logo
الوجه الآخر للذكاء الاصطناعي.. من المراقبة إلى السيطرة

الوجه الآخر للذكاء الاصطناعي.. من المراقبة إلى السيطرة

البوابةمنذ 2 أيام
في الوقت الذي تعلو فيه الأصوات المطالبة بتوظيف الذكاء الاصطناعي في تحسين جودة الحياة وتحقيق التنمية المستدامة، يتسلل وجه آخر لهذا التطور التكنولوجي، يحمل معه أسئلة مُقلقة عن الحريات، والخصوصية، والسيطرة الرقمية.
فهل يمكن أن يتحول الذكاء الاصطناعي من أداة للابتكار إلى وسيلة للرقابة؟ وهل نحن على أعتاب مرحلة جديدة من الهيمنة الرقمية؟ الإجابة ليست بسيطة، لكن الأدلة تتكاثر.
التعرف على الوجوه.. من الأمان إلى التتبع الدائم
في الصين، أصبح التعرف على الوجوه أداة يومية لتتبع الأفراد في الشوارع والمواصلات العامة، بينما تواجه شركات التقنية الكبرى في الغرب اتهامات بتوجيه الرأي العام والتلاعب بالوعي السياسي عبر خوارزميات غير شفافة. أما في بعض الدول العربية، فقد تم الكشف عن استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي لمراقبة النشطاء وتحليل الميول السياسية. هذا الامتداد التكنولوجي، الذي يتغذى على البيانات الضخمة، يعيد تعريف العلاقة بين الدولة والمواطن، ويهدد بتحويل المجال الرقمي إلى ساحة مراقبة مفتوحة.
الخصوصية في مصر.. ما بين الرقمنة والقلق المجتمعي
في مصر، ورغم أن الاستخدام الرسمي للذكاء الاصطناعي لا يزال في مراحله التنظيمية والتطبيقية، فإن توسع الدولة في رقمنة الخدمات وتحليل البيانات الحكومية يثير تساؤلات جدية. هل هناك ضوابط قانونية كافية لحماية المواطن من المراقبة غير المعلنة؟ وماذا عن الحق في الخصوصية؟ وهل توجد بنية تشريعية قادرة على محاسبة من يُسيء استخدام هذه الأدوات؟
تقول الدكتورة نيفين النحاس، أستاذة القانون الرقمي بجامعة القاهرة: «إن التشريعات المصرية الحالية لا تواكب بعدُ التطور السريع في تقنيات الذكاء الاصطناعي، خاصة فيما يتعلق بحماية البيانات الشخصية. وتشير إلى أن قانون حماية البيانات رقم 151 لسنة 2020 يمثل خطوة إيجابية، لكنه يحتاج إلى لوائح تنفيذية صارمة تفرض الشفافية وتُخضع الخوارزميات للمساءلة. وتضيف: "نحن بحاجة إلى منظومة قانونية ترى أن الخوارزميات ليست كودًا فقط، بل سلطة رقمية يجب ضبطها».
الدكتورة نيفين النحاس، أستاذة القانون الرقمي بجامعة القاهرة
المستخدم متواطئ دون أن يدري
لكن الخطر لا يقتصر على المراقبة الرسمية فحسب فالمواطن العادي، وبمحض إرادته، يسلّم كميات هائلة من بياناته إلى منصات التواصل الاجتماعي والتطبيقات الذكية.
ويقول الدكتور شريف عرفة، الباحث في أخلاقيات الذكاء الاصطناعي: «إن الأمر تجاوز سيطرة الدولة أو الشركات، ليصبح مسألة ثقافية فنحن في عصر أصبح فيه الهاتف المحمول جهاز تتبع شخصي. ما نشتريه، ما نحبه، من نحبه، وحتى ما نخشاه… كل ذلك يُختزن ويُحلّل ويُباع ويُعاد توجيهه إلينا»، يؤكد عرفة، مشيرًا إلى أن الذكاء الاصطناعي قد يخلق نسخة رقمية من الفرد تتحرك في الخلفية، وتُستخدم لتوقّع قراراته والتأثير على سلوكه.
في هذا السياق، تبرز واحدة من أكثر الجوانب خطورة في الذكاء الاصطناعي: «انحياز الخوارزميات». فالخوارزميات تُبنى على بيانات بشرية، وإذا كانت تلك البيانات متحيزة، فإن نتائج الذكاء الاصطناعي ستكون بالضرورة غير عادلة. وقد وثّقت دراسات دولية، مثل تلك التي أجراها معمل MIT Media Lab، كيف أن أنظمة التعرف على الوجوه تخطئ أكثر في التعرف على الأشخاص ذوي البشرة الداكنة، ما قد يؤدي إلى انتهاكات ممنهجة، حتى لو لم تكن مقصودة.
في مصر، بدأت بعض الأصوات الحقوقية تدعو إلى ما يسمى بـ "العدالة الخوارزمية"، أي التأكد من أن أنظمة الذكاء الاصطناعي لا تميز بين الأفراد بناء على النوع أو الدين أو المنطقة الجغرافية، وتشير هذه الأصوات إلى ضرورة إشراك خبراء حقوق الإنسان وعلم الاجتماع في لجان مراجعة وتصميم البرمجيات الذكية.
الدكتور شريف عرفة الباحث في أخلاقيات الذكاء الاصطناعي
التكنولوجيا ليست شريرة... السياسات هي التحدي
في المقابل، يرى
المهندس أحمد حامد، استشاري النظم الأمنية والذكاء الاصطناعي
، أن الذكاء الاصطناعي لا يجب «شيطنته»، بل فهمه وتطويعه لخدمة المجتمع. ويؤكد أن المشكلة لا تكمن في التكنولوجيا ذاتها، بل في السياسات المصاحبة لها. «يمكن استخدام الذكاء الاصطناعي في مكافحة الجريمة، وتحسين الاستجابة لحالات الطوارئ، وتحليل حركة المرور لتقليل الحوادث. المهم أن يكون هناك إطار شفاف يحكم هذا الاستخدام، ويمنع التجاوز»، يوضح بسيوني.
وفي خطوة لافتة، أعلنت وزارة الاتصالات عن نيتها إدراج مبادئ «أخلاقيات الذكاء الاصطناعي» ضمن برامج تدريب الكوادر الحكومية. كما يجري العمل حاليًا على تطوير دليل إرشادي لاستخدام الذكاء الاصطناعي بشكل مسئول في المؤسسات الحكومية، وهي خطوة قد تشكل نموذجًا عربيًا إذا طُبقت بشفافية وكفاءة.
ما لا تقوله الخوارزميات.. مخاطر تتجاوز التقنية
ومع تصاعد هذه التحديات، يرى عدد من المتخصصين ضرورة تأسيس هيئة مستقلة لمراقبة استخدام الذكاء الاصطناعي، تضم في عضويتها ممثلين عن المجتمع المدني، ومراكز البحوث، والمؤسسات الرقابية، على أن تتمتع بصلاحيات حقيقية لمراجعة البرمجيات المستخدمة، وتدقيق الخوارزميات، ومساءلة المؤسسات التي تنتهك الخصوصية.
رغم ما يقدمه الذكاء الاصطناعي من إمكانات ثورية، فإن التوسع السريع في استخدامه يفتح الباب أمام تحديات بنيوية ومخاطر أخلاقية لا تقل أهمية عن الفرص التقنية. هذه التكنولوجيا، التي تتميز بالقدرة على التعلم الذاتي والتطور المستمر دون تدخل بشري مباشر، باتت تثير مخاوف تتراوح بين فقدان السيطرة، وانعدام الشفافية، إلى تهديد مكانة الإنسان ذاته داخل منظومة اتخاذ القرار.
الخصوصية تحت المجهر... والبيانات سلعة قابلة للبيع
تعتمد تقنيات الذكاء الاصطناعي على جمع وتحليل كميات ضخمة من البيانات الشخصية، غالبًا دون علم المستخدمين أو موافقتهم. وفي ظل غياب تشريعات دولية مُلزمة، تتحول بيانات الأفراد إلى سلعة تُباع وتُشترى، ما يجعل المستخدمين مكشوفين رقميًا أمام الشركات والحكومات على حد سواء.
ووفقًا لتقرير شركة Kaspersky لعام 2024، فقد ارتفعت الهجمات المعتمدة على الذكاء الاصطناعي بنسبة 28% مقارنة بالعام السابق، مما ينذر بتحولها إلى أدوات هجومية دقيقة،فالذكاء الاصطناعي لم يعد حكرًا على الاستخدامات المدنية. فالتقنيات ذاتها تُستخدم اليوم في تنفيذ هجمات إلكترونية معقدة، أو إنتاج مقاطع فيديو مزيفة «Deepfake» تُستخدم في الابتزاز والتضليل السياسي.
مَن يُحاسب الألة؟ سؤال لم يُجب عنه العالم بعد
تبقى واحدة من أعقد القضايا: مَن يتحمل المسؤولية عندما تتسبب الآلة في ضرر؟ المطوّر؟ المؤسسة؟ أم الآلة نفسها؟ هذا السؤال لم يجد حتى اليوم إجابة قانونية قاطعة، ويشكل تحديًا عالميًا لجميع النظم التشريعية.
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

إيراد النيل خلال ملء سد النهضة أقل من المزاعم.. ومصر آمنة
إيراد النيل خلال ملء سد النهضة أقل من المزاعم.. ومصر آمنة

البوابة

timeمنذ 19 ساعات

  • البوابة

إيراد النيل خلال ملء سد النهضة أقل من المزاعم.. ومصر آمنة

كشف الدكتور عباس شراقي، أستاذ الجيولوجيا والموارد المائية بجامعة القاهرة تفاصيل الملء الأول لسد النهضة الإثيوبي وتأثيراته على مصر، مؤكدًا أن السد العالي والسياسات المائية المصرية الحكيمة حميا البلاد من أي أضرار جسيمة. الملء الأول لسد النهضة| حقائق وأرقام وأوضح شراقي، في تدوينة له عبر صفحته الشخصية على موقع التواصل الإجتماعي فيسبوك، أن الملء الأول لسد النهضة اكتمل بعد تخزين 60 مليار متر مكعب من المياه على مدار خمس سنوات (2020 – 2024)، وقد وصل منسوب المياه في سد النهضة إلى 638 مترًا فوق سطح البحر، وهو ما يقل بمترين فقط عن أعلى مستوى للممر الأوسط (640 مترًا) للحفاظ على سلامة سد النهضة. وأشار شراقي، إلى أن السعة القصوى الحالية لسد النهضة تبلغ 64 مليار متر مكعب نتيجة لإنشاء الممر الأوسط منخفضًا بخمسة أمتار عن الجانبين، ولفت إلى أن السعة القصوى لسد النهضة عند منسوب 645 مترًا في حالة عدم وجود الممر الأوسط كانت ستبلغ 74 مليار متر مكعب. إيراد النيل الأزرق وفند شراقي الادعاءات غير العلمية بخصوص إيراد النيل الأزرق خلال فترة الملء، مؤكدًا أن متوسط الإيراد السنوي للنيل الأزرق خلال 84 عامًا (1911 – 1995) هو 50 مليار متر مكعب، وهو ما يشكل 60% من إيراد نهر النيل عند أسوان (84 مليار متر مكعب)، وشدد على أنه حتى في أقصى سنوات الفيضان، لا يتعدى الإيراد 61 مليار متر مكعب، وهو ما لم يحدث طوال فترة التخزين، بل كان الإيراد أعلى قليلًا من المتوسط (أقل من 55 مليار متر مكعب). ونفى شراقي، بشدة الادعاءات التي لا تستند إلى أساس علمي بأن إيراد النيل الأزرق السنوي طوال فترة ملء سد النهضة كان 75 مليار متر مكعب، وأن هذا هو سبب عدم تأثر مصر، واستذكر الترويجات التي صاحبت السنوات الأولى من الملء، والتي كانت تتنبأ بتوقف مليوني فدان عن الزراعة، وانخفاض منسوب المياه الجوفية، وزيادة ملوحة التربة الزراعية، وتهجم مياه البخر على الدلتا، وفقدان 10 ملايين مزارع لرزقهم مما سيضطرهم إلى الهجرة غير الشرعية، مؤكدًا أن كل هذه التنبؤات لم تتحقق. متوسط التدفق الشهري للنيل الأزرق درع مصر المائي| دور السد العالي والمشروعات المائية المصرية وأكد شراقي، أن السد العالي كان الدرع الحامي لمصر من الملء الذي تم في السنوات الماضية، بما في ذلك التخزين الذي تم قبل سد النهضة، وأشار إلى أن ترشيد الاستهلاك ساهم بشكل كبير في توفير جزء من المياه يضاف إلى الاحتياطي الاستراتيجي. وقال شراقي، إن جهود إعادة استخدام المياه ساهمت بشكل فعال، حيث تم إعادة استخدام حوالي 25 مليار متر مكعب من مياه الصرف الزراعي، منها 8 مليارات متر مكعب من المياه الجوفية في الوادي والدلتا، و17 مليار متر مكعب من المصارف الزراعية السطحية. وأضاف شراقي، أن تشييد محطات معالجة مياه الصرف الزراعي، وتحديد مساحة زراعة الأرز بـ1.1 مليون فدان وعدم زيادتها (رغم أنها وصلت إلى 2.5 مليون فدان عام 2008 وكان عدد السكان أقل بأكثر من 20 مليون نسمة)، وتطوير ري بعض الأراضي الزراعية إلى الري الحديث، وبطين الترع، واستبدال جزء من زراعة قصب السكر ببنجر السكر، ومنع زراعة الموز في بعض الأماكن، ومشروع 100 ألف فدان صوب زراعية، وغيرها من المشروعات، كلها عوامل لعبت دورًا محوريًا. وأوضح شراقي، أن هذه المشروعات لم تكن بسبب سد النهضة فقط، ولكن كان للسد دور كبير في الإسراع بتنفيذها وتحميل ميزانية الدولة أكثر من 500 مليار جنيه في المشروعات المائية، وذلك لضمان عدم وصول ضرر سد النهضة إلى المواطن. واختتم الدكتور شراقي تدوينته بالدعاء لمصر وسدها العالي، وبالشكر لكل من عمل بإخلاص من أجلها.

الوجه الآخر للذكاء الاصطناعي.. من المراقبة إلى السيطرة
الوجه الآخر للذكاء الاصطناعي.. من المراقبة إلى السيطرة

البوابة

timeمنذ 2 أيام

  • البوابة

الوجه الآخر للذكاء الاصطناعي.. من المراقبة إلى السيطرة

في الوقت الذي تعلو فيه الأصوات المطالبة بتوظيف الذكاء الاصطناعي في تحسين جودة الحياة وتحقيق التنمية المستدامة، يتسلل وجه آخر لهذا التطور التكنولوجي، يحمل معه أسئلة مُقلقة عن الحريات، والخصوصية، والسيطرة الرقمية. فهل يمكن أن يتحول الذكاء الاصطناعي من أداة للابتكار إلى وسيلة للرقابة؟ وهل نحن على أعتاب مرحلة جديدة من الهيمنة الرقمية؟ الإجابة ليست بسيطة، لكن الأدلة تتكاثر. التعرف على الوجوه.. من الأمان إلى التتبع الدائم في الصين، أصبح التعرف على الوجوه أداة يومية لتتبع الأفراد في الشوارع والمواصلات العامة، بينما تواجه شركات التقنية الكبرى في الغرب اتهامات بتوجيه الرأي العام والتلاعب بالوعي السياسي عبر خوارزميات غير شفافة. أما في بعض الدول العربية، فقد تم الكشف عن استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي لمراقبة النشطاء وتحليل الميول السياسية. هذا الامتداد التكنولوجي، الذي يتغذى على البيانات الضخمة، يعيد تعريف العلاقة بين الدولة والمواطن، ويهدد بتحويل المجال الرقمي إلى ساحة مراقبة مفتوحة. الخصوصية في مصر.. ما بين الرقمنة والقلق المجتمعي في مصر، ورغم أن الاستخدام الرسمي للذكاء الاصطناعي لا يزال في مراحله التنظيمية والتطبيقية، فإن توسع الدولة في رقمنة الخدمات وتحليل البيانات الحكومية يثير تساؤلات جدية. هل هناك ضوابط قانونية كافية لحماية المواطن من المراقبة غير المعلنة؟ وماذا عن الحق في الخصوصية؟ وهل توجد بنية تشريعية قادرة على محاسبة من يُسيء استخدام هذه الأدوات؟ تقول الدكتورة نيفين النحاس، أستاذة القانون الرقمي بجامعة القاهرة: «إن التشريعات المصرية الحالية لا تواكب بعدُ التطور السريع في تقنيات الذكاء الاصطناعي، خاصة فيما يتعلق بحماية البيانات الشخصية. وتشير إلى أن قانون حماية البيانات رقم 151 لسنة 2020 يمثل خطوة إيجابية، لكنه يحتاج إلى لوائح تنفيذية صارمة تفرض الشفافية وتُخضع الخوارزميات للمساءلة. وتضيف: "نحن بحاجة إلى منظومة قانونية ترى أن الخوارزميات ليست كودًا فقط، بل سلطة رقمية يجب ضبطها». الدكتورة نيفين النحاس، أستاذة القانون الرقمي بجامعة القاهرة المستخدم متواطئ دون أن يدري لكن الخطر لا يقتصر على المراقبة الرسمية فحسب فالمواطن العادي، وبمحض إرادته، يسلّم كميات هائلة من بياناته إلى منصات التواصل الاجتماعي والتطبيقات الذكية. ويقول الدكتور شريف عرفة، الباحث في أخلاقيات الذكاء الاصطناعي: «إن الأمر تجاوز سيطرة الدولة أو الشركات، ليصبح مسألة ثقافية فنحن في عصر أصبح فيه الهاتف المحمول جهاز تتبع شخصي. ما نشتريه، ما نحبه، من نحبه، وحتى ما نخشاه… كل ذلك يُختزن ويُحلّل ويُباع ويُعاد توجيهه إلينا»، يؤكد عرفة، مشيرًا إلى أن الذكاء الاصطناعي قد يخلق نسخة رقمية من الفرد تتحرك في الخلفية، وتُستخدم لتوقّع قراراته والتأثير على سلوكه. في هذا السياق، تبرز واحدة من أكثر الجوانب خطورة في الذكاء الاصطناعي: «انحياز الخوارزميات». فالخوارزميات تُبنى على بيانات بشرية، وإذا كانت تلك البيانات متحيزة، فإن نتائج الذكاء الاصطناعي ستكون بالضرورة غير عادلة. وقد وثّقت دراسات دولية، مثل تلك التي أجراها معمل MIT Media Lab، كيف أن أنظمة التعرف على الوجوه تخطئ أكثر في التعرف على الأشخاص ذوي البشرة الداكنة، ما قد يؤدي إلى انتهاكات ممنهجة، حتى لو لم تكن مقصودة. في مصر، بدأت بعض الأصوات الحقوقية تدعو إلى ما يسمى بـ "العدالة الخوارزمية"، أي التأكد من أن أنظمة الذكاء الاصطناعي لا تميز بين الأفراد بناء على النوع أو الدين أو المنطقة الجغرافية، وتشير هذه الأصوات إلى ضرورة إشراك خبراء حقوق الإنسان وعلم الاجتماع في لجان مراجعة وتصميم البرمجيات الذكية. الدكتور شريف عرفة الباحث في أخلاقيات الذكاء الاصطناعي التكنولوجيا ليست شريرة... السياسات هي التحدي في المقابل، يرى المهندس أحمد حامد، استشاري النظم الأمنية والذكاء الاصطناعي ، أن الذكاء الاصطناعي لا يجب «شيطنته»، بل فهمه وتطويعه لخدمة المجتمع. ويؤكد أن المشكلة لا تكمن في التكنولوجيا ذاتها، بل في السياسات المصاحبة لها. «يمكن استخدام الذكاء الاصطناعي في مكافحة الجريمة، وتحسين الاستجابة لحالات الطوارئ، وتحليل حركة المرور لتقليل الحوادث. المهم أن يكون هناك إطار شفاف يحكم هذا الاستخدام، ويمنع التجاوز»، يوضح بسيوني. وفي خطوة لافتة، أعلنت وزارة الاتصالات عن نيتها إدراج مبادئ «أخلاقيات الذكاء الاصطناعي» ضمن برامج تدريب الكوادر الحكومية. كما يجري العمل حاليًا على تطوير دليل إرشادي لاستخدام الذكاء الاصطناعي بشكل مسئول في المؤسسات الحكومية، وهي خطوة قد تشكل نموذجًا عربيًا إذا طُبقت بشفافية وكفاءة. ما لا تقوله الخوارزميات.. مخاطر تتجاوز التقنية ومع تصاعد هذه التحديات، يرى عدد من المتخصصين ضرورة تأسيس هيئة مستقلة لمراقبة استخدام الذكاء الاصطناعي، تضم في عضويتها ممثلين عن المجتمع المدني، ومراكز البحوث، والمؤسسات الرقابية، على أن تتمتع بصلاحيات حقيقية لمراجعة البرمجيات المستخدمة، وتدقيق الخوارزميات، ومساءلة المؤسسات التي تنتهك الخصوصية. رغم ما يقدمه الذكاء الاصطناعي من إمكانات ثورية، فإن التوسع السريع في استخدامه يفتح الباب أمام تحديات بنيوية ومخاطر أخلاقية لا تقل أهمية عن الفرص التقنية. هذه التكنولوجيا، التي تتميز بالقدرة على التعلم الذاتي والتطور المستمر دون تدخل بشري مباشر، باتت تثير مخاوف تتراوح بين فقدان السيطرة، وانعدام الشفافية، إلى تهديد مكانة الإنسان ذاته داخل منظومة اتخاذ القرار. الخصوصية تحت المجهر... والبيانات سلعة قابلة للبيع تعتمد تقنيات الذكاء الاصطناعي على جمع وتحليل كميات ضخمة من البيانات الشخصية، غالبًا دون علم المستخدمين أو موافقتهم. وفي ظل غياب تشريعات دولية مُلزمة، تتحول بيانات الأفراد إلى سلعة تُباع وتُشترى، ما يجعل المستخدمين مكشوفين رقميًا أمام الشركات والحكومات على حد سواء. ووفقًا لتقرير شركة Kaspersky لعام 2024، فقد ارتفعت الهجمات المعتمدة على الذكاء الاصطناعي بنسبة 28% مقارنة بالعام السابق، مما ينذر بتحولها إلى أدوات هجومية دقيقة،فالذكاء الاصطناعي لم يعد حكرًا على الاستخدامات المدنية. فالتقنيات ذاتها تُستخدم اليوم في تنفيذ هجمات إلكترونية معقدة، أو إنتاج مقاطع فيديو مزيفة «Deepfake» تُستخدم في الابتزاز والتضليل السياسي. مَن يُحاسب الألة؟ سؤال لم يُجب عنه العالم بعد تبقى واحدة من أعقد القضايا: مَن يتحمل المسؤولية عندما تتسبب الآلة في ضرر؟ المطوّر؟ المؤسسة؟ أم الآلة نفسها؟ هذا السؤال لم يجد حتى اليوم إجابة قانونية قاطعة، ويشكل تحديًا عالميًا لجميع النظم التشريعية.

كلية النانو تكنولوجي بجامعة القاهرة تنظم مؤتمرها العلمي الثاني 19 يوليو الجاري
كلية النانو تكنولوجي بجامعة القاهرة تنظم مؤتمرها العلمي الثاني 19 يوليو الجاري

صدى مصر

timeمنذ 4 أيام

  • صدى مصر

كلية النانو تكنولوجي بجامعة القاهرة تنظم مؤتمرها العلمي الثاني 19 يوليو الجاري

كلية النانو تكنولوجي بجامعة القاهرة تنظم مؤتمرها العلمي الثاني 19 يوليو الجاري حول 'مستقبل تكنولوجيا النانو : فرص وحلول' بمشاركة قيادات جامعية وباحثين وشركات وخبراء في التخصص كتب – محمود الهندي تنظم كلية الدراسات العليا للنانو تكنولوجي بجامعة القاهرة تحت رعاية الدكتور محمد سامي عبدالصادق رئيس الجامعة، وإشراف عميد الكلية الدكتورة رباب الشريف، المؤتمر الثاني للكلية تحت عنوان 'مستقبل تكنولوجيا النانو: فرص وحلول'، والذي سيُعقد على مدار يومي 19و20 يوليو 2025 بفرع الجامعة بالشيخ زايد، بمشاركة شخصيات عامة من القطاعين الحكومى والخاص ممن لهم إسهامات مميزة فى مجال تطوير التعليم والبحث العلمى، وقيادات الجامعة وأعضاء هيئة التدريس والهيئة المعاونة ومديرى المراكز العلمية فى الجامعات المصرية، وشركات وخبراء فى مجال النانوتكنولوجى، وباحثين وخريجين وطلاب . وأوضح الدكتور محمد سامي عبد الصادق، أن المؤتمر يستهدف توفير منصة علمية متخصصة تجمع بين الباحثين، والأكاديميين، والمبتكرين من مختلف التخصصات لعرض أحدث الأبحاث والتطبيقات في مجال تكنولوجيا النانو، ومناقشة دورها الحيوي في مواجهة التحديات العالمية وتحقيق أهداف التنمية المُستدامة، مشيرًا إلي أن المؤتمر يسلط الضوء علي علم النانوتكنولوجي وأهميته في التطبيقات الصناعية والطبية والصيدلانية والزراعية . وأضاف رئيس جامعة القاهرة، أن من بين الأهداف الرئيسة للمؤتمر تعظيم دور التكنولوجيا المستحدثة في إيجاد وتطوير مصادر بديلة ونظيفة للطاقة سواء الشمسية أو غيرها، وإيجاد حلول متطورة للتدوير والتخلص من المخلفات البيئية ومعالجة المياه والتربة عن طريق علوم النانوتكنولوجي، لافتًا إلى استخدام علوم النانوتكنولوجي في حماية الآثار والمحفوظات من خلال استحداث طرق الترميم والصيانة باستخدام مواد وتركيبات نانومترية ذكية تحقق استدامة المعالجات لمختلف المواد . وأكد الدكتور محمد سامي عبد الصادق، أهمية مجال النانوتكنولوجى الذي يُعد أحد أهم الاتجاهات العلمية العالمية الحديثة التى تشهد اهتماما متزايدًا وتطورًا سريعًا على مستوى العالم، وهو ما يستلزم التوعية العلمية بهذا المجال ومعرفة الضوابط والمعايير الحاكمة لاستخدامه، لافتًا إلى ضرورة الاهتمام بتكنولوجيا النانو وتحديد أولويات ومجالات البحوث والتطوير المستقبلى لهذه التقنية التى بدأت فى اقتحام كافة مجالات الحياة الصناعية والزراعية والغذائية والتجارية والطبية والعسكرية وغيرها . ومن جانبها، قالت الدكتورة رباب الشريف عميد كلية الدراسات العليا للنانو تكنولوجي ورئيس المؤتمر، إن المؤتمر العلمي الثاني للكلية يُلقي الضوء على أهم المستجدات في تطبيقات علم النانوتكنولوجي والذكاء الاصطناعي (الروبوتات وتطبيقات الحاسب الآلي فائق السرعة)، ويقدم دراسة تحليلية لأهم المخاطر والاحتياجات والمعوقات التي تواجه علم النانوتكنولوجي والسعي لإيجاد حلول لها ونشر الأبحاث العلمية المميزة في مجلة الكلية، مشيرًة إلي محاور المؤتمر التي تتناول التطبيقات الصناعية للمواد النانومترية، والتكنولوجيا الحيوية النانوية، وتقنيات البيئة والترميم، والتطبيقات الإليكترونية والحاسب الآلي فائق السرعة، وتطبيقات العلوم المتنوعة. وأشارت الدكتورة رباب الشريف، إلى أن المؤتمر سيشهد عقد العديد من الفعاليات منها معرض للشركات المتخصصة في مجال الأجهزة والاختبارات العلمية والوسائل التعليمية التفاعلية الحديثة والتقنيات المتطورة، وتكريم الداعمين والمشاركين في إنشاء وتفعيل المنظومة العلمية والتعليمية والرواد علي المستوي القومي، وتنظيم مسابقة أحسن بوستر لمشروع تخرج طلاب الكليات العلمية بالجامعات المصرية في مجال النانوتكنولوجي .

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store