logo
بين الصمت والتواطؤ.. الموقف التشيكي من حرب غزة يثير الجدل

بين الصمت والتواطؤ.. الموقف التشيكي من حرب غزة يثير الجدل

الجزيرةمنذ يوم واحد
براغ- في الوقت الذي رفعت فيه عشرات الدول الكبرى صوتها بوقف المجازر وحرب التجويع والإبادة في قطاع غزة ، اختارت الحكومة التشيكية أن تصمت، حتى أنها وقفت خلف أكثر تياراتها عنصرية وتطرفا، متماهية بشكل مقلق مع خطاب حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو المطلوب ل لمحكمة الجنائية الدولية بتهمة ارتكاب جرائم حرب في غزة.
وبحسب مقال لافت نشره الصحفي التشيكي بافل نوفوتني، المعروف بدفاعه عن إسرائيل ، على موقع تشيكي سيزنام زبرافي، انتقد بشدة تواطؤ الحكومة التشيكية، التي اختارت -حسب تعبيره- الدفاع عن عنصريي إسرائيل، لا عن إسرائيل ذاتها، إذ يرى أن براغ باتت تمثل اليوم الوجه الأخطر للسياسات المتعمدة.
صمت مطبق
وأضاف نوفوتني أنه مع استمرار آلة الحرب الإسرائيلية ضد المدنيين في غزة وتجويعهم، ومع تصاعد الإدانات الدولية الرافضة للإبادة الجماعية التي تُرتكب بحق الفلسطينيين، فاجأت التشيك أوروبا والعالم بموقف صادم، من حيث الصمت الرسمي، ورفض الانضمام إلى بيان دولي وقّعته 22 دولة أوروبية و5 من مجموعة السبع ، يطالب بوقف القتل وتجنيب الأطفال العطش والجوع.
ويؤكد نوفوتني في مقاله أن كل "ما يجري في غزة يقرع جرس الإنذار في ضمير العالم، فأن يُقتل من ينتظر المساعدات الإنسانية هو مأساة تتجاوز حدود الفظاعة، وأن تُستهدف كنيسة، رمز السلام والتسامح، فهو فعل مشين يهزّ القيم الإنسانية"، مشيرا إلى أن تبرير كل ذلك من قِبل إسرائيل تحت شعار (الحرب على الإرهاب)، لم يعد يجد من يصدقه.
في المقابل، انتقد رئيس الجمعية العمومية ل لأمم المتحدة الأسبق يان كافان، الذي شغل أيضا منصب وزير خارجية التشيك الأسبق، موقف براغ الرسمي من المجازر في غزة، واصفا إياه بـ "الفشل الأخلاقي الواضح".
كما أكد أن الحكومة التشيكية توفر غطاءً سياسيا لإسرائيل حتى في ارتكاب جرائم حرب، مشيرا في حديثه للجزيرة نت، إلى أن هذا الموقف لم يأتِ من فراغ، بل هو نتيجة مسار طويل من الانحياز، لا يأبه بعواقب العزلة الدولية.
انحياز لإسرائيل
كافان، وهو من أصول يهودية فُقدت عائلته في الهولوكوست، أكد أن اتهام منتقدي إسرائيل ب معاداة السامية ليس سوى أداة لإسكات الأصوات المعارضة، مبينا أن حكومة نتنياهو تمارس التطهير العرقي وتدفع الفلسطينيين نحو التهجير الجماعي، وسط صمت دولي مخز، مثمنا في الوقت ذاته موقف جنوب أفريقيا في محكمة العدل الدولية، داعيا أوروبا لتبني نفس الجرأة والموقف الأخلاقي.
وأعرب كافان عن شعوره بالخجل العميق من أداء الحكومة التشيكية، التي رأى أنها منحازة لسياسات الإبادة، وتتنكر لمبادئ حقوق الإنسان، مضيفا أن الحل يكمن في الضغط لوقف إطلاق النار، وإحياء مسار الدولتين، وأشار إلى أن دعم إسرائيل في التشيك مشوب برهاب الإسلام والتشويه المنهجي لصورة الفلسطينيين.
وأكد الوزير السابق أن "الصمت جريمة"، متمنيا أن تصحح الانتخابات البرلمانية المقبلة "هذا العار".
من جهته، أكد وزير الخارجية التشيكي يان ليبافسكي أن بلاده تلتزم بحل سلمي للصراع الإسرائيلي الفلسطيني يقوم على أساس حل الدولتين، بما يضمن قيام دولة فلسطينية إلى جانب إسرائيل في سلام وأمن واعتراف متبادل.
ودعا إلى وقف فوري لإطلاق النار في قطاع غزة، والإفراج غير المشروط عن جميع "الرهائن" الإسرائيليين، محذرا من أن استمرار العنف يفاقم المعاناة ويعرقل فرص السلام.
وأضاف، في حديثه للجزيرة نت، أن جمهورية التشيك تعترف بحق الفلسطينيين في دولة مستقلة وحياة كريمة، وبحق إسرائيل في العيش بأمان دون تهديدات، مشددا على ضرورة استئناف المفاوضات المباشرة، ورفض الخطوات الأحادية والتطرف بكافة أشكاله.
وختم بالتأكيد على استعداد بلاده لدعم أي جهود جادة لإعادة الطرفين إلى طاولة الحوار وتحقيق سلام عادل ودائم في المنطقة.
انطباع خاطئ
وفيما يخص اتهام البعض بصمت الجمهورية التشيكية تجاه ما يحدث في غزة، أو رفضها الانضمام للدول الأوروبية الداعية لوقف الحرب فورا على قطاع غزة، قال الوزير ليبافسكي "الموقف التشيكي من الوضع في غزة ثابت ولم يتغير، لكننا نسعى حاليا إلى توضيحه بشكل أفضل، في ظل ما يبدو أنه انطباع خاطئ بدأ يتشكل لدى البعض ما يوحي بأننا غير مهتمين بالأوضاع الإنسانية هناك".
وأشار إلى أن امتناع دولته أحيانا عن التوقيع على بعض البيانات أو التصويت بشكل مختلف في الأمم المتحدة لا يعني تراجعا عن المبادئ، ولا يُفسر على أنه لا مبالاة بالمعاناة الإنسانية.
واستدرك "غير أنه من الضروري عدم تجاهل أن هذا الصراع الحالي بدأه عناصر حماس بهجوم (وحشي) على إسرائيل، وأن بمقدور حماس نفسها إنهاء هذا النزاع فورا، من خلال الإفراج عن الرهائن الذين لا يزالون في قبضتها".
وشهدت العاصمة التشيكية براغ العديد من المسيرات التي طالب منظموها بوقف الهجمات الانتقامية الإسرائيلية وزيادة المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة وإطلاق سراح السجناء الفلسطينيين، كما انتقدوا الموقف الداعم لإسرائيل من جانب حكومة التشيك.
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

مدعٍ سابق بالجنائية الدولية: أدلة الإبادة الجماعية في غزة كثيرة جدا
مدعٍ سابق بالجنائية الدولية: أدلة الإبادة الجماعية في غزة كثيرة جدا

الجزيرة

timeمنذ ساعة واحدة

  • الجزيرة

مدعٍ سابق بالجنائية الدولية: أدلة الإبادة الجماعية في غزة كثيرة جدا

قال المدعي العام الأسترالي السابق غراهام بلويت إن الأدلة التي تشير إلى وقوع إبادة جماعية في قطاع غزة"كثيرة جدا"، مؤكدا أن التصريحات الصادرة عن بعض القادة الإسرائيليين تمثل دليلا واضحا على النية المتعمدة لمحو الفلسطينيين. وفي مقابلة مع قناة أسترالية، شدد بلويت -الذي سبق له العمل في المحكمة الجنائية الدولية الخاصة ب يوغوسلافيا السابقة- على أنه لو كان على رأس المحكمة، لما تردد في إعداد لائحة اتهام ضد قادة إسرائيليين بتهمة ارتكاب جريمة إبادة جماعية. وقارن بلويت بين ما يحدث في غزة والمجزرة التي شهدتها مدينة سربرنيتسا في البوسنة والهرسك عام 1995، مشيرا إلى أن "النية المتعمدة للقضاء على جماعة سياسية أو دينية أو إثنية تُعد أحد المؤشرات الأساسية على وقوع جريمة إبادة جماعية". وأضاف "لا يوجد دليل أوضح من التصريحات التي يدلي بها بعض القادة الإسرائيليين من حين لآخر، والتي تشير إلى رغبتهم في محو الفلسطينيين من على وجه الأرض"، وفق ما نقلته وكالة الأناضول. ووصف بلويت الهجمات الإسرائيلية المتكررة بأنها "غير متناسبة"، موضحا أن استهداف مبانٍ بدعوى وجود قيادي في حركة حماس داخلها، لا يراعي سقوط عشرات الضحايا من المدنيين، بينهم أطفال ونساء. صعوبات التحقيق وأشار بلويت إلى أن التحقيق في جرائم الحرب بغزة يواجه تحديات كبيرة، أبرزها عدم قدرة المحققين على دخول القطاع، على عكس ما كان عليه الحال في تحقيقات المحكمة الجنائية الخاصة بيوغوسلافيا السابقة في التسعينيات. وأوضح المدعي الدولي السابق أن تطور التكنولوجيا اليوم يتيح توثيق الانتهاكات عبر الهواتف المحمولة، مما يوفر كما هائلا من الأدلة، لكنه أكد أن "عدم القدرة على الوصول إلى مسرح الجريمة يجعل التحقيق أكثر تعقيدا". يُذكر أن بلويت شارك في "محاكمات مجرمي الحرب النازيين" بأستراليا خلال الثمانينيات والتسعينيات، ويُعد من أبرز الأصوات القانونية المطالبة بمحاسبة المسؤولين عن الجرائم المرتكبة في غزة، وفق الأناضول. وتواصل إسرائيل منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 -بدعم أميركي- شنّ حرب إبادة على غزة، أسفرت عن أكثر من 210 آلاف شهيد وجريح، معظمهم من الأطفال والنساء، إضافة إلى آلاف المفقودين ومئات آلاف النازحين، وسط أزمة إنسانية خانقة ومجاعة أودت بحياة كثيرين.

الجيش الإسرائيلي يعلن إصابة 4 جنود إثر حادث سير عملياتي بقطاع غزة
الجيش الإسرائيلي يعلن إصابة 4 جنود إثر حادث سير عملياتي بقطاع غزة

الجزيرة

timeمنذ ساعة واحدة

  • الجزيرة

الجيش الإسرائيلي يعلن إصابة 4 جنود إثر حادث سير عملياتي بقطاع غزة

أعلن الجيش الإسرائيلي اليوم الأحد إصابة 4 جنود من كتيبة الاستطلاع الصحراوي، قال إن جراح أحدهم خطيرة، إثر حادث سير عملياتي في قطاع غزة. وتنفذ فصائل المقاومة الفلسطينية سلسلة من الهجمات ضد قوات الاحتلال المتوغلة في مختلف محاور القتال بقطاع غزة، خاصة في مدينة خان يونس التي شهدت معارك ضارية. وكثفت سرايا القدس، إلى جانب كتائب القسام ، الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) في الأسابيع الأخيرة من بث مشاهد عملياتها العسكرية، والتي تركز على استهداف الآليات المدرعة، وتجمعات الجنود، ومقرات القيادة الميدانية. وقد دأبت فصائل المقاومة في غزة على توثيق عملياتها ضد قوات جيش الاحتلال وآلياته في مختلف محاور القتال منذ بدء العملية البرية الإسرائيلية في 27 أكتوبر/تشرين الأول 2023. ومنذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 تشن إسرائيل حرب إبادة جماعية في غزة تشمل القتل والتجويع والتدمير والتهجير القسري ، متجاهلة النداءات الدولية كافة وأوامر محكمة العدل الدولية بوقفها. وخلفت الإبادة أكثر من 200 ألف فلسطيني بين شهيد وجريح -معظمهم أطفال ونساء- وما يزيد على 9 آلاف مفقود، إضافة إلى مئات آلاف النازحين، ومجاعة أزهقت أرواح كثيرين.

لماذا مؤتمر حل الدولتين مهم؟
لماذا مؤتمر حل الدولتين مهم؟

الجزيرة

timeمنذ ساعة واحدة

  • الجزيرة

لماذا مؤتمر حل الدولتين مهم؟

قد يتساءل المرء، ما الفائدة من مؤتمر دولي حول حل الدولتين الذي احتضنته الأمم المتحدة برعاية كل من فرنسا والمملكة العربية السعودية في نهاية الشهر المنصرم، ما دامت الولايات المتحدة غائبة عنه، ومعارضة له، وما دامت إسرائيل قد أعلنت ضم الضفة الغربية، وما تزال متمادية بالتقتيل في غزة، عن طريق أبشع أنواع التنكيل؛ وهو التجويع، وما يصاحب ذلك من نزع إنسانية الإنسان؟ ما الجديد الذي قد يأتي به المؤتمر، والقاعدة الترابية في كل من الضفة الغربية مع سلسلة المستوطنات، تعتريها ثقوب مما يجعل قيام دولة غير قابلة للحياة، ومع التدمير شبه الكلي لغزة؟ ألا يكون المؤتمر تمرينا بلاغيا لرفع العتب؟ ثم ما فائدة البلاغات، أمام منطق القوة، والتمادي في الغطرسة؟ كلا. لأن المؤتمر يُقدم إجراءات عملية على مستوى الزمن الراهن، لوقف الحرب، وإدخال المساعدات عن طريق الأمم المتحدة، والصليب الأحمر، وإطلاق سراح الأسرى، وعلى المستوى المتوسط، يتبنى خطة الإعمار العربية الإسلامية، أما على مستوى الزمن الثالث، فيضع السكة لحل الدولتين. نحن أمام مرجعية، بحشد دولي، وغطاء الأمم المتحدة، تُقدم تصورا غير التصور الذي دأبت الولايات المتحدة على تقديمه منذ أوسلو 1993، أو ربما مع مخطط ريغان 1981 لحل النزاع الإسرائيلي الفلسطيني. لم تعد الولايات المتحدة تأخذ بمعادلة الأرض مقابل السلام، والوسيط النزيه، وإنما بعقد إذعان يناقض المقتضيَين السابقين. مدار خطاب الولايات المتحدة، ما تعبر عنه بشكل واضح وصريح، برفضها قيام دولة فلسطينية، والاصطفاف الكلي إلى جانب إسرائيل. والمرجعية الناظمة لسياسة الولايات المتحدة، هو اتفاق أبراهام، من خلال تطبيع مع إسرائيل أولا وأخيرا. لا يفضي التطبيع، من منظور الولايات المتحدة وإسرائيل، إلى حل القضية الفلسطينية، بل إلى الإجهاز عليها. لا تعارض الولايات ضم الضفة الغربية، وتتستر على إخلاء غزة. بيد أن تداعيات الحرب على غزة أصابت مرجعية اتفاق أبراهام بتصدع ملحوظ. فالعلاقات بين إسرائيل وبعض الأطراف الموقعة على الاتفاق تشهد فتورا واضحا، والمد الشعبي المناهض للتطبيع في عدد من البلدان لا يسمح لهذا المسار أن يبدو طبيعيا، فيما تؤكد أطراف محورية في المنطقة، مرارا، أن أي علاقة طبيعية مع إسرائيل لن تكون ممكنة إلا في إطار حل الدولتين، وقيام دولة فلسطينية مستقلة. لذلك يكتسي المؤتمر الدولي حول حل الدولتين، أهمية كبرى؛ لأنه يضبط عقارب الساعة، إذ يجعل حل النزاع الفلسطيني الإسرائيلي شرطا أساسا لعلاقات طبيعية لإسرائيل مع محيطها، لا العكس، ويتبنى موقفا صريحا من التغيير القسري للبنية الديمغرافية، أي رفض التهجير. سيكون من السذاجة الاعتقاد أن الإعلان الأممي عن حل الدولتين، يُعبّد الطريق إلى قيام دولة فلسطينية. المستوطنات التي أقامتها إسرائيل في الضفة، والتغييرات الديمغرافية في كل من الضفة والقدس الشرقية التي أجرتها، والخراب الذي أحدثته في غزة، تجعل قيام دولة تتوفر فيها شروط الحياة صعبا للغاية، هذا فضلا عن الفيتو الأميركي لقبول فلسطين عضوا كامل العضوية في الأمم المتحدة. لكن أهمية المؤتمر، هو أنه يُبقي القضية الفلسطينية حية، في الوقت الذي كانت الدبلوماسية الأميركية تسعى لأن تطمرها، وتختزلها في مجرد نزاع عقاري، وفي مواجهة دولة "متمدنة،" مع "تنظيم إرهابي"، وفي عرض ينبني على "النماء والازدهار"، مقابل خطاب الكراهية، وما إلى ذلك. أسفرت الحرب على غزة عن حقيقة لا يمكن التستر عليها، وهي التقتيل والإمعان فيه، من قِبل إسرائيل، والتجويع، في أبشع فصل من فصول المواجهة، حتى إن مناصري إسرائيل لم يعودوا يتسترون على إطلاق مصطلح إبادة على ما تقوم به إسرائيل. يمكن لإسرائيل أن تُروّج لما تشاء، في خطابها ودعايتها، ويمكن للإدارة الأميركية أن تأخذ بما تشاء، من رواية إسرائيل، ولما تريد أن تراه، ولكنها لا تستطيع أن تحجب الحقيقة، من صور الدمار التي لم توفر مسجدا ولا كنسية ولا مستشفى، والتقتيل الذي استهدف الأطفال والنساء والشيوخ، خاصة، وصور الأجسام المنهكة بالجوع والهياكل النخرة للموتى أو لمن هو على وشك الموت. كلها صور تحدث عن نفسها، وتنضح بالحقيقة، وهي الصور التي تسكن وجدان العالم، ولن تستطيع الدعاية الإسرائيلية أن تطمسها. يأتي المؤتمر الدولي في ظل هذا الواقع المروع، إذ سبق المؤتمر مبادرات عدة عن حل الدولتين، ومنها المبادرة العربية التي تم تبنيها في القمة العربية المنعقدة في بيروت 2002، لكن أهمية المبادرة الأخيرة، تأتي في ظل سياق حرب لم يسبق لها مثيل، مع حشد دولي غير مسبوق. وتأتي أهمية المؤتمر، مثلما ورد في البيان الختامي، من كونه يطلق دينامية دبلوماسية. ومن دون دينامية، يصبح المؤتمر مجرد محطة من محطات البيانات التي تُعنى بالنزاع الفلسطيني الإسرائيلي، ولا تغير شيئا. أولى المحطات التي ينبغي أن تكون مجالا للدينامية الدبلوماسية هي الجمعية العامة المقبلة للأمم المتحدة، لحصد مزيد من الحشد لمبادرة حل الدولتين، والتذكير بالفظائع المرتكبة في حق ساكنة غزة… والثانية تفعيل أشغال اللجان المنبثقة عن المؤتمر. لا يعني ذلك أن حشد الدعم سيفضي آجلا لقيام دولة فلسطينية، ولكنه سيبقي القضية متوهجة، لأن القضية الفلسطينية، منذ الحرب على غزة- وبالأخص منذ فصلها المُروع الأخير، من حصار وتجويع وقنص الجوعى- أصبحت فكرة تسائل الضمير العالمي. بيد أن الدينامية لا ينبغي أن تقتصر على الجانب الدبلوماسي، أو حتى القانوني، إذ ينبغي أن تنصرف إلى الجانب الأخلاقي، من خلال فعاليات المجتمع المدني، عبر العالم، في الجامعات وعلى أعمدة الصحف، ومراكز البحث. ما عرفته غزة من تقتيل ممنهج، وتقتير في توزيع المساعدات والتضييق على الأمم المتحدة وعلى الصليب الأحمر، واستهداف من يهبُّون للالتقاط المساعدات، حوّل طبيعة النزاع إلى قضية أخلاقية… الجانب الأخلاقي هو الجزء الثاني من الدينامية المنشودة. وهو تحوُّل من شأنه أن يُقوّض السردية الصهيونية التي قامت على ريع المظلومية. إعلان حل الدولتين من قبل الأمم المتحدة، هو محطة جديدة لسردية غير تلك التي هيمنت على الوجدان العالمي، منذ المحرقة، وهو مؤشر على تغيير الفاعلين الدوليين، وإعادة ضبط قواعد التعامل الدولي بالاصطفاف للقانون والمبادئ، عوض القوة والصفقات. وقد يكون ترميم قواعد المنتظم الدولي، من بوابة مؤتمر حل الدولتين. ومن يدري، فلعل رفع حل الدولتين أن يكون المدخل لحل الدولة الواحدة؛ أي دولة ديمقراطية لا تقيم تمايزا بين مواطنيها.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store