logo
‫ رزقٌ مقسوم

‫ رزقٌ مقسوم

العرب القطريةمنذ 2 أيام
-A A A+
رزقٌ مقسوم
كثيرٌ من الخلق يعتقد أن الرزق يأتي بسبب ذكاء المرء ودهائه، فهل هذا الاعتقاد صحيح؟ وهل الغنى حكر على الأذكياء من الناس؟ في الحقيقة، لا دخل لذكاء ولا غباء في قبض الأرزاق وبسطها، فهي من تدبير الله، يعطي من يشاء من خلقه، قال وقوله الحق: «وَاللهُ يَقْبِضُ وَيَبْسُطُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ»، وفيها قال جمهور المفسرين: إنّ الله تعالى يقبض الرزق ويقدره على من شاء من العباد، ويرسله ويوسعه لمن شاء، ومرد ذلك إلى حكمته، وعظيم علمه بخلقه. فهناك من خلق الله من لا يصلحه إلا الغنى والميسرة، ولو أصابه الفقر وألحّ به، ربما فسّقه وكفّره، فمن نعمة الله عليه أن يبسط له حبل الرزق والعطاء، وهناك من الخلق من يوبقهم الغنى، ويخرج بهم عن سكة الإيمان إلى هاوية الطغيان، وسبحان الله القائل: «وَلَوْ بَسَطَ اللهُ الرِزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْا فِي الأَرْضِ وَلَكِنْ يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ مَا يَشَاءُ». وهذا جواب التساؤل أو الاعتراض الخفي على قدر الله العليّ، فكثير من الناس من يبدي نوعًا من الاعتراض والتهكم؛ إمّا بلسانه جهارًا، أو في نفسه إسرارًا، ينفخ الشيطان في أنفه فيقول له، إذا كان الله لا ينقص عطاؤه، ولا تنضب خزائن جوده، فلم لا يفتح عنفات الرزق على عبيده؟ ولم يجعل بعضهم غنيًا ثريًا، ويجعل بعضهم فقيرًا متربًا؟ والجواب أن الله أعلم بحال عباده، هم صنعته والجنة سلعته، ويريد بهم اليسر لا العسر، ويريدهم من واردي جنته وأنهاره، لا حصبًا لناره، وهو أعلم بما فيه صلاحهم و فلاحهم، فيغمر بعض بالنعم ويصاب بعضهم بالنقم، وهذه سنته في القبض والبسط، وهذا مقصده في الابتلاء؛ ليتمحص الزبد الغثاء الذي يذهب جفاء، والنافع الخصيب، الذي يمرع الجديب. السعي مطلوب، والمشي في مناكب الأرض أمر ربانيّ مرغوب، ولكن قبل كلّ شيء يجب ألا نلوم الله على الإقتار إن لم نجد سواه، وألا نندم في الحصيلة على نتيجة السعي. وفي هذا السياق استحضر قصة ابن زريق البغدادي، صاحب القصيدة اليتيمة التي قالها قبل أن يقبض القابض جلّ وعلا روحه، ويطوي صفحته، فبث فيها من المشاعر أصدقها، وبالموعظة والنصيحة أغرقها، فقد ضرب في الفجاج يريد أن يصيب الغنى، ويحتال على الفقر والإقتار، فسلك الفيافي والقفار، وابتعد عن الأحباب وفارق الأصحاب، وتجنَّد بالأسباب، ولكنه باء بالفقر، ورجع بالخُسر، فغمرته الندامة والحسرات، وفاضت من عينيه العبرات، وانطلقت من صدره الزفرات، فلا هو ظلّ إلى جانب حبيبته ممتعًا بالوصال، ولا هو إذ تغرّبَ كسب المغانم والأموال، فقال قصيدة طويلة أذكر منها قوله: وما مجاهـــــــــــــــدة الإنسان تــــــوصلــــــــــه رزقًا ولا دعـــــــــــــــة الإنســـــــان تقطعـــــــــه قـــــد وزع الله بيــــــــــــــــن الخلـــق رزقهـــــــــــم لم يخــلـــــــــق الله مـــــــن خلـــــق يضيعــــــــه لكنهــــم كُلّفـــــــــــوا حرصًا فلســــــــــت ترى مسترزقًـــا وســـــــــوى الغايـــــــــــــــات تقنعـــــه والحرص في الرزق والأرزاق قد قسمت بغيٌ ألا إن بغــــــــــــــــــي المــــــرء يصــرعـــــه نعم والله، إن الحرص في توسل وتسول الرزق، وتكلف المشاق، واحتمال ما لا يطاق، هو ضرب من البغي، واعتراض على قبض الله وبسطه، والبغي له مرتع وخيم، ومصرع أليم. فجميل أن نسعى بتوكّل لا بتكلّف ما لا يطاق، وحريّ بنا أن نعلم علم اليقين أن الرزق مقسوم من لَدُن حكيم خبير. فنسأل الله ألا يكلفنا الشقاء والعناء فيما لا دخل لنا به، من قضائه وقدره وقبضه وبسطه، ونسأل الله الرضا الذي يجلب رضاه، ونعوذ به من السخط الذي يبلغنا سخطه، ونسأل الله الشكر على النعم والآلاء، والصبر على الأرزاء. @zainabalmahmoud @zalmahmoud@outlook.com
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

إنَّها بدايةُ عامٍ هجريٍّ جديدٍ!
إنَّها بدايةُ عامٍ هجريٍّ جديدٍ!

جريدة الوطن

timeمنذ 2 أيام

  • جريدة الوطن

إنَّها بدايةُ عامٍ هجريٍّ جديدٍ!

‏1. إنَّها بداية عامٍ هجريٍّ جديد فتذكَّرْ وأنتَ تخطوها أنَّ العلاقاتِ خُلقَتْ للراحة، والمواساة، والدعم، والاستناد! ‏كُلُّ من يسرقُ سلامَكَ الدَّاخليِّ لا يلزمُكَ! ‏كُلُّ مُتقلب ودٍّ لا تحتاجه! ‏كُلُّ مُتاحٍ هنا وهناكَ دعكَ منه! ‏لا تكُنْ فرصةً ثانية، ولا خَياراً على اللائحة، كُنْ مع من يجعلكَ دوماً قبل الجميع! ‏الانفصام في الشّّخصية مكانه العيادات النفسيّة وليس حياتَكَ! ‏2 . إنّها بدايةُ عامٍ هجريٍّ جديدٍ فأصلِحْ علاقتكَ مع النّاسِ، حبيبٌ هجرتَه، وأخٌ قطعتَه، وصديقٌ جافيته، وجارٌ خاصمته! ‏الدُّنيا أقصر من أن نقضيها بالنأي والهجران، وأتفه أساساً من أن نختصمَ عليها! ‏ماذا ننتظرُ أن نُشيّعهم إلى قبورهم مكسوري الخاطر ثم نقف في الجنائز نتقبّلُ عزاءهم؟! ‏ما فائدة الدُّموع في الجنائز والحياة كانت هجراناً! ‏بالمناسبة هذه النقطة لا تتعارض مع التي قبلها! ‏كلنا أن نعرف أنَّ العلاقات كالبيوت، بعضها يصلح للترميم، وبعضها يجب أن يُهدم! ‏3 . إنَّها بدايةُ عامٍ هجريٍّ جديدٍ فتذكَّرْ أنَّ هذا الدّين منتصرٌ بكَ أو بدونكَ! ‏إذا هجرتَ المساجد سيعمُرها غيرُكَ، ‏وإن تركتَ القرآن سيتلوه غيرُكَ، ‏القافلة ماضيةٌ إلى الله ولن تتوقّف إلا على باب الجنّة، وحدكَ الخاسرُ إن لم تكُنْ فيها! ‏4 . إنّها بدايةُ عامٍ هجريٍّ جديدٍ فتذكَّرْ أن الصِّراع بين الحقِّ والباطلِ سيبقى مستعراً حتى ينفخَ إسرافيلُ في الصُّور، وإنَّ الباطل مهما كان قوياً فلن ينتصر، وإنَّ الحقَّ مهما بدا ضعيفاً فلن يُهزم، فخُذْ موقعكَ، لا يوجد أحمق ممن يبيعُ آخرته بدنياه إلا الذي يبيعُ آخرته بدنيا غيره! ‏5 . إنّها بدايةُ عامٍ هجريٍّ جديدٍ فأصلِحْ علاقتكَ مع اللهِ، إن كان لك ذنبٌ أنتَ عليه مقيم، وكلُّنا صاحب ذَنْبٍ، فاليوم فرصة لتبدأ تأريخاً لتوبة! ‏6 . إنَّها بدايةُ عامٍ هجريٍّ جديدٍ فاتَّخِذْ لكَ من القرآن جزءاً يومياً تُقسمُ أنكَ لن تتركه ولو تخطّفتكَ الطير! واتَّخِذْ من التّسبيح وِرْداً تتعهَّدُ أن لا تفتُرَ عنه مهما زاحمتكَ الأعمالُ، وأخذتْكَ المشاغلُ! ‏7 . إنَّها بدايةُ عامٍ هجريٍّ جديدٍ فاجعلْ لكَ فيه سَريرةً، صدقةً قليلةً ولو رغيف خُبْزٍ ولا تُخبر به أحداً، عُلبة دواءٍ دائمٍ لمريضٍ تتعهّدُ بها ولا يدري بها أحدٌ غير الله، ركعتي ضُحىً دون أن يراك أحدٌ لا تتركهما طوال العام، وركعتي قيامٍ تتسللُ فيها إلى اللهِ بعيداً حتى عن عيون أهلك! ‏8 . إنّها بدايةُ عامٍ هجريٍّ جديدٍ فاتّخِذْ لكَ شيئاً نافعاً، كتبٌ تقرؤها، برامج قيّمة تُشاهدها، دورة علميّة تنتسبُ إليها، مشروعٌ مجتمعيٌّ تلتزمُ فيه، عملٌ تطوعيّ تُقبلُ عليه! ‏9 . إنَّها بداية عامٍ هجريٍّ جديد فتذكَّرْ أنَّ الكثيرين يتحدَّثون عن انتظار الشَّخص المناسب، ولكن قلّة منهم يعملون على أنفسهم ليكونوا الشَّخص المناسب! النَّاس جميعاً يُحبُّون مواسم حصاد الغلال، ولكن قلة منهم هي التي تحرثُ وتبذرُ وتسقي وترعى! فكُنْ من هذه القلّة التي تُصبح أحلاماً للآخرين، ولا تكن من هذه الكثرة التي تقبعُ مكانها تحلم! ‏10 . إنَّها بداية عامٍ هجريٍّ جديد فتذكَّر أنَّ كلَّ الذين ماتوا في العام الماضي، كانوا يعتقدون أنَّ الموت بعيد جداً! ‏فكما أُمرنا أن نُصلّي صلاة مودِّع لأنها قد تكون الصَّلاة الأخيرة، فعشه عام مودِّع فقد يكون عامك الأخير!

‫ رزقٌ مقسوم
‫ رزقٌ مقسوم

العرب القطرية

timeمنذ 2 أيام

  • العرب القطرية

‫ رزقٌ مقسوم

-A A A+ رزقٌ مقسوم كثيرٌ من الخلق يعتقد أن الرزق يأتي بسبب ذكاء المرء ودهائه، فهل هذا الاعتقاد صحيح؟ وهل الغنى حكر على الأذكياء من الناس؟ في الحقيقة، لا دخل لذكاء ولا غباء في قبض الأرزاق وبسطها، فهي من تدبير الله، يعطي من يشاء من خلقه، قال وقوله الحق: «وَاللهُ يَقْبِضُ وَيَبْسُطُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ»، وفيها قال جمهور المفسرين: إنّ الله تعالى يقبض الرزق ويقدره على من شاء من العباد، ويرسله ويوسعه لمن شاء، ومرد ذلك إلى حكمته، وعظيم علمه بخلقه. فهناك من خلق الله من لا يصلحه إلا الغنى والميسرة، ولو أصابه الفقر وألحّ به، ربما فسّقه وكفّره، فمن نعمة الله عليه أن يبسط له حبل الرزق والعطاء، وهناك من الخلق من يوبقهم الغنى، ويخرج بهم عن سكة الإيمان إلى هاوية الطغيان، وسبحان الله القائل: «وَلَوْ بَسَطَ اللهُ الرِزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْا فِي الأَرْضِ وَلَكِنْ يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ مَا يَشَاءُ». وهذا جواب التساؤل أو الاعتراض الخفي على قدر الله العليّ، فكثير من الناس من يبدي نوعًا من الاعتراض والتهكم؛ إمّا بلسانه جهارًا، أو في نفسه إسرارًا، ينفخ الشيطان في أنفه فيقول له، إذا كان الله لا ينقص عطاؤه، ولا تنضب خزائن جوده، فلم لا يفتح عنفات الرزق على عبيده؟ ولم يجعل بعضهم غنيًا ثريًا، ويجعل بعضهم فقيرًا متربًا؟ والجواب أن الله أعلم بحال عباده، هم صنعته والجنة سلعته، ويريد بهم اليسر لا العسر، ويريدهم من واردي جنته وأنهاره، لا حصبًا لناره، وهو أعلم بما فيه صلاحهم و فلاحهم، فيغمر بعض بالنعم ويصاب بعضهم بالنقم، وهذه سنته في القبض والبسط، وهذا مقصده في الابتلاء؛ ليتمحص الزبد الغثاء الذي يذهب جفاء، والنافع الخصيب، الذي يمرع الجديب. السعي مطلوب، والمشي في مناكب الأرض أمر ربانيّ مرغوب، ولكن قبل كلّ شيء يجب ألا نلوم الله على الإقتار إن لم نجد سواه، وألا نندم في الحصيلة على نتيجة السعي. وفي هذا السياق استحضر قصة ابن زريق البغدادي، صاحب القصيدة اليتيمة التي قالها قبل أن يقبض القابض جلّ وعلا روحه، ويطوي صفحته، فبث فيها من المشاعر أصدقها، وبالموعظة والنصيحة أغرقها، فقد ضرب في الفجاج يريد أن يصيب الغنى، ويحتال على الفقر والإقتار، فسلك الفيافي والقفار، وابتعد عن الأحباب وفارق الأصحاب، وتجنَّد بالأسباب، ولكنه باء بالفقر، ورجع بالخُسر، فغمرته الندامة والحسرات، وفاضت من عينيه العبرات، وانطلقت من صدره الزفرات، فلا هو ظلّ إلى جانب حبيبته ممتعًا بالوصال، ولا هو إذ تغرّبَ كسب المغانم والأموال، فقال قصيدة طويلة أذكر منها قوله: وما مجاهـــــــــــــــدة الإنسان تــــــوصلــــــــــه رزقًا ولا دعـــــــــــــــة الإنســـــــان تقطعـــــــــه قـــــد وزع الله بيــــــــــــــــن الخلـــق رزقهـــــــــــم لم يخــلـــــــــق الله مـــــــن خلـــــق يضيعــــــــه لكنهــــم كُلّفـــــــــــوا حرصًا فلســــــــــت ترى مسترزقًـــا وســـــــــوى الغايـــــــــــــــات تقنعـــــه والحرص في الرزق والأرزاق قد قسمت بغيٌ ألا إن بغــــــــــــــــــي المــــــرء يصــرعـــــه نعم والله، إن الحرص في توسل وتسول الرزق، وتكلف المشاق، واحتمال ما لا يطاق، هو ضرب من البغي، واعتراض على قبض الله وبسطه، والبغي له مرتع وخيم، ومصرع أليم. فجميل أن نسعى بتوكّل لا بتكلّف ما لا يطاق، وحريّ بنا أن نعلم علم اليقين أن الرزق مقسوم من لَدُن حكيم خبير. فنسأل الله ألا يكلفنا الشقاء والعناء فيما لا دخل لنا به، من قضائه وقدره وقبضه وبسطه، ونسأل الله الرضا الذي يجلب رضاه، ونعوذ به من السخط الذي يبلغنا سخطه، ونسأل الله الشكر على النعم والآلاء، والصبر على الأرزاء. @zainabalmahmoud @zalmahmoud@

العقل بين التصوف السلبي والمنظور الكوني
العقل بين التصوف السلبي والمنظور الكوني

جريدة الوطن

timeمنذ 3 أيام

  • جريدة الوطن

العقل بين التصوف السلبي والمنظور الكوني

في رحلة التتبع المؤسسة للرؤية الكونية الفارغة في الإسلام، والمُنقذة للذات الإنسانية، وعالم البيئة والطبيعة، ثم هذه النفس الحيوانية وتأملاتها المطلقة في تاريخ الأرض وسلامتها، إلى بعض التوجهات الفلسفية الإسلامية الإسلامية، على محور الأخلاق والسلوك المعروف أصلا به، ويُبَالغ في هذا الأمر من خلال تحرر التصويف التي تسيطر على هذا الطرح، وتيسر لا حرج عليه في نافذة الاستثناء والعبادة، تقوم على الضمير الروحي والنفس اللوامة، المراعية لأحكام ربها في وما يستطيع الخلق، لكن يقفز هنا سؤال مهم وهو: هل علاقة المسلم بالكون تقوم بالتحكم روحيا بشكل منفصل أم كوني متصل؟ إن القصد من هذا السؤال هو استدراك حالة التعطيل أو التجميد أو التحلية، لتتدبر القوى التي تحتاجها أعضاء المسلم، وتنص عليه آيات الكتاب العزيز فيما يتعلق بضرر الأرض والبشر، هذا التدبر بذاته يُعاني فلسفة علم الاجتماع ويحركها في وسائط التقدم والتطور الفعال لما متكامل عمراناً رشيداً، يقول الله سبحانه وتعالى: ﴿«إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَأوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْري فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ ماء فَأَحْيَا. بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ». التأمل هنا في المساحة للشهداء الكوني الذي ندب الله لها الحضور المسلّم، بل الإنسانية كلها للتدبر فيه، ولا سيما هنا الجمع بين التدبر الإيماني لحكم الوجود ولم يقصد ذلك، ثم لا داعي لأن تقول عز وجل (بما ينفع الناس) رأيت هنا إلى النفعية البشرية في القرآن، المطلقة البشر، المساري العدل الإلهي، المعلنة لسبب حرية الإنسان مع أطراف الكون. إنه ندبٌ بالتأكيد البحث عما ينفع الناس في عمران الأرض، فهل هذا المركزي الواسع المتصل بالعلوم البحتة والتطبيقية المصاحبة لفلسفة علم الاجتماع، بالنظر إلى أن تمنع الأمم ومراحل تصاعدهم وهبوطهم، وتفوّقهم وانحائهم هو معادل التدبر الثاني في القرآن، لشرطية الاستخلاف الرشيد، فتلك الخطوط التي أعلنها القرآن كمهمة لبني الإنسان تقوم على الاكتفاء بتزكية النفس، وتبتهل إلى الله، أم أنها مع عجلة الروحية، لها واجب حرث مهم للعبور إلى رحلة العمران في هذا الكون. في تاريخ العالم الإسلامي يعاني من فواجع كبرى.. الحرث والنسل في بعض أمه، وعطّلت المصالح، لأنه يؤثر على الضرر المتعلق بالمدافعة مع البشر تحالفاً أو تضاداً، وجزءٌ منها في الأخذ على يد الظالم كما جاء في احاديث النبي صلى الله عليه وسلم، ويعمل على إقامة القسط بين الناس، كما في كليات القرآن العظيم يقول: (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَۚ) وقوله: (لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَان لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ ۖ ). لاحظ هنا قاعدة القسط، الحراري على تحقيقها كمهمة كلية مركزية بين الناس، ثم حين نعودُ إلى تاريخ المسلمين، وجدت ردة أكبر تفعيل هذا البناء والذي ساد قرون طويلة، إن الإشكال هنا هو مساهمة بعض رؤى التصوف بل وفلسفتها، في خلق قاعدة راسخة، دفع الناس بالتعبد بالانقطاع عن عبادة الله، بالقسط بين الناس وعمران الأرض بالعدل، بل يعمل بما يناسبه، وعليه ال جيد من أخذ إلى عقائد وســـلوكيات فقط تُحفّز الناس على الانقطاع إلى مجتـــــمعات المجتمـــعات، والتخــــلي عن واجباتها، بل وأد التفــــــــكير الأصلي لها، وقد ساهم الجانب السلـــــبي من مناهج التصوف في ترسيخ هذه المفاهيم المنحرفة، وكان أحد أدوات الانحطاط في تاريخ الكرة. ونحن هنا إذ نعرض هذه النظرة لأهميتها جميعاً، في تحرير رؤية الإسلام الكونية، وفي تجسيد الجامع بين مهمة الإبداع والنفس الحيوانية، لسنا ندين التصوف كعلم ولا نحاسبه، بل إننا لا نعرف حضوره في تزكية الفردوس المسلم، وفي نماء العالم لأنفسهم، لكن هذا الجانب المروّع في تاريخ الموسيقى، وانتشار التواكل بينهم، وتلاعب الأمم بهم، ممثل فيه تصوف القعود والعزلة، وذم المشاركة الشهيرة، والشكيك في التعبير. خشية على صفاء النية، دوراً خطراً في جونسون فقه العمران وعلم الاجتماع الإسلامي، ومنحت أضعفت المسلمين القوة، بل وحورب القوى الإصلاحي القرآني بينهم. واعتبرنا اليوم أمام مهمة فورية، أحسبها فريضة شرعية وضرورية عقلية لعلاج داء التواكل والعزلة الذي يمكن للانحطاط، لعلنا نعود له بعون الله.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store