشرت أخيراً في مجلة "لانسيت" العلمية إلى أن تلك الخفوضات في المعونة الأميركية قد تؤدي إلى وفيات إضافية بمعدل 14 مليون شخص بحلول عام 2030، من بينها وفيات 4.5 مليون طفل. ألغت تلك الوزارة أيضاً مكتب الحماية المالية للمستهلكين، والهيئة الإعلامية "صوت أميركا"، وألغت آلاف الوظائف في مركز الوقاية ومراقبة الأمراض، وهيئة الأغذية والأدوية، ومعهد الصحة الوطنية. ومنذ بداية العام سرحت وزارة ماسك نحو 67 ألف موظف من الإدارات الحكومية المختلفة، ومع أن إيلون ترك الإدارة في مايو (أيار) الماضي، فإن عمليات إغلاق الإدارات الحكومية وتسريح الموظفين في الحكومة الفيدرالية وخفض موازناتها مستمرة.

المبعوث الأميركي يجدد دعمه لدمشق: إسرائيل تفضل سوريا مُقسّمة
المبعوث الأميركي يجدد دعمه لدمشق: إسرائيل تفضل سوريا مُقسّمة

الشرق الأوسط

timeمنذ 31 دقائق

  • الشرق الأوسط

المبعوث الأميركي يجدد دعمه لدمشق: إسرائيل تفضل سوريا مُقسّمة

شدد المبعوث الأميركي على دعم واشنطن للحكومة السورية الجديدة، قائلاً، الاثنين، إنه لا توجد «خطة بديلة» للعمل معها لتوحيد البلاد التي لا تزال تعاني من سنوات من الحرب الأهلية وتعاني من عنف طائفي جديد. وفي مقابلة حصرية مع وكالة «أسوشييتد برس»، انتقد توم برّاك أيضاً التدخل الإسرائيلي الأخير في سوريا، واصفاً إياه بأنه سيئ التوقيت، وقال إنه عقّد جهود تحقيق الاستقرار في المنطقة. برّاك هو سفير لدى تركيا ومبعوث خاص إلى سوريا، وله ولاية قصيرة الأجل في لبنان. تحدث في بيروت عقب أكثر من أسبوع من الاشتباكات في محافظة السويداء جنوب سوريا بين ميليشيات من الأقلية الدينية الدرزية وعشائر بدوية سنية. مدينة السويداء ودخان يتصاعد من منازل محترقة وسط اشتباكات بين مقاتلين من العشائر وفصائل درزية محلية جنوب سوريا في 19 يوليو الحالي (د.ب.أ) خلال عطلة نهاية الأسبوع، أعلن برّاك وقف إطلاق النار بين سوريا وإسرائيل. أعادت قوات الحكومة السورية انتشارها في السويداء لوقف تجدد الاشتباكات بين الدروز والبدو، ومن المقرر إجلاء المدنيين من كلا الجانبين، يوم الاثنين. أشار مبعوث أميركي إلى أن «إسرائيل تريد رؤية سوريا منقسمة». صرّح برّاك لوكالة «أسوشييتد برس» أن «القتل والانتقام والمجازر من كلا الجانبين لا تُطاق»، لكن «الحكومة السورية الحالية، في رأيي، تصرفت بأفضل ما بوسعها كحكومة ناشئة ذات موارد محدودة للغاية لمعالجة القضايا المتعددة التي تنشأ، في محاولة لمّ شمل مجتمع متنوع». وفي مؤتمر صحافي لاحق، قال إن السلطات السورية «بحاجة إلى محاسبة» على الانتهاكات. فيما يتعلق بالضربات الإسرائيلية على سوريا، قال برّاك: «لم يُطلب من الولايات المتحدة، ولم تشارك في هذا القرار، ولم تكن مسؤولية الولايات المتحدة في مسائل تعتقد إسرائيل أنها دفاع عن نفسها». ومع ذلك، قال إن تدخل إسرائيل «يخلق فصلاً آخر مُربكاً للغاية»، و«جاء في وقت سيئ للغاية». علم درزي مرفوع على جدار أسمنتي إسرائيلي جديد بُني بجوار البوابة عند خط وقف إطلاق النار بالقرب من قرية مجدل شمس في مرتفعات الجولان المحتلة (إ.ب.أ) قبل أعمال العنف في السويداء، كانت إسرائيل وسوريا تجريان محادثات حول المسائل الأمنية، بينما كانت إدارة ترمب تدفعهما نحو التطبيع الكامل لعلاقات دبلوماسية. وعندما اندلع القتال الأخير، قال برّاك: «كانت وجهة نظر إسرائيل أن جنوب دمشق منطقة مشكوك فيها، ومن ثم فإن أي شيء يحدث عسكرياً في تلك المنطقة يحتاج إلى اتفاق ومناقشته معهم. الحكومة الجديدة (في سوريا) لم تكن على هذا الاعتقاد تماماً». وقال إن وقف إطلاق النار الذي أُعلن عنه، يوم السبت، بين سوريا وإسرائيل، هو اتفاق محدود يتناول فقط الصراع في السويداء. ولا يتناول قضايا أوسع نطاقاً، بما في ذلك زعم إسرائيل بأن المنطقة الواقعة جنوب دمشق يجب أن تكون منطقة منزوعة السلاح. رحَّب البيان المشترك باتفاق إنهاء الأزمة بمحافظة السويداء السورية (رويترز) وفي المناقشات التي سبقت وقف إطلاق النار، قال برّاك إن «الجانبين بذلا قصارى جهدهما» للتوصل إلى اتفاق بشأن مسائل محددة تتعلق بحركة القوات والآليات السورية من دمشق إلى السويداء. وأضاف: «قبول تدخل إسرائيل في دولة ذات سيادة مسألة مختلفة». مشيراً إلى أن إسرائيل تُفضل رؤية سوريا مُجزأة ومُقسّمة لا دولة مركزية قوية تسيطر على البلاد. وقال: «الدول القومية القوية تُشكّل تهديداً - خصوصاً الدول العربية التي تُعد تهديداً لإسرائيل». لكنه أضاف أنه في سوريا، «أعتقد أن جميع الأقليات ذكية بما يكفي لتقول: (نحن أفضل حالاً معاً، مركزياً)». وفي وقت لاحق من يوم الاثنين، نشر وزير الدفاع الإسرائيلي إسرائيل كاتس على موقع «إكس» أن الضربات الإسرائيلية «كانت السبيل الوحيد لوقف مذبحة الدروز في سوريا، الذين هم إخوة لإخواننا الدروز في إسرائيل». وأضاف كاتس: «كل من ينتقد الهجمات لا يُدرك الحقائق». ولم يتضح ما إذا كان يرد على تعليقات برّاك. مصاب على كرسي متحرك في أثناء مساعدته على الخروج من مستشفى السويداء الوطني الأحد (أ.ف.ب) وتتفاوض دمشق مع القوات الكردية التي تسيطر على جزء كبير من شمال شرقي سوريا، لتنفيذ اتفاق من شأنه دمج قوات سوريا الديمقراطية المدعومة من الولايات المتحدة بقيادة الأكراد، مع الجيش الوطني الجديد. وقال برّاك، الذي تحدث إلى قائد قوات سوريا الديمقراطية، مظلوم عبدي، خلال عطلة نهاية الأسبوع، إنه لا يعتقد أن العنف في السويداء سيعرقل هذه المحادثات، وأنه قد يكون هناك تقدم «في الأسابيع المقبلة». وعرضت تركيا المجاورة، التي تريد الحد من نفوذ الجماعات الكردية على طول حدودها، والتي تربطها علاقات متوترة مع إسرائيل، تقديم مساعدة دفاعية لسوريا. وقال برّاك إن الولايات المتحدة «ليس لديها موقف» بشأن احتمال إبرام اتفاقية دفاع بين سوريا وتركيا. وأضاف: وقال: «ليس من شأن الولايات المتحدة أو مصلحتها أن تملي على أي من الدول المحيطة ما يجب فعله». وواصلت إسرائيل شن غارات جوية شبه يومية على لبنان، تقول إنها تهدف إلى منع «حزب الله» من إعادة بناء قدراته. وأكد «حزب الله» أنه لن يناقش نزع سلاحه حتى توقف إسرائيل ضرباتها، وتسحب قواتها من كامل جنوب لبنان.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store